اسامة سامي
2015-08-19, 16:49
ونحن نورد من روائع أقواله وأمثاله بعضا مما جاء في شعره:
ففي صرعى الحب يقول :
لا تعــذل المشتاق فـي أشواقه *** حـتى يكـون حشاك في أحشائه
إن القتيـل مضرجـا بدموعـه *** مثـل القتيـل مضرجـا بدمائه
ويقول فيما عاناه من نوائب الزمان:
لم يـترك الدهر في قلبي ولا كبدي *** شـيئا تتيمه عين ولا جـيد
يا ساقيي أخمر فـي كئوسكما*** أم في كئوسكما هم وتسهيد
أصخرة أنا ما لي لا تتيمني *** هـذي المدام ولا تلك الأغـاريد
إذا أردت كـميت اللون صافية *** وجدتها وحبيب النفس مفقـود
وفي العفة مع الحبيب يقول:
وأشنب معسول الثنيات واضح *** سـترت فمي عنه فقبل مفرقي
وأجياد غزلان كجيدك زرنني *** فلم أتبين عاطلا مـن مطوق
وما كل مـن يهوى يعف إذا خلا *** عفافي ويرضي الحب والخيل تلتقي
وفي وداع الأحبة يقول:
ولم أر كالألحاظ يـوم رحيلهم *** بعثن بكل القتل مـن كل مشفق
أدرن عيونا حائرات كأنها*** مركبة أحداقها فوق زئــبق
عشية يغدونا عن النظر البكا*** وعـن لذة التوديع خوف التفرق
وفي آلام الحب والهوى يقول:
أرق عـلى أرق ومثلي يأرق *** وجوى يزيد وعــبرة تـترقرق
جهد الصبابة أن تكون كما أرى *** عين مسهدة وقلب يخفق
ما لاح برق أو ترنم طائر *** إلا انثنيت ولي فؤاد شيق
جربت من نار الهوى ما تنتطفي *** نار الغضى وتكل عما تحرق
وعذلت أهل العشق حـتى ذقته *** فعجبت كيف يموت من لا يعشق
وعذرتهم وعرفت ذنبي أنني *** عــيرتهم فلقيــت فيـه مـا لقـوا.
وفي مفارقة الأحباب يقول :
لولا مفارقة الأحباب ما وجدت *** لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
وفي أهل العزم يقول:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها *** وتصغر في عين العظيم العظائم
وفي نوائب الأيام يقول:
عرفت نوائب الحدثان حتى *** لو انتسـبت لكـنت لهـا نقيبـا
وفي التبرم بالحياة وتمني الموت لندرة الصديق يقول :
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا *** وحسب المنايا أن يكن أمانيا
تمنيتها لما تمنيــت أن أرى *** صديقا فأعيا أو عـدوا مداجيا
وفي الفخر بنفسه يقول :
وما أنا إلا سمهري حملته *** فزين معروضا وراع مسـددا
ومـا الدهر إلا من رواة قصائدي *** إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
فسار به من لا يسير مشـمرا *** وغنـى بـه مـن لا يغنـي مغـردا
وفي ذلك يقول:
لا بقومي شـرفت بل شـرفوا بـي *** وبنفسي فخرت لا بجــدودي
وبهم فخر مـن نطق الضاد *** وعـوذ الجـاني وغـوث الطريـد
إن أكن معجبا فعجـب عجيب *** لم يجـد فـوق نفسـه مـن مزيـد
وفي علو الهمة وتمجيد الكرامة:
أعطى الزمان فما قبلت عطاءه *** وأراد لي فأردت أن أتخــيرا
وفي حال الدنيا يقول:
وقد فارق الناس الأحبة قبلنا *** وأعيا دواء الموت كل طبيـب
سبقنا إلى الدنيا فلو عاش أهلها*** منعنا بها مـن جيئة وذهـوب
تملكها الآتي تملك ســالب *** وفارقهــا المـاضي فـراق سـليب
وقوله:
لحا الله ذي الدنيا مناخا لراكب *** فكل بعيد الهـم فيها معذب
وقوله:
