عبد القادر الطالب
2015-08-20, 07:15
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله
صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
رضا الله في ثلاث وسخطه في ثلاث .
الشيخ ربيع بن هادي المدخلي
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا : يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ، ويسخط لكم ثلاثا : قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال " .( رواه مسلم ومالك وأحمد ) .
في هذا الحديث إشارات نبوية عظيمة :
فأولها : الحث على التوحيد الخالص والقيام بأعظم حقوق الله وأعظم واجبات الإسلام ؛ وهو إفراد الله وحده بالعبادة التي هي الغاية من خلق الجن والإنس .
قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) .
والإبتعاد عن الشرك في عبادته ، فلا يشرك العبد بالله أحدا من خلقه ، فيجعله ندا لله في دعاء ولا استغاثة ولا ذبح ولا نذر ولا رجاء ولا خوف ولا توكل ، لأن هذه الأمور حق خاص لله لا يرضى أن يشاركه فيها ملك مقرب ولا نبي مرسل .
وثانيها : الإعتصام بحبل الله ؛ وهو ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب وسنة ، وما حوته تعاليم الرسول من عقائد وعبادات وأخلاق ومعاملات ، فلا يسع مسلما لا فردا من أفراد المسلمين ولا طائفة من طوائف المسلمين ولا مجتمعا من المجتمعات الإسلامية ولا حاكما ولا محكوما الخروج عن شيء من أصول الإسلام أو فروعه ، بل يجب على الجميع الإيمان والإلتزام الكامل بكل ما جاء به خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وتقديمه على كل قول وهدي .
والإحتكام إلى ما جاء به الرسول في كل شأن وتجريد الطاعة والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في صغير أمور الدين وكبيرها ، ومجانبة كل بدعة ورأي ومعصية ، وبذلك لا بغيره يجتمع شمل المسلمين وتقوم وحدتهم المنشودة ويصدق عليهم جميعا أنهم معتصمون بحبل الله ، وهذا الواقع هو الذي يريده الله وكلّف به الأمة الإسلامية ، لا الوحدات السياسية مع اختلاف العقائد والمشارب والإتجاهات ، فإن هذا اللون من التجميع لو تم ـ وهو بعيد ـ ينطبق عليه قول الله تعالى : (( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى )) [ الحشر : 14 ] .
وثالثها : مناصحة ولاة أمر المسلمين ، وذلك يتم بالتعاون معهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين وترك الخروج عليهم ، والصلاة خلفهم والجهاد معهم وأداء الصدقات إليهم وترك الخروج عليه بالسيف إذا ظهر منهم حيف أو سوء العشرة ، والدعاء لهم بالصلاح وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم .
ورابعها : النهي عن قيل وقال ، وهو الخوض في الباطل وإشاعة الفواحش ونشر الإشاعات والأخبار الكاذبة وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ، وكذلك الإغراق في فرض مسائل لم تقع والإجابات عنها قبل وقوعها ، فإن هذا يصرف المسلمين عن دراسة الكتاب والسنة ويشغلهم عن حفظ نصوصهما والتفقه فيهما .
وخامسها : النهي عن كثرة السؤال ، وهو يشمل سؤال الناس ما في أيديهم من المال وغيره وإنزال حاجته بهم ، وهذا لا يليق بالمسلم الذي يريد الله له أن يكون عزيزا شريفا ، فسؤال الناس محرم في الأصل ولا يجوز إلا في حال الضرورة وفي سؤال المخلوق بلا ضرورة ثلاث مفاسد :
1 ـ مفسدة الإفتقار إلى غير الله وهي نوع من الشرك .
2 ـ ومفسدة إيذاء المخلوق المسؤول وهي نوع ظلم الخلق .
3 ـ ومفسدة الذل لغير الله وهو ظلم للنفس .
هذا إذا كان السؤول حيا قادرا على تحقيق المطلوب منه ، فكيف بسؤال الميت والغائب ما لا يقدر عليه إلا الله ؟ إن ذلك هو عين الشرك بالله .
كما يشمل هذا النهي كثرة الأسئلة العلمية خصوصا التي يقصد منها التعنت وإثارة النزاع والجدال بالباطل وكذلك الإغراق في فرض المسائل التي لم تقع وطلب الإجابات عنها .
وسادسها : النهي عن إضاعة المال ، فإن المال نعمة من الله ، وفيه عون على طاعة الله والجهاد في سبيله وعلى مساعدة المستحقين من المسلمين الفقراء والأقارب وغيرهم ، فيجب أن يشكر المسلم ربه على هذه النعمة ، ويحافظ عليها من الضياع والإهمال ولا ينفق منه إلا في الطرق التي شرعها الله أو أباحها ، وليس له أن ينفق منه في سبيل الشيطان والمعاصي ، كما ليس له أن يهمل هذه النعمة ويعرضها للضياع .
ما يستفاد من الحديث :
1 ـ وجوب القيام بعبادة الله على الوجه المطلوب .
2 ـ وجوب الإبتعاد عن كل أصناف الشرك صغيره وكبيره .
3 ـ وجوب الإعتصام بحبل الله وهو الإسلام الذي جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كتابا وسنة في كل شأن .
4 ـ تحريم التفرق ووجوب وحدة المسلمين على الحق .
5 ـ وجوب مناصحة ولاة أمر المسلمين ، والتعاون معهم على الحق والبر .
6 ـ تحريم القيل والقال .
7 ـ تحريم سؤال المخلوقين إلا فيما يقدرون عليه في حال الضرورة ، والأفضل التوكل والصبر .
8 ـ تحريم إضاعة المال .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله
صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
رضا الله في ثلاث وسخطه في ثلاث .
الشيخ ربيع بن هادي المدخلي
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا : يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ، ويسخط لكم ثلاثا : قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال " .( رواه مسلم ومالك وأحمد ) .
في هذا الحديث إشارات نبوية عظيمة :
فأولها : الحث على التوحيد الخالص والقيام بأعظم حقوق الله وأعظم واجبات الإسلام ؛ وهو إفراد الله وحده بالعبادة التي هي الغاية من خلق الجن والإنس .
قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) .
والإبتعاد عن الشرك في عبادته ، فلا يشرك العبد بالله أحدا من خلقه ، فيجعله ندا لله في دعاء ولا استغاثة ولا ذبح ولا نذر ولا رجاء ولا خوف ولا توكل ، لأن هذه الأمور حق خاص لله لا يرضى أن يشاركه فيها ملك مقرب ولا نبي مرسل .
وثانيها : الإعتصام بحبل الله ؛ وهو ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب وسنة ، وما حوته تعاليم الرسول من عقائد وعبادات وأخلاق ومعاملات ، فلا يسع مسلما لا فردا من أفراد المسلمين ولا طائفة من طوائف المسلمين ولا مجتمعا من المجتمعات الإسلامية ولا حاكما ولا محكوما الخروج عن شيء من أصول الإسلام أو فروعه ، بل يجب على الجميع الإيمان والإلتزام الكامل بكل ما جاء به خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وتقديمه على كل قول وهدي .
والإحتكام إلى ما جاء به الرسول في كل شأن وتجريد الطاعة والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في صغير أمور الدين وكبيرها ، ومجانبة كل بدعة ورأي ومعصية ، وبذلك لا بغيره يجتمع شمل المسلمين وتقوم وحدتهم المنشودة ويصدق عليهم جميعا أنهم معتصمون بحبل الله ، وهذا الواقع هو الذي يريده الله وكلّف به الأمة الإسلامية ، لا الوحدات السياسية مع اختلاف العقائد والمشارب والإتجاهات ، فإن هذا اللون من التجميع لو تم ـ وهو بعيد ـ ينطبق عليه قول الله تعالى : (( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى )) [ الحشر : 14 ] .
وثالثها : مناصحة ولاة أمر المسلمين ، وذلك يتم بالتعاون معهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين وترك الخروج عليهم ، والصلاة خلفهم والجهاد معهم وأداء الصدقات إليهم وترك الخروج عليه بالسيف إذا ظهر منهم حيف أو سوء العشرة ، والدعاء لهم بالصلاح وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم .
ورابعها : النهي عن قيل وقال ، وهو الخوض في الباطل وإشاعة الفواحش ونشر الإشاعات والأخبار الكاذبة وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ، وكذلك الإغراق في فرض مسائل لم تقع والإجابات عنها قبل وقوعها ، فإن هذا يصرف المسلمين عن دراسة الكتاب والسنة ويشغلهم عن حفظ نصوصهما والتفقه فيهما .
وخامسها : النهي عن كثرة السؤال ، وهو يشمل سؤال الناس ما في أيديهم من المال وغيره وإنزال حاجته بهم ، وهذا لا يليق بالمسلم الذي يريد الله له أن يكون عزيزا شريفا ، فسؤال الناس محرم في الأصل ولا يجوز إلا في حال الضرورة وفي سؤال المخلوق بلا ضرورة ثلاث مفاسد :
1 ـ مفسدة الإفتقار إلى غير الله وهي نوع من الشرك .
2 ـ ومفسدة إيذاء المخلوق المسؤول وهي نوع ظلم الخلق .
3 ـ ومفسدة الذل لغير الله وهو ظلم للنفس .
هذا إذا كان السؤول حيا قادرا على تحقيق المطلوب منه ، فكيف بسؤال الميت والغائب ما لا يقدر عليه إلا الله ؟ إن ذلك هو عين الشرك بالله .
كما يشمل هذا النهي كثرة الأسئلة العلمية خصوصا التي يقصد منها التعنت وإثارة النزاع والجدال بالباطل وكذلك الإغراق في فرض المسائل التي لم تقع وطلب الإجابات عنها .
وسادسها : النهي عن إضاعة المال ، فإن المال نعمة من الله ، وفيه عون على طاعة الله والجهاد في سبيله وعلى مساعدة المستحقين من المسلمين الفقراء والأقارب وغيرهم ، فيجب أن يشكر المسلم ربه على هذه النعمة ، ويحافظ عليها من الضياع والإهمال ولا ينفق منه إلا في الطرق التي شرعها الله أو أباحها ، وليس له أن ينفق منه في سبيل الشيطان والمعاصي ، كما ليس له أن يهمل هذه النعمة ويعرضها للضياع .
ما يستفاد من الحديث :
1 ـ وجوب القيام بعبادة الله على الوجه المطلوب .
2 ـ وجوب الإبتعاد عن كل أصناف الشرك صغيره وكبيره .
3 ـ وجوب الإعتصام بحبل الله وهو الإسلام الذي جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كتابا وسنة في كل شأن .
4 ـ تحريم التفرق ووجوب وحدة المسلمين على الحق .
5 ـ وجوب مناصحة ولاة أمر المسلمين ، والتعاون معهم على الحق والبر .
6 ـ تحريم القيل والقال .
7 ـ تحريم سؤال المخلوقين إلا فيما يقدرون عليه في حال الضرورة ، والأفضل التوكل والصبر .
8 ـ تحريم إضاعة المال .