مشاهدة النسخة كاملة : °°((فتاوى الحج))°° لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله-
أم فاطمة السلفية
2015-08-25, 15:26
http://files2.fatakat.com/2011/2/12986324561043.gif
°°((فتاوى الحج))°°
لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله-
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
أحكام الإحرام من الميقات
-السؤال:
-أكثر الحجاج الجزائريين لا يحرمون من الطائرة وإنّما يحرمون من ميقات المدينة، فهل يجزئهم ذلك، وما الذي يترتب على من تجاوز الميقات؟
-الجواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
-ففي مسألة مواقيت الحج المكانية للإحرام يجدر التنبيه على مواضع مجمع عليها بين العلماء سواء قبل الميقات أو بعده وسواء لمن يريد الحج والعمرة ولمن لا يريدهما.
- فإذا أحرم قبل الميقات فلا خلاف بين أهل العلم أنّه مُحرِم تثبت في حقه أحكام الإحرام(١)، ولكن الخلاف في مكان الأفضلية، والصحيح من قولي العلماء أنّ الأفضل الإحرام من الميقات ويكره قبله وبهذا قال مالك والحنابلة وبعض الشافعية خلافا لأبي حنيفة(٢).
- أمّا إذا جاوز الميقات سواء عالما أو جاهلا، وهو يريد الحج والعمرة ولم يحرم فلا خلاف بين أهل العلم-أيضا- أنّه إذا رجع إلى الميقات فأحرم منه فلا شيء عليه(٣)، وإنّما الخلاف فيمن جاوز الميقات وأحرم دونه والصحيح من قولي العلماء أنّ عليه دما-أي: فدية ذبح شاة- سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع(٤).
- أمّا إذا جاوز الميقات لحاجة يريد قضاءها وهو لا ينوي حجا ولا عمرة فالعلماء لا يختلفون في أنّه لا يلزمه الإحرام ولا يترتب على تركه للإحرام شيء، لكن لو طرأ عليه التفكير في الحج أو العمرة، ثمّ عزم على تنفيذ ما عزم عليه، فإنّه لا يشترط عليه الرجوع إلى الميقات بل يحرم من موضعه ولو كان دون الميقات ولا شيء عليه وهو أرجح قولي العلماء وبه قال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة رحمهم الله(٥).
وبناء على ما تقدم، فلا يجوز لهؤلاء الحجاج القادمين من الجزائر أن يجاوزوا الميقات وهم يريدون الحج أو العمرة إلاّ محرمين(٦)، ولكن إن لم يحرموا بعد مجاوزة الميقات ورجعوا إلى ميقاتهم أو ميقات آخر فأحرموا منه فلا يلزمهم من أمر الفدية شيء، وكان الأولى أن يحرموا في الطائرة من ميقات الجحفة الذي يمرون به لقوله صلى الله عليه وسلم: «هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ»(٧).
-والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٩ ذي القعدة ١٤٢٥ﻫ
الموافق ﻟ: ٢١ ديسمبر ٢٠٠٤م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-139#_ftnref_139_1) الإجماع لابن المنذر ٤١)، والمغني لابن قدامة(٣/ ٢٦٤).
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-139#_ftnref_139_2) المغني لابن قدامة(٣/ ٢٦٤)، المجموع للنووي ٧/ ١٩٨)، الكافي لابن عبد البر ١/ ٣٨٠)، الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٧٠)
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-139#_ftnref_139_3) المغني لابن قدامة ٣/ ٢٦٦).
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-139#_ftnref_139_4) وهو مذهب المالكية والحنابلة، انظر: المدونة لابن القاسم ١/ ٣٧٢)، الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٧٠)، الإنصاف للمرداوي ٣/ ٢٢٩)، خلافا لمذهب أبي حنيفة والشافعي، انظر المجموع للنووي ٧/ ٢٠٨).
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-139#_ftnref_139_5) المغني لابن قدامة ٣/ ٢٦٧).
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-139#_ftnref_139_6) ذكر النووي الإجماع على تحريم مجاوزة الآفاقي الميقات وهو يريد الحج أو العمرة غير محرم، المجموع للنووي ٧/ ٢٠٦).
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-139#_ftnref_139_7) أخرجه البخاري (١٥٢٤)، ومسلم (١١٨١)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
البقاء في الأرض الحجازية أكثر من المدة المعينة
-السؤال:
-بعض الناس يبقى لأداء مناسك الحج بعد شهر رمضان من غير ترخيص من الجهات المعنية من الأراضي الحجازية، فما حكم هذا الفعل؟
-الجواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
-فلا يخفى ما يترتب على بقاء كل معتمر قادم من كلّ بلد في الأراضي الحجازية من إخلال بالتنظيم العام وما يجره من مفاسد كظاهرة التسول والسرقة وغيرهما، لذلك كانت تأشيرة الحج أو العمرة مقرونة بمدة محددة لا يتجاوزها إلاّ بترخيص آخر تنظيما لفئة المعتمرين لتحسين وضعيتهم ضمن الوضع العام الأمر الذي يجعل هذا التصرف ملزما على المعتمرين ويجب عليهم تنفيذه والوفاء به لعلتين:
- الأولى: أنّ تصرف الإمام الحاكم أو نوَّابه بتوقيت المدة وتحديد العدد مبني على مصلحة الجماعة وخيرها، فكانت تصرفاته واجبة التنفيذ ومُلزِمة على من تحت رعايته بناء على قاعدة: «التَّصَرُّفُ فِي الرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالمَصْلَحَةِ»(١)، وأصل هذه القاعدة قول الشافعي رحمه الله: «منزلة الإمام في الرعية منزلة الولي من اليتيم»(٢)، وهذا الأصل مأخوذ من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة والي اليتيم: إن احتجتُ أخذت منه، فإذا أيسرتُ رددته، فإن استغنيت استعففت»، ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»(٣).
- الثانية: أنّ إعطاء تأشيرة للمعني بالأمر مشروطة بعهد هو بقاؤه لتلك المدة المحددة، والعهد يجب الوفاء به لقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً﴾[الإسراء:٣٤]، وقوله تعالى:﴿وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا﴾[البقرة:١٧٧].
-وبناء عليه، فإنّه ينبغي على المعني بالأمر أن يسعى لتحصيل تأشيرة الحج ابتداء قبل طلبه لتأشيرة العمرة حتى يسعه تأدية المناسك الواجبة عليه على الوجه المطلوب، فإن تعسَّر أخذ تأشيرة إلاّ لعمرة راعى شرطها، غير أنّه إن بقي إلى وقت الحج وخالف من غير ترخيص، فحجُّه صحيح ولا تقدح في صحته هذه المخالفة وبخاصَّة إن كان ذلك-في حقِّه- حجَّةَ الإسلام.
-والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر في: ١٥ذي القعدة ١٤٢٥ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٤م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-140#_ftnref_140_1) انظر هذه القاعدة في: المنثور للزركشي ١/ ١٨٣)، الأشباه والنظائر للسيوطي ١٣٤)، مجموع الحقائق للخادمي ٣١٦)، الوجيز للبورنو ٢٩٢).
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-140#_ftnref_140_2) انظر المنثور للزركشي ١/ ١٨٣).
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-140#_ftnref_140_3) أخرجه البخاري في الأحكام (٧١٣٨)، ومسلم في الإمارة(١٨٢٩)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
ما يلبس المحرم إذا لم يجد لباس الإحرام
-السؤال:
-ما حكم من اعتمر أو حج من غير لباس الإحرام؟
-الجواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فإنّ المحرم الذي وجد الإزار والرداء لا يجوز له لبس المخيط -وهو ما كان مفصلا على قدر عضو البدن- فلا يلبس القُمُص ولا السراويل ولا العمائم ولا الخفاف ولا الجوارب لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أنّ رجلا قال: يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يلبس القُمُص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرنس ولا الخفاف إلاّ أحد لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسّه زعفران أو ورس»(١)، ومن خالف تلزمه الفدية.
-أمّا من لم يجد إلاّ السراويل والخفين أو تعذر عليه لبس الإزار والرداء لوجودهما ضمن متاعه وعفشه في الطائرة أرسلهما سهوا ونسيانا ومرّ على الميقات فأحرم بدونهما صحّ إحرامه ولا يلزمه شيء ويكفيه أن يلبس ما وجده ولا يجب عليه أن يشق السراويل فيتزر بها -كما هو رأي الأحناف- لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فقال: «من لم يجد الإزار فليلبس السراويل، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين»(٢)، والحديث صريح في الجواز ولو لزمه شيء لبيّنه لأنّه في معرض البيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما هو مقرر في علم الأصول.
-والعلم عند الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين.
الجزائر في: ١٥ ذي القعدة ١٤٢٥ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٤م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-145#_ftnref_145_1) أخرجه البخاري في «الحج»: (١٥٤٢)، ومسلم في «الحج»: (٢٨٤٨)، والترمذي في «الحج»: (٨٤٢)، والنسائي في «مناسك الحج»: (٢٦٨١)، وابن ماجة في «المناسك»: (٣٠٤١)، ومالك في «الموطأ»: (٧١٥)، وأحمد: (٥٢٨٦)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-145#_ftnref_145_2) أخرجه البخاري في «جزاء الصيد»: (١٨٤٣)، ومسلم في «الحج»: (٢٨٥١)، والترمذي في «الحج»: (٨٤٣)، والنسائي في «اللباس»: (٥٣٤٢)، وأحمد: (١٨٧٦)، والدارقطني في «سننه»: (٢٤٩٣)، والبيهقي: (٩٣٣١)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في حكم المصانعة بمال لأجل تأشيرة الحج
-السؤال:
-ما حكم إعطاء مال مقابل الحصول على تأشيرة الحج، وبخاصة مع فرض بعض وكالات السفر لذلك؟
-وهل التنازل المفروض لدخول البقاع المقدسة في الحجاز من أجل أداء مناسك الحج مشروع أم لا؟
-الجواب:
-الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فإن كانت الجهات المعنية تفرض مالا على شكل ضرائب ورسوم لمنح تأشيرة أو رخصة مقابل أداء مناسك الحج أو العمرة، ولا يستطيع المكلف من أداء هذه العبادة إلاّ بدفع المال، فله أن يدفعه والإثم على الآخذ دون المعطي، لأنّ المال المكتسب بهذه الطريقة غير مشروع ولو أذن فيه المالك جريا على قاعدة: «الأَصْلُ فِي الأَمْوَالِ التَّحْرِيمُ»، و«لاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ أَحَدٍ بِلاَ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ» لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكَلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ﴾ [النساء:٢٩]، وقد وردت نصوص كثيرة تمنع أخذ مال المسلم إلاّ ما طابت له نفسه ورضي به سواء كان ظلما أو غصبا أو نهبا أو نحوها.
-ولا يتدرع بترك أداء الحج أو العمرة من أجل الرسوم والضرائب المفروضة، فليست -في الحقيقة- عذرا مانعا لأداء المناسك إن كان قادرا عليها، ولا يلحقه إثم إن لم يرض بها. والجواب على السؤال الثاني كالأول لتقاربهما.
-والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّ اللّهم على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.
الجزائر في: ٦ ذي القعدة ١٤٢٥ﻫ
الموافق ﻟ: ١٨ ديسمبر ٢٠٠٤م
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في حكم تارك رمي الجمار في الحج
السؤال:
-امرأة حجت بيت الله الحرام وأثناء الرمي وقع زحام أدى إلى وفاة بعض الحجيج فاستغنت [هي] عن الرمي خوفا من الزحام والإذاية وأتمّت أركانها الباقية.
-فما حكم حجها؟ وهل في ذمتها شيء؟ وهل يجوز الاستخلاف في الرمي؟
-الجواب:
-الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
-فإنّ رمي الجمار في منى ليس بركن وإنّما حكمه الوجوب على أرجح أقوال أهل العلم وهو مذهب الجمهور ودليل وجوبه السنة القولية والفعلية، فقد ثبت من حديث جابر رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول: لتأخذوا عني مناسككم فإنّي لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه" (١) وفي رواية أخرى "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نرمي الجمار بمثل حصى ... في حجة الوداع"(٢).
-وعليه فإنّ ترك رمي الجمار في الحج يجبر بالدم، لأنّ ترك الواجبات في الحج تستوجب الدم لإرادة جبره، وكان عليها -حال أدائها للحج- عند العجز عن الرمي في الحال أن تؤخره إلى الليل أو ما بعده من أيام التشريق ولا شيء عليها على أرجح قولي العلماء وهو مذهب الشافعي وأحمد وأبي يوسف وغيرهم لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى فيقول:"لا حرج"، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: "اذبح ولا حرج" وقال: رميت بعد ما أمسيت؟ فقال: "لا حرج" (٣) أن تستنيب غيرها، فلو استنابت لسقط عنها الإثم والدم، أمّا بعد انتهاء مدة الرمي في حجها فلا يسعها أن تستنيب، وتبقى ذمتها مشغولة بالدم، وحجها صحيح-إن شاء الله تعالى-.
-والعلم عند الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّـد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
الجزائر في: ٤ من ذي الحجة ١٤٢٢ﻫ
الموافق ﻟ: ١٦ فيفري ٢٠٠٢م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-170#_ftnref_170_1) أخرجه مسلم في «الحج»: (٣١٩٧)، وأبو داود في «المناسك»: (١٩٧٢)، وأحمد: (١٤٩٩٢)، والبيهقي: (٩٨٢٦)، من حديث جابر رضي الله عنه.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-170#_ftnref_170_2) أخرجه الدارمي: (١٩٥٠)، من حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي رضي الله عنه.
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-170#_ftnref_170_3) أخرجه البخاري في «الحج»: (١٧٣٥)، وأبو داود في «المناسك»: (١٩٨٥)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في أفضلية أنواع الإحرام في الحج
-السؤال:
-ما هو النسك الأولى بالعمل من الأنساك الثلاثة؟ وهل صحيح أنّ الإفراد الذي هو النسك المفضل عند مالك وظاهر مذهب الشافعي أنّ من أفرد به يجب عليه أن يفسخه؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.
-الجواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فالمعلوم أنّ الحج له كيفيات ثلاث وهي:
- الإفراد وهو أن يهل الحاج بالحج فقط عند إحرامه،
-والقران: وهو أن يهل بالحج والعمرة معا، -والتمتع: وهو أن يهل الحاج بالعمرة فقط في أشهر الحج ثمّ يحرم بالحج ويأتي بأعماله في نفس العام، والقارن والمتمتع يجب عليهما الهدي بالإجماع.
-فهذه الأنواع الثلاثة كانت جائزة ابتداء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم حيث خيرهم فيها على ما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:"خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل" (١) الحديث.
-ثمّ بعد هذا التخيير ندب من لم يسق الهدي إلى نسك التمتع دون أن يفرضه عليهم فقالت عائشة رضي الله عنها: "فنزلنا سرِف [وهو موضع قريب من التنعيم] فخرج إلى أصحابه فقال: «من لم يكن منكم أهدى، فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه الهدي فلا» قالت: فالآخذ بها والتارك لها من أصحابه"(٢)، وعند ابن عباس رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى ذي طوى [موضع قريب من مكة] وبات بها، فلمّا أصبح قال لهم:«من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها عمرة»(٣).
-ثمّ أمر من لم يسق الهدي منهم بأن يفسخوا الحج إلى عمرة وفرض عليهم أن يتحللوا، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول الله أيّ الحلّ؟ قال: الحلّ كلّه" (٤)، وفي رواية عائشة رضي الله عنها قالت: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلاّ الحج، فلمّا قدمنا مكة تطوفنا بالبيت، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدي أن يحل قالت: فحلّ من لم يكن ساق الهدي، ونساؤه لم يسقن الهدي فأحللن... " (٥)، ولا يدل تحتيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفسخ الحج إلى العمرة وعزمه عليهم بها، وتعاظم ذلك عندهم إلاّ الوجوب، فضلا عن غضبه صلى الله عليه وآله وسلم لما راجعوه وتراخوا عن العمل بالمأمور به، ولا يكون الغضب إلاّ من أمر واجب العمل والتطبيق، وقد ورد من حديث عائشة رضي الله عنها: "فدخل عليّ وهو غضبان، فقلت من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار" فقال:«أو ما شعرت أنّي أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون... »(٦).
-وهذا ليس خاصا بهم لأنّهم لما سألوه عن الفسخ الذي أمرهم به: "ألعامنا هذا، أم لأبد الأبد؟"، فشبك صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، لا بل لأبد أبد، لا بل لأبد أبد» (٧).
-وليس أمره صلى الله عليه وآله وسلم بفسخ الحج إلى العمرة لبيان جواز العمرة في أشهر الحج، لأنّ ذلك البيان وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم قبل ذلك حيث اعتمر ثلاث عمر، كلها في أشهر الحج، ولو سلم أنّ الأمر بالفسخ لهذه العلة، فما فعله صلى الله عليه وآله وسلم مخالفة لأهل الشرك مشروع إلى يوم القيامة.
-ولذلك يذهب بعض أهل العلم إلى وجوب التمتع على من لم يسق الهدي، وأنّه إذا طاف وسعى فقد حلّ شاء أم أبى وهو مذهب ابن عباس وأبي موسى الأشعري وهو مذهب ابن حزم (٨) وابن القيم (٩) وغيرهما.
- والمسالة خلافية والجمهور على جواز الأنساك الثلاثة.
-غير أنّ صفة الإفراد المعروفة بأن يحرم بالحج ثمّ بعد الفراغ يخرج إلى أدنى الحل فيحرم منه بالعمرة فهذا الإفراد لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة الذين حجوا معه، بل ولا غيرهم-كما نصّ عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله- فمثل هذه الصفة لا تكون أفضل ممّا فعلوه معهم، وإنّما المقصود بالإفراد الذي فعله الخلفاء الراشدون [أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم]، وهو أن يفرد الحج بسفرة، والعمرة بسفرة، وهو أفضل من القران والتمتع الخاص بسفرة واحدة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة لما قالت: يا رسول الله يصدر النّاس بنسكين وأصدر بنسك؟فقال: «فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي ثمّ ائتينا بمكان كذا، ولكنّها على قدر نفقتك أو نصبك»(١٠)، فهذا هو أفضل الأنواع بالنظر للصعوبة والمشقة المقترنة بتلك العبادة، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه في قول الله: ﴿وَأَتِمُّوا الحجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾[البقرة:١٩٦]"من تمامهما أن تفرد كلّ واحد منهما من الآخر، وتعتمر في غير أشهر الحج" (١١)، وجاء عن علي رضي الله عنه أنّه قال في الآية: "من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك" (١٢).
-فهذا الذي واظب عليه الخلفاء الراشدون فقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: "افصلوا حجكم عن عمرتكم، فإنّه أتمّ لحجكم وأتمّ لعمرتكم"(١٣).
- فإن أراد أن يجمع بين النسكين (الحج والعمرة) بسفرة واحدة وقدم إلى مكة في أشهر الحج ولم يسق الهدي فالتمتع أفضل له، لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أصحابه الذين حجوا معه أن يفسخوا الحج إلى عمرة ويتحللوا فنقلهم من الإفراد إلى التمتع ولا ينقلهم إلاّ إلى الأفضل، لأنّهم أفضل الأمّة بعده، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جابر رضي الله عنه بعدما أمرهم أن يتحللوا من إحرامهم ويجعلوها متعة: «افعلوا ما أمرتكم به، فلولا أنّي سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به»(١٤).
- أمّا إذا أراد أن يجمع بين النسكين بسفرة واحدة ويسوق الهدي فالقران أفضل، لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ساق الهدي وقرن وفِعله أفضل اقتداء به صلى الله عليه وآله وسلم، لأنّ الله اختار له الأفضل، وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ إنّ هدي القارن من الحل أفضل باتفاق ممّن يشتريه من الحرم، وهذا الترتيب في الأفضلية من أنّ الإفراد أفضل إذا أفرد الحج بسفرة والعمرة بسفرة، أمّا إذا كان بسفرة واحدة فالقران أفضل لمن ساق الهدي، وإن لم يسق الهدي فالتمتع أفضل، وهو تفصيل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وفيه تجتمع الأدلة ويزول الاضطراب بين الفقهاء، فقدم أفضل النسك باعتبار المشقة والصعوبة ثمّ بحسب سوق الهدي من عدمه فلكل واحد أفضليته في موضعه ومناسبته، ولا يعترض عليه بقوله صلى الله عليه وسلم:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة» (١٥)، على أفضلية التمتع لأنّ صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل: "لتمتعت مع سوق الهدي" وإنّما غاية ما يدل عليه أنّه لو كان ذلك هو وقت إحرامه لكان أحرم بعمرة ولم يسق الهدي وهو لا يختار أن ينتقل من الأفضل إلى المفضول وخاصّة وقد ساق صلى الله عليه وسلم مائة بدنة مع ما فيه من تعظيم شعائر الله أفضل في نفسه بمجرد التحلل والإحرام، فالسنة-إذن- جاءت بتفضيل كلّ بحسبه ومناسبته وموضعه على ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية (١٦).
-والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٣ صفر ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٢ أفريل ٢٠٠٥م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_1) أخرجه مسلم في الحج(٢٩٧١)، وأبو داود في المناسك (١٧٨٠)، والنسائي في مناسك الحج(٢٧٢٩)، والحميدي في مسنده(٢١٣)، والبيهقي(٩٠٤٦)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_2) أخرجه البخاري في الحج(١٥٦٠)، ومسلم في الحج(٢٩٨٠)،وأبو داود في المناسك(١٧٨٤)، وأحمد(٢٦٥٨٩)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_3) أخرجه مسلم في الحج(٣٠٦٩)، والبيهقي(٩٠٧٤)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_4) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار(٣٨٣٢)، ومسلم في الحج(٣٠٦٨)، والنسائي في مناسك الحج(٢٨٢٥)، وأحمد(٢٣١٤)، والبيهقي(٨٩٩٤)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_5) أخرجه البخاري في الحج(١٥٦١)، ومسلم في الحج(٢٩٨٨)، والنسائي في مناسك الحج(٢٨١٥)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_6) أخرجه مسلم في الحج(٢٩٩٠)، وأحمد(٢٦١٦٧)، والبيهقي(٩١٢٥)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_7) أخرجه ابن ماجة في المناسك(٣٠٩٤)، من حديث جابر رضي الله عنه. وصححه الألباني في حجة النبي صلى الله عليه وسلم (ص:١٤)
(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_8) المحلى لابن حزم ٧/ ٩٩).
(٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_9) زاد المعاد لابن القيم ٢/ ١١٤).
(١٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_10) أخرجه البخاري في العمرة(١٧٨٧)، ومسلم في الحج(٢٩٨٦)، وأحمد(٢٤٨٨٨)، والبيهقي(٨٩١٠)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(١١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_11) انظر تفسير ابن كثير ١/ ٢٣٠).
(١٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_12) أخرجه البيهقي(٨٩٦٧) موقوفا عن علي رضي الله عنه، وأخرجه كذلك (٨٩٦٥) عن أبي هريرة مرفوعا، ولا يصح. قال الألباني في السلسلة الضعيفة(١/ ٣٧٦) رقم ٢١٠):"وقد رواه البيهقي من طريق عبد الله بن سلمة المرادي عن علي موقوفا ورجاله ثقات، إلاّ أنّ المرادي هذا كان تغير حفظه. وعلى كلّ حال، هذا أصح من المرفوع".
(١٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_13) أخرجه مالك(٧٧٢)، والبيهقي(١٤٥٥٤).
(١٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_14) أخرجه البخاري في الحج(١٥٦٨)، ومسلم في الحج(٣٠٠٤)، وأحمد(١٤٦٠٨)، من حديث جابر رضي الله عنه.
(١٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_15) أخرجه أبو داود في المناسك(١٩٠٧)، والنسائي في مناسك الحج(٢٧٢٤)، وأحمد(١٤٨١٤)، والدارمي(١٩٠٣)، من حديث جابر رضي الله عنه. وانظر: "حجة النبي صلى الله عليه وسلم" للألباني(ص:٦٤).
(١٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-189#_ftnref_189_16) المجموع لابن تيمية ٢٦/ ٨٠ وما بعدها).
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في شمول حكم الدفع من مزدلفة ليلا للمرافقين للضعفة
-السؤال:
-هل للطبيب ولمرافقي الضعفة الدفع من مزدلفة بالليل؟
-الجواب:
-الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فيجوز للضعفة من النساء والصبية والعجزة ونحوهم أن يخرجوا من مزدلفة قبل طلوع الفجر وزحمة الناس على وجه الرخصة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أذن لضعفة الناس من المزدلفة بليل"(١) وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم لسودة بنت زمعة(٢) -زوج النبي صلى الله عليه وسلم- وأمّ حبيبة رضي الله عنها(٣) وغيرهما أن يدفعوا قبل أن يدفع الإمام، ويشمل هذا الخروج من مزدلفة بليل مرافقي النساء والعجزة الذين يقومون بخدمتهم ورعايتهم وإسعافهم، فقد روى مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:"بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في الضعفة من جمع بليل"(٤)، وروى البخاري عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، وفيه:"أنّه خرج مع أسماء من مزدلفة بغلس إلى منى"(٥)، غير أنّه إذا تحققت الرخصة للمرأة وأمنت في خروجها من مزدلفة بالمرافق الواحد من زوج أو ذي محرم فلا يسع لكل محارمها، وإذا كان الضعيف أو المريض يحتاج من يسعفه من أهل الإسعاف والطب إن تحققت حاجته بالواحد فتسعه الرخصة ولا تسع الجميع لأنّ "الأمر إذا ضاق اتسع" و"إذا اتسع ضاق"، وهذا كلّه إذا خشي الضعفة حطمة الناس لئلا يتأذوا بالزحام، ولكن إذا أمنوا منه، فالمستحب في حقهم المبيت بمزدلفة.
-والعلم عند الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر في: ٠٦ربيع الأول١٤٢٦ﻫ
الموافـق ﻟ: ١٥ أفريل ٢٠٠٥م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-196#_ftnref_196_1) أخرجه أحمد(٥٠٠٣)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.وأخرجه النسائي في الكبير(٤٠٣٧)، وأخرجه بنحوه مطولا البخاري(١٦٧٦)، ومسلم(١٢٩٥/ ٣٠٤)، وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري(١٦٧٧)،(١٦٧٨)، ومسلم(٢٩٣)، وعن عائشة رضي الله عنها عند البخاري(١٦٨٠)، ومسلم(١٢٩٠)، وعن أسماء بنت الصديق رضي الله عنهما عند البخاري(١٦٧٩)، ومسلم(١٢٩١)، وعن أمّ حبيبة رضي الله عنها عند مسلم(١٢٩٢).
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-196#_ftnref_196_2) أخرجه البخاري في الحج(١٦٨١)، ومسلم في الحج(٣١٧٨)، والبيهقي(٩٧٨٥)،من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-196#_ftnref_196_3) أخرجه مسلم في الحج(٣١٨٤)، وأحمد(٢٧٥٣٣)، والدارمي(١٩٣٨)، من حديث أمّ حبيبة رضي الله عنها.
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-196#_ftnref_196_4) أخرجه البخاري في الحج(١٦٧٧)، ومسلم في الحج(٣١٨٦)، والترمذي في الحج(٩٠١)، وأحمد(٢٢٤٢)، والبيهقي(٩٧٨٢)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-196#_ftnref_196_5) أخرجه البخاري في الحج،(١٦٧٩)، ومسلم في الحج(٣١٨٢)، والنسائي في المناسك(٣٠٦٣)، ومالك(٨٨١)، من حديث عبد الله مولى أسماء رضي الله عنها.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
وقت الإجزاء في رمي جمرة العقبة للقادرين والضعفة
-السؤال:
-ما هو وقت الإجزاء في رمي جمرة العقبة؟ وهل للضعفة وغير القادرين ولمن كان في حكمهم-لمن دفع من مزدلفة بليل- رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس؟
-الجواب:
-الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فالسنة أن لا يرمي الحاج إلاّ بعد طلوع الشمس ضحى لما أخرجه البخاري من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وفيه:"رمى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى ورمى بعد ذلك بعد الزوال"(١) وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم تحمل على الوجوب لمكان حديث:"خذوا عنّي مناسككم"(٢) إلاّ إذا قام الدليل على صرفها عن الوجوب، ويقوي ذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أذن للضعفة من أهله بالخروج من مزدلفة ليلا إلى منى وأمرهم بأن لا يرموا الجمرة إلاّ بعد طلوع الشمس، كما صح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفاء أهله بغلس، ويأمرهم-يعني- لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس"(٣)، ذلك لأنّ وقت الرمي النهار دون الليل لذلك وصفت الأيام بالرمي دون الليل في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة:٢٠٣]، قال الباجي-رحمه الله-: "فوصفت الأيام بأنّها معدودات للجمار المعدودات فيها، فلا يجوز الرمي بالليل، فمن رمى ليلا أعاد".
-هذا وإذا كان حكم المبيت بمزدلفة والرمي بعد طلوع الشمس واجبا على الصحيح فإنّه غير واجب على الضعفة المرخص لهم تخلصا من الازدحام، لأنّ الأحاديث الواردة بالرمي قبل الفجر أو بعده قبل طلوع الشمس أفادت الرخصة للنساء ومن في معناهن، لما رواه البخاري ومسلم عن سالم أنّه قال: "وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المعشر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون الله ما بدا لهم ثمّ يرجعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإن قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول:«أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم»"(٤)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما:"أنّ النبي صلى الله عليه وسلم بعث به مع أهله إلى منى يوم النحر، فرموا الجمرة مع الفجر"(٥)، وعن أسماء رضي الله عنها:"أنّها رمت الجمرة، قلت: إنّا رمينا الجمرة بليل؟ قالت: إنّا كنّا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"(٦)، ولأنّ القياس الصحيح يقتضيه لكونه وقتا للدفع من مزدلفة فكان وقتا للرمي كبعد طلوع الشمس، قال الشوكاني:"والأدلة تدلّ على أنّ وقت الرمي من بعد طلوع الشمس لمن كان لا رخصة له، ومن كان له رخصة كالنساء وغيرهن من الضعفة جاز قبل ذلك، ولكنّه لا يجزئ في أول ليلة النحر إجماعا"(٧).
-هذا، أمّا ظاهر التعارض بين حديث ابن عباس السابق وفيه: "فأمرهم أن لا يرموا حتى تطلع الشمس"، وعنه رضي الله عنهما قال:"قدّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أُغيلمة بني عبد المطلب على جمرات، فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول: أُبَيْنيّ، لاترموا الجمرة حتى تطلع الشمس"(٨) بينه وبين الأحاديث المرخصة للرمي بليل قبل الفجر أو بعده قبل طلوع الشمس فقد جمع بينهما ابن القيم-رحمه الله- بحمل أول وقته للضعفة من طلوع الفجر، ولغيرهم بعد طلوع الشمس فيكون نهيه للصبيان عن رمي الجمرة حتى تطلع الشمس، لأنّه لا عذر لهم في تقديم الرمي، ورخص للنساء في الرمي قبل طلوع الشمس، كما في حديث ابن عمر وأسماء وغيرهما. أمّا ابن قدامة-رحمه الله- فحمل الأخبار المتقدمة على الاستحباب والأخرى على الجواز(٩)، وبه تتوافق الأحاديث المتعارضة ظاهرا وتجتمع.
-والعلم عند الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر في:٠٦ربيع الأول١٤٢٦ﻫ
الموافـق ﻟ: ١٥ أفريل ٢٠٠٥م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-197#_ftnref_197_1) أخرجه البخاري في الحج، باب رمي الجمار، ومسلم في الحج(٣٢٠١)، وأبو داود في المناسك(١٩٧٣)، والنسائي في مناسك الحج(٣٠٦٧)، والترمذي في الحج(٩٠٣)، وابن ماجه في المناسك(٣١٦٩)، وأحمد(١٤٧٢٧)، والدارقطني في سننه(٢٧١٣)، والبيهقي(٩٨٣٨)، من حديث جابر رضي الله عنه.
-قال ابن عبد البر:"أجمع العلماء على أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّما رماها ضحى ذلك اليوم"(المغني لابن قدامة:٣/ ٤٢٨).
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-197#_ftnref_197_2) أخرجه مسلم في الحج(٣١٩٧)، وأبو داود في المناسك(١٩٧٢)، والنسائي في مناسك الحج(٣٠٧٥)، وأحمد(١٤٧٠٩٣)، من حديث جابر رضي الله عنه.
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-197#_ftnref_197_3) أخرجه أبو داود في المناسك(١٩٤٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وصححه الألباني في صحيح أبي داود(٢/ ١٩٤).
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-197#_ftnref_197_4) أخرجه البخاري في الحج(١٦٧٦)، ومسلم في الحج(٣١٩٠)، والبيهقي(٩٧٨٣)، من حديث ابن عمر رضي الله عهما.
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-197#_ftnref_197_5) أخرجه أحمد(٢٩٩٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عهما.
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-197#_ftnref_197_6) أخرجه أبو داود في المناسك(١٩٤٥)، والبيهقي(٩٨٤٥)، من حديث أسماء رضي الله عنها. وصححه الألباني في صحيح أبي داود(٢/ ١٩٥).
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-197#_ftnref_197_7) نيل الأوطار للشوكاني ٦/ ١٦٨).
(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-197#_ftnref_197_8) أخرجه أبو داود في المناسك(١٩٤٢)، والنسائي في مناسك الحج(٣٠٧٧)، وابن ماجه في المناسك(٣١٤٠)، وأحمد(٢١١٥)، والحميدي في مسنده(٤٩٣)، والبيهقي(٩٨٣٩)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وصححه الألباني في المشكاة(٢٦١٣).
(٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-197#_ftnref_197_9) المغني لابن قدامة ٣/ ٤٢٨).
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في مشروعية الوتر وسنة الفجر للحاج بمزدلفة
-السؤال:
-هل يشرع للحاج بمزدلفة أن يصلي صلاة الوتر ورغيبة الفجر؟
-الجواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فيجوز للحاج أن يصلي الوتر وسنة الفجر لأنّ الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يرد الدليل على خلاف ذلك، وقد ثبتت أحاديث في الوتر وسنة الفجر منها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا"(١) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها"(٢) وكذلك فعله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه كان لا يدع الوتر وركعتي الفجر لا في حضر ولا في سفر، فدلت هذه الأحاديث الصحيحة بعمومها على الصحة والجواز ولم يرد ما يخصصها أو يستثنيها، أمّا الأحاديث الواردة في صفة حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه لم يذكر فيها الوتر ولا راتبة الفجر منها حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما "أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد، وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئا ثمّ اضطجع حتى طلع الفجر"(٣) فإنّه لم يرد فيها ما يوجب تركهما أو النهي عنهما، والأصل استصحاب عموم النصوص السابقة المثبتة لهما، وذلك باستدامة ما كان ثابتا حتى يقوم الدليل على تغييره.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر في:٠٤ جمادى الثانية ١٤٢٦ﻫ
الموافـق ﻟ: ١٠جويـليـة ٢٠٠٥م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-236#_ftnref_236_1) أخرجه البخاري في الوتر(٩٩٨)، ومسلم في صلاة المسافرين(١٧٩١)، وأبو داود في الوتر(١٤٤٠)، وأحمد(٤٨١٣)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-236#_ftnref_236_2) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين(١٧٢١)، والترمذي في الصلاة(٤١٨)، والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار(١٧٧٠)، وأحمد(٢٧٠٤٠)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-236#_ftnref_236_3) أخرجه مسلم في الحج(٣٠٠٩)، وأبو داود في المناسك(١٩٠٧)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في تنكيس الصفا والمروة في السعي
-السؤال:
-أدى رجل مناسك الحج منذ ثلاث سنوات متمتعا وفي العمرة بدأ السعي من المروة ظنا منه أنّها الصفا بناء على توجيه من مرافقه، فماذا عليه؟
-الجواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فالسعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج على أرجح أقوال أهل العلم، والمعلوم من شروط السعي أن يكون من المسعى وأن يتم عدد أشواطه السبعة وأن يبدأ من الصفا وينتهي بالمروة، فلو نكّسه وبدأ بالمروة بدلا من الصفا فإنّ الشوط الأول لا يعتدّ به ولو ختم السابع بالصفا ألغى الشوط الأول وأضاف إليه الشوط السابع، فإن لم يأت به فقد أخلّ بشرطية الأشواط السبعة ولا يصح سعيه إلاّ بها.
-هذا، فإذا علم بنقصان سعيه بشوط، وكان الفصل قريبًا فإنه يقتصر على أداء الشوط الذي أخلّ به، أما إن طال الفصل فإنه لا يزال على إحرامه، ويعود إلى مكة بعد التجرد من الثياب وتجنب المحظورات، ويعيد سعيه كاملا بأشواطه السبعة، ويتحلل بعد حلق أو تقصير، ولا اعتداد بالتحلل الأول لوقوعه قبل تمام النسك.
والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر في: ٢١ رجب ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٦ أوت ٢٠٠٥ م
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
أم فاطمة السلفية
2015-08-25, 15:44
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في لحوق الوعيد لمن ترك الحج مع القدرة عليه
-السؤال:
-قرأت في كتاب الكبائر للإمام الحافظ شمس الدين الذهبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من ملك زادا وراحلة تبلغه حج بيت الله الحرام ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا" و أنا أملك المال الكافي لذلك، ولكني وفرته أنا و زوجي لشراء مسكن فما حكم ذلك؟
-الجواب:
-الحمد لله والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
-فالمقصود من الحديث التغليظ في الوعيد لمن استطاع الحج، ولم يحج والمبالغة في الزجر على من تركه، وذلك بتشبيه له باليهودي والنصراني، ووجه التخصيص بأهل الكتاب كونهما غير عاملين بالكتاب، فشبه بهما من ترك الحج حيث لم يعمل بكتاب الله تعالى، ونبذه وراء ظهره كأنه لا يعلمه.
-والمعلوم أن الاستطاعة في الحج إنما تكون بعد الحوائج الأصلية للإنسان من مأكل ومشرب وملبس وغيرها من أساسيات المعيشة.
-غير أن الحديث المذكور في السؤال لا يمكن الاستدلال به على المعنى السابق لعدم انتهاضه للحجية فقد أخرجه الترمذي في كتاب الحج رقم (٨١٧) من حديث علي رضي الله عنه مرفوعا وقال: "هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال"، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع برقم (٥٨٦٠) وفي ضعيف الترغيب والترهيب برقم (٧٥٣).
-هذا، وينبغي للمكلف أن يعلم بأنَّ الحاجة الأصلية إلى مسكن إنما تكون عند انعدامه في حقه بحيث لايمتلك لنفسه سكنا خاصًّا، أمَّا إذا وُجِدَ في مأوى لائق أو سعى إلى مسكن آخر زيادة عن حاجته فالواجب عليه – والحال هذه- أن يقدم الحج ويؤدي واجبه ما دامت القدرة متوفرة.
-والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٣ شوال ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ١٥ نوفمبر ٢٠٠٥م
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في أعمال الإحرام في مناسك العمرة
-السـؤال:
-ما هي أعمالُ الإحرامِ في مناسك العمرة بالدليل إن أمكن؟ وجزاكم الله خيرًا.
-الجـواب:
-الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
-فاعلم أنَّ أعمال العمرة: إحرامٌ وطوافٌ وسعيٌ، وحلقٌ أو تقصيرٌ، وترتيبٌ بينها.
-ويستحبُّ للمعتمِر قبلَ الشروع في إحرامه:
• أن يحلق عانتَه، وينتف إِبْطَهُ أو يحلقَه، ويقلِّمَ أظافرَه، ويقُصَّ شاربَه، ثمَّ يغتسل، والاغتسالُ سُنَّةٌ في حقِّ الرجال والنساء، ولو كانت المرأة حائضًا أو نفساء، ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «نَفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ»(١).
• ثمَّ يتطيَّب عند الإحرام وقبل الإهلال بالعمرة بأطيب ما يجده من الطِّيب في بدنه ولِحيته دون ملابس الإحرام، ولا يضرُّه بقاءُ الطيب بعد الإحرام، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ»(٢)، وعنها رضي الله عنها قالت: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ»(٣).
• وملابس الإحرام التي يرتديها الرجل: إزارٌ ورداءٌ غيرُ مفصَّلين على قدر أعضاء البدن، أي: غير مَخيطين، والأفضلُ أن يكونا أبيضين للرجال خاصَّة دون النساء، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال: «لاَ يَلْبَسُ القُمُصَ، وَلاَ العَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ البَرَانِسَ، وَلاَ الخِفَافَ إِلاَّ أَحَدٌ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ»(٤)، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «مَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ»(٥).
-والمرأةُ المحرِمة تلبس ما شاءت من الثياب المطابقِ لمواصفات الجِلباب الشرعيِّ، بشرط ألا تتبرَّج بزينة، ولا تتشبه في لباسها بالرجال والكافرات، ولا تنتقب ولا تلبس القفازين، ولها أن تُسْدِلَ على وجهها من غير أن تَشُدَّه إليه عند ملاقاة الرجال الأجانب لأمن الفتنة وتأسِّيًا بأُمَّهات المؤمنين ونساء السلف، فتُحْرِمُ في ثيابها الشرعية، علمًا أن ما يفعله كثيرٌ من النساء من لباس الثياب البيضاء للعمرة أو الحج على وجه الاستحباب لا أصل له في الشريعة المحمدية، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «وَلاَ تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانُ وَلاَ الوَرْسُ، وَلاَ تَنْتَقِبُ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ»(٦)، وفي حديث أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رضي الله عنها قالت: «كُنَّا نُغَطِّي وُجُوهَنَا مِنَ الرِّجَالِ، وَكُنَّا نَمْتَشِطُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الإِحْرَامِ»(٧)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «المُحْرِمَةُ تَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ مَا شَاءَتْ إِلاَّ ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانُ، وَلاَ تَتَبَرْقَعُ، وَلاَ تُلَثِّمُ، وَتُسْدِلُ الثَّوْبَ عَلَى وَجْهِهَا إِنْ شَاءَتْ»(٨).
• وإذا وصل المعتمر الميقات(٩) فإن كان من أهل المدينة أو من يمرُّ بها وهو ما يسمى ﺑ «ذو الحليفة» فله أن يصلي في واد العقيق ركعتين استحبابًا ما عدا الحائض والنفساء؛ لأنَّ الركعتين متعلِّقتان بخصوص المكان؛ لأنه واد مباركٌ لا بخصوص الإحرام، لما جاء عنه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال: «أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي، وَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ»(١٠)، فإذا وافق وقت فريضة يصليها في أي ميقات كان، وكذلك إذا صلى ركعتين نوى بهما سنة الوضوء أجزأه فعله.
-فإن كان السفر على متن طائرة لا تتوقف إلاَّ في جُدَّة، فيُستحب له أن يلبس الإحرام في المنازل أو في المطار أو في الطائرة، وأن يُحرم بعمرة قبل أن يتجاوز الميقات المكاني المتعلق به.
-ويستحب له التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال، ثمَّ يتوجه إلى القبلة ويعلن نيته قائلاً: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ عُمْرَةً»، لما ثبت عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنه: «رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى البَيْدَاءِ حَمِدَ اللهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثمَّ أَهَلًَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ»(١١)، كما صحَّ عن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ»(١٢)، و«كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا إِذَا صَلَّى بِالْغَدَاةِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ ثُمَّ رَكِبَ فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَائِمًا»(١٣)، وفي روايةٍ عنه: «ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَرْكَبُ وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ يَفْعَلُ»(١٤)، ومعنى هذا أنه إذا أراد أن يهل بالعمرة أن ينتظر حتى تتوجه السيارة للمسير ومغادرة الميقات فيستقبل القبلة ثُمَّ يهل.
-والمراد بالإهلال: رفعُ الصوت بما أوجبه على نفسه عمرة، فيقول: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ عُمْرَةً»، ولا يُشرع التلفُّظ بالنية في شيءٍ من العبادات إلاَّ في هذا الموضع، ثُمَّ يُلَبِّي قائلاً: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ»(١٥)، وكان من تلبيته صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَبَّيْكَ إِلَهَ الحَقِّ»(١٦)، والأفضلية التزام تلبية النبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وإن زاد عليها: «لَبَّيْكَ ذَا المَعَارِجِ، لَبَّيْكَ ذَا الفَوَاضِلِ»(١٧) فجائزٌ لإقراره صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عليها، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يزيد: «لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ»(١٨)، و«الجَوَازُ لاَ يُنَافِي الأَفْضَلَيَّةَ».
-ويُستحبُّ له أن يرفع بها صوتَه ويُسمع بها من حوله لما في رفع الصوت بالتلبية من إظهارٍ لشعائر الله وإعلان بالتوحيد لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَفْضَلُ الحَجِّ: العَجُّ وَالثَّجُّ»(١٩)، ولقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَوْ مَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ»(٢٠).
-والسُّنَّة في رفع الصوت للرجال أمَّا المرأة فلا ترفع صوتها بالتلبية أو بالذِّكر بحضرة الرجال الأجانب؛ لأنَّ الأصل في حقِّ المرأة التستُّر، قال ابن عبد البر: «وأجمع أهلُ العلم أنَّ السُّنَّةَ في المرأةِ أن لا ترفع صوتَها، وإنما عليها أن تُسمع نفسَها فخرجت من جُملة ظاهرِ الحديث، وخصَّت بذلك، وبقي الحديث في الرجال»(٢١).
• ويستحب لمن خاف أن يمنعه عن المبيت عائق يحول دون إتمام نُسُكه من مرضٍ أو مانعٍ آخرَ أن يشترط على الله(٢٢)، بعد إهلاله بالعمرة أو الحج فيقول: «اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي».
-وليس هذا الشرط عامًّا لمن لا يخاف من عائق يمنعه من أداء نسكه؛ لأنَّ النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أحرم ولم يُنقل عنه أنه اشترط، وقال: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم»(٢٣)، ولم يأمر بالاشتراط أمرًا عامًّا شاملاً للخائف وغير الخائف، وإنما أمر به ضُباعةَ بنتَ الزبير لَمَّا خشيت مِن عدم إتمام نُسُكِها لوجود المرض ونزول الوجع بها، ولم يرد لفظٌ عامٌّ حتى يلزم منه العموم، بل هو قاصر على سببه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا: لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ؟ قَالَتْ: وَاللهِ لاَ أَجِدُنِي إِلاَّ وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا: حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي»(٢٤).
• ويُكثِر المحرم من التلبية عند تنقلاته وعموم أحواله في السفر سواء علا شرفًا أو هبط واديًا، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَابِطًا مِنْ الثَّنِيَّةِ لَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِالتَّلْبِيَةِ»(٢٥)، ولقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلاَّ لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ من عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا»(٢٦).
• ويستمرُّ ملبيًّا من وقت الإحرام إلى أن يبلغ الحرمَ المكيَّ، ولا يقطع التلبيةَ إلاَّ عند رؤية بيوت مكة، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: «إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ»، ويخبر ذلك عن النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنه كان يفعله(٢٧).
• ويستحب للمحرم أن يبيت خارجَ مكة ويدخلها نهارًا مغتسلاً، ويكون دخوله من أعلاها وخروجه من أسفلها، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدِّم أنه: «كَانَ إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طُوًى ثُمَّ يُصَلِّي بِهِ الصُّبْحَ وَيَغْتَسِلُ وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ»، وعنه رضي الله عنه أنه قال: «بَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِذِي طُوًى حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ»(٢٨)، وكان ابن عمر يدخل مكة نهارًا(٢٩)(٣٠)، وعنه رضي الله عنه ‑أيضًا‑: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ(٣١) مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِالْبَطْحَاءِ وَخَرَجَ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى»(٣٢)، وله أن يدخلها من أي طريقٍ شاءَ، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ»(٣٣).
