المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موضوع مميز ¨°o.O(«☼«متى آخر مرة تمعر فيها وجهك لله..»☼»)O.o°¨


سائلة عفو ربها
2015-06-06, 00:31
بحث جيد ونفيس وملم للنووي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال رحمه الله تعالى : وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (فليغيره) فهو أمر إيجاب
بإجماع الأمة , وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ,
الكتاب والسنة وإجماع الأمة , وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين , ولم
يخالف في ذلك إلا بعض الرافضة ولا يعتد بخلافهم , كما قال الإمام أبو المعالى
إمام الحرمين : لا يكترث بخلافهم في هذا , فقد أجمع المسلمون عليه قبل أن
ينبغ هؤلاء ,ووجوبه بالشرع لا بالعقل خلافا للمعتزلة , وأما قول الله عزوجل (
يأيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )
فليس مخالفا لما ذكرناه لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية :
أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم , مثل قوله تعالى ( ولا تزر
وازرة وزر أخرى ) , وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر , فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل , لكونه
أدى ما عليه فإنما عليه الأمر والنهي لا القبول , والله أعلم.
ثم إن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط
الحرج عن الباقين , وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف , ثم
إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو , أو لا يتمكن من إزالته إلا
هو , وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف , قال
العلماء رضي الله عنهم : ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر , لكونه لا يفيد في ظنه بل يجب عليه فعله , فإن الذكرى تنفع المؤمنين .
وقد قدمنا أن الذى عليه الأمر والنهي لا القبول , وكما قال الله تعالى ( ما على
الرسول إلا البلاغ ) , ومثل العلماء هذا بمن يرى إنسانا في الحمام أو غيره
مكشوف بعض العورة ونحو ذلك , والله أعلم .
قال العلماء : ولا يشترط في اللآمر والناهي أن يكون كامل الحال ممتثلا ما يأمر
به متلبسا بما ينهى عنه , بل عليه الأمر وإن كان مخلا بما يأمر به , والنهي وإن
كان متلبسا بما ينهى عنه , فإنه يجب عليه شيئان : أن يأمر نفسه وينهاها ,
ويأمر غيره وينهاه , فإذا أخل بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر ؟
قال العلماء ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الولايات بل
ذلك جائز لآحاد المسلمين .
قال إمام الحرمين : والدليل عليه إجماع المسلمين , فإن غير الولاة في الصدر
الأول والعصر الذى يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف, وينهون عن المنكر , مع
تقرير المسلمين إياهم , وترك توبيخهم على التشاغل بالأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر من غير ولاية , والله أعلم
ثم إنه إنما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه , وذلك يختلف
باختلاف الشيء , فإن كان من الواجبات الظاهرة , والمحرمات المشهورة
كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوهما , فكