تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : استقامة القلب (( لابن القيم ))) كلام نفيس


همسات ايمانية
2015-07-28, 22:56
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الكتاب من انفس ما كتب ابن القيم '''(((( الوابل الصيب )))) انصح الجميع بقراءته وهذا فصل من فصوله

فصل في استقامة االقلب

( وإنما يستقيم له هذا باستقامة قلبه وجواره فاستقامة القلب بشيئين :
( أحدهما ) أن تكون محبة الله تعالى تتقدم عنده على جميع المحاب فإذا تعارض حب تعالى الله وحب غيره سبق حب الله تعالى حب ما سواه فرتب على ذلك مقتضاه
ما أسهل هذا بالدعوى وما أصعبه بالفعل فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان وما أكثر ما يقدم العبد ما يحبه هو ويهواه أو يحبه كبيره وأميره وشيخه وأهله على ما يحبه الله تعالى فهذا لم تتقدم محبة الله تعالى في قلبه جميع المحاب ولا كانت هي الملكة المؤمرة عليها وسنة الله تعالى فيمن هذا شأنه أن ينكد عليه محابه وينغصها عليه ولا ينال شيئا منها إلا بنكد وتنغيص جزاء له على إيثار هواه وهوى من يعظمه من الخلق أو يحبه على محبة الله تعالى
وقد قضى الله تعالى قضاء لا يرد ولا يدفع أن من أحب شيئا سواه عذب به ولا بد وأن من خاف غيره سلط عليه وأن من اشتغل بشيء غيره كان شؤما عليه ومن آثر غيره عليه لم يبارك فيه ومن أرضى غيره بسخطه أسخطه عليه ولا بد
( الأمر الثاني ) الذي يستقيم به القلب تعظيم الأمر والنهى وهو ناشيء عن تعظيم الآمر الناهي فإن الله تعالى ذم من لا يعظم أمره ونهيه قال سبحانه وتعالى : { ما لكم لا ترجون لله وقارا } قالوا في تفسيرها : ما لكم لا تخافون لله تعالى عظمة ما أحسن ما قال شيخ الاسلام في تعظيم الامر والنهي : هو أن لا يعارضا بترخص جاف ولا يعرضا لتشديد غال ولا يحملا على علة توهن الانقياد
ومعنى كلامه أن أول مراتب تعظيم الحق عز و جل تعظيم أمره ونهيه وذلك المؤمن يعرف ربه عز و جل برسالته التي أرسل بها رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى كافة الناس ومقتضاها الانقياد لامره ونهيه وإنما يكون ذلك بتعظيم أمر الله عز و جل واتباعه وتعظيم نهيه واجتنابه فيكون تعظيم المؤمن لأمر الله تعالى ونهيه دالا على تعظيمه لصاحب الأمر والنهي ويكون بحسب هذا التعظيم من الأبرار المشهود لهم بالايمان والتصدق وصحة العقيدة والبراءة من النفاق الاكبر فإن الرجل قد يتعاطى فعل الأمر لنظر الخلق وطلب المنزلة والجاه عندهم ويتقي المناهي خشية سقوطه من أعينهم وخشية العقوبات الدنيوية من الحدود التي رتبها الشارع صلى الله عليه و سلم على المناهي فهذا ليس فعله وتركه صادرا عن تعظيم الأمر والنهي ولا تعظيم الآمر والناهي فعلامة التعظيم لللأوامر رعاية أوقاتها وحدودها والتفتيش على أركانها وواجباتها وكمالها والحرص على تحينها في أوقاتها والمسارعة إليها عند وجوبها والحزن والكآبة والأسف عند فوت حق من حقوقها كمن يحزن على فوت الجماعة ويعلم أنه تقبلت منه صلاته منفردا فإنه قد فاته سبعة وعشرون ضعفا ولو أن رجلا يعاني البيع والشراء تفوته صفقة واحدة في بلده من غير سفر ولا مشقة قيمتها سبعة وعشرون دينارا لأكل يديه ندما وأسفا فكيف وكل ضعف مما تضاعف به صلاة الجماعة خير من ألف وألف ألف وما شاء الله تعالى