• فإذا وصل المسجد الحرام يدخله ‑متوضِّئًا‑ لحديث عائشة رضي الله عنها: «أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ»(٣٤)، ويُستحبُّ له دخول المسجد من باب بني شيبة(٣٥)؛ لأنَّ النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم دخل منه، ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أنّ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ لما قَدِمَ في عقْدِ قُرَيْشٍ فَلَمَّا دَخَلَ مَكَةَ دَخَلَ مِنْ هَذَا البَابِ الأَعْظَمِ»(٣٦)، [أي: من باب بني شيبة]، ويُقدِّم رجله اليمنى ويقول الأدعية المأثورةَ، منها: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلِّمْ، اللَّهُمَّ افْتَحِ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ»(٣٧)، أو «أَعُوذُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم»(٣٨)، ويستحضر ‑حال دخوله‑ عظمةَ الله تعالى ونعمَه عليه بتيسير الوصول إلى بيته الحرام، كُلُّ ذلك في خشوعٍ وخضوعٍ وتعظيمٍ، ويرفع يديه عند رؤية الكعبة إن شاء، لثبوته عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما(٣٩)، ويدعو بما تيسَّر له، وإن قال: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلاَمِ»، فثابت عن عمر رضي الله عنه(٤٠).
وإذا خرج من المسجد فليقل: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ»(٤١).
-والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في ٢٥ ربيع الثاني ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٠أبريل ٢٠٠٩م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_1) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٤٧) رقم: (١٢٠٩)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب الحائض تهلّ بالحج: (٢/ ٢٤٦)، رقم: (١٧٤٣)، وابن ماجه كتاب «الحج»، باب النفساء والحائض تهل بالحج: (٢٩١١)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_2) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن: (١/ ٣٧٢)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٣٣) رقم: (١١٨٩)، من حديث عائشة رضي الله عنه.
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_3) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن: (١/ ٣٧٢)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٣٤) رقم: (١١٩٠)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_4) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب ما لا يلبس المحرم من الثياب: (١/ ٣٧٣)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٢٦) رقم: (١١٧٧)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_5) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين: (١/ ٤٤٢)، ومسلم كتاب «»: (١/ ٥٢٧) رقم: (١١٧٨)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_6) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة: (١/ ٤٤١)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_7) أخرجه الحاكم وقال: «صحيح على شرط الشيخين» ووافقه الذهبي: (١/ ٤٥٤)، من حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢١٢).
(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_8) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٤٧)، عن عائشة رضي الله عنها. والأثر صححه الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢١٢).
(٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_9) ومواقيت العمرة المكانية هي نفسها مواقيت الحج لا يجوز للمحرِم تجاوزها بلا إحرام، وهي:
- ميقات أهل المدينة: ذو الحليفة، وفيها بئر تسميها جهَّال العامة: «بئر علي» لظنِّهم أنَّ عليًّا قاتل الجِنَّ بها، وهو كَذِبٌ وخرافة أبطلها أهلُ التحقيق. [انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٦/ ٩)].
- ميقات أهل مصر والشام والمغرب: الجحفة، وهي اليوم خراب، ولهذا صار الناس يُحْرِمُون قبلها من المكان الذي يُسمَّى «رابغًا».
- ميقات أهل نجد: قرن المنازل، ويسمى قرن الثعالب.
- ميقات أهل العراق: ذات عرق.
- ميقات أهل اليمن: يلملم.
(١٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_10) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم العقيق واد مبارك: (١/ ٣٧١)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(١١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_11) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة: (١/ ٣٧٤)، من حديث أنس رضي الله عنه.
(١٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_12) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح: (١/ ٣٧٤)، من حديث أنس رضي الله عنه.
(١٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_13) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الإهلال مستقبل القبلة: (١/ ٣٧٥)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(١٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_14) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الإهلال مستقبل القبلة: (١/ ٣٧٥)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(١٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_15) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب التلبية: (١/ ٣٧٤)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٣١) رقم: (١١٨٤)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(١٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_16) أخرجه النسائي كتاب «مناسك الحج»، باب كيف التلبية: (٢٧٥٢)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب التلبية: (٢٩٢٠)، وأحمد: (٢/ ٣٤١)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث حسّنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ١٨٠).
(١٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_17) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، كيف التلبية: (٢/ ٢٧٨) رقم: (١٨١٣)، وأحمد: (٣/ ٣٢٠)، والبيهقي: (٥/ ٤٥)، من حديث جابر رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «حجة النبي»: (٥٤).
(١٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_18) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٣١)، رقم: (١١٨٤)، وأبو داود كتاب «المناسك»، كيف التلبية: (٢/ ٢٧٧) رقم: (١٨١٢)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(١٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_19) أخرجه الترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء في فضل التلبية والنحر: (٨٢٧)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب رفع الصوت بالتلبية: (٢٩٢٤)، من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه. والحديث حسنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٣/ ٤٨٦). والعجُّ: رفع الصوت بالتلبية. [«النهاية»: (٣/ ١٨٤)]، والثَّجُّ: سيلان دماء الهدي والأضاحي. [«النهاية»: (١/ ٢٠٧)].
(٢٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_20) أخرجه الترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء في رفع الصوت بالتلبية: (٨٢٩)، والنسائي كتاب «المناسك»، رفع الصوت بالإهلال: (٢٧٥٣)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب رفع الصوت بالتلبية: (٢٩٢٢)، من حديث عن السائب بن خلاّد رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع»: (٦٢).
(٢١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_21) «الاستذكار» لابن عبد البر (٤/ ٥٧)، وخالف في ذلك ابن حزم في «المحلى» (٧/ ٩٣-٩٥)، ويرى أنّ المرأة ترفع صوتها كالرجل ولا حرج لأنّ «النساء شقائق الرجال»، واستدل بقصة عائشة رضي الله عنها أنها كانت ترفع صوتها بالتلبية. قلت: ويمكن الجمع بحمل فعلها على أمن الفتنة.
(٢٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_22) فائدة الاشتراط أن من حبس عن إتمام الحج أو العمرة يتحلل من نسكه ولا قضاء عليه ولا فدية إن كان قد أدى الفريضة، فإن لم يكن قد أداها فإنه يعيد الحج من جديد في العام القابل.
(٢٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_23) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٩) رقم (١٢٩٧)، وأبو داود في «المناسك»، باب في رمي الجمار: (١٩٧٠)، والنسائي في «مناسك الحج»، باب الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم: (٣٠٦٢)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_24) أخرجه البخاري في «النكاح»: (٤٨٠١)، ومسلم في «الحج»: (١/ ٥٤٦) رقم: (١٢٠٧): من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_25) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٩١) رقم (١٦٦)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_26) أخرجه الترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء في فضل التلبية والنحر: (٨٢٨)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب التلبية: (٢٩٢١)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع»: (٥٧٧٠).
(٢٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_27) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الاغتسال عند دخول مكة: (١/ ٣٨١)، عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_28) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب دخول مكة نهارا أو ليلا: (١/ ٣٨١)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٤) رقم: (١٢٥٩)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_29) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٤) رقم: (١٢٥٩)، عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٣٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_30) قال ابن قدامة في «المغني» (٣/ ٣٦٨): «ولا بأس أن يدخلها ليلاً أو نهارًا؛ لأنّ النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم دخل مكة ليلاً ونهارًا».
(٣١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_31) قال الحافظ في «الفتح» (٣/ ٤٣٧): «كَدَاء: بفتح الكاف والمد، وَهَذِهِ الثَّنِيَّة هِيَ الَّتِي يَنْزِل مِنْهَا إِلَى الْمُعَلَّى مَقْبَرَة أَهْل مَكَّة، وَهِيَ الَّتِي يُقَال لَهَا الْحَجُون بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَضَمّ الْجِيم، ثم قال: وَكُلّ عَقَبَة فِي جَبَل أَوْ طَرِيق عَالٍ فِيهِ تُسَمَّى ثَنِيَّة، والثنية السفلى تسمى كُداء بِضَمِّ الْكَاف مَقْصُور وَهِيَ عِنْدَ بَاب شَبِيكَة.
(٣٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_32) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من أين يخرج من مكة؟: (١/ ٣٨١)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٣٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_33) أخرجه أبو داود كتاب «الحج»، باب صفة الحج: (١٩١٧)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الذبح: (٣٠٤٨)، وأحمد: (٣/ ٣٢٦)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ٥٩٨).
(٣٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_34) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته ثم صلي ركعتين ثم خرج إلى الصفا: (١/ ٣٩٠)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٦٧) رقم: (١٢٣٥)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_35) انظر: «المغني» (٣/ ٣٦٨).
(٣٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_36) أخرجه ابن خزيمة «المناسك»، باب استحباب دخول المسجد من باب بني شيبة: (٤/ ٢٠٨)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، والحديث صحح إسناده الألباني في «صحيح ابن خزيمة»: (٢٧٠٠)، وانظر «البدر المنير» لابن الملقن: (٦/ ١٧٨).
(٣٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_37) أخرجه مسلم كتاب «صلاة المسافرين وقصرها»: (١/ ٣٢٣) رقم: (٧١٣)، وأبو داود كتاب «الصلاة»، باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد: (١/ ٢٢٧)، من حديث أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه.
(٣٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_38) أخرجه أبو داود كتاب «الصلاة»، باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد: (١/ ٢٢٨)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. والحديث حسّنه النووي في «الخلاصة»: (١/ ٣١٤)، والوادعي في «الصحيح المسند»: (٣١٤)، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح»: (١/ ٢٣٤).
(٣٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_39) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»: (٣/ ٤٣٦)، والأثر صححه الألباني في «مناسك الحج والعمرة»: (١٨).
(٤٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_40) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٧٣)، عن سعيد بن المسيب يقول سمعت: من عمر رضي الله عنه كلمة ما بقي أحد من الناس سمعها غيري سمعته يقول إذا رأى البيت: وذكره. والأثر صححه الألباني في «مناسك الحج والعمرة»: (١٩)، وانظر: «التلخيص الحبير» لابن حجر: (٢/ ٤٩١)، و«نصب الراية» للزيلعي: (٣/ ٣٦).
(٤١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1003#_ftnref_1003_41) سبق تخريجه هامش رقم: (٣٧).
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
يتبع ...
أم فاطمة السلفية
2015-08-25, 16:38
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في طواف القدوم
-السـؤال:
-ما هي أعمال المعتمر في طواف العمرة مع إرفاقها بالدليل إن أمكن؟
-الجـواب:
-الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا وصل المحرِمُ إلى المسجد الحرام دخله بالمعهود في دخول سائر المساجد، ويستحبُّ له عند توجُّهه إلى الحجر الأسود في طواف القدوم أن يكشف الكتف الأيمن ويغطي الكتف الأيسر في الأشواط السبعة منه فقط، وهو ما يسمى ﺑ «الاضطباع»(١).
-ويستقبل الحجرَ استقبالاً فيقول: «بِسْمِ اللهِ، اللهُ أَكْبَرُ»، والتسميةُ قبل التكبير ثابتةٌ عن ابن عمر موقوفًا(٢)، ثُمَّ يُقَبِّلُهُ بفمه إن تيسَّر، فمن لم يستطع استلمه بيده مسحًا ثُمَّ قبَّل يدَه، فإن تَعذَّر عليه ذلك لشِدَّة الزحام أشار إليه بيده من بعيد من غير أن يقبِّل يده(٣)، ويفعل ذلك في كل طوافه، ولا يجوز أن يرفع صوته بنية الطواف؛ لأنَّ محلَّها القلب، ولا أن يعتقد في الحجر الأسود النفع والضرّ، وإنما يفعل ذلك اقتداءً بالنبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم طاعة لله تعالى.
-ويدلُّ على ما تقدَّم «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ اعْتَمَرُوا مِنَ الجِعِرَّانَةِ فَرَمَلُوا بِالبَيْتِ، وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ قَدْ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ اليُسْرَى»(٤)، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ»(٥)، وعنه رضي الله عنه: «أَنَّهُ اسْتَلَمَ الحَجَرَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَبَّلَ يَدَهُ، وَقَالَ: مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ»(٦)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ كَانَ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ»(٧)، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ‑في شأن الحجر‑: «إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ، وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ»(٨).
- ثمَّ يشرع في الطواف بالبيت، ويجعل الكعبة عن يساره، ويدور حولها من الحَجَر إلى الحَجَر شوط، فإذا وصل الركن اليماني استلمه بيده في كلِّ طوفة إن تيسَّر بدون تقبيل، فإن تعذَّر فلا يشير إليه بيده.
-وكلما مرَّ بالحجر الأسود كرَّر ما فَعَلَه في الطوفة الأولى في سبعة أشواط، وله الاختيار في ذكر ما يشاء من الأدعية والأذكار والاستغفار والقراءة، إذ ليس للطواف ذكر خاص إلاَّ ما ثبت من ذكر بين الركن اليماني والحجر، حيث يقول بينهما: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة:٢٠١].
-ويستحبُّ له الرَّمَل(٩) من الحَجَر إلى الحَجَر في الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم، ويمشي فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود، ولا يرمل في الأربعة الباقية، والرَّمل في الطواف والهرولة في السعي وهما خاصان بالرجال فلا رَمَلَ للنساء ولا هرولة(١٠).
ويدل على ما تقدَّم حديث ابن عمر رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَافَ بِالبَيْتِ الطَّوَافَ الأَوَّلَ، رَمَلَ ثَلاَثَةً، وَمَشَى أَرْبَعًا مِنَ الحَجَرِ إِلَى الحَجَرِ»(١١)، ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمَلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمَلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِبْقَاءَ عَلَيْهِمْ»(١٢).
- ويجوز للنساء الطواف من وراء الرجال من غير مخالطة، فقد «كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تطوفُ حَجْرَةً مِنَ الرِّجَالِ لاَ تُخَالِطُهُمْ»(١٣)، وعن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قالت: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةً»(١٤).
-قلت: والمرأةُ اليوم تجاوزت مخالطة الرجال إلى مزاحمتهم عند الحجر الأسود والركن اليماني حتى تنكشف عورتها، ولو اقتدت بنساء السلف لكان خيرًا لها.
- تنبيه:
• ولا يجوز له في طوافه أن يزاحم الناس لما فيه من الإذاية والضرر، وذهاب الخشوع والتعبّد، وقد يصل إلى حدِّ اللغو والجدال والمقاتلة، والمعلوم أنَّ الاستلام والإشارة مستحبان والإيذاء محرَّم فلا يجوز فعل المحرم لتحصيل المستحبّ.
• ولا يجوز أن يعتقد أنَّ لكل شوطٍ دعاءً خاصًّا إلاَّ ما صحَّ عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يقول بين الركنين: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾،
• ولا يجوز أن يرفع صوته لما فيه من التشويش على الآخرين، ولا أن يدعو بالدعاء جماعيًّا إذ لا يشرع في الذكر الاجتماع عليه بصوتٍ واحدٍ.
• ولا يصحُّ له أن يطوف من داخل الحِجْر؛ لأنّ الحجر من الكعبة إجماعًا(١٥)، فيجب الطواف وراءه؛ لأنّ الله تعالى أمر بالطواف بالبيت جميعه بقوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩]، والحجر منه، فمن لم يطف به لم يعتدّ بطوافه(١٦).
• ولا يجوز أن يستلم إلاَّ الركنان اليمانيان ولا يستلم الركنين الشاميين لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ مِنَ البَيْتِ إِلاَّ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ»(١٧)، وفي حديث عائشة قال لها النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوْا الكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَلاَ تَرُدَّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: لَوْلاَ حَدَثَانُ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ لَفَعَلْتُ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَا أَرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلاَمَ الرُّكْنَيْنِ الَّذَيْنِ يَلِيَانِ الحَجَرَ إِلاَّ أَنَّ البَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ»(١٨).
• ولا يجوز لحائض أن تطوف بالبيت ولا عريان لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لعائشة رضي الله عنها: «افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالبَيْتِ»(١٩)، ولقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ يَطُوفُ بِالبَيْتِ عُرْيَانٌ»(٢٠).
• وتلزمه الموالاة بين الأشواط في الطواف إلاّ لعذر، ويبني للعذر على ما سبق من حيث انقطع طوافه مع إعادة الشوط الذي خرج منه.
• ويجوز الكلام أثناء الطواف في الأمور الواجبة والمستحبة والمباحة من غير توسع، والاشتغال بذكر الله وقراءة القرآن أولى وأسلم لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ الطَّوَافَ بِالبَيْتِ مِثْلُ الصَّلاَةِ إِلاَّ أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلاَ يَتَكَلَّمُ إِلاَّ بِخَيْرٍ»(٢١)، وفي رواية: «فَأَقلُِّوا فِيهِ الكَلاَمَ»(٢٢).
- يستحب له التزام الملتزم في الطواف إن تيسَّر، ويضع عليه صدره ووجهه وذراعيه، ويدعو بما شاء ويسأل الله حاجته؛ لأنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضَعُ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالبَابِ»(٢٣)، والصحابة رضي الله عنهم كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكة، و«لو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسنًا»(٢٤).
- فإذا أتم سبعة أشواط وانتهى منها غطى كتفه، وتقدم إلى مقام إبراهيم ويقرأ: ﴿وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥]، ثمّ يصلي سنة الطواف خلف المقام أو قريبًا منه إن أمكن وإلاّ في أي مكان داخل الحرم، ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة ﺑ : ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ [الكافرون: ١]، وفي الثانية بعد الفاتحة ‑أيضًا‑ ﺑ: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١].
-قال ابن عبد البر-رحمه الله-: «وأجمعوا ‑أيضًا‑ على أنَّ الطائف يُصلي الركعتين حيث شاء من المسجد، وحيث أمكنه وأنه إن لم يُصلِّ عند المقام أو خلف المقام فلا شيءَ عليه»(٢٥).
-ويدلُّ على ما تقدم حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال في صفة حجة النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «.. حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَرَمَلَ ثَلاَثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَرَأَ ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾، فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَكَانَ أَبِي يَقُولُ وَلاَ أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلاَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ وَ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾(٢٦).
- وعلى المصلي أن يتخذ السترة عند الشروع في صلاته، لعموم النصوص المؤكدة على اتخاذها من غير تفريق بين الحرم وغيره من المساجد، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لاَ يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلاَتَهُ»(٢٧)، وقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تُصَلِّ إِلاَّ إِلَى سُتْرَةٍ، وَلاَ تَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَإِنْ أَبَى فَلْتُقَاتِلْهُ؛ فَإِنَّ مَعَهُ القَرِينُ»(٢٨)، وقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ وَلاَ يُبَالِ مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ»(٢٩)؛ ولأنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ العِيدِ أَمَرَ بِالحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ»(٣٠).
-وقد يعفى المضطر ولا يدفع عن المرور بين يدي المصلي أثناء الطواف –في حالات استثنائية‑ عند شدة الزحام، أمَّا حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى وَهُوَ يُصَلِّي إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ»(٣١)، فليس فيه دليل على عدم اتخاذه للحربة أو عنزة أو نحوهما.
- وليس بعد الفراغ من ركعتي الطواف دعاء يشرع، وإنما ينصرف بعدهما إلى زمزم فيشرب منه، ويصبُّ على رأسه، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ»(٣٢)، ولقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ وَهِيَ طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ»(٣٣)، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلّم: «خَيْرُ مَاءٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مَاءُ زَمْزَمَ فِيهِ طَعَامٌ مِنْ الطُّعْمِ وَشِفَاءٌ مِنَ السُّقْمِ»(٣٤).
- ثمّ يسنّ له الرجوع إلى الحجر الأسود ‑قبل أن يأتي المسعى‑ فيكبر ويستلمه إن تيسر على نحو ما تقدم، ويدل عليه حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ الحَجَرِ إِلَى الحَجَرِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ عَادَ إِلَى الحَجَرِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهَا وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الصَّفَا»(٣٥)، وقد قال صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»(٣٦).
-والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٣٠ ربيع الثاني ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ ٢٥ أبريل ٢٠٠٩م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_1) قال ابن قدامة في «المغني»: (٣/ ٣٧٢): «ويستحب الاضطباع في طواف القدوم.. وإذا فرغ من الطواف سوى رداءه، لأنّ الاضطباع غير مستحب في الصلاة؛ لأنّ قوله: طاف النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم مضطبعًا ينصرف إلى جميعه، ولا يضطبع في غير الطواف، ولا يضطبع في السعي». بتصرف.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_2) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب التكبير عند الركن: (١/ ٣٩٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وأما التسمية قبلها فثبتت عند البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٧٩)، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما موقوفا، بسند جيّد كما قال ابن الملقن في «البدر المنير»: (٦/ ١٩٧)، وصححه ابن حجر في «التلخيص الحبير»: (٢/ ٥٠٢)، والألباني في «حجة النبي»: (٥٦).
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_3) قال ابن عبد البر في «الاستذكار»: (٤/ ٢٠١): «ولا يختلف العلماء أن تقبيل الحجر الأسود في الطواف من سنن الحج لمن قدر عليه، ومن لم يقدر عليه وضع يده على فيه ثم وضعها عليه مستلمًا ورفعها إلى فيه، فإن لم يقدر أيضًا على ذلك كبر إذا قابله وحاذاه، فإن لم يفعل فلا أعلم أحدًا أوجب عليه دمًا ولا فدية».
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_4) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الاضطباع في الطواف: (٢/ ٣٠٥)، وأحمد: (١/ ٣٧١)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث حسّنه المنذري كما في «نصب الراية» للزيلعي: (٣/ ٤٣)، وصححه الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٩٢).
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_5) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، تقبيل الحجر: (١/ ٣٨٩)، والترمذي كتاب «الحج»،باب ما جاء في تقبيل الحجر: (٨٦١)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_6) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٧) رقم: (١٢٦٨)، وأحمد: (٢/ ١٠٨)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_7) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب التكبير عند الركن: (١٥٠٩)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_8) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، تقبيل الحجر: (١/ ٣٨٩)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٨)، رقم: (١٢٧٠)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_9) الرَّمَل: إذا أسرع في المشي وهزَّ منكبيه. [«النهاية» لابن الأثير: (٢/ ٢٦٥)].
(١٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_10) قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (٤/ ١٩٥): «وأجمعوا أنه ليس على النساء رَمَل في طوافهنّ بالبيت، ولا هرولة في سعيهنّ بين الصفا والمروة».
(١١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_11) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة: (١/ ٣٩٧)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٥)، رقم: (١٢٦١)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الرمل حول البيت: (٢٩٥٠)، واللفظ له، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(١٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_12) أخرجه البخاري كتاب «المغازي»، باب عمرة القضاء: (٢/ ٤٠٠)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٧)، رقم: (١٢٦٦)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(١٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_13) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب طواف النساء مع الرجال: (١/ ٣٩٠)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٧٨)، عن عطاء رحمه الله.
(١٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_14) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب طواف النساء مع الرجال: (١/ ٣٩٠)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٩) رقم: (١٢٧٦)، من حديث أم سلمة رضي الله عنها.
(١٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_15) انظر: «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ١٨٨).
(١٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_16) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٣٨٢).
(١٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_17) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين: (١/ ٣٨٩)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٧) رقم: (١٢٦٧)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(١٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_18) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب فضل مكة وبنيانها: (١/ ٣٨٣)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٦٠٤) رقم: (١٣٣٣)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(١٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_19) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت: (١/ ٣٩٨)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٤٩) رقم: (١٢١١)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_20) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك: (١/ ٣٩١)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٦١٢) رقم: (١٣٤٧)، من حديث أبي هرية رضي الله عنه.
(٢١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_21) أخرجه الترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء في الكلام في الطواف: (٩٦٠)، ابن خزيمة في «صحيحه»: (٤/ ٢٢٢)، والحاكم في «المستدرك»: (١/ ٦٣٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (١/ ١٥٤)، وانظر: «نصب الراية» للزيلعي: (٣/ ٥٧).
(٢٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_22) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٨٧)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وانظر المصدرين السابقين.
(٢٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_23) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الملتزم: (٢/ ٣١٠)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الملتزم: (٢٩٦٢)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ١٧٠)، وانظر «التلخيص الحبير» لابن حجر: (٢/ ٥٤٥).
(٢٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_24) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (٢٦/ ١٤٢-١٤٣).
(٢٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_25) «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ٢٠٤)، قال ابن قدامة في «المغني»: (٣/ ٣٨٣): «وحيث ركعهما ومهما قرأ فيهما جاز».
(٢٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_26) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_27) أخرجه أبو داود كتاب «الصلاة»، باب الدنو من السترة: (١/ ٣١٥)، كتاب «القبلة»، باب الأمر بالدنو من السترة: (٧٤٨)، وأحمد: (٤/ ٢)، من حديث سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه. والحديث حسّنه ابن عبد البر في «التمهيد»: (٤/ ١٩٥)، وصححه النووي في «الخلاصة»: (١/ ٥١٨)، والألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٣/ ٣٧٥).
