تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أحكام ستة شوال


bouira
2009-09-20, 21:14
أحكام ستة شوال


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد:-

فإن من فضل الله جل وعلا على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات ما إن ينقضي موسم إلا ويعقبه آخر ليزداد المحسن إحساناً ،وليتدارك المقصر والعاصي ما فاته من الخير وليعقد العزم على الاستقامة على دين الله ، فما أن انتهى رمضان شهر الخير والقرآن إلاّ وأعقبه موسم من مواسم الخيرات ، وفرصة من فرص اغتنام الطاعات ، فعن أبي أيوبٍ الأنصاري رضي الله عنه أنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر" رواه الإمام مسلم في صحيحه.
ففي الحديث دليل على فضل صيام ستة أيام من شوال ، وأن من صامها بعد رمضان فكأنما صام السنة كلَّها ؛ لأن الحسنة بعشرة أمثالها كما جاء في الحديث:"جعل الله الحسنة بعشرة أمثالها فشهرٌ بعشرة أشهر وصيامُ ستةِ أيام بعد الفطر تمام السَّنة" رواه النسائي في الكبرى [2/162] ، فهذه الحكمة في كونها ستةَ أيام والله أعلم.
واعلم –رعاك الله- أن من علامة قبول الطاعة إتباعها بأخرى ، واعلم –أيضًا- أن النافلة تَجبرُ ما يكون في الفريضة من نقصٍ أو خللٍ ، واعلم أن أداء النوافل من الطاعات سببٌ لمحبة الله –عز وجل- لعبده ؛ لما جاء في الصحيح:"ما تقرب إليَّ عبدي بأفضلَ مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه ..." الحديثَ أخرجه البخاري.


وأيام الست من شوال يتعلق بها أحكام منها :-

1-أن صيام الأيام الستة من شوال عبادة مستحبة غير واجبة ، وما اشتهر عند بعض العامة من أن صومَها واجب أو أن من يصومُها في عام تجب عليه كلَّ عام فلا أصل له ، وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصُّه [10/391]: شخص يصوم ستة أيام من شوال أتاه مرض أو مانع أو تكاسل عن صيامها في إحدى السنوات هل عليه إثم ؛ لأننا نسمع أنه من يصومها عامْ يجب عليه عدم تركها؟ فأجابت اللجنة بقولها: صيام ستة أيام من شوال بعد يوم العيد سنةٌ ، ولا يجب على من صامها مرةً أو أكثر أن يستمر على صيامها ، ولا يأثم من ترك صيامَها ا.هـ جواب اللجنة.

2-أنه لا يلزم لمن أراد صومَها أن يصومها متتابعة أو أن يصومَها بعد العيد مباشرة بل يجوز له أن يبدأ بصومِها بعد العيد بيوم أو أيام ، ويجوز له أن يصومَها متتابعةً أو متفرقةً في شهر شوال حَسَبَ ما يتيسر له ، لكن المبادرة بها أفضل ؛ لما فيه من المسارعة إلى فعل الخير ولئلا يَعْرِضَ له ما يمنعه من صيامِها إذا أخرها ، قال سماحة الشيخ العلامة ابن باز –غفر الله له-[15/390]: وهذه الأيام-يعني أيام الست من شوال- ليست معينةً من الشهر بل يختارها المؤمن من جميع الشهر فإذا شاء صامها في أوله أو في أثنائه أو في آخره وإن شاء فرقها وإن شاء تابعها فالأمر واسع بحمد الله وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان أفضل ؛ لأن ذلك من باب المسارعة إلى الخير ا.هـ كلامه رحمه الله.

3- أن من عليه قضاء أيام من رمضان لايشرع له ابتداء صوم الست من شوال إلاّ بعد قضاء ما عليه من رمضان ؛ لأن المشروع إتباع ست من شوال برمضان ومَنْ كان عليه قضاء من رمضان لا يصدق عليه أنه صام رمضان حتى يقضي تلك الأيامَ المتبقيةَ منه ، قال العلامة ابن باز[15/392]: الصواب أن المشروع تقديم القضاء على صوم الست وغيرها من صيام النفل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر" خرَّجه مسلم في صحيحه ، ومن قدَّم الست على القضاء لم يتبعها رمضان ، وإنما أتبعها بعض رمضان ؛ ولأن القضاء فرض وصيام الست تطوع والفرض أولى بالاهتمام والعناية ا.هـ كلامه رحمه الله.

4- أنه لا يشرع قضاؤها بعد انقضاء شهر شوال ، قال العلامة ابن باز-غفر الله له-[15/389]: ولا يشرع قضاؤها بعد انسلاخ شوال ؛ لأنها سنة فات محلها سواءً تركت لعذر أو لغير عذر ا.هـ كلامه رحمه الله.

وقال بعض أهل العلم [الشرح الممتع 6/466]: يقضيها إذا لم يتمكن من صيامها في شوال لعذر فقط كمرضٍ أو نفاس أو نحوه ويكتب له أجرها ؛ قالوا: كالراتبة تقضى إذا تركها لعذر كما جاءت بذلك السنة والله أعلم.

5- لزوم تعيين النية من الليل لها ؛ لأنه نفل مقيد ؛ ولأن الصحيح من قولي العلماء أن مَنْ صام من أثناء النهار لا يثاب إلا من وقت النية فقط أي: من حين نوى أن يصوم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى" وبناءً عليه فإن من نوى الصوم من أثناء النهار لم يصدق عليه أنه صام يومًا كاملاً والله أعلم .

قال العلامة ابن عثيمين –غفر الله له-[فتاوي الصيام/185]: لو أن أحدًا قام من بعد طلوع الفجر ولم يأكل شيئًا وفي نصف النهار نوى الصوم على أنه من أيام الست ثم صام بعد هذا اليوم خمسة أيام فيكون قد صام خمسة أيام ونصفًا ، وإن كان نوى بعد مضي ربع النهار فيكون قد صام خمسة أيام وثلاثة أرباع ؛ لأن الأعمال بالنيات ، والحديث "من صام رمضان ثم أتبعه ستة أيام من شوال" وحينئذٍ نقول: ... لم تحصل على ثواب أجر صيام الأيام الستة ؛ لأنك لم تصم ستة أيام ... أما لو كان الصوم نفلاً مطلقًا فإنه يصحُّ ويثابُ من وقت نيته فقط ا.هـ كلامه رحمه الله.

فالواجب على من أراد صوم الست أن يبيت النية من الليل ثم لو بدا له بعد ذلك أن يقطع الصوم ويفطر فله ذلك ؛ لأنها صوم نفل لايجب المضي فيه ولا يجب المضيُّ في أي نفلٍ وإتمامُه إلا نفلَ الحجِ والعمرة ، فالمتنفل بما عدا الحج والعمرة أميرُ نفسه إن شاء أتمَّ وإن شاء قطع والله أعلم.
إن معاودة الصيام بعد شهر رمضان دليلٌ على الرغبة في الخيرات والمسابقة إليها ودليلٌ على محبة هذه العبادة العظيمة وعدم الملل والسآمة منها ، فاغتنم الفرص واستعد لدار الرحيل بالعمل الصالح.
وفقني الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وبصرنا بعيوب أنفسنا قبل أن تذهب آجالنا وألهمنا السداد في الأقوال والأعمال إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كامورة
2009-09-21, 10:34
و الله الف شكر على الموضوع الجيد جعله الله في ميزان حسانتك ان شاء الله يارب العالمين

rania 21
2009-09-21, 15:14
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا و جعلها في ميزان حسناتك ان شاء الله و شكرا

دكتورة ان شاء الله
2009-09-21, 15:32
شكرا على الموضوع المفيد بارك الله فيك.و صحة عيدكم.