ابن باديس سنة
2015-08-08, 19:26
بسم االله الرحمن الرحيم
كْتور عدنان إبراهيم (1)
الْقَولُ الْقَوِيم في نقْد منهج الد
الحمد الله ، والصلاة والسلام على رسول االله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه...وبعد ،
فقد كَثُر القيل والقال ، وكَثُر السؤال عن خطيبِ (النمسا) الدكتور عدنان إبراهيم ، وكان
ةً على آراء الدكتور
بِي أَنْ أكْتب ردودا علْمي
ن يحسِن الظَّن
قد سألني بعض الإخوة مم
وأهله! ولَكن رأَيت أَنَّ الحديثَ عن
عدنان إبراهيم...نصحا للْمسلمين ، وانتصارا للْحق
حليل...أَولَى وأَقْوم ، لأَِنًَّ الأَثَر لا
أصيل ، ومسلَكه في الاستدلال والت
منهجِه في البحث والت
يزول إلا بِزوالِ الْمؤثِّرِ ، فَالالْتفات إلى مصدرِ الْحرارة أولَى من الالْتفَات إلى الْحرارة نفْسِها!
في شيخهِم...ولَو كَانَ
ن يقُولُ الْحق
وأنا أعلَم أَنَّ أنصار الدكتور يسفِّهونَ ويسخرون مم
اس على الْخيرِ ، ومن
الْمنتقد أَوِ الْمتكَلِّم من أهلِ الأَدبِ والإِنصاف! ولكن حسبنا أَنْ ندلَّ الن
داد.
وفيق والس
الْمعونةَ ، ونسأَلُه الت
االله نستمد
ة) تساهله في الحكم بالضعف أو الكذب على
إنَّ من أخطاء الدكتور عدنان إبراهيم (الْمنهجِي
طائفة من الأحاديث الصحيحة بدعوى أنَّ العقلَ لا يقْبلُها...أو بحجة أا متعارِضةٌ مع صريح
القرآن ، وقد سمعته يقول في إحدى خطبه: " كأنَّ من رد حديثا أو حديثين ومائة ومائتين
شكَّك في الدين ، التشكيك في الدين يكون بالتشكيك في أصول الإيمان والاعتقاد
الدكتور عدنان كُلَّ حديث لا يقْبلُه عقْلُه ويقصر عنه فهمه؟
وأركان الإسلام..." ، فهل يردينتهي إليه! فإلى أي عقْلٍ نحتكم؟! وقد قال
ألاَ يعلَم الدكتور عدنان أَنَّ عقَلَ بنِي آدم لَه حد
ن يعملُونَ
المعتزلةُ من قبلُ إن العقلَ رأس الأدلة ، فَلَعلَّه متأثِّر بِمذْهبِ الْمعتزِلَة وغيرهم مم
الْعقْلَ في كُلِّ شيء.
ُّلُ باحترام العقل ، وإعمال الفكْرِ...رأينا ثماره
عل
ساهلُ في إطلاق الإحكام ، والت
وهذا الت
بأعينِنا ، فَصرنا نسمع أتباع الدكتور عدنان ومريديه يتهكَّمون على علماء الحديث وأئمة
الجرح والتعديل ، ويسخرون من أقوالهم وأحكامهم...ولو قرأ هؤلاء شيئا من كتب الأئمة
حديث ،
لعلموا أنَّ علماءَ الحديث أَعملُوا عقولهم في منهجهم النقدي عند السماع ، وعند الت
وعند الحكم على الرواة ، وعند الحكم على الحديث.
را ،
ا محر
ا علْمي
د على أخطاء الدكتور عدنان رد
وليس غرضي من هذه الإشارة السريعة الر
ن وأنصح للمسلمين أَنَّ هناك خلَلاً واضطرابا في
فهذا قد يأتي في حينه ، وإنما أردت أنْ أُبي
ع عن نقْد
مذْهبِ الدكتور وسننِه في تعامله مع الأحاديث الصحيحة ، فأنت تراه لا يتور
ها في دقيقة أو دقيقتين!
أحاديثَ صحيحة ثابِتة تلَقَّاها العلماءُ وأئمة الحديث بالقَبول...يرد
وكَأنَّ ما يريد تقْرِيره من قَبيل أنَّ الواحد نِصف الاثنين! أليس في هذا العرضِ ما يوحي للناسِ
أَنَّ علَماءَ الأمة بلْه لم يعملوا عقولهم في أحكامهم ، ولم يحترموا عقولَ غيرهم!
إنَّ الدكتور عدنان إبراهيم أراد أن ينكر مذهب (أطفئ مصباح عقلك واتبِعني)...فَنصح
لين والآخرِين ،
للْعقْلِ المسلمِ أنْ يعملَ عقْلَه – بِعلْمٍ أَو بِغيرِ علْمٍ - ، وأَنَْينسِف أقوالَ الأَو
بع أحدا! ولا أدري إن كان الدكتور عدنان يؤمن بنظريات الفلاسفة والمتكلمين
ولا يت
كَلمته! والعاقلُ يعلَم أنَّ في كلاَ
قْلِ ، وأَنَّ الْعقْلَ حكَم لا ترد
ومذاهبهم في التعامل مع الن
فًا ، واونا واستهتارا بالعلْمِ وأهله. وقد صدق من قالَ (منِ استغنى بِرأيِه
ا وتطَر
المذهبين غُلُو
ذَلَّ ، ومنِ اكْتفَى بِعقْله زلَّ). لعلكم الآن تستمعون للدكتور عدنان إبراهيم وهو ينكر حديث سحرِ النبي صلى االله عليه
ا) :
د غريب جِد
ه كَذب ، وأَنَّ هذا الحديث (فيه تفَر
وسلم ، ويقول إِن
http://www.youtube.com/watch?v=7f68BoAT4n4
ته أنَّ الْقَولَ بِصحةِّ هذا الحديث يلْزم منه أن يكون تصديقًا لقول الكُفَّارِ في رسول االله
وحج
بِعونَ إِلا رجلا مسحورا ) [ الفرقان : 8 ] ، قال
صلى االله عليه وسلم بأنه مسحور: ( إِنْ تت
الدكتور عدنان: " والحديث يكفي بظاهره أنه تكذيب لكتاب االله تبارك وتعالى..." ، يعني
أنَّ القرآنَ ينفي السحر عنه ، والحديث يثْبِته.
وليس المراد من سوقِ هذا المثال كشف أخطائه ، وتتبع زلاَّته...وإنما بيان اعوجاج مسلكه
ومذهبه في النقد والتخطيء:
- حديث سحرِ النبي – صلى االله عليه وسلم – حديثٌ صحيح رواه البخاري ومسلم
وغيرهما ، وتتابع العلماءُ على قَبوله ، وأما الدكتور عدنان فيقول لنا إنَّ الخَطْب يسير
ن واضح ، وتوجيهات الأولين والآخرين لا وزن لها ولا قيمة ، ولا
، والأمر بي
تستحق الذِّكْر والشكْر..." والحديث يكفي بظاهره أنه تكذيب لكتاب االله تبارك
وتعالى..." ، هكذا يقولُ مستخفا بعقول الأئمة من رواة الحديث ومن تابعهم من
علماء الأُمة! وإذا كان هذا الحديثُ كَذبا واضحا – كما يقول الدكتور عدنان –
يدرِكُه الأعمى والبصير...فَيلْزم من ذلك أَنَّ كُلَّ من قَبِلَ هذا الحديث وصححه
! وهذا التشكيك في أصح
ن! فكيف بالْمشكلِ الْخفي
مجنونٌ أبله لا يعقلُ الواضح البي
اس في حيص بيص ، فماذا نقْبلُ؟
ة يوقع الن
ن
ة بإجماع العلماء من أهل الس
ن
كُتبِ الس
ي أتباعه علَى نقْد الأحاديث الصحيحة
وكَيف ، ومتى؟!! إنَّ الدكتور عدنان يربوتمحيصها ، وذلك بِعرضها على عقولهم! فَيأْخذُ منها ما واَفَق عقولهم ، وأَما ما
!
خالَفها فَيرمى في الْيم
- لَم يذكر الدكتور أنَّ ما يدعو إليه من تكذيب هذا الحديث هو مذهب المعتزلة ،
ولكنه ذَكَر من تأثر برأيهم من أهل السنة ، كأبي بكر الجصاص ، ومن المعاصرين:
! فأنت تراه بدأ كلامه بقوله " أبو بكر
دليسِ الْخفي
محمد عبده...وهذا من الت
الجصاص العلامة الحنفي الكبير ، مجتهد المذهب..." ، وكأنه يريد أن يقول إنَّ هذا
العلامة الكبير من أهل السنة يوافقنا في ما نقول ، ولعل الدكتور عدنان يعلَم أنَّ
الجصاص تأثر بالمعتزلة في بعض آرائه ، ولهذا قال فيه الذهبي [ سير أعلام النبلاء 341
16/ ]: " وقيل: وكان يميلُ إلى الاعتزال ، وفي تآليفه ما يدل على ذلك...نسأل االله
ع الدكتور عدنان بخطأ الإمام الجصاص وغيره في هذه المسألة
السلامة ". فلماذا يتذَر
ليدلِّلَ على صدقِ دعواه؟!
- لا أدري لم لَم يذكر الدكتور عدنان إبراهيم أَنَّ هذا الحديث لم يتفرد به هشام ،
ولعل الدكتور لا يخفى عليه رواية زيد بن أرقم قال: " سحر النبي صلى االله عليه
.
د لا تصح
فَر
وسلم رجلٌ من اليهود ، فاشتكى لذلك أياما...". فدعوى الت
- كان الأولى أن يذْكُر الدكتور عدنان إبراهيم جواب علماء أهل السنة على اعتراضات
دها – إِن استطَاع –
يفَن
المعترِضين ، وردودهم على الطاعنين في هذا الحديث ، ثُم
بِأَدبٍ وعلْمٍ وإِنصاف...فالمقام مقام تعليم ونقْد وإنكار ، وتفْنِيد ودحضٍ لشبهات
مخالفيه! واجتهادات العلماء في الجمع بين الأدلة وجيهةٌ ، وهي من التأويل السائغ غير
الْمتكَلَّف.
على منع بعض التأثيرات العرضية التي لا
ُّ
- ذَكَر العلماءُ أنه ليس في هذه الآية ما يدل
تأثير لها في ما يتعلق بالتبليغ ، فالرسول - صلى االله عليه وسلم - لم يفْسد عقله ذاه ، ولكنه بشر
السحر ، وهو - صلى االله عليه وسلم - معصوم في ما يبلِّغه عن رب
يعتريه ما يعتري البشر من الأمراض والآلام ونحو ذلك...فالسحر المذكور في الحديث
كالْمرضِ حكْما وتأثيرا.
- ويلْزم من هذا الفهم الذي يدعو إليه الدكتور عدنان إبراهيم التكلف في تأويل قوله
ها تسعى ) [ طه : 66 ] ،
هم يخيلُ إِلَيه من سحرِهم أَن
تعالى : (فَإِذَا حبالُهم وعصي
ي لأَظُنك يا موسى مسحورا) [ الإسراء : 101 ] .
لأنَّ فرعون قال لموسى: (إِن
كيف يكون هذا الحديث
والسحر الذي جاء به سحرةُ فرعون سحر تخييل. ثُم
هِمونَ الرسول – صلى االله عليه وسلم - بالسحر
تصديقا لقول الكافرين...وهؤلاء يت
الذي يورث اختلال العقل عندهم ، فهو عندهم كالْمجنون الذي يقول ما لا يقوله
العقلاء...؟ والمفهوم من الحديث أنَّ هذا السحر مرض خفيف ، وعارِض من الْعلَلِ لا
تأثير له في ما يتعلق بالشرع والوحي...وقد قام الدليل على عصمته من كل ما يقدح
في التبليغ والتشريع.
بعض المعترِضين على تكذيب هذا الحديث بدعوى أنَّ السحر
ولا أدري لماذا يصر
المذكور لم يكن مرضا ، أو سهوا ونسيانا ، وإنما كان مخالطا للعقل...لأنَّ الرسول –
ر
صلى االله عليه وسلم – كان يتوهم فعلَ ما لم يفعله! ولعلهم يعلَمونَ أَنَّ هذا مفَس
ما يروى من أنه – صلى االله
ُّ
برواية (حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن) ، فَكُل
خيل
يء ولم يفعله...يمكن حملُه على الت
ه فَعلَ الش
عليه وسلم – كان يخيل إليه أن
بالبصر مثلما وقع لموسى – عليه السلام - ، لا لاختلال عقله بالسحرِ ، وهذا كان
في أمور الدنيا كما ترى.