(٢٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_28) أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»: (٨٢٠)، وابن حبان في «صحيحه»: (٢٣٦٢)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني «صفة الصلاة»: (٨٢).
(٢٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_29) أخرجه مسلم كتاب «الصلاة»: (١/ ٢٢٨)، رقم: (٤٩٩)، من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
(٣٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_30) أخرجه البخاري كتاب «الصلاة»، باب سترة الإمام سترة من خلفه: (١/ ١٢٦)، مسلم كتاب «الصلاة»: (١/ ٢٢٨)، رقم: (٥٠٠)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٣١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_31) أخرجه البخاري كتاب «العلم»، باب متى يصح سماع الصغير: (١/ ٢٨)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_32) أخرجه ابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الشرب من زمزم: (٣٠٦٢)، وأحمد في «مسنده»: (١٤٤٣٥)، وابن أبي شيبة في «المصنف»: (١٩٤٦٧)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٩٧٥٢)، وفي «شعب الإيمان»: (٤١٢٨)، من حديث جابر رضي الله عنه. والحديث حسّنه المنذري في «الترغيب والترهيب»: (٢/ ١٣٦)، وابن القيم في «زاد المعاد»: (٤/ ٣٦٠)، وصححه الألباني في «إرواء الغليل»: (١١٢٣).
(٣٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_33) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٩٧٥١)، والطبراني في «المعجم الصغير»: (٢٩٦)، والطيالسي في «مسنده»: (٤٥٧)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه. والحديث صححه المنذري في «الترغيب والترهيب»: (٢/ ١٣٥)، والألباني في «صحيح الجامع»: (٢٤٣٥). وأصله في صحيح مسلم: كتاب «فضائل الصحابة»: (٢/ ١١٥٥)، رقم: (٣٤٧٣)، بلفظ: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ».
(٣٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_34) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»: (١١/ ٩٨)، وفي «الأوسط»: (٤/ ١٧٩)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال ابن حجر: «وقال ابن حجر : رواته موثوقون وفي بعضهم مقال لكنه قوي في المتابعات» انظر: «فيض القدير» للمناوي: (٣/ ٤٨٩)، وحسّنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٣/ ٤٥).
(٣٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_35) سبق تخريجه.
(٣٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1008#_ftnref_1008_36) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٩) رقم: (١٢٩٧)، وأبو داود في «المناسك»، باب في رمي الجمار: (١٩٧٠)، والنسائي في «مناسك الحج»، باب الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم: (٣٠٦٢)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
يتبع....
أم فاطمة السلفية
2015-08-25, 16:53
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في أعمال السعي بين الصفا والمروة
-السـؤال:
-ما هي أعمال السعي بين الصفا والمروة؟ وهل يُشرَعُ ختم السعي بركعتين كختم الطواف، كما قرأتُه في بعض كتب الأحناف؟
-الجـواب:
-الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا فَرَغَ المُحْرِمُ من طوافه خرج إلى المسعى، فإذا دنا من الصفا قرأ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٥٨]، ويقول: «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ»، ولا يكرِّرها في غير هذا الموضع، ثمَّ يرتقي على الصفا حتى يرى الكعبة، فيستقبلها فيرفع يديه من غير إرسال فيوحِّد اللهَ ويُكبِّره، فيقول: «اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ»، يكرِّر ذلك ثلاثَ مرات، ويدعو بين التهليلات بما شاء من الأدعية، والأفضل أن يكون مأثورًا عن النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أو السلف الصالح.
-ويدلُّ عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا فَعَلاَ عَلَيْهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ»(١)، وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنْ الصَّفَا قَرَأَ: ﴿إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ﴾، أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ، فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللهَ وَكَبَّرَهُ، وَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلاَثَ مَرَّات»(٢).
- ثم يَنْزِلُ من الصفا إلى المروة ليسعى بينهما، فإذا وصل إلى العمود الأخضر الأوَّلِ هَرْوَلَ، أي: أسرع بقدر ما يستطيع من غير أَذِيَّةٍ إلى العمود الأخضر الثاني، وهما عَلَمَان معروفان بالميلين الأخضرين، وكان في عهده صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم واديًا أبطح فيه دقاق الحصى، ويقول بينهما: «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، إِنَّكَ أَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ»(٣)، فقد ثبت عن جمع من السلف.
ويدلُّ على ذلك «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ المَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ»(٤)، ويقول: «لاَ يُقْطَعُ الأَبْطَحُ إِلاَّ شَدًّا»(٥).
- ثمَّ يسير على عادته إلى المروة فيرتقي عليها ويستقبل القبلة ويقول مثل ما قاله في «الصفا» من تكبير وتوحيدٍ ودعاءٍ.
ثم ينزل من المروة إلى الصفا ويهرول في موضع إسراعه، ويرتقي على الصفا ويستقبل القبلة ويقول مثل ما قاله أولَ مرة.
ويُعَدُّ السعيُ من الصفا إلى المروة شوطًا، ومن المروة إلى الصفا شوطًا ثانيًا، ويُتِم سعيه بسبعة أشواط، يبتدئ الشوطُ الأول بالصفا وينتهي الشوطُ السابع بالمروة.
-ويدلُّ عليه حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفيه: «ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ»(٦).
-تنبيـه:
- ليس للسعي ذكر مخصوص إلاّ ما تقدم، وله أن يأتي في سعيه ما شاء من الأدعية والأذكار المسنونة وقراءة القرآن.
- من السنة الهرولة، أي: السعي الشديد بين العَلَمين الأخضرين في جميع أشواط السعي، بينما في الطواف لا يرمُل إلاّ في الثلاثة الأولى فقط، ويمشي بين الركنين وهما الركن اليماني والحجر الأسود.
- وليس من السنة الاضطباع في السعي، وإنما سُنِّـيَّتُه عند طواف القدوم، إذ لم يثبت أنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ اضطبع في غير الطواف، قال ابن قدامة -رحمه الله-: «وقال الشافعي: يَضْطَبِعُ فيه؛ لأنه أحدُ الطَّوَافَيْنِ، فأشبهَ الطوافَ بالبيت، ولنا أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لم يضطبع فيه، والسُّنَّة في الاقتداء به، قال أحمد: ما سمعنا فيه شيئًا، والقياس لا يصحُّ إلاَّ فيما عُقل معناه، وهذا تعبُّدٌ محضٌ»(٧).
- ليس من السنة الصلاة بعد السعي، وقال بعض الحنفية باستحباب ركعتين بعده(٨)، استنادًا إلى ما روى المطلب بن أبي وداعة قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ جَاءَ، حَتَّى إِذَا حَاذَى الرُّكْنَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي حَاشِيَةِ المَطَافِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّائِفِينَ أَحَدٌ»، والحديث ضعيف(٩)، وعلى فرض التسليم بصحته فليس فيه دليل على أنَّ الركعتين من سنن السعي لجواز مطلق النفل، فهي واقعة عين محتملة فلا دليل فيها.
- السعي لا يكون إلاَّ بعد الطواف، أي: أن يتقدَّم السعيَ طوافٌ صحيحٌ لتبعية السعي له(١٠)، وأن يجعل سعيه مرتبًا وَفق السنة يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ‑كما تقدم‑ فإن بدأ بالمروة لم يَعتَدَّ بذلك الشوط، فإذا وصل الصفا كان هذا أَوَّلَ سعيه، وأن يستوعب ‑في سعيه‑ ما بين الصفا والمروة، فإذا لم يصعد على الصفا والمروة لزمه أن يُلصق قدمه بالابتداء والانتهاء، ولا يصح أن يترك مما بينهما شيئًا، وأن يكون السعي في موضع السعي، ولا يصح سعيٌ بمحاذاة المسعى، سواء من داخل المسجد أو من خارجه.
- يجوز الطواف والسعي راكبًا والمشي أفضل لغير العاجز، لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ»(١١)، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لاَ يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ رَكِبَ وَالْمَشْيُ وَالسَّعْيُ أَفْضَلُ»(١٢).
-والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٢ جمادى الأولى ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٧ أبريل ٢٠٠٩م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1011#_ftnref_1011_1) أخرجه مسلم كتاب «الجهاد والسير»: (٢/ ٨٥٦)، رقم: (١٧٨٠)، وأحمد: (٢/ ٥٣٨)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٩٣)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1011#_ftnref_1011_2) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»: (٢/ ٣١٥)، والترمذي كتاب «تفسير القرآن»، باب ومن سورة البقرة: (٢٩٦٧)، وأحمد: (٣/ ٣٢٠)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله رضي الله عنهما. والحديث صححه ابن عبد البر في «التمهيد»: (٢٤/ ٤١٤)، والألباني في «الإرواء»: (٤/ ٣١٨). وأخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٧)، رقم: (١٢١٨)، بلفظ: «أَبْدَأُ». وأما لفظ: «ابدؤوا» فشاذة، قال ابن حجر في «التلخيص الحبير» (٢/ ٥٠٩) بعد أن ذكر من رواها: «قال أبو الفتح وابن دقيق العيد القسيري: مخرج الحديث عندهم واحد، وقد اجتمع مالك، وسفيان ويحيى بن سعيد القطان على رواية: نبدأ بالنون التي للجمع، قلت: وهم أحفظ من الباقين»، وانظر: «الإرواء» للألباني: (٤/ ٣١٧).
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1011#_ftnref_1011_3) ورد عن عمر وابنه عبد الله وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم. أنظر: «المصنف» لابن أبي شيبة: (٣/ ٤٢٠)، (٦/ ٨٣)، و«السنن الكبرى» للبيهقي: (٥/ ٩٥)، وروي مرفوعا ولا يصح إلاّ موقوفا. انظر: «البدر المنير» لابن الملقن: (٦/ ٢١٦)، «التلخيص الحبير» لابن حجر: (٢/ ٥١٠)، «تخريج أحاديث الإحياء» للعراقي: (١/ ٢٧٨)، و«حجة النبي صلى الله عليه وسلم» للألباني: (١١٩).
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1011#_ftnref_1011_4) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب ما جاء في السعي بين الصفاوالمروة: (١/ ٣٩٧)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٥)، رقم: (١٢٦١)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1011#_ftnref_1011_5) أخرجه ابن ماجه كتاب «المناسك»، باب السعي بين الصفا والمروة: (٢٩٨٧)، وأحمد: (٦/ ٤٠٤)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٩٨)، من حديث أم ولد شيبة رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ٥٦٤).
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1011#_ftnref_1011_6) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٧)، رقم: (١٢١٨)، والنسائي كتاب «مناسك الحج»: (٢٩٨٥)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم: (٣٠٧٤)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1011#_ftnref_1011_7) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٣٧٣).
(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1011#_ftnref_1011_8) قال ابن الهمام الحنفي في «فتح القدير» (٢/ ٤٧١): «إذا فرغ من السعي يستحب له أن يدخل فيصلي ركعتين ليكون ختم السعي كختم الطواف، كما ثبت أن مبدأه بالاستلام كمبدئه عنه عليه السلام، ولا حاجة إلى هذا القياس إذ فيه نص وهو ما روى المطلب بن أبي وداعة...».
(٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1011#_ftnref_1011_9) أخرجه النسائي كتاب «مناسك الحج»، أين يصلي ركعتي الطواف: (٢٩٥٩)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الركعتين بعد الطواف: (٢٩٥٨)، والحاكم في «المستدرك»: (١/ ٣٨٤)، وهو ضعيف كما في «السلسلة الضعيفة» (٢/ ٣٢٦-٣٢٧)، برقم: (٩٢٨)، و«تمام المنة»: (٣٠٣)، كلاهما للألباني.
(١٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1011#_ftnref_1011_10) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٣٩٠).
(١١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1011#_ftnref_1011_11) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٩)، رقم: (١٢٧٣)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب الطواف الواجب: (٢/ ٣٠٤)، وأحمد: (٣/ ٣١٧)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(١٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1011#_ftnref_1011_12) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٧٦)، رقم: (١٢٧٤)، وأحمد: (١/ ٢٩٧)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٠٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في أعمال اليوم التاسع من ذي الحجة (يوم عرفة)
-السـؤال:
-ما هي الأعمال التي يقوم بها الحاج يوم عرفة، الموافقة للسنة المطهرة المتبعَة؟
-الجـواب:
-الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
• فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع من ذي الحجة -وهو يوم عرفة- توجَّه الحاجُّ من منًى إلى عرفةَ مُلَبِّيـًّا أو مكبِّرًا.
• ويُسنُّ له النُّزول ﺑ «نَمِرَة»(١) يمكث فيها إلى قُبيل الزوال، إن تيسَّر ذلك، فإذا زالت الشمس انتقل إلى «عُرَنة»(٢) ونزل فيها وليست «عُرنة» من أرض عرفة عند عامَّة العلماء(٣)، وفيها يُسنُّ للإمام أن يخطب الناسَ خُطبةً قصيرةً تناسب الحالَ وتليق بالمقام، ثمَّ يصلي بالناس الظهر والعصر قصرًا وجمعَ تقديم، أي في وقت الظهر بأذان واحدٍ وإقامتين يعجِّل فيهما ولا يصلي بينهما شيئًا، قال ابن قدامة ‑رحمه الله‑: «والسُّنَّة تعجيل الصلاة حين تزول الشمس، وأن يقصر الخطبة، ثمَّ يروح إلى الموقف، لما روى سالم أنه قال للحجّاج يوم عرفة: «إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُنَّةَ فَقَصِّر الخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الصَلاَةَ»، فقال ابن عمر: «صَدَقَ»، رواه البخاري(٤)، ولأنَّ تطويل ذلك يمنع الرواح إلى الموقف في أول وقت الزوال، والسُّنَّة التعجيل في ذلك»(٥).
-هذا، ومن فاتته صلاة الظهر والعصر مع الإمام فليصلهما قصرًا وجمع تقديم مع من معه من المسلمين، وكذلك على مَن تعذَّر عليه العمل بسُّنة النُّزول بوادي نمرة أو ببطن عُرنة فتجاوزهما إلى عرفة فلا حرج عليه عند عامَّة الفقهاء، قال ابن تيمية ‑رحمه الله‑: «وأمَّا ما تضمَّنته سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المقَام بمنًى يوم التروية، والمبيت بها الليلة التي قبل يوم عرفة ثمَّ المقام بعرنة -التي بين المشعر الحرام وعرفة- إلى الزوال، والذهاب منها إلى عرفة والخطبة والصلاتين في أثناء الطريق ببطن عُرنة، فهذا كالمجمع عليه بين الفقهاء، وإن كان كثير من المصنِّفين لا يميِّزه، وأكثر الناس لا يعرفه لغلبة العادات المحدثة»(٦)، قال ابن عبد البر ‑رحمه الله‑: «هذا كله لا خلاف بين العلماء المسلمين فيه»(٧).
-ويدلُّ على ما تقدَّم حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الطويل بعد صلاة الصبح يوم التاسع بمنى قال: «...ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ فَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَلاَ تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلاَّ أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَجَازَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ»(٨)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «غَدَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنًى حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ صَبِيحَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَنَزَلَ بِنَمِرَةَ وَهِيَ مَنْزِلُ الإِمَامِ الَّذِي يَنْزِلُ بِهِ بِعَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ صَلاَةِ الظُّهْرِ رَاحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مُهَجِّرًا فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ رَاحَ فَوَقَفَ عَلَى الْمَوْقِفِ مِنْ عَرَفَةَ»(٩).
-ويدلُّ على استحباب التلبية والتكبير في الطريق من منًى إلى عرفات حديث عمر رضي الله عنه قال: «غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ مِنَّا الملَبِّي، وَمِنَّا المكَبِّرُ»(١٠)، وفي حديث أنس رضي الله عنه قال: «كَانَ يُهِلُّ مِنَّا المهِلُّ فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ مِنَّا المكَبِّرُ فَلاَ يُنْكَرُ عَلَيْهِ»(١١)، والحديث وإن دلَّ على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك إلاَّ أنَّ أفضل الأمرين ما دلَّ عليه فعله صلى الله عليه وآله وسلم من لزومه التلبية على ما ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الطويل، وفيه -أيضًا- بعد ذكر خطبته صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى العَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا»(١٢).
• فإذا فرغ من الصلاتين عجَّل الذهاب إلى الموقف بعرفة، وأصل الوقوف ركنٌ لا يصحُّ الحجُّ إلاَّ به إجماعًا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الحَجُّ عَرَفَةُ»(١٣)، فيقف عند الصخرات المفترشات أسفل جبل الرحمة(١٤)، وهذا هو الموقف المستحب، فإن عجز فليقرب منه بحسب الإمكان(١٥)، وإلاَّ فعرفة كلُّها موقف، إلاَّ بطن عرنة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتفِعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ»(١٦)، وليس معنى الوقوف في هذا المكان هو القيام على القدمين، وإنما هو المكوث بأيّ هيئة كانت من بعد زوال الشمس إلى ما بعد غروبها من ذلك اليوم.
• ويسنُّ للحاج استقبال الكعبة في الوقوف(١٧)، أن يجتهد في ذكر الله تعالى بالأذكار المأثورة والتلبية والأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، وهي في كلِّ وقت لا سيما في عشية هذا الموقف العظيم، يرفع يديه -حال الدعاء- بالتضرّع إليه والتذلُّل بين يديه وحضور قلب مخلصًا عبادته لله رب العالمين، ويُستحب له الإكثار من التهليل والتكرار منه، فإنه خير الذكر يوم عرفة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ عَشِيَةَ عَرَفَةَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(١٨)، كما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أَحَبُّ الكَلاَمِ إِلى اللهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالحمْدُ للهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ»(١٩).
-وإن لبَّى أو قرأ ما تيسَّر من القرآن فحسن، كلُّ ذلك لاغتنام فضيلة يوم عرفة لا سيما في آخر النهار يرجو فيها الحاج من الله تعالى أن يكون من عتقائه الذين يباهي بهم الملائكة، فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ المَلاَئِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ؟»(٢٠)، وفي حديث آخر: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُبَاهِي المَلاَئِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ، يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا»(٢١).
• ويستحب له أن يشهد المناسكَ كلَّها على وضوء لا سيما في هذا الموقف، ومن وقف لعرفة غير طاهر فهو مدرك للحج إجماعًا، قال ابن قدامة -رحمه الله-:«ولا يشترط للوقوف طهارة ولا ستارة ولا استقبال ولا نية ولا نعلم في ذلك خلافًا»(٢٢).
• ويبقى الحاجّ على هذه الحال مُخْبِِِتًا لربه ذاكرًا وملبيًا وداعيًا بانكسارٍ بين يديه، راجيًا رحمته ومغفرته، وخائفًا عذابه ومقته وغضبه، محاسبًا نفسه، مجدِّدًا توبةً نصوحًا ويستمرُّ في ذلك حتى تغرب الشمس.
-ويدلُّ على ما تقدَّم حديث جابر بن عبد الله ‑رضي الله عنهما‑ قال: «ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلاً حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ»(٢٣).
• والسنة للحاجِّ الواقف في عرفة الفطر يوم عرفة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ أَفْطَرَ بِعَرَفَةَ وَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الْفَضْلِ بِلَبَنٍ فَشَرِبَ»(٢٤)، وسئل ابن عمر رضي الله عنهما عن صوم عرفة بعرفة؟ فقال: «حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَأَنَا لاَ أَصُومُهُ وَلاَ آمُرُ بِهِ وَلاَ أَنْهَى عَنْهُ»(٢٥)، قال ابن قدامة-رحمه الله- «أكثر أهل العلم يستحبون الفطر يوم عرفة بعرفة، وكانت عائشة وابن الزبير يصومانه، وقال قتادة: لا بأس به إذا لم يضعف عن الدعاء، وقال عطاء: أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف؛ لأن كراهة صومه إنما هي معللة بالضعف عن الدعاء، فإذا قوي عليه أو كان في الشتاء لم يضعف فتزول الكراهة... ولأن الصوم يضعفه ويمنعه الدعاء في هذا اليوم المعظّم الذي يستحب فيه الدعاء في هذا الموقف الشريف الذي يُقصد من كل فج عميق، رجاء فضل الله فيه وإجابة دعائه به، فكان تركه أفضل»(٢٦).
• فإذا غربت الشمس أفاض الحاج من عرفات متوجِّهًا إلى مزدلفة، ودفع منها بسير سهل في سرعة وبسكينة ووقار، فلا يزاحم الحجاج نفسه، ولا يضايق عليهم بمركبه ومتاعه، ويسرع متى وجد فجوة أو خلوة أو متسعًا دون استعجال؛ لأنَّ السنة أن يصلي الحاج المغرب تلك الليلة مع العشاء بمزدلفة(٢٧)، ويدلُّ عليه حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَت الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلاً حتَى غَابَ الْقُرْصُ وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ ودَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى:«أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» كُلَّمَا أَتَى حَبْلاً مِنْ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلاً حَتَّى تَصْعَدَ»(٢٨).
وعن ابن عباس أنَّ أسامة بن زيد رضي الله عنهم قال:«أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ وَأَنَا رَدِيفُهُ فَجَعَلَ يَكْبَحُ رَاحِلَتَهُ حَتَّى أَنَّ ذِفْرَاهَا لَيَكَادُ يُصِيبُ قَادِمَةَ الرَّحْلِ وَهُوَ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ فِي إِيضَاعِ الإِبِلِ»(٢٩)، وعنه رضي الله عنهما قال: «كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ(٣٠) فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً(٣١) نَصَّ(٣٢)»(٣٣)، قال ابن عبد البر ‑رحمه الله‑ في تعليقه على هذا الحديث: «وليس في هذا الحديث أكثرُ من معرفة كيفية السير في الدفع من عرفة إلى المزدلفة، وهو شيءٌ يجب الوقوفُ عليه وامتثالُه على أَئِمَّة الحاجِّ فمن دونهم؛ لأن في استعجالِ السير إلى المزدلفة استعجالَ الصلاةِ بها، ومعلوم أنَّ المغربَ لا تصلَّى تلك الليلة إلاَّ مع العشاء بالمزدلفة، وتلك سنَّتُها، فيجب أن تكون على حسب ما فعله رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن قصرَ عن ذلك أو زاد فقد أساء إذا كان عالما بما في ذلك»(٣٤)، ويؤيّده حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال:«فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ الشِّعْبَ الأَيْسَرَ الَّذِي دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ أَنَاخَ فَبَالَ، ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الْوَضُوءَ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا فَقُلْتُ: الصَّلاةَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: الصَّلاةُ أَمَامَكَ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى ثُمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ جَمْعٍ»(٣٥).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في:١٦ شعبان ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٧ أوت ٢٠٠٩م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_1) موضع قريب من عرفة وليس منها، كانت منزل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع. انظر: «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي: (٣/ ١٣٩٠)، و«معجم ما استعجم» للبكري: (١/ ١٣٤).
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_2) عُرنة: موضع بحذاء عرفة وليست منها إنما هي من الحرم، وعرفة خارجة عن الحرم وداخل في الحل. انظر: «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي: (٢/ ٩٣٤)، و«معجم ما استعجم» للبكري: (٤/ ١١٩٠).
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_3) قال النووي في «شرح مسلم» (٨/ ١٨١): «وليست عرنة من أرض عرفات عند الشافعي والعلماء كافة إلا مالكا فقال: هي من عرفات». قال البغوي في «شرح السنة» (٧/ ١٥٣): «واختلفوا فيمن وقف ببطن عرنة، فقال الشافعي: لا يجزئه حجه، وقال مالك: حجه صحيح وعليه دم».
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_4) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب قصر الخطبة بعرفة: (١/ ٤٠١)، من حديث سالم بن عبد الله رضي الله عنه.
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_5) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٠٨).
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_6) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (٢٦/ ١٦٨).
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_7) «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ٣٢٤).
(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_8) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_9) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الخروج إلى عرفة: (٢/ ٣٢٠)، وأحمد: (٢/ ١٩٢)، من حديث ابن عمر رضي الله عنه. والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (٩/ ٥)، وحسّنه الألباني في «صحيح أبي داود»: (١٩١٣)، والوادعي في «الصحيح المسند»: (٧٤٨).
(١٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_10) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٣)، رقم: (١٢٨٤)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب متى يقطع التلبية: (٢/ ٢٧٩)، وأحمد: (٢/ ٢٢)، من حديث عمر رضي الله عنه.
