عبد الله سعود
2009-09-17, 03:58
<SPAN class=*******>
<FONT id=article_*******><DIV style="VERTICAL-ALIGN: top; TEXT-ALIGN: justify" align=center>مقدمة الملف : زكاة الفطر عبادة من العبادات وقربة من القربات العظيمة، لارتباطها بالصوم الذي أضافه الله الى نفسه اضافة تشريف وتعظيم: (الا الصوم فانه لي وأنا أجزي به)، وبما أن العبادات توقيفية لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان، بل يجب أن تؤدى كما أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحبه الكرام، والسلف الصالح، ولهذا يجب علينا جميعاً معرفة أحكام هذه العبادة، ونتناول معكم اليوم بعض الأحكام المتعلقة بهذه العبادة، ونلحقها بأحكام العيد داعين الله عز وجل أن يتقبل من الجميع وأن نكون ممن فاز برحمته ورضوانه في هذا الشهر الكريم.
حكم زكاة الفطر
في ختام شهر رمضان ينبغي على المسلم أن يودعه بأداء زكاة الفطر قبل صلاة العيد، وحكمها فريضة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر (من رمضان على الناس) [رواه البخاري].
ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر) [رواه أبو داود].
من تجب عليهم
تجب زكاة الفطر على الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين، ولا تجب عن الحمل الذي في البطن الا أن يتطوع بها فلا بأس، فقد كان أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه يخرجها عن الحمل، ويجب اخراجها عن نفسه، وكذلك عن من تلزمه مؤونته من زوجة أو قريب.
حكمتها
وأما حكمتها فظاهرة جداً ففيها احسان الى الفقراء وكف لهم عن السؤال في أيام العيد ليشاركوا الأغنياء في فرحهم وسرورهم به ويكون عيداً للجميع، وفيها الاتصاف بخلق الكرم وحب المواساة، وفيها تطهير الصائم مما يحصُل في صيامه من نقص ولغو واثم، وفيها اظهار شكر نعمة الله باتمام صيام شهر رمضان وقيامه وفعل ما تيسر من الأعمال الصالحة فيه.
أصناف زكاة الفطر
تخرج زكاة الفطر صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من أقط أو سلت لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام أو صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من أقط أو صاعاً من زبيب) [أخرجه البخاري].
مقدارها
الواجب اخراجها صاعاً من غالب قوت أهل البلد من الأطعمة المذكورة سابقاً، وذكر الشيخ عبد الله البسام تقدير الصاع عنده أنه يعادل كيلوين ونصف (2500) غرام (انظر توضيح الأحكام 78/3).
جهة اخراجها
ينبغي أن تدفع لمستحقيها فقط من الفقراء والمساكين لحديث ابن عباس رضي الله عنهما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، ورجح شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ذلك كما في مجموع الفتاوى (78-71/25) وابن القيم رحمه الله في زاد المعاد (44/2)، وليس هناك دليل على ما ذكره بعض أهل العلم من جواز صرف زكاة الفطر للأصناف الثمانية.
وقتها
تجب زكاة الفطر بغروب الشمس ليلة العيد لأنه الوقت الذي يكون به الفطر من رمضان وزمن دفعها له وقتان وقت فضيلة ووقت جواز، فوقت الفضيلة قبل صلاة العيد صباحاً وأما وقت الجواز فهو قبل العيد بيوم أو يومين كما ثبت عن ابن عمر ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات وذلك لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) (رواه أبو داود وابن ماجه وحسنه الألباني في الارواء 332/3).
هل يجوز اخراج زكاة الفطر نقوداً؟
لا يجزئ اخراج قيمة الطعام لأن ذلك خلاف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ومخالف لعمل الصحابة رضي الله عنهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وفي رواية من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) (رواه مسلم).
ولأن زكاة الفطر عبادة مفروضة من جنس معين فلا يجزئ اخراجها من غير الجنس المعين كما لا يجزئ اخراجها في غير الوقت المعين.
ولأن اخراج القيمة تُخرج الفطرة عن كونها شعيرة ظاهرة الى كونها صدقة خفية فان اخراجها صاعاً من طعام يجعلها ظاهرة بين المسلمين معلومة للصغير والكبير يشاهدون كيلها وتوزيعها ويتعارفونها بينهم بخلاف ما لو كانت دراهم يُخرجها الانسان خفية بينه وبين الآخذ.
من أحكام العيد
-1 التجمل في العيد:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ عمر جُبة من استبرق تباع في السوق، فأخذها فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انما هذه لباس من لا خلاق له)، فلبث عمر ما شاء الله أن يلبث، ثم أرسل اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبة ديباج، فأقبل بها عمر فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، انك قلت: (انما هذه لباس من لا خلاق له، وأرسلت الي بهذه الجبة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تبيعها أو تصيب بها حاجتك) (رواه البخاري 886 ومسلم 2068 وأبو داود 1076).
قال الامام السندي: منه علم أن التجمل يوم العيد كان عادة متقررة بينهم، ولم ينكرها، النبي صلى الله عليه وسلم، فعلم بقاؤها (حاشية السندي على النسائي 181/3).
وقال الحافظ ابن حجر، روى ابن أبي الدنيا والبيهقي باسناد صحيح الى ابن عمر: أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين (فتح الباري 439/3).
الخروج الى المصلى
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى الى المصلي فأول شيء يبدأ به الصلاة..) رواه البخاري
الذهاب من طريق والرجوع من آخر
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم عيد خالف الطريق) (رواه البخاري 986).
قال الامام ابن القيم الجوزية: وكان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد، فيذهب في طريق، ويرجع في آخر فقيل: ليسلم على أهل الطريقين وقيل: لينال بركته الفريقان وقيل ليقضي حاجة من له حاجة منهما وقيل ليظهر شعائر الاسلام.. وقيل وهو الأصح انه لذلك كله ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله صلى الله عليه وسلم (زاد المعاد 449/1).
وقال الامام النووي رحمه الله بعد أن ذكر الأقوال السابقة واذا لم يعلم السبب استحب التأسي قطعا.
-4 التكبير في العيدين:
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فاذا قضي الصلاة قطع التكبير).
وكان ابن عمر اذا غدا يوم الفطر، ويوم الأضحى، يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الامام (رواه الدار قطني وابن أبي شيبة وغيرهم، باسناد صحيح، وانظر الغليل 650).
كان ابن مسعود يقول: الله أكبر، لا اله الا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
استحباب الأكل قبل الصلاة
عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات) (رواه البخاري 953 والترمذي 543).
قال الامام المهلب: الحكمة في الأكل قبل الصلاة: أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد، فكأنه أراد سد هذه الذريعة (فتح الباري 447/2).
(وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ويوم النحر: لا يأكل حتى يرجع فيأكل من نسيكته) (رواه الترمذي 542).
الاغتسال والتطيب
عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو الي المصلي وقال الامام سعيد بن المسيب: سنة الفطر ثلاث: المشي الي المصلي، والأكل قبل الخروج، والاغتسال.
هل يصلي قبل صلاة العيد أو بعدها؟
عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلي يوم الفطر ركعتين، لم يصل قبلها ولا بعدها.. (رواه البخاري).
وقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد 443/2: ولم يكن هو صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يصلون اذا انتهوا الي المصلى قبل الصلاة ولا بعدها.
حكم صلاة العيدين
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولهذا رجحنا أن صلاة العيد واجبة على الأعيان، كقول أبي حنيفة وغيره، وهو أحد أقوال الشافعي، وأحد القولين في مذهب أحمد، وقول من قال: لا تجب، في غاية البعد فانها من أعظم شعائر الاسلام، والناس يجتمعون لها أعظم من الجمعة، وقد شرع فيها التكبير، وقول من قال: هي فرض على الكفاية، لا ينضبط.. (مجموع الفتاوى 161/23).
وقت صلاة العيد
عن عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج مع الناس يوم فطر أو أضحى، فأنكر ابطاء الامام، وقال: أنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه، وذلك حين التسبيح (أي، وقت صلاة النافلة، وذلك اذا مضى وقت الكراهة، وانظر فتح الباري 457/2 والنهاية 331/2).
قال ابن القيم رحمه الله: (وكان صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة عيد الفطر ويعجل الأضحى، وكان ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة- لا يخرج حتى تطلع الشمس) (زاد المعاد 442/1).
لا أذان ولا اقامة للعيدين
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة، ولا مرتين، بغير أذان ولا اقامة (رواه مسلم 887 وأبو داود 1148 والترمذي 532).
قال ابن القيم رحمه الله: وكان صلى الله عليه وسلم اذا انتهى الى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان، ولا اقامة، ولا قول الصلاة جامعة، والسنة أنه لا يفعل شيء من ذلك (زاد المعاد 442/1).
صفة صلاة العيد
أولا: هي ركعتان، لرواية عمر رضي الله عنه: (صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، تمام غير قصر، على لسان محمد صلى الله عليه وسلم)(أخرجه أحمد 37/1 والنسائي 183/3 والطحاوي في شرح معاني الآثار 421/1 والبيهقي 200/3 وسنده صحيح).
ثانيا: تبدأ الركعة الأولى كسائر الصلوات بتكبيرة الاحرام ثم يكبر فيها سبع تكبيرات وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة الانتقال.
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى: في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمسا سوى تكبيرتي الركوع (رواه أبو داود).
قال الامام البغوي: وهذا قول أكثر أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم أنه يكبر في صلاة العيد في الأولى سبعا سوى تكبيرة الافتتاح وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة القيام قبل القراءة روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعلي.. (ونقل أسماء القائلين بذلك كما في شرح السنة 309/4).
ثالثا: التكبير ورفع اليدين:
لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه مع تكبيرات العيد (انظر ارواء الغليل
<FONT id=article_*******><DIV style="VERTICAL-ALIGN: top; TEXT-ALIGN: justify" align=center>مقدمة الملف : زكاة الفطر عبادة من العبادات وقربة من القربات العظيمة، لارتباطها بالصوم الذي أضافه الله الى نفسه اضافة تشريف وتعظيم: (الا الصوم فانه لي وأنا أجزي به)، وبما أن العبادات توقيفية لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان، بل يجب أن تؤدى كما أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحبه الكرام، والسلف الصالح، ولهذا يجب علينا جميعاً معرفة أحكام هذه العبادة، ونتناول معكم اليوم بعض الأحكام المتعلقة بهذه العبادة، ونلحقها بأحكام العيد داعين الله عز وجل أن يتقبل من الجميع وأن نكون ممن فاز برحمته ورضوانه في هذا الشهر الكريم.
حكم زكاة الفطر
في ختام شهر رمضان ينبغي على المسلم أن يودعه بأداء زكاة الفطر قبل صلاة العيد، وحكمها فريضة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر (من رمضان على الناس) [رواه البخاري].
ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر) [رواه أبو داود].
من تجب عليهم
تجب زكاة الفطر على الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين، ولا تجب عن الحمل الذي في البطن الا أن يتطوع بها فلا بأس، فقد كان أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه يخرجها عن الحمل، ويجب اخراجها عن نفسه، وكذلك عن من تلزمه مؤونته من زوجة أو قريب.
حكمتها
وأما حكمتها فظاهرة جداً ففيها احسان الى الفقراء وكف لهم عن السؤال في أيام العيد ليشاركوا الأغنياء في فرحهم وسرورهم به ويكون عيداً للجميع، وفيها الاتصاف بخلق الكرم وحب المواساة، وفيها تطهير الصائم مما يحصُل في صيامه من نقص ولغو واثم، وفيها اظهار شكر نعمة الله باتمام صيام شهر رمضان وقيامه وفعل ما تيسر من الأعمال الصالحة فيه.
أصناف زكاة الفطر
تخرج زكاة الفطر صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من أقط أو سلت لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام أو صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من أقط أو صاعاً من زبيب) [أخرجه البخاري].
مقدارها
الواجب اخراجها صاعاً من غالب قوت أهل البلد من الأطعمة المذكورة سابقاً، وذكر الشيخ عبد الله البسام تقدير الصاع عنده أنه يعادل كيلوين ونصف (2500) غرام (انظر توضيح الأحكام 78/3).
جهة اخراجها
ينبغي أن تدفع لمستحقيها فقط من الفقراء والمساكين لحديث ابن عباس رضي الله عنهما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، ورجح شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ذلك كما في مجموع الفتاوى (78-71/25) وابن القيم رحمه الله في زاد المعاد (44/2)، وليس هناك دليل على ما ذكره بعض أهل العلم من جواز صرف زكاة الفطر للأصناف الثمانية.
وقتها
تجب زكاة الفطر بغروب الشمس ليلة العيد لأنه الوقت الذي يكون به الفطر من رمضان وزمن دفعها له وقتان وقت فضيلة ووقت جواز، فوقت الفضيلة قبل صلاة العيد صباحاً وأما وقت الجواز فهو قبل العيد بيوم أو يومين كما ثبت عن ابن عمر ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات وذلك لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) (رواه أبو داود وابن ماجه وحسنه الألباني في الارواء 332/3).
هل يجوز اخراج زكاة الفطر نقوداً؟
لا يجزئ اخراج قيمة الطعام لأن ذلك خلاف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ومخالف لعمل الصحابة رضي الله عنهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وفي رواية من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) (رواه مسلم).
ولأن زكاة الفطر عبادة مفروضة من جنس معين فلا يجزئ اخراجها من غير الجنس المعين كما لا يجزئ اخراجها في غير الوقت المعين.
ولأن اخراج القيمة تُخرج الفطرة عن كونها شعيرة ظاهرة الى كونها صدقة خفية فان اخراجها صاعاً من طعام يجعلها ظاهرة بين المسلمين معلومة للصغير والكبير يشاهدون كيلها وتوزيعها ويتعارفونها بينهم بخلاف ما لو كانت دراهم يُخرجها الانسان خفية بينه وبين الآخذ.
من أحكام العيد
-1 التجمل في العيد:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ عمر جُبة من استبرق تباع في السوق، فأخذها فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انما هذه لباس من لا خلاق له)، فلبث عمر ما شاء الله أن يلبث، ثم أرسل اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبة ديباج، فأقبل بها عمر فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، انك قلت: (انما هذه لباس من لا خلاق له، وأرسلت الي بهذه الجبة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تبيعها أو تصيب بها حاجتك) (رواه البخاري 886 ومسلم 2068 وأبو داود 1076).
قال الامام السندي: منه علم أن التجمل يوم العيد كان عادة متقررة بينهم، ولم ينكرها، النبي صلى الله عليه وسلم، فعلم بقاؤها (حاشية السندي على النسائي 181/3).
وقال الحافظ ابن حجر، روى ابن أبي الدنيا والبيهقي باسناد صحيح الى ابن عمر: أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين (فتح الباري 439/3).
الخروج الى المصلى
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى الى المصلي فأول شيء يبدأ به الصلاة..) رواه البخاري
الذهاب من طريق والرجوع من آخر
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم عيد خالف الطريق) (رواه البخاري 986).
قال الامام ابن القيم الجوزية: وكان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد، فيذهب في طريق، ويرجع في آخر فقيل: ليسلم على أهل الطريقين وقيل: لينال بركته الفريقان وقيل ليقضي حاجة من له حاجة منهما وقيل ليظهر شعائر الاسلام.. وقيل وهو الأصح انه لذلك كله ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله صلى الله عليه وسلم (زاد المعاد 449/1).
