المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لهاتف الذكي أصاب المجتمع بالكسل والغباء


يويو بن
2015-08-19, 03:18
دقت الهواتف الذكية آخر مسمار في نعش العلاقات الاجتماعية، فأضحى أفراد الأسرة غرباء في منزل واحد، وتفككت علاقات الصداقة والزمالة، ودخل المجتمع في ظاهرة الكسل والغباء الاجتماعي حسب وصف المختصين في علم الاجتماع.



كثيرون أهملوا حياتهم وأصدقاءهم وقطعوا علاقاتهم الاجتماعية، متفرغين لإدمان هواتفهم الذكية، متسببين بسلوكاتهم الغريبة في إهانة أصدقائهم وأقاربهم... ألم تلتقِ يوما صديقا أو صديقة وجلستما لتبادل الأحاديث، أو طلب منك معروفا بتوصيله في سيارتك، لتتفاجأ به يُخرج هاتفه الذكي غارقا في تصفحه وكأنك غير موجود أمامه، ويستغرق تصفحه وقتا أكثر من اللازم .

وعندما تحاول قطع هذا الصمت لتسأله أمرا معينا، لا يجيبك إلاّ بعد فترة ويسألك "ماذا قلت؟"، ألم تقسم في أعماقك بأنك لن تلتقي هذا الشخص مجددا؟ فطريقة تعامله فيها إهانة كبيرة لشخصك... شاهدتُ مرة عائلة مكونة من الأب والأم وفتاة شابة دخلوا مطعم سمك بالعاصمة، وبمجرد جلوسهم أخرج كل واحد هاتفه الذكي وراح يتصفحه، لم ينبس أحد من الثلاثة أي كلمة ولم ينظروا حتى في وجوه بعضهم، حتى قطع النادل صمتهم الرهيب سائلا عن طلباتهم.

والغريب أن الأم والبنت ومن كثرة انشغالهما بالهاتف طلبتا من الوالد اختيار ما يريد من أكل، المهم أن لا يقطع لحظات "تأملهما الروحية"، وانتهت جلسة عائلية كان من المفروض أن تكون حميمية ببرود كبير. وعلى الشواطئ، الكل مشغول بهاتفه، والبعض غارق في التقاط صور السيلفي، غير مهتم بتذمر العائلات الجالسة أمامه..

والنتيجة أن كثيرا من الأشخاص أصبحوا لعبة بين يدي الهاتف الذكي وليس العكس، مُتحولين إلى مجانين، يمشون في الشوارع تائهين، محتضنين هواتفهم، يصطدمون مع أي شيء أو شخص أمامهم لقلة تركيزهم، تكاد أصابعهم تُشل من كثرة تحريكها على الشاشة، يبتسمون تارة مع شاشة الهاتف أو يرفعون حواجبهم، ثم ينزلونها.

والغريب أن مستعملي الهواتف الذكية ينظرون بعين الاحتقار لشخص لا يستخدم هاتفه كثيرا، ويسألونه مستغربين "كيف لا تملك هاتفا ذكيا راك روطار بزاف!؟"، وهم لا يدرون بأنهم دخلوا موسوعة الغباء الاجتماعي بكل امتياز.

سميرة بوطاش، مختصة في علم الاجتماع وأستاذة جامعية، اعتبرت أن استعمال الهاتف الذكي مهمّ عند تصفح الجرائد والبحث عن إعلانات هامة، وللتواصل مع زملاء العمل والعائلة، ولتحديد بعض الأماكن.. "لكن أن يستعمل الشخص هاتفه أكثر من ساعتين يوميا لتصفح الإنترنت، فسستحول إلى إدمان يؤثر سلبا على شخصيته، فيصبح انطوائيا منعزلا كسولا يتحدث مع نفسه، يصاب بوسوسة وبخوف من الجميع، يظن أنهم يلاحقونه ويريدون إبعاده عن هاتفه فيختار القطيعة معهم، أو ينزوي في أماكن معزولة ليتفرغ لإدمانه"، والأحسن حسب محدثتنا أن يتصفح الشخص الأنترنت من جهاز كمبيوتر بالعمل أو المنزل، ويستعمل هاتفه للأمور المستعجلة فقط، ثم يغلقه للتفرغ لحياته.