- يظْهر لي أنَّ الْمنكرين لهذا الحديث يتمسكُون برواية (حتى كان يرى أنه يأتي النساء
ة ما يزعمون بدعوى أنَّ هذه الرواية صريحةٌ في تأثير
لِّلُوا على صح
ولا يأتيهن) ليدالسحرِ في عقْلِ الرسول – صلى االله عليه وسلم! وهذا باطلٌ ، لأنَّ هذا المسلك في
دليل يفْضي إلى الطعن في كتابِ االله تعالى ، وتكذيب طائفة من الأحاديث الثَّابِتة
الت
القرآن
ةَ الرسول – صلى االله عليه وسلم – مثْبتةٌ بِنص
الصحيحة ، لأنَّ بشرِي
والحديث ، وإذا كان ذلك كذلك ، فالرسول – صلى االله عليه وسلم – بشر ينسى
حيحةُ ، وهذا لا يتعارض مع
كما ينسى البشر ، وقد جاءت بذلك الأحاديثُ الص
م فعلَ الشيءِ وأَنت لَم تفْعلْه
سيان أَنْ تتوه
عصمته في التبليغ عن ربه... ومن صورِ الن
هِم الناس في عقولهم إِنْ
هر ركْعتينِ يحسب أنه صلَّى أربعا! فهل نت
ُّ
، كَمن صلَّى الظ
وقَعوا في ذلك؟!!
وهذا يبطلُ قَولَ القائلين بتأثير السحرِ في عقْلِ الرسول – صلى االله عليه وسلم –
.
ه كان يخيلُ إليه أَنه يأتي نساءَه ولا يأتيهن
ة أَن
بِحج
- ويلزم من هذا الفهم أيضا تكذيب أحاديث أخرى صحيحة ، كالحديث الذي جاء
لا كَذب ، أنا ابن عبد
بِي
فيه أنَّ الرسول - صلى االله عليه وسلم – قال الشعر (أنا الن
الْمطَّلب) ، فَلَعلَّ عقْلَ الدكتور عدنان يرفُضه أيضا بحجة أنه يتعارض مع قوله تعالى:
لُونَ) [
(بلْ قَالُوا أَضغاثُ أَحلامٍ بلِ افْتراه بلْ هو شاعر فَلْيأْتنا بِآية كَما أُرسلَ الأَو
الأنبياء : 5 ] ، وقوله تعالى (ويقُولُونَ أَئنا لَتارِكُو آلهتنا لشاعرٍ مجنون) [ الصافات :
36 ] فيكون الحديثُ تصديقا لقول الكفار! ولعله يزعم أيضا أنه يتعارض مع قوله
تعالى (وما علَّمناه الشعر وما ينبغي لَه) [ يس : 69] ، فهل إذا قال الرسول – صلى
ه
الحديث بدعوى أَن
االله عليه وسلم – كلاما موزونا من غير معرِفَة أو قَصد منه...نرد
يكونُ تصديقا لقول الكفار؟ واالله إني أخشى أن يفضي هذا الْمسلَك في إنكار
حيحة إلى ارتفاع الوثوق عن كُلِّ الشرعِ!
الأحاديث الصبِعونَ إِلا رجلا
- لَم يذكر الدكتور عدنان أقوالَ علماء التفسير في آية الفرقان (إِنْ تت
مسحورا) ، فَمن أقوالهم أَنَّ مسحورا يعني: مخدوعا ، وقال بعضهم: أي أنَّ له سحرا
أي رئة ، فهو بشر مثلكم...لا يستغني عن الطعام والشراب ، وهذا القول له شواهد
هذه الأقوال – وإن كان يراها مرجوحة - لا علاقة لها
ُّ
في كلام العرب... وكل
بالسحرِ.
عاء؟! وكأنَّ علماءَ الأُمة أَثْبتوا هذه
- لماذا التهويل ، والصراخ ، والمبالغة في الاد
(الْخرافات – كما يصفُها الدكتور- !) لينتقصوا من رسول االله صلى االله عليه وسلم
، ويطعنوا فيه! وأما الدكتور عدنان فلم يقْبلْ منهم ذلك ، وانتفَض انتفاضة الأَسد ،
على العلماء والأئمة بِصمصامه القاطع ، ينحر رِقَاب قواعدهم ، ويفْتك
وكَر
ا للرسول –
ه أَشد حب
بأصولهِم واجتهادام...فهل نفْهم من كلام الدكتور عدنان أَن
صلى االله عليه وسلم – من هؤلاء؟ أسأل االله تعالى لنا وله الهداية والصلاح.
واالله أعلم.