وقال الامام النووي رحمه الله بعد أن ذكر الأقوال السابقة واذا لم يعلم السبب استحب التأسي قطعا.
-4 التكبير في العيدين:
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فاذا قضي الصلاة قطع التكبير).
وكان ابن عمر اذا غدا يوم الفطر، ويوم الأضحى، يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الامام (رواه الدار قطني وابن أبي شيبة وغيرهم، باسناد صحيح، وانظر الغليل 650).
كان ابن مسعود يقول: الله أكبر، لا اله الا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
استحباب الأكل قبل الصلاة
عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات) (رواه البخاري 953 والترمذي 543).
قال الامام المهلب: الحكمة في الأكل قبل الصلاة: أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد، فكأنه أراد سد هذه الذريعة (فتح الباري 447/2).
(وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ويوم النحر: لا يأكل حتى يرجع فيأكل من نسيكته) (رواه الترمذي 542).
الاغتسال والتطيب
عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو الي المصلي وقال الامام سعيد بن المسيب: سنة الفطر ثلاث: المشي الي المصلي، والأكل قبل الخروج، والاغتسال.
هل يصلي قبل صلاة العيد أو بعدها؟
عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلي يوم الفطر ركعتين، لم يصل قبلها ولا بعدها.. (رواه البخاري).
وقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد 443/2: ولم يكن هو صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يصلون اذا انتهوا الي المصلى قبل الصلاة ولا بعدها.
حكم صلاة العيدين
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولهذا رجحنا أن صلاة العيد واجبة على الأعيان، كقول أبي حنيفة وغيره، وهو أحد أقوال الشافعي، وأحد القولين في مذهب أحمد، وقول من قال: لا تجب، في غاية البعد فانها من أعظم شعائر الاسلام، والناس يجتمعون لها أعظم من الجمعة، وقد شرع فيها التكبير، وقول من قال: هي فرض على الكفاية، لا ينضبط.. (مجموع الفتاوى 161/23).
وقت صلاة العيد
عن عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج مع الناس يوم فطر أو أضحى، فأنكر ابطاء الامام، وقال: أنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه، وذلك حين التسبيح (أي، وقت صلاة النافلة، وذلك اذا مضى وقت الكراهة، وانظر فتح الباري 457/2 والنهاية 331/2).
قال ابن القيم رحمه الله: (وكان صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة عيد الفطر ويعجل الأضحى، وكان ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة- لا يخرج حتى تطلع الشمس) (زاد المعاد 442/1).
لا أذان ولا اقامة للعيدين
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة، ولا مرتين، بغير أذان ولا اقامة (رواه مسلم 887 وأبو داود 1148 والترمذي 532).
قال ابن القيم رحمه الله: وكان صلى الله عليه وسلم اذا انتهى الى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان، ولا اقامة، ولا قول الصلاة جامعة، والسنة أنه لا يفعل شيء من ذلك (زاد المعاد 442/1).
صفة صلاة العيد
أولا: هي ركعتان، لرواية عمر رضي الله عنه: (صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، تمام غير قصر، على لسان محمد صلى الله عليه وسلم)(أخرجه أحمد 37/1 والنسائي 183/3 والطحاوي في شرح معاني الآثار 421/1 والبيهقي 200/3 وسنده صحيح).
ثانيا: تبدأ الركعة الأولى كسائر الصلوات بتكبيرة الاحرام ثم يكبر فيها سبع تكبيرات وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة الانتقال.
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى: في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمسا سوى تكبيرتي الركوع (رواه أبو داود).
قال الامام البغوي: وهذا قول أكثر أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم أنه يكبر في صلاة العيد في الأولى سبعا سوى تكبيرة الافتتاح وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة القيام قبل القراءة روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعلي.. (ونقل أسماء القائلين بذلك كما في شرح السنة 309/4).
ثالثا: التكبير ورفع اليدين:
لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه مع تكبيرات العيد (انظر ارواء الغليل