فإذا فوت العبد عليه هذا الربح قطعا ـ وكثير من العلماء لا صلاة له ـ وهو بارد القلب فارغ من هذه المصيبة غير مرتاع لها فهذا عدم تعظيم أمر الله تعالى في قلبه وكذلك إذا فاته أول وقت الذي هو رضوان الله تعالى أو فاته الصف الأول الذي يصلي الله وملائكته على ميامنه ولو يعلم العبد فضيلته لجالد عليه ولكانت قرعة وكذلك فوت الجمع الكثير الذي تضاعف الصلاة بكثرته وقلته كلما كثر الجمع كان أحب إلى الله عز و جل وكلما بعدت الخطا كانت خطوة تحط خطيئة وأخرى ترفع درجة وكذلك فوت الخشوع في الصلاة وحضور القلب فيها بين يدي الرب تبارك وتعالى الذي هو روحها ولبها فصلاة بلا خشوع ولا حضور كبدن ميت لا روح فيه أفلا يستحي العبد أن يهدي إلى مخلوق مثله عبدا ميتا أو جارية ميتة ؟ فما ظن هذا العبد أن تقع تلك الهدية ممن قصده بها من ملك أو من أمير أو غيره ؟ فهكذا سواء الصلاة الخيالية عن الخشوع والحضور وجمع الهمة على الله تعالى فيها بمنزلة هذا العبد ـ أو الأمة ـ الميت الذي يريد إهداءه إلى بعض الملوك ولهذا لا يقبلها الله تعالى منه وإن أسقطت الفرض في أحكام الدنيا ولا يثبه عليها فإنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها كما في السنن ومسند الإمام أحمد وغيره عن النبي صلى الله عليه و سلم إنه قال [ إن العبد ليصلي الصلاة وما كتب له إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها إلا خمسها حتى بلغ عشرها ]
وينبغي أن يعلم أن سائر الأعمال تجري هذا المجرى فتفاضل الأعمال عند الله تعالى بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص والمحبة وتوابعها وهذا العمل الكامل هو الذي يكفر السيئات تكفيرا كاملا والناقص بحسبه وبهاتين القاعدتين تزول إشكالات كثيرة وهما
تفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب من حقائق الإيمان وتكفير العمل للسيئات بحسب كماله ونقصانه وبهذا يزول الاشكال الذي يورده من نقص حظه من هذا الباب على الحديث الذي فيه [ أن صوم يوم عرفة يكفر سنتين ويوم عاشوراء يكفر سنة ] قالوا : فإذا كان دأبه دائما انه يصوم يوم عرفة فصامه وصام يوم عاشوراء فكيف يقع تكفير ثلاث سنين كل سنة وأجاب بعضهم عن هذا بأن ما فضل عن التكفير ينال به الدرجات
ويالله العجب فليت العبد إذا أتى بهذه المكفرات كلها أن تكفر عنه سيئاته باجتماع بعضها إلى بعض والتكفير بهذه مشروط بشروط موقوف على انتفاء الموانع كلها فحينئذ يقع التكفير وأما عمل شملته الغفلة أو لأكثره وفقد الإخلاص الذي هو روحه ولم يوف حقه ولم يقدره حق قدره فأي شيء يكفر هذا ؟ فإن وثق العبد من عمله بأنه وفاه حقه الذي ينبغي له ظاهرا وباطنا ولم يعرض له مانع يمنع تفكيره ولا مبطل يحبطه ـ من عجب أو رؤية نفسه فيه أو يمن به أو يطلب من العباد تعظيمه به أويستشرف بقلبه لمن يعظمه عليه أو يعادي من لا يعظمه عليه ويرى أنه قد بخسه حقه وأنه قد استهان بحرمته ـ فهذا أي شيء يكفر ؟
ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تحصر وليس الشأن في العمل إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه فالرياء وإن دق محبط للعمل وهو أبواب كثيرة لا تحصر وكون العمل غير مقيد باتباع السنة أيضا موجب لكونه باطلا والمن به على الله تعالى بقلبه مفسد له وكذلك المن بالصدقة والمعروف والبر والاحسان والصلة مفسد لها كما قال سبحانه وتعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى } وأكثر الناس ما عندهم خبر من السيئات التي تحبط الحسنات وقد قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون } فحذر المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله صلى الله عليه و سلم كما يجهر بعضهم لبعض وليس هذا بردة بل معصية تحبط العمل وصاحبها لا يشعر بها فما الظن بمن قم على قول الرسول صلى الله عليه و سلم وهدية وطريقه قول غيره وهديه وطريقه ؟
أليس هذا قد حبط عمله وهو لا يشعر ؟ ومن هذا قوله صلى الله عليه و سلم [ من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ] ومن هذا قول عائشة رضى الله تعالى عنها وعن أبيها لزيد بن أرقم رضى الله عنه لما باع بالعينة : إنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا أن يتوب وليس التبايع بالعينة ردة وإنما غايته أنه معصية فمعرفة ما يفسد الأعمال في حال وقوعها ويبطلها ويحبطها بعد وقوعها من أهم ما ينبغي أن يفتش عليه العبد ويحرص على عمله ويحذره وقد جاء في أثر معروف إن العبد ليعمل العمل سرا لا يطلع عليه أحدا إلا الله تعالى فيتحدث به فينتقل من ديوان السر إلى ديوان العلانية ثم يصير في ذلك الديوان على حسب العلانية فإن تحدث به للسمعة وطلب الجاه والمنزلة عند غير الله تعالى أبطله كما لو فعله لذلك
فإن قيل : فإذا تاب هذا هل يعود إليه ثواب العمل ؟ قيل : إن كان قد عمله لغير الله تعالى وأوقعه بهذه النية فإنه لا ينقلب صالحا بالتوبة بل حسب التوبة أن تمحو عنه عقابه فيصير لا له ولا عليه وإما أن عمله لله تعالى خالصا ثم عرض له عجب ورياء أو تحدث به ثم تاب من ذلك وندم فهذا قد يعود له ثواب عمله ولا يحبط وقد يقال : إنه لا يعود إليه بل يستأنف العمل
والمسألة مبنية على أصل وهو أن الردة هل تحبط العمل بمجردها أو لا يحبطه إلا الموت عليها ؟ فيه للعلماء قولان مشهوران وهما روايتان عن الإمام أحمد رضى الله عنه فإن قلنا تحبط العمل بنفسها فمتى أستلم استأنف العمل وبطل ما كان قد عمل قبل الاسلام وإن قلنا لا يحبط العمل إلا إذا مات مرتدا فمتى عاد إلى الاسلام عاد إليه ثواب عمله وهكذا العبد إذا فعل حسنة ثم فعل سيئة تحبطها ثم تاب من تلك السيئة هل يعود إليه ثواب تلك الحسنة المتقدمة ؟ يخرج على هذا الاصل
ولم يزل في نفسي من هذه المسألة : ولم أزل حريصا على الصواب فيها وما رأيت أحدا شفي فيها والذي يظهر ـ والله تعالى أعلم وبه المستعان ولا قوة إلا به ـ ان الحسنات والسيئات تتدافع وتتقابل ويكون الحكم فيها للغالب وهو يقهر المغلوبين ويكون الحكم له حتى كان المغلوب لم يكن فإذا غلبت على العبد الحسنات رفعت حسناته الكثيرة سيئاته ومتى تاب من السيئة ترتبت على توبته منها حسنات كثيره قد تربى وتزيد على الحسنة التي حبطت بالسيئة فإذا عزمت التوبة وصحت ونشأت من صميم القلب أحرقت ما مرت عليه من السيئات حتى كأنها لم تكن فإن التائب من الذنب لا ذنب له
وقد سأل حكيم بن حزام رضى الله عنه النبي صلى الله عليه و سلم عن عتاقة وصلة وبر فعله في الشرك : هل يثاب عليه ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم أسلمت على ما أسلفت من خير فهذا يقتضي أن الاسلام أعاد عليه ثواب تلك الحسنات التي كانت باطلة بالشرك فلما تاب من الشرك عاد إليه ثواب حسناته المتقدمة فهكذا إذا تاب العبد توبة نصوحا صادقة خالصة أحرقت ما كان قبلها من السيئات وأعادت عليه ثواب حسناته يوضح هذا أن السيئات هي أمراض قلبية كما أن الحمى والاوجاع وأمراض بدنية والمريض إذا عوفي من مرضه عافية تامة عادت إليه قوته وأفضل منها حتى كأنه لم يضعف قط فالقوة المتقدمة بمنزلة الحسنات والمرض بمنزلة الذنوب والصحة والعافية بمنزلة التوبة وكما أن المريض من لا تعود إليه صحته أبدا لضعف عافيته ومنهم من تعود صحته كما كانت لتقاوم الأسباب وتدافعها ويعود البدن إلى كماله الأول ومنهم من يعود أصح مما كان وأقوى وأنشط لقوة أسباب العافية وقهرها وغلبتها لاسباب الضعف والمرض حتى ربما كان مرض هذا سببا لعافيته كما قال الشاعر :
( لعل عتبك محمود عواقبه ... وربما صحت الأجسام بالعلل )
فهكذا العبد بعد التوبة على هذه المنازل الثلاث والله الموفق لا إله غيره ولا رب سواه