عمار الخطيب
2 ربيع الأول 1434 هـ
كْتور عدنان إبراهيم (1)
الْقَولُ الْقَوِيم في نقْد منهج الد
الحمد الله ، والصلاة والسلام على رسول االله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه...وبعد ،
فقد كَثُر القيل والقال ، وكَثُر السؤال عن خطيبِ (النمسا) الدكتور عدنان إبراهيم ، وكان
ةً على آراء الدكتور
بِي أَنْ أكْتب ردودا علْمي
ن يحسِن الظَّن
قد سألني بعض الإخوة مم
وأهله! ولَكن رأَيت أَنَّ الحديثَ عن
عدنان إبراهيم...نصحا للْمسلمين ، وانتصارا للْحق
حليل...أَولَى وأَقْوم ، لأَِنًَّ الأَثَر لا
أصيل ، ومسلَكه في الاستدلال والت
منهجِه في البحث والت
يزول إلا بِزوالِ الْمؤثِّرِ ، فَالالْتفات إلى مصدرِ الْحرارة أولَى من الالْتفَات إلى الْحرارة نفْسِها!
في شيخهِم...ولَو كَانَ
ن يقُولُ الْحق
وأنا أعلَم أَنَّ أنصار الدكتور يسفِّهونَ ويسخرون مم
اس على الْخيرِ ، ومن
الْمنتقد أَوِ الْمتكَلِّم من أهلِ الأَدبِ والإِنصاف! ولكن حسبنا أَنْ ندلَّ الن
داد.
وفيق والس
الْمعونةَ ، ونسأَلُه الت
االله نستمد
ة) تساهله في الحكم بالضعف أو الكذب على
إنَّ من أخطاء الدكتور عدنان إبراهيم (الْمنهجِي
طائفة من الأحاديث الصحيحة بدعوى أنَّ العقلَ لا يقْبلُها...أو بحجة أا متعارِضةٌ مع صريح
القرآن ، وقد سمعته يقول في إحدى خطبه: " كأنَّ من رد حديثا أو حديثين ومائة ومائتين
شكَّك في الدين ، التشكيك في الدين يكون بالتشكيك في أصول الإيمان والاعتقاد
الدكتور عدنان كُلَّ حديث لا يقْبلُه عقْلُه ويقصر عنه فهمه؟
وأركان الإسلام..." ، فهل يردينتهي إليه! فإلى أي عقْلٍ نحتكم؟! وقد قال
ألاَ يعلَم الدكتور عدنان أَنَّ عقَلَ بنِي آدم لَه حد
ن يعملُونَ
المعتزلةُ من قبلُ إن العقلَ رأس الأدلة ، فَلَعلَّه متأثِّر بِمذْهبِ الْمعتزِلَة وغيرهم مم
الْعقْلَ في كُلِّ شيء.
ُّلُ باحترام العقل ، وإعمال الفكْرِ...رأينا ثماره
عل
ساهلُ في إطلاق الإحكام ، والت
وهذا الت
بأعينِنا ، فَصرنا نسمع أتباع الدكتور عدنان ومريديه يتهكَّمون على علماء الحديث وأئمة
الجرح والتعديل ، ويسخرون من أقوالهم وأحكامهم...ولو قرأ هؤلاء شيئا من كتب الأئمة
حديث ،
لعلموا أنَّ علماءَ الحديث أَعملُوا عقولهم في منهجهم النقدي عند السماع ، وعند الت
وعند الحكم على الرواة ، وعند الحكم على الحديث.
را ،
ا محر
ا علْمي
د على أخطاء الدكتور عدنان رد
وليس غرضي من هذه الإشارة السريعة الر
ن وأنصح للمسلمين أَنَّ هناك خلَلاً واضطرابا في
فهذا قد يأتي في حينه ، وإنما أردت أنْ أُبي
ع عن نقْد
مذْهبِ الدكتور وسننِه في تعامله مع الأحاديث الصحيحة ، فأنت تراه لا يتور
ها في دقيقة أو دقيقتين!
أحاديثَ صحيحة ثابِتة تلَقَّاها العلماءُ وأئمة الحديث بالقَبول...يرد
وكَأنَّ ما يريد تقْرِيره من قَبيل أنَّ الواحد نِصف الاثنين! أليس في هذا العرضِ ما يوحي للناسِ
أَنَّ علَماءَ الأمة بلْه لم يعملوا عقولهم في أحكامهم ، ولم يحترموا عقولَ غيرهم!
إنَّ الدكتور عدنان إبراهيم أراد أن ينكر مذهب (أطفئ مصباح عقلك واتبِعني)...فَنصح
لين والآخرِين ،
للْعقْلِ المسلمِ أنْ يعملَ عقْلَه – بِعلْمٍ أَو بِغيرِ علْمٍ - ، وأَنَْينسِف أقوالَ الأَو
بع أحدا! ولا أدري إن كان الدكتور عدنان يؤمن بنظريات الفلاسفة والمتكلمين
ولا يت
كَلمته! والعاقلُ يعلَم أنَّ في كلاَ
قْلِ ، وأَنَّ الْعقْلَ حكَم لا ترد
ومذاهبهم في التعامل مع الن
فًا ، واونا واستهتارا بالعلْمِ وأهله. وقد صدق من قالَ (منِ استغنى بِرأيِه
ا وتطَر
المذهبين غُلُو
ذَلَّ ، ومنِ اكْتفَى بِعقْله زلَّ). لعلكم الآن تستمعون للدكتور عدنان إبراهيم وهو ينكر حديث سحرِ النبي صلى االله عليه
ا) :
د غريب جِد
ه كَذب ، وأَنَّ هذا الحديث (فيه تفَر
وسلم ، ويقول إِن
http://www.youtube.com/watch?v=7f68BoAT4n4
ته أنَّ الْقَولَ بِصحةِّ هذا الحديث يلْزم منه أن يكون تصديقًا لقول الكُفَّارِ في رسول االله
وحج
بِعونَ إِلا رجلا مسحورا ) [ الفرقان : 8 ] ، قال
صلى االله عليه وسلم بأنه مسحور: ( إِنْ تت
الدكتور عدنان: " والحديث يكفي بظاهره أنه تكذيب لكتاب االله تبارك وتعالى..." ، يعني
أنَّ القرآنَ ينفي السحر عنه ، والحديث يثْبِته.
وليس المراد من سوقِ هذا المثال كشف أخطائه ، وتتبع زلاَّته...وإنما بيان اعوجاج مسلكه
ومذهبه في النقد والتخطيء:
- حديث سحرِ النبي – صلى االله عليه وسلم – حديثٌ صحيح رواه البخاري ومسلم
وغيرهما ، وتتابع العلماءُ على قَبوله ، وأما الدكتور عدنان فيقول لنا إنَّ الخَطْب يسير
ن واضح ، وتوجيهات الأولين والآخرين لا وزن لها ولا قيمة ، ولا
، والأمر بي
تستحق الذِّكْر والشكْر..." والحديث يكفي بظاهره أنه تكذيب لكتاب االله تبارك
وتعالى..." ، هكذا يقولُ مستخفا بعقول الأئمة من رواة الحديث ومن تابعهم من
علماء الأُمة! وإذا كان هذا الحديثُ كَذبا واضحا – كما يقول الدكتور عدنان –
يدرِكُه الأعمى والبصير...فَيلْزم من ذلك أَنَّ كُلَّ من قَبِلَ هذا الحديث وصححه
! وهذا التشكيك في أصح
ن! فكيف بالْمشكلِ الْخفي
مجنونٌ أبله لا يعقلُ الواضح البي
اس في حيص بيص ، فماذا نقْبلُ؟
ة يوقع الن
ن
ة بإجماع العلماء من أهل الس
ن
كُتبِ الس
ي أتباعه علَى نقْد الأحاديث الصحيحة
وكَيف ، ومتى؟!! إنَّ الدكتور عدنان يربوتمحيصها ، وذلك بِعرضها على عقولهم! فَيأْخذُ منها ما واَفَق عقولهم ، وأَما ما
!
خالَفها فَيرمى في الْيم
- لَم يذكر الدكتور أنَّ ما يدعو إليه من تكذيب هذا الحديث هو مذهب المعتزلة ،
ولكنه ذَكَر من تأثر برأيهم من أهل السنة ، كأبي بكر الجصاص ، ومن المعاصرين:
! فأنت تراه بدأ كلامه بقوله " أبو بكر
دليسِ الْخفي
محمد عبده...وهذا من الت
الجصاص العلامة الحنفي الكبير ، مجتهد المذهب..." ، وكأنه يريد أن يقول إنَّ هذا
العلامة الكبير من أهل السنة يوافقنا في ما نقول ، ولعل الدكتور عدنان يعلَم أنَّ
الجصاص تأثر بالمعتزلة في بعض آرائه ، ولهذا قال فيه الذهبي [ سير أعلام النبلاء 341
16/ ]: " وقيل: وكان يميلُ إلى الاعتزال ، وفي تآليفه ما يدل على ذلك...نسأل االله
ع الدكتور عدنان بخطأ الإمام الجصاص وغيره في هذه المسألة
السلامة ". فلماذا يتذَر
ليدلِّلَ على صدقِ دعواه؟!
- لا أدري لم لَم يذكر الدكتور عدنان إبراهيم أَنَّ هذا الحديث لم يتفرد به هشام ،
ولعل الدكتور لا يخفى عليه رواية زيد بن أرقم قال: " سحر النبي صلى االله عليه
.
د لا تصح
فَر
وسلم رجلٌ من اليهود ، فاشتكى لذلك أياما...". فدعوى الت
- كان الأولى أن يذْكُر الدكتور عدنان إبراهيم جواب علماء أهل السنة على اعتراضات
دها – إِن استطَاع –
يفَن
المعترِضين ، وردودهم على الطاعنين في هذا الحديث ، ثُم
بِأَدبٍ وعلْمٍ وإِنصاف...فالمقام مقام تعليم ونقْد وإنكار ، وتفْنِيد ودحضٍ لشبهات
مخالفيه! واجتهادات العلماء في الجمع بين الأدلة وجيهةٌ ، وهي من التأويل السائغ غير
الْمتكَلَّف.
على منع بعض التأثيرات العرضية التي لا
ُّ
- ذَكَر العلماءُ أنه ليس في هذه الآية ما يدل
تأثير لها في ما يتعلق بالتبليغ ، فالرسول - صلى االله عليه وسلم - لم يفْسد عقله ذاه ، ولكنه بشر
السحر ، وهو - صلى االله عليه وسلم - معصوم في ما يبلِّغه عن رب
يعتريه ما يعتري البشر من الأمراض والآلام ونحو ذلك...فالسحر المذكور في الحديث
كالْمرضِ حكْما وتأثيرا.
- ويلْزم من هذا الفهم الذي يدعو إليه الدكتور عدنان إبراهيم التكلف في تأويل قوله
ها تسعى ) [ طه : 66 ] ،
هم يخيلُ إِلَيه من سحرِهم أَن
تعالى : (فَإِذَا حبالُهم وعصي
ي لأَظُنك يا موسى مسحورا) [ الإسراء : 101 ] .
لأنَّ فرعون قال لموسى: (إِن
كيف يكون هذا الحديث
والسحر الذي جاء به سحرةُ فرعون سحر تخييل. ثُم
هِمونَ الرسول – صلى االله عليه وسلم - بالسحر
تصديقا لقول الكافرين...وهؤلاء يت
الذي يورث اختلال العقل عندهم ، فهو عندهم كالْمجنون الذي يقول ما لا يقوله
العقلاء...؟ والمفهوم من الحديث أنَّ هذا السحر مرض خفيف ، وعارِض من الْعلَلِ لا
تأثير له في ما يتعلق بالشرع والوحي...وقد قام الدليل على عصمته من كل ما يقدح
في التبليغ والتشريع.
بعض المعترِضين على تكذيب هذا الحديث بدعوى أنَّ السحر
ولا أدري لماذا يصر
المذكور لم يكن مرضا ، أو سهوا ونسيانا ، وإنما كان مخالطا للعقل...لأنَّ الرسول –
ر
صلى االله عليه وسلم – كان يتوهم فعلَ ما لم يفعله! ولعلهم يعلَمونَ أَنَّ هذا مفَس
ما يروى من أنه – صلى االله
ُّ
برواية (حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن) ، فَكُل
خيل
يء ولم يفعله...يمكن حملُه على الت
ه فَعلَ الش
عليه وسلم – كان يخيل إليه أن
بالبصر مثلما وقع لموسى – عليه السلام - ، لا لاختلال عقله بالسحرِ ، وهذا كان
في أمور الدنيا كما ترى.
- يظْهر لي أنَّ الْمنكرين لهذا الحديث يتمسكُون برواية (حتى كان يرى أنه يأتي النساء
ة ما يزعمون بدعوى أنَّ هذه الرواية صريحةٌ في تأثير
لِّلُوا على صح
ولا يأتيهن) ليدالسحرِ في عقْلِ الرسول – صلى االله عليه وسلم! وهذا باطلٌ ، لأنَّ هذا المسلك في
دليل يفْضي إلى الطعن في كتابِ االله تعالى ، وتكذيب طائفة من الأحاديث الثَّابِتة
الت
القرآن
ةَ الرسول – صلى االله عليه وسلم – مثْبتةٌ بِنص
الصحيحة ، لأنَّ بشرِي
والحديث ، وإذا كان ذلك كذلك ، فالرسول – صلى االله عليه وسلم – بشر ينسى
حيحةُ ، وهذا لا يتعارض مع
كما ينسى البشر ، وقد جاءت بذلك الأحاديثُ الص
م فعلَ الشيءِ وأَنت لَم تفْعلْه
سيان أَنْ تتوه
عصمته في التبليغ عن ربه... ومن صورِ الن
هِم الناس في عقولهم إِنْ
هر ركْعتينِ يحسب أنه صلَّى أربعا! فهل نت
ُّ
، كَمن صلَّى الظ
وقَعوا في ذلك؟!!
وهذا يبطلُ قَولَ القائلين بتأثير السحرِ في عقْلِ الرسول – صلى االله عليه وسلم –
.
ه كان يخيلُ إليه أَنه يأتي نساءَه ولا يأتيهن
ة أَن
بِحج
- ويلزم من هذا الفهم أيضا تكذيب أحاديث أخرى صحيحة ، كالحديث الذي جاء
لا كَذب ، أنا ابن عبد
بِي
فيه أنَّ الرسول - صلى االله عليه وسلم – قال الشعر (أنا الن
الْمطَّلب) ، فَلَعلَّ عقْلَ الدكتور عدنان يرفُضه أيضا بحجة أنه يتعارض مع قوله تعالى:
لُونَ) [
(بلْ قَالُوا أَضغاثُ أَحلامٍ بلِ افْتراه بلْ هو شاعر فَلْيأْتنا بِآية كَما أُرسلَ الأَو
الأنبياء : 5 ] ، وقوله تعالى (ويقُولُونَ أَئنا لَتارِكُو آلهتنا لشاعرٍ مجنون) [ الصافات :
36 ] فيكون الحديثُ تصديقا لقول الكفار! ولعله يزعم أيضا أنه يتعارض مع قوله
تعالى (وما علَّمناه الشعر وما ينبغي لَه) [ يس : 69] ، فهل إذا قال الرسول – صلى
ه
الحديث بدعوى أَن
االله عليه وسلم – كلاما موزونا من غير معرِفَة أو قَصد منه...نرد
يكونُ تصديقا لقول الكفار؟ واالله إني أخشى أن يفضي هذا الْمسلَك في إنكار
حيحة إلى ارتفاع الوثوق عن كُلِّ الشرعِ!
الأحاديث الصبِعونَ إِلا رجلا
- لَم يذكر الدكتور عدنان أقوالَ علماء التفسير في آية الفرقان (إِنْ تت
مسحورا) ، فَمن أقوالهم أَنَّ مسحورا يعني: مخدوعا ، وقال بعضهم: أي أنَّ له سحرا
أي رئة ، فهو بشر مثلكم...لا يستغني عن الطعام والشراب ، وهذا القول له شواهد
هذه الأقوال – وإن كان يراها مرجوحة - لا علاقة لها
ُّ
في كلام العرب... وكل
بالسحرِ.
عاء؟! وكأنَّ علماءَ الأُمة أَثْبتوا هذه
- لماذا التهويل ، والصراخ ، والمبالغة في الاد
(الْخرافات – كما يصفُها الدكتور- !) لينتقصوا من رسول االله صلى االله عليه وسلم
، ويطعنوا فيه! وأما الدكتور عدنان فلم يقْبلْ منهم ذلك ، وانتفَض انتفاضة الأَسد ،
على العلماء والأئمة بِصمصامه القاطع ، ينحر رِقَاب قواعدهم ، ويفْتك
وكَر
ا للرسول –
ه أَشد حب
بأصولهِم واجتهادام...فهل نفْهم من كلام الدكتور عدنان أَن
صلى االله عليه وسلم – من هؤلاء؟ أسأل االله تعالى لنا وله الهداية والصلاح.
واالله أعلم.
عمار الخطيب
2 ربيع الأول 1434 هـ