(١١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_11) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة: (١/ ٤٠٠)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٣)، رقم: (١٢٨٥)، من حديث أنس رضي الله عنه.
(١٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_12) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(١٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_13) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب من لم يدرك عرفة: (٢/ ٣٣٢)، والترمذي كتاب «الحج» باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج: (٨٨٩)، والنسائي كتاب «مناسك الحج»، باب فرض الوقوف بعرفة: (٣٠١٦)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع: (٣٠١٥)، وأحمد (١٨٢٩٧)، من حديث عبد الرحمن بن يعمر الدِّيليِّ رضي الله عنه. والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (٦/ ٢٣٠)، والألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٥٦).
(١٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_14) جبل الرحمة: هو الجبل الذي بوسط أرض عرفات، وحد عرفة من الجبل المشرف على عرنة إلى الجبال المقابلة له [انظر: «المغني» لابن قدامة ٣/ ٤١٠) و«شرح مسلم» للنووي: (٨/ ١٨٥)].
قال ابن تيمية -رحمه الله- في «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٣٣): «وأمّا صعود الجبل الذي هناك فليس من السنة ويسمى جبل الرحمة»، وقال في «الفتاوى الكبرى» (٥/ ٣٨٢): «ولا يشرع صعود جبل الرحمة إجماعًا».
(١٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_15) قال النووي-رحمه الله- في «شرح مسلم» (٨/ ١٨٥): «وأمّا ما اشتهر بين العوام من الاعتناء بصعود الجبل، وتوهمهم أنه لا يصح الوقوف إلا فيه فغلط، بل الصواب جواز الوقوف في كل جزء من أرض عرفات، وأن الفضيلة في موقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند الصخرات».
(١٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_16) أخرجه ابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الموقف بعرفات: (٣٠١٢)، من حديث جابر رضي الله عنه. انظر رواته وطرقه في «البدر المنير» لابن الملقن: (٦/ ٢٣٤)، والحديث صححه ابن عبد البر في «الاستذكار»: (٤/ ٢٧٤)، والألباني في «صحيح الجامع»: (٤٠٠٦).
(١٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_17) تنبيه: لا يستقبل الحاج في دعائه وأذكاره جبل الرحمة إلا إذا كان الجبل بينه وبين القبلة، قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٣/ ٤١٠): «والمستحب أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة، ويستقبل القبلة لما جاء في حديث جابر رضي الله عنه».
(١٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_18) أخرجه الطبراني في «فضل عشر ذي الحجة»: (١٣/ ٢)، من حديث علي رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٤/ ٧).
(١٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_19) أخرجه مسلم كتاب «الآداب»: (٢/ ١٠٢٥)، رقم: (٢١٣٧)، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه.
(٢٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_20) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٦١٣)، رقم: (١٣٤٨)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_21) أخرجه أحمد: (٢/ ٣٠٥)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٣/ ٥٦٠): «رجاله رجال الصحيح»، وصححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (١٥/ ١٩٣)، وحسّنه الوادعي في «الصحيح المسند»: (١٣٦١).
(٢٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_22) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤١٦).
(٢٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_23) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(٢٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_24) أخرجه الترمذي كتاب «الصوم»، باب كراهية صوم يوم عرفة بعرفة: (٧٥٠)، وأحمد: (١/ ٢٧٨)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «صحيح الترمذي»: (٧٥٠).
(٢٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_25) أخرجه الترمذي كتاب «الصوم»، باب كراهية صوم يوم عرفة بعرفة: (٧٥١)، وأحمد: (٢/ ٧٣)، من حديث ابن عمر رضي الله عنه. وصححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (٧/ ٢١٧)، والألباني في «صحيح الترمذي»: (٧٥١).
(٢٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_26) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ١٧٦).
(٢٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_27) قلت: هذه السنة وهي الجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة إنما هي للاحق أما المتخلف الذي يخشى عدم وصوله إليها إلا بعد منتصف الليل فيشرع له الصلاة قبل الوصول إلى مزدلفة لعدم جواز تأخير الصلاة إلى ما بعد نصف الليل، ولا تجب عليه إعادة الصلاة أو قضائها بمزدلفة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«من أدرك معنا هذه الصلاة [أي: صلاة الصبح] وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا، فقد تم حجه وقضى تفثه» [أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب من لم يدرك عرفة: (٢/ ٣٣٣)، وأحمد: (٤/ ١٥)، من حديث عروة بن مضرِّس الطائي رضي الله عنه. والحديث صحَّحه ابن الملقن في «البدر المنير»: (٦/ ٢٤٠)، والألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٥٩)] قال ابن قدامة-رحمه الله- في «المغني» (٣/ ٤١٥) في بيان آخر وقت الوقوف يوم عرفة: «لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في أن آخر الوقت طلوع فجر يوم النحر»، فدل ذلك على أن المتخلف يصلي المغرب والعشاء في غير مزدلفة.
(٢٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_28) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(٢٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_29) أخرجه النسائي كتاب «مناسك الحج»، فرض الوقوف بعرفة: (٣٠١٨)، وأحمد: (٥/ ٢٠١)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع»: (٧٨٨٥).
(٣٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_30) الْعَنَقُ: هو السير الذي بين الإبطاء والإسراع، وهو سير سهل في سرعة [«فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٥١٨)].
(٣١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_31) الفَجْوَةُ: الموضع المتسع بين الشيئين [«النهاية» لابن الأثير: (٣/ ٤١٤)].
(٣٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_32) النصُّ: التحريك حتى يخرج أقصى سير الناقة، وأصل النصِّ: أقصى الشيء وغايته، ثم سمِّي به ضرب من السير سريع. [«النهاية» لابن الأثير: (٥/ ٦٤)].
(٣٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_33) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب السير إذا دفع من عرفة: (١/ ٤٠٢)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٥)، رقم: (١٢٨٦)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما.
(٣٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_34) «الاستذكار»لابن عبد البر: (٤/ ٢٩٦).
(٣٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1026#_ftnref_1026_35) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب النزول بين عرفة وجمع: (٤٠٢)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٢)، رقم: (١٢٨٠)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
يتبع....
أم فاطمة السلفية
2015-08-25, 17:10
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة «وهو يوم عيد النحر»
-السؤال:
-من الأعمال التي يقوم بها الحاجُّ في يوم عيد النحر: رميُ جمرة العقبة، فنرجو من شيخنا -حفظه الله- أن يبيِّن أحكامَه، ووقتَه، ومستحباتِه، وجزاكم الله خيرا.
-الجواب:
-الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فيستحبُ للحاجّ التقاطُ حصى الجمارِ من الطريق يوم النحر، والأفضلُ التقاطه من منى، وإن أخذَه من مزدلفةَ أجزأه، قال ابنُ قدامة -رحمه الله-: «ولا خلاف في أنه يجزئه أخذُه من حيث كان»(١)، ويدلّ على الأفضلية حديثُ الفضل بن العباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: « عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ»، وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ حَتَّى دَخَلَ مُحَسِّرًا، ‑وَهُوَ مِنْ مِنًى‑، عَلَيْكُمْ بِحَصَى الخَذْفِ الذِي يُرْمَى بِهِ الجمْرَةُ»(٢).
-ويستحب أن يكون حجمُ حصى الرمي مثلَ حصى الخذف قدر حبة الباقلاء(٣) ما بين حبة الحِمَّص وحبة البندق، والتقاطُها أولى من تكسيرها لهذا الخبر(٤)، ولحديثِ ابن عباس رضي الله عنهما: «قَالَ لي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ العَقَبَةِ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: «هَاتِ الْقُطْ لِي» فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الخَذْفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: «بِأَمْثَالِ هَؤُلاءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الغُلُوُّ فِي الدِّينِ»(٥)
-فإذا وصلَ إلى جمرةِ العقبة الكبرى(٦) استقبلها وجعل مكةَ عن يساره ومنى عن يمينه، فيرميها بسبع حصياتٍ متعاقباتٍ، يرفع يده عند رمي كلِّ حصاة، ويكبِّر مع كلِّ حصاة، ولا يجزيه أن يرمي الحصياتِ جملةً واحدةً(٧)، ثم يقطع التلبية مع آخر حصاةٍ يرميها لحديث الفضل رضي الله عنه قَال: «أَفَضْتُ مَعَ النبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في عَرَفَاتٍ فَلَمْ يَزَلْ يُلَبي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَطَعَ التَلْبِيَةَ مَعَ آخِرِ حَصَاةٍ»(٨)، وفي حديثِ عبد الرحمن بنِ يزيد رضي الله عنه أنَّه «كَانَ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ فَاسْتَبْطَنَ الوَادِيَ حَتَّى إِذَا حَاذَى بِالشَّجَرَةِ اعْتَرَضَهَا فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَالَ: مِنْ هَا هُنَا وَالذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ قَامَ الذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ»(٩)، وفي رواية للبخاري-أيضا-: «فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ»(١٠)
وإِنْ رماها من الجوانب الأخرى أجزأَه فعلُه إذا وقع الحصى في المرمى، قال الحافظ -رحمه الله -: «وقد أجمعوا على أنَّه من حيث رماها جاز سواء استقبلها أو جعلها عن يمينه أو يساره أو من فوقها أو من أسفلها أو وسطها، والاختلافُ في الأفضل»(١١)، قال ابنُ المنذر -رحمه الله-: «وأجمعوا على أنه إذا رمى على أيِّ حالةٍ كان الرمي إذا أصاب مكان الرمي أجزأه»(١٢).
-وأفضلُ وقتٍ لرميِ جمرة العقبة الكبرى هو من طلوع الشمس إلى الزوال اتفاقًا، قال ابن قدامة -رحمه الله-: «أمّا وقتُ الفضيلة فبعد طلوعِ الشمس، قال ابنُ عبد البر -رحمه الله-: «أجمع علماء المسلمين على أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما رماها ضحًى ذلك اليوم(١٣)، وقال جابر: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي الجمْرَةَ ضُحًى يَوْمَ النَحْرِ وَحْدَهُ، وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ الشَمْسِ»، أخرجه مسلم(١٤). وقال ابن عباس: قَدَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى حُمُرَاتٍ فَجَعَلَ يَلْطَح أَفْخَاذَنَا وَيَقُولُ: أُبَيْنِيَّ لا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»(١٥)رواه ابن ماجه. وكان رميُها بعد طلوعِ الشمس يجزي بالإجماعِ وكان أولى»(١٦)
-قال الحافظُ ابنُ حجرٍ -رحمه الله- : «قال ابنُ المنذر: «السنة أن لا يرمي إلاَّ بعد طلوع الشمس كما فعل النبي صلى الله عليه وسلَّم، ولا يجوزُ الرمي قبل طلوع الفجر لأنَّ فاعله مخالفٌ للسنَّة، ومن رمى حينئذٍ فلا إعادةَ عليه، إذ لا أعلمُ أحدًا قال: لا يجزئه»(١٧)
-وقال الشوكاني - رحمه الله -:«والأدلةُ تدلُّ على أنَّ وقت الرمي بعد طلوع الشمس لمن كان لا رخصة له، ومن كان له رخصة كالنساءِ وغيرِهنَّ من الضَعَفَة جازَ قبل ذلك، ولكنَّه لا يجزئ في أوَّل ليلةِ النحرِ إجماعًا»(١٨).
وإِنْ أخّر إلى ما بعد الزوالِ إلى آخر النهارِ جاز إجماعًا.
-قال ابنُ عبد البر-رحمه الله-: «وأجمعوا أنَّه إن رماها قبل غروب الشمس من يوم النحر فقد أجزأَ عنه»(١٩) لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ يُسْأَلُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى فَيَقُولُ: «لاَ حَرَجَ» فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: «حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ»، فَقَالَ:« اذْبَحْ وَلا حَرَجَ» وَقَالَ: «رَمَيْتُ بَعْدَ أَنْ أَمْسَيْتُ» فَقَالَ:« لا حَرَجَ»(٢٠).
-وإن تعذَّر عليه الرميُ إلاَّ ليلاً بعد غروب الشمس من يوم النحر جاز على الصحيح(٢١)، لحديث نافعٍ أن «ابْنَةَ أخٍ لِصَفِيَةَ بِنْتِ عَبْدِ الله نَفِسَتْ بِالمزْدَلِفَةِ، وَتَخَلَّفَتْ هِيَ وَصَفِيَةُ حَتَّى أَتَتَا مِنًى بَعَدَمَا غَرَبَتِ الشَمْسُ يَوْمَ النَحْرِ، فَأَمَرَهُمَا عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ أَنْ تَرْمِيَا الجمْرَةَ حِينَ أَتَتَا، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِمَا شَيْئًا»(٢٢)، وقد رخَّص رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم لرعاءِ الإبل الرميَ بالليل فقال: «الرَّاعِي يَرْمِي بِاللَّيْلِ وَيَرْعَى بِالنَّهَارِ»(٢٣)
-ويجوزُ للحاجِّ أن يرمي جمرة العقبة راكبًا من غير أن يدفع الناس، ولا يرمي غيرها يوم النحر إجماعًا، لحديثِ جابرٍ رضي الله عنه قال : «رَأَيْتُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النحْرِ وَيَقُولُ : «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي لاَ أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ»(٢٤)، وفي حديث قدامةَ بنِ عبدِ الله رضي الله عنه قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي جَمْرَةَ العَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ صَهْبَاءَ، لاَ ضَرْبَ وَلاَ طَرْدَ وَلاَ إِلَيْكَ إِلَيْكَ»(٢٥).
-وقال ابنُ المنذر: « وأجمعُوا على أنَّه لا يرمي في يوم النحر غيرَ جمرةِ العقبة»(٢٦)، ولا يسنُّ الوقوف عند جمرة العقبة بعد رمي الحصيات السبع لأنّ «النَبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ انْصَرَفَ وَلَمْ يَقِفْ»(٢٧).
-وليس بمنى صلاةُ عيدٍ، ورميُ جمرة العقبة لهم كصلاةِ العيد لأهلِ الأمصار(٢٨)، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يصلِّ جمعةً ولا عيدًا في السفر.
-ويُسنُّ للإمام – حين ارتفاع الضحى يوم النحر– أن يخطبَ بمنى فينصح المسلمين ويعلِّمهم مناسكهم، لحديث رافع بن عمرو الْمُزَني قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِمِنًى حِينَ ارْتَفَعَ الضُّحَى عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُعَبِّرُ عَنْهُ وَالنَّاسُ بَيْنَ قَاعِدٍ وَقَائِمٍ»(٢٩)، ولحديثِ أمِّ الحصين رضي الله عنها قالت: «حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الوَدَاعِ فَرَأَيْتُهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ وَانْصَرَفَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَمَعَهُ بِلالٌ وَأُسَامَةُ أَحَدُهُمَا يَقُودُ بِهِ رَاحِلَتَهُ وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ مِن الشَّمْسِ، قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ قَوْلاً كَثِيرًا ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ -حَسِبْتُهَا قَالَتْ أَسْوَدُ- يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا»(٣٠)
-والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٥ رمضان ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٥ أوت ٢٠٠٩ م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_1) «المغني» لابن قدامة : (٣/ ٤٢٥).
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_2) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٢)، رقم: (١٢٨٢)، والنسائي كتاب «مناسك الحج»، باب الأمر بالسكينة في الإفاضة من عرفة: (٥/ ٢٥٨)، وأحمد: (١/ ٢١٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_3) قال النووي في «شرح مسلم» (٩/ ٢٧،٤٧): «ولو رمى بأكبر أو أصغر جاز مع الكراهة»، قلت: «وإنما الكراهة تقررت في الزيادة أو النقصان لدخولها في باب الغلو في الدين الذي يكون سببا في هلاك صاحبه، وكذا الاغتسال لرمي الجمار وغسل الحصى ورمي الجمرات بالنعال، كل ذلك معدود من محدثات الأمور التي لم يرد فيها نص شرعي يسندها أو أثر صحيح عن سلف الأمة يدعمها». قال ابن المنذر: «لا يعلم في شيء من الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم غسلها أو أمر بغسلها» قال: ولا معنى لغسلها [«المجموع» للنووي: ٨/ ١٥٣].
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_4) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٢٥).
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_5) أخرجه النسائي كتاب «مناسك الحج»، باب التقاط الحصى: (٣٠٥٧)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب قدر حصى الرمي: (٣٠٢٩)، وأحمد: (١/ ٣٤٧)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صححه النووي في «المجموع»: (٨/ ١٧١)، وأحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد»: (٥/ ٨٥)، والألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٣/ ٢٧٨).
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_6) قال ابن حجر -رحمه الله- في «فتح الباري» (٣/ ٥٨١): «جمرة العقبة: هي الجمرة الكبرى، وليست من منى بل هي حد منى من جهة مكة، وهي التي بايع النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأنصار عندها على الهجرة، والجمرة اسم لمجتمع الحصى سميت بذلك لاجتماع الناس بها، يقال: تجمر بنو فلان إذا اجتمعوا، وقيل إن العرب تسمي الحصى الصغار جمارا فسميت تسمية الشيء بلازمه، وقيل لأن آدم أو إبراهيم لما غرض له إبليس فحصبه جمر بين يديه أي أسرع فسميت بذلك» وقال -رحمه الله- أيضا في المصدر السابق (٣/ ٥٨٠): «تمتاز جمرة العقبة عن الجمرتين الأخريين بأربعة أشياء: اختصاصها بيوم النحر، وأنه لا يوقف عندها، وترمى ضحى، ومن أسفل استحبابا».
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_7) انظر شروط الرمي في فتوى رقم: (٦٠٦).
(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_8) أخرجه ابن خزيمة: (٤/ ٢٨٢)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٣٧)، من حديث الفضل بن العباس رضي الله عنهما. قال ابن خزيمة: «هذا حديث صحيح مفسر لما أبهم في الروايات الأخرى وأن المراد بقوله حتى رمى جمرة العقبة أي أتم رميها» [انظر «فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٥٣٣)].
(٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_9) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب يكبر مع كل حصاة: (١/ ٤١٩)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٨)، رقم: (١٢٩٦)، من حديث عبد الرحمن بن يزيد.
(١٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_10) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من رمى جمرة العقبة فجعل البيت عن يساره: (١/ ٤١٩)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٨)، رقم: (١٢٩٦)، من حديث عبد الرحمن بن يزيد.
(١١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_11) «فتح الباري»: لابن حجر: (٣/ ٥٨٢) انظر: «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ٣٥١)، «شرح مسلم»: للنووي (٩/ ٤٢)
(١٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_12) «الإجماع» لابن المنذر: (٥٢).
(١٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_13) قال ابن عبد البر في «الاستذكار»(٤/ ٢٩٣) : «وأجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رمى يوم النحر في حجته جمرة العقبة بمنى يوم النحر بعد طلوع الشمس. وأجمعوا على أن من رماها ذلك اليوم بعد طلوع الشمس إلى زوالها فقد رماها في وقتها».
(١٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_14) كتاب «الحج»: (١/ ٥٩٠)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ».
(١٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_15) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب التعجيل من جمع: (٢/ ٣٢٩)، والنسائي كتاب «الحج»، باب النهي عن رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس: (٣٠٦٤)، وابن ماجه كتاب «الحج»، باب من تقدم من جمع إلى منى: (٣٠٢٥)، وأحمد: (١/ ٣١١)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٧٦).
(١٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_16) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٢٩).
(١٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_17) «فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٥٢٩).
(١٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_18) «نيل الأوطار» للشوكاني: (٦/ ١٦٨) انظر فتوى برقم (١٩٧).
(١٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_19) «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ٢٩٥).
(٢٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_20) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب إذا رمى بعدما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيا أو جاهلا: (١/ ٤١٦)، من حديث اين عباس رضي الله عنهما.
(٢١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_21) فآخر وقت رمي جمرة العقبة هو غروب الشمس من اليوم الثالث من أيام التشريق، فعند أبي حنيفة ومالك: أن من أخرها إلى أيام التشريق عليه دم، وعند الشافعي وأحمد: لا شيء عليه إلا أنه عند أحمد إذا أخر الرمي إلى أيام التشريق لا يرمي إلا بعد الزوال. [انظر المنتقى للباجي: (٣/ ٥٢-٥٣)، «بدائع الصنائع» للكاساني: (٢/ ٢٠٧-٢٠٨)، «الشرح الكبير» لابن قدامة (٣/ ٤٨٠)، «إعانة الطالبين» للدمياطي: (٢/ ٣٤٨)].
(٢٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_22) أخرجه مالك في «الموطإ»: (١/ ٤٠٩)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٥٠)، عن نافع رحمه الله. والأثر صححه زكريا غلام قادر الباكستاني في «ما صح من آثار الصحابة في الفقه»: (٢/ ٨٤٠).
(٢٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_23) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٥١)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ٦٢٢).
(٢٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_24) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٩)، رقم: (١٢٩٧)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب في رمي الجمار: (٢/ ٣٤٠)، وأحمد: (٣/ ٣٣٧)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_25) أخرجه الترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء في كراهية طرد الناس عند رمي الجمار: (٩٠٣)، والنسائي كتاب «الحج»، باب الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم: (٣٠٦١)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب رمى الجمار راكبا: (٣٠٣٥)، وأحمد: (٣/ ٤١٣)، من حديث قدامة بن عبد الله العامري رضي الله عنه. والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (٦/ ٢٥٨)، والألباني في «المشكاة»: (٢/ ٨٠٦).
(٢٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_26) «الإجماع» لابن المنذر: (٥٢).
(٢٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_27) أخرجه البخاري كتاب «الحج» باب إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة: (١/ ٤٢٠)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب إذا رمى جمرة العقبة لم يقف عندها: (٣٠٣٢)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_28) قال ابن تيمية - رحمه الله – في «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٧٠) : «ومما يغلط فيه الناس: اعتقاد بعضهم أنه يستحب صلاة العيد بمنى يوم النحر حتى قد يصليها بعض المنتسبين إلى الفقه، أخذا فيها بالعمومات اللفظية أوالقياسية وهذه غفلة عن السنة ظاهرة، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخلفاءه لم يصلوا بمنى عيدا قط، وإنما صلاة العيد بمنى هي جمرة العقبة، فرمي جمرة العقبة لأهل الموسم بمنزلة صلاة العيد لغيرهم ولهذا استحب أحمد أن تكون صلاة أهل الأمصار وقت النحر بمنى ولهذا خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم النحر بعد الجمرة كما كان يخطب في غير مكة بعد صلاة العيد ورمي الجمرة تحية منى كما أن الطواف تحية المسجد الحرام».
(٢٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_29) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب أي وقت يخطب يوم النحر: (٢/ ٣٣٥)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٤٠)، من حديث رافع بن علي المزني رضي الله عنه. والحديث صححه النووي في «المجموع»: (٨/ ٩٠)، والألباني في «صحيح أبي داود»: (١٩٥٦).
(٣٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1027#_ftnref_1027_30) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٩) رقم: (١٢٩٨)، من حديث أم الحصين رضي الله عنها.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في أعمال الذبح يوم عيد النحر
-السؤال:
-نرجو من شيخنا -حفظه الله- ذِكرَ أحكامِ الذبح والنحر من أعمال الحج، التي تكون في اليوم العاشر من ذي الحجة؟
-الجواب:
-الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
-فالسنةُ أن يأتي الحاجُّ المنحر بمنى –بعد الفراغ من رمي جمرة العقبة – لينحر هديه أو يذبحه فيه، فإن تعذَّر عليه فيجوز له ذلك في أي مكان وسعه في منى أو في مكة إن كان متمتعا أو قارنا وساق الهدي معه(١) ويدلّ على ذلك قوله تعالى ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ [الحج: ٣٦] وقوله تعالى ﴿ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٣٢-٣٣] قال ابن عبد البر -رحمه الله-: «أجمعُوا أنَّ قوله عزَّ وجل: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ لم يُرِد به الذبح ولا النحرَ في البيت العتيق، لأنَّ البيت ليس بموضع للدماء، لأنَّ الله تعالى قد أمر بتطهيره، وإنما أراد بذكره البيت العتيق مكةَ ومنىً»(٢)، ويؤيِّده قولُه صلى الله عليه وآله وسلم :«قَدْ نَحَرْتُ هَا هُنَا، وَمِنَى كُلُّهَا منْحَرٌ»(٣)، وقوله: «وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَةَ طَرِيقٌ وَمنْحَرٌ»(٤)، وقوله: «فَانْحَرُوا في رِحَالِكُمْ»(٥).
-والهديُ الواجبُ شاةٌ عن المتمتع والقارن خاليةً من العيوب، وبلغت السنَّ المجزئ لذبحها(٦) ويجوز اشتراك كلّ سبعة في بقرة أو بدنة، والسنةُ أن يذبحها مستقبلا بها القبلةَ، فيضجعها على الجانب الأيسر، ويضع قدمه اليمنى على جانبها الأيمن قال ابن حجر -رحمه الله-: «واتفقوا على أنّ إضجاعها يكون على الجانب الأيسر فيضع رجله على الجانب الأيمن ليكون أسهل على الذابح أن يأخذَ السكين باليمين، وإمساكَ رأسها بيده اليسار»(٧).
-والسنةُ في الإبلِ نحرُها مقيَّدةَ الرجل اليسرى، قائمةً على بقية قوائمها، ووجهُها قِبَلَ القبلة، ويقولُ عند النحر أو الذبح: «بِسْمِ الله، وَالله أكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَإِلَيْكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي».
-ويدلّ على ذلك حديثُ عائشة رضي الله عنها قالت :«أَهْدَى النبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً غَنَمًا»(٨) وفي حديث جابر رضي الله عنه قال: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الإِبِلِ وَالبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ»(٩)، وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال :«ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ»(١٠)، وعنه رضي الله عنه «أَنَّ النبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ لما دَخَلَ مَكَّةَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا، وَنَحَرَ النَّبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا»(١١)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما «أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا قَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(١٢)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ [الحج:٣٦] قال: «قِيَامًا عَلَى ثَلاثِ قَوَائِمَ مَعْقُولَةً يَدُهَا اليُسْرَى، يَقُولُ: بِسْمِ اللهِ والله أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلاَّ الله، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ»(١٣) -وفي الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ذبح يوم العيد كبشين – وفيه – ثمّ قال: «بِسْمِ الله وَالله أَكْبَرُ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ»(١٤)، وفي حديث عائشة رضي الله عنها أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال عند الذبح: «بِسْمِ الله، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ»(١٥) قال النووي: «فيه دليل لاستحباب قول المضحي حال الذبح مع التسمية والتكبير: اللّهم تقبل مني،»(١٦).
-ويُستحب له أن ينحر هديه بيده إن تيسر ذلك، ويجوز له أن يستنيب غيره لحديث جابرِ بنِ عبد الله رضي الله عنهما الطويل وفيه: « ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ»(١٧).
-وله أن يأكلَ من هديه وأن يتزوَّد منه إلى بلده وأهله، ويُطعِمَ منها الفقير والمعتر(١٨)، ويتصدق بها لقوله تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: ٢٨]، ولقوله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الحج: ٣٦]، -وفي حديث جابرٍ رضي الله عنه قال: «ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا»(١٩) وعنه رضي الله عنه يقول: «كُنَّا لا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلاثِ مِنًى، فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ فَقَالَ: «كُلُوا وَتَزَوَّدُوا» فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا»(٢٠)، وعنه رضي الله عنه أيضًا: «كُنَّا نَتَزَوَّدُ مِنْ لحُومِ الهدْيِ عَلَى عَهْدِ النبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَى المدِينَةِ»(٢١)
-ولا يجوزُ أن يعطيَ الجزَّار أجره من الهدي، ويُستحب له التصدق بجلود الهدي وجِلاله لحديث عليٍّ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلالَهَا وَلا يُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا»(٢٢).
-قال ابنُ قدامةَ – رحمه الله -: «وإنما لم يعط الجازر بأجرته منها لأنَّه ذبحها فعِوَضُهُ عليه دون المساكين، ولأنَّ دفع جزءٍ منها عوضًا عن الجِزارة كبيعه ولا يجوز بيع شيء منها، وإن كان الجازر فقيرًا فأعطاه لفقره سوى ما يعطيه أجرَه جاز، لأنَّه مستحقُ الأخذِ منها لفقره لا لأجره فجاز كغيره، ويُقسِّم جلودها وجلالها كما جاء في الخبر، لأنه ساقها لله على تلك الصفة فلا يأخذ شيئًا مما جعله لله»(٢٣).
-ووقتُ نحر الهدي والأضحية أربعةُ أيام العيد، وهي مدةٌ تبدأ بعد الرمي من يوم النحر وتمتدُّ إلى غروب الشمس من اليوم الثالث من أيام التشريق(٢٤) لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم «كُلُّ أَيَّامِ التَشْرِيقِ ذَبْحٌ»(٢٥).
-وإذا لم يجدِ المتمتعُ أو القارنُ هديًا فالواجبُ عليه اتفاقًا أن يصوم ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةً إذا رجع إلى أهله لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦] قال ابنُ قدامة -رحمه الله-: «لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أنَّ المتمتع إذا لم يجد الهدي ينتقل إلى صيامِ ثلاثةِ أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجع تلك عشرةٌ كاملة، وتعتبر القدرة في موضعه فمتى عَدِمَه في موضعه جاز له الانتقالُ إلى الصيام وإن كان قادرًا عليه في بلده، لأنَّ وجوبه مؤقت، وما كان وجوبُه مؤقتًا اعتبرت القدرة عليه في موضعه، كالماء في الطهارة إذا عَدِمَه في مكانه انتقل إلى التراب»(٢٦) ولا يُشترط التتابع في صوم الثلاثة الأيام ولا في صومِ السبعة، فيجوز فيها التتابع والتفريق لانتفاء شرط التتابع بالنصِّ، والأفضلُ تأخير صوم السبعة إلى حينِ الرجوع إلى أهله، لحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَامٍ في الحجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ»(٢٧). وهو مخيَّرٌ في صيام الثلاثة قبل النحر لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ هَدِيَّةٌ مِنْ الإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ أَوِ الْغَنَمِ مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ، غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ فَعَلَيْهِ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنْ الأَيَّامِ الثَّلاثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ»(٢٨).
-وإن شاء صامها في أيام التشريق، ويدلّ عليه حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم قالا: «لم يُرَخَّصْ في أَيَّامِ التَشْرِيقِ أَنْ يُصَمْن إِلاَّ لمنْ لَمْ يَجِدِ الهدْيَ»(٢٩) وعن ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: «الصِيَامُ لمنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إلى الحجِّ إِلى يَوْمِ عَرفَةَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى»(٣٠) قال الترمذي –رحمه الله- : «والعملُ على هذا عند أهلِ العلم يكرهون الصيامَ أيام التشريقِ إلاَّ أنَّ قومًا من أصحابِ النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وغيرِهم رخَّصوا للمتمتع إذا لم يجد هديًا ولم يصم في العشر أن يصومَ أيَّام التشريق، وبه يقول مالكُ بنُ أنسٍ والشافعي وأحمد وإسحاق»(٣١)
-لكن لا يجوز له أن يصومها يوم النحر ولا أن يؤخِّرها عن أيام التشريق، قال ابنُ عبد البر -رحمه الله-: «وأجمع العلماءُ على أنَّ الثلاثة الأيام إن صامها قبل يوم النحر فقد أتى بما يلزمُه من ذلك، ولهذا قال من قال من أهل العلم بتأويل القرآن في قوله ﴿ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ في الحجِّ﴾ قال آخرُها يوم عرفة وكذلك أجمعُوا أنه لا يجوز له ولا لغيره صيام يوم النحرِ»(٣٢)
-ويُستثنى أهلُ الحرم من وجوب الهدي، ويسقطُ عنهم دم المتعة اتفاقًا، قال ابنُ قدامة -رحمه الله -: «ولا خلاف بين أهل العلمِ في أنَّ دم المتعة لا يجب على حاضري المسجد الحرام، إذ قد نصَّ الله تعالى في كتابه بقوله سبحانه: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٦] ولأنَّ حاضرَ المسجدِ الحرامِ ميقاته مكة، فلم يحصل له الترفُهُ بتركِ أحدِ السفرين»(٣٣)
-والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٥ رمضان ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٥ أوت ٢٠٠٩م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_1) فالقارن يلزمه سوق الهدي معه وإلا وجب عليه التحلل بالعمرة ليكون متمتعا.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_2) «الاستذكار» لابن عبد البر ٤/ ٢٥٦ ).
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_3) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٩)، رقم: (١٢١٨)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: (٢/ ٣١٨)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_4) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الصلاة بجمع: (٢/ ٣٢٨)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الذبح: (٣٠٤٨)، وأحمد: (٣/ ٣٢٦)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. والحديث حسّنه الزيلعي في «نصب الراية»: (٣/ ١٦٢)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ٥٩٧).
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_5) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٩)، رقم: (١٢١٨)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: (٢/ ٣١٩)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_6) قال ابن قدامة –رحمه الله – ( ٣/ ٥٥٣) : « ويمنع من العيوب في الهدي ما يمنع في الأضحية ، قال البراء بن عازب :« قام فينا رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فقال :أربع لا تجوز في الأضاحي :العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ضلعها، والكسيرة التي لا تنقى،قال: قلت :إني أكره أن يكون في السن نقص، قال :ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد» رواه أبو داود والنسائي ... فهذه الأربع لا نعلم بين أهل العلم خلافا في منعها ،ويثبت الحكم فيما فيه نقص أكثر من هذه العيوب بطريق التنبيه» [بتصرف]
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_7) « فتح الباري» لابن حجر: ( ١٠/ ١٨ ).
(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_8) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب تقليد الغنم: (١/ ٤٠٩)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_9) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٩٦)، رقم: (١٣١٨)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(١٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_10) أخرجه البخاري كتاب «الأضاحي»، باب من ذبح الأضاحي بيده: (٣/ ١٢٤)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(١١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_11) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب نحر البدن قائمة: (١/ ٤١١)، من حديث أنس رضي الله عنه.
(١٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_12) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب نحر الإبل مقيّدة: (١/ ٤١١)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٩٨)، رقم: (١٣٢٠)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(١٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_13) «تفسير ابن كثير»: (٣/ ٢٢٢)، والأثر أخرجه الطبري في «تفسيره»: (٩/ ١٥٢)، والحاكم في «المستدرك»: (٤/ ٢٦٠) وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه».
(١٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_14) أخرجه أبو داود كتاب «الضحايا»، باب ما يستحب من الضحايا: (٣/ ١٥٨)، وأحمد: (٣/ ٣٧٥)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٣٦٦).
(١٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_15) أخرجه مسلم كتاب «الأضاحي»: (٢/ ٩٤٦)، رقم: (١٩٦٧)، وأبو داود كتاب «الضحايا»، باب ما يستحب من الضحايا: (١/ ١٥٧)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(١٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_16) «شرح مسلم» للنووي: (١٣/ ١٢٢).
(١٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_17) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(١٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_18) المعتر: هو الذي يتعرض لك ويلم بك لتعطيه ولا يسأل [انظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : (٢٩٣) وفتح القدير للشوكاني: (٣/ ٤٥٤)]
(١٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_19) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(٢٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_20) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب ما يأكل من البدن وما يتصدق: (١/ ٤١٣)، ومسلم كتاب «الأضاحي»: (٢/ ٩٤٨)، رقم: (١٩٧٢)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_21) أخرجه البخاري كتاب «الأطعمة»، باب ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام واللحم وغيره: (٣/ ٩٢)، ومسلم كتاب «الأضاحي»: (٢/ ٩٤٩)، رقم: (١٩٧٢)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_22) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب يتصدق بجلود الهدي: (١/ ٤١٢)، من حديث علي رضي الله عنه.
(٢٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_23) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٣٣).
(٢٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_24) انظر «المجموع» للنووي: (٨/ ٣٩٠).
(٢٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_25) أخرجه أحمد: (٤/ ٨٢)، وابن حبان في «صحيحه»: (٩/ ١٦٦)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٢٣٩)، من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه.والحديث حسّنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٥/ ٦١٧).
(٢٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_26) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٧٦).
(٢٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_27) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من ساق البدن معه: (١/ ٤٠٧)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٦٣)، رقم: (١٢٢٧)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_28) أخرجه البخاري كتاب «التفسير»، باب ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس: (٢/ ٤٦٦)، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_29) أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب صيام أيام التشريق: (١/ ٤٧٧)، من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم.
(٣٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_30) أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب صيام أيام التشريق: (١/ ٤٧٧)، عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٣١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_31) «سنن الترمذي»: (٣/ ١٤٤).
(٣٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_32) «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ٤١٣).
(٣٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1029#_ftnref_1029_33) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٧٢).
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
أم فاطمة السلفية
2015-08-25, 17:11
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في طواف الإفاضة
-السؤال:
-من أعمال الحجّ في اليوم العاشر من ذي الحجة: طوافُ الإفاضة، فما هو حكمُه؟ وما أفضلُ أوقاته؟ وهل يُشرع معه السعي بين الصفا والمروة؟
-الجواب:
-الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على منْ أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانهِ إلى يوم الدِّين أمّا بعد:
فيتوجه الحاجّ مفيضًا من منى إلى مكةَ ليطوف ببيت الله الحرام سبعةَ أشواطٍ، ويكون طوافُه كصفةِ طواف القدوم لكن من غيرِ هيئة الاضطباع، ولا رملٍ، سوى أنه ينوي به طواف الزيارة لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(١)، ويُسمى هذا الطوافُ بطوافِ «الإفاضة» أو طوافِ «الزيارة»، وهو ركنٌ من أركان الحجِّ لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩]، قال ابنُ قدامة -رحمه الله-: «ويُسمّى طوافَ الإفاضة لأنَّه يأتي به عند إفاضته من منًى إلى مكةَ وهو ركن للحجِّ لا يتمُّ إلاَّ به، لا نعلم فيه خلافًا، ولأنّ الله عز وجلَّ قال: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩] قال ابنُ عبد البر-رحمه الله: هو من فرائض الحجِّ لا خلافَ في ذلك بين العلماء، وفيه عند جميعهم قال الله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾، وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: «حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا حَائِضٌ.
-قَالَ: حَابِسَتُنَا هِيَ.
-قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ.
-قَالَ: اخْرُجُوا»(٢) متفق عليه.
-فدلّ على أنَّ هذا الطواف لا بُدَ منه وأنه حابسٌ لمن لم يأت به، ولأنّ الحجّ أحد النسكين فكان الطوافُ ركنًا كالعمرةِ»(٣).
-وفي حديثِ ابنِ عباس رضي الله عنهما «أَنَّ النبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْمُلْ في السَبْعِ الذِي أَفَاضَ فِيهِ»(٤).
-وأفضلُ وقت طواف الإفاضة يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق أو التقصير، موافقةً لفعله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد روى جابر رضي الله عنه في صفة حجِّ النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يوم النحر قوله: «فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ»(٥) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى(٦)»(٧) ولحديث عائشة رضي الله عنها الذي ذكرت فيه حيض صفيةَ رضي الله عنها قالت: «فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَحْرِ»(٨)
ويجوزُ تأخيرُه إلى الليل لكن بقيد العودةِ إلى لبس ثوبي الإحرام من جديد كهيأته حين كان محرمًا كما ثبت في الحديث السابق(٩)، كما يجوز له أن يؤخِّره إلى آخر يوم من أيام الحج، علمًا أن آخر وقته مطلق غير مقيد بحدٍّ شرعي، قال ابن قدامة رحمه الله: «والصحيح أنّ آخر وقته غير محدود، فإنّه متى أتى به صحّ بغير خلاف، وإنما الخلاف في وجوب الدم، فيقول: إنه طاف بعد أيام النحر طوافًا صحيحًا فلم يلزمه دمٌ كما لو طاف أيام النحر، فأمَّا الوقوف والرمي فإنهما لما كانا موقتين كان لهما وقت يفوتان بفواته، وليس كذلك الطواف فإنّه متى أتى به صحَّ»(١٠)، وقال النووي –رحمه الله– : «ذكرنَا أنّ مذهبنا أنّ طواف الإفاضة لا آخرَ لوقته، بل يبقى ما دام حيًّا ولا يلزمه بتأخيره دمٌ، قال ابنُ المنذر: ولا أعلمُ خلافا بينهم في أن من أخره وفعله في أيّام التشريق أجزأه ولا دم، فإن أخَّره عن أيّام التشريق فقد قال جمهور العلماء كمذهبنا لا دم»(١١).
-ثم يُصلِّي ركعتين بعد الطواف لقول ابن عمر رضي الله عنهما: «على كُلّ سُبُع ركعتانِ»(١٢) ويستحب له أن يُصليَهما خلف مقام إبراهيم عليه السلام، فإن لم يتيسر له ذلك فله أن يصليَهما في أي موضع من المسجد، فإن لم يفعل ففي أي موضع من الحرم، وإلا ففي أي موضع من الأرض، لأنَّ وقتها لا يفوت. قال ابنُ حجر -رحمه الله- : «من نسي ركعتي الطواف قضاهما حيثُ ذكرهما من حلٍّ أو حرمٍ وهو قول الجمهور»(١٣).
-ويجوزُ صلاتهما في وقت الكراهة عند الجمهور أيضًا لحديث جبير بن مُطْعِمٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، مَنْ وَلِيَ مِنْكُم مِنْ أَمْرِ النَاسِ شَيْئًا فَلاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدًا طَافَ بهذَا البَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نهارٍ»(١٤)
-ثم يسعى المتمتعُ بين الصفا والمروة سبعة أشواط كصفةِ سعيه في طواف القدوم، وهذا السعي لحجِّه والسعي الأول لعمرته، بخلاف القارن والمفرد يكفيهما السعي الأول، ويدلُّ عليه حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ثُمَّ لا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا فَقَدِمْتُ مَكَّةَ -وَأَنَا حَائِضٌ- فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا أَرْسَلَنِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ حَلُّوا ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا»(١٥)
-وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: « أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ: اجْعَلُوا إِهْلالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إِلاَّ مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَالَ: مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ فَإِذَا فَرَغْنَا مِنْ الْمَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ»(١٦) وفي حديث جابرِ بنِ عبد الله رضي الله عنهما قال: «لَمْ يَطُفِ النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَلاَ أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمرْوَةِ إِلاَّ طَوَافًا وَاحِدًا»(١٧) وفي رواية: «إِلاَّ طَوَافًا وَاحِدًا طَوَافَهُ الأَوَّلَ»(١٨) فحديث عائشة وابنِ عباس رضي الله عنهم صريحٌ في سعي المتمتع مرتين، وأمّا حديث جابر فمحمول على من ساق الهدي من الصحابة الذين كانوا قارنين.
-قال ابنُ القيم –رحمه الله– «فالصواب أنّ الطواف الذي أخبرت به عائشة رضي الله عنها وفرَّقت به بين المتمتع والقارن هو الطواف بين الصفا والمروة لا الطواف بالبيت، وزال الإشكال جملةً، فأخبرت عن القارنين أنهم اكتفوا بطواف واحد بينهما لم يضيفوا إليه طوافًا آخرَ يوم النحر، وهذا هو الحقّ، وأخبرت عن المتمتعين أنهم طافوا بينهما طوافا آخر بعد الرجوع من منًى للحجِّ، وذلك الأوّل كان للعمرة، وهذا قول الجمهور، وتنزيل الحديثِ على هذا موافقٌ لحديثها الآخر، وهو قولُ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم:«يَسَعُكِ طَوَافُكِ بِالبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمرْوَةِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ»(١٩) وكانت قارنةً، ويوافق قولَ الجمهور، ولكن يشكل عليه حديث جابر الذي رواه مسلم في صحيحه: «لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَلاَ أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمرْوَةِ إلاَّ طَوَافًا وَاحِدًا، طَوَافَهُ الأَوَّلَ»(٢٠) هذا يوافقُ قول من يقول: يكفي المتمتعَ سعيٌ واحدٌ، كما هو إحدى الروايتين عن أحمدَ -رحمه الله- نصَّ عليها في رواية ابنه عبدِ الله وغيرِه، وعلى هذا فيُقال: عائشةُ أَثْبَتَتْ وجابرٌ نَفَى، والمثبِتُ مقدَّمٌ على النافي، أو يُقال: مرادُ جابرٍ مَنْ قَرَنَ مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وساق الهدي كأبي بكر وعمرَ وطلحةَ وعليٍّ رضي الله عنهم وذوي اليَسَارِ، فإنهم إنما سَعَوْا سعيًا واحدًا، وليسَ المرادُ به عمومَ الصحابةِ»(٢١)
-فإذَا انتهَى من طوافِ الإفاضةِ يحلُّ التحلُّلَ الأكبرَ فيُباحُ له كلُّ محظُور حرِّمَ عليه بالإحرامِ حتى نساؤُه، ويُسمَّى ﺑ«التحلّل الثاني»، ويدلُّ عليه الأحاديثُ المتقدمةُ في «التحلُّل الأول» ثم يصلِّي الظهر بمكةَ(٢٢)، ويُستحبُّ له أن يأتيَ زمزمَ بعد الطواف، ويشربَ ويتضلَّعَ منه ويدعوَ بما تيسَّر من الدعاءِ النافعِ، لحديثِ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الطويلِ وفيه: «ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ: انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَوْلا أَنْ يَغْلِبَكُمْ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ»(٢٣)، ولقولهِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ»(٢٤)، وفي حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنهُ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال فيهِ: «إِنَّهُ طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ»(٢٥).
-ثمّ يرجع بعد هذا إلى منًى للمبيت بها ولا يبيتُ بمكة لَيَالِيَ التشريق لحديث ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى»(٢٦)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وسلَّمَ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ [حِينَ صَلَّى الظُهْرَ] ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَمَكَثَ بها لَيَالِيَ أَيَّامِ التَشْرِيقِ»(٢٧)
والمرأةُ إذا حاضت -وهي محرمة- قبل أن تطوف للإفاضة فإنها تقوم بأعمالِ الحاجِّ من الوقوف بعرفة والمبيتِ بمزدلفة والمبيتِ بمنى ورميِ الجمار وتقصيرِ شعر رأسها إلاَّ أنها تؤخِّر طواف الإفاضة حتى تطهر من حيضها وتغتسل ثمّ تطوف بالبيت للإفاضة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعائشةَ رضي الله عنها وهي محرمة وقد حاضت: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفِي بِالبَيْتِ»(٢٨)
-والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٥ رمضان ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٥ أوت ٢٠٠٩ م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_1) أخرجه البخاري كتاب «بدء الوحي»، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (١/ ٣)، ومسلم كتاب «الإمارة»: (٢/ ٩٢٠)، رقم: (١٩٠٧)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_2) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الزيارة يوم النحر: (١/ ٤١٥)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٦٠٢)، رقم: (١٣٢٨)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_3) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٤٠).
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_4) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الإفاضة في الحج: (٢/ ٣٤٩)، وابن ماجه كتاب «المناسك»، باب زيارة البيت: (٣٠٦٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث سكت عنه الحافظ في «التلخيص الحبير»: (٢/ ٥٠٧)، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود»: (٢٠٠١).
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_5) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_6) ينتفي التعارض بالجمع بين رواية جابر رضي الله عنهما في صلاته صلى الله عليه وآله وسلم بمكة ورواية ابن عمر رضي الله عنهما في صلاته بمنى على ما ذكره النووي – رحمه الله – في «شرح مسلم» (٨/ ١٩٣) حيث قال: «ووجه الجمع بينهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم طاف للإفاضة قبل الزوال ثم صلى الظهر في أول وقتها، ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك فيكون متنفلا بالظهر الثانية التي بمنى، وهذا كما ثبت في الصحيحين في صلاته صلى الله عليه وآله وسلم ببطن نخل أحد أنواع صلاة الخوف فإنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى بطائفة من أصحابه الصلاة بكمالها وسلم بهم ثم صلى بالطائفة الأخرى تلك الصلاة مرة أخرى فكانت له صلاتان ولهم صلاة».
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_7) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٩٣)، رقم: (١٣٠٨)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب الإفاضة في الحج: (٢/ ٣٤٨)، وأحمد: (٢/ ٣٤)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_8) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الزيارة يوم النحر: (١/ ٤١٥)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_9) انظر فتوى: الجزء الثاني
(١٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_10) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٤١).