من صحيح الوابل الصيب من الكلم الطيب لابن القيم الجوزية

♨محمد♨
2015-07-29, 00:25
جزاكم الله خيرا

همسات ايمانية
2015-07-29, 11:27
جزاكم الله خيرا



وجزاكم الله خيرا ايضا

NAZIHA1990
2015-08-04, 19:55
موضوع رائع شكرا

أبو هاجر التلمساني
2015-08-04, 20:40
ما أحوجنا لهذه الكلمات والنفحات ليستقيم لنا الصراط الموصل لمرضاة الله تعالى

جزاكم الله خيرا على هذا النقل الطيب جعله الله في موازين حسناتكم

خيرو الجزائري
2015-08-04, 22:35
جعله الله في موازين حسناتكم

noussah
2015-08-04, 22:37
جزاكم الله

noussah
2015-08-04, 22:40
ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً

من رحمة الله بنا أنه حفظ هذا القرآن فلم يتعرض لأي تحريف على الرغم من مرور 1400 سنة ونسخ آلاف النسخ.. على عكس الإنجيل الذي تعرض لتحريف هائل كما سنرى....

أهدي هذه المقالة لكل من لم يتذوق حلاوة القرآن بعد، لكل من يبحث عن السعادة الحقيقية.. وكل من يعتقد أن القرآن محرف.. وبالنتيجة كل من هو بعيد عن هذا الكتاب العظيم، وبخاصة من غير المسلمين..
ادعى أحد القساوسة أن الكتاب المقدس (التوراة + الأناجيل الأربعة) لم يحرّف وأن جميع النسخ الموجودة اليوم متطابقة، بينما نسخ القرآن الموجودة حالياً غير مختلفة عن بعضها!
طبعاً الذي فعله هذا القس أنه عكس الحقيقة، حيث ثبت أن جميع مخطوطات الكتاب المقدس ليست مختلفة فحسب، بل متناقضة بشكل رهيب.. هذا التناقض موجود داخل النسخة الواحدة كما يؤكد أستاذ اللاهوت في جامعة University of North Carolina (UNC) البروفسور Bart Ehrman في كتابه Jesus, Interrupted: Revealing the Hidden Contradictions in the Bible وهذا الكتاب يستدل من خلال التقطعات والاختلافات في كلام المسيح لكشف التناقضات الخفية في الكتاب المقدس.
يقول هذا البروفسور الذي درس الكتاب المقدس دراسة أكاديمية ومنح العديد من الجوائز العلمية على كفاءته ودقته العلمية في الأبحاث التي قام بها: إنني قبل أن أبدأ الدراسة كنتُ أعتقد أن الإنجيل كلمة الله، ولكن بدأتُ بملاحظة تناقضات هائلة في كلام المسيح في هذا الكتاب واختلافات كبيرة في كلامه أثبتت لي بما لا يدع مجالاً للشك أن الإنجيل محرف!
هذا الباحث الذي يصنف على أنه من أشهر علماء الإنجيل المعترف بهم ولديه كتب هي الأكثر مبيعاً، لا يهتم بأي شيء إلا بالبحث العلمي، ولديه قواعد صارمة يطبقها في بحثه. وعندما درس الكتاب المقدس بحيادية تامة أدرك على الفور أنه متناقض، ويؤكد دائماً في محاضراته: هناك أكثر من خمسة ألاف نسخة من الكتاب المقدس كتبت باللغة الأصلية (الإغريقية)، ولدى قراءتي لهذه النسخ لم أجد نسخة تطابق الأخرى، بل وجدت كل نسخة تمتلئ بالتناقضات والأخطاء. كل نسخة من هذه النسخ كتبت من قبل مجموعة أشخاص يختلفون عن الأشخاص الين كتبوا نسخة أخرى وهكذا.. إن أسلوب الكتابة أقل بكثير من أسلوب أي طالب في المدرسة!
إن الناس الذين كتبوا الكتاب المقدس لم يبالوا بوجود أسلوب ركيك أو أخطاء في نفس الصفحة، بل كتبوه بطريقة سيئة وفيها تشويه متعمد للحقائق. إن الذبن كتبوا الإنجيل تعمّدوا تشويه صورة المسيح! إن هذه التناقضات تجعل الباحثين والعلماء يتركون المسيحية وينقلبون إلى الإلحاد!
يقول هذا الباحث: إن النسخ الأصلية لإنجيل غير موجودة لدينا، ما هو موجود مخطوطات كتبت بعد زمن المسيح بعدة قرون ونجد فيها كلاماً لأناس أتوا بعد الذين كتبوا الإنجيل بقرون، ولو أن الله هو الذي أوحى هذا الكلام هو الله، فيجب أن يحفظه حتى يصلنا سالماً من التحريف.
في عام 1707 م، عندما اخترعت المطابع ظهرت مشكلة جديدة، وهي: أي النسخ يختارون للطباعة؟ فقد قام جون ميل من جامعة أكسفورد بدراسة استمرت 30 عاماً لما بين يديه من مخطوطات للإنجيل وعددها 100 نسخة، وظهرت لديه اختلافات كثيرة جداً، وبسبب الأمانة العلمية، فقد قام بطباعة نسخة للإنجيل وكتب في هامشها الاختلافات بين النسخ المتوافرة لديه.
لقد كانت المفاجأة المفزعة أنه وجد أكثر من 30000 اختلاف بين هذه النسخ! مع العلم أن "جون" لم يدرس كل الاختلافات، إنه وضع الاختلافات ذات الأهمية فقط وكان العد مرعباً، واتهمه معارضوه بأنه يحاول التشكيك بالكتاب المقدس.
ويقول الباحث "بارت" إن عدد الاختلافات الموجودة اليوم بين النسخ الأصلية المتوافرة باللغة الأغريقية (وعددها 5700 مخطوط) يقدر بنحو 200000-400000 اختلاف، ويمكنيي القول إن عدد الاختلافات في الإنجيل الحالي أكثر من عدد كلمات الإنجيل! هذا فقط في العهد الجديد.
كثير من الاختلافات سببها تغيير مواضع الكلمات من مكان لآخر، أي أنك تجد الجملة ذاتها في هذه الصفحة من النسخة، وقد تجدها في موضع آخر من نسخة ثانية وهكذا. وقد تجد أن هذه الجملة غير موجودة في نسخة أخرى، وقد تجد أن الذي نسخ الإنجيل نسي فقرة أو صفحة فلم ينسخها بسبب ربما التعب أو اللامبالاة..
خطأ تكرر كثيراً أثناء عمليات النسخ وهو الجمل ذات النهايات المتشابهة، فتجد أن الكاتب إذا صادفه سطران ينتهيان بنفس الكلمة يظن أنه نسخ السطر الثاني فينسى سطراً كاملاً. حيث تقفز العين من سطر لآخر وهي ظاهرة معروفة وجربها كل واحد منا. حيث يكون لدينا كلمات متشابهة في نهاية سطرين متتاليين، وبالتالي العين تقفز للسطر الثالث.
إذاً هناك أخطاء عادية وأخرى مقصودة أو متعمدة.
تطبيق طريقة "Bart Ehrman" على فقرة من الأناجيل الأربعة
والآن دعوني أخاطب قلب وعقل كل من يعتقد أن الإنجيل لم يحرّف وأقول: إجلس مع نفسك واقرأ أي قصة تريدها ولكن لا تقرأ إنجيلاً واحداً بل اقرا هذه القصة من الأناجيل الأربعة معاً. وسوف تلاحظ الكم الهائل للتغيير والتحريف والحذف والإضافة عن قصد أو غير قصد، وسوف أعطيك مثالاً واحداً أعتبره من أهم الأمثلة.
طبعاً لدينا اليوم أربعة أناجيل معترف بها من قبل المسيحيين بشكل عام وهي: إنجيل مرقس – إنجيل متى – إنجيل يوحنا – إنجيل لوقا.. وطبعاً هذه الأناجيل الأربعة لم تذكر إطلاقاً أي اسم من هذه الأسماء الأربعة (مرقس، متى، يوحنا، لوقا) فكتاب الأناجيل مجهولون، على عكس القرآن حيث نعلم كتبة الوحي ونعلم كيف وصلنا القرآن بالتواتر من سيدنا رسول الله مباشرة وحتى يومنا هذا...
هناك حقيقة أو وصية يذكرها المسيح في أحد الأناجيل وهي كما يقول أهم وصية على الإطلاق، حيث يقول المسيح في إنجيل مرقس: (‏28فَجَاءَ وَاحِدٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَسَمِعَهُمْ يَتَحَاوَرُونَ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ أَجَابَهُمْ حَسَنًا، سَأَلَهُ:«أَيَّةُ ‏وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ الْكُلِّ؟» 29فَأَجَابَهُ يَسُوعُ:«إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. ‏الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. 30وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ ‏فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. 31وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ ‏كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ». 32فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ:«جَيِّدًا يَا مُعَلِّمُ. بِالْحَقِّ ‏قُلْتَ، لأَنَّهُ اللهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ. 33وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ الْقَلْبِ، وَمِنْ كُلِّ الْفَهْمِ، وَمِنْ كُلِّ ‏النَّفْسِ، وَمِنْ كُلِّ الْقُدْرَةِ، وَمَحَبَّةُ الْقَرِيبِ كَالنَّفْسِ، هِيَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْمُحْرَقَاتِ ‏وَالذَّبَائِحِ». 34فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ أَنَّهُ أَجَابَ بِعَقْل، قَالَ لَهُ:«لَسْتَ بَعِيدًا عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ». وَلَمْ ‏يَجْسُرْ أَحَدٌ بَعْدَ ذلِكَ أَنْ يَسْأَلَهُ!‏) [الأصحاح 12 من إنجيل مرقس].
نلاحظ في هذا الإنجيل حقيقة صارخة تؤكد أن الله واحد وليس ثلاثة، وهذا الكلام على لسان السيد المسيح الذي يؤكد أن أهم وصية بقوله (الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ) وتأمل كلمة (إلهنا) فيها اعتراف بأن الله هو إله المسيح، وهو رب واحد، فيجب علينا أن نحبه وأن نحب أقرباءنا. فهاتين أهم وصيتين كما يقول المسيح.
إن الذي يقرأ هذا الإنجيل ويقرأ هذه الوصية التي يعتبرها المسيح الأهم على الإطلاق، يتوقع أن يجد هذه الوصية في الأناجيل البقية، ولكن ماذا حدث؟ الحقيقة أن هذه الفقرة تم تعديلها في إنجيل متى لأن الكاتب انتبه أن هذه العبارة هي عبارة التوحيد!! وتناقض عقيدة التثليث لذلك تم تحريفها لتصبح كما يلي:
(‏34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعًا، 35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، ‏وَهُوَ نَامُوسِيٌّ، لِيُجَرِّبَهُ قِائِلاً: 36«يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ ‏لَهُ يَسُوعُ:«تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هذِهِ هِيَ ‏الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ ‏يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».‏
‏41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ 42قَائلاً:«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ ‏مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ:«ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا؟ قَائِلاً: 44قَالَ ‏الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِيني حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ. 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ ‏رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ ‏أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.‏) [إنجيل متى، الأصحاح 22].
تأملوا معي كيف تم تحريف النص وحذف عبارة (الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ) وحذفت عبارة (اللهُ وَاحِدٌ)، ووضعت مكانها عبارة (الرَّبَّ إِلهَكَ) لأن الكاتب انتبه أنه لا يمكن للمسيح أن يقول (الرب إلهنا) لأن هذا اعتراف منه بأن الله ربه وأنه مخلوق!
ولكن هذا النص لم يعجب كاتب إنجيل لوقا فأعطاه صياغة جديدة واختصر الوصيتين بوصية واحدة: (‏25وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً:«يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 26فَقَالَ ‏لَهُ:«مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟» 27فَأَجَابَ وَقَالَ:«تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ ‏قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ». 28فَقَالَ ‏لَهُ:«بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هذَا فَتَحْيَا») [إنجيل لوقا الأصحاح 10].