أبى خـلق الدنيـا حبيبا تديمه *** فما طلبي منها حبيبـا تـرده
ونراه يندب حظه فيقول:
ماذا لقيت من الدنيا وأعجبه *** أني بما أنا باك منـه محسود
أمسيت أروح مثر خازنا ويـدا *** أنا الغني وأموالي المواعيـد
وفي حظ الجهال في الحياة يقول:
تحلو الحياة لجاهل أو غافل *** عما مضـى منها ومـا يتوقع
ولمن يغالط في الحقائق نفسـه *** ويسـومها طلب المحال فتطمـع
المال والحظ لا يجتمعان وفي ذلك يقول:
وما الجمع بين الماء والنار في يدي *** بأصعب مـن أن أجمع الجد والفهما
وفي مفارقة الصديق المتغير يقول:
إذا صديق نكرت جانبـه *** لم تعني في فراقـه الحـيل
في سعة الخافقين مضطرب *** وفي بلاد مـن أختهـا بـدل
ونراه يمتدح شعره بقوله:
وما قلت مـن شـعر كأن بيوته *** إذا كتبت يبيض مـن نورها الحبر
كأن المعاني فـي فصاحـة لفظهـا *** نجوم الثريا أو خلائقك الزهر
وقال يهجو طائفة من الشعراء الذين كانوا ينفسون عليه مكانته :
أفي كل يوم تحت ضِبني شُوَيْعرٌ *** ضعيف يقاويني ، قصير يطاول
لساني بنطقي صامت عنه عادل *** وقلبي بصمتي ضاحكُ منه هازل
وأَتْعَبُ مَن ناداك من لا تُجيبه *** وأَغيظُ مَن عاداك مَن لا تُشاكل
وما التِّيهُ طِبِّى فيهم ، غير أنني *** بغيـضٌ إِلىَّ الجاهـل المتعاقِـل
وقد كثرت في شعر المتنبي الأمثال الحكمية ونحن نقتطف منها ما يدل على عمق بصيرته ونفاذ تفكيره:
ومن جهلت نفسه قدره *** رأى غــيره منه ما لا يرى
وما كل وجه أبيض بمبارك *** ولا كل جفن ضيـق بنجـيب
ومن صحب الدنيا طويلا تكشفت *** على عينه حتى يرى صدقها كذبا
أرى كلنا يبغي الحياة لنفسه *** حريصا عليها مستهاما بها صبا
فحب الجبان النفس أورثه التقى *** وحب الشجاع النفس أورثه الحربا
ويختلف الرزقان والفعل واحد *** إلى أن يرى إحسان هذا لذا ذنبا
ومن ركب الثور بعد الجياد *** أنكــر أظلافـه والغبـب
كثير حياة المرء مثل قليلهـا *** يـزول وماضي عيشه مثل حاضر
فما الحداثة من حلم بمانعة *** قد يوجـد الحلم في الشبان والشيب
وكل امرئ يولي الجميل محبب *** وكل مكان ينبـت العـز طيـب
لو فكر العاشق في منتهـى *** حسـن الـذي يسـبيه لـم يسـبيه
بذا قضـت الأيام ما بين أهلهـا *** مصائب قوم عند قوم فوائـد
فإن قليل الحب بالعقل صالح *** وإن كثير الحب بـالجهل فاسـد
ومن يجعل الضرغام بازا لصيده *** تصيده الضرغام فيما تصيدا
ومــا مــاضي الشــباب بمسـترد *** ولا يــــوم يمـــر بمســـتعاد
فإن الجرح ينفر بعـد حـين *** إذا كان البناء عــلى فسـاد
وأسرع مفعول فعلت تغـيرا *** تكلف شـيء فـي طبـاعك ضـده
فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله *** ولا مال في الدنيا لمن قل مجده
وفي الناس من يرضى بميسور عيشه *** ومركوبه رجلاه والثوب جلده
وإذا الحلم لم يكـن في طباع *** لم يحـلم تقادم الميــلاد
وإذا كان في الأنابيب خـلف *** وقع الطيش في صـدور الصعـاد
فقـد يظن شـجاعا مـن بـه خرق *** وقد يظن جبانا مـن به زمـع
إن السلاح جميع الناس تحمله*** وليس كل ذوات المخلب السبع
وما الحسن في وجه الفتى شرف له *** إذا لم يكـن في فعله والخلائق
وجائزة دعوى المحبة والهوى *** وإن كان لا يخفى كلام المنافق
وما يوجع الحرمان من كف حارم *** كما يوجع الحرمان من كفر رازق
وإذا ما خلا الجبان بأرض *** طلب الطعن وحده والنزالا
من أطاق التماس شيء غلابا *** واغتصابا لم يلتمسه نوالا
كل غاد لحاجة يتمنى *** أن يكون المظفر الرئبالا
أبلغ ما يطلب النجاح به *** الطبع وعند التعمق الزلل
و من شعره في الرثاء يقول:
إِنّي لَأَعلَمُ وَاللَبيبُ خَبيرُ --- أَنَّ الحَياةَ وَإِن حَرَصتَ غُرورُ
وَرَأَيتُ كُلّاً ما يُعَلِّلُ نَفسَهُ --- بِتَعِلَّةٍ وَإِلى الفَناءِ يَصيرُ
أَمُجاوِرَ الديماسِ رَهنَ قَرارَةٍ --- فيها الضِياءُ بِوَجهِهِ وَالنورُ
ما كُنتُ أَحسَبُ قَبلَ دَفنِكَ في الثَرى --- أَنَّ الكَواكِبَ في التُرابِ تَغورُ
ما كُنتُ آمُلُ قَبلَ نَعشِكَ أَن أَرى --- رَضوى عَلى أَيدي الرِجالِ تَسيرُ
خَرَجوا بِهِ وَلِكُلِّ باكٍ خَلفَهُ --- صَعَقاتُ موسى يَومَ دُكَّ الطورُ
وَالشَمسُ في كَبِدِ السَماءِ مَريضَةٌ --- وَالأَرضُ واجِفَةٌ تَكادُ تَمورُ
وَحَفيفُ أَجنِحَةِ المَلائِكِ حَولُهُ --- وَعُيونُ أَهلِ اللاذِقِيَّةِ صورُ
حَتّى أَتَوا جَدَثاً كَأَنَّ ضَريحَهُ --- في قَلبِ كُلِّ مُوَحِّدٍ مَحفورُ
بِمُزَوَّدٍ كَفَنَ البِلى مِن مُلكِهِ --- مُغفٍ وَإِثمِدُ عَينِهِ الكافورُ
فيهِ الفَصاحَةُ وَالسَماحَةُ وَالتُقى --- وَالبَأسُ أَجمَعُ وَالحِجى وَالخَيرُ
كَفَلَ الثَناءُ لَهُ بِرَدِّ حَياتِهِ --- لَمّا اِنطَوى فَكَأَنَّهُ مَنشورُ
وَكَأَنَّما عيسى اِبنُ مَريَمَ ذِكرُهُ --- وَكَأَنَّ عازَرَ شَخصُهُ المَقبورُ
ففي صرعى الحب يقول :
لا تعــذل المشتاق فـي أشواقه *** حـتى يكـون حشاك في أحشائه
إن القتيـل مضرجـا بدموعـه *** مثـل القتيـل مضرجـا بدمائه
ويقول فيما عاناه من نوائب الزمان:
لم يـترك الدهر في قلبي ولا كبدي *** شـيئا تتيمه عين ولا جـيد
يا ساقيي أخمر فـي كئوسكما*** أم في كئوسكما هم وتسهيد
أصخرة أنا ما لي لا تتيمني *** هـذي المدام ولا تلك الأغـاريد
إذا أردت كـميت اللون صافية *** وجدتها وحبيب النفس مفقـود
وفي العفة مع الحبيب يقول:
وأشنب معسول الثنيات واضح *** سـترت فمي عنه فقبل مفرقي
وأجياد غزلان كجيدك زرنني *** فلم أتبين عاطلا مـن مطوق
وما كل مـن يهوى يعف إذا خلا *** عفافي ويرضي الحب والخيل تلتقي
وفي وداع الأحبة يقول:
ولم أر كالألحاظ يـوم رحيلهم *** بعثن بكل القتل مـن كل مشفق
أدرن عيونا حائرات كأنها*** مركبة أحداقها فوق زئــبق
عشية يغدونا عن النظر البكا*** وعـن لذة التوديع خوف التفرق
وفي آلام الحب والهوى يقول:
أرق عـلى أرق ومثلي يأرق *** وجوى يزيد وعــبرة تـترقرق
جهد الصبابة أن تكون كما أرى *** عين مسهدة وقلب يخفق
ما لاح برق أو ترنم طائر *** إلا انثنيت ولي فؤاد شيق
جربت من نار الهوى ما تنتطفي *** نار الغضى وتكل عما تحرق
وعذلت أهل العشق حـتى ذقته *** فعجبت كيف يموت من لا يعشق
وعذرتهم وعرفت ذنبي أنني *** عــيرتهم فلقيــت فيـه مـا لقـوا.
وفي مفارقة الأحباب يقول :
لولا مفارقة الأحباب ما وجدت *** لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
وفي أهل العزم يقول:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها *** وتصغر في عين العظيم العظائم
وفي نوائب الأيام يقول:
عرفت نوائب الحدثان حتى *** لو انتسـبت لكـنت لهـا نقيبـا
وفي التبرم بالحياة وتمني الموت لندرة الصديق يقول :
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا *** وحسب المنايا أن يكن أمانيا
تمنيتها لما تمنيــت أن أرى *** صديقا فأعيا أو عـدوا مداجيا
وفي الفخر بنفسه يقول :
وما أنا إلا سمهري حملته *** فزين معروضا وراع مسـددا
ومـا الدهر إلا من رواة قصائدي *** إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
فسار به من لا يسير مشـمرا *** وغنـى بـه مـن لا يغنـي مغـردا
وفي ذلك يقول:
لا بقومي شـرفت بل شـرفوا بـي *** وبنفسي فخرت لا بجــدودي
وبهم فخر مـن نطق الضاد *** وعـوذ الجـاني وغـوث الطريـد
إن أكن معجبا فعجـب عجيب *** لم يجـد فـوق نفسـه مـن مزيـد
وفي علو الهمة وتمجيد الكرامة:
أعطى الزمان فما قبلت عطاءه *** وأراد لي فأردت أن أتخــيرا
وفي حال الدنيا يقول:
وقد فارق الناس الأحبة قبلنا *** وأعيا دواء الموت كل طبيـب
سبقنا إلى الدنيا فلو عاش أهلها*** منعنا بها مـن جيئة وذهـوب
تملكها الآتي تملك ســالب *** وفارقهــا المـاضي فـراق سـليب
وقوله:
لحا الله ذي الدنيا مناخا لراكب *** فكل بعيد الهـم فيها معذب
وقوله:
أبى خـلق الدنيـا حبيبا تديمه *** فما طلبي منها حبيبـا تـرده
ونراه يندب حظه فيقول:
ماذا لقيت من الدنيا وأعجبه *** أني بما أنا باك منـه محسود
أمسيت أروح مثر خازنا ويـدا *** أنا الغني وأموالي المواعيـد
وفي حظ الجهال في الحياة يقول:
تحلو الحياة لجاهل أو غافل *** عما مضـى منها ومـا يتوقع
ولمن يغالط في الحقائق نفسـه *** ويسـومها طلب المحال فتطمـع
المال والحظ لا يجتمعان وفي ذلك يقول:
وما الجمع بين الماء والنار في يدي *** بأصعب مـن أن أجمع الجد والفهما
وفي مفارقة الصديق المتغير يقول:
إذا صديق نكرت جانبـه *** لم تعني في فراقـه الحـيل
في سعة الخافقين مضطرب *** وفي بلاد مـن أختهـا بـدل
ونراه يمتدح شعره بقوله:
وما قلت مـن شـعر كأن بيوته *** إذا كتبت يبيض مـن نورها الحبر
كأن المعاني فـي فصاحـة لفظهـا *** نجوم الثريا أو خلائقك الزهر
وقال يهجو طائفة من الشعراء الذين كانوا ينفسون عليه مكانته :
أفي كل يوم تحت ضِبني شُوَيْعرٌ *** ضعيف يقاويني ، قصير يطاول
لساني بنطقي صامت عنه عادل *** وقلبي بصمتي ضاحكُ منه هازل
وأَتْعَبُ مَن ناداك من لا تُجيبه *** وأَغيظُ مَن عاداك مَن لا تُشاكل
وما التِّيهُ طِبِّى فيهم ، غير أنني *** بغيـضٌ إِلىَّ الجاهـل المتعاقِـل
وقد كثرت في شعر المتنبي الأمثال الحكمية ونحن نقتطف منها ما يدل على عمق بصيرته ونفاذ تفكيره:
ومن جهلت نفسه قدره *** رأى غــيره منه ما لا يرى
وما كل وجه أبيض بمبارك *** ولا كل جفن ضيـق بنجـيب
ومن صحب الدنيا طويلا تكشفت *** على عينه حتى يرى صدقها كذبا
أرى كلنا يبغي الحياة لنفسه *** حريصا عليها مستهاما بها صبا
فحب الجبان النفس أورثه التقى *** وحب الشجاع النفس أورثه الحربا
ويختلف الرزقان والفعل واحد *** إلى أن يرى إحسان هذا لذا ذنبا
ومن ركب الثور بعد الجياد *** أنكــر أظلافـه والغبـب
كثير حياة المرء مثل قليلهـا *** يـزول وماضي عيشه مثل حاضر
فما الحداثة من حلم بمانعة *** قد يوجـد الحلم في الشبان والشيب
وكل امرئ يولي الجميل محبب *** وكل مكان ينبـت العـز طيـب
لو فكر العاشق في منتهـى *** حسـن الـذي يسـبيه لـم يسـبيه
بذا قضـت الأيام ما بين أهلهـا *** مصائب قوم عند قوم فوائـد
فإن قليل الحب بالعقل صالح *** وإن كثير الحب بـالجهل فاسـد
ومن يجعل الضرغام بازا لصيده *** تصيده الضرغام فيما تصيدا
ومــا مــاضي الشــباب بمسـترد *** ولا يــــوم يمـــر بمســـتعاد
فإن الجرح ينفر بعـد حـين *** إذا كان البناء عــلى فسـاد
وأسرع مفعول فعلت تغـيرا *** تكلف شـيء فـي طبـاعك ضـده
فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله *** ولا مال في الدنيا لمن قل مجده
وفي الناس من يرضى بميسور عيشه *** ومركوبه رجلاه والثوب جلده
وإذا الحلم لم يكـن في طباع *** لم يحـلم تقادم الميــلاد
وإذا كان في الأنابيب خـلف *** وقع الطيش في صـدور الصعـاد
فقـد يظن شـجاعا مـن بـه خرق *** وقد يظن جبانا مـن به زمـع
إن السلاح جميع الناس تحمله*** وليس كل ذوات المخلب السبع
وما الحسن في وجه الفتى شرف له *** إذا لم يكـن في فعله والخلائق
وجائزة دعوى المحبة والهوى *** وإن كان لا يخفى كلام المنافق
وما يوجع الحرمان من كف حارم *** كما يوجع الحرمان من كفر رازق
وإذا ما خلا الجبان بأرض *** طلب الطعن وحده والنزالا
من أطاق التماس شيء غلابا *** واغتصابا لم يلتمسه نوالا
كل غاد لحاجة يتمنى *** أن يكون المظفر الرئبالا
أبلغ ما يطلب النجاح به *** الطبع وعند التعمق الزلل
و من شعره في الرثاء يقول:
إِنّي لَأَعلَمُ وَاللَبيبُ خَبيرُ --- أَنَّ الحَياةَ وَإِن حَرَصتَ غُرورُ
وَرَأَيتُ كُلّاً ما يُعَلِّلُ نَفسَهُ --- بِتَعِلَّةٍ وَإِلى الفَناءِ يَصيرُ
أَمُجاوِرَ الديماسِ رَهنَ قَرارَةٍ --- فيها الضِياءُ بِوَجهِهِ وَالنورُ
ما كُنتُ أَحسَبُ قَبلَ دَفنِكَ في الثَرى --- أَنَّ الكَواكِبَ في التُرابِ تَغورُ
ما كُنتُ آمُلُ قَبلَ نَعشِكَ أَن أَرى --- رَضوى عَلى أَيدي الرِجالِ تَسيرُ
خَرَجوا بِهِ وَلِكُلِّ باكٍ خَلفَهُ --- صَعَقاتُ موسى يَومَ دُكَّ الطورُ
وَالشَمسُ في كَبِدِ السَماءِ مَريضَةٌ --- وَالأَرضُ واجِفَةٌ تَكادُ تَمورُ
وَحَفيفُ أَجنِحَةِ المَلائِكِ حَولُهُ --- وَعُيونُ أَهلِ اللاذِقِيَّةِ صورُ
حَتّى أَتَوا جَدَثاً كَأَنَّ ضَريحَهُ --- في قَلبِ كُلِّ مُوَحِّدٍ مَحفورُ
بِمُزَوَّدٍ كَفَنَ البِلى مِن مُلكِهِ --- مُغفٍ وَإِثمِدُ عَينِهِ الكافورُ
فيهِ الفَصاحَةُ وَالسَماحَةُ وَالتُقى --- وَالبَأسُ أَجمَعُ وَالحِجى وَالخَيرُ
كَفَلَ الثَناءُ لَهُ بِرَدِّ حَياتِهِ --- لَمّا اِنطَوى فَكَأَنَّهُ مَنشورُ
وَكَأَنَّما عيسى اِبنُ مَريَمَ ذِكرُهُ --- وَكَأَنَّ عازَرَ شَخصُهُ المَقبورُ