المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رقائق ابكتني ....


وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:06
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه رقائق أبكتنا كلنا هي منقولة من موقع آخر .....

كنا في جده في بيت الوالده حفظها الله في صباح الجمعه ...
وعند الضحى سألت خالي
ويش رأيك نطلع مكه نصلي الجمعه هناك و نرجع على طول
قال فكره طيبة ... نشرب الشاهي ونطلع
قلت الآن .. قبل ما يكسلنا الشيطان ..
ولك علي اشتري لك شاهي عدني ما حصل من الخط ..
لجل نلحق ندخل الحرم قبل الزحمة .. اليوم جمعه ..
كل أهل مكه يصلوا هناك
وحنا في الطريق السريع ...
لفت نظري قبل مكه بحوالي
خمسة واربعين كيلومتر أو تزيد قليلا
في الناحية الأخرى من الطريق ..
بيت ابيض من بيوت الله ... مسجد ..
ولفت نظري لعدة اشياء
لونه ابيض رائع ... و مئذنته جميلة و عالية نسبيا
مبني على أسفل سفح جبل او على تلة تقريبا ..
مما يجعل الوصول إليه يبدو صعبا قليلا ...
خا صة على كبار السن ..
وإن كان واضح أن من بنى المسجد بناه على هذه الصورة
لجل يبان للناس من بعيد ...
إن في هذا المكان مسجد
المسجد كان مهدم .. او بمعنى أصح ..
كان عبارة عن ثلثي مسجد فقط ...
و الجزء الخلفي مهدوم تماما ..
و لا يوجد ابواب او حتى شبابيك ..
وليس اكثر من مسجد مهجور مرتفع عن الأرض

ما ادري ليه بقى منظر هذا المسجد في قلبي ...
وصورته ما فارقت خيالي ابدا ..
يمكن لشموخه و وقوفه ضد السنين ...
الله أعلم

وصلنا مكه ولله الحمد ...
ووقفنا السيارة خارجها نظرا لشدة الزحام
وصلينا وسمعنا الخطبة
بعد الصلاة .. ركبنا سيارتنا وأخذنا طريق العوده
للمرة الثانية ... مدري ليش ...
ظهرت صورة نفس المسجد في بالي
المسجد الأبيض المهجور
جلست أكلم نفسي ... بعد شويه يظهر لنا المسجد
جلست التفت لليمين وانا أبحث عنه
اذكر ان بجانبه مبنى المعهد السعودي الياباني
بحوالي خمسمائة متر
و كل من يمر بالخط السريع يستطيع أن يراه
مررت بجانب المسجد وطالعت فيه ..
ولكن لفت انت باهي شئ
سيارة .. فورد زرقاء اللون تقف بجانبه
ثواني مرت وانا افكر .. ويش موقف هالسياره هنا ؟ ..
ويش عنده راعيها ؟ .. ثم اتخذت قراري سريعا
هديت السرعه
ولفيت لليمين على الخط الترابي ناحية المسجد ...
ليقضي الله أمرا كان مفعولا ...
وسط ذهول خالي وهو يسألني
خير ويش فيه ؟؟؟
خير صار شئ ؟؟؟
اتجهت لليمين من عند المعهد السعودي الياباني
في خط ترابي لحوالي خمسمئة متر ..
ثم يمين مرة أخرى ...
ثم داخل اسوار لمزرعة قديمة ...
حتى توجهت للمسجد مباشرة
سألني خالي خير .. ويش فيك رد علي
قلت ابدا .. بشوف راعي هالسيارة ويش عنده
قال ... مالنا ومال الناس
قلت خلينا نشوف ..
وبالمرة نصلي العصر..
اعتقد أذن خلاص
شافني مصمم ومتجه بقوة للمسجد راح سكت
وقفنا السيارة في الأسفل ...
وطلعنا حتى وصلنا للمسجد ...
وإذا بصوت عالي ... يرتل القرآن باكيا ..
ويقرأ من سورة الرحمن ...
وكان يقرأ هذه الاية بالذات
( كل من عليها فان
ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
ف كرت أن ننتظر في الخارج نستمع لهذه القراءة ..
لكن الفضول قد بلغ بي مبلغه
لأرى ماذا يحدث داخل هذا المسجد ...
المهدوم ثلثة ... والذي حتى الطير لا تمر فيه
دخلنا المسجد ..
وإذا بشاب وضع سجادة صلاة على الأرض ...
في يده مصحف صغير يقرأ فيه ...
ولم يكن هناك أحدا غيره
وأؤكد

لم يكن هناك أحدا غيره

قلت السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نظر إلينا وكأننا افزعناه ...
مستغربا من حضورنا .. ثم قال
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سألته صليت العصر؟
قال .. لا

قلت طيب أذنت ؟

قال لا... كم الساعة ؟

قلت وجبت خلاص

أذنت .. ولما جيت أقيم الصلاة ..
وجدت الشاب ينظر ناحية القبلة و يبتسم

غريبة ابتسامته !!!

يبتسم لمين ؟

ايش السبب !!!

وقفت اصلي ...
إلا وأسمع الشاب يقول جملة طيرت عقلي تماما
قال بالحرف الواحد
أبشر ... جماعه مرة وحدة

نظر لي خالي متعجبا ... فتجاهلت ذلك ...
ثم كبرت للصلاة وانا ع قلي مشغول بهذه الجملة

( أبشر جماعة مرة وحدة )

يكلم مين ؟؟؟ .. ما معانا أحد !!! ..
أنا متأكد إن المسجد كان فاضي ...
يمكن احد دخل من غير ما اشوفه ...
هل هو مجنون ... لا أعتقد ابدا ...
طيب يكلم مين !!!

صلى خلفى ... وانا تفكيري منشغل بيه تماما

بعد الصلاة ... أدرت وجهي لهم ..
وحين أشار لي خالي للانصراف.. قلت له ..
روح انت استناني في السيارة والحين الحقك
نظر لي ... كأنه خايف علي من هذا الشاب الغريب
الذي يتوقف عند مسجد مهجور
الذي يقرأ القرآن في مسجد مهجور

الذي لا نعلم يكلم من ... حين يقول
( أبشر جماعة مرة وحده )
اشرت إليه أني جالس قليلا
نظرت للشاب وكان مازال مستغرقا في التسبيح ...
ثم سألته
كيف حال الشيخ ؟
فقال بخير ولله الحمد
سألته ما تعرفت عليك
فلان بن فلان
قلت فرصة سعيدة يا أخي ...
بس الله يسامحك ..
أشغلتني عن الصلاة
سألني ليش ؟
قلت ... وانا اقيم الصلاة سمعتك تقول
أبشر جماعة مرة وحده
ض حك ... وقال ويش فيها؟
قلت ... ما فيها شئ بس .. انت كنت تكلم مين !!!
ابتسم ... ونظر للأرض وسكت لحظات ...
وكأنه يفكر .. هل يخبرني ام لا ؟
هل سيقول كلمات أعجب من الخيال
أقرب للمستحيل
تجعلني اشك أنه مجنون
كلمات تهز القلوب
تدمع الأعين
ام يكتفي بالسكوت!!!
لو قلت لك .. رايح تقول علي مجنون
تأملته مليا ... وبعدين ... ضممت ركبتي لصدري ...
حتى تكون الجلسة أكثر حميمية ..
أكثر قربا .. أكثر صدقا ..
وكأننا أصحاب من زمان
قلت .. ما أعتقد انك مجنون ...
شكلك هادئ جدا ...
وصليت معانا ولا سمعت لك حرف

نظر لي ... ثم قال كلمة نزلت علي كالقنبلة ..
جعلتني افكر فعلا ..
هل هذا الشخص مجنون !!!

كنت أكلم المسجد
قلت .. نعم !!!
كنت أكلم المسجد

سالته حتى أحسم هذا النقاش مبكرا ... وهل رد عليك المسجد ؟

تبسم ... ثم قال .. ما قلت لك ... حتقول علي مجنون .. وهل الحجارة ترد .. هذه مجرد حجارة

تبسمت ... وقلت كلامك مضبوط .. طالما انها ما ترد ... طيب ليه تكلمها !!!

هل تنكر .... إن منها ما يهبط من خشية الله

سبحان الله ... كيف انكر وهذا مذكور في القرآن

طيب ... و قوله تعالى ( وإن من شئ إلا يسبح بحمده )

قلت ماني فاهمك

باعلمك

نظر للأرض فترة وكأنه مازال يفكر

هل يخبرني ؟؟

هل أستحق أن أعلم ؟؟

ثم قال دون أن يرفع عينيه

انا انسان احب المساجد ..
كلما شفت مسجد قديم ولا مهدم او مهجور ..
افكر فيه .

افكر في ايام كان الناس يصلوا فيه

واقول .. تلقى المسجد الحين مشتاق للصلاة فيه ..
تلقاه يحن لذكر الله

أحس ... أحس إنه ولهان على التسبيح والتهليل ..
يتمنى لو آية تهز جدرانه .. وأفكر .. وافكر ..
يمكن يمر وقت الآذان وتلقى المئذنة مشتاقة ...
و تتمنى تنادي ... حي على الصلاة ...
وأحس إن المسجد ... يشعر انه غريب بين المساجد ..
يتمنى ركعة .. سجدة ..
أحس بحزن في القبلة ... تتمنى لا إله إلا الله ..
ولو عابر سبيل يقول الله اكبر ... وبعدين يقرأ

( الحمدلله رب العالمين )
اقول في نفسي والله لأطفئ شوقك ..
والله لأعيد فيك بعض ايامك .. اقوم انزل ...
وأصلي ركعتين لله ... واقرأ فيه جزء من القرآن

لا تقول غريب فعلي .. لكني والله ... احب المساجد

أدمعت عيني ...
نظرت في الأرض مثله لجل ما يلاحظها ..
من كلامه .. من احساسه .. من اسلوبه ..
من فعله العجيب .. من رجل تعلق قلبه بالمساجد

مالقيت كلام ينقال .. واكتفيت بكلمة الله يجزاك كل خير

بدأ خالي يدق لي بوري يستعجلني ..
قمت ... وسلمت عليه ... قلت له ...
لا تنساني من صالح دعاك

وانا خارج من المسجد قال وعينه مازالت في الأرض

تدري .. ويش ادعي دايما وانا خارج

طالعت فيه وأنا افكر ..
ودي الزمن يطول وانا اطلع فيه ..
من كان هذا فعله .. كيف يكون دعاه ...
وما كنت أتوقع ابدا هذا الدعاء

اللهم

اللهم

اللهم

إن كنت تعلم أني آنست هذا المسجد بذكرك العظيم ...
وقرآنك الكريم ... لوجهك يا رحيم ..
فآنس وحشة أبي في قبره وأنت ارحم الراحمين
حينها تتابع الدمع من عيني ..
ولم استحي أن أخفي ذلك ..
أي فتى هذا .. وأي بر بالوالدين هذا
ليتني مثله .. بل ليت لي ولد مثله

كيف رباه ابوه .. أي تربية ..
وعلى أي شئ نربي نحن أبناءنا

هزني هذا الدعاء ...

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:08
في أحد المستشفيات كان هناك مريضان هرمين في غرفة واحدة. كلاهما معه مرض
عضال. أحدهما كان مسموحاً له بالجلوس في سريره لمدة ساعة يوميا بعد العصر.
ولحسن حظه فقد كان سريره بجانب النافذة الوحيدة في الغرفة. أما الآخر فكان
عليه أن يبقى مستلقياً على ظهره طوال الوقت كان المريضان يقضيان وقتهما في
الكلام، دون أن يرى أحدهما الآخر، لأن كلاً منهما كان مستلقياً على ظهره
ناظراً إلى السقف. تحدثا عن أهليهما، وعن بيتيهما، وعن حياتهما، وعن كل شيء

وفي كل يوم بعد العصر، كان الأول يجلس في سريره حسب أوامر الطبيب، وينظر في
النافذة، ويصف لصاحبه العالم الخارجي. وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما
ينتظرها الأول، لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة
في الخارج: ففي الحديقة كان هناك بحيرة كبيرة يسبح فيها البط. والأولاد صنعوا
زوارق من مواد مختلفة وأخذوا يلعبون فيها داخل الماء. وهناك رجل يؤجِّر
المراكب الصغيرة للناس يبحرون بها في البحيرة. والنساء قد أدخلت كل منهن
ذراعها في ذراع زوجها، والجميع يتمشى حول حافة البحيرة. وهناك آخرون جلسوا في
ظلال الأشجار أو بجانب الزهور ذات الألوان الجذابة. ومنظر السماء كان بديعاً
يسر الناظرين فيما يقوم الأول بعملية الوصف هذه ينصت الآخر في ذهول لهذا
الوصف الدقيق الرائع. ثم يغمض عينيه ويبدأ في تصور ذلك المنظر البديع للحياة
خارج المستشفى.

وفي أحد الأيام وصف له عرضاً عسكرياً. ورغم أنه لم يسمع عزف الفرقة الموسيقية
إلا أنه كان يراها بعيني عقله من خلال وصف صاحبه لها.
ومرت الأيام والأسابيع وكل منهما سعيد بصاحبه. وفي أحد الأيام جاءت الممرضة
صباحاً لخدمتهما كعادتها، فوجدت المريض الذي بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال
الليل. ولم يعلم الآخر بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهي تطلب
المساعدة لإخراجه من الغرفة. فحزن على صاحبه أشد الحزن.


وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة.
ولما لم يكن هناك مانع فقد أجابت طلبه. ولما حانت ساعة بعد العصر وتذكر
الحديث الشيق الذي كان يتحفه به صاحبه انتحب لفقده. ولكنه قرر أن يحاول
الجلوس ليعوض ما فاته في هذه الساعة. وتحامل على نفسه وهو يتألم، ورفع رأسه
رويداً رويداً مستعيناً بذراعيه، ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار ! وجهه ببطء
شديد تجاه النافذة لينظر العالم الخارجي. وهنا كانت المفاجأة!!. لم ير أمامه
إلا جداراً أصم من جدران المستشفى، فقد كانت النافذة على ساحة داخلية.
نادى الممرضة وسألها إن كانت هذه هي النافذة التي كان صاحبه ينظر من خلالها،
فأجابت إنها هي!! فالغرفة ليس فيها سوى نافذة واحدة. ثم سألته عن سبب تعجبه،
فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر النافذة وما كان يصفه له.
كان تعجب الممرضة أكبر، إذ قالت له: ولكن المتوفى كان أعمى، ولم يكن يرى حتى
هذا الجدار الأصم، ولعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة حتى لا تُصاب باليأس
فتتمنى الموت.

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:09
استقيظت مبكرا كعادتي .. بالرغم من ان اليوم هو يوم أجازتي
,صغيرتي ريم كذلك اعتادت على الاستيقاظ مبكرا, كنت اجلس في مكتبي
مشغولة بكتبي واوراقي. ماما ماذا تكتبين ؟ اكتب رسالة الى الله
،هل تسمحين لي بقراءتها ماما ؟؟ لا حبيبتي , هذه رسائلي الخاصة
ولا احب ان يقرأها احد. خرجت ريم من مكتبي وهي حزينة, لكنها
اعتادت على ذلك , فرفضي لها كان باستمرار..

مر على الموضوع عدة اسابيع، ذهبت الى غرفة ريم و لاول مرة ترتبك
ريم لدخولي... يا ترى لماذا هي مرتبكة؟ ريم ماذا تكتبين ؟ زاد
ارتباكها .. وردت: لا شئ ماما , انها اوراقي الخاصة.. ترى ما
الذي تكتبه ابنة التاسعة وتخشى ان اراه؟!! اكتب رسائل الى الله
كما تفعلين.. قطعت كلامها فجأة
وقالت: ولكن هل يتحقق كل ما نكتبه ماما؟ طبعا يا ابنتي فإن الله
يعلم كل شئ.. لم تسمح لي
بقراءة ما كتبت , فخرجت من غرفتها واتجهت الى راشد(زوجي) كي اقرأ
له الجرائد كالعادة , كنت اقرأ الجريدة وذهني شارد مع صغيرتي
فلاحظ راشد شرودي ظن بأنه سبب حزني .. فحاول اقناعي
بأن اجلب له ممرضة .. كي تخفف علي هذا العبء يا الهي لم ارد ان
يفكر هكذا .. فحضنت رأسه
وقبلت جبينه الذي طالما تعب وعرق من اجلي انا وابنته ريم, واليوم
يحسبني سأحزن من اجل ذلك..
واوضحت له سبب حزني وشرودي... ذهبت ريم الى المدرسة, وعندما عادت
كان الطبيب في البيت
فهرعت لترى والدها المقعد وجلست بقربه تواسيه بمداعباتها
وهمساتها الحنونة. وضح لي الطبيب
سوء حالة راشد وانصرف, تناسيت ان ريم ما تزال طفلة , ودون رحمة
صارحتها ان الطبيب اكد لي ان قلب والدها الكبير الذي يحمل لها كل
هذا الحب بدأ يضعف كثيرا وانه لن يعيش لأكثر من ثلاث
اسابيع , انهارت ريم وظلت تبكي وتردد: لماذا يحصل كل هذا لبابا ؟
لماذا؟ ادعي له بالشفاء يا
ريم، يجب ان تتحلي بالشجاعة , ،ولا تنسي رحمة الله انه القادر
على كل شئ.. فانتي ابنته الكبيرة
والوحيدة أنصتت ريم الى امها ونست حزنها , وداست على ألمها
وتشجعت وقالت : لن يموت في كل صباح تقبل ريم خد والدها الدافئ ,
ولكنها اليوم عندما قبلته نظرت اليه بحنان وتوسل
وقالت : ليتك توصلني يوما مثل صديقاتي . غمره حزن شديد فحاول
اخفاءة وقال: ان شاء الله
سياتي يوما واوصلك فيه يا ريم.. وهو واثق ان اعاقته لن تكمل فرحة
ابنته الصغيرة.. اوصلت ريم
الى المدرسة ,وعندما عدت الى البيت , غمرني فضول لأرى الرسائل
التي تكتبها ريم الى الله، بحثت
في مكتبها ولم اجد اي شئ.. وبعد بحث طويل .. لا جدوى .. ترى اين
هي ؟!! ترى هل تمزقها بعد
كتابتها؟ ربما يكون هنا .. لطالما احبت ريم هذا الصندوق, طلبته
مني مرارا فأفرغت ما فيه
واعطيتها الصندوق .. يا الهي انه يحوي رسائل كثيرة ... وكلها الى
الله! يا رب ... يا رب ... يموت
( كـلـب ) جارنا سعيد , لأنه يخيفني!! يا رب ... قطتنا تلد قطط
كثيرة .. لتعوضها عن قططها التي
ماتت !!! يا رب ... ينجح ابن خالتي , لاني احبه !!! يا رب ...
تكبر ازهار بيتنا بسرعة , لأقطف كل
يوم زهرة واعطيها معلمتي!!! والكثير من الرسائل الاخرى وكلها
بريئة... من اطرف الرسائل التي
قرأتها هي التي تقول فيها : يا رب ... يا رب ... كبر عقل خادمتنا
, لأنها ارهقت امي .. يا الهي كل
الرسائل مستجابة , لقد مات *** جارنا منذ اكثر من اسبوع , قطتنا
اصبح لديها صغارا , ونجح احمد
بتفوق, كبرت الازهار, ريم تاخذ كل يوم زهرة الى معلمتها ... يا
الهي لماذا لم تدعوا ريم ليشفى
والدها ويرتاح من عاهته ؟؟!! .... شردت كثيرا ليتها تدعو له ..
ولم يقطع هذا الشرود الا رنين
الهاتف المزعج ردت الخادمة ونادتني : سيدتي المدرسة ... *
المدرسة !! ... ما بها ريم ؟؟ هل فعلت
شئ؟ اخبرتني ان ريم وقعت من الدور الرابع وهي في طريقها الى منزل
معلمتها الغائبة لتعطيها
الزهرة .. وهي تطل من الشرفة ... وقعت الزهرة ... ووقعت ريم ...
كانت الصدمة قوية جدا لم
اتحملها انا ولا راشد ... ومن شدة صدمته اصابه شلل في لسانه فمن
يومها لا يستطيع الكلام .. لماذا
ماتت ريم ؟ لا استطيع استيعاب فكرة وفاة ابنتي الحبيبة... كنت
اخدع نفسي كل يوم بالذهاب الى
مدرستها كأني اوصلها , كنت افعل كل شئ صغيرتي كانت تحبه , كل
زاوية في البيت تذكرني بها
اتذكر رنين ضحكاتها التي كانت تملأ علينا البيت بالحياة ... مرت
سنوات على وفاتها, وكأنه
اليوم ... في صباح يوم الجمعة اتت
الخادمة وهي فزعة وتقول انها سمعت صوت صادر من غرفة ريم... يا
الهي هل يعقل ريم عادت ؟؟
هذا جنون ... انت تتخيلين لم تطأ قدم هذه الغرفة منذ ان ماتت
ريم.. اصر راشد على ان اذهب وارى ماذا هناك.. وضعت المفتاح في
الباب وانقبض قلبي فتحت الباب فلم اتمالك نفسي .. جلست ابكي
وابكي ... ورميت نفسي على سريرها , انه يهتز .. آه تذكرت قالت لي
مرارا انه يهتز ويصدر صوتا عندما تتحرك , ونسيت ان اجلب النجار
كي يصلحه لها ولكن لا فائدة الآن ... لكن ما الذي اصدر
الصوت .. نعم انه صوت وقوع اللوحة التي زينت بآيات الكرسي ,
والتي كانت تحرص ريم على
قراءتها كل يوم حتى حفظتها, وحين رفعتها كي اعلقها وجدت ورقة
بحجم البرواز وضعت خلفه يا
الهي انها احدى الرسائل يا ترى , ما الذي كان مكتوب في هذه
الرسالة بالذات ولماذا وضعتها ريم
خلف الآية الكريمة إنها احدى الرسائل التي كانت تكتبها ريم الى
الله ....... كان مكتوب يا رب ... يا رب ... اموت انا ويعيش بابا