وأخيراً يأتي كاتب إنجيل يوحنا ليقوم بتغيير شامل لهذه الوصية ويملأها بالمحبة بعيداً عن أي ذكر لله تعالى أو محبته!! فلم تعد محبة الله ذات أهمية، ولذلك يقول: (‏12«هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ. 13لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ ‏هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. 14أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ. 15لاَ أَعُودُ ‏أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ ‏مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي. 16لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، ‏وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ، لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ بِاسْمِي. 17بِهذَا أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا ‏بَعْضُكُمْ بَعْضًا.‏) [إنجيل يوحنا الأصحاح 15].
وتأملوا معي كيف حرفت وصية المحبة لتصبح هكذا (تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا)... وهنا الكاتب يتخلص من أي ذكر لله تعالى.. طبعاً هذه الوصية لا نجدها في نفس المكان من الأناجيل الأربعة، بل في كل مرة نجدها في مكان مختلف.. هكذا:
- (الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ) [ إنجيل مرقس، الأصحاح 12].
- (تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ) [إنجيل متى، الأصحاح 22].
- (تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ) [إنجيل لوقا، الأصحاح 10].
- (تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا) [إنجيل يوحنا، الأصحاح 15].
لاحظوا أنه لا يوجد في الأناجيل الأربعة فقرة كاملة تطابق فقرة أخرى، بل اختلافات بالجملة.. وهذا يدل على أنه كتاب من عند غير الله! هذا ما يقوله أي باحث علمي محترم، ولكن ماذا قال الله تعالى عن كتابه الكريم؟ يقول تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82].. وهنا نلمس معنى جديداً للتدبر!
هل يريد الله أن يقول لنا: يجب عليكم أن تدرسوا القرآن وتقارنوا آياته وتتعرفوا على مخطوطاته... وتدرسوا كل كلمة وكل حرف وكل قصة، وكيف تكررت القصة ذاتها في مواضع عدة من هذا الكتاب.. وكيف تم جمع وترتيب وتدوين ونسخ ونشر.. هذا المصحف.. وتقوموا بكل جهد علمي لازم لتخرجوا بنتيجة أو بحقيقة علمية تقول: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)، أي لن تجدوا أي اختلاف في هذا القرآن مهما درستم وتدبرتم!
تطبيق طريقة "Bart Ehrman" على مخطوطات القرآن
والآن دعونا نتدبر هذه المخطوطة للقرآن والتي يعود تاريخها لزمن سيدنا عثمان أو قريباً منه، أي هي من القرن الأول، وبالتالي لو طبقنا طريقة البروفسور "إهرامان" على هذه المخطوطة سوف نجد أنها مطابقة مئة بالمئة للقرآن الذي بين أيدينا اليوم دون زيادة أو نقصان!
طبقاً لأبحاث البروفسور "إهرامان" إنه من المستحيل أن يبقى أي كتاب محافظاً على نفسه أثناء تكرار نسخه خلال مئات السنين، لابد أن يتعرض لأخطاء من قبل النسّاخ، لأن النسخ اليدوي صعب ولابد أن يقع الناسخ في أخطاء يعرفها المختصون.
ولكن هناك استثناء واحد في التاريخ ألا وهو كتاب الله، لأن الله تعهد بحفظه فقال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9]. وسوف نتأمل صفحات من مخطوطة للقرآن الكريم موجودة في متحف المخطوطات بالقاهرة، وهذه الصفحات من سورة البقرة وسوف نلاحظ أنها تطابق تماماً المصحف الذي بين أيدينا دون زيادة كلمة أو نقصان حرف.. سبحان الله!







هذه سبع صفحات من المخطوطة القرآنية الموجودة بالقاهرة، النص المكتوب هنا بالرسم السائد في ذلك الزمن هو: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ ‏مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى ‏طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ ‏أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ‏وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا ‏يَعْتَدُونَ (61) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا ‏فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ‏مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ‏لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (64) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) ‏فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ ‏تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا ‏هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ ‏يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا ‏مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ ‏وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ ‏نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ ‏آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا ‏يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ ‏عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا ‏عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا ‏فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ‏‏(77) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ ‏بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا ‏يَكْسِبُونَ (79) وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ ‏تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ ‏فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ..) [البقرة: 60-82].
ولكن ما هذه القوة التي تتضمنها كلمات القرآن، وكيف تمكن النساخ من ألا يقعوا في أي خطأ بشري حتى من دون قصد وبخاصة أن القرآن يحوي الكثير من العبارات المتشابهة والتي يكون احتمال الخطأ معها هائلاً، هذا هو السؤال المهم؟
السبب هو في أسلوب القرآن الرائع والمناسب للحفظ في القلوب، كما قال تعالى: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) [العنكبوت: 49]، أي أن الله تعالى من رحمته أن جعل هذا القرآن سهل الحفظ والتذكر.. لذلك قم يقل (إنا نحن نزلنا الكتاب) بل قال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ)، لأن تذكر القرآن أهم من كتابته، فقد يخطئ الناسخ لهذا الكتاب إن لم يكن يحفظه.. فحفظ القرآن في الصدور هو الذي منع حدوث أي خطأ بشري.. هل هذا في استطاعة محمد صلى الله عليه وسلم لو أ،ه هو الذي كتب القرآن؟
ولذلك عندما طلب المشككون معجزة مثل معجزة عصا موسى مثلاً فقالوا: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) [العنكبوت: 50]، فأجابهم الحق تعالى بقوله: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [العنكبوت: 51]. فهذا الكتاب يُتلى على الناس منذ نزوله وحتى قيام الساعة.. أليست عملية حفظ القرآن خلال 1400 سنة هي رحمة من الله تعالى بنا؟
تصور نفسك عزيزي القارئ أن الله لم ينزل هذا القرآن أو لم حفظه.. ماذا ستجد فيه اليوم؟ إنك ستجد نصوصاً أشبه بتلك التي في الإنجيل الحالي الذي رأيناه، عبارات لا معنى لها.. كلام غير مترابط، عبارات لا يمكن فهمها.. بل لا يمكن حفظها مهما حاول البشر، والأسوأ من ذلك الضياع الذي سيسببه لنا تحريف القرآن لو حدث كما يدعي أعداء الإسلام... لذلك أليس حفظ القرآن هو رحمة لنا كما قال تعالى: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [العنكبوت: 51].
عندما ندرس أي مخطوطة للقرآن مهما كان تاريخ كتابتها سوف نجدها مطابقة للمصحف الذي بين أيدنا اليوم، وهناك فقط اختلافات في رسم بعض الكلمات أو طريقة قراءتها دون الإخلال بالمعنى وهذا ما يعرف بقراءات القرآن الكريم.. وهي اختلافات قليلة جداً جداً ولا تكاد تذكر وسببها اختلاف لهجات العرب زمن نزول القرآن فأنزل الله القرآن على سبعة أحرف رحمة بالمؤمنين ..
مثلاً في سورة الفاتحة نقول (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).. وفي قراءة نجدها (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) من دون ألف، هذا هو أحد الاختلافات التي يمكن أن نصادفها في مخطوطات القرآن. مع العلم أن الكلمة كتبت بنفس الطريقة هكذا (ملك) من دون ألف ويمكن قراءتها (مالك) و(ملك).. كما أن المعنى متقارب جداً ولا يوجد اختلاف في المعنى، لأن الله هو مالك يوم الدين وهو ملك يوم الدين.
إن عبارة (إله واحد) التي حذفت من ثلاثة أناجيل وبقيت في واحد (لقد شاء الله أن تبقى هذه العبارة كدليل على أن المسيح ليس إلهاً)، هذه العبارة لو بحثنا عنها في القرآن ماذا نجد؟ لقد تكررت هذه العبارة 11 مرة في القرآن (تأمل العدد 11 الذي يتألف من 1 و 1 كدليل على الإله الواحد)!!
تأملوا معي دقة وقوة هذه الآيات الإحدى عشرة:
1- الآية الأولى عامة تخاطب جميع البشر: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [البقرة: 163].
2- الآية الثانية خاصة بأهل الكتاب من النصارى الذين ابتدعوا عقيدة الثالوث، فقال لهم: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) [النساء: 171].
3- وهذه الآية موجهة لمن يدعي أن هناك ثلاثة آلهة: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المائدة: 73].
4- وهذه آية تخاطب المشركين: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَ إِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) [الأنعام: 19].
5- وهذه آية تخاطب الناس جميعاً: (هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَ لِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [إبراهيم: 52].
6- وهذه آية للناس أيضاً: (إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) [النحل: 22].
7- (وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [النحل: 51].
8- (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف: 110].
9- (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [الأنبياء: 108].
10- (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) [الحج: 34].
11- (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) [فصلت: 6].
تأملوا معي كيف أكد القرآن بوضوح كامل على حقيقة أن الله واحد وهو إله، وكل من يقول إن هناك ثلاثة آلهة فيجب عليه أن ينتهي عن هذا الاعتقاد الفاسد، لأنه مخالف للحقيقة والواقع والمنطق والعلم.
والحمد لله رب العالمين..
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل

yacinebkb
2015-08-04, 23:20
جزاك الله خيرا

harachif.a
2015-08-04, 23:27
جزاك الله خيرا

همسات ايمانية
2015-08-09, 14:27
شكرا جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم