تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : في حكم لُبس المرأة للبنطلون/ من أُصول الفِقه


miramer
2015-08-21, 19:18
السـؤال:
كثيراتٌ من النسوة المسلمات يسألن عن حكم لباس السِّروال أو البنطلون الخاصِّ بالمرأة المجسِّم للعورة، والظهورِ به أمام الزوج بُغية التزيُّن له أو تحقيقِ رغبته في ذلك، فإن كان هذا جائزًا فهل يُعمَّم الحكمُ في ذلك على الظهور به أمام النساء وأمام الأولاد في البيت؟
نرجو من فضيلتكم تفصيلاً في المسألة، ووفَّقكم الله إلى قول الصواب.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالأصلُ في النساء أنهنَّ مأموراتٌ بالاستتار والاحتجاب دون التبرُّج والتكشُّف، لذلك فالمرأة ترتدي من الثياب ما يُصلح حالَها ويناسب مقصودَ الشارع المحقِّق لمعنى الستر، ولا يُشرع لها ضِدُّ ذلك، ولا يبعد عن أهل النظر أنَّ مقصودَ الثياب في معناه وعلَّته يشبهُ مقصودَ المساكن، وقد جاء في شأن المساكن والبيوت قولُه تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾ [الأحزاب: ٣٣]، وقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ المَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ»(١)، إذ المساكنُ من جنس الملابس، والعلَّةُ فيهما الوقايةُ ودفعُ الضرر، فالوقايةُ من الحرِّ والبرد وسلاحِ العدوِّ ونحو ذلك يوجد في المساكن والملابس، لذلك قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ﴾ [النحل: ٨١]، وقال تعالى: ﴿وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ [النحل: ٥] أي: من البرد.
وإذا تقرَّر أنَّ الشريعة تأمر النساءَ بالاستتار والاحتجاب فإنَّ هذا المقصود الشرعيَّ يظهر في التفريق بين لباس المرأة ولباس الرجل، فاللباس إن كان عائدًا إلى ذات الستر فهذا يُؤمر به النساء لأنه أسترُ لهنَّ، إذ إنَّ كُلَّ لباسٍ قريبٍ من مقصود الشارع بالاستتار فالنساء أَوْلى به، وكان ضِدُّه للرجالِ إلاَّ ما استثناه الدليلُ.
أمَّا إن كان اللباسُ عائدًا إلى العادة، وتضمَّن في ذاته السترَ المطلوب: فإن جَرَتْ عادة أهل البلاد أن يلبس الرجالُ مثل هذه الثياب دون النساء؛ فإنَّ النهي عن مثلِ هذا يتغيَّر بتغيُّر عاداتِ النَّاس في أحوالهم وبلادهم.
ومن منطلقِ هذا التقعيدِ فإنَّ السروال أو البنطلون معدودٌ من أخصِّ ثياب الرجال، فإن كان محجِّمًا للعورة ومحدِّدًا لأجزاء البدن ومُظهرًا لتقاطيع الجسم فهو بهذه الصفة لا يجوز للرجل بَلْهَ المرأة، سواءٌ مع المحارم أو الأجانب من بابٍ أَوْلى، ويتعيَّن المنع عليها من جهتين:
- الجهة الأولى: أنَّ في لُبسه فتحًا لِبَاب لباس أهل النار وتشبُّهًا بهم في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا»(٢)، والمراد به النساء اللواتي يلبَسْنَ الخفيفَ من الثياب الذي يصف ولا يستر، فهنَّ كاسياتٌ بالاسم عارياتٌ في الحقيقة(٣)، والتشبُّه بأهل النار أو بالعاهرات لا يجوز شرعًا، لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»(٤)، وحتى يغيب معنى التحجيم والعري أمرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الرجلَ الذي كسَا امرأته قُبطيةً: «مُرْهَا فَلْتَجْعَلْ تَحْتَهَا غِلاَلَةً، إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا»(٥).
- والجهة الثانية: أنَّ في لُبس البنطلون تشبُّهًا بالرجال في أخصِّ ثيابهم، وقد جاءت صيغة النهي بلفظ التشبُّه في قول ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ»(٦)، وقولِه: «لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُخَنَّثيِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ»(٧)، وفي حديثٍ آخر: «لَعَنَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالمَرْأةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ»(٨). وقد علَّق الحكمَ باسم التشبُّه، سواءٌ في اللباس أو في غيره، ولا يخفى أنَّ المشابهة في الأمور الظاهرة تورث المشابهةَ في الأخلاق والتناسبَ في الأعمال، فالمرأةُ المتشبِّهةُ بالرجال تنطبعُ بأخلاقهم، الأمر الذي ينافي الحياءَ والخَفَرَ(٩) المشروعَ للنساء، ويتجسَّد فيها معنى التبرُّج والبروز ومشاركة الرجال، فيؤدِّي ذلك إلى إظهار بدنها كما يُظهره الرجل، وتطلب العلوَّ على الرجل كما تعلو الرجال على النساء، وهذا القَدْرُ قد يحصل بمجرَّد المشابهة، وقد نبَّه على هذه القاعدة شيخُ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفةَ أصحاب الجحيم».
هذا، وتزول الآفتان السابقتان فيما إذا لَبِست المرأةُ سروالاً وفوقه ملابسُ سابغةٌ، حيث ينتفي فيه التشبُّه بالرجال، لتحوُّل المظهر الخارجيِّ الظاهر إلى لباسٍ داخليٍّ مستورٍ تختفي فيه المعاني السابقة ويتحقَّق الستر والاحتجاب المطلوب -شرعًا- من النساء تحصيلُه، وضمن هذا المنظور قال ابن تيمية -رحمه الله-: «فلو لَبِست المرأةُ سراويلَ أو خفًّا واسعًا صلبًا كالموقِ(١٠) وتدلَّى فوقه الجلبابُ بحيث لا يظهرُ حجمُ القدمِ لكان هذا محصِّلاً للمقصود»(١١).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٧ من المحرَّم ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٣ جانفي ٢٠٠٩م
(١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-991#_ftnref_991_1) أخرجه أبو داود في «الصلاة» بابُ ما جاء في خروج النساء إلى المسجد (٥٦٧) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصحَّحه النوويُّ في «الخلاصة» (٢/ ٦٧٨)، وأحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد» (٧/ ٢٣٢)، والألباني في «صحيح الجامع» (٧٤٥٨). وأخرجه البخاريُّ (٩٠٠) ومسلمٌ (٤٤٢) دون زيادة: «وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ».

(٢) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-991#_ftnref_991_2) أخرجه مسلم في «اللباس والزينة» (٢١٢٨) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(٣) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-991#_ftnref_991_3) انظر: «شرح مسلم» للنووي (١٤/ ١١٠)، «فيض القدير» للمناوي (٤/ ٢٠٩)، «تنوير الحوالك» للسيوطي (٣/ ١٠٣).

(٤) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-991#_ftnref_991_4) أخرجه أبو داود في «اللباس» بابٌ في لُبس الشهرة (٤٠٣١) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه العراقي في «تخريج الإحياء» (١/ ٣٥٩)، وحسَّنه ابن حجر في «فتح الباري» (١٠/ ٢٨٨)، والألباني في «الإرواء» (١٢٦٩).

(٥) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-991#_ftnref_991_5) أخرجه أحمد (٢١٧٨٦) من حديث أسامة بن زيدٍ رضي الله عنهما. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٥/ ١٣٩): «فيه عبد الله بن محمَّد بن عقيل، وحديثه حسنٌ وفيه ضعفٌ، وبقيَّة رجاله ثقاتٌ»، وحسَّنه الألباني في «جلباب المرأة المسلمة» (١٣١).

(٦) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-991#_ftnref_991_6) أخرجه البخاري في «اللباس» بابٌ: المتشبِّهون بالنساء، والمتشبِّهات بالرجال (٥٨٨٥) من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

(٧) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-991#_ftnref_991_7) أخرجه البخاري في «اللباس» باب إخراج المتشبِّهين بالنساء من البيوت (٥٨٨٦) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(٨) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-991#_ftnref_991_8) أخرجه أبو داود في «اللباس» بابٌ لباس النساء (٤٠٩٨) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٥٠٩٥).

(٩) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-991#_ftnref_991_9) الخَفَر: شدَّة الحياء. [انظر: «النهاية» لابن الأثير (٢/ ٣٥)، «مختار الصحاح» للرازي (١٨٢)].

(١٠) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-991#_ftnref_991_10) الموق: خفٌّ غليظٌ يُلبس فوق الخفِّ. [«مختار الصحاح» للرازي (٦٣٩)، «المعجم الوسيط» (٢/ ٨٩٢)].

(١١) (http://ferkous.com/home/?q=fatwa-991#_ftnref_991_11) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٢/ ١٤٨).




http://ferkous.com/home/?q=fatwa-991

ميليساا
2015-08-21, 19:23
بارك الله فيك على المعلومة

ام مصعب111
2015-08-22, 00:12
جزاكم الله خيرا

~ ...منــــــآل ... ~
2015-08-22, 17:37
شكرآ على المعلومآت القيمة ~

miramer
2015-08-22, 22:19
بارك الله فيك على المعلومة




آمين واياك اختي

جزاكم الله خيرا



آمين واياك اختي

شكرآ على المعلومآت القيمة ~


عفوووووووووووووووووووووا اختي

om.mohamed
2015-08-23, 15:06
شكرا على المعلومة

الطالبة الجريئة
2015-08-23, 22:18
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بوركتي غاااااليتي
وجزاكم الله خيرًا ونفع بكم

miramer
2015-08-24, 20:02
شكرا على المعلومة


عفوووووووووووووووووووا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بوركتي غاااااليتي
وجزاكم الله خيرًا ونفع بكم



آمين واياك اختي

ام مصعب111
2015-08-24, 20:12
جزاكم الله خيرا

miramer
2015-08-26, 22:04
آمين واياك اختي

jana jiji
2015-08-27, 12:06
شكرا على المعلومات القيمة

miramer
2015-08-27, 21:21
عفووووووووووووووووووووا أخية