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:10
بينما كان الأب يقوم بتلميع سيارته الجديدة


إذا بالابن ذو الأربع سنوات يلتقط حجراً ويقوم بعمل خدوش على جانب السيارة

وفي قمة غضبه، إذا بالأب يأخذ بيد ابنه ويضربه عليها عدة مرات

بدون أن يشعر أنه كان يستخدم 'مفتاح انجليزي' (مفك يستخدمه عادة السباكين في فك وربط المواسير)

مما أدى إلى بتر أصابع الأبن

في المستشفى، كان الابن يسأل الأب متى سوف تنموا أصابعي ؟

وكان الأب في غاية الألم

عاد الأب إلى السيارة وبدأ يركلها عدة مرات

وعند جلوسه على الأرض، نظر إلى الخدوش التي أحدثها الأبن فوجده قد كتب


' أنا أحبك يا أبي '

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:12
زميل وشخص عزيز طلب مني نطلع مكه ... واخبرني انه ناوي يؤدى

عمره عن ابوه الله يرحمه .. قلت خير .. حتى انا باعتمر عن ابوي ..
نخليها يوم الجمعه ونصلي الجمعه هناك إن شاء الله‎

رحنا .. سوينا عمرتنا وإلي علينا بالخير .. وحنا راجعين إلا وصاحبي يهدي السرعة ... سألته

خير

قال بدخل رابغ ( وهي قرية على الخط‎)

سألته ليش ... ويش عندنا في رابغ‎

قال .. بتشوف بعينك‎

دخلنا البلد وانا مستعجب .. إلا وصاحبنا وقف جنب سوبرماركت وقال ...
انزل شيل معي لو تبغى الأجر

قلت اشيل ولا يهمك .. بس لمين

قال اسرة هنا .. ابوي الله يرحمه كان يتولاها دائما ..
وما حبيت ان الخير ينقطع بوفاة الوالد ..
وماني رايح اقطع صدقات ابوي ولو انه مات ..
فأنا ومالي ملك أبي‎

قلت الله يجزاك كل خير .. وين الناس التي تبر ابوها كذا بعد الممات ..
البعض الله المستعان يقاطع حتى اعمامه بعد وفاة ابوه ...
وانت ما شاء الله عليك ...
حتى سعي ابوك على هذه الأرملة ما وقفته‎

رحنا ودقينا على البيت ... خرجت امرأة عجوز ..
سلم عليها صاحبنا وسلموا عليه الأطفال‎ ..
( واضح انهم يعرفوه زين وانهم متعودين على جيته دايما‎ ) ..
وبعدين نزلنا الأغراض في الحوش ... واعطاها مبلغ من المال ..
وجلست تدعي له ولأبوه بالرحمة‎

موقف جدا رائع .. يهز القلب بحق

مشينا .. كملنا الطريق ...
إلا وقبل مستورة‎ ( وهي قرية اخرى تقع على الخط‎ ) بحوالي عشرة كيلو ..
إلا وفيه ونيت غمارتين متوقف على جنب ..
وفيه رجال شايب كبير في السن يأشر .. واهله داخل السياره‎

هدينا السرعة ووقفنا

خير يا عم

قال ابد .. الكفر مبنشر‎

ظنيننا انه طالما كبير في السن ما يقدر يغير الكفر ..
خاصة ان اكبر عياله عمره حوالي 11 سنه‎

قلنا طيب ... هات الكفر الأحتياطي نغيره لك

قال ... حتى الإحتياطي مبنشر .. والعدة الي ترفع السيارة كمان خربانه ...
مدري ويش فيها‎

مشكلة بمعنى الكلمة .. خاصة انهم منقطعين في الخط ..
واسرة فيها نساء واطفال ... ويمكن حتى ماء ما معاهم

هذا الموقف لأي مسلم ... هو كنز من الحسنات ..
لأنه من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ... كيف عاد اسرة كاملة في كربة‎ !!!

اخذنا الكفر ... وقلنا له بنروح نصلحه في قرية مستورة ..
وخاصة ان بيننا حوالي عشرة كيلوا فقط تقريبا‎ ....

إلا والرجال قال‎

طيب خذوا الولد معاكم

قلنا له ... يا رجال ما يحتاج ... بعدين نتأخر ...
ولا يصير ظرف تقلقوا عليه .. خلوه معاكم‎

قال ابدا .. خذوه معاكم‎

قلنا خير

إلا والولد يسأل ابوه

يبه .. ما عطيتني فلوس للكفر

رد عليه وكأنه احرجه .. قال هه ... نسيت الفلوس ... ما جبت معي فلوس‎

رد خويي بسرعه .. اركب اركب .. بعدين وخير

وبعد ما مشينا .. إلا وخويي يسأل الولد

ما شاء الله عليك .. انت سنه كم ؟

قال .. اولى متوسط

قال خير .. طيب ابوك وين شغال ...
( عرفت انه يبغى يتحرى عنهم .. هل هم من مستحقي الصدقات ...
ام فعلا الأب نسي الفلوس‎ )

قال ما يشتغل .. مريض‎

قال ... خير إن شاء الله

وجلس يتحدث معاه احاديث جانبية ... لجل يتحرى عنهم أكثر وبعدين قال

الله يعينكم .. طيب .. ليه ما تغيروا هالكفر وترتاحوا ..
ولا كل كفرات السيارة كذا‎

رد عليه الطفل بضحكه بريئة .. كل الكفرات كذا .. هذا احسنهم ..
وكل يوم ندور خمسة ريال لجل نصلح كفر‎

ضحك صاحبنا بسرعه وقال خير إن شاء الله

وصلنا لمستورة .. ووقفنا عند اول محل كفرات ..
ونزلت انا الكفر من السيارة .. إلا وصاحبنا يقول للعامل‎

حط كفر جديد نفس المقاس

إلا والولد يصرخ .. ليه جديد .. ما عندنا .. ابوي رايح يذبحني‎

رد عليه خويي .. اقول اسكت ولا كلمة ..
انت معانا مجرد امانه لين نرجعك لأبوك .. والأمانة ماتتكلم ولا تهرج ..
تراني عصبي .. فاهم‎

قال ... طيب‎

وسأل العامل عن شئ ... وقال له العامل ما عندي ..
ادخل البلد أكيد بتلقى

ركبنا السيارة وانا ما ادري وين رايحين .. بس متأكد انه خير‎

وقفنا عند محل زينة سيارات وقال لنا اصبروا في السيارة

دخل المحل وخرج ومعاه عده لرفع السيارات ...
واول ما ركب السيارة ... إلا والولد يسأل

حتى انتم عدتكم خربانا ؟‎

إلا وصاحبي يرد

اقول اسكت ولا كلمة .. انت معانا امانه .. والأمانه ما تهرج .. تراني عصبي

رجعنا للمحل .. كان العامل ركب الكفر الجديد .. إلا وصاحبي يقول للعامل

اعطيني كمان ثلاثة كفرات جديدة .. نخليها اربعة مرة وحده‎

إلا والولد قام يصارخ .. اربعة .. ياويلي من ابوي ..
رايح يقول انا إلي قلت لك اشتريهم وبعدين نحاسبك‎

طالع فيه خويي هالمرة بنظرة صارمة وقال ...
انا كم مرة اقول لك اسكت ...
انت امانه ... والأمانة ما تهرج ... ولا تقول كلمة .. فاهم .. تراني عصبي ...
لا يغرك سكوتي‎

سكت الولد وهو يطالع يمين و يسار .. ويناظر فيني يبغاني اتكلم ..
بس سويت نفسي ماني شايفه وسكت

جاني خويي وسألني .. معاك مية ريال سلفة أكمل حق الكفرات ...
لين نوصل ينبع واعطيك

قلت .. آسف .. سلفه مافي .. تبي مشاركة في الأجر ... على عيني وعلى راسي‎

قال ... يا ابن الحلال عيب عليك سلفني مية

قلت ... آسف اسلفك لو وصلنا .. لكن هنا مافي غير مشاركه

ناظر فيني وقال

يا ابراهيم .. هالمشوار من يوم لبسنا الإحرام
وانا اسأل الله ان يكتب أجره لأبوي الله يرحمه‎

يا ابراهييييييييم .. ليه تستكثر علي اني ابر ابوي .. ولو بكفر ..
ويش هالقسوة إلي فيك يا خوي

سكت ... ولا قدرت انطق بكلمة وقلت ابشر ... اتفضل ..
ويكفي اني مشيت معاك وشلت بيدي .. الله يجزاك كل خير

ركبنا السيارة ورجعنا .. والولد ساكت ولا فتح فمه بكلمة ...
إلا وبعدين قال بصوت واطي خايف من خويي‎

ترى ما عندنا نعطيك حق الكفرات‎

رد عليه خويي .. ولا يهمك ..
اول ما تخلص مدرسة وتتخرج من الجامعه .. وتتوظف ..
اول ما تأخذ اول راتب اعطيني فلوسي .... .
ولو ما لقيتني اعطيها لأمك زين .. بس هاه علمني ..
انت تصلي ولا ما تصلي ..
ترى لو ما تصلي ما راح اخذ منك ريال‎

قال .. والله انا اصلي ... واسأل ابوي‎

رد عليه .. خلاص اتفقنا .. وسكتنا ... لين وصلنا سيارة ابوه

يوم شافنا ابوه من بعيد ... ابتسم وجلس يدعي لنا ..
لكن يوم شافنا ننزل في الكفرات ... قام يصارخ في ولده

انت مجنون ... انا قلت لك اشتري كفرات .. من وين لنا الحين

إلا والولد يقول .. يبه .. والله قلت له .. بس كلما اكلمه يقول لي ..
اسكت .. انت امانه ... والأمانة ما تهرج .. تراني عصبي

إلا وخويي .. يقول يا رجال .. كلنا تصير علينا ظروف ..
بالذات في الطريق تصدق ... من يومين بس ..
كنت انا وخويي هذا رايحين المدينة ..
إلا وخلص البنزين لاهو كان معاه فلوس ولا انا ...
كلنا نسينا نشيل فلوس‎

كل واحد معتمد على الثاني ...
ولولا رجال الله يستر عليه وقف وعبى لنا بنزين ...
واعطانا خمسين ريال احتياط كنا ورطنا .. مثلك بالضبط ..
ثم نظر لي وسألني

مو صح يا ابوعبدالمجيد ؟

طالعت فيه وانا مستغرب ... قلت ايه‎

وبعدين قال ... ولو جيتك في البيت ابيك تذبح لي اكبر طلي عندكم

قال ابشر وتعال الحين عشاكم عندنا

قلنا الأيام جايه إن شاء الله ... وركبنا السياره على طول ...
بدون حتى ما نرد عليه‎

سألته ... متى رحنا المدينة وخلص علينا البنزين
وما كان معانا فلوس ؟؟؟

قال الله يغفر لي .. ويش تبيني اقول .. هذه صدقة عن ابوي الله يرحمه‎ !!!

ما حبيت احرجه قدام الأطفال‎

قلت طيب
...
كنت خليتنا نرفع له السيارة ونركب الكفر‎ !!!

قال ... هذا مشكلة اكبر .. ساعتها بيجلس يدعي لنا ...
وكل الحريم في السيارة رايحين يسمعوا ..
طيب ليه نحرجه والا نجرحه؟ .. نمشي احسن ...
ونسأل الله ان يتقبلها
وان يرحم ابوي‎

مشينا شويه
...
وكان باقي
على
صلاة العشاء دقائق

لقينا سيارة تبيع مويه وبسكوت وشاهي وقهوه ... وعندها شاحنات واقفه ...
وكل واحد وضع له سجاده لجل يصلي عليها ..
والبعض ما معاه أي سجاد ويصلي على التراب‎

قلت لخويي خلينا نوقف ونصلي جماعه

وقفنا ...
وحطينا السجادتين إلي معانا بالعرض ...
لجل يصلي عليها إلي ما معاهم سجاد

بعد الصلاة ...
إلا وخويي يسال البائع ..
ما عندك سجاد للبيع ؟

قال ... لا‎

قال ... ولا بساط عادي ؟

قال ما عندي

قال خير إن شاء الله

ركبنا السيارة ومشينا .. ويوم قربنا على كوبري الرايس ..
(وهي قرية صغيرة على الخط )..
إلا وصاحبنا يهدي السرعه ويطلع الكوبري‎

سألته خير ؟

قال ... خير‎

قلت ادري .. بس ليش هديت ؟

قال .. عمل خير‎

قلت ... وين عمل الخير ... حنا في صحراء ما عندنا احد ..
لاتكون تبي تدخل الرايس

قال ... لا

قلت ... اجل وين عمل الخير

ثم قال قوله تعالى‎

( وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد‎ )

اسأل الله أن نكون منهم

بنرجع مستورة‎

سألته ... ليش غلطانين في حساب الكفرات ؟

قال ... أي كفرات الله يهديك هذا الموضوع نسيناه

سألته .. اجل ليش نرجع ؟‎

قال .. تسلفني وانا اقول‎

قلت .. اما هذه كثر منها .. سلف ما راح تشوف لو تطلع عيونك ..
انا شريك رسمي ... وانت لك أجر الشيل

سألني .. شيل .. ايش ؟‎

قلت ما ادري .. بس احس ان السالفه فيها شيل ..
من الصبح وحنا نشيل ولله الحمد

رغم اني ما ادري ويش السالفه .. بس إلي شفته اليوم ...
يخليني متأكد إن شاء الله إنه خير

قال يا ابراهيم ..
انت مستكثر اني اسوي لأبوي خير‎

قلت ...
انت مستكثر اني احط لأبوي نصيب مع ابوك‎ !!!

من طيب اخلاقي ...
ومن كرمي باخلي السالفه بالنصف بين أبوي وابوك ...
عاجبك ..
ولا روح دور لك على مكينة تصرف منها فلوس ..
ويمكن تلاقي ...
ويمكن ما تلاقي ...
بس علمني ..
ويش السالفه ؟‎

قال بنرجع مستورة .. ونشتري سجاد كبير ..
وبنحطهم وحده عند السيارة الي شفناها ..
والثانية ..
عند السيارة إلي مثلها بس وانت رايح على جده ..
والثالثة
بنحطها في الأرض ...
ونحط حولها حجار كبيرة لجل يبان ان هذا مكان مخصص للصلاة ..
وبنشوف مكان يكون مرتفع وقريب من الخط ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‎

(من بنى لله بيتا ولو قدر مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة‎ )

رجعنا مستورة ..
واشترينا ثلاث سجادات كبار .. وجمعنا حجار كبيرة ...
لجل نحدد المسجد إللي نبي نسويه

رحنا للسيارات الي تبيع على الخط ..
واعطيناهم السجاد ..
ومبلغ من المال ...
لجل يفرشوا السجاد وقت الصلاة ويهتموا بيه ...
وأشهدنا الله عليهم ...
وكفى بالله شهيدا‎

بعد كذا بدينا
ننزل الحجار من السيارة ...
واسمع صاحبي
يقول آية وحده
يكررها طول الوقت

( ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب‎ )

( ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب‎ )

( ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب‎ )

وما ان ركبنا السيارة إلا واسمعه يقول

اللهم إن كنت تعلم ان هذا العرق نزل على وجهي لوجهك الكريم ...
فحرم وجه ابي على النار‎

الله أكبر
على مثل هذا الدعاء ...
كم باقي بيننا من الناس
مثل هذا الشاب‎ !!!

قلت وانا احاول اخفف عليه

ما شاء الله عليك ..
كل هذا في يوم واحد ..
اكيد انك مرتاح انك أديت واجبك نحو ابوك الله يرحمه


قال يا ابراهيم ..
ما حارتاح إلا لما اشوفه بعيني يدخل الجنة .

والله إني خايف عليه
...
وخايف منه‎

استغربت ..
قلت خايف عليه وفهمتها .. لكن خايف منه
.. ليش‎ !!!

تنهد تنهيدة طويله
ثم قال كلام ..
عمره ما خطر في بالي ابدا

يقول

يوم القيامه الواحد في عرض حسنة ..
يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه

اخاف يجيبني يوم القيامة
قدام رب العالمين
ويقول

يارب ابني هذا انجبته ... وانفقت عليه ..
واحسنت تربيته ..
كم من ليالي سهرت عليه ... كم مرة حرمت نفسي لأجل اعطيه ...
وعلمته القرآن ..
وعلمته الصلاة ..
وكنت اخذه من يده للمسجد .. وعلمته حق الوالدين ...
وأنك أمرت ببرهما ..
فلما مت ما برني ..
ولا أدى حقي ..
ولا دعى لي ..
فاقتص لي منه ..
وأعطيني من حسناته .. واطرح عليه سيئاتي‎

ساعتها ...
ويش اسوي ..
وين اروح ...
من مين أفر ..
من أبي ..
ام من رب العالمين ..
أين المفر

ثم بكى وانتحب

وقرأ‎

( يقول الإنسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر * إلى ربك يومئذ المستقر‎ )

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:14
في 17 رمضان الماضي 1428هـ / 2007م خرجت أنا وصديقي وسواقه أخذنا زكاة ماله وذهبنا إلى خط الساحل للقرى الفقيرة نوزع زكاة ماله كنا ثلاثة أشخاص في السيارة كانت الأموال موزعه في ظروف كل ظرف فيه 5000 ريال وكنا نوزع الظروف على المنازل حسب عدد أفراد المنزل طبعا كانت الأولوية للأيتام والأرامل والضعفاء البعض كان يجيهم ظرفين والبعض 5 ظروف وكان بيني وبين صديقي اختلاف في كيفيه توزيع المبلغ.

أنا قلت نوزع على كل منزل ظرفين لأجل نستطيع إننا نوزع على اكبر عدد ممكن من المنازل لكن صديقي صاحب الشأن كان له رأى أخر

قال أنا ماابغى أعطيه ظرفين يشترى فيها ملابس وتنتهي أنا ابغي أعطيه 5 ظروف 10 ظروف تقضى له شغل يعنى إذا عليه ديون يسدد ديونه وإذا كان يستطيع يشترى حلال (( غنم )) ويتاجر فيها يعنى أبغاه يستفيد من المبلغ.

أنا ما اقتنعت بهذه الفكرة حتى قابلنا امرأة عجوز يوم شافتنا وهى ترحب وتهلل قالت : الفلوس إلى عطيتونى قبل 3 سنوات سويت لي فيها مطبخ واشتريت ثلاجة وغسالة ودولاب وجلست تدعى عندها ابتسم صديقي وهو يناظر لي.

الموقف

خرجنا من إحدى القرى وكانت الساعة 3 الظهر وكنا صايمين (( لا صح ماكنا صائمين بل كنا فاطرين )) ويوم خرجنا على الخط الرئيسي خط جده جيزان تقريبا بعد الليث وإذا برجل عجوز لكن شديد وصحته قوية وملتزم عمره 70 سنه أو أكثر يمشى على الخط العام فسال صديقي قال هذا واش يسوى في هذا الخط في هذا الوقت في الصحراء.

قال السواق : أكيد يماني داخل تهريب

وقفنا عند الرجال وسلمنا عليه من وين الأخ : قال من اليمن وين رايح قال : مشتاق إلى بيت الله قلنا له داخل نظامي قال : لا والله تهريب قلنا له ليه ما دخلت نظامي : قال لازم ادفع 2000 ريال تأمين وأنا ماعندى إلا 200 ريال ركبت ب 100 ريال وبا قى 100 ريال

لهيب : طيب ياعم كم لك وأنت تمشى قال : 6 أيام

لهيب : فاطر

قال : لاصائم

لهيب: طيب أنت ألان انتصفت المسافة وتجاوزت على أكثر من 5 نقاط تفتيش أمنية كيف تجاوزتها

قال : والله الذي لا اله إلا هو أنى أمر من عندهم ومافي احد كلمني الظاهر مايشوفونى

لهيب : أنت جاى تشتغل

قال : لا والله أنا جاي مشتاق إلى بيت الله أبغى أسوى عمرة رايح مكة

لهيب : الدوريات ماقبضوا عليك وأنت ماشى في الخط

قال : قبل نصف ساعة مسكتني دوريه قبل مسافة 50 كلم وجابتنى عند القسم على بعد 1 كلم من هنا لكن سألوني وين رايح وحلفت لهم بالله أنى ابغي بيت الله وأطلقوا سراحي.


قلت في نفسي سبحان الله ربى جهز لك رجال الأمن ينقلونك بسرعة إلى هذا المكان حتى ييسر الله لك هذا المحسن

قام صديقي وأعطاه ظرفين قال خذ هذه زكاة المال أخذها الرجال وقال جزاكم الله خير طبعا هو ما يدرى كم المبلغ إلى في الظرف لكن السواق قال هذا لازم يدرى ويش معاه فلوس حتى ينتبه لنفسه لايسروقونها منه

فسأله السواق: أنت تعرف العملة السعودية قال نعم قال طيب افتح الظرف وخبي الفلوس في حزامك لاتضيع

اليماني فك الظرفين يوم شاف الفلوس 10000 ريال طالع فينا

وقال : هذى كلها لي

قلنا نعم لك – الرجال سقط على الأرض في حاله إغماء نزلنا من السيارة وجلسنا نرشه بالمويه

وهو يصيح برأسه كله (( هذه الفلوس كلها لي .... هذه الفلوس كلها لي وجلس يبكى بكاء يبكى الحجر ))

المهم صديقي صاحب الشان قال خلونا نوصله معنا قدام شوي

وطلع معانا في السيارة وبعد مااستراح الرجال شوي

سألته ياعم قبل لا نتقابل معاك وأنت ماشى في الخط واش كنت جالست تفكر فيه بصراحة؟؟؟

إسمعوا ويش قال :

قال أنا عندي بيت في اليمن وعندي قطعة أرض جنب البيت وهبتها لله وبنيت عليها مسجد أنا وعيالي من الحجر والطين والمسجد خلص انتهى من البناء لكن كان باقي الفرش وأشياء بسيطة وكنت جالس أفكر كيف افرش هذا المسجد

صراحة كلنا بكينا بكاء عجيب

وتذكرت

قول النبي صلى الله عليه وسلم(( من كان همه الآخرة جلبت له الدنيا بحذافيرها ‏))

وقوله صلى الله عليه وسلم :

" من كانت الآخرة همه ، جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهى راغمة ومن كانت الدنيا همه ، جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له"

عندها أشرت لصديقي أن يعطيه زيادة فأعطاه ظرفين زيادة ليصبح المبلغ 20000 ريال وقبل أن ينزل الرجل من السيارة كان يتمتم ويدعوا وهو يبكي

قلت له : ماذا تدعى ؟؟

قال : ادعى أن يربط الله على قلبي فالموضوع خطير لا يحتمله عقلي ولا قلبي أخاف يجينى جلطة

تركنا الرجل في الصحراء وتذكرت

(( لو أنكم تتوكلون علــى الله حــق توكلــه ، لرزقكــم كمــا يرزق الطير ، تغدو خماصاً وتروح بطاناً ))

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:16
ما أجمل ما ذَكَرَهُ الشيخ الذي جاءنا واعظًا في مسجدنا عن الصدقة وأَجْرها وعظَمِها! ولكن كيف السبيل لذلك ووالدي - للأسف - عاطِل عنِ العمل؟ وبالكاد من خلال المساعدات التي تأتي لنا يستطيع أن يعطيَني مصروف مواصلات الطريق إلى الجامعة، والبالغة ستة "شواكل"، فكَّرْت ثم فكرت، وكانتْ هداية الله، فبَيْتُنا يبعد عن الجامعة بمقدار مُواصلتَيْن ذهابًا، ومثلهما رجوعًا، المواصَلة الأولى أقْصَر من الثانية بمقدار النِّصف، وهنا كانت بداية المشوار، سأمشي المواصَلة الأولى، وسأركب الثانية، وسأفعل مثل ذلك في طريق العودة سأركب الأولى، وأمشي الثانية.

لكن ذلك يستلْزِم مني الاستيقاظ مبكِّرًا؛ لأنَّ المواصَلة الأولى تحتاج إلى نصف ساعة مشيًا، والمواصَلة الثانية تحتاج إلى ربع ساعة بسيارة الأجرة، ومحاضراتي في الثامنة صباحًا؛ يعني ذلك أنه لا بد أن أخرج في تمام السابعة صباحًا؛ حتى لا أصل متأخرًا، وهذا يعني أنِّي يجب أن أستيقظ في تمام السادسة؛ حتى أستطيع دُخُول الخلاء، وتبديل الملابس والإفطار.

وهذا يستلزم عدم النوم بعد الفَجْر؛ يعني النوم المبكر بعد العشاء مباشرة، بالفعل ألْغَيْت جميع التزاماتي بعد صلاة العشاء، وأصبحتُ أنام مبكرًا لأستيقظ مبكرًا، وأبدأ رحلة المشي في تمام الساعة السابعة، مستَغِلاًّ هذه الفترة في ذِكْر الأذكار الصباحيَّة، ولا أستطيع أنْ أصِفَ لكم تلك الأيام البارِدة المطيرة التي مرَّتْ بي، أو تلك الدقائق التي عانَيْتُ فيها من العَرَق ما عانَيْت من شدة حر الصيف، لكن الله أعان على ذلك كله.

وكان مجموعُ ما أستطيع توفيره ثلاثة "شواكل" يوميًّا، (تقريبًا نصف دينار أردني)، وما زلْتُ أجْمَع توفير اليوم إلى اليوم، والأُسْبوع إلى الأسبوع، والشهْر إلى الشهر، والفصْل إلى الفصل، حتى تجمَّع لي في الفصْل الدراسي الواحد مبلغ 80 دينارًا أردنيًّا، وهنا سألَني أحدُ أصدقائي: هل ستَتَصَدَّق بها، وتُحَقِّق حلمك؟ قلتُ: كلا! (وهنا رأيتُ علامات الغرابة على وجْهه!)، هل ستضن بالمال على ربك؟! قلتُ: كلاَّ، ولكن هذا المال عانَيْتُ فيه ما عانيت، ولن أُفَرِّط فيه هكذا، بل سأجتهد في إعطائِه لأكثر الناس استحقاقًا له؛ حتى يكونَ الأجرُ أعظم - إن شاء الله.

وبعد فترة لاحظْتُ أمرًا عجبًا، أحد زُملائي من المتميِّزين في دراستهم يحضر معنا كل يوم المحاضرات، لكن عند الامتحانات النِّهائيَّة يَتَغَيَّب عن حُضُور بعضها، وهنا كان سؤالي له: تحضر طوال العام، وتغيب يوم الامتحان؟!

وكانت الصدْمة، بكى ثم قال لي: وضعُنا المالي صعبٌ جدًّا، ووالدي لا يستطيع أن يُدَبِّرَ أمر رسومي الجامعية؛ ولذلك أقوم بتسجيل المواد على أَمَل أن يُيَسِّرَ الله أمورَنا، فإنْ تَيَسَّرتْ دفعْتُ وتقدَّمْتُ للامتحان، وإلاَّ كان الحال على ما رأيت، أبكتْني كلماتُه، وقلتُ: أنت أحقُّ الناس بها لكنَّها ليستْ بصدقة، وإنما هي دَيْن طويل الأَجَل، متى يَسَّرَ الله لك أمر التخرُّج والعمل، ورزقتَ بالمال، سدِّدْها لي، اتَّفَقْنا؟ قال: نعم، قلتُ: الله على ما نقول شهيدٌ.

وبحمد الله كررتُ الأمر في كلِّ فصل دراسي مع آخر وآخر من زملائي في كرسي الدراسة الجامعية، ممَّن ضاقَتْ أحوالهم الاقتصادية بسبب الحصار الخانق على أهلِنا في قطاع غزة، وأصبح لي اليوم - بحمد الله - 640 دينارًا صدقة وقفية، رجع منها 200 دينار، قمْتُ مُباشرة بإعادة إقراضها لآخرين.

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:17
ترملت أمي منذ 19 سنة,
ولكن مشاغل العمل وحياتي اليومية 3 أطفال ومسؤوليات جعلتني لا أزورها إلا نادراً.

في يوم اتصلت بها ودعوتها إلى العشاء سألتني: 'هل أنت بخير ؟ '

لأنها غير معتادة على مكالمات متأخرة نوعاً ما وتقلق. فقلت لها:

'نعم أنا ممتاز ولكني أريد أن أقضي وقت معك يا أمي '. قالت: 'نحن فقط؟! '

فكرت قليلاً ثم قالت: 'أحب ذلك كثيراً'.

في يوم الخميس وبعد العمل , مررت عليها وأخذتها, كنت مضطرب قليلاً,

وعندما وصلت وجدتها هي أيضاً قلقة.

كانت تنتظر عند الباب مرتدية ملابس جميلة ويبدو أنه آخر فستنان قد اشتراه أبي قبل وفاته.

ابتسمت أمي كملاك وقالت:

' قلت للجميع أنني سأخرج اليوم مع إبني, والجميع

فرح, ولا يستطيعون انتظار الأخبار التي سأقصها عليهم بعد عودتي'

ذهبنا إلى مطعم غير عادي ولكنه جميل وهادئ تمسكت أمي بذراعي وكأنها السيدة الأولى,

بعد أن جلسنا بدأت أقرأ قائمة الطعام حيث أنها لا تستطيع قراءة إلا الأحرف الكبيرة.

وبينما كنت أقرأ كانت تنظر إلي بابتسامة عريضة على شفتاها المجعدتان وقاطعتني قائلة:

'كنت أنا من أقرأ لك وأنت صغير'.
أجبتها: 'حان الآن موعد تسديد شيء من ديني بهذا الشيء .. ارتاحي أنت يا أماه'.

تحدثنا كثيراً أثناء العشاء لم يكن هناك أي شيء غير عادي, ولكن قصص

قديمة و قصص جديدة لدرجة أننا نسينا الوقت إلى ما بعد منتصف الليل

وعندما رجعنا ووصلنا إلى باب بيتها قالت:

'أوافق أن نخرج سوياً مرة أخرى,ولكن على حسابي'. فقبلت يدها وودعتها '.

بعد أيام قليلة توفيت أمي بنوبة قلبية. حدث ذلك بسرعة كبيرة لم أستطع عمل أي شيء لها.

وبعد عدة أيام وصلني عبر البريد ورقة من المطعم الذي تعشينا به أنا وهي مع ملاحظة مكتوبة بخطها:

'دفعت الفاتورة مقدماً كنت أعلم أنني لن أكون موجودة, المهم دفعت العشاء لشخصين لك ولزوجتك.

لأنك لن تقدر ما معنى تلك الليلة بالنسبة لي......أحبك ياولدي '.

في هذه اللحظة فهمت وقدرت معنى كلمة 'حب' أو 'أحبك'

وما معنى أن نجعل الطرف الآخر يشعر بحبنا ومحبتنا هذه.





فهو حق الله وحقهم وهذه الأمور لا تؤجل.

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:18
هل نستطيع أن نحب بعضنا على علاتنا؟
إبان الحرب الأمريكية في فيتنام، رن جرس الهاتف في منزل من منازل أحياء كاليفورنيا الهادئة، كان المنزل لزوجين عجوزين لهما ابن واحد مجند في الجيش الأمريكي، كان القلق يغمرهما على ابنهما الوحيد، يصليان لأجله باستمرار، وما إن رن جرس الهاتف حتى تسابق الزوجان لتلقى المكالمة في شوق وقلق.
الأب: هالو... من المتحدث؟
الطرف الثاني: أبي، إنه أنا كلارك، كيف حالك يا والدي العزيز؟
الأب: كيف حالك يا بني، متى ستعود؟
الأم: هل أنت بخير؟
كلارك: نعم أنا بخير، وقد عدت منذ يومين فقط.
الأب: حقا، ومتى ستعود للبيت؟ أنا وأمك نشتاق إليك كثيرا.
كلارك: لا أستطيع الآن يا أبي، فإن معي صديق فقد ذراعيه وقدمه اليمنى في الحرب وبالكاد يتحرك ويتكلم، هل أستطيع أن أحضره معي يا أبي؟
الأب: تحضره معك!؟
كلارك: نعم، أنا لا أستطيع أن أتركه، وهو يخشى أن يرجع لأهله بهذه الصورة، ولا يقدر على مواجهتهم، إنه يتساءل: هل يا ترى سيقبلونه على هذا الحال أم سيكون عبئا وعالة عليهم؟
الأب: يا بني، مالك وماله اتركه لحاله، دع الأمر للمستشفى ليتولاه، ولكن أن تحضره معك، فهذا مستحيل، من سيخدمه? أنت تقول إنه فقد ذراعيه وقدمه اليمنى، سيكون عاله علينا، من سيستطيع أن يعيش معه? كلارك... هل مازلت تسمعني يا بني? لماذا لا ترد؟
كلارك: أنا أسمعك يا أبي هل هذا هو قرارك الأخير؟
الأب: نعم يا بني، اتصل بأحد من عائلته ليأتي ويتسلمه ودع الأمر لهم.
كلارك: ولكن هل تظن يا أبي أن أحداً من عائلته سيقبله عنده هكذا؟
الأب: لا أظن يا ولدي، لا أحد يقدر أن يتحمل مثل هذا العبء!
كلارك: لا بد أن أذهب الآن وداعا.
وبعد يومين من المحادثة، انتشلت القوات البحرية جثة المجند كلارك من مياه خليج كاليفورنيا بعد أن استطاع الهرب من مستشفى القوات الأمريكية وانتحر من فوق إحدى الجسور!.
دعي الأب لاستلام جثة ولده... وكم كانت دهشته عندما وجد جثة الابن بلا ذراعين ولا قدم يمنى، فأخبره الطبيب أنه فقد ذراعيه وقدمه في الحرب! عندها فقط فهم! لم يكن صديق ابنه هذا سوى الابن ذاته (كلارك) الذي أراد أن يعرف موقف الأبوين من إعاقته قبل أن يسافر إليهم ويريهم نفسه.
إن الأب في هذه القصة يشبه الكثيرين منا، ربما من السهل علينا أن نحب مجموعة من حولنا دون غيرهم لأنهم ظرفاء أو لأن شكلهم جميل، ولكننا لا نستطيع أن نحب أبدا "غير الكاملين" سواء أكان عدم الكمال في الشكل أو في الطبع أو في التصرفات.
ليتنا نقبل كل واحد على نقصه متذكرين دائما إننا نحن، أيضا، لنا نقصنا، وإنه لا أحد كامل مهما بدا عكس ذلك

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:19
وصلْتَ، هل أقولُ: بعد فواتِ العمر، أم ما زال في العمر بقية تفرحُ بقدومك؟ المهمّ أنّكَ قد وصلْتَ، عُدْتَ إلى أمكَ بعد أكثر من عشرين عامًا، قضيتَها في الغربة، ماذا يا ولدي؟ ماذا أقولُ لكَ؟ هل كنتَ تشعر بما كانتْ تعاني منه أمُّك؟ على كل حال كانتْ تدعو لكَ بالتوفيق مع كلِّ صلاة، بل مع كلِّ رفة جفن.


أسوأ ما كنتُ أتوقعه أنكَ عُدْتَ وأنتَ ابن ثلاث وأربعين إلى نقطة الصفر، وأمُّك التي تريد أن ترفعك تعيش تحت الرقم صفر، لا أقول: بكثير، ولكن تحت الصفر بشكل واضح، لماذا يا ولدي لم تتّخذ قراركَ منذ زمنٍ بعيد؟ لماذا لَم تصدِّق أنك قد فشلتَ في بلاد الغُربة؛ حيث لا البلاد بلادك، ولا اللغة لغتك، ولا الناس ناسك؟ لماذا لَم تصدق فشلكَ إلاَّ في وقت متأخر جدًّا؟!

كنتُ كلما تأخرتْ رسائلكَ عني أشعر بأنَّ بعضي يموت، يموت ببطء؛ فأنتَ ولدي الوحيد، وأنا منقطعة عنك، ومات أبوك الذي كان يرعاني ويحاول أن يعوِّضَني عنكَ، يعزيني بغيابك، وبقيتُ وحيدة، صرتُ في غربة وأنا في بلادي، وكانت الرسالةُ التي تأتي منكَ بعد انقطاع تحييني، أو تحيي ما تبقّى مني مِن جديد، كنتُ أسارع إلى كتابةِ رسالة جديدة، رسالة واحدة، لا، رسائل، وكانتْ تصلك على أية حال.


أمَّا مكالماتُكَ الهاتفيَّة في السنوات الأخيرة، فقد كانتْ شيئًا آخر، إنَّها الروح التي تُرَدُّ إليَّ بعد أن تكون قد شارفتْ على الخروج: أمِّي، وما أحلاها من كلمة أسمعها ولو على بُعد آلاف الأميال! كنتُ أقبِّلُ سماعة الهاتف، أتحول إلى طفلةٍ صغيرة حالمة، يا ألله! ما أجمل ما كنتُ أحلم به! وتنقطع اتصالاتُكَ أشهر، ثم تُعاوِد الاتِّصال، كنتُ أتمنَّى أن يكونَ لكَ رقم ثابتٌ لهاتف، فأتَّصل بك أنا كل أسبوع، نعم مستعدة للاتِّصال كل أسبوع مهما كلَّفَني، أوفِّر مِن طعامي، من كل شيء، فأنتَ الزاد الذي أقتاتُه لأعيش على أمل، أمل جميل؛ ابني يكلِّمني، إنَّه الدواء الذي كان يشفيني من بعد علة، وما أكثر العلل والأمراض التي أصابتْني! ولكنْ قليلون جدًّا هم الذين كانوا يدرون بي، كنتُ أُخَبّئ عنكَ أي خبر يزعجك، ولَم تنقطع أحلامي بعودتكَ وأنتَ في أحسن الأحوال.


والآن يا ولدي، ماذا تريد؟ ما تريد منِّي أن أقدِّم لك؟ هل يروق لكَ أن أبيعَ البيت وأعطيك ثمنه من أجل أن تبدأ حياةً جديدة؟ لا بأس، صحيح أنه بيتٌ متواضع، ولكنني على استعدادٍ لأن أبيعه وأبيع كلّ شيء من أجلكَ، ولكن عندي شرطٌ وحيد: ألا تتركني بعد الآن، ألا تبتعدَ عني، تزوَّج؛ مُنيةُ حياتي أن تتزوَّج، ولكن احسبْ حسابًا كي أعيش معكما، خذْ ثمن البيت وافتح عملاً لعلَّ الله يبارك لكَ في رزقِكَ وأنتَ في بلدِكَ.

انكبَّ على يدي أمِّه يقبلهما، ثم على وجنتيها، ضمَّته إلى صدْرها، بكيا معًا، وصمتا ساعات.


في اليوم التالي تكلَّم، قال لأمِّه:
• أمَّاه، هذا بيتنا معًا، لن أبيعه، ولن أُدخِل امرأةً غريبة بيننا، لقد فاتني قطارُ الزواج بعد هذا العمر يا أمِّي، ولكن لَم تفتني حالة الرضا التي يجب أنْ أعيشها.

أمِّي، أنا عدتُ من الغربة لأرعاكِ وأبرَّكِ، صحيح أنَّني قد تأخَّرتُ في قراري، ولكنني أخذتُهُ، لقد عشتُ في بلادٍ كثيرة، وشاهدْتُ عن قرب كيف يعيشُ الناس هناك، وكيف يبنون، وكيف يزرعون، وكيف يكوِّنون علاقاتهم الاجتماعية، ولكنَّني لم أذقْ ودًّا حقيقيًّا مِنْ أحدٍ منذ أن غادرتُ بلدي، الود يا أمِّي شيءٌ عجيبٌ، وفقْدانه يعني فقدان ألذّ ما في الحياة.


أجابتْه أمُّه وهي تمدُّ يدها إلى خدِّه لتمسح دمعةً نفرتْ:
• الود وحده لا يكفي يا ولدي، أنتَ بحاجة إلى عمل، لقد كنتُ أعمل في غيابِكَ بالإبرة والخيط في نسج قطع فنية وأبيعها، وأصرف على نفسي من هذا العمل، صدقني لَم أقْبَلْ أن يعطيني أي خالٍ من أخوالِكَ الثلاثة قرشًا واحدًا، الله يكفيني مِن عملي ومن بركته، وأنت بحاجة الآن إلى عمل، ولكن ماذا ستعمل؟


ابتسم وقال:
• سأشتغل في نسج القطَع الفنية وأريحكِ من هذا العمل، فعيناكِ يجب أن ترتاحا، ألا تعلمينني هذا الفن الجميل؟
ضحكتْ وظهرتْ ضحكتُها كأنَّها ضحكة صبية في العشرين، ثم أمسكتْه مِن أذنه، وقالت: إن لَم تفتح ذهنكَ في تعلُّم هذه المهنة، فسأقسو عليكَ باللوم، ويمكن أن أضربَكَ إلى أن تتقنَ العمل.
خفض رأسه أمامها كأنه طفل صغير، ثم قال: حاضر يا معلمتي، ولكن إياكِ أن توخزيني بالإبرة، فأنا أخاف من هذا النوع من العقوبات.


صحت الأمُّ متأخِّرة قليلاً، بينما كان ابنُها يعبِّئ القطع التي اشتغلها في أكياس، ليخرج بها إلى السوق، تثاقلت الأمُّ في فراشِها، ولم تجد نفسها إلاَّ وابنها قرب السرير يقبّلها، ثم يجلس على طرف من سريرها ليفاتحها بأمر:
• ما رأيك يا أمي أن نسافر معًا ليوم أو يومين في نزهةٍ ربيعية؟
• اترك نزهاتك لغيري، لقد آن الأوان لكي أخطب لك ابنة الحلال، فهي أَوْلى مني بالنزهة.


وهمَّ بمقاطعة أمِّه، ولكنّها مدَّت يدها إلى فمِه لتغلقه، ثم تابعت:
• سنة ونصف من عملك هذا الذي يقول الناس عنه: إنه بسيط، حقق لك وفرًا لا بأسَ به، بالإضافة إلى أنّ طعامنا أفضل وعيشنا أرغد.
• هذا كله بعملكِ وفضلكِ يا أمِّي.
• هذا من فضل الله يا ولدي، ولتكتمل النعم عليك بالزواج، إن لَم تخترْ أنتَ ابنة الحلال، فإنّني سأختارها لك، أريد أن أرى أحفادي يمرحون في هذا البيت.


أطرق رأسه في الأرض خجلاً، وكأنَّه مراهق مؤدَّب، ثم قال:
• كما تشائين يا أمِّي، كما تشائين.
• هل تسمح لي بكشف سرٍّ من أسرارك التي تخبئها عني؟
• وما هو السر يا أمي؟!
• أعرف أنك قد ادَّخَرْتَ مبلغًا ما مِن عملكَ، ولكن لا أدري كم يبلغ، بارك الله لك في رزقك يا ولدي، ولكن لا أريدك أن تفكِّر في السفر من جديد.
• ألم تفهميني بَعْدُ يا أمي؟ لقد قطعْتُ كل أحلامي بالسفر، فأنا أعيش قرب أجمل قارة في العالم؛ إنها أمي، وما أحلاها من كلمة! وما أجمله من عالم! كل تعبي الذي أتعبه في العمل حلو وخفيف أمام عملي هناك في محطات الوقود، والمطاعم، والمنتجعات السياحية، جميلة كانت تلك البلاد يا أمِّي، ولكن بلا نكهة، بلا طعم، بلا رائحة، كل شيء عندهم مصنّع ومعلَّب، حتى الحديث عندهم مختلف، تحسِّين أنه أداء وظيفة لا غير، رغم المجاملات والعبارات اللطيفة.

هناك يا أمِّي كل إنسان معْنِي بإسعاد نفسه فقط، وعندما يُقدِّم سعادة لآخرين، فإنَّه يقدِّمها بأجر مادِّي، أو من أجل الحصول على ترقية أو شهادة، حتى الأمَّهات هناك هن كذلك، حتى الآباء!


سكتَ برهةً ثم عاد من جديد إلى حديثه:
• هل تدرين يا أمي كيف ادّخرتُ المال الزائد الذي لم أطلعكِ عليه؟ لقد أشار عليَّ رجلٌ طيب في السوق برأي، وكان رأيُه سديدًا، حاولتُ أن أكرمه ببعض الهدايا، رفض، وقال لي عبارة لن أنساها: إذا كنتَ أنتَ بخير فأنا بخير، هذه العبارة سمعتُها من بعض أصدقاء والدي - رحمه الله - منذ عشرات السنين، وعندما سمعتُها من جديد أدركْتُ أنَّ أمتنا بخير، وأن الأعداء برغم كل حقدهم وعتادهم الرهيب لن يتمكنوا من هذه الأمة؛ لأن فيها مَنْ يعتقد بهذا الاعتقاد وغيره.

ثم استدرك:
• الزواج يا أمي ليس كل شيء، بل أنت كل شيء في حياتي، أنتِ الآن في الثالثة والستين تبدين كصبية في الأربعين، بينما كنتِ قبل سنة ونصف السنة عجوزًا تزيد على السبعين، لا تحرميني من هذه النعمة يا أمي، نعمة أن نبقى معًا ولا يدخل ثالث بيننا، أنا لَم أصدِّق بعدُ أنّكِ قد سامحتِني على غيابي عنكِ سنينَ طوالاً!


ردَّت بنزق عفوي:
• أنا لم أسامحكَ؟ أنا؟! طوال عمري لم أحمل عليك، طوال عمري أدعو لكَ بالتوفيق، أدعو الله أن يأخذ من عمري ويمدّ في عمركَ، سامحك الله يا بني وهداك، أليس من علامات تسامُحي معك أن أطلب منكَ الزواج؟ انتبه لن تكون زوجتُكَ كائنًا ثالثًا غريبًا، بل ستكون منَّا نحن الاثنين معًا، أعدُكَ بذلك، لن أزعجها بحرف، بل سأسعدكما معًا.
• إذًا؛ اترُكي الأمر لصاحب الأمر، وكلُّ ما يأتي من عند الله فهو خير.

استغلَّت الأمُّ صمتَ ابنها وموافقته غير الصريحة بالزواج، ورأتْ أن تتحدَّث إليه بصراحةٍ أكبر:
• خالتُكَ يا بني لَم تقطعني طيلة مدّة غيابك، لا هي ولا أولادها، كانت تزورني باستمرار، وكنتُ أزورها، بعض بنات خالتِكَ كن يَبِتْن عندي في أيام الشتاء البارد يؤنسنني، ويلبّينَ حاجاتي، ولا سيما سلمى.


لفظت اسم "سلمى" وراحت تتفرَّس وجهَ ابنها مليًّا؛ لعلَّها تفهم منه شيئًا، فلم تفهم إلاَّ إطراقه رأسَه أرضًا وخجله وصمته العميق.
ثم تابعتْ: ما رأيكَ في سلمي؟
رفع رأسه قليلاً: سلمى؟! اتركيني يا أمي من هذا الموضوع.
• لماذا؟
• أشعر بخجل شديد من هذه البنت الطيبة، أشعر بندم حقيقي تجاهها، سلمى لا تستحقّني يا أمّي.

قال هذا الكلام وذكرياته تتداعى، كان في العشرين، وكانت سلمى في السادسة عشرة من عمرها، لَم يتبادلا كلمة واحدة تعبر عما في نفس كل منهما تجاه الآخر، كانت عندما تزور خالتها تهتم بكل أشيائه، تكوي له ألبسته، تعطرها، ترتب سريره، تقترح على خالتها الطبخ الذي يحبه.


لم تتزوّج سلمى، لم يكتَب لها نصيب.

تجنّب - بعد عودته - أي محاولة للقاء بها، ولم يحصلْ سوى أن جاء مرة إلى البيت فرأى أمه وخالته وإلى جوارهما سلمى، سلَّم على الجميع، ردَّتْ سلمى ردًّا فاترًا، راح يختلس النظرات إليها، رآها ما تزال تلك الصبية الطيبة الرقيقة التي ضيَّعها منذ عقود.


وها هي ذي أمه تذكره بها، يا ليت سلمى تسامحه وتقبل به زوجًا.

همَّ بالخروج، حمل حقيبته، وتوجَّه بها إلى السوق التي تعجُّ بالشباب أمثاله، الذين يفتحون بيوتًا ويعولون أسَرًا من عمل بسيط مثل عمله، من دون أن يكون لهم متجر أو محلٌّ.

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:20
هَمسَ الوزيرُ الَّذي سيطرَ عليْه الهوى فحرَّكَ نارَ الأنانيةِ في فؤادِه، وباتتْ المؤامرةُ تكدِّر عليه صفْو حياته قائِلاً:
• أظنُّ أنَّ الوقت قد حان يا جلمود، للتخلُّص من هذا العجوز الهرم.
• ولكنَّني أخشى أن يثورَ عليْنا الشَّعب، فهُم - كما تعلم - يُحبُّونه كثيرًا.
• إلى متى سننتظر يا جلمود؟
• إلى أن تسنح الفرصة يا سيدي.
• لا تشغلْ بالَك؛ لقد أعددت خطَّة للتخلُّص منه بهدوء، وأظنُّ الفرصةَ قد سنحت.
• قال له مرتبكًا وهو ينظُر حوله: وما هي هذه الخطَّة يا سيدي؟

راح الوزير يشرح له الخطَّة بصوت خفيض، وما أن أكمل كلامَه حتَّى انتفض جلمود قائلاً: حقًّا أنَّها خطَّة جهنميَّة!
• على كلِّ حال، كن جاهزًا لأيِّ طارئ، فسأنفِّذ الخطَّة اللَّيلة.
هزَّ جلمود رأسَه موافقًا، ثمَّ قال: حاضر سيِّدي.

وفي صباح اليوم التَّالي قام الملك مفزوعًا من رؤْيا رآها في منامه، فقصَّها على وزيرِه قائلاً: لقد رأيت في منامي رؤيا أزْعجتْني!
• خيرًا رأيتَ سيدي الملك، وخيرًا يكون.
• رأيتُ كأنَّني كنتُ جالسًا على عرشي، وفجأة شعرت به يهتزّ من تحتِي بشدَّة، وكدت أن أسقُط منْه لولا أن ثبَّتني الله.

أسقِط في يد الوزير، وتشاءم من الرؤيا إلاَّ أنَّه أخذ يتكلَّف الابتسام، وقال له:
• أدام الله بقاءكم وحفظكم من كلّ مكروه ورعاكم، إنَّ ما رأيتَه يا سيدي لا يعْدو أن يكون أضغاث أحلام، أو حديث نفس، فلا تشغل بالَك بذلك، فلم أر ملكًا يحبُّه شعبه مثلك، لقد أَسَرْت قلوب رعيَّتك بعدْلِك وإحسانك يا سيدي!
• شكرًا لك أيُّها الوزير المخلص.
• هذا من كرمِكم، ورعايتكم السَّامية، بالمناسبة ما رأْي سيادتِكم أن نقوم بدعْوة الأعيان والوُجَهاء من شعْبِكم المخلص لمأدبة عشاء على شرفكم اللَّيلة، فهم يتشوَّقون للقائكم وتقْديم الولاء وتجديد البيعة لكم.
• لا بأس، إنَّها فكرة رائعة! وأنا أيضًا أودُّ أن أقفَ على أحوال رعيتي.
• سأشرف بنفْسي على الحفل المهيب، فأنا أودُّ أن يكون حفلاً يَليق بِمقامكم العالي.

انصرف الوزير مسرورًا وأمر بتهْيِئة القصر لاستِقْبال الضيوف، وإيقاد السُّرج والشموع، وإعداد الطعام والمشروبات.

قال الوزير لجلمود هامسًا بعدما اختلى به:
• كلُّ شيءٍ يَسير على ما يرام يا جلمود، فهذا الحفْل سيكون حفْل تتْويجي، أتصدِّق أنَّه لَم يعُد لديَّ صبر، فشوقي للجلوس على العرش يكاد يفضحني.
• أنا لا أفهمُ شيئًا، أتُريد أن تؤلِّب النَّاس عليْنا وتُشْهِدهم على قتل الملك؟!
• بل أريدهم أن يشهَدوا على براءتنا من دمِه، وسآمُر رِجالي ببثِّ إشاعة مفادها: أنَّ الملك دعا علْية القوم ليودِّعَهم لشعوره بدنو أجله، فهو مريض جدًّا وقد يغادر الحياة في أيِّ لحظة.
• على الرَّغم من أنَّني لا أفقه كثيرًا ممَّا تقول، إلاَّ أنَّني أثِق في حنكتِك، وحسن تدبيرِك سيِّدي الوزير.

طفِق الضيوف يتوافدون على القصْر، وعلامات الحزْن والأسى باديةٌ على محيَّاهم، وكان الانطِباع العامّ في قرارةِ أنفُسهم أنَّه قد يكون آخِر لقاء بملِكِهم المحبوب.

أخذ كلٌّ منهم مكانه المخصَّص على مائدة الطَّعام في انتظار دخول الملك عليهم، وما لبث أن دخل الملك بكامِل زينتِه، فبعَثَ السُّرور المشوب بالحزْن والأسى في قلوبِ الحضور وأَسَرهم بوقارِه وهيبته، اعترتِ الحضور دهشة وهُم ينظرون إليه نظرة وداع وحسرة.

وفي المطبخ اعتَرَت الطبَّاخ الدَّهشة، وغشِيَته الحيرة وأخذته الرَّهبة، حين رأى الوزير يقترِب منه، ثمَّ بادره بالسؤال:
• أين هو طعام الملِك يا صادق؟

ردَّ عليه مستغربًا:
• هذا صحن سيادة الملك سيدي الوزير.

أخرج الوزير قنينة صغيرة وأفْرغها في الصحْن، ثمَّ التفت إلى الطبَّاخ وقال:
• هذا دواءٌ طلَب منِّي سيادة الملك أن أضعَه له في طعامه.

ارتاب الطبَّاخ في الأمر غير أنَّه لَم يدُر في خلَدِه أن يخون الوزير الملك.

نظر الوزير إلى الطبَّاخ وعلامات الارتِباك بادية عليه، على الرَّغم من تظاهُره برباطة الجأش وهو يخرج من المطْبخ.

لم يتفوَّه الطبَّاخ بكلمة؛ إذ عقدت الدَّهشة لسانه، ودارت به الدنيا واحتار في أمره، وطفِق يتساءل في قرارة نفسه: "أنا لا أثق في هذا الوزير، إنَّ الملك لا يثِق في أحدٍ غيري، فلِمَ لَم يطلُب منِّي أن أضع الدَّواء في طعامه؟! لا بدَّ أن يكون في الأمر سرّ".

أفاق من تفكيره والتفتَ إلى نفسه ينهرها: "إنَّ بعض الظَّنّ إثم".

في قاعة الضيوف الفسيحة، كان الملِك يتحدَّث إلى الضيوف مُرحِّبًا بهم، وكان الوزير يَجلس بجانبه يرْتدي أجمل ثيابه، دخل الطبَّاخ مرتبِكًا والإناء في يدِه، وقف مشدوهًا ينظُر إلى الملك، ثمَّ استرق النَّظَر فالتَقَتْ عيناه بعينَي الوزير الَّذي كانت تبدو عليه علامات الارتِباك والقلق، اعْترى الطبَّاخ الذهول وهو ينحني ليضعَ الإناء أمام الملك، وأخذتْه الرَّهبة فاهتزَّ الصحن من يده فسقط فوق الطَّاولة، فتناثر الطَّعام في كلِّ مكان ولوَّث رداء الملك.

غلى مرْجل الغضب في رأْس الملك، فأمرَ بالزَّجّ بالطبَّاخ في السِّجن على تقْصيره في أداء واجبه، فقفز الحرَّاس عليْه وأمسكوه وجرّوه بقوَّة.

أسقط في يدِ الوزير وتناثر حِلْمُه مع المرق، وعقدتِ المفاجأة لسانَه.

قفزت قطَّة الملك، في هذه الأثناء، وراحت تأْكُل من الطَّعام، فلم تلبث أن سقطت ميّتة، ارتاب الملك في الأمر، فأمر بإحضار الطبَّاخ بين يديْه ليعاقبَه أمام الملأ بعدما تأكَّد أنَّه وضع له السُّمَّ في الطَّعام ليقتله.

همس الوزير في أذُن الملك:
• سيِّدي الملك، اسمحْ لي أن آمُر بقتْل هذا الخائن ليكون عبرةً لغيْره.
ردَّ عليه بحزْم:
• دعني أتصرَّف معه بنفسي.

قام الملك غاضبًا وهو يرى الحرَّاس يُجَرجِرون الطبَّاخ إلى داخل الصَّالة، ثمَّ سأله بحنق:
ما الَّذي حملك على الخيانة، ولِمَ وضعتَ السُّمَّ في طعامي أيُّها الطبَّاخ؟!
• سيِّدي الملك، معاذ الله أن أخونَك، ففداك أبي وأمي، ولو كنت خائنًا لوضعتُ الطَّعام أمامَك لتأكُل منه!
• ماذا تقول أيُّها الأبله؟
• سيدي الملك، أرجوك أعطِني فرصةً لأشْرح لك الأمر، ثمَّ اقْضِ ما أنت قاض بعد ذلك.
• تكلم.
• إنَّ مَن وضعَ السُّمَّ في الطَّعام هو الوزير يا سيِّدي، فقد أوهمني بأنَّه دواء أمرْتَه سيادتكم بوضعه في طعامكم، بيْد أنَّني ارتبتُ في الأمْر وحينما أردتُ أن أضع الطَّعام أمامَك نظرت إلى الوزير فرأيتُه في غاية الارتِباك، فزادتْ ريبتي، ولم يكن لديَّ وقت لأتأكَّد، فهداني الله لهذه الفِكْرة وهي التظاهر بسقوط الصحْن من يدي بغية إنقاذك، وما جرَّأني على فعل ذلك إلاَّ حبِّي لكم وإخلاصي لسيادتِكم.
• ماذا تقول أيها الطبَّاخ؟!
• سيِّدي هذه هي الحقيقة.

هاج الحاضِرون وأخذوا يشتمون الوزير ويُطالبون بمعاقبته، أمرهم الملِك بالتِزام الهدوء، ثمَّ نظر إلى الوزير الَّذي التصق في كرسيِّه وقد تغيَّر لون وجهه، وسأله غاضبًا:
أهذا جزاء الإحسان؟! لماذا أردت قتْلي أيُّها اللعين؟!

اعترف الوزير بالمؤامرة فأمر بالزَّجّ به في السجن جزاء خيانته، وأمر بسجْن جلمود معه.

قام الملك وتقدَّم إلى الطبَّاخ فعانقه، ثمَّ أعْلن أمام الملأ بتعْيِينِه وزيرًا على ذكائه وإخلاصه.

مضَت الأيَّام سريعًا والملك يغْمر وزيرَه بالحبِّ والرعاية، ومع مرور الأيَّام توطَّدت بيْنهما صداقة حميمة، ممَّا ولَّد الغيرة في قلوب أقاربِ الملِك وحاشيته الَّذين لم يتقبَّلوا أن يصير طبَّاخ وزيرًا عليهم، فطفِقوا يوغرون صدر الملك عليه، وأخذوا في البحث عن وسيلة للإيقاع بيْنهما، فلم يَجِدوا لذلك سبيلاً غير أنَّ بعضهم علِم أنَّ الوزير يُغادر القصر خفْيةً كلَّ ليلة خميس ولا يعود إلاَّ في الصَّباح.

بيْد أنَّ دوام الحال من المحال، فبعد جولات ومحاولات حثيثة استطاعوا قذْف الشَّكّ في صدر الملك على وزيره، حين وشَوا به إليْه بأنَّه يتصرَّف في ملكه دون إذْنِه، ويستخدم سلطاته لمصْلَحتِه، وأقنعوه بأنَّ وزيره يُخفي أمرًا خطيرًا عليه، أخذتِ الملك الحيرة ودعا الله أن لا يُخيِّب ثقتَه في وزيره، إلاَّ أنَّه قرَّر أن يقِف على الحقيقة بنفسِه ويعرف ما الَّذي يُخفيه الوزير عنه، فأمر بوضْعِه تحت المراقبة.

وفي إحْدى اللَّيالي تسلَّل الوزير من القصْر، ولم يكن يدْري أنَّ الملك يتبعه، التفت يَمينًا وشمالاً قبل أن يدخُل إلى بيت مهجور، وأقْفل الباب عليه.

في غضون ذلك أمر الملك بخلْع الباب عليه، وقف الملِك مشدوهًا بعْدما دخل عليه، وأُسْقط في يدِه حين رأى وزيرَه جالسًا على سجَّادة عتيقة وهو يرتدي ثياب الطبَّاخ، وبيده كتاب يقرؤه، فسأله متعجِّبًا:
• ماذا ألَمَّ بك يا صادق؟ ماذا تفعل؟

قام من مكانه وقال بمودَّة:
• معذرة سيّدي الملك، المكان لا يليق بمقامكم.

أمره بالجلوس وجلس إلى جانبِه، وقال له:
أخبرني ما الأمر؟
• ما كنت أودُّ أن يطَّلع أحد سوى الله على حالي، وطالما أطْلعك - سبحانه - على ذلك، فإنَّما أصنع ذلك لأتذكَّر نعمة الله عليَّ، ولأذكِّر نفسي، بأنَّني كنت طبَّاخًا فمنَّ الله عليَّ فجعلني وزيرًا لسيادتكم، ولأقْمعها وأؤدِّبها كي لا تطغى؛ {كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6، 7].

اغْروْرقتْ عينا الملك بالدَّمع، هزَّ رأسه متأسِّفًا وأخذ يردِّد قال:
كلٌّ يطغى، كلٌّ يطغى؛ إلاَّ مَن رحِم ربي.

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:21
شارك عدد من رجال الصين في حرب الخليج ..
و أثناء توجدهم في المعسكرات اهتدوا بفضل من الله جل جلاله إلى الدين الاسلامي ..
و بدأوا يؤدون ما أوجب الله عليهم من واجبات و فرائض .. و من هذه العبادات صلاة الفجر ..
فسجلوا أروع ما حكي عن أشخاص في كيفية المحافظة على أداء هذه الصلاة في وقتها ..

و حتى يحافظوا على أدائها في وقتها أخذوا يتناوبون السهر فيما بينهم للاستيقاظ للصلاة..

( لم يُرض هذا العمل قائدهم الغير مسلم ) فعمل على تفريقهم ..
فاستعانوا بساعات منبهة للإستيقاظ ..
فأُخذت منهم الساعات المنبهة ..

وبعد تفكير في البحث عن حل لما هم فيه اهتدوا الى طريقة أخرى ..
و هي أن يقوموا يشرب كميات كبيرة من الماء قبيل النوم ..
والسبب لكي يستيقظوا أثناء الليل لقضاء حاجاتهم .. و عندما يذهب أحدهم الى دورة المياه ينظر إلى ساعته اليدوية .. فإذا قارب وقت الصلاة انتظر حتى يصلى و إذا لم يقارب وقت الصلاة شرب كمية أخرى من الماء و نام حتى يستيقظ مرة أخرى ..
و مع تكرار التجربة عرفوا الكمية المناسبة من الماء التي تكفيهم للاستيقاظ لصلاة الفجر ، و صاروا يؤدون الصلاة في وقتها رغم كل الموانع


الله المستعان

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:22
بينما كانت الشَّمس تشرع في رحلة الرَّحيل، وقف ذلك الشَّيخ المسنّ، وهو يذرف دموعَه في صمتٍ مودِّعًا جثمان زوجتِه، بعد زواجٍ استمرَّ أربعين سنة اتَّحد فيها قلْباهُما وعقْلاهما ومشاعرُهُما، وما أن دخلتْ قبرها حتَّى شعر بأنَّ الدُّنيا بأسرِها قد أُقبرتْ، وكأنَّ شَمس حياته قد أفَلَت، فأجهش بالبكاء حتَّى لم تعد تحمِله قدماه، فامتدَّت إليه أيدي أبنائِه الثَّلاثة تقيمه، فاحتضنوه واحتضنهم تَمتزج منهم جميعًا الدُّموع والأنَّات في مشهدٍ يفيض حزنًا، ثم قفلوا بعدها عائدين إلى بيت الأسرة يجترّون أحزانهم.

وما أن دخل الدكتور/ أحمد مختار منزلَه حتَّى بدأ التَّجوال في أنحائه، وكأنَّه يتبادل الرِّثاء مع كلّ قطعة وناحية فيه، يستعيد خلالَها الذِّكريات في ظلّ سيل من نظرات الشَّفقة من أبنائه، ها هو سيُقاسي آلام الوحْدة بعد حياةٍ كانت عامرةً بالأصْوات والهمسات والضَّحِكات، ففي هذا البيت أرْسى قواعد حياتِه الزَّوجيَّة، وعاش الحياة بحلْوِها ومرِّها بصحبة الزَّوجة الحنون، وفي هذا البيْت أتى إلى الحياة محمود ومها وهالة، ترعْرعوا فيه أمام ناظريْه، حتَّى ذهب كلٌّ منهم إلى عشّ الزَّوجية الجديد، وصار لهم أبناء لم يكونوا في قلْب الجدّ أقلَّ مكانة من أبنائه.

أبي، شقَّ محمودٌ السّكون بهذا النِّداء، فاستطْرد: لقد اتَّفقنا على أن يكون الغروبُ موعدَ لقائِنا هنا كلَّ يوم، ومها وهالة سوف تقتسمان أمر العناية بشؤون المنزل بالتَّناوُب.

مها وهي تبكي: لن نتركَك وحدك يا أبي، لن ندعَك للوحدة يا أغْلى النَّاس.

هالة وهي تحتضِنُه: حان الوقت الذي نردّ فيه شيئًا من المعروف.

فلم يعلِّق الأب على الكلام، وإنَّما نظر في صفحة خيالِه بصمت شارد إلى مشهد الغروب.

ظلَّ لقاء الغروب فترة من الزَّمن روضته ونور حياته، وكأنَّ الشَّمس التي تأفل عن الخلق تشرق له وحده، فيقضي أجْمل اللحظات بين أبنائه وأحفاده، ثمَّ ينصرفون عنْه يحدوه الشَّوق والأمل إلى الملتقى القادم.

ثمَّ بدا الغروب وكأنَّه يتمرَّد عليْه، فيومًا يأْتون ويومًا يتعلَّلون، فتحين لحظة الغروب تحمِل كثيرًا من الآلام، آلام ذبْح الأمل، وآلام الذِّكْريات، فيجلس يداعب قطَّه الجميل ويستخرِج شريطًا يضعُه في (الكاسيت) ليستمِع إلى ما كان يسجِّل من أحاديث لرفيقة درْبه، فتنساب دموعه، ثم ينهض ويطعم قطَّه ويتجرَّع مزْقة لبن، ثم ينام وينام القطّ بجانبه.

أما زالوا يأْتون؟ نعم يأتون كلَّ أسبوع في عجالة، وقدِ افتقد اللقاء تِلْك الحرارة وذلك الاهتمام، وصار فاترًا ينظُر كلٌّ منهم إلى ساعته من حين لآخر، وعيْنه ترقبهم فيبادرهم قائلاً: هيَّا يا أبنائي لقد تأخَّرْتم، فيودِّعونه وهو لا يعلم ماذا سيحمِل له الغروب في الغد؟

غروب وراء غروب، ومشْهد الأب في شرفته ينتظرُهم فيقرع جرس الهاتف سمعه، فيسير إليه بخطًى تبدو عليْها آثار السنين: أبي، أعتذر لن أتمكَّن من المجيء الليلة أيضًا.

فيُجيب الأب: لا عليْك يا حبيبتي، الطَّعام في الثلاجة كثير لا تنشغلي، ولكن هل ستأْتي مها؟
تجيب: مها اتَّصلت بي، وقالتْ: إنَّها تساعد ابنتها في دروسها، فلديْها امتحان في الغد، ومحمود لا أعْلم هل سيأتيك أم لا؟
لا عليك يا ابنتي، كان الله في عونِكم.

ويرفع سمَّاعة الهاتف ليتَّصل بمحمود: محمود حبيبي ألن تأتي؟
فيجيب: عفوًا يا أبي، قد نسيت الموعد وارتبطتُ مع زوجتي وأبنائي بموعد للنّزهة، أنا آسف يا أبي.
فيرد الأب: لا عليك يا حبيبي، نزهة سعيدة إن شاء الله.

شعر هذه الليلة بأنَّه لا يستطيع السَّير على قدميْه إلاَّ بصعوبة بالغة، قام إلى الحمَّام وهو يترنَّح، ويستنِد إلى الحائط، فارتعشتْ قدماه وسقط على الأرْض مغشيًّا عليه، فأفاق ولم يستطِع الوقوف، وظلَّ يزحف حتَّى يصل إلى الحمَّام، لكنَّه لم يتحمَّل.

اندفع الماء بين رجليه رغمًا عنه، تسيل معه دموع من عينيه لَم تكن يومًا ما بهذا القدر، ونظر إلى قطِّه الذي يقف ناظرًا إليه، فتمنَّى لو أنَّه توارى عن عينيْه خجلاً، ثمَّ نظر إليه وكأنه يشكو إليه ما آل إليه حاله.

ظلَّ أبناؤه معه أسبوعًا حتَّى بدأ يتماثل للشفاء، فتناهى إلى سمعِه حديثهم وهم في الغرفة المقابلة:
محمود: لا بدَّ وأن نضع حلاًّ جذريًّا لهذا الأمر، أنا كما تعلمان كثير المشاغل والارتباطات، وأنتِ يا مها احتياجات أبنائك كثيرة، وأنت يا هالة عملُك وبيتك يستنزفان وقتك.

مها: حتَّى اللقاء الأسبوعي الَّذي استقرَّ عليه الأمر أصبحت لا أجد له وقتًا.
هالة: وماذا عن خادِم يقيم معه؟
محمود في توتُّر: ومَن سيدفع أجْرَه؟

مها: إنَّني لا أعمل، ودخل زوْجِي محدود، ولديْنا أربعة أطفال.
هالة: وأنا راتبي وراتب زوْجي بالكاد يكْفينا.
محمود في صوت مرتفِع: إذًا لا يبقى إلا أنا؟ أليس كذلك؟ ألا تعلمان أنِّي أسعى لشراء عيادة جديدة في مكان أفضل، بدلاً من عيادة والدي القديمة، وفي سبيل ذلك ضيَّقت على أسرتي في النَّفقة؟

مها: وماذا عن معاش والدي؟
محمود: لن يكفي للنَّفقة وأجرة الخادم، والتي تعلمون أنَّها قد ارتفعت جدًّا في هذه الأيَّام، بالإضافة إلى مساهمته الشَّهرية بجزء من دخلِه لكفالة الأيتام، وهو ما لا يتنازل عنه أبدًا، ولكن عندي حلّ.

مها: ما هو؟
محمود: دار المسنِّين، حيث الرِّعاية الكاملة التي لن يستطيع أيٌّ منَّا القيام بها.

تبادل الجميع النَّظرات في صمْت لم يشقّه إلاَّ طرْق الباب، كان الطَّارق هو والدُهم الَّذي كان يتصنَّع ابتسامة تُخْفي وراءها الأنين، فقال بصوت واهن: أحبَّائي لقد اتَّخذت قرارًا لن أقبل فيه المناقشة، سوف أُقيم في دار المسنّين، ثمَّ ولاَّهم ظهره قاصدًا حجرته، وسط نظرات صامتة من أبنائه.

وهناك في دار المسنّين، كانت الذكريات زاده وأنيسه، ينتقي أطايبها ويعتنقها فرارًا من واقعه، وبالرَّغم من الرعاية الكاملة، وكثْرة النزلاء حوله، إلاَّ أنَّه كان يضرب حوْل نفسه سياجًا من العزلة، ولم يفُتْه مشهد الغروب، لم يكن يدْري ما سرّ هذا الارتِباط بينهما، هل ينتظر أملاً جديدًا؟ أم أنَّه قدِ استعذب آلامَه؟ حقًّا لم يكن يدري.

وفي يومِه الأخير، بينما كان يودِّع الشَّمس ويستقبل مزيدًا من الأحزان، شعر باختناق شديد، فظلَّ يهذي: سأموت! نعم إنه الموت، سأفارق الحياة، ستكون نهايتي هنا في دار المسنّين، بعيدًا عن بيتي الَّذي عِشْتُ فيه دهرًا مع أهلي وأحبَّائي، وظلَّ شريط الذكريات يمرُّ أمام ناظريْه والألم يزيد، والتنفُّس يزداد صعوبة، وكأنَّه يتنفس من ثقب إبرة، ثم...
"أحمد، أحمد"

قالتْها زوجته وهي توقظُه في هلع لمَّا رأتْه يُمسك برقبته ويتألَّم وهو نائم، فانتفض قائمًا:
أنت، أين أنا؟ قالت: أنت في بيتِك، مع زوجتك وأولادِك وأمّك، قال: أمي أمي.
أين الهاتف؟

فاتَّصل برقم ما قائلاً: نعم أنا الدكتور/ أحمد مختار، أودّ إلغاء الطَّلب الَّذي قدَّمتُه لكم بشأن والدتي، ثمَّ هرع إلى غرفة والدتِه العجوز، فلمَّا رآها ارتَمى في حضنها وقبَّل يديْها وقدميْها ورأسها، سامحيني يا أمِّي سامحيني، قالها والجميع ينظرون إليه في دهشة، فلم يكونوا على علمٍ بما كان ينوي فعله، ثمَّ انتشله من الموقف مشهد الغروب، فوقف يتطلَّع إليه في شرود.

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:23
ا فندم، وصلتنا شكوى وطلب غريب من أحد المواطنين!
كيف هذا؟ أين هذه الشكوى؟
تفضل اقرأ هذه الورقة.
فأمسك رئيس المدينة الشكوى وبدأ يقرأ ما بها، الوجوم يبدو على وجهه، إلى أن انتهى من قراءتها، نظر لمدير مكتبه: سبحان الله!
الناس تبحث عن مكان لتسكن فيه وهذا الرجل يطلب أن يتملَّك قبرًا يُدفن فيه!

فعلاً يا فندم شيء غريب جدًّا! فأنا أعمل في مجلس المدينة منذ أكثر من عشرين عامًا، وأستقبل يوميًّا طلبات الناس وشكواهم، ولم يقابلني مثل هذا الطلب الغريب!

اذهب الآن بسيارة المجلس إلى عنوان هذا الرجل، بالتأكيد سوف تجده في بيته، وعندما تقابله أبلغه سلامي واطلب منه أن يحضر إلى مكتبي لكي أقابله، وأحضره معك بالسيارة، وإن لم يستطع القدوم معك اتركه وأنا سأذهب إليه.

إن شاء الله، لن أتأخر.

مرَّت ساعة ونصف، فوجد رئيس المدينة مدير مكتبه يقف أمامه وبصحبته رجل عجوز، فقام منتفضًا من على كرسيِّه: أهلاً وسهلاً عمّ زكريا، صاحب أغرب طلب قابلني في حياتي، فسلَّم عليه وأجلسه، وجلس أمامه: ما شاء الله لا يبدو عليك أنك تخطيت الثمانين.

الحمد لله يا فندم، عمري الآن اثنان وثمانون عامًا، وقد قدمت طلبًا لمجلس المدنية أطلب تخصيص قبر داخل مدافن المدنية؛ لأني لا أملك مدفنًا خاصًّا بي، فأنا كما ذكرت لسيادتكم في طلبي ليس لي أقارب من أهالي تلك المدينة، فجميع عائلتي يعيشون في مدينة تبعد عن هنا خمسمائة كيلو، وجميع أولادي كبروا وتزوَّجوا وسافروا إلى خارج مصر للعمل، وتركوني وحيدًا، فأخشى أن أموت في أيِّ وقت ولا يجد جيراني مكانًا يدفنوني فيه، ولا أريد أن أُدْفَن في مقابر أحدٍ منهم، يكفي أنهم سوف يدفنوني في تلك البلدة التي أحبها!

فعلاً، هذا هو الكلام الذي كتبته في طلبك، وأنا منذ أن قرأته وأنا متأثِّر بشدة بهذا الكلام، لي عندك سؤال يا عمّ زكريا: أين زوجتك؟!

توفَّاها الله منذ ثلاثين عامًا، وأنا أعيش وحيدًا الآن ولا أملك إلا معاشي التقاعدي، الذي يكفي بالكاد مصاريف الأكل والشرب والدواء.

سؤال آخر - ولن أثقل عليك -: لماذا طلبت هذا الأمر الآن وليس سابقًا؟!
فنظر إليه والدموع تغرغر في عينه: يا فندم، إني منذ عِدَّة سنوات وأنا أحاول أن أمتلك قبرًا، وبالتحديد بعد ما أُصِبت بأوَّل جلطة، ولكن للأسف لم أستطع؛ فكل عام تزيد أسعار الأراضي في المقابر لضيق المساحات وزيادة الطلب لزيادة الناس، وتزيد تكلفة بناء القبر الواحد، وقد حاولت شراء قبر جاهز، فوجدته غاليًا جدًّا، وإني أريد أن أمتلك قبرًا من الآن وأكتب عليه اسمي، وأخبر جيراني في السكن وأصدقائي في المنطقة والمسجد بمكانه، حتى إذا متُّ في أيِّة لحظة، غسَّلوني وكفَّنوني وصلوا عليِ ودفنوني فيه.

ثم استطرد عم زكريا:
ربنا يسترك يا فندم أعطني قبرًا وحقِّق طلبي؛ حتى أرتاح وأكون مطمئنًّا بأني سأجد مكانًا أدفن فيه، وحتى لا أدفن في مقابر الصدقة والإحسان!

كل ذلك ورئيس المدنية جالس ومدير مكتبه يقف بجواره، لا يستطيعَا التفوُّه بكلمة واحدة، وعلامات الحزن والأسى تبدو علي وجهيهما متأثِّرين بكلام هذا الرجل العجوز، فكلامه يخرج من قلبه، فهو أتى ليطلب قبرًا ولا يبتغي شيئًا من عَرَض الدنيا! ثم وقف رئيس المدنية وهو يحاول أن يبتسم في وجه الرجل: إن شاء الله يا عم زكريا أسبوع - على أقصى تقدير - وسوف يتحقق طلبك بامتلاكك قبرًا!

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:24
يحمل البريد كل أسبوع نحوا من ثلاثين رسالة يبعث بها إلي سامعو أحاديثي في الإذاعة وقراء مقالاتي في الصحف ولكني لم أجد فيها كلها مثل الرسالة التي تلقيتها أمس. رسالة من أم، جاءتني في "يوم الأم" ليس فيها من فصاحة اللفظ شيء ولكنها في البلاغة آية من الآيات وهل البلاغة إلا أن تقول ما يصل بك إلى الغاية ويبلغ بك القصد؟ تقول هذه الأم أنها سمعت بعيد الأم ولكنها لم تره وعرفت شقاء الأم بالولد ولكنها لم تعرف بر الولد بالوالدة وهي لا تشكو عقوق ولديها فهما صغيران ما بلغا سن العقوق ولكنها تشكو ضيق ذات اليد وفقد المسعد والمعين، وأنها تصبر النفس حينا ويتصرم أحيانا صبرها، وتسألني أتطلق الولدين من أسر المدرسة وتبعث بهما يتكسبان دريهمات تعينهما على العيش؟ وتسأل ماذا تجني منهما إن درسا وهي لا تملك ثمن كساء المدرسة ولا نفقاتها؟ فكيف يستطيعان أن يكملا الدرس ويتما التحصيل وهما بالثوب البالي والجيب الخالي.
وما تمنيت أن أكون غنيا إلا اليوم، لأستطيع أن أواسيها باليد والمال، لا بالقلم واللسان، ولكني أديب لا يملك إلا قلبه ولسانه، وهاتان كلمتان من القلب كلمة لها هي، وكلمة للمستمعين.
أما الكلمة التي هي لك، فهي قصة ولكنها قصة لم يخترعها خيال كاتب، ولم يؤلفها قلم أديب بل ألفت فصولها الحياة وجئت أرويها كما كانت.. أرويها لتعلمي وتعلم كل أم بائسة وكل ولد نشأ في الفقر أن المجد والعلاء رهن بأمرين: بتوفيق الله أولا، والله يوفق كل عامل مخلص، وبالعلم والجد ثانيا. واسمعي الآن القصة: كان في دمشق نحو أربعين سنة عالم جليل القدر كريم اليد موفور الرزق داره مفتوحة للأقرباء والضيوف وطلبة العلم وموائده ممدودة، وكان من ذوي المناصب الكبار والمكانة في الناس. ونشأ أولاده في هذا البيت لا يعرفون ذل الحاجة ولا لذعة الفقر ولكنهم أصبحوا يوما – الولد الكبير البالغ من عمرة ست عشرة سنة، وإخوة له تتراوح أعمارهم بين عشر وبين شهر- أصبحوا وقد توفي والدهم. وارتفع الستر فإذا التركة ديون للناس فباعوا أثاث الدار كله ليوفوا الدين ثم تركوا الدار الفسيحة ونزلوا تحت الرصاص يفتشون عن دار يستأجرونها فوجدوا داراً ... أعني كوخا .. زريبة بهائم، مخزن تبن في حارة قرب المكان الذي يسميه الناس من التوائه وضيقه " محل ما ضيع القرد ابنه" هذا هو اسمه صدقيني. في غرفتين من اللبن والطين، في ظل دار عالية لأحد موسري الحارة تحجب عن الغرفتين الشمس والضياء فلا تراهما قط الشمس، ولا يستطيع أن يدخلهما الضوء، ليس فيهما إلا ماء ساقية وسخة عرضها شبران وعمقها اصبعان، تمشي مكشوفة إلى هذه الحارة تتلقى في هذا الطريق الطويل كل ما يلقى فيها من الخيرات الحسان ... وليس فيها نور إلا نور مصباح كاز نمرة ثلاثة ... يضيء تارة ويشحر تارات.. والسقف من خشب عليه طين، إن مشت عليه هرة ارتج واضطرب، وإن نزلت عليه قطر مطر وكف وسرب. هنالك على أربعة فرش مبسوطات على الأرض متجاورات ما تحتهن سرير، تغطيهن البسط والجلود كان ينام هؤلاء الأولاد الذين ربوا في النعيم وغذوا بلبان الدلال، تسهر عليهم أم مثلك حملت ما لم تحمله أم، تدرأ عنهم سيل البق الذي يغطي الجدران وأسراب البعوض التي تملأ الغرفة والماء الذي ينزل من السقف. تظل الليل كله ساهرة تطفئ بدمع القلب حرق القلب، تذكر ما كانت فيه وما صارت إليه، والأقرباء الموسرون الذين لم يكونوا يخرجون من دار الوالد كيف تخلو عن الأولاد وأنكروهم حتى جاءوا يوما يزورون جار الدار الموسر يهنئونه بالعيد ولم يطرقوا والله عليهم الباب، لم يعنها أحد ولم يسعدها إلا أخ لها في مصر أمدها بجنيهات مصرية قليلة لم يكن يطيق أكثر منها. في هذا الجو يا سيدتي .. وماذا تظنين هذا الجو؟ فيه أقبل الولد واخوته على الدرس والتحصيل ... وكانت أطراف البلد للثوار، ليس للفرنسيين إلا وسط المدينة. فكانوا يمرون على الموت في طريقهم إلى المدرسة كل يوم يخترقون جبهة الحرب القائمة، وصبروا ووثقوا بالله وأعانهم الله ووفقهم حتى صاروا.. ما تقدرين أنهم صاروا الآن؟ صار الولد الثاني قاضيا، وصار أديبا شاعرا مصنفا، والثالث أستاذا كبيرا موفقا وداعية وأديبا، أما الولد الأكبر فلا أقول عنه شيئا لأن شهادتي فيه مردودة فهو الذي لا أفارقه أبدا، والذي أكون معه ليلي ونهاري وأراه كلما نظرت في المرآة وهو فوق ذلك يحمل اسما مثل اسمي. وما قصصت هذه القصة إلا تسلية لك وتهوينا عليك ولتوقني أنه ربما كان ينتظر ولديك هذين اللذين لا يجدان الغذاء والكساء، ينتظرهما مستقبل يحسدهما عليه أبناء الأغنياء. فقولي لولديك ألا يخجلا إن لم يجدا الثوب الأنيق، أو الكتاب الجديد، أو المال الفائض، فإن أكثر النابغين كانوا من أبناء الفقراء.. وكاتب هذه السطور وإن لم يكن من النابغين الذين تضرب بهم الأمثال كان يجيء إلى المدرسة الثانوية بالبذلة التي فصلتها له أمه من جبة أبيه، وقد عجز عن أداء رسم شهادة الحقوق فساعده عليه بعض المحسنين. وأنا أعرف والله في أعلام البلد اليوم من نشؤوا في أشد الفقر، ثم نالوا بالعلم أوسع الغنى، وأعلى المناصب. وأنا أعرف محكمة صار ابن آذنها قاضيها، وابن رئيسها شيئا كالآذن فيها.
أما الكلمة التي هي للمستمعين الذين كانو الليلة البارحة - عندما أرعدت السماء وأبرقت وأمطرت – كانوا على المقاعد المريحة في الغرف الدافئة فلم يعرفوا ما حال الفقراء في تلك الليلة. إني أقول لهم: إن في البلد في حيكم بين جيرانكم كثيرات من أمثال السيدة التي كتبت إلي... وإن في البلد من يرتجف هذه الليلة من البرد في البيوت التي ثلجها الشتاء، وإن هنالك تلميذات وتلاميذ يقرؤون بعيون تزيغ من الجوع والقر، ويكتبون بأصابع محمرة من البرد. وإن في هؤلاء من لو أمد بالطعام واللباس وأعين على الدراسة لكان عبقريا تعتز بمثله الأوطان وتسمو الأمم، واذكروا أن بين أجراء الخبازين وصبية المحامين من خلق ليكون من كبار العلماء وأفراد النابغين ولكن الفقر عطل مواهبه وسد أمامه طريق النبوغ فلم يجد ذكاؤه مسربا يسرب منه إلا الإجرام. إن الذي ينفقه الأغنياء على الترف والسرف يكفي لتعليم كل ولد في البلدة وإطعام كل جائع وإسعاف كل فقير. إن عرسا واحدا من إعراس الموسرين الكبار تكفي نفقاته لإطعام عشر عائلات شهرا كاملا، وما ينفق في الجنائز يفتح كل سنة مستشفى مجانيا للفقراء، وأثمان الحلوى في أعياد الميلاد تنشئ كل سنة مدرسة تتسع لخمسمائة تلميذ، وما تشترى به هذه الثريات الفخمة أو في الملاهي والموبقات يكفي لسد حاجة كل محتاج.
وأنا لا أقول دعوا هذا كله ولكن اجعلوا من أموالكم نصيبا لهؤلاء المعذبين في الأرض، فإنكم لا تدرون هل تدوم لكم أو تذهب عنكم، وإذا وثقتم ببقاء المال فهل تثقون ببقاء الصحة أتأمنون الأمراض والنوازل والنكبات؟ فاستنزلوا رحمة الله بالبذل وادفعوا عنكم المصائب بالصدقات. لو أن كل امرئ يعطي من هو أفقر منه لما بقي في الدنيا محتاج. فيا أيها المستمعون أسألكم بالله لا تدعو كلمتي تذهب في الهواء، فإني والله ما أردت إلا الخير لكم، ويا أيتها الأم التي كتب إلي، ثقي بالله فإن الله لا يضيع أحدا أبدا.

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:25
يحمل البريد كل أسبوع نحوا من ثلاثين رسالة يبعث بها إلي سامعو أحاديثي في الإذاعة وقراء مقالاتي في الصحف ولكني لم أجد فيها كلها مثل الرسالة التي تلقيتها أمس. رسالة من أم، جاءتني في "يوم الأم" ليس فيها من فصاحة اللفظ شيء ولكنها في البلاغة آية من الآيات وهل البلاغة إلا أن تقول ما يصل بك إلى الغاية ويبلغ بك القصد؟ تقول هذه الأم أنها سمعت بعيد الأم ولكنها لم تره وعرفت شقاء الأم بالولد ولكنها لم تعرف بر الولد بالوالدة وهي لا تشكو عقوق ولديها فهما صغيران ما بلغا سن العقوق ولكنها تشكو ضيق ذات اليد وفقد المسعد والمعين، وأنها تصبر النفس حينا ويتصرم أحيانا صبرها، وتسألني أتطلق الولدين من أسر المدرسة وتبعث بهما يتكسبان دريهمات تعينهما على العيش؟ وتسأل ماذا تجني منهما إن درسا وهي لا تملك ثمن كساء المدرسة ولا نفقاتها؟ فكيف يستطيعان أن يكملا الدرس ويتما التحصيل وهما بالثوب البالي والجيب الخالي.
وما تمنيت أن أكون غنيا إلا اليوم، لأستطيع أن أواسيها باليد والمال، لا بالقلم واللسان، ولكني أديب لا يملك إلا قلبه ولسانه، وهاتان كلمتان من القلب كلمة لها هي، وكلمة للمستمعين.
أما الكلمة التي هي لك، فهي قصة ولكنها قصة لم يخترعها خيال كاتب، ولم يؤلفها قلم أديب بل ألفت فصولها الحياة وجئت أرويها كما كانت.. أرويها لتعلمي وتعلم كل أم بائسة وكل ولد نشأ في الفقر أن المجد والعلاء رهن بأمرين: بتوفيق الله أولا، والله يوفق كل عامل مخلص، وبالعلم والجد ثانيا. واسمعي الآن القصة: كان في دمشق نحو أربعين سنة عالم جليل القدر كريم اليد موفور الرزق داره مفتوحة للأقرباء والضيوف وطلبة العلم وموائده ممدودة، وكان من ذوي المناصب الكبار والمكانة في الناس. ونشأ أولاده في هذا البيت لا يعرفون ذل الحاجة ولا لذعة الفقر ولكنهم أصبحوا يوما – الولد الكبير البالغ من عمرة ست عشرة سنة، وإخوة له تتراوح أعمارهم بين عشر وبين شهر- أصبحوا وقد توفي والدهم. وارتفع الستر فإذا التركة ديون للناس فباعوا أثاث الدار كله ليوفوا الدين ثم تركوا الدار الفسيحة ونزلوا تحت الرصاص يفتشون عن دار يستأجرونها فوجدوا داراً ... أعني كوخا .. زريبة بهائم، مخزن تبن في حارة قرب المكان الذي يسميه الناس من التوائه وضيقه " محل ما ضيع القرد ابنه" هذا هو اسمه صدقيني. في غرفتين من اللبن والطين، في ظل دار عالية لأحد موسري الحارة تحجب عن الغرفتين الشمس والضياء فلا تراهما قط الشمس، ولا يستطيع أن يدخلهما الضوء، ليس فيهما إلا ماء ساقية وسخة عرضها شبران وعمقها اصبعان، تمشي مكشوفة إلى هذه الحارة تتلقى في هذا الطريق الطويل كل ما يلقى فيها من الخيرات الحسان ... وليس فيها نور إلا نور مصباح كاز نمرة ثلاثة ... يضيء تارة ويشحر تارات.. والسقف من خشب عليه طين، إن مشت عليه هرة ارتج واضطرب، وإن نزلت عليه قطر مطر وكف وسرب. هنالك على أربعة فرش مبسوطات على الأرض متجاورات ما تحتهن سرير، تغطيهن البسط والجلود كان ينام هؤلاء الأولاد الذين ربوا في النعيم وغذوا بلبان الدلال، تسهر عليهم أم مثلك حملت ما لم تحمله أم، تدرأ عنهم سيل البق الذي يغطي الجدران وأسراب البعوض التي تملأ الغرفة والماء الذي ينزل من السقف. تظل الليل كله ساهرة تطفئ بدمع القلب حرق القلب، تذكر ما كانت فيه وما صارت إليه، والأقرباء الموسرون الذين لم يكونوا يخرجون من دار الوالد كيف تخلو عن الأولاد وأنكروهم حتى جاءوا يوما يزورون جار الدار الموسر يهنئونه بالعيد ولم يطرقوا والله عليهم الباب، لم يعنها أحد ولم يسعدها إلا أخ لها في مصر أمدها بجنيهات مصرية قليلة لم يكن يطيق أكثر منها. في هذا الجو يا سيدتي .. وماذا تظنين هذا الجو؟ فيه أقبل الولد واخوته على الدرس والتحصيل ... وكانت أطراف البلد للثوار، ليس للفرنسيين إلا وسط المدينة. فكانوا يمرون على الموت في طريقهم إلى المدرسة كل يوم يخترقون جبهة الحرب القائمة، وصبروا ووثقوا بالله وأعانهم الله ووفقهم حتى صاروا.. ما تقدرين أنهم صاروا الآن؟ صار الولد الثاني قاضيا، وصار أديبا شاعرا مصنفا، والثالث أستاذا كبيرا موفقا وداعية وأديبا، أما الولد الأكبر فلا أقول عنه شيئا لأن شهادتي فيه مردودة فهو الذي لا أفارقه أبدا، والذي أكون معه ليلي ونهاري وأراه كلما نظرت في المرآة وهو فوق ذلك يحمل اسما مثل اسمي. وما قصصت هذه القصة إلا تسلية لك وتهوينا عليك ولتوقني أنه ربما كان ينتظر ولديك هذين اللذين لا يجدان الغذاء والكساء، ينتظرهما مستقبل يحسدهما عليه أبناء الأغنياء. فقولي لولديك ألا يخجلا إن لم يجدا الثوب الأنيق، أو الكتاب الجديد، أو المال الفائض، فإن أكثر النابغين كانوا من أبناء الفقراء.. وكاتب هذه السطور وإن لم يكن من النابغين الذين تضرب بهم الأمثال كان يجيء إلى المدرسة الثانوية بالبذلة التي فصلتها له أمه من جبة أبيه، وقد عجز عن أداء رسم شهادة الحقوق فساعده عليه بعض المحسنين. وأنا أعرف والله في أعلام البلد اليوم من نشؤوا في أشد الفقر، ثم نالوا بالعلم أوسع الغنى، وأعلى المناصب. وأنا أعرف محكمة صار ابن آذنها قاضيها، وابن رئيسها شيئا كالآذن فيها.
أما الكلمة التي هي للمستمعين الذين كانو الليلة البارحة - عندما أرعدت السماء وأبرقت وأمطرت – كانوا على المقاعد المريحة في الغرف الدافئة فلم يعرفوا ما حال الفقراء في تلك الليلة. إني أقول لهم: إن في البلد في حيكم بين جيرانكم كثيرات من أمثال السيدة التي كتبت إلي... وإن في البلد من يرتجف هذه الليلة من البرد في البيوت التي ثلجها الشتاء، وإن هنالك تلميذات وتلاميذ يقرؤون بعيون تزيغ من الجوع والقر، ويكتبون بأصابع محمرة من البرد. وإن في هؤلاء من لو أمد بالطعام واللباس وأعين على الدراسة لكان عبقريا تعتز بمثله الأوطان وتسمو الأمم، واذكروا أن بين أجراء الخبازين وصبية المحامين من خلق ليكون من كبار العلماء وأفراد النابغين ولكن الفقر عطل مواهبه وسد أمامه طريق النبوغ فلم يجد ذكاؤه مسربا يسرب منه إلا الإجرام. إن الذي ينفقه الأغنياء على الترف والسرف يكفي لتعليم كل ولد في البلدة وإطعام كل جائع وإسعاف كل فقير. إن عرسا واحدا من إعراس الموسرين الكبار تكفي نفقاته لإطعام عشر عائلات شهرا كاملا، وما ينفق في الجنائز يفتح كل سنة مستشفى مجانيا للفقراء، وأثمان الحلوى في أعياد الميلاد تنشئ كل سنة مدرسة تتسع لخمسمائة تلميذ، وما تشترى به هذه الثريات الفخمة أو في الملاهي والموبقات يكفي لسد حاجة كل محتاج.
وأنا لا أقول دعوا هذا كله ولكن اجعلوا من أموالكم نصيبا لهؤلاء المعذبين في الأرض، فإنكم لا تدرون هل تدوم لكم أو تذهب عنكم، وإذا وثقتم ببقاء المال فهل تثقون ببقاء الصحة أتأمنون الأمراض والنوازل والنكبات؟ فاستنزلوا رحمة الله بالبذل وادفعوا عنكم المصائب بالصدقات. لو أن كل امرئ يعطي من هو أفقر منه لما بقي في الدنيا محتاج. فيا أيها المستمعون أسألكم بالله لا تدعو كلمتي تذهب في الهواء، فإني والله ما أردت إلا الخير لكم، ويا أيتها الأم التي كتب إلي، ثقي بالله فإن الله لا يضيع أحدا أبدا.

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:27
رأيت اليوم فيديو قصير ولكنه ترك في نفسي أثراً كبيراً
" كانت هذه الفتاة الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها الست سنوات بائعة المناديل الورقية
تسير حاملة بضاعتها على ذراعها الصغير
فمرت على سيدة تبكي
توقفت أمامها لحظة تتأملها
فرفعت السيدة بصرها للفتاة والدموع تغرق وجهها
فما كان من هذه الطفلة
إلا أن أعطت للسيدة مناديل من بضاعتها
ومعها ابتسامة من أعماق قلبها المفعم بالبراءة
وانصرفت عنها
حتى قبل أن تتمكن السيدة من إعطائها ثمن علبة المناديل
وبعد خطوات استدارت الصغيرة ملوحة للسيدة بيدها الصغيرة ومازالت ابتسامتها الرائعة تتجلى على محياها .
** عادت السيدة الباكية إلى إطراقها ثم أخرجت هاتفها الجوال وأرسلت رسالة
((( آسفة ... حقك علي!!! )))
*** وصلت هذه الرسالة إلى زوجها
الجالس في المطعم مهموم حزين !!!
فلما قرأها ابتسم
وما كان منه إلا أنه أعطى ( الجرسون ) 50 جنيهاً
مع أن حساب فاتورته 5 جنيهات فقط !!!
***عندها فرح هذا العامل البسيط بهذا الرزق الذي لم يكن ينتظره
فخرج من المطعم
ذهب إلى سيدة فقيرة تفترش ناصية الشارع تبيع حلوى فاشترى منها بجنيه
وترك لها 20جنيه صدقة وانصرف عنها سعيداً مبتسماً !!!
*** تجمدت نظرات العجوز على الجنيهات
فقامت بوجه مشرق وقلب يرقص فرحاً
ولملمت فرشتها وبضاعتها المتواضعة
و ذهبت للجزار تشتري منه قطعاً من اللحم
ورجعت إلى بيتها لكي تطبخ طعاماً شهياً وتنتظر عودة حفيدتها وكل ما لها من الدنيا
جهزت الطعام و على وجهها نفس الابتسامة التي كانت السبب في أنها ستتناول ( لحم )
لحظات وانفتح الباب ودخل البيت الصغيرة بائعة المناديل
متهللة الوجه
وابتسامة رائعة
وجهها تنير الجميل الطفولي البريء !!! "

رابط الفيديو (http://www.****************/50ONM83643)

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:29
فى كل يوم جمعة، وبعد الصلاة ، كان الإمام وابنه البالغ من العمر إحدى عشر سنه من شأنه أن يخرج في بلدتهم فى احدى ضواحي أمستردام ويوزع على الناس كتيب صغير بعنوان "طريقا إلى الجنة" وغيرها من المطبوعات الإسلاميه.


وفى أحدى الأيام بعد ظهر الجمعة ، جاء الوقت للإمام وابنه للنزول الى الشوارع لتوزيع الكتيبات ، وكان الجو باردا جدا في الخارج ، فضلا عن هطول الامطار

الصبي ارتدى كثير من الملابس حتى لا يشعر بالبرد ، وقال : 'حسنا يا أبي ، أنا مستعد!

سأله والده ، 'مستعد لماذا' ' قال الأبن يا أبي ، لقد حان الوقت لكى نخرج لتوزيع هذه الكتيبات الإسلامية.

أجابه أبوه ، الطقس شديد البرودة في الخارج وانها تمطر بغزاره.
أدهش الصبى أبوه بالأجابه وقال ، ولكن يا أبى لا يزال هناك ناس يذهبون إلى النار على الرغم من أنها تمطر
أجاب الأب ، ولكننى لن أخرج فى هذا الطقس

قال الصبى ، هل يمكن يا أبى ، أنا أذهب أنا من فضلك لتوزيع الكتيبات '

تردد والده للحظة ثم قال : ; يمكنك الذهاب ، وأعطاه بعض الكتبات
قال الصبى 'شكرا يا أبي!
ورغم أن عمر هذا الصبى أحدى عشر عاماً فقط إلا أنه مشى فى شوارع المدينه فى هذا الطقس البارد والممطر لكى يوزع الكتيبات على من يقابله من الناس وظل يتردد من باب إلى باب حتى يوزع الكتيبات الأسلاميه.

بعد ساعتين من المشي تحت المطر ، تبقى معه آخر كتيب وظل يبحث عن أحد الماره فى الشارع لكى يعطيه له ، ولكن كانت الشوارع مهجورة تماما.
ثم إستدار إلى الرصيف المقابل لكى يذهب إلى أول منزل يقابله حتى يعطيهم الكتيب.

ودق جرس الباب ، ولكن لا أحد يجيب..

ظل يدق الجرس مرارا وتكرارا ، ولكن لا زال لا أحد يجيب ، وأراد أن يرحل ، ولكن شيئا ما يمنعه.

مرة أخرى ، التفت إلى الباب ودق الجرس وأخذ يطرق على الباب بقبضته بقوه وهو لا يعلم مالذى جعله ينتظر كل هذا الوقت ، وظل يطرق على الباب وهذه المرة فتح الباب ببطء.

وكانت تقف عند الباب إمرأه كبيره فى السن ويبدو عليها علامات الحزن الشديد فقالت له ، ماذا أستطيع أن أفعل لك يابنى.
قال لها الصبى الصغير ونظر لها بعينان متألقتان وعلى وجهه إبتسامه أضائت لها العالم: 'سيدتي ، أنا آسف إذا كنت أزعجتك ، ولكن فقط اريد ان اقول لكى ان الله يحبك حقيقى ويعتني بك وجئت لكى أعطيكى آخر كتيب معى والذى سوف يخبرك كل شيء عن الله ، والغرض الحقيقي من الخلق ، وكيفية تحقيق رضوانه '.
وأعطاها الكتيب وأراد الأنصراف فقالت له 'شكرا لك يا بني! وحياك الله!

في الأسبوع القادم بعد صلاة جمعة ، وكان الإمام يعطى محاضره ، وعندما أنتهى منها وسأل : 'هل لدى أي شخص سؤال أو يريد أن يقول شيئا؟
ببطء ، وفي الصفوف الخلفية وبين السيدات ، كانت سيدة عجوز يُسمع صوتها تقول:
'لا أحد في هذا الجمع يعرفني، ولم أتى إلى هنا من قبل، وقبل الجمعه الماضيه لم أكن مسلمه ولم فكر أن أكون كذلك.
وقد توفي زوجي منذ أشهر قليلة ، وتركنى وحيده تماما في هذا العالم.. ويوم الجمعة الماضي كان الجو بارد جداً وكانت تمطر ، وقد قررت أن أنتحر لأننى لم يبقى لدى أى أمل فى الحياة.

لذا أحضرت حبل وكرسى وصعدت إلى الغرفه العلويه فى بيتى، ثم قمت بتثبيت الحبل جيداً فى أحدى عوارض السقف الخشبيه ووقفت فوق الكرسى وثبت طرف الحبل الآخر حول عنقى، وقد كنت وحيده ويملؤنى الحزن وكنت على وشك أن أقفز.
وفجأة سمعت صوت رنين جرس الباب في الطابق السفلي ، فقلت سوف أنتظر لحظات ولن أجيب وأياً كان من يطرق الباب فسوف يذهب بعد قليل.

أنتظرت ثم إنتظرت حتى ينصرف من بالباب ولكن كان صوت الطرق على الباب ورنين الجرس يرتفع ويزداد.

قلت لنفسي مرة أخرى ، 'من على وجه الأرض يمكن أن يكون هذا؟ لا أحد على الإطلاق يدق جرس بابى ولا يأتي أحد ليراني '. رفعت الحبل من حول رقبتى وقلت أذهب لأرى من بالباب ويدق الجرس والباب بصوت عالى وبكل هذا الأصرار.
عندما فتحت الباب لم أصدق عينى فقد كان صبى صغير وعيناه تتألقان وعلى وجهه إبتسامه ملائكيه لم أر مثلها من قبل ، حقيى لا يمكننى أن أصفها لكم

الكلمات التي جاءت من فمه مست قلبي الذي كان ميتا ثم قفز إلى الحياة مره أخرى ، وقال لى بصوت ملائكى ، 'سيدتي ، لقد أتيت الأن لكى أقول لكى ان الله يحبك حقيقة ويعتني بك!
ثم أعطانى هذا الكتيب الذى أحمله "الطريق إلى الجنه"

وكما أتانى هذا الملاك الصغير فجأه أختفى مره أخرى وذهب من خلال البرد والمطر ، وأنا أغلقت بابي وبتأنى شديد قمت بقراءة كل كلمة فى هذا الكتاب. ثم ذهبت إلى الأعلى وقمت بإزالة الحبل والكرسي. لأننى لن أحتاج إلى أي منهم بعد الأن.

ترون؟ أنا الآن سعيده جداً لأننى تعرفت إلى الأله الواحد الحقيقى.
ولأن عنوان هذا المركز الأسلامى مطبوع على ظهر الكتيب ، جئت الى هنا بنفسى لاقول لكم الحمد لله وأشكركم على هذا الملاك الصغير الذي جائنى في الوقت المناسب تماما ، ومن خلال ذلك تم إنقاذ روحي من الخلود في الجحيم. '

لم تكن هناك عين لا تدمع فى المسجد وتعالت صيحات التكبير .... الله أكبر.....

الإمام الأب نزل من على المنبر وذهب إلى الصف الأمامي حيث كان يجلس أبنه هذا الملاك الصغير....

وأحتضن ابنه بين ذراعيه وأجهش فى البكاء أمام الناس دون تحفظ. ربما لم يكن بين هذا الجمع أب فخور بأبنه مثل هذا الأب

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:29
القصة حصلت في أمريكا ويقول راويها:

كنا في حفل عشاء مخصص لجمع التبرعات لمدرسة للأطفال ذوي الإعاقة ، فقام والد أحد التلاميذ وبعد أن شكر المدرسة والمسئولين عنها طرح السؤال التالي:

حين لا تتأثر الطبيعة بعوامل خارجية فإن كل ما يأتي منها يكون عين الكمال والإتقان.

لكن ابني "!!!!" لا يمكنه أن يتعلم الأشياء بنفس الطريقة التي يتعلمها بها الأطفال الآخرين الذين لا يعانون من الإعاقة، فلا يمكنه فهم الموضوعات التي يفهموها

فأين النظام المتقن في الكون فيما يتعلق بابني؟

وبهت الحاضرون ولم يجدوا جواباً.

وأكمل الأب حديثه: أعتقد أنه حين يقدم إلى الدنيا طفل مثل ابني يعاني من عجز في قدراته الجسمانية والعقلية، فإنها تكون فرصة لتحقيق مدى الروعة والاتقان في الطبيعة البشرية، ويتجلى هذا في الطريقة التي يعامل بها الآخرون من هم في نفس ظروف ابني

ثم قص علينا القصة التالية:

مررت أنا وابني بملعب حيث كان عدد من الأولاد الذين يعرفون ابني يلعبون لعبة البيسبول

(ولمثلي ممن لا يعلمون عن هذه اللعبة فأعلى درجة من النقاط يتم تحقيقها بمرور اللاعب على أربع نقاط حول الملعب راجعاً للنقطة الأم التي بدأ منها)

وسألني ابني "هل تعتقد أنهم سوف يسمحون لي باللعب؟ وكنت أعلم أن أغلب الأولاد لن يرغبوا في وجود شخص معاق مثل ابني في فريقهم. ولكني كأب كنت أعلم أنه إن سمحوا لابني باللعب، فإن ذلك سوف يمنحه الإحساس بالانتماء وبعض الثقة في أن الأولاد الآخرين يتقبلوه رغم اعاقته

واقتربت متردداً من أحد الأولاد في الملعب وسألته (ولم أكن اتوقع منه الكثير)، إن كان يمكن لابني "!!!!" أن يلعب معهم. ودار الولد ببصره، ثم قال نحن نخسر بستة جولات، واللعبة في دورتها الثامنة أعتقد أننا يمكن أن ندخله في الدورة التاسعة ونعطيه المضرب

وتهادى ابني "!!!!" بمشيته المعوقة إلى دكة الفريق، ولبس فانلة الفريق بابتسامة واسعة على وجهه وراقبته بدمعة فرح رقيقة والشعور بالدفء يملأ قلبي ورأى الأولاد مدى فرحي بقبولهم لابني

وتحسن وضع فريق ابني خلال الجولة الثامنة ولكن بقي الخصم متفوقاً عليهم بثلاثة جولات

ومع بدء الجولة التاسعة اعطوا ابني قفازاً ولعب في أيمن الملعب، ورغم أن الكرة لم تأت عنده إلا أن سعادته وحماسه كانا واضحين لمجرد وجوده باللعبة واتسعت ابتسامته لأقصى حد وأنا ألوّح له من وسط المشجعين.

وأحرز فريق ابني نقاط إضافية وتقلص الفارق إلى نقطتين، مما جعل الفوز ممكنا

وكان الدور على ابني ليمسك بالمضرب، فهل تتوقعوا أن يعطوه المضرب ويضيعوا فرصتهم في الفوز؟

لدهشتي أعطوه المضرب، رغم أن الكل يعرفون أنه من المستحيل أن يحرز نقاط الفوز، حيث انه لا يمكنه حتى أن يمسك المضرب بصورة سليمة، ويكاد يستحيل عليه ضرب الكرة بصورة متقنة

ولكن مع تقدمه لدائرة اللعب وإدراك لاعب الخصم أن فريق ابني "!!!!" يضحي بالفوز لهدف أسمى، وهو إسعاد وإثراء حياة ابني بهذه اللحظة التي لا تتكرر، قدم مفاجأة أكبر فتقدم عدة خطوات وألقى الكرة برفق لابني حتى يتمكن على الأقل من لمسها بمضربه

وحاول ابني ضرب الكرة ولكنه لحركته المعاقة فشل

وخطا مدافع الخصم خطوات اضافية مقترباً من ابني ورمى الكرة برفق بالغ نحو ابني

وضرب ابني الكرة بضعف وردها لخصمه الذي تلقفها بسهولة

وتوقعنا أن هذه نهاية المباراة

وتلقف المدافع من الفريق الخصم الكرة بطيئة الحركة وكان يمكنه أن يمررها لزميله في النقطة الأولى

وكان ذلك سيجعل ابني يخرج من المباراة التي تنتهي بهزيمة فريقه

وبدلاً من ذلك رمى المدافع الكرة فوق رأس زميله بعيداً عما يمكن أن يطوله أي من أعضاء فريقه

وبدأ الكل يصيح مشجعاً من مشجعي الفريقين ومن لاعبي الفريقين : اجر يا "!!!!" اجر إلى النقطة الاولى

وكانت هذه أبعد مسافة يجريها ابني، واستطاع بصعوبة أن يصل للنقطة الأولى

وترنح في طريقه على خط الملعب، وعيناه واسعتين حماساً وارتباكاً

وصرخ كل من كان في الملعب اجري إلى النقطة الثانية،

ووصل ابني إلى النقطة الثانية لأن لاعب الخصم بدلاً من أن يعوقه كان يعدل اتجاهه بحيث يصل للنقطة الثانية وهو يشجعه اجري يا "!!!!" للنقطة الثانية !

وكان الجميع يصرخون اجري اجري يابطل حتى اجري حتى النقطة الثالثة

والتقط ابني أنفاسه وجرى بطريقته المرتبكة نحو النقطة الثالثة ووجهه يشع بالأمل أن يواصل طريقه حتى يحقق لفريقه النقطة الكبرى

وحين اقترب ابني من النقطة الثالثة كانت الكرة مع أحد لاعبي الخصم وكان أصغر عضو في الفريق ولديه الآن في مواجهة ابني الفرصة الأولى السهلة ليكون بطل فريقه بسهولة ويلقي بالكرة لزميله ولكنه فهم نوايا زميله المدافع فقام بدوره بإلقاء الكرة عالياً بحيث تخطت زميله المدافع عن النقطة الثالثة

وجرى ابني نحو النقطة الثالثة وهو يترنح في حين أحاطه الآخرين راسمين له الطريق إلى نقطة الفوز

وكان الجميع يصرخون اجري اجري يابطل حتى النهاية

وبعد ان تخطي الثالثة وقف المتفرجين حماساً وطالبوه بأن يجري للنقطة الرابعة التي بدأ منها!

وجرى ابني حتى النقطة الرابعة التي بدأ منها وداس على الموقع المحدد وحياه كل الحضور باعتباره البطل الذي أحرز النقطة الكبرى وفاز لفريقه بالمباراة

في ذلك اليوم، أضاف الأب والدموع تنساب على وجنتيه ساعد الفتيان من كلا الفريقين في إضافة قبسة نور من الحب الصادق والإنسانية إلى هذا العالم.

ولم ير ابني الصيف التالي، حيث وافاه الأجل في ذلك الشتاء، ولكن لم ينس حتى آخر يوم في حياته أنه كان بطل المباراة مما ملأني بالفرح وبعد أن رأيته يعود للمنزل وتتلقاه أمه بالأحضان والدموع في عينيها فرحة بالبطل الرياضي لذلك اليوم!

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:31
قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في كتابه (رجال من التاريخ ص30-31):

كان عبد الله قد ملك الحجاز والعراق وفارس وخراسان، وانقادت له مصر وكان له في الشام حزب، والتقت في كفه أطراف دنيا الإسلام، ولم يبق لبني أمية إلا قليل من الشام، ثم تقلص هذا الملك وانتقص من أطرافه، وضاقت دنياه باتساع دنيا أمية، فلم يبق من جيشه الذي خفقت راياته على المشرق و المغرب، إلا نفر يحيطون به في الحرم كل ما بقي له، والمنجنيق ينزل عليه والعدو يحيط به، وعرض عليه الفرار فأباه، ولم يرض أن يختم هذه الحياة الطويلة الحافلة بالبطولات والأمجاد بأبشع خاتمة، بل آثر أن يموت ميتة أبيه، أن يسقط في المعركة الحمراء، وسط المعمعة، في الحرب الشريفة، وأن يغسل بالدم ويوسد تراب الحرم، وذهب يودع أمه ويستشيرها وكانت عجوزا مكفوفة قد قاربت المائة وقال لها:
- يا أم، قد خذلني الناس ولم يبق لي أمل، والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا، فما رأيك؟
وترددت الأم، وذكرت في لمحة مولده في قباء، وذكرت نشأته، وقلبت حياته صفحة صفحة، فكادت تغلبها نفسها وعاطفتها، ثم ذكرت أن هذه الحياة التي تختارها لولدها، حياة تسلبه مجده وكرامته، والموت خير من حياة بلا كرامة ولا مجد.
فتشددت وتثبتت وقالت:
- عشت كريما فمت كريما.
أعطت الأم قرارها، وحكمت على ولدها بالموت، وهي تنتزع مع كل حرف من هذه الجملة قطعة من روحها فأنها لم تحكم عليه وحده، بل حكمت على نفسها أيضا بالموت.
وضمته إليها تتحسسه وتشمه، وتأخذ من هذه اللحظات، الذخر الوحيد الذي ستعيش به بقية أيامها.
ولما انصرفت أحست في قلبها بفراغ لا يسده شيء، شعرت أنه لم يبق لها قلب.

***
أما أن هذا الموقف لو كان لامرأة فرنسية أو انكليزية لنظمت فيه مئة قصيدة، وألفت فيه مئة قصة، ولكن أسماء كانت عربية مسلمة، والعرب قد أضاعوا بيانهم وأدبهم، مع ما أضاعوا من تراث الجدود.
هذه (أسماء) السيدة الجليلة التي يتشرف بها تاريخ الأمة الذي تكون سيرتها فيه!

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:32
قال الشيخ علي الطنطاوي (رجال من التاريخ ص57-70):

- نشأ في النعيم، وتقلب في فرش السعة، ورأى من الدلال ما لم ير ولد ناشئ، ولم لا؟ وأبوه والي مصر، وجده مروان خليفة، وعمه عبد الملك خليفة، وكان يلبس من الثياب ما لا تلبسه الملوك، ويلقي الثوب بعد لبسة واحدة، ويمشي مشية عرفت به وعرف بها حتى لقد صارت (موضة) يقلدها الشباب والصبايا وتسمى العمرية، و كان يتخذ أغلى العطور فإذا طلع من أول الشارع هبت من طلوعه نسمة عاطرة كأنها نسمات الروض الزاهر، ثم تزوج بفاطمة بنت عبد الملك، السيدة الأولى في ذلك العصر، بل لعلها لم تبلغ سيدة من النبالة و (الارستقراطية) ما بلغت هذه السيدة التي كان من أهل بيتها الأقربين تسعة خلفاء؟

- فلما ولي الخلافة، جمع نساءه وجواريه فقال: إنه قد نزل بي ما شغلني عنكن فمن شاءت سرحتها أو أعتقتها ومن شاءت أقامت ولكن لم يكن مني لها شيء، قالت فاطمة لمن سألها عنه بعد موته: والله ما علمته اغتسل من جنابة أو احتلام، منذ استخلف حتى قبضه الله.

- لم يسكن قصور الخلافة، وإنما أقام في داره، وما زال يبيع ما فيها من الأثاث والرياش حتى عادت قفرًا، وكان يصلح فيها بيده إن وجد فراغا، ولقد جاءت امرأة مرة من أقاصي إيران لتقابل الخليفة فسألت عن قصره فدلوها، فوجدت دارا عادية ليس فيها إلا خادم صغير، فدخلت فإذا رجل يطين جدارا وامرأة تناوله الطين، قالت لها: ألا تحتجبين من هذا الطيان؟ قالت: إنه أمير المؤمنين !!

- وكان أكثر طعامه العدس صبت فاطمة مرة للخادم الصغير عشاءه، فتذمر وغضب وقال: كل يوم عدس؟ قالت: إنه طعام مولاك أمير المؤمنين !!

- مرض عمر فعاده مسلمة فلما خرج قال لأخته فاطمة يا فاطمة اغسلي قميص أمير المؤمنين فإنه وسخ، وهو خليفة والناس يعودونه، فلما رجع بعد أيام وجده لم يغسل، فأعاد عليها القول، ورآه الثالثة فأغلط لها الكلام، فأحنت رأسها وفي عينيها دمعة، وقالت: والله ما له قميص غيره !!

- ورأى مرة بنتا له اسمها أمينة في الدار فناداها: يا أمين .. يا أمين .. فم تجب فأمر باحضارها فإذا ثوبها مقطع، قال: لم لم تردي؟ .. فبكت وأشارت إلى ثوبها، فدعا بمولاه مزاحم، وقال: انظر الى تلك الفرش التي فتقناها فاقطع لها ثوبا منها. ثوب من ملحقة عتيقة لبنت أمير المؤمنين فهل تقبل به بنت أحد منا؟

- ومرت به بناته يوما فسددن أفواههن وأسرعن، قال: ما لهن؟ قالت فاطمة: لم يجدن ما يتعشين به إلا خبزا وبصلا فسددن أفواههن حتى لا تشم ريحهن. هذا عشاء بنات أمير المؤمنين فهل تقبل به بنت أحد منا؟

- وجاءه مرة تفاح من بستان من أملاك الدولة، فقعد يقسمه بين المستحقين، فجاء طفل له يحبو، فأخذ التفاحة، فأمر بانتزاعها منه فتمسك بها وهو يبكي، فنزعها من يده، فذهب إلى أمه باكيا، فأخذت درهما فاشترت به تفاحا.. فلما جاء عمر وجد التفاح فسر به وقال: أنا والله أشتهيه، وأكل منه، وسألته عن الغلام فقال: لقد ا نتزعت التفاحة من يده، وكأني أنتزعها والله من قلبي، ولكن كرهت أن أبيع نفسي من الله بتفاحة من فيء المسلمين.

إنه عمر بن عبد العزيز.. خامس الخلفاء الراشدين

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:35
قصة من تراث الحركة الإسلامية
زواج كمال السنانيرى وأمينة قطب
رحمة الله عليهما
.

إنَّ قصة زواج "أمينة" من الشهيد "السنانيري" لتبعث على الإجلال والعجب معاً، فقد تمَّ الرباط بينهما حين كان الشهيد كمال السنانيري داخل السجن.
تقول السيدة أمينة: كان هذا الرباط ...قمة التحدي للحاكم الفرد الطاغية الذي قرر أن يقضي على دعاة الإسلام بالقتل أو الإهلاك بقضاء الأعمار داخل السجون.. لقد سجن الداعية الشهيد كمال السنانيري في عام 1954م، وقُدِّم إلى محاكمة صورية مع إخوانه لأنهم يقولون ربنا الله.. وحكم عليه بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة (25 عاماً) ثم يعاد بعدها إلى المعتقل.
...
وبعد مرور خمس سنوات خرج ليدخل مستشفى السجن، وفيها قابل الأستاذ "سيد قطب"، الذي كان يعالج في نفس المستشفى، وفي هذا المكان طلب "السنانيري" يد "أمينة" من أخيها "سيد"، وبعد عرض الأمر عليها وافقت على هذه الخطبة التي ربما تمتد فترتها لتستمر عشرين عامًا، هي الفترة الباقية لهذا الخطيب المجاهد حتى يخرج من محبسه الظالم، وتم العقد بعد ذلك، على الرغم من بقاء العريس خلف الأسوار المظلمة، وكأن "أمينة" بذلك تعلمنا معاني كثيرة؛ تعلمنا التضحية الفريدة، فقد كانت شابة ولم يفرض عليها أحد هذا الاختيار، إنها عشرون عامًا، ليست عشرين يومًا أو حتى عشرين شهرًا!! وكأنها كذلك تذكر أولئك المجاهدين المحبوسين عن نور الشمس بالأمل والثقة في وعد الله واختياره،
وكان الزوج العطوف يكره لها غبنًا أو ظلمًا، فارسل لها : "لقد طال الأمد، وأنا
مشفِقٌ عليك من هذا العناء، وقد قلت لكِ في بدء ارتباطنا قد يُفرَج عني غدًا، وقد أمضي العشرين سنة الباقية أو ينقضي الأجل، ولا أرضَى أن أكون عقبةً في طريق سعادتك، ولكِ مطلَق الحرية في أن تتخذي ما ترينه صالحًا في أمرِ مستقبلك من الآن، واكتبي لي ما يستقرُّ رأيُك عليه، والله يوفقك لما فيه الخير".، ووصل رد "أمينة" في رسالة تنبئ عن كريم أصلها، جاء فيها: "لقد اخترت أملاً أرتقبه، طريق الجهاد والجنة، والثبات والتضحية، والإصرار على ما تعاهدنا عليه بعقيدة راسخة ويقين دون تردد أو ندم".
ومرت السنوات الطويلة سبعة عشر عامًا، خرج الزوج بعد أن أفرج عنه عام 1976م، ليواصل مع "أمينة" الأمينة رحلة الوفاء والكفاح، وتمَّ الزواج، وعاشت أمينة معه أحلى سنوات العمر. وفي الرابع من سبتمبر سنة 1981م اختُطف منها مرة أخرى ليودع في السجن، ويبقى فيه إلى أن يلقى الله شهيداً من شدة و هول ما لاقاه من تعذيب في السادس من نوفمبر من العام نفسه، وسُلِّمت جثته إلى ذويه شريطة أن يوارى التراب دون إقامة عزاء..
وظلت "أمينة" تعيش على تلك الذكريات الجميلة، ذكريات الحب والوفاء والجهاد والإخلاص.
وكتبت في شعرها: متساءلة بلوعة بعد فراقه:

هل ترانا نلتقـي أم أنهـا *** كانت اللقيا على أرض السراب؟!
ثم ولَّت وتلاشـى ظلُّهـا *** واستحالت ذكـرياتٍ للعذاب
هكذا يسـأل قلبي كلمــا *** طالت الأيام من بعد الغياب
فإذا طيفك يرنـو باــمًا *** وكأني في استماع للجـواب
أولم نمضِ على الدرب معًا *** كي يعود الخـير للأرض اليباب
فمضينا في طريق شائـك *** نتخلى فيه عن كل الرغـاب
ودفنَّا الشوق في أعماقنا *** ومضينا في رضــاء واحتساب
قد تعاهدنا على السير معـًا *** ثم عاجلت مُجيبًا للذهـاب
حيـن ناداك ربٌّ منع،مٌ *** لحيـاة في جنـان ورحـاب
ولقاء في نعيم دائم *** بجنود الله مرحى بالصحـــاب
قدَّموا الأرواح والعمر فدا *** مستجيبين على غـير ارتياب
فليعُد قلبك من غفلاته *** فلقاء الخلد في تلك الرحــاب
أيها الراحل عذرًا في شكاتي *** فإلى طيفك أنَّات عتـاب
قد تركت القلب يدمي مثقلاً *** تائهًا في الليل في عمق الضباب
وإذ أطوي وحيدًا حائرًا *** أقطع الدرب طويلاً في اكتئـاب
فإذ الليل خضـمٌّ موحِشٌ *** تتلاقى فيه أمواج العـذاب
لم يعُد يبــق في ليلي سنًا *** قد توارت كل أنوار الشهاب
غير أني سوف أمضي مثلما *** كنت تلقاني في وجه الصعاب
سوف يمضي الرأس مرفوعًا فلا *** يرتضي ضعفًا بقول أو جواب
سوف تحذوني دماء عابقات *** قد أنارت كل فجٍ للذهـاب

قصة زواج كمال من أمينة مع بعض الابيات ينشدها سعد الغامدي
http://temawy.wordpress.com/2012/05/...5%D9%8A%D8%A9/

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:37
فانوس رمضان
أيتم فانوسي؟‍ أحلى فانوس رمضان لمن أقولها؟‍ أشعر أن رمضان الماضي أفضل من الحالي، والذي قبله وقبل قبله أفضل مما سيأتي، أين رمضان ورمضان زمان؟‍
أغلقت باب حجرتي خلفي ثم جلست متربِّعة على الأرض، وفتحت ما أحمل من أكياس وعلب ثمينة، لم تسألني أمي كعادتها إذا تأخَّرت ساعة، ولم يسألني أحد من إخوتي عما أحمل داخل هذه الأكياس، حتى أبي تشاغَلَ عني بالتلاوة في المصحف الشريف بصوته الخاشع بكامل التسليم بقضاء الله، وكأنه لم يهتم بعودتي المتأخرة من عملي في هذا اليوم من أيام رمضان رغم أني لَمَحت عينيه تختلِسان النظر إلى ساعة الحائط لحظة أن فتح لي أحد إخوتي باب الشقة ثم انفراج قسمات وجهه، وكأنه يَحمَد الله في سرِّه وتمتماته بالدعاء بالهداية وراحة البال عندما ألقيت عليه التحية وتركته لأدخل حجرتي، أيتجاهلني الجميع ويتشاغل عني؟‍‍!‍ أم أنهم قد سلَّموا بأني مشكلة مستعصية تبحث عن السعادة في ماضٍ ولَّى ولن يعود؟!

العيد صِرت لا أشعر به، ولا أفرح رغم أني أحرص على شراء ملابس جديدة بسيطة، اضطر -طبعًا - أن أبتعد عن القصات المَرِحة والألوان المُبهِجة الزاهية؛ حتى لا يقولوا: فلاحة ساذجة خارجة من كتاب تاريخ، أصحابي وأسرتي لا يحبون الخروج في الأعياد للتمشية والتنزُّه؛ بحجة الزِّحام الشديد، وأين سنذهب مع صعوبة المواصلات؟ أأنت طفلة تريدين اللعب مثل الأطفال؟.. و ..و.. أخواتي وأمي يَرين في الكنافة وقمر الدين والمكسرات أنها ضد الرجيم كما أن الأسعار نار، كعك العيد المنزلي (دقَّة) قديمة، و(غَلَبة على الفاضي)، والجاهز يملأ السوق.

حتى التليفزيون وكأنه قد تحالف مع الجميع ضدي، فنادرًا ما نسمع ونرى الأغاني والتواشيح الدينية ذات العَبَق والمشاعر الموحية، أين الأذان وقرآن ما قبل المغرب بصوت الشيخ محمد رفعت ومشاهير المشايخ الذين ارتبطوا معنا بشهر رمضان؟‍‍‍ وأين؟ وأين؟!

أما الأطفال، فقد نسوا طفولتهم، ولم يعودوا يلعبون بالفوانيس في ليالي رمضان، ويفضلون مشاهدة مسلسلات التليفزيون وبرامجه متكررة الأبطال، التي تذاع خصيصى في رمضان، متناسيةً حرمة هذا الشهر الكريم، وكأنه شهر الفوازير والرقصات والاستعراضات والموضة، وكأن تعرية البطن وغيرها قمة الاحتشام.

وجدت نفسي تضيق، ولا جديد ولا قديم يُرضيني رصصتُ فوانيسي على الأرض وحولي في كل مكان، أخرجت لعبي وعرائسي من الدولاب وتحت السرير، أدرت أزرار حركتهم وأشعلت الشموع في فوانيسي القديمة، أطفأت الأنوار.

تلوَّنت الحجرة بألوان حمراء وصفراء وخضراء بجميع درجاتها، تناغمتْ وتناشزت جميع الأصوات والحركات.

هذا فانوس يغني ويرقص (ماكارينا ماكارينا)، وثانٍ يؤذِّن، وثالث كبير وسط فوانيس صغيرة يغني (وحوي يا وحوي)، وتردِّد خلفه (ياللا الغفار)، وهذه عروستي (دبدوبة التخينة تنط وتقفز) وهذه.. وهذه.. وهذه.. صنع الصين وسنغافورة وتايوان، وكل خمس دقائق يدخل عليَّ أحد أفراد أسرتي.. هذه أمي: أتحتاجين شيئًا يا ابنتي؟! وإخوتي: ألا تكُفِّين عن هذه الضجة والضوضاء؟! نريد أن نسمع المسلسل! إنها الحالة التي تأتيها مؤخرًا كل رمضان.

ستأخذ وقتها وتنتهي.. أبي: ألا تخرجين قليلاً لزيارة صديقاتك؟ أو يأتين هن لزيارتك؟! و.. و.. قفزتُ من مكاني وأنا أتعثَّر في فوانيسي ولعبي.. وجدتها.. وجدتها.. أجريتُ بعض المكالمات التليفونية لصديقاتي.

أريدكن بعد الإفطار لشيء هام، وضعت السماعة قبل أن تستفسر مني إحداهن عن السبب، أو أن أسمع من أيهن التفسير.

وضعتُ لعبي وفوانيسي جميعًا في أكياس وعلب وصناديق، لم أنسَ (إمساكيات رمضان) الورقية الملونة، ولا زينة رمضان التي أحسن صنعها، دخلت المطبخ وصنعت كنافة وقطائف وخوشاف بمساعدة أمي وأخواتي، فقد اعتقدن أنني أفقت مبكرًا من تلك الحالة التي تنتابني في رمضان، وأنني سأستقبل صديقاتي في البيت هذا اليوم .. تركتهن يعتقدن ما يردن وأنا أطير من الفرح بسرِّي اللذيذ.

استقبلت صديقاتي وحملت كلاًّ منهن أكياسي وصناديقي وما معي من الحلوى وكل شيء .. أوقفت تاكسيًّا، ولم أدع لأي منهن فرصة للاستفسار.

مجنونة أنت؟! متى ستعقلين؟!


لقد عقلت، اليوم فقط أنا أكبر عاقلة بينكن.

نظرت كل منهن للأخرى..

لن نحتمل جنونك اليوم يا رشا.

سيفوتنا موعد المسلسل..

لقد تذكَّرت موعدًا، سأتصل بك، أراك غدًا أو بعد غد..

اثنتان فقط مَن تحملتا جنوني كما قالتا ووافقتا على اصطحابي؛ أملاً في قضاء سهرة لطيفة أو إرضاءً لي..

أوقفت تاكسيًّا حمل السائق كل الأشياء متضررًا ثم التفت إليَّ:
إلى أين يا آنسة؟

دار أهالينا للأيتام إن شاء الله.

شعرت باستبشاره وهو يقول: كله بثوابه إن شاء الله، أنا تحت أمرك لو أردتِ شراء أي شيء في الطريق، والله الأطفال أحباب الله، فما بالكن إن كانوا أيتامًا؟! آه لو نُطعِمهم ونسقيهم بدلاً من إطعام البالوعات وسلال القمامة بما يَزيد ويفيض، لأسعدناهم وبارَك الله لنا.

كنت فَرِحة جدًّا بدردشة السائق معنا ومرتبكة؛ لأنني سأدخل مكانًا مِثل هذا - ملجأ الأيتام - لأول مرة، وبطرف عيني لمحت القلق الذي أصاب صديقتي، وقد أمَّلتا أن تَمضيا وقتًا لطيفًا لا همَّ فيه ولا غمَّ، ولا أمل في تراجعهما الآن!

طرقنا الباب، فُتِح لنا، الجو هادئ لا ضوضاء فيه، هالني العدد الكبير للأطفال المكتوب على إحدى اللافتات، وأنا أرى السكونَ حولي في كل مكان، فطفل واحد في أي بيت كفيل بنشر الصياح حوله حتى الجيران، صعِدنا السُّلم، الأدوار متشابهة، دخلنا إلى ممر ضيق ينتهي بحجرة المديرة المسؤولة، تسلَّمت ما معنا وأعطتنا إيصالاً.

ضاق صدري، ما لهذا جئتُ! نظرت إلى صديقتي، وقد وقفتا استعدادًا للانصراف، وكأن مهمتهما قد انتهت، طلبت رؤية الأطفال، وافقت المسؤولة وأشارت إلى إحدى المشرفات لتوصلنا وهي تُخبِرنا بأن كل ما يَصِل إلى الدار من هدايا وأموال للأطفال يَصِل للأطفال، ولكن يمكننا توزيع هذه الهدايا عليهم إذا كان لدينا متَّسَع من الوقت، فسارعت صديقتاي:
لا داعي ما دام أن الهدايا ستَصِل إليهم.

نعم؛ فليس لدينا أي وقت.

وجذبتاني من يدي وهما تخشيان المناظر التراجيدية المُحزِنة وتأثيرها علينا جميعًا.

سمعنا صوتًا رقيقًا وكأنه ينادي أحدًا (بس.. بس.. ماما .. ماما) التفتنا.. وجدنا ثلاث بنات صغيرات تتوارين خلف الباب تمدَّدن بأعناقهن، إحداهن سمراء خمرية اللون نصف شعرها منكوش والنصف الآخر ملموم بشريط على هيئة ذيل حصان قصير، عيناها كلها (شقاوة) وبراءة، جذبتني من يدي وطوقتني بذراعيها الصغيرتين، وهي تُقبِّلني في أقصى موضع يَصِل رأسها الصغير إليه من جسمي وهي تَشِب على أطراف أصابعها.

ماما .. ماما.. تعالي لتري حجرتنا.. ستعجبك كثيرًا، أنت حلوة جدًّا يا ماما.. اقعدي - بالله عليك معنا قليلاً، أنا أحبك جدًّا يا ماما.

وسط ذهولي وفرحتي ووقع كلمة ماما على أذني وفي قلبي لم أنتبه إلى أن ما حدث معي حدث مع صديقتي..

ما أن وقفنا بالباب حتى سمعنا أكبر وأحلى (هيه.. هييه) في الدنيا، وجرت الصغيرات إلينا مرحِّبات وقد فرشن قلوبهن من أجلنا بساطًا وفراشًا.

لحظة واحدة، تكهرب الجو، بإشارة من يد المُشرِفة - التي جاءت إثر ارتفاع صوتهن - بالتزام الهدوء حتى لا يُزعِجن الضيوفَ، وأيَّدتها في ذلك (الأم البديلة كما يُطلِقون عليها)، معتذرة بأنها تتعب معهن حتى يَلتزِمن الهدوء والأدب، فانكمشتْ كل منهن في ركنها بخضوع.

سارعنا جميعًا: لا لا.. هن أحلى بنات في الدنيا.. نحن نريد أن نظل معهن على راحتنا، فتركتانا وهما تُحذِّران البنات من الشقاوة وعدم الالتزام، وإلا!

فتحنا الأكياس والصناديق وسط فرحة الصغيرات وكأننا فتحنا كنزًا، ووزعنا ما بها عليهن.. أكلنا الحلوى وشربنا العصائر، لعبنا بالفوانيس والعرائس، تفجَّرَت الأمومة والطفولة كلتاهما بداخلي، صرت طفلةَ أمٍّ وأمَّ طفلةٍ، أنا التي نسيت من أنا؟! مجرد آلة تعمل وتدرس بقلب شغلته الحياة عن معنى الحياة.. غنينا كل أغاني رمضان الجميلة، صنعنا من البالونات والعلب طبلة المسحراتي..

لعبت ورقصت مع البنات بناتي أنا، وكأنني حملت فيهن جميعًا عمري كله وولدتهن الآن فقط، بل أنا التي وُلدت الآن! الفرحة في عيون الصغيرات البراءة (الشقاوة)، المواهب الكامنة فيهن.. مشاعرهن المتدفقة، ظمَؤهن للحب والحنان، رقتهن المتناهية، أصواتهن الناعمة، حرمانهن القاتل من (لمسة، همسة، قُبْلة، حضن دافئ، ابتسامة حب لا شفقة، تدليل لا يَتبعه زجر، ربتة كَتِف، نفَس حار يبث حنانًا.. حبًّا .. رضًا.. هدوءًا.. سكينة، يبث الحياة)!

ماما أنا أحبك جدًّا.. ماما لا تتركيني.. ماما ارجعي لنا بسرعة، ماما هل ستأتين ثانيةً؟ ماما هل تحبينني؟ ماما هل أنا حلوة؟ أرأيتِ عروستي؟ فستاني؟ فانوسي؟ فانوس رمضان؟!.. من قالها لي؟ مَن لم يقلها؟

أنا ماما، أنا أم، أنا إنسان، لا أنا قلب يَنبض ويُحِس ويحب، أنا الحياة.

لم أتركهن، تركت قلبي لديهن.. قلوبنا جميعًا لديهن، خرجنا وفي يدي صديقتاي (أمينة) و(حياة)، وفي يدي وفي قلبي (أمل) أتدرون؟! ابنتي أمل التي أَكفُلها.. التي فتحت قلبي وعقلي للحياة، فتحت لي أبواب الرزق والسعادة؛ فقد وجدت نفسي المطمئنة السعيدة الراضية، وقد صار لي زوج وأبناء، وأكبرهم (أمل)؛ فقد أحبني حبيبي بعد أن أحبها ككل مَن رآها.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Literature_***...#ixzz2at2ZqaWq

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:48
في كتاب: ( ذكريات علي الطنطاوي ) :
( ابنتي بنان رحمها الله, وهذه أول مرة أذكر فيها اسمها, أذكره والدّمع يملأ عيني, والخفقان يعصف بقلبي, أذكره أول مرة بلساني و ما غاب عن ذهني لحظة، و لا صورتها عن جناني.
أفتُنْكرون عليّ أن أجد في كل مأتم مأتمها! وفي كل خبر وفاة وفاتها ؟
وإذا كان كل شَجِىٌ يُثير شجاه لأخيه، أفلا يثير شجاي لبنْتي ؟
ما صدَّقتُ إلى الآن وقد مرَّ على استشهادها أربع سنوات ونصف السنة – الآن يقصد عام 1404 هـ - وأنا لا أصدِّق بعقلي الباطن أنها ماتت!
إنني أغفل أحيانا فأظن إنْ رنَّ جرس الهاتف، أنها ستُعْلِمُني على عادتها بأنها بخير؛ لأطمئن عليها.
ولَسْنا على الأَعقابِ تَدْمَى كُلُومُنا * * * ولكن على أَعقابنا يَقْطُرُ الدَّمُ
إني لأتصوّر الآن حياتها كلها مرحلة مرحلة, و يوما يوما، تمر أمامي متعاقبة كأنها شريط أراه بعيني.

[ولقد]كتبَ – يعني علي الطنطاوي - في الحلقة« 199»( من ذكرياته)
بعد سنوات من استشهاد ابنته، بمناسبة يوم عيدٍ [فقال]:
« أنا أكتب هذه الحلقة يوم العيد. ما على ألسنة الناس إلا التهنئات فيها الأمل الحلو، وما في قلبي إلا ذكرياتٌ فيها الألم الـمُرّ.. فأنَّىَ لي الآن، وهذا يومُ عيد، أنْ أقوم بهذا الذي كنتُ أراه واجباً عليّ ؟
كيف أصِل ُإلى القبريْن الذَّيْن ضمّا أحبَّ اثنين إليّ : أمّي وأبي، وبيني وبينهما ما بين مكّة والشّام!
وكيف أصل إلى القبر الثاوي في مدينة (آخن) في ألمانيا، في مقبرة لا أعرف اسمها ولا مكانها ؟؟
ما كان يخطر في بالي يوماً أن يكْزِنَ في قائمة مَنْ أزور أجداثَهم: بِنْتي!!
ويا ليتني استطعتُ أن أفديَها بنفسي، وأن أكون أنا المقتولَ دونها؟
وهل في الدّنيا أبٌ لا يفتدي بنفسه بِنْتَه ؟ إذن لـمُتُّ مرّة واحدة ثم لم أذُق بعدها الموت أبداً !
بينما أنا أموت الآن كل يوم مرّة أو مرّتين، أموت كلّما خطرَتْ ذكراها على قلبي! »

ثم قال عصام العطار عن الشيخ الطنطاوي : ( وفي أيّامه الأخيرة، وهو في غرفة العناية المركّزة بين الحضور والغياب، كان يُحِسّ مَن يحفُّون بسريره من بناته وأصهاره وخُلَّصِ إخوانه، أنه يفتقد بينهم شخصًا لا يراه ؟ ويُرمز إليهم رمزًا واضحاً إلى بنان، ولا يُسعِفُه اللسان، وارتفعت يدُه لتعانق حفيده «أيمن» ابن بِنْتَه الشهيدة - وقد حضر إليه من ألمانيا - عندما رآه.
ثمّ سقطت اليد الواهنة على السرير، وافْترَّتْ شفتاه عن ابتسامة حزينة سعيدةٍ حلوةٍ، امتزج فيها الحزن والسرور والشكوى، ونطقت عيناه وأسارير وجهه بما لا يُوصف من الحنان والشكر والأسى، مما لا يعبّر عنه – كما قالوا – قلمٌ ولا لغةٌ ولا كلام ... ) .

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:50
عندما يخضع الطب لذات النقاب!!!

دخلت مكتبي في الصباح الباكر ، وإذ ببطاقة بهية المظهر ظريفة الإخراج وضعت على سطح المكتب ، وبعد فتحها علمت أنها دعوة رسمية لحضور افتتاح (المؤتمر العالمي الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة ) ، وكم كنت أتمنى أن لا يفوتني حضور الإفتتاح غير أن ظروف عملي لم تسمح لي بذلك ، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله .

وفي المساء توجهت للقاعة الماسية في فندق الشيراتون في العاصمة الكويتية حيث يعقد المؤتمر هناك ، وخلال مسيري للقاعة كانت عيناي تلمح في أروقة الفندق بعض قادة العمل الإسلامي وبعض الأدباء والمفكرين والذين كم كنت أتمنى السلام عليهم وتبادل أطراف الحديث معهم لولا تأخري عن المحاضرة المنتظرة ، وبعد دخولي للقاعة فإذا بعريف الجلسة قد بدأ بتقديم المحاضرين .

فإذا به يقدم طبيبتين سعوديتين قد لبستا لباسا فضفاضا وقد غطت كل واحدة منهما وجهها بالنقاب لدرجة كاد النقاب أن يغطي عينيهما ، وبكل صراحة كان مثولهما أمام الجمهور بهذه الصفة أثار الدهشة ، فلقد رأينا كثير ممن ينتسبن للعمل الإسلامي في الندوات والمحاضرات والمؤتمرات بل وفي اللقاءات التلفزيونية أيضا ولكن كاشفات الوجه آخذات ببعض الأقوال المعتبرة من أقوال فقهائنا ، أما بروز النقاب بهيبته وبضوابطه الشرعية في مؤتمر عالمي كهذا كان له أثر عظيم ، و مما تبادر لذهني عند رؤيتهما تساؤل مفاده ما الذي سيقدمانه هاتين الطبيبتين للحضور ، وكم من متربص ومتربصة بهذا النقاب من الصحفيين الذين كانوا يحتلون مساحة لا بأس بها في القاعة ، بل ومن الغربيين الذين قد وضعوا السماعات على آذانهم لسماع الترجمة المباشرة لهما ، ولا أخفيكم سرا أني كنت أخشى اخفاقهن في العرض خوفا من فرح خصوم المرأة المتدينة (والمنقبة ) على وجه الخصوص .

بدأت المحاضرة وكلي آذان صاغية لما سيقولانه، قامت الأولى وبدأت بعرض ما لديها .

تقدمت بكل هدوء نحو اللاقط وجهاز العرض وبدأت بالسلام ثم قالت إنني لن أذكر اسم الدواء الذي اكتشفته مع مجموعتي الطبية إلا بعد أن أشرح لكم مفعوله الطبي ومن ثم يحق لكم أن تحكموا على هذا العلاج .

بمعنى أنها ستخالف كل من سبقها من الأطباء والذين ذكروا مصادر علاجهم ، وكان هذا الموقف كفيل في إثارة الفضول لدى الحضور في معرفة الدواء ، وللعلم أنها تكتمت على مصدر العلاج خلال نشر نتائج البحث في العام المنصرم وقد نشرت عدة مواقع إخبارية عالمية كــ Cnn نتيجة البحث من غير ذكر مصدره الطبيعي .

فأخذت الدكتورة بعرض الشرائح والصور الحية التي قامت بها على بعض فئران التجارب ، حيث حقنتها بخلايا مصابة بسرطان الرئة .

ثم قامت بعلاج هذه الفئران بالعلاج المُخْتَبَر ، ولقد رأينا العجب ، وذهل كل الحضور من النتائج ، حيث عرضت ستة عيون أو أنابيب إختبار للخلايا المريضة والتي رأينا كيف يضمحل المرض مع طول فترة العلاج إلى أن اختفت الخلايا المريضة تماما .

وقالت إننا سلكنا في بحثنا هذا الطريقة الغربـية في البحث ، حيث أن الأصل عدم صحة الدواء إلى أن يثبت عكس ذلك من خلال المختبر ، لا أننا مكذبين للإعجاز العلمي في ديننا ، لكن اقناعا لأمم الأرض والتي يدين أغلبها بغير الإسلام .

وقالت إنه وبعد ظهور هذه النتائج والتي استهلكت وقتا ليس بالقصير والذي بلغ أربع سنوات - حتى أننا في ذروة البحث واصلنا في بعض الليالي الليل بالنهار - خشينا أن يكون لإيماننا بالنصوص الشرعية أثّر في مجريات البحث ، فأخذنا عينات من العلاج المكتشف بالإضافة لخلايا مريضة وبعثنا بها لجهة محايدة ولم نخبرهم بنوعية المادة المعالجة ، وبعد ظهور النتائج والتي طابقت تماما ما وصلنا إليه حُقّ لنا أن نفاجئ العالم بهذه الحقيقة العظيمة ، والمعجزة النبوية والتي جاءت من غير مختبر وميكروسكوب ، بل جاءت بالوحي الرباني وأن نكشف عن أصل مادة الدواء وهي مأخوذة مما ورد في صحيح البخاري :

(أن رهطا من عكل ، ثمانية ، قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فاجتووا المدينة – أي مرضوا -، فقالوا : يا رسول الله ابغنا رسلا ، قال : ( ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود فانطلقوا فشربوا من أبوالها وألبانها ، حتى صحوا وسمنوا ) .

فقالت الدواء المكتشف هو من ( بول الإبل )

فاعترت الدهشة الكثير ، فواصلت قائلة أن للحديث بقية ، أرجو ممن تسرب لقلبه شك من جدوى هذا العلاج ، ولا يرضى إلا أن يكون علاجا مستخدما عالميا ، فرجائي أن يبحث بالإنترنت عن العلاج بالبول وستجدون أن كثير من المصحات الأوربية والأمريكية وكذلك الهندية قد أخذ العلاج بالبول حيزا في صيدلياتهم ، ولكن للأسف أن الذي يتعالجون به هو بول الإنسان ، ولكننا هنا نعالج ببول الإبل ونحن واثقون مما نقول بالنص النبوي وكذلك بأنبوبة الاختبار .
وأردفت قائلة :

ونتيجة هذا البحث دليل آخر نضيفه في صفحة كفاحنا دون شخص نبينا صلى الله عليه وسلم ويثبت بأن دفاعنا عنه ليس عاطفة مجردة من دعائم واقعية أومن دوافع حقيقية تحتم علينا ذلك .

وختمت قائلة : و نقول لكل من تسول نفسه بالمساس بشخص نبينا صلى الله عليه وسلم والذي جاءنا بما يشفي أرواحنا وأسقامنا أننا سنبذل دونه أرواحنا وأموالنا وكل ما نملك .

وكانت هذه الكلمات كفيلة بأن تلهب مشاعر الحاضرين فعجت القاعة بالتصفيق الحار من جميع الحضور مع صيحات التكبير ، وهي شامخة بنقابها ثابتة واثقة من نفسها أمام الجموع ،وقد اقشعر بدني من هيبة الموقف .

يعلم الله كم احترمت هذه المرأة وكم كَبُرت في عيني بل وفي ظني أنها شمخت واعتلت وتبوأت مكانا عاليا في ميدان البحث العلمي فلله در الدكتورة فاتن خورشيد (رئيسة وحدة زراعة الخلايا والأنسجة بمركز الملك فهد)وزميلتها الدكتورة صباح المشرف والتي قاسمتها شرح الموضوع

وفاء الياسمين
2015-06-08, 07:51
وضعتهم مرة واحدة ليبقى سهل تصفح حكاياته

وفاء الياسمين
2015-06-14, 10:30
رقائق لم تعد تبكي أحد ماتت القلوب

yuuke-chan
2015-06-16, 18:25
يالها من رقائق جميلة لمست قلبي و احساسي و ابكتني

بارك الله فيك

وفاء الياسمين
2015-06-17, 15:59
يالها من رقائق جميلة لمست قلبي و احساسي و ابكتني

بارك الله فيك

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
موضوع في القمـة مـا شاء الله ، سأحاول متابعة الجزء الأول

ننتظر منك كل ما هو مفيد
وفقك الله و سدد خطاك السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
موضوع في القمـة مـا شاء الله

ننتظر منك كل ما هو مفيد
وفقك الله و سدد خطاك

بارك الله فيكما جزاكما الله كل خير

ساحرة قلوب البشر 2
2015-06-17, 20:24
بآرك الله فيك

وفاء الياسمين
2015-06-18, 08:04
بآرك الله فيك
وفيكِ بارك الله

amarameur
2015-06-18, 08:14
مبارك الشهر الكريم , رمضان كريم كل عام وأنتم بألف خير

وفاء الياسمين
2015-06-18, 09:47
شكرا بارك الله فيكم

hamza islam
2015-06-19, 20:07
كلام طويل جدا لم أستطع القراءة

وفاء الياسمين
2015-06-19, 22:59
كلام طويل جدا لم أستطع القراءة
هو في الاصل موجه للذين يحبون المطالعة و الكلام الطويل .... وفقك الله

~ دروب الخير ~
2015-06-19, 23:47
قرأت قصتين ...سأعود لقرااءة البقية
بوركت

وفاء الياسمين
2015-06-20, 00:21
قرأت قصتين ...سأعود لقرااءة البقية
بوركت

بارك الله فيكِ ... أهلا بكِ نوَّرتي الصفحة....

وفاء الياسمين
2015-08-23, 23:04
..................... للرفع