المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أول بيان سياسي في تاريخ الأمة الاسلامية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم .


عزالدين
2007-09-16, 22:35
أول بيان سياسي في تاريخ الأمة الاسلامية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم .


--------------------------------------------------------------------------------


السلام عليكم اخواني الأعزاء
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد جرت عادة الملوك و الأمراء و الوزراء قديما و حديثا , بعد تعيينهم مباشرة, أن يعلنوا عن خطتهم السياسية التي سيتبعونها في الحكم , و هكذا سنجد سيدنا أبا بكر رضي الله عنه لما تمت بيعته في المسجد النبوي , و انتخب خليفة للمسلمين (رئيس الدولة), صعد المنبر و أعلن أمام الناس عن خطته التي يعتزم على نهجها في سياسة الدولة , و ذلك في خطاب جاء فيه بعد حمد الله و الثناء عليه :
"أيها الناس قد وليت عليكم , و لست بخيركم , فان أحسنت فأغينوني , و ان أسأت فقوموني , الصدق أمانة , و الكذب خيانة , و الضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه ان شاء الله , و القوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه ان شاء الله, لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله الا ضربهم الله بالذل , و لا تشيع الفاحشة في قوم الا عمهم البلاء , أطيعوني ما أطعت الله و رسوله , فاذا عضيت الله و رسوله فلا طاعة لي عليكم , قوموا الى صلاتكم يرحمكم الله."
و خطاب الخليفة هذا يعتبر أول بيان سياسي تعرفه الأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم , و هو و ان كان قليل الجمل و الكلمات فقد عبر تعبيرا واضحا عن مفهوم الحكومة في ظل الاسلام الذي استقر في نفسه رضي الله عنه.
فبهذا البيان السباسي رسم الخليفة برنامجه , و فيه حدد مسؤولية الحاكم و مدى الترابط بينه و بين الشعب . فهو يقرر تقريرا صريحا أن النظام يجب أن يسير برأي الشعب , ما دام الحاكم ملتزما بنصوص الدستور ( القرآن و السنة) , و من حق الشعب أن يطالبه بالوفاءعما أعطى على نفسه من عهد , فاذا استقام أعانه , و ان أساء قومه , فالحكم شوري يتعاون فيه الحاكم و المحكوم . كما يقرر مبدأ المساواة المطلق و الكامل قي نظر الدولة حاكما و دستورا , فالضعيف قوي بسلطان الدستور (القانون) حتى يرد له الحق , و القوي ضعيف بسطوة الدستور حتى يؤخذ الحق منه. و نظام الدولة مبني على القوة العادلة و سبيله الجهاد في سبيل الله , و معنى الجهاد الشرعي -هنا- الدفاع عن نظام الدولة و دستورها اذا كان مهددا من الداخل أو الخارج, و ما تخلت أمة عن نصرة الحق الا ذلت , و اذا ذلت عمت الفاحشة , و انتشر الفساد , و أصاب الدولة الانحطاط.
كان هذا مضمون خطاب الخليفة الراشدي الأول , و هذا المضمون هو الذي كان عليه النظام في العهد النبوي , و قد كان الخليفة أبو بكر في سياسته يرى أول واجب عليه أن يتحرى ما فعل رسول الله فيفعله , و يتحرى ما ترك رسول الله فيتركه , تماما كغيره من خلفاء العهد الراشدي , و كان هذا مبدأ ثابتا لدى الخليفة في ادارة شؤون الدولة داخليا و خارجيا , و ظهر ذلك واضحا في أول مشكلة واجهت حكومة أبي بكر بالتعبير الحديث, ألا وهي مشكلة انفاذ جيش أسامة الذي كان النبي صلى الله عليه و سلم قبل وفاته قد هيأه للمسير تحت رئاسة الصحابي الشاب أسامة بن زيد رضي الله عنه نحو حدود الشام , و كان من جملة أفراد الجيش أبو بكر , و عمر بن الخطاب , و أبو عبيدة , و سغد ابن أبي وقاص , و غيرهم رضي الله عنهم جميعا. فبينما الجيش يستعد للمسير جاء الخبر بموت النبي صلى الله عليه و سلم , و عاد المسلمون لينشغلوا بأمر تجهيز النبي و دفنه , و بموضوع الخلافة من بعده صلى الله عليه و سلم , و لما تمت بيعة أبي بكر رضي الله عنه خليفة لرسول الله في تدبير شؤون الدولة, صمم على انفاذ هذا الجيش , و كان رأي بعضالصحابة أن يتأجل مسيره ريثما ينتهي المسلمون من مشكلة أخرى شكلت أول صدمة للدولة الاسلامية الصاعدة , و تهديدا للأمة في وحدتها و تماسكها , و أصعب امتحان يواجهه النظام في عهد الخليفة , و هي مشكلة القبائل المرتدة .
و عليه يمكنني القول أن انفاذ جيش أسامة كان أساس برنامج الخليفة السياسي العام , الذي يقوم على الطاعة كل الطاعة لما أمر به رسول الله صلى الله عليه و سلم.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.