المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة التثليت عند النصارى الجزء 1


toufik_dj
2007-09-17, 17:06
المبحث الثالث :تفنيد عقيدة التثليث

" إن التثليث النصراني يتأرجح بين التوحيد والشرك ، فهم يقولون إن الله واحد في ثلاثة ، أو ثلاثة في واحد ، وكأنهم لا يدرون أهو واحد أم ثلاثة ‍‍؟‍ كيف يكون الواحد في ثلاثة أو الثلاثة في واحد ؟‍ ؟"(163) ، وحول هذا المعنى يتفلسفون مضطربين في إجاباتهم، كثير منهم غير مقتنعين ؛ فإذا سألت أياً منهم هل تعبد إله واحد أم آلهة متعددة ؟ سيجيبك : بل أعبد إله واحد وأؤمن بإله واحد فقانون الإيمان المسيحي عندنا يقول نؤمن بإله واحد.

وإذا قلت له : من هو هذا الإله الواحد؟

سيجيبك : الله(الأب) + الله (الابن) + الله( الروح القدس)، فقل له : كيف ؟ هؤلاء ثلاثة آلهة وأنت قلت أنك تعبد إله واحد ؟ سيجيبك : هؤلاء ثلاثة ولكنهم واحد.

فقل له : معنى هذا أن 1+1+1 يعطي النتيجة (‍1) سيقول لك : هي هكذا.

فقل له : في أي قانون من قوانين علم الرياضيات هذه المعادلة ، " فلو أتينا بكل علماء الرياضيات ،وبعث (اينشتاين) مرة ثانية إلى الحياة ، وعقدنا له امتحاناً في حل هذه الطلاسم والألغاز لما حصل هذا العالم إلا على صفر في الامتحان"(164)،فكيف للعامة بفهم هذه المعادلة ؟ فإذا كانت هذه العقيدة لا يفهمها الفلاسفة فكيف بالبسطاء من الناس؟‍! فاستحلفك بالله لمن جاءت هذه العقيدة ، ولمَ جاءت؟!

سيجيبك قائلاً : هذه عقيدة جاءت لكل البشر ، ولكن فهمها يصعب عليهم لأنه سر من أسرار الكنيسة .

هذه هي الإجابة النهاية عند عدم القدرة على إقناع الآخرين أو حتى إقناع نفسه.

المطلب الأول :توضيح للثالوث المسيحي

هناك ثلاثة أقانيم (أشخاص) كل واحد منهم يتميز بمميزات ليست في الآخر ، ثم هم متساوون في بعض الأمور :

1) مختلفون في الأعمال والوظائف : فالله (الأب)يختص ببعض الأعمال : مثل الاختيار والدعوة والله (الابن)تنسب إليه أعمال محاسبة الناس والفداء، والله(الروح القدس) تنسب إليه أعمال التجديد والتقديس (165) ، وهم متساوون مع بعضهم البعض في :

· القدرة الإلهية ، فكل واحد منهم يملك القدرة الكاملة .

· أنهم جميعهم أزليون لا بداية لأحد منهم .

فهذا قاموس الكتاب المقدس يقول : هو إله واحد الأب والابن والروح القدس ، جوهر (ذات) واحد متساوون في القدرة والمجد.(166)

هذه هي عقيدة التثليث عند النصارى ، والتي تخالف الحس والعقل معاً، وبسبب ذلك جعلوها سراً غيبيا ًمن ضمن مجموعة أسرار غيبية (167) ، والحقيقة أن كثيرين من النصارى يخفون بداخلهم الريبة والشك من هذه العقيدة ذات الفلسفة العجيبة التي يرفضها العقل والمنطق ، ولكن النصارى يحاولون تقريب الثالوث بضرب الأمثلة التي نتج عنها تصورات مختلفة ومتناقضة أيضاً ومع ذلك لم يصلوا إلى إقناع أنفسهم فضلاً عن إقناع غيرهم.

بعض الأمثلة في تقريب الثالوث عند النصارى:

1) الثالوث كالروح والماء والدم:

يقول إنجيل يوحنا : " والروح هو الذي يشهد لأن الروح هو الحق فإن الذين يشهدون هم ثلاثة ( الروح والماء والدم ) والثلاثة متفقون" (168) ولكن هذا المقطع قد أزيل من الكتاب المقدس (169).

2) يقول (كانت) في القرن الثامن عشر : " الأب ، والابن، والروح القدس ، ثلاث صفات أساسية في اللاهوت ،وهي القدرة والحكمة والمحبة ، أو ثلاث فواعل هي : الخلق والحفظ و الضبط" (170).

3) والبعض يشبهها بالشجرة فإن لها أصل وهي الجذور والساق والورق.

4) "ومرة يشبهونها بالشمس المكونة من جرم وأنها تنير الأرض وتدفئها "(171)

5) وبعض الفلاسفة يقول إن الله سبحانه وتعالى يتكون من ثلاثة أقانيم (أي ثلاثة عناصر أو أجزاء) : الذات، والنطق ، والحياة ؛ فالله موجود بذاته ، ناطق بكلمته، وحي بروحه، وكل خاصية من هذه الخواص تعطيه وصفاً معيناً ، فإذا تجلى الله بصفته ذاتاً سمي الأب وإذا نطق فهو الابن ، وإذا ظهر كحياة فهو الروح القدس"(172)

ولكن القس (توفيق جيد ) يعترض على هذه الفلسفات قائلاً :

" إن تسمية الثالوث باسم الأب والابن والروح القدس تعتبر أعماقاً إلهية وأسراراً سماوية لا يجوز لنا أن نتفلسف في تفكيكها وتحليلها ، ونلصق بها أفكاراً من عنديّاتنا "، ويقول أيضاً في كتابه (سر الأزل ) : " إن الثالوث سر يصعب فهمه وإدراكه ، وإن من يحاول إدراك سر الثالوث تمام الإدراك كمن يحاول وضع مياه المحيط كلها في كفه! "(173)

ويرى كذلك فلاسفة المسيحية أن الإنسان خلق على صورة الله ، فكما أن الله مثلث الأقانيم كذلك فإن الإنسان مكون من ثلاثة عناصر ، فالإنسان بذاته كائن على صورة الله ومثاله، وناطق على صورة الله ومثاله، وحي على صورة الله ومثاله"(174) .

هكذا يتخبطون فيجعلون الأقانيم الثلاثة وهي أشخاص ثلاثة ، صفات فهم يحولون الأشخاص إلى صفات لجوهر واحد وهو الإله.

ونحن نقول : إن هذا الإله لا يتصف بصفات ثلاث بل يتصف بعشرات ، بل بمئات الصفات فهو الخالق الرازق القادر الحكيم العليم ..إلخ من أسمائه وصفاته ،ولتقريب الفهم أكثر نقول : إن جميع الناس يتصفون بصفات عديدة ، ولكن لم يقل أحد أن هذه الصفات هي ذوات متعددة ، فالرجل الواحد يوصف بأنه طويلاً ، أسمر ، كريم ، شجاع ، مثقف ،ذكي ..إلخ من الصفات المتعددة، ولكنها لذات واحدة لا لأشخاص متعددين وهذا ما يفهمه العقل ويقبله المنطق.

"والحقيقة إن فلسفة التثليث عضو غريب أ ُدخل إلى جسد المسيحية المريض ، فإذا به يزيد الجسد اعتلالاً ويبعث فيه بدل الانتظام والصحة ، فوضى واضطراب ، ليصبح علة وعالة عليه، يحمله الجسد العليل ، فينوء بحمله ، فلا هو ملفوظ منه ، ولا هو مقبول فيه"(175)

المطلب الثاني :النص الذي يعتمد عليه المسيحيون في التثليث وتنفيذه

اعلم أيها القارئ الكريم أن(الثالوث)لم يرد بهذا الاسم ولا مرة واحدة في كتب العهد القديم ولا العهد الجديد (176) . وأن النص الذي يعتمدون عليه في التثليث ما جاء في إنجيل متّى فقط دون غيره من الأناجيل ".... وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس "(177) والسؤال يوجه إلى المسيحيين ؛ هل في هذا دليل على الثالوث؟ وهل ذكر ثلاثة أشخاص متتالية تمثل شخص واحد ؟! الجواب : كلا لأن العطف يقتضي المغايرة ، أي عمدوهم باسم كل واحد من هذه الثلاثة المتغايرة ؛فالأب هو الله وهو أب لكل الأنبياء بل لعموم المؤمنين كما هو مصرح في الإنجيل ، والابن الذي يراد منه المسيح فقد أطلق ابن على إسرائيل وآدم وداود وسليمان وعلى كل صالح كما هو مصرح في الإنجيل أيضاً ، والروح القدس ، فهو ملك الوحي والذي تنـزل على جميع الأنبياء وليس على المسيح فقط"(178) ، هذا من ناحية ثم من ناحية أخرى فإن العلماء يشكون في هذا النص الذي في خاتمة إنجيل متّى فهذه الخاتمة مشكوك فيها ويعتبرونها دخيلة ؛ ويرجع هذا الشك كما يقول (أدولف هرنك)- وهو من أكبر علماء التاريخ الكنسي- يقول : إن صبغة التثليث هذه غريب ذكرها على لسان المسيح ولم يكن لها نفوذ على عصر الرسل وهو الشيء الذي كانت تبقى جديرة به لو أنها صدرت عن المسيح شخصياً"(179)

ثم إن متّى وحده قد تفرد بذكر هذه الحقيقة دون سائر كتبة الأناجيل الأخرى ؛ فكيف يتفرد متّى بهذه العقيدة التي لا تُقبل مسيحية أي نصراني إلا بهذه العقيدة؟!

" لماذا لم ينقل إلينا كل من مرقس ولوقا ويوحنا هذا القول عن المسيح إن كان صدر منه حقاً ؟! وهم الذين ذكروا من الأمور ما هو أتفه وأقل قيمة ً وقدراً من هذا الركن الأساسي في الإيمان ؟ أتراهم لم يسمعوا بهذا القول عن المسيح ، من أجل ذلك لم يذكروه أو يدونوه في أناجيلهم التي ألفوها ؟!!! أم أنهم خانوا أمانة النقل ؟! أم أن المسيح u لم يقل بهذا القول ، و الذي ذكره متّى كان غرض من أغراضه ، فنسبها إلى المسيح u حتى تسود وتأخذ طابع القدسية ؟؟!!"(180)

المطلب الثالث :أصل فكرة الثالوث في المسيحية

إن الفكرة أو بالأصح عقيدة الثالوث لم تدخل إلى المسيحية إلا في القرن الرابع الميلادي حيث تشكلت هذه النظرية بواسطة (أثاناسيوس) وهو راهب مصري من الإسكندرية وقد تمت الموافقة عليها في المجامع المسكونية الأول والثاني ، وتشهد دائرة المعارف الفرنسية بأقوال قدماء المؤرخين على ذلك فيقول (جوستن مارستر)مؤرخ لاتيني في القرن الثاني : " إنه كان في زمنه في الكنيسة مؤمنون يعتقدون أن عيسى هو المسيح ويعتبرونه إنساناً بحتاً وإن كان أرقى من غيره من الناس، وحدث بعد ذلك أنه كلما نما عدد من تنصر من الوثنيين ؛ ظهرت عقائد جديدة لم تكن من قبل"(181)،فقد كان المسيحيون الأوائل موحدين ، وكانت تلك هي تعاليم المسيح وتلاميذه ، ولكن بولس الذي أدخل إلى النصرانية معظم العقائد الباطلة ؛ نادى أولاً بألوهية المسيح ، وعارض تلاميذ المسيح ومضى في ترويج أفكاره لأطماع توسعية أرادها ، وسنتحدث عن هذا بالتفصيل عند حديثنا عن بولس مؤسس المسيحية اليوم.

"وبنظرة تاريخية سريعة على القرون الأولى للمسيحية ترينا أن النصرانية كانت بين شقي الرحى ، بين اضطهاد اليهود ، واضطهاد الوثنية الرومانية ، وفي سنة 325م كانت القسطنطينية قاعدة الدولة الرومانية الشرقية ، ولما كان أغلب رعايا الإمبراطور قسطنطين من المسيحيين ، وكان أغلب الوثنيين في حوزة روما في الغرب ، فلكي يقوّي مركزه قرب المسيحيين إليه ، ولكن لما كانوا هم أنفسهم مختلفين حول المسيح فقد دعاهم إلى عقد مجمع لحسم هذه الخلافات العقائدية التي كان لها أثرها على إشاعة عدم الاستقرار في إمبراطوريته لذلك عقد مجمع نيقيّة سنة 325 وقد حضره(2048) أسقفاً من جميع أنحاء العالم وذلك لتحديد من هو المسيح ، فتناظر المجتمعون وقرر(1731) من الأساقفة المجتمعين وعلى رأسهم (آريوس) أن المسيح u إنسان ، ولكن (أثناسيوس)الذي كان شماساً بكنيسة الإسكندرية انتهز هذه الفرصة فأراد أن يتقرب إلى قسطنطين الوثني فأعلن أن المسيح هو الإلة المتجسد ، وتبعه في ذلك الرأي (317)عضواً ومال قسطنطين الذي كان ما يزال على وثنيته إلى رأي (أثناسيوس) لما فيه من عقيدة وثنية تؤمن بتجسيد الآلهة ونـزولها من السماء ، فأقر مقالة (أثناسيوس) وطرد الأساقفة الموحدين وعلى رأسهم (آريوس) ، وأخطر من هذا أنه قضى بحبس الكتاب المقدس فلا يسمح بتداوله بين الناس ، وان يقتصر تعليم الدين على ما يقوم القساوسة بتلقينه للناس "(182)، وبهذا "سيكون من قبيل الجهد الضائع محاولة العثور على حكمة واحدة أو وحي أو أية رسالة مرفوعة إلى يسوع المسيح بلغته الخاصة ، ويجب أن يتحمل مجمع نيقيه إلى الأبد مسئولية جريمة ضياع الإنجيل المقدس بلغته الآرمية الأصلية ، وهي خسارة لا تعوض"(183) وقد خرجت من مجمع نيقية قرارات اعتبرت مع قرارات مجمع آخر عقد عام 381م هو مجمع القسطنطينية " والذي حضره (150)أسقفاً وقد كان حصيلة هذا المجمع الصغير أن الروح القدس هو إله من جوهر الله "(184)، وبهذين المجمعين اكتملت عقيدة التثليث عند النصارى؛ فالتثليث المسيحي لم يكن معروفاً إلى سنة 325م حيث عقد مؤتمر نيقية ، ولم يعترف المؤتمر إلا بالأب والابن ،ثم أدخلوا الروح القدس عام 381 م في مجمع القسطنطينية كما رأينا ،" وقد جاء التثليث بالتصويت في المجامع -تصويت مصحوب بالتهديد والوعيد- تصويت على حل وسط ، أراد الإمبراطور الروماني إلهاً يعجبه هو شخصياً ، إلهاً ليس واحد حتى لا يغضب الوثنيون الذين يؤمنون بتعدد الآلهة ، وإلهاً واحداً حتى لا يغضب الموحدين ! ؛ فكان اختراع التثليث ، واحد في ثلاثة أو ثلاثة في واحد ؛ فهو واحد إن شئت أو هو ثلاثة إن شئت ، وهكذا فإن التثليث ليس قول عيسى ولا وحياً من الله، بل هو اختراع إمبراطوري ، صدر على شكل مرسوم أجبر الناس على تكراره دون فهم أو تصديق ، آمن به، آمن به فقط و لا تسأل "(185).

وهكذا تشكلت عقيدة التثليث ،ووضع قانون الإيمان المسيحي.