وفاء الياسمين
2015-08-29, 12:05
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تأملت في حال الخلق فوجدت المروءة تحتضر ...
فرأيت أن أذكِّر ببعض قصص الصالحين لعلي أعتبر ...
مروءة النبي صلى الله عليه و سلم
أرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية إلى نجد، فأسَرَتْ رجلاً، وأتت به إلى مسجد رسول الله -صلى الله عليه و سلم
فيسأله رسول الله عمَّا عنده لعله يُسلم، فيجيب الرجل بثباتٍ وإصرار بغير ذلك؛
فتتجلَّى مروءةُ النبي صلى الله عليه و سلم بعدما رأى من ثبات الرجل وتمسكه، فأمر بإطلاق سراحه،
فما كان من الرجل إلا أن أسلم لمَّا عاين من هذه الشمائل والصفات للنبي صلى الله عليه و سلم.
ويروي أبو هريرة رضي الله عنه هذا الموقف الجليل،
قال: بعث النبيُّ صلى الله عليه و سلم خيلاً قِبَل نجد، فجاءت برجل من بني حَنيفة يقال له:
ثمامة بن أثال، فربطوه بساريةٍ من سواري المسجد،
فخرج النبي صلى الله عليه و سلم فقال: ((ما عندك يا ثمامة؟)) فقال: عندي خيرٌ يا محمد،
إن تقتلْني تقتلْ ذا دمٍ أي: سيثأر له قومه وإن تُنْعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال،
فسَلْ منه ما شئت، فتُرك حتى كان الغد، ثم قال له: ((ما عندك يا ثمامة؟)) فقال: عندي ما قلتُ لك،
إن تُنْعم تنعم على شاكر، فتركه حتى كان بعد الغد، فقال: ((ما عندك يا ثمامة؟))، فقال: عندي ما قلت لك،
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((أطلقوا ثمامة))، فانطلق إلى نخلٍ قريب من المسجد،
فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، يا محمد،
والله ما كان على الأرض وجهٌ أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبَّ الوجوه إليَّ،
والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينُك أحبَّ الدين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك،
فأصبح بلدُك أحبَّ البلاد إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشَّره رسولُ الله صلى الله عليه و سلم
وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوتَ؟ قال: لا،
ولكن أسلمت مع محمد رسول اللهصلى الله عليه و سلم ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبةُ حِنطة (قمح)
حتى يأذن فيها رسولُ الله صلى الله عليه و سلم.
فانظر إلى هذا الرجل الذي دخل الإسلام بفضل الله، ثم بمروءة رسول الله صلى الله عليه و سلم القدوة والقمة السامقة في المروءة،
ولاحظ أنه لم يُكرَهْ على ذلك، ثم انظر سرعان ما تحول إلى محب ومطيع وجندي من جنود الإسلام بعد أن كان مبغضًا ومعاندًا.
معنى المروءَة لغةً واصطلاحًا
معنى المروءَة لغةً:
المروءة هي كمال الرجولية، مصدر من: مَرُؤ يَمْرُؤ مُروءة، فهو مَرِيء أي: بَيِّن المروءَة، وتَمَرَّأ فلان: تَكَلَّف المروءَة.
وقيل: صار ذا مُروءَةٍ، وفلان تَمَرَّأ بالقوم: أي سعى أن يوصف بالمروءَة بإِكرامهم، أَو بنقصهم وعَيْبهم
[3521] انظر: ((العين)) للفراهيدي (8/299)،
((تاج العروس)) للزبيدي (1/427)، ((المعجم الوسيط)) (2/860)، ((المخصص)) لابن سيده (1/245)،
((المصباح المنير)) للفيومي (ص 217)، ((مختار الصحاح)) للرازي (ص 292). .
معنى المروءَة اصطلاحًا:
قال الماورديُّ: (المروءَة مراعاة الأحوال إلى أن تكون على أفضلها، حتَّى لا يظهر منها قبيحٌ عن قصد،
ولا يتوجَّه إليها ذمٌّ باستحقاق) [3522] ((أدب الدنيا والدين)) (ص 325). .
وقال ابن عرفة: (المروءَة هي المحافظَةُ على فِعْل ما تَرْكُه من مُباحٍ يُوجِبُ الذَّمَّ عُرْفًا... وعلى ترْك ما فعلُه من مُباحٍ يوجبُ ذَمَّه عُرْفًا...) [3523]
((شرح حدود ابن عرفة)) للرصاع (ص 591). .
وقال الفيومي: (المروءَة آداب نفسانيَّة، تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق، وجميل العادات)
[3524] ((المصباح المنير)) (8/446) .
من قصص المروءه*
أن تاجر كبيرٌ في السن حكيم .. كان قد ابتاع بضائعه و قفل راجعاً لأهله قاطعاً الصحراء ..
عندما رأى منقطعاً سأله أن يطعمه و يسقيه .. ففعل ذلك التاجر بكل طيبة خاطر ..
و نخوة و رغبة في مساعدة غريب انقطع به الحال في الصحراء ..
و ترافقا الإثنان في رحلتهما إلى أن وصلا قُرب مدينتهما ..
.. عندها غدر المنقطع الشاب بالتاجر الكهل الكريم ..
و أوقعه من فوق حصانه و ركبه و أخذ البضاعة معه و انطلق ..
.. و حين استطاع التاجر الوقوف على قدميه ناداه .. " يا فلان .. لا تخبر الناس بما حدث " ..
.. فردّ الشاب ناكر المعروف متهكماً ساخراً " .. لماذا .. !! حتى لا تشعر بالخزي بينهم " ..
.. قال التاجر .. " لا و الله .. حتى لا تضيع المروءة بين الناس ..
و لا يقف انسان لمحتاج...
مررتُ على المروءةِ وهي تبكي *** فقلـتُ علام تنتحب الفتاةُ؟
فقالت كيف لا أبــكي وأهلي *** جمـيعاً دون خلق اللهِ ماتوا
المروءة من خصال الرجولة فمن كانت رجولته كاملة كانت مروءته حاضرة .
وأهم دواعي المروءة شيئان: أحدهما: علو الهمة. والثاني: شرف النفس.
حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْوَاسِطِيُّ الزَّاهِدُ ، قَالَ : أُتِيَ الْحَجَّاجُ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْخَوَارِجِ فَقَتَلَ فِيهِمْ ،
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : أَمْهِلْنِي حَتَّى أَذْهَبَ أَقْضِيَ دَيْنًا عَلَيَّ وَأَرْجِعَ فَقِيلَ : مَنْ يَضْمَنُكَ ؟
فَقَالَ وَزِيرُ الْحَجَّاجِ : أَنَا ، فَانْطَلَقَ فَقَضَى دَيْنَهُ ، وَأَتَى مِنَ الْغَدِ ، فَقَالَ : هَأَنَاذَا ،
فَقِيلَ لَهُ : هَلا اخْتَفَيْتَ وَنَجَوْتَ ؟ قَالَ : أَرَدْتُ أَنْ لا يُقَالَ ذَهَبَ الصِّدْقُ مِنَ النَّاسِ ،
وَقِيلَ لِلْوَزِيرِ : لِمْ أَقْدَمْتَ عَلَى ضَمَانِ مَنْ يُقْتَلُ ؟
قَالَ : أَرَدْتُ أَنْ لا يُقَالَ ذَهَبَتِ الْمَرُوءَةُ مِنَ النَّاسِ
فَقَالَ الْحَجَّاجُ : وَأَنَا قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ لِئَلا يُقَالُ : ذَهَبَ الْعَفْوُ مِنَ النَّاسِ .
وسئُل سفيان بن عيينة: إنك تستنبط من القرآن عجائب فأين المروءة في كتاب الله عز وجل؟
إننا لا نرى لها آية ولا لفظاً؟ فقال: تأمل قوله جل وعلا: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }
[الأعراف/199]
فإنها جمعت المروءة من أبوابها كلها، خذ العفو قال: فيه المروءة، وحسن الأدب، ومكارم الأخلاق. لماذا؟
لأن { خُذِ الْعَفْوَ } فيه صلة بالأرحام والمقربين، وفيه رفق بالمخطئين والمذنبين،
وفيه كذلك صلة للأرحام، وتعفف عن ما جاء من الحلال والحرام. و{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }
فيه التخلق بخلق الحلم والعفو والصفح والمسامحة والإعراض عن أهل الظلم
والتنزه عن منازعة السفهاء ومساواة الجهلاء.
وهي آية الأمر فيها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إعجاز القرآن في هذه الأوامر الثلاثة
{ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
للَّهِ دَرُّ فَتًى أنسابُهُ كَرَمٌ يا حبَّذا كرمٌ أضحى له نسبا
هل المروءَةُ إِلَّا ما تَقُومُ به من الذِّمامِ وحفظِ الجَارِ إنْ عَتَبا
وقال الحُصين بن المنذر الرقاشي:
إن المروءة ليس يدركها امرؤٌ ورث المكـارم عن أبٍ فأضاعها
أمرته نفسٌ بالـدناءة والخنا ونهته عن سُبُل العـلا فأطاعهـا
فإذا أصاب من المكارم خُلَّةً يبني الكريمُ بهـا المكــارم باعها
وقال الْأَحْنف بن قَيْس:
إفلو كنتُ مُثرًى بمالٍ كثيرٍ لجُدْتُ وكنتُ له باذِلًا
فإنَّ المروءَة لا تُستطاعُ إذا لم يكنْ مالُها فاضلًا
وقال أبو فراس الحمداني:
الحُرُّ يَصْبِرُ مَا أطَاقَ تَصَبُّرًا في كلِّ آونةٍ وكلِّ زمانِ
ويرى مساعدةَ الكرامِ مروءةً ما سالمتهُ نوائبُ الحدثانِ
قلتُ: يجب أن تُكتب.
تأملت في حال الخلق فوجدت المروءة تحتضر ...
فرأيت أن أذكِّر ببعض قصص الصالحين لعلي أعتبر ...
مروءة النبي صلى الله عليه و سلم
أرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية إلى نجد، فأسَرَتْ رجلاً، وأتت به إلى مسجد رسول الله -صلى الله عليه و سلم
فيسأله رسول الله عمَّا عنده لعله يُسلم، فيجيب الرجل بثباتٍ وإصرار بغير ذلك؛
فتتجلَّى مروءةُ النبي صلى الله عليه و سلم بعدما رأى من ثبات الرجل وتمسكه، فأمر بإطلاق سراحه،
فما كان من الرجل إلا أن أسلم لمَّا عاين من هذه الشمائل والصفات للنبي صلى الله عليه و سلم.
ويروي أبو هريرة رضي الله عنه هذا الموقف الجليل،
قال: بعث النبيُّ صلى الله عليه و سلم خيلاً قِبَل نجد، فجاءت برجل من بني حَنيفة يقال له:
ثمامة بن أثال، فربطوه بساريةٍ من سواري المسجد،
فخرج النبي صلى الله عليه و سلم فقال: ((ما عندك يا ثمامة؟)) فقال: عندي خيرٌ يا محمد،
إن تقتلْني تقتلْ ذا دمٍ أي: سيثأر له قومه وإن تُنْعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال،
فسَلْ منه ما شئت، فتُرك حتى كان الغد، ثم قال له: ((ما عندك يا ثمامة؟)) فقال: عندي ما قلتُ لك،
إن تُنْعم تنعم على شاكر، فتركه حتى كان بعد الغد، فقال: ((ما عندك يا ثمامة؟))، فقال: عندي ما قلت لك،
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((أطلقوا ثمامة))، فانطلق إلى نخلٍ قريب من المسجد،
فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، يا محمد،
والله ما كان على الأرض وجهٌ أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبَّ الوجوه إليَّ،
والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينُك أحبَّ الدين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك،
فأصبح بلدُك أحبَّ البلاد إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشَّره رسولُ الله صلى الله عليه و سلم
وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوتَ؟ قال: لا،
ولكن أسلمت مع محمد رسول اللهصلى الله عليه و سلم ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبةُ حِنطة (قمح)
حتى يأذن فيها رسولُ الله صلى الله عليه و سلم.
فانظر إلى هذا الرجل الذي دخل الإسلام بفضل الله، ثم بمروءة رسول الله صلى الله عليه و سلم القدوة والقمة السامقة في المروءة،
ولاحظ أنه لم يُكرَهْ على ذلك، ثم انظر سرعان ما تحول إلى محب ومطيع وجندي من جنود الإسلام بعد أن كان مبغضًا ومعاندًا.
معنى المروءَة لغةً واصطلاحًا
معنى المروءَة لغةً:
المروءة هي كمال الرجولية، مصدر من: مَرُؤ يَمْرُؤ مُروءة، فهو مَرِيء أي: بَيِّن المروءَة، وتَمَرَّأ فلان: تَكَلَّف المروءَة.
وقيل: صار ذا مُروءَةٍ، وفلان تَمَرَّأ بالقوم: أي سعى أن يوصف بالمروءَة بإِكرامهم، أَو بنقصهم وعَيْبهم
[3521] انظر: ((العين)) للفراهيدي (8/299)،
((تاج العروس)) للزبيدي (1/427)، ((المعجم الوسيط)) (2/860)، ((المخصص)) لابن سيده (1/245)،
((المصباح المنير)) للفيومي (ص 217)، ((مختار الصحاح)) للرازي (ص 292). .
معنى المروءَة اصطلاحًا:
قال الماورديُّ: (المروءَة مراعاة الأحوال إلى أن تكون على أفضلها، حتَّى لا يظهر منها قبيحٌ عن قصد،
ولا يتوجَّه إليها ذمٌّ باستحقاق) [3522] ((أدب الدنيا والدين)) (ص 325). .
وقال ابن عرفة: (المروءَة هي المحافظَةُ على فِعْل ما تَرْكُه من مُباحٍ يُوجِبُ الذَّمَّ عُرْفًا... وعلى ترْك ما فعلُه من مُباحٍ يوجبُ ذَمَّه عُرْفًا...) [3523]
((شرح حدود ابن عرفة)) للرصاع (ص 591). .
وقال الفيومي: (المروءَة آداب نفسانيَّة، تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق، وجميل العادات)
[3524] ((المصباح المنير)) (8/446) .
من قصص المروءه*
أن تاجر كبيرٌ في السن حكيم .. كان قد ابتاع بضائعه و قفل راجعاً لأهله قاطعاً الصحراء ..
عندما رأى منقطعاً سأله أن يطعمه و يسقيه .. ففعل ذلك التاجر بكل طيبة خاطر ..
و نخوة و رغبة في مساعدة غريب انقطع به الحال في الصحراء ..
و ترافقا الإثنان في رحلتهما إلى أن وصلا قُرب مدينتهما ..
.. عندها غدر المنقطع الشاب بالتاجر الكهل الكريم ..
و أوقعه من فوق حصانه و ركبه و أخذ البضاعة معه و انطلق ..
.. و حين استطاع التاجر الوقوف على قدميه ناداه .. " يا فلان .. لا تخبر الناس بما حدث " ..
.. فردّ الشاب ناكر المعروف متهكماً ساخراً " .. لماذا .. !! حتى لا تشعر بالخزي بينهم " ..
.. قال التاجر .. " لا و الله .. حتى لا تضيع المروءة بين الناس ..
و لا يقف انسان لمحتاج...
مررتُ على المروءةِ وهي تبكي *** فقلـتُ علام تنتحب الفتاةُ؟
فقالت كيف لا أبــكي وأهلي *** جمـيعاً دون خلق اللهِ ماتوا
المروءة من خصال الرجولة فمن كانت رجولته كاملة كانت مروءته حاضرة .
وأهم دواعي المروءة شيئان: أحدهما: علو الهمة. والثاني: شرف النفس.
حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْوَاسِطِيُّ الزَّاهِدُ ، قَالَ : أُتِيَ الْحَجَّاجُ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْخَوَارِجِ فَقَتَلَ فِيهِمْ ،
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : أَمْهِلْنِي حَتَّى أَذْهَبَ أَقْضِيَ دَيْنًا عَلَيَّ وَأَرْجِعَ فَقِيلَ : مَنْ يَضْمَنُكَ ؟
فَقَالَ وَزِيرُ الْحَجَّاجِ : أَنَا ، فَانْطَلَقَ فَقَضَى دَيْنَهُ ، وَأَتَى مِنَ الْغَدِ ، فَقَالَ : هَأَنَاذَا ،
فَقِيلَ لَهُ : هَلا اخْتَفَيْتَ وَنَجَوْتَ ؟ قَالَ : أَرَدْتُ أَنْ لا يُقَالَ ذَهَبَ الصِّدْقُ مِنَ النَّاسِ ،
وَقِيلَ لِلْوَزِيرِ : لِمْ أَقْدَمْتَ عَلَى ضَمَانِ مَنْ يُقْتَلُ ؟
قَالَ : أَرَدْتُ أَنْ لا يُقَالَ ذَهَبَتِ الْمَرُوءَةُ مِنَ النَّاسِ
فَقَالَ الْحَجَّاجُ : وَأَنَا قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ لِئَلا يُقَالُ : ذَهَبَ الْعَفْوُ مِنَ النَّاسِ .
وسئُل سفيان بن عيينة: إنك تستنبط من القرآن عجائب فأين المروءة في كتاب الله عز وجل؟
إننا لا نرى لها آية ولا لفظاً؟ فقال: تأمل قوله جل وعلا: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }
[الأعراف/199]
فإنها جمعت المروءة من أبوابها كلها، خذ العفو قال: فيه المروءة، وحسن الأدب، ومكارم الأخلاق. لماذا؟
لأن { خُذِ الْعَفْوَ } فيه صلة بالأرحام والمقربين، وفيه رفق بالمخطئين والمذنبين،
وفيه كذلك صلة للأرحام، وتعفف عن ما جاء من الحلال والحرام. و{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }
فيه التخلق بخلق الحلم والعفو والصفح والمسامحة والإعراض عن أهل الظلم
والتنزه عن منازعة السفهاء ومساواة الجهلاء.
وهي آية الأمر فيها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إعجاز القرآن في هذه الأوامر الثلاثة
{ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
للَّهِ دَرُّ فَتًى أنسابُهُ كَرَمٌ يا حبَّذا كرمٌ أضحى له نسبا
هل المروءَةُ إِلَّا ما تَقُومُ به من الذِّمامِ وحفظِ الجَارِ إنْ عَتَبا
وقال الحُصين بن المنذر الرقاشي:
إن المروءة ليس يدركها امرؤٌ ورث المكـارم عن أبٍ فأضاعها
أمرته نفسٌ بالـدناءة والخنا ونهته عن سُبُل العـلا فأطاعهـا
فإذا أصاب من المكارم خُلَّةً يبني الكريمُ بهـا المكــارم باعها
وقال الْأَحْنف بن قَيْس:
إفلو كنتُ مُثرًى بمالٍ كثيرٍ لجُدْتُ وكنتُ له باذِلًا
فإنَّ المروءَة لا تُستطاعُ إذا لم يكنْ مالُها فاضلًا
وقال أبو فراس الحمداني:
الحُرُّ يَصْبِرُ مَا أطَاقَ تَصَبُّرًا في كلِّ آونةٍ وكلِّ زمانِ
ويرى مساعدةَ الكرامِ مروءةً ما سالمتهُ نوائبُ الحدثانِ
قلتُ: يجب أن تُكتب.