(١١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_11) «المجموع» للنووي: (٨/ ٢٢٤) وقال في «شرح مسلم» (٩/ ٥٨): «وقد أجمع العلماء على أن هذا الطواف وهو طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يصح الحج إلا به، واتفقوا على أنه يستحب فعله يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق، فإن أخره عنه في أيام التشريق أجزأه ولا دم عليه بالإجماع، فإن أخره إلى ما بعد أيام التشريق وأتى به بعدها أجزأه أجزأه ولا شيء عليه عندنا وبه قال جمهور العلماء، وقال مالك وأبو حنيفة إذا تطاول لزمه معه دم».
(١٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_12) أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»: (٥/ ٦٤)، رقم: (٩٠١٢)، وصحح إسناده الألباني في «حجة النبي»: (٣٧).
(١٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_13) «فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٤٨٧).
(١٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_14) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الطواف بعد العصر: (٢/ ٣٠٨)، والترمذي كتاب «الحج» باب ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف: (٨٦٨)، والنسائي كتاب «المواقيت»، باب إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة: (٥٨٥)، وأحمد: (٤/ ٨٤)، من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه. والحديث صححه النووي في «الخلاصة»: (١/ ٢٧٢)، والألباني في «الإرواء»: (٢/ ٢٣٩).
(١٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_15) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب طواف القارن: (١/ ٣٩٤)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٤٧)، رقم: (١٢١١)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(١٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_16) أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم كتاب «الحج»، باب قول الله تعالى: ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام: (١/ ٣٨٠)، وأخرجه موصولا: البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ٢٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وصححه الألباني في «حجة النبي»: (٨٧)، وانظر: «فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٥٣١).
(١٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_17) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٤)، رقم: (١٢١٥)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(١٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_18) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٤)، رقم: (١٢١٥)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب طواف القارن: (٢/ ٣٠٩)، (٣/ ٣١٧)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(١٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_19) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٤)، رقم: (١٢١٥)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب طواف القارن: (٢/ ٣٠٩)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_20) سبق تخريجه.
(٢١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_21) «زاد المعاد» لابن القيم: (٢/ ٢٧٣).
(٢٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_22) وقال ابن عمر رضي الله عنهما: إنه صلى الظهر بمنى وقد تقدم وجه الجمع بينهما في ص ...
(٢٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_23) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(٢٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_24) أخرجه ابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الشرب من زمزم: (٣٠٦٢)، وأحمد في «مسنده»: (٣/ ٣٥٧)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٤٨)، من حديث جابر رضي الله عنه. والحديث حسّنه المنذري في «الترغيب والترهيب»: (٢/ ١٣٦)، وابن القيم في «زاد المعاد»: (٤/ ٣٦٠)، وصححه الألباني في «إرواء الغليل»: (٤/ ٣٢٠).
(٢٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_25) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٤٧)، والطبراني في «المعجم الصغير»: (١/ ١٨٦)، والطيالسي في «مسنده»: (٤٥٧)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه. والحديث صححه المنذري في «الترغيب والترهيب»: (٢/ ١٣٥)، والألباني في «صحيح الجامع»: (٢٤٣٥). وأصله في صحيح مسلم: كتاب «فضائل الصحابة»: (٢/ ١١٥٥)، رقم: (٣٤٧٣)، بلفظ: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ».
(٢٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_26) سبق تخريجه (انظر الهامش ٠٧)
(٢٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_27) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب في رمي الجمار: (٢/ ٣٤٠)، وأحمد: (٦/ ٩٠)، من حديث عائشة رضي الله عنها. والحديث حسّنه المنذري كما ذكره الزيلعي في «نصب الراية»: (٣/ ٨٤)، وسكت عنه الحافظ في «التلخيص الحبير»: (٢/ ٥٣٢)، وانظر: «الإرواء»: (٢/ ٢٨٢)، و«صحيح أبي داود» (١٩٧٣).
(٢٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1031#_ftnref_1031_28) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب تقضي الحائض المناسك كلها إلاّ الطواف بالبيت: (١/ ٣٩٨)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٤٩) رقم: (١٢١١)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
أم فاطمة السلفية
2015-08-25, 17:12
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في أعمال الحجِّ بمزدلفة
-السـؤال:
-ما هي الأعمال التي يقوم بها الحاجّ عند وصوله إلى مزدلفة إلى مغادرتها؟
-الجـواب:
-الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
• فإذا حلَّ الحاجُّ بمزدلفةَ صَلَّى بها المغرب ثلاثَ ركعاتٍ والعشاءَ ركعتين قصرًا، ويجمع بينهما بأذانٍ واحدٍ وإقامتين، قال ابن عبد البر -رحمه الله-: «أجمع العلماء على أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع من عرفة في حَجَّته بعدما غربت الشمس يومَ عرفةَ أَخَّرَ صلاة المغرب ذلك الوقت فلم يُصَلِّها حتى أتى مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء، جمع بينهما بعدما غاب الشَّفَق، وأجمعوا على أنَّ سُنَّة الحاجِّ كلهم في ذلك الموضع»(١).
- والسُّنَّة التعجيل بالصلاتين، وأن يصلي قبل حطِّ الرحال، وإن فصل بينهما وأخَّر العشاء لحاجة لم يضره ذلك، قال ابن تيمية -رحمه الله-: «فإذا وصل إلى المزدلفة صلى المغرب قبل تبريك الجِمال إن أمكن، ثُمَّ إذا برَّكوها صلَّوا العشاء، وإن أخَّر العشاء لم يضره ذلك»(٢).
- ولا يتنفل بينهما ولا بعدهما، قال ابن قدامة ‑رحمه الله‑: «والسُّنَّة أن لا تَطَوُّع بينهما، قال ابن المنذر: ولا أعلمهم يختلفون في ذلك»(٣).
- ثمَّ يبيت فيها حتى يطلع فجر اليوم العاشر من ذي الحِجَّة وهو يوم العيد، فإذا تبيَّن له الفجر فالسُّنَّة أن يعجِّل الصلاة في أول وقتها في المزدلفة بأذان وإقامة، ويدلُّ على ذلك حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: «فَجَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا»(٤).
-وفي حديث جابر رضي الله عنهما قال: «حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ»(٥).
• ويتأكَّد في حقِّ الحاج الوقوف بعد صلاة الفجر بمزدلفة(٦)، إلاَّ في بطن مُحَسِّر(٧)، فليس منها ويستحبُّ له أن يأتي المشعر الحرام فيرقى عليه أو يقرب منه إن أمكنه من غير إلزام، فإن وقف في أيِّ موضعٍ من مزدلفةَ أجزأه، فيستقبل القِبلة في وقوفه، فيَذكر ويُلَبِّي، ويرفع يديه حالَ الدعاء، ويبقى على هذه الحال حتى يُسْفِر جِدًّا، ثمَّ يدفع من المزدلفة قبل طلوع الشمس وعليه سكينة ووقار، قال ابن قدامة ‑رحمه الله‑: «لا نعلم خلافًا في أنَّ السُّنَّة الدفع قبل طلوع الشمس، وذلك لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعله، قال عمر: «إِنَّ المشْرِكِينَ كَانُوا لاَ يَفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ(٨) كَيْمَا نَغِيرُ، وأنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمْ فَأَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلعَ الشَمْسُ»»(٩).
ويدلُّ عليه قوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة: ١٩٨]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَقَفْتُ هَا هُنَا(١٠) وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ»(١١)، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ شَهِدَ صَلاَتَنَا هَذِهِ، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ، وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَقَدْ أَتَمَّ حَجَّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ»(١٢)، وفي حديث عليٍّ رضي الله عنه قال: «فَلَمَّا أَصْبَحَ وَقَفَ عَلَى قُزَحَ فَقَالَ: هَذَا قُزَحُ وَهُوَ الْمَوْقِفُ وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ»(١٣)، وفي حديث ابن عباس قال: «كَانَ يُقَالُ: ارْتَفِعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ»(١٤)، وفي حديث جابر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ»(١٥)، وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ»(١٦)، وفي حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا: «عَلَيْكُمْ بِالسَكِينَةِ»(١٧).
• يعفى من المبيت بمزدلفة المُسِنُّون والعجزة والمرضى والصبيان والضعفة من الرجال والنساء، فيُرَخَّص لهم أن يدفعوا إلى مِنًى قبل الفجر إذا غاب القمر، أي بعد منتصف ليلة العيد لرمي جمرة العقبة الكبرى تفاديًا للزحام وخشيةَ حَطْمَةِ الناس. قال ابن قدامة ‑رحمه الله‑: «ولا نعلم فيه مخالفًا؛ ولأنَّ فيه رِفْقًا بهم، ودفعًا لمشقَّة الزِّحام عنهم واقتداء بفعل نبيِّهم صلى الله عليه وآله وسلم»(١٨).
-ويدلُّ عليه حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «نَزَلْنَا الْمُزْدَلِفَةَ فَاسْتَأْذَنَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ سَوْدَةُ أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ وَكَانَتْ امْرَأَةً بَطِيئَةً فَأَذِنَ لَهَا فَدَفَعَتْ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَأَقَمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا نَحْنُ ثُمَّ دَفَعْنَا بِدَفْعِهِ فَلأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ كَمَا اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ»(١٩)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ»(٢٠)، وعنه رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ نِسَاءَهُ وَثقْلَهُ صَبِيحَةَ جمعٍ أَنْ يفِيضُوا مَعَ أَوَّلِ الفَجْرِ بِسَوَادٍ، وَلاَ يَرْمُوا الجمْرَةَ إِلاَّ مُصْبِحِينَ»(٢١).
إذا فرغ من صلاة الفجر بمزدلفة ثمّ الذكر والدعاء حتى يسفر جدّا، ويتوجه الحاجّ قبل طلوع الشمس إلى منى، ويستحبُّ له التلبية والتكبير والتهليل في طريقه إلى مِنًى حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر، قال ابن قدامة ‑رحمه الله‑: «لأنَّ التلبية من شعار الحج فلا يقطع إلاَّ بالشروع في الإحلال، وأوله رمي جمرة العقبة»(٢٢).
-ويستحبُّ له الإسراع في بطن مُحسِّر إن كان ماشيًا أو بتحريك مركبه قليلاً إن كان راكبًا إن تيسَّر له ذلك، ثمَّ يأخذ الطريق الوسطى التي تخرجه إلى الجمرة الكبرى.
-ويدلُّ على ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ أسامة بن زيد رضي الله عنهما كان ردف النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عرفة إلى المزدلفة ثمَّ أردف الفضل من المزدلفة إلى مِنًى قال فكلاهما قالا: «لَمْ يَزَل النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ»(٢٣)، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: «وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ لَقَدْ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ إِلاَّ أَنْ يَخْلِطَهَا بِتَكْبِيرٍ أَوْ تَهْلِيلٍ»(٢٤)، وفي حديث جابر رضي الله عنهما قال: «... حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلاً ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى»(٢٥)، وفي حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما: «أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ في عَشِيَّةِ عَرَفَةَ وَغَدَاةِ جَمْعٍ لِلنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا: «عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ»، وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ حَتَّى دَخَلَ مُحَسِّرًا(٢٦) ‑وَهُوَ مِنْ مِنًى‑»(٢٧).
-والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٦ شعبان ١٤٣٠ﻫ
الموافق: ٠٧ أوت ٢٠٠٩م
(١) «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ٣٣٠).
(٢) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية : (٢٦/ ١٣٤).
(٣) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٢٠).
(٤) أخرجه البخاري كتاب «الوضوء»، باب إسباغ الوضوء: (١/ ٤٤)، وكتاب «الحج»، باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة: (١/ ٤٠٣)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٤)، رقم: (١٢٨٠)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما.
(٥) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(٦) المزدلفة: وهي أرض من الحرم بين جبال دون عرفة إلى مكة وبها المشعر الحرام وهو الجبل الصغير في وسطها، وقيل: إنها سميت بذلك من الازدلاف وهو الاقتراب؛ لأنها بالقرب من مكة أو منًى، ويُسمَّى المكان: جمعًا؛ لأنه يُجْمَع فيها بين المغرب والعشاء. انظر: «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي: (٣/ ١٢٦٥)، «معجم ما استعجم» للبكري: (٤/ ١١٩١). قال ابن قدامة ‑رحمه الله‑ في «المغني» (٣/ ٤٢١): «وللمزدلفة ثلاثة أسماء مزدلفة وجمع والمشعر الحرام، وحدّها من مأزمي عرفة إلى قرن محسر، وما على يمين ذلك وشماله من الشعاب». قلت: وللمزدلفة اسم رابع وهو «قزح»، قاله عبد الملك بن حبيب ‑رحمه الله‑. انظر: «معجم ما استعجم» للبكري (٢/ ٣٩٣).
(٧) المحسِّر: واد بين يدي موقف المزدلفة مما يلي منًى، وليس وادي محسر من مزدلفة. انظر «معجم ما استعجم» للبكري: (٤/ ١١٩٠)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي: (٣/ ١٢٣٤)، «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٢١، ٤٢٤).
(٨) ثبير: جبل بظاهر مكة على يسار الذاهب إلى مِنًى، وهو من أعظم جبال مكة، عُرف برجل من هذيل اسمه «ثبير» دُفِن فيه، وجملة (أشرق ثبير) فعل أمر من الإشراق أي ادخل في الشروق، ومعناه: لتطلع الشمس حتى تُرى على ثبير. انظر: «فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٥٣١)، «معجم ما استعجم» للبكري: (١/ ٣٣٦).
(٩) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٥٢٣)، وأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب متى يدفع من جمع: (١/ ٤٠٥).
(١٠) ها هنا: يعني المشعر الحرام. انظر «مرقاة المفاتيح» للقاري: (٥/ ٤٨٦).
(١١) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (٥٥٩)، رقم: (١٢١٨)، وأبو داود كتاب «المناسك»، باب الصلاة بجمع: (٢/ ٣٢٨)، من حديث جابر رضي الله عنه.
(١٢) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب من لم يدرك عرفة: (١٩٥٠)، والنسائي كتاب « مناسك الحج» باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة: (٣٠٤٤)، والترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج: (٨٩١)، وأحمد: (٤/ ١٥)، من حديث عروة بن مضرِّس الطائي رضي الله عنه. والحديث صحَّحه ابن الملقن في «البدر المنير»: (٦/ ٢٤٠)، والدارقطني والحاكم وأبو بكر بن العربي كما في «التلخيص الحبير» لابن حجر: (٢/ ٥٢٠)، والألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٥٩)، والوادعي في «الصحيح المسند»: (٩٤٠).
(١٣) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الصلاة بجمع: (٢/ ٣٢٧)، والترمذي كتاب «الحج»، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف: (٨٨٥)، وأحمد: (١/ ١٥٦)، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. والحديث صحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد»: (٢/ ٣٤٣)، والألباني في «صحيح الجامع»: (٦٩٩٦).
(١٤) أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»: (٤/ ٢٥٤)، والحاكم في «المستدرك»: (١/ ٦٣٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(١٥) أخرجه ابن ماجه كتاب «المناسك»، باب الموقف بعرفات: (٣٠١٢)، من حديث جابر رضي الله عنه. انظر رواته وطرقه في «البدر المنير» لابن الملقن: (٦/ ٢٣٤)، والحديث صحَّحه ابن عبد البر في «الاستذكار»: (٤/ ٢٧٤)، والألباني في «صحيح الجامع»: (٤٠٠٦).
(١٦) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(١٧) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط: (١/ ٤٠٣)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٢)، رقم: (١٢٨٢)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(١٨) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٤٣).
(١٩) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون ويقدم إذا غاب القمر: (١/ ٤٠٤)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٦)، رقم: (١٢٩٠)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢٠) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون ويقدم إذا غاب القمر: (١/ ٤٠٤)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٧)، رقم: (١٢٩٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢١) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٣٢)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار»: (٢/ ٢١٦)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث جوّد إسناده الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٧٥).
(٢٢) «المغني» لابن قدامة: (٣/ ٤٢٤).
(٢٣) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الركوب الارتداف في الحج: (٣٧٣)، من ابن عباس وأسامة بن زيد رضي الله عنهم.
(٢٤) أخرجه أحمد: (١/ ٤١٧)، وابن خزيمة في «صحيحه»: (٤/ ٢٥٠)، والحاكم في «المستدرك»: (١/ ٦٣٢)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. والحديث صحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ : «مسند أحمد»: (٦/ ٢٨)، وحسّنه الألباني في «الإرواء»: (٤/ ٢٩٦).
(٢٥) جزء من حديث جابر رضي الله عنه الطويل: أخرجه مسلم: كتاب «الحج»: (١/ ٥٥٦)، رقم: (١٢١٨).
(٢٦) معنى كاف ناقته أي يمنعها من الإسراع حتى دخل محسرًا فلم يمنعها. انظر «شرح مسلم» للنووي: (٩/ ٢٧).
(٢٧) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٨٢)، رقم: (١٢٨٢)، والنسائي كتاب «مناسك الحج»، باب الأمر بالسكينة في الإفاضة من عرفة: (٥/ ٢٥٨)، وأحمد: (١/ ٢١٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
أم فاطمة السلفية
2015-08-26, 09:26
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
شروط صحة رمي الجمار
-السـؤال:
-يُتداول في محيط الحجيج أنَّ للرمي شروطًا، فالرجاء من فضيلة شيخِنَا توضيح هذه الشروط بما تحصل به الطُّمَأنينة، وجزاكم الله خيرًا.
-الجـواب:
-الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
-فمِنَ الشروط الواجبة توافُرُها لصِحَّة الرَّمْيِ:
١ - أن يَقْصِدَ بالرمي الجمرةَ -وهي مجتمع الحصى، لا ما سال من الحصى- والجمار الثلاث حُوِّطت بأحواض وهي التي يجب أن تُقصَد بالرمي، فلو ألقى بحصاة فوقعت بعد الرمي في الجمرة من غير أن يقصد بالرمي إليها لم يُجْزِهِ، كما لا يجب في الرمي إصابة العمود الشاخص بالحصاة وإنما الواجب استقرار الحصاة في الحوض، فلو ارتدت الحصاة المضروبة في العمود وخرجت عن الحوض لم تجزه؛ لأن من شرط الحصى وقوعَه في المرمى فإن وقع دونه لم يجزه باتفاق.
٢ - ولا يصحّ الرمي إلاّ بعد دخول وقته الشرعي.
٣ - وعلى مذهب جمهور العلماء يشترط أن يكون المُرمى به حجرًا أي من جنس الأحجار كالرخام والمرمر(١) وما إلى ذلك، وعليه فلا يجزي الرمي بالنحاس والحديد والرصاص وغيرها من المعادن ولا بالتراب والطين والخَزَف والنُّوَرة إلاّ على رأي أبي حنيفة فإنه يجيز الرمي بكلّ ما كان من جنس الأرض.
٤ - ويجب عليه أن يرمي الحصاةَ على وجه يسمى رميًا، ويباشر ذلك الرمي بيده فلو ترك الحصاة تنحدر في المرمى أو وضعها فيه من غير رمي لم يُجْزِه باتفاق، وكذلك إذا رماها بقوس أو مقلاع أو ركلها برجله لم يكن مباشرًا لها بيده فلا يسمى ذلك رميًا.
ولو شك في وقوع حصاة في المرمى بعد رميه فلا يجزه؛ لأنّ الأصل بقاء الرمي في ذمّته فلا يزول بالشكّ، وتَرَجُحُ ظنِّه بوقوعها فيه أجزأه.
٥ - ولا يجزيه باتفاق أهل العلم أن يرميَ السبعَ الحصيات دفعة واحدة وإنما الواجب فيه أن يرميها واحدةً واحدةً.
٦ - ولا يجزي رمي الجمرات إلاّ مرتبًا، فيرمي الجمرة الصغرى التي تلي مسجدَ الخيف ثمّ الوسطى ثم جمرةَ العقبة، فإن نَكَسَ ذلك فلا يجزيه ذلك، خلافًا لأبي حنيفة.
٧ - ولا يجوز له أن يرميَ بحصى قد رُمي به وهو شرط عند المالكية والحنابلة وله أن يأخذ الحصى من حيث شاء، وما كان حول الجمار يجوز له أن يرمي به؛ لأن الأصل عدم حصول الرمي به بخلاف ما وقع في الحوض.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٨ من ذي الحجة ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٧ جانفي ٢٠٠٧م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-606#_ftnref_606_1) المرمر: نوع من الرخام صلب. (لسان العرب لابن منظور: ١٣/ ٧٦).
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
أم فاطمة السلفية
2015-08-27, 21:29
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في الحلق أو التقصير في يوم النحر
-السؤال:
-من أعمال الحج في اليوم العاشر من ذي الحجة: الحلقُ أو التقصيرُ، فنودُّ معرفةَ وقتِه وشيئًا من أحكامه؟ مع بيان الأفضل منهما؟ وجزاكم الله خيرا.
-الجواب:
-الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فبعدَ نحرِ الهدي أو ذبحه يحلِّق الحاجُّ رأسَه كلَّه أو يقصّره كلّه لأنّ «النبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ حَلَّقَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ»(١) والحلقُ أفضلُ من التقصير لدعائه صلى الله عليه وآله وسلّم بالرحمةِ والمغفرةِ للمحلِّقين ثلاث مرات وللمقصرين مرَّة واحدة ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلّم قال: «اللَّهُمَّ ارْحَمِ اْلمُحَلِّقِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ. قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ اْلمُحَلِّقِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ، قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ اْلمُحَلِّقِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ، وقَالَ في الرَّابِعَةِ: والمقَصِّرِينَ»(٢) وفي حديثٍ آخرَ أنَّ النَّبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: وَلِلْمُقَصِّرِينَ. قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالَها ثَلاَثًا، قال: وَلِلْمُقَصِّرِينَ»(٣). قال ابنُ حجر -رحمه الله -: «وفيه أنَّ الحلق أفضل من التقصير، ووجهه أنَّه أبلغ في العبادة وأبينُ للخضوع والذلة وأدلُّ على صدق النية، والذي يقصِّر يبقي على نفسه شيئًا مما يتزين به، بخلاف الحالق فإنه يشعر بأنه ترك ذلك لله تعالى، وفيه إشارةٌ إلى التجرد»(٤)
-ويُستحب للحالق البدءُ بالشق الأيمنِ للمحلوق لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ، نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الأَنْصَارِيَّ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الأَيْسَرَ، فَقَالَ: احْلِقْ فَحَلَقَهُ فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ فَقَالَ: اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ»(٥).
-والمشروعُ في حقِّ المرأة التقصيرُ وليس عليها حلق إجماعًا، لخصوصه بالرجال في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ عَلَى النِسَاءِ الحلْقُ وَإِنَّمَا عَلَى النِسَاءِ التَقْصِيرُ»(٦)، قال ابنُ عبد البر - رحمه الله-: «وأجمعُوا على أنَّ سنَّة المرأة التقصير لا الحِلاَق»(٧).
-وتقصِّر المرأة من كلِّ قرنٍ من شعرها كلِّه قدْرَ أنملة فأقلّ، فهو أقلُّ شيء يقع عليه اسم التقصير.
-قال النووي -رحمه الله-: «قال ابنُ المنذر: أجمعُوا على أن لا حَلق على النساء(٨)، وإنما عليهنَّ التقصير، قالوا: ويُكره لهن الحلق لأنه بدعة في حقهنّ، وفيه مُثلة، واختلفوا في قدر ما تقصّره فقال ابنُ عمر والشافعي وأحمدُ وإسحاقُ وأبو ثور: تقصّر من كلِّ قرن مثل الأنملة ... وقال مالك: تأخذ من جميع قرونها أقلَّ جزء، ولا يجوز من بعض القرون» [بتصرف](٩).
-والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٥ رمضان ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٥ أوت ٢٠٠٩م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1030#_ftnref_1030_1) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الحلق والتقصير عند الإحلال: (١/ ٤١٥)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٩٠)، رقم: (١٣٠١)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1030#_ftnref_1030_2) أخرجه البخاري كتاب «الحج»، باب الحلق والتقصير عند الإحلال: (١/ ٤١٤)، ومسلم كتاب «الحج»: (١/ ٥٩٠)، رقم: (١٣٠١)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1030#_ftnref_1030_3) أخرجه البخاري «الحج»، باب الحلق والتقصير عند الإحلال: (١/ ٤١٥)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1030#_ftnref_1030_4) «فتح الباري» لابن حجر: (٣/ ٥٦٤).
