أبو هاجر التلمساني
2015-08-21, 23:11
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :
يتناقل الناس وخطباء الفتن قصة التالية:
قال العتبي: "بعث إلى عمر بحلل فقسمها، فأصاب كل رجل ثوباً، فصعد المنبر وعليه حلة، والحلة ثوبان، فقال: أيها الناس ألا تسمعون،
فقال سلمان: لا نسمع.
فقال: ولم يا أبا عبد الله؟
قال: لأنك قسمت علينا ثوباً ثوباً وعليك حلة.
قال: لا تعجل يا أبا عبد الله. ثم نادى: يا عبد الله. فلم يجبه أحد، فقال: يا عبد الله بن عمر. قال: لبيك يا أمير المؤمنين.
قال: نشدتك بالله، الثوب الذي اتزرت به هو ثوبك؟
قال: اللهم نعم .
فقال سلمان رضي الله عنه: أما الآن فقل تسمع) ( عيون الأخبار 1: 55 )
قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية:
هكذا نقلها بدون إسناد .
ونقلها ابن دريد في ( الأمالي ) برقم 132 بدون إسناد .
ونقلها ابن الجوزي في ( صفة الصفوة ) ( 1/ 535 ) بدون إسناد أيضاً .
وتدفع هذه الأسطورة من وجوه :
الأول : أنها ليس لها إسناد من العتبي إلى عمر وسلمان رضي الله عنهما ، وبينه وبينهما مفاوز تنقطع دونها أعناق الإبل .
الثاني : أن هذا العتبي مجهول ، فلم يذكر ابن قتيبة وابن دريد وابن الجوزي اسم هذا العتبي ولا نسبه ، وحتى لو ذكر اسمه ، فإنه لا قيمة لهذه القصة المجردة من الإسناد .
الثالث : الواجب تنزيه عمر وسلمان وأصحاب محمد ﷺ عن هذا المنهج الفوضوي الذي يخالف المنهج القرآني والنبوي في وجوب طاعة أولي الأمر ما داموا يصلون ، فكيف بعمر بن الخطاب الذي ملأ الأرض عدلاً .
الرابع : أن هذه القصة المزيفة تصور الصحابة في صورة لا يقوم عليها دين ولا دولة .
أبمجرد أن يرى أحد من الصحابة على أمير المؤمنين ثوباً يحتاجه يقول : لا سمع لك علينا ولا طاعة ، ويقع الخليفة في قفص الاتهام ، لا 'يخرجه منه إلا شاهد عدل أنه قد تبرع بهذا الثوب ، فكيف ستكون النتيجة لو كان عبد الله بن عمر غائباً في غزوة أو غيرها ؟!!
الخامس : أن هذه القصة تخالف مذهب عمر وأصحاب رسول الله ﷺ في التفضيل في العطاء ، فيعطي بعضهم خمسة آلاف وبعضهم أربعة ، وبعضهم اثنى عشرة ألفاً ، وبعضهم خمسمائة وثلاثمائة على أساس الرجل وبلائه في الإسلام ، والرجل وقدمه في الإسلام ، والرجل وحاجته في الإسلام ، فبلاء عمر في الإسلام وقدمه فيه وحاجته ومكانته كل ذلك لم يشفع لعمر في ثوب يحتاجه لا عند سلمان ولا عند غيره من أصحاب رسول الله ﷺ ، ونسوا كلهم الأحاديث الآمرة بالطاعة للأمير ما دام في دائرة الإسلام ، ونسوا ما اتفقوا عليه من جواز التفضيل مراعاة لمنازل الرجال ؟!!
السادس : كيف يفرح مسلم عاقل بهذا المبدأ الثوري الخطير الذي لا تعيش عليه أمة ، ولا يقوم عليه دين بناء على هذه القصة الباطلة لعلها من صياغة أعداء الإسلام لتدمير الإسلام والمسلمين .
المصدر: ( عون الباري ببيان ما تضمنه شرح السنة للامام البربهاري 1: 252 )
يتناقل الناس وخطباء الفتن قصة التالية:
قال العتبي: "بعث إلى عمر بحلل فقسمها، فأصاب كل رجل ثوباً، فصعد المنبر وعليه حلة، والحلة ثوبان، فقال: أيها الناس ألا تسمعون،
فقال سلمان: لا نسمع.
فقال: ولم يا أبا عبد الله؟
قال: لأنك قسمت علينا ثوباً ثوباً وعليك حلة.
قال: لا تعجل يا أبا عبد الله. ثم نادى: يا عبد الله. فلم يجبه أحد، فقال: يا عبد الله بن عمر. قال: لبيك يا أمير المؤمنين.
قال: نشدتك بالله، الثوب الذي اتزرت به هو ثوبك؟
قال: اللهم نعم .
فقال سلمان رضي الله عنه: أما الآن فقل تسمع) ( عيون الأخبار 1: 55 )
قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية:
هكذا نقلها بدون إسناد .
ونقلها ابن دريد في ( الأمالي ) برقم 132 بدون إسناد .
ونقلها ابن الجوزي في ( صفة الصفوة ) ( 1/ 535 ) بدون إسناد أيضاً .
وتدفع هذه الأسطورة من وجوه :
الأول : أنها ليس لها إسناد من العتبي إلى عمر وسلمان رضي الله عنهما ، وبينه وبينهما مفاوز تنقطع دونها أعناق الإبل .
الثاني : أن هذا العتبي مجهول ، فلم يذكر ابن قتيبة وابن دريد وابن الجوزي اسم هذا العتبي ولا نسبه ، وحتى لو ذكر اسمه ، فإنه لا قيمة لهذه القصة المجردة من الإسناد .
الثالث : الواجب تنزيه عمر وسلمان وأصحاب محمد ﷺ عن هذا المنهج الفوضوي الذي يخالف المنهج القرآني والنبوي في وجوب طاعة أولي الأمر ما داموا يصلون ، فكيف بعمر بن الخطاب الذي ملأ الأرض عدلاً .
الرابع : أن هذه القصة المزيفة تصور الصحابة في صورة لا يقوم عليها دين ولا دولة .
أبمجرد أن يرى أحد من الصحابة على أمير المؤمنين ثوباً يحتاجه يقول : لا سمع لك علينا ولا طاعة ، ويقع الخليفة في قفص الاتهام ، لا 'يخرجه منه إلا شاهد عدل أنه قد تبرع بهذا الثوب ، فكيف ستكون النتيجة لو كان عبد الله بن عمر غائباً في غزوة أو غيرها ؟!!
الخامس : أن هذه القصة تخالف مذهب عمر وأصحاب رسول الله ﷺ في التفضيل في العطاء ، فيعطي بعضهم خمسة آلاف وبعضهم أربعة ، وبعضهم اثنى عشرة ألفاً ، وبعضهم خمسمائة وثلاثمائة على أساس الرجل وبلائه في الإسلام ، والرجل وقدمه في الإسلام ، والرجل وحاجته في الإسلام ، فبلاء عمر في الإسلام وقدمه فيه وحاجته ومكانته كل ذلك لم يشفع لعمر في ثوب يحتاجه لا عند سلمان ولا عند غيره من أصحاب رسول الله ﷺ ، ونسوا كلهم الأحاديث الآمرة بالطاعة للأمير ما دام في دائرة الإسلام ، ونسوا ما اتفقوا عليه من جواز التفضيل مراعاة لمنازل الرجال ؟!!
السادس : كيف يفرح مسلم عاقل بهذا المبدأ الثوري الخطير الذي لا تعيش عليه أمة ، ولا يقوم عليه دين بناء على هذه القصة الباطلة لعلها من صياغة أعداء الإسلام لتدمير الإسلام والمسلمين .
المصدر: ( عون الباري ببيان ما تضمنه شرح السنة للامام البربهاري 1: 252 )