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1030#_ftnref_1030_5) أخرجه مسلم كتاب «الحج»: (٥٩٢)، رقم: (١٣٠٥)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1030#_ftnref_1030_6) أخرجه أبو داود كتاب «المناسك»، باب الحلق والتقصير: (٢/ ٣٤٤)، والدارمي كتاب «المناسك»، باب من قال ليس على النساء حلق: (٢/ ٨٩)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (٥/ ١٠٤)من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث ذكر له ابن الملقن في «البدر المنير»: (٦/ ٢٦٧) متابعات يتقوى بها، وحسّن إسناده الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير»: (٢/ ٥٢٩)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٢/ ١٥٧).
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1030#_ftnref_1030_7) «الاستذكار» لابن عبد البر: (٤/ ٣١٧).
(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1030#_ftnref_1030_8) «الإجماع» لابن المنذر: (٥٣).
(٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1030#_ftnref_1030_9) «المجموع» للنووي: (٨/ ٢١٠).
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
أم فاطمة السلفية
2015-08-27, 21:42
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في الطعام الذي يصنعه الحاج عند عودته من سفره
-السـؤال:
-جرت العادة عندنا أنّ الحاجَّ إذا أراد الذهاب إلى الحجِّ صنع طعامًا ودعا الأقارب والأحباب والجيران إليه، ويفعل الشيء نفسه عند عودته، وتسمّى هذه الدعوة عندنا بقولهم: «عشاء الحاجّ»، فنرجو منكم بيانَ حكم صنع هذا الطعام، وبارك الله فيكم.
-الجـواب:
-الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
-فالطعامُ المعدُّ عند قدومِ المسافر يقال له «النقيعة»، وهو مُشتقٌّ من النَّقْعِ -وهو الغبار- لأنّ المسافر يأتي وعليه غبارُ السفر، وقد صحَّ عن النبيِّ صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم أَنَّهُ: «لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً»(١)، والحديثُ يدلّ على مشروعية الدعوة عند القدوم من السفر(٢)، وقد بوّب له البخاري: «باب الطعام عند القدوم، وكان ابنُ عمرَ رضي الله عنهما يُفطِر لمن يغشاه»(٣)، أي: يغشونه للسلام عليه والتهنئة بالقدوم، قال ابن بطال في الحديث السابق: «فيه إطعام الإمام والرئيس أصحابَه عند القدوم من السفر، وهو مستحبٌّ عند السلف، ويسمَّى النقيعة، ونقل عن المهلب أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا قدم من سفر أطعم من يأتيه ويفطر معهم، ويترك قضاء رمضان لأنه كان لا يصوم في السفر فإذا انتهى الطعام ابتدأ قضاء رمضان».
-هذا، ومذهبُ جمهورِ الصحابة والتابعين وجوبُ الإجابة إلى سائرِ الولائم، وهي على ما ذكره القاضي عياض والنووي ثمان(٤) منها: «النقيعة»، مع اختلافهم هل الطعام يصنعه المسافرُ أم يصنعه غيرُه له؟ ومن النصِّ السابقِ والأثرِ يظهر ترجيحُ القولِ الأَوَّل.
-أمَّا إعدادُ الطعام قبل السفر فلا يُعلم دخوله تحت تَعداد الولائم المشروعة؛ لأنها وليمة ارتبطت بالحجّ وأضيفت إليه، و«كُلُّ مَا أُضِيفَ إِلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ يُصَحِّحُهُ».
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في ٢٦ من ذي الحجة ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ١٥ يناير ٢٠٠٧م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-749#_ftnref_749_1) أخرجه البخاري في «الجهاد والسير» باب الطعام عند القدوم (٣٠٨٩) من حديث جابر رضي الله عنه.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-749#_ftnref_749_2) «عون المعبود» العظيم آبادي (١٠/ ٢١١).
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-749#_ftnref_749_3) «فتح الباري» لابن حجر: (٦/ ١٩٤).
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-749#_ftnref_749_4) «شرح مسلم» للنووي: (٩/ ١٧١)، «تحفة المودود» لابن القيم: (١٢٧)، «نيل الأوطار» للشوكاني: (٦/ ٢٣٨).
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في حكم شراء جواز سفر خاصّ بالحج
-السـؤال:
-لا يخفى على فضيلتِكم أنّ الدولةَ عندنا -في الجزائر- تمنح جوازاتِ سفرٍ خاصَّةً بالحجِّ بالمجَّان، وأكثرها يحصل عليه المسجَّلون في بَلَديَّاتهم وَفق عملية القرعة، كما تمنح عددًا من هذه الجوازات لأشخاصٍ أو جهات إدارية معيّنة من إطارات وموظفي الدولة بالمجَّان أيضًا، فيحصل بعضُ الأفراد على عددٍ منها بحكم القرابة أو الصداقة فيقومون ببيعها لمن يريد الحجّ.
-فهل يجوز بيعُ هذه الجوازات بحُجَّة أنّها صارت مِلكًا لصاحبها؟ وهل يجوز شراؤها لمن لم يتيسَّر له الحصولُ عليها من الطرق المعلومة؟ وإذا جاز شراؤها فهل هو في الحجِّ الواجب فقط أم يشمل حجَّ التطوّع أيضًا؟ أفتونا مأجورين.
-الجـواب:
-الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
-فإنّه ممّا ينبغي أن يُعلمَ أنّ جواز السفر الأصلي المستجمع للبيانات الشخصية للفرد لا يصلح -أصلاً- أن يكون محلاًّ للتعامل فيه بالتنازل والإبراء أو الهِبَةِ أو البيع والشراء ونحو ذلك ممّا يدخله التراضي بين الطرفين من قسم: «حقّ العبد»، وعِلَّة المنع انتظامه ضمن معيارِ المصلحة العامَّة المتعلِّقة بنظام المجتمع، وهو ما اصطلح عليه في الشريعة ﺑ: «حقّ الله» أو «حقّ الشرع»، وأضيف الحقّ لله تعالى لعِظَمِ خطره وشمول نفعه، لذلك لا يجوز فيه العفو أو الإبراء منه أو الصلح عليه أو الاتفاق على ما يخالفه، وبعبارة مقتضبة: أنّه لا يقبل التراضي، ونظيرُه في الاصطلاح السائد: النظام العامّ، حيث لا يستطيع شخص -مثلاً- أن يتنازل عن اسمه ولقبه العائلي لغيره، أو يُعَدِّلَ فيه بحَسَبِهِ، إذ قواعد الأهلية من حقّ الله تعالى، وتندرج ضمن النظام العامِّ، فلا يستطيع شخص أن يتنازل عن أهليته أو يزيدَ فيها أو ينقصَ منها باتفاق خاصٍّ، مهما كانت صورة الاتفاق، وكذلك لا يجوز النُّزول عن البُنُوَّة أو الصلح على النَّسَب، وعليه يبطل كُلُّ تصرُّفٍ يقع مخالفًا لحقِّ الله تعالى، وكلُّ كَسْبٍ على عمل غير مشروع يحرم ويأثم صاحبه ويستحقُّ العقابَ.
أمّا الجواز المخصَّص للحجِّ الخالي من البيانات الشخصية فلا يصلح فيه -أيضًا- التعامل المالي بالبيع والشراء دون الهبة والتنازل باعتبار أنّ الجواز الخاصَّ بالحجِّ لا يمثِّل في ذاته قيمةً ماليةً متقومةً شرعًا، أي: أنّ الشرع لم يُقِرَّ بماليته حتى يُملَّك ويصبح محلاًّ للكسب بالبيع والشراء؛ ذلك لأنّ جواز السفر وسيلةٌ إداريةٌ لا تخرج طبيعتُه عن النظام العامِّ حيث تتصرَّف فيه الدولةُ إداريًّا على وَفْقِ المصلحة العامّة، ولا يصير -بحال- مِلكًا لحائزه، إذ لا قيمة لأوراقه بدون الجهة الحكومية المستوجبة للإجراءات البيانية والإدارية لتحصيل الترخيص بالحجِّ بالختم والإمضاء من الدوائر التابعة لها.
-ومن جهة أخرى فإنَّ الغرض الذي خُصِّصَ من أجله الجواز إنّما هو الاستعانة به كوسيلة لأداء مناسك الحجِّ القائمة على عهدة الجهة المانحة للجواز، فالتعامل المالي ببيع الجواز وشرائه يتنافى مع طبيعة المسلك الإداريِّ المنظِّم لهذه العبادة، وعليه فإذا انتفت الملكيةُ الفرديةُ للجواز لكونه معدودًا من النِّظام العامِّ، وتعارض التعاقدُ المالي مع الغرض الذي خُصِّصَ من أجله الجوازُ فلا يختلف الحكمُ عن سابقه بوقوع التعامل به باطلاً لمخالفته لحقِّ الله تعالى والتعدِّي على المنفعة العامَّة والمصلحة الشرعية التي خُصِّص من أجلها الجواز وَ«مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(١).
-هذا، وإذا تقرَّر الحكم بالمنع في الأصل فلا يمنع من الخروج عنه استثناءً لمن تعيَّنت عليه حَجَّةُ الإسلام، وتعذَّر عليه الحجُّ إلاَّ بهذا السَّبيل فإنّه يحلُّ لمعطي المال لأداء واجب الحجِّ في حَقِّه عند تحقُّق شرطه ما لا يحلُّ للآخِذِ، إذ الفعل الواحد يجوز أن يكون مأمورًا به من وجهٍ، منهيًّا عنه من وجهٍ آخرَ؛ لأنّ الفعل قد تجتمع فيه مصلحةٌ ومفسدةٌ من جهاتٍ مختلفةٍ.
-وتبريرُ الاستثناء من الأصل السابق يكمن في أنَّ العبادة حقٌّ خالصٌ لله تعالى لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلم: «حَقُ اللهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا»(٢)، والمعلومُ أنّ كُلَّ حقِّ يقابله واجبٌ، وترك عبادة الحجِّ لمن وجب عليه تضييع لحقِّ الله تعالى، وتركُ المأمورِ به أعظمُ ذنبًا من إتيان المنهي عنه، فمفسدة بَذْلِ المالِ لأجل تحصيل الجواز مغمورةٌ في مصلحة العبادة العُلْيَا، وهي مُقَدَّمَةٌ عليها كما تقرَّر في علم المقاصد؛ ولأنّ «جِنْسَ فِعْلِ المَأْمُورِ أَعْظَمُ مِنْ جِنْسِ تَرْكِ المَنْهِيِّ عَنْهُ»؛ ولأنّه إذا جاز -في حقوق العباد- دفعُ مالٍ لإحقاقِ حقٍّ أو إبطالِ باطلٍ أي: جازَ للمعطي دون الآخذ، فكذلك في حقِّ الله في العبادة، فظهر جَلِيًّا أنّ من تعلَّق الوجوبُ في ذِمَّته يجوز له الانتفاع بالجواز مع بذل العِوَضِ المالي عليه دون غيره.
-والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٩ شعبان ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٠١ سبتمبر ٢٠٠٧م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-777#_ftnref_777_1) أخرجه مسلم في «الأقضية»، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور: (٤٤٩٣)، وأحمد: (٢٥٨٧٠)، والدارقطني في «سننه»: (٤٥٩٣)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-777#_ftnref_777_2) أخرجه البخاري في «التوحيد»، باب ما جاء في دعاء النبي أمته إلى توحيد: (٩٦٣٨)، ومسلم في «الإيمان»، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا: (١٤٣)، والترمذي في «الإيمان»، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة: (٢٦٤٣)، وابن ماجه في «الزهد»، باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة: (٤٢٩٦)، وأحمد: (٢١٥٥٣)، من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في حكم الحجّ بالمال الحرام
-السـؤال:
-ما حكم الحجِّ بالمال الحرام؟
-الجـواب:
-الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
-فالحجُّ عبادةٌ مفروضةٌ مركَّبةٌ من القدرة البدنيةِ والماليةِ، فينبغي على المكلَّفِ أداؤُها بالمالِ الطيِّب والرِّزق الحلالِ لتحصيل الأجرِ والثوابِ، لقوله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: ١٩٧]، ولقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّـبًا»(١).
-غيرَ أنّ من حَجَّ بِمَالٍ حرامٍ فإنّ حَجَّهُ صحيحٌ على أرجح قَوْلَي العلماء، وتسقط به الفريضةُ، ولا تشغل به ذِمّته، وهو آثمٌ بفعل الحرام، لانفكاك جهة الأمر عن جهة النهي، ولا أجرَ له على حجّه لِمَا تقدّم من الأحاديث الصحيحة؛ ذلك لأنّ النفقة المالية ليست مقصودةً في ذاتها لجواز حجّ المكلَّف عن نفسه بنفقات غيره تبرُّعًا، فإذا حصل الإنفاق بالحلال وقع به الأجر وإلاّ لم يحصل له أجر، ولأنّ النفقة المالية ليست شرطًا في صحّة الحجّ وإنما هي شرط وجوب في حقّ البعيد دون القريب، إذ القريب المتمكّن من أداء الحجّ بدون نفقة فحجّه صحيح، ولم يرد عن العلماء القول بفساد حَجّه، فظهر بوضوح انفكاك الجهتين. أمّا حديث: «مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: «لاَ لَبَّيْكَ وَلاَ سَعْدَيْكَ وَحَجُّكَ مَرْدُودٌ عَلَيْكَ»(٢)، وغيرُه من الأحاديث فهي ضعيفةُ السند لا تقوى على النهوض والاحتجاج.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١ صفر ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ١٩ فبراير ٢٠٠٧م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-657#_ftnref_657_1) أخرجه مسلم: كتاب «الزكاة» باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها. رقم: (٢٣٤٦)، والترمذي في «تفسير القرآن»، (٢٩٨٩)، وأحمد: (٨١٤٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-657#_ftnref_657_2) انظر: مجمع «الزوائد» للهيثمي: (١٠/ ٥٢٢)، «المقاصد الحسنة» للسخاوي: رقم (٥٧)، «السلسلة الضعيفة» للألباني: (٣/ ٢١١) رقم (١٠٩١).
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
جزاك الله خير ياا م فاطمة
أم فاطمة السلفية
2015-09-04, 15:40
°°((فتاوى الحج))°°
لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله-
أم فاطمة السلفية
2015-09-06, 17:15
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في حكم إخراج الأضحية قيمةً
-السؤال:
-هل يجوز إخراجُ ثمنِ الأضحية قيمةً بدلاً من القيام بذبحها؟ وجزاكم الله خيرًا.
-الجواب:
-الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
-فالمقصود من الأضحية التقرُّبُ إلى الله تعالى بذبحِ أو نحرِ بهيمةِ الأنعام وإراقةِ دمها في أيَّام عيد الأضحى، أي: في يوم العيد بعد الانتهاء مِن صلاة العيد أو في ثلاثة أيَّامٍ بعده، والأضحيةُ شعيرةٌ عظيمةٌ وسنَّةٌ واجبةٌ في حقِّ القادر عليها على الصحيح مِن قولَيِ العلماء، تجزئ عن المضحِّي وعن أهل بيته كما ثبت ذلك في النصوص الحديثية.
-لذلك كان إخراجُ ثمن الأضحية عِوَضًا عن ذبحها عملاً غيرَ مجزئٍ مخالفًا لهدي النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهديِ صحابته الكرام رضي الله عنهم، وقد صحَّ عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(١).
-فضلاً عن أنه يترتَّب من العدول عن سنَّة الأضحية إلى التصدُّق بثمنها إماتةٌ لهذه الشعيرة المباركة التي قَرَنها اللهُ تعالى بالصلاة في العديد من المواضع في القرآن الكريم.
وضمن هذا المعنى -في فصلٍ متعلِّقٍ بأفضلية العقيقة على التصدُّق بثمنها ولو زاد- قال ابنُ القيِّم -رحمه الله-: «الذبح في موضعه أفضلُ من الصدقة بثمنه ولو زاد كالهدايا والأضاحي، فإنَّ نَفْس الذبح وإراقة الدم مقصودٌ، فإنه عبادةٌ مقرونةٌ بالصلاة كما قال تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: ٢]، وقال: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢]، ففي كلِّ ملَّةٍ صلاةٌ ونسيكةٌ لا يقوم غيرُهما مقامَهما، ولهذا لو تصدَّق عن دم المتعة(٢) والقِران(٣) بأضعافِ أضعافِ القيمة لم يَقُمْ مقامَه، وكذلك الأضحيةُ»(٤).
-والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
الجزائر: ٢٨ شعبان ١٤٣٤ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٧ جويلية ٢٠١٣م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1160#_ftnref_1160_1) أخرجه مسلم في «الأقضية» (١٧١٨)، من حديث عائشة رضي الله عنها، وقد اتَّفق الشيخان على إخراجه بلفظ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ».
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1160#_ftnref_1160_2) وهو أن يذبح المتمتِّع بالحجِّ ما تيسَّر من الهدي، والتمتُّع بالحجِّ هو أن يُحرم الآفاقيُّ بالعمرة في أشهر الحجِّ من الميقات، وسبيلُه إذا وصل إلى البيت أن يطوف ويسعى ويُتِمَّ عمرتَه ويخرجَ من إحرامه ثمَّ يقيم حلالاً بمكَّة إلى يوم الحجِّ ثمَّ يحجُّ من نفس العام، وعليه هديٌ [انظر: «النهاية» لابن الأثير (٤/ ٢٩٢)].
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1160#_ftnref_1160_3) وهو أن يذبح القارن بالحجِّ ما تيسَّر من الهدي، والقارن بالحجِّ هو أن يُحرم الآفاقيُّ بالحجِّ والعمرة معًا ويسوقَ الهديَ مِن بلده أو مِن الميقات ولا يتحلَّلَ مِن إحرامه حتى ينحر هديَه يوم النحر [انظر: «النهاية» لابن الأثير (٤/ ٢٥٢)، «نيل الأوطار» للشوكاني (٦/ ٤٥)].
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1160#_ftnref_1160_4) «تحفة المودود» لابن القيِّم (٨١).
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
أم فاطمة السلفية
2015-09-06, 17:30
http://store1.up-00.com/2015-07/1435803008521.gif
في أفضل الأنعام في الأضحية
-السؤال:
-هل تجوز الأضحية بالمعز؟ وما هو الأفضل في الأضحية؟ وجزاكم الله خيرًا.
-الجواب:
-الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
-فلا يجزئ في الأضحية إلاَّ بهيمةُ الأنعام لقوله تعالى: ﴿لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ﴾ [الحج: ٣٤]، وهي أزواجٌ ثمانيةٌ تصحُّ من الجنسين(١)، متمثِّلةً في: الجمل والناقة، والثور والبقرة، والكبش والنعجة، والتيس والعنز، ولكن لا يجزئ من المعز إلاَّ الثنيُّ وهو ما له سنةٌ فما فوقه؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً، إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ»(٢)، وأمَّا الجَذَع من المعز فقد نقل ابن عبد البرِّ -رحمه الله- إجماعَ العلماء على عدم إجزائها في الأضحية(٣).
-وأفضل الضحايا -عند الجمهور- يظهر على هذا الترتيب: الإبل ثمَّ البقر ثمَّ الغنم، وهذا الأخير على نوعين: الضأن ويليه المعز، وممَّا استدلُّوا به قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، ..»(٤)، وعلَّلوا الأفضليةَ بغلاء الثمن وهي علَّةٌ منصوصةٌ في حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه أنه قال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟» قَالَ: «أَغْلاَهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا»(٥)، ولا يخفى أنَّ الإبل والبقر أعلى ثمنًا وَأكثرُ نفعًا وأكبرُ أجسامًا وأعود فائدةً: حُمولةً وطعمًا.
-وخالف في ذلك المالكيةُ ورتَّبوا الأفضليةَ على علَّة طِيب اللحم، فكان أفضلها: الضأنَ ثمَّ البقر ثمَّ الإبل، واستدلُّوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافَّات: ١٠٧]، أي: بكبشٍ عظيمٍ، ولأنَّ: «النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ..»(٦)، وهو صلَّى الله عليه وسلَّم لا يفعل إلاَّ الأفضل.
-والظاهر -عندي- أنَّ مذهب الجمهور أقوى تقديمًا لقول النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على فعله، ولأنه -بغضِّ النظر عن استدلالهم بالدليل المبيِّن لمقام الأفضلية بين بهيمة الأنعام- فقد علَّلوا أفضلية الترتيب بعلَّةٍ منصوصٍ عليها، بينما المالكية علَّلوا بعلَّةٍ مستنبَطةٍ، وما هو مقرَّرٌ -أصوليًّا- في باب قواعد الترجيح بالمعاني أنَّ العلَّة المنصوص عليها مقدَّمةٌ على غير المنصوص عليها؛ لأنَّ نصَّ صاحبِ الشرع عليها دليلٌ على صحَّتها وتنبيهٌ على لزوم اتِّباعها، ولأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قد يترك الأفضلَ لبيان الجواز أو لِفِعْلِ الأيسر، ولكن يمكن توجيه مذهب المالكية على أنَّ المضحِّيَ بالضأن أفضلُ من الشريك المُقاسم في الإبل أو في البقر، وهو رأيٌ له اعتبارُه ووجاهتُه.
-هذا، وإذا كان الأفضل في أنواع بهيمة الأنعام ما رتَّبه الجمهور، وتقرَّرت صحَّةُ الأضحية من الجنسين إلاَّ أنَّ التضحية بالذكر أفضلُ منها بالأنثى؛ لعموم قوله صلَّى الله عليه وسلَّم في أفضل الرقاب: «أَغْلاَهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا».
-أمَّا لون الأضحية فأفضلها البيضاء (العفراء) وهي أفضل من السوداء؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ضحَّى بكبشين أملحين، والأملح: الأبيض الخالص البياض(٧)، وإذا كان السواد حول عينيها وفمِها وفي رجليها أشبهت أضحيةَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم(٨)، قال النوويُّ -رحمه الله-: «أفضلها البيضاء ثمَّ الصفراء ثمَّ الغبراء -وهي التي لا يصفو بياضُها- ثمَّ البلقاء -وهي التي بعضُها أبيض وبعضها أسود- ثمَّ السوداء، وأمَّا قوله في الحديث الآخر: «يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ»(٩) فمعناه أنَّ قوائمه وبطنَه وما حول عينيه أسود»(١٠).
-والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
الجزائر: ١٣ رمضان ١٤٣٤ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٢ جويلية ٢٠١٣م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1162#_ftnref_1162_1) لقوله تعالى: ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهَذَا﴾ [الأنعام: ١٤٣-١٤٤]. هذا، وليس في ترتيب الضأن والمعز قبل الإبل والبقر في الآية تقديم أفضلية لنوعها، وإنما هو أسلوب قرآني بديع يتجلى فيه الترقي من الأدنى إلى الأعلى.
(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1162#_ftnref_1162_2) أخرجه مسلم في «الأضاحي» (١٩٦٣) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1162#_ftnref_1162_3) انظر: «التمهيد» لابن عبد البرِّ (٢٣/ ١٨٥).
(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1162#_ftnref_1162_4) أخرجه البخاري في «الجمعة» باب فضل الجمعة (٨٨١)، ومسلم في «الجمعة» (٨٥٠)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1162#_ftnref_1162_5) أخرجه أحمد (٢١٥٠٠) من حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (١١٠٥)، وفي رواية: «أَعْلاَهَا ثَمَنًا...» أخرجها البخاري في «العتق» بابٌ: أيُّ الرقاب أفضل (٢٥١٨)، وفي أخرى: «وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا..» أخرجها مسلم في «الإيمان» (٨٤).
(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1162#_ftnref_1162_6) أخرجه البخاري في «الأضاحي» باب وضعِ القدم على صَفْحِ الذبيحة (٥٥٦٤)، ومسلم في «الأضاحي» (١٩٦٦)، من حديث أنسٍ رضي الله عنه.
(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1162#_ftnref_1162_7) انظر: «شرح مسلم» للنووي (١٣/ ١٢٠).
(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1162#_ftnref_1162_8) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٦/ ٣٠٨).
(٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1162#_ftnref_1162_9) أخرجه مسلم في «الأضاحي» (١٩٦٧) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(١٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1162#_ftnref_1162_10) «شرح مسلم» للنووي (١٣/ ١٢٠).
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس -حفظه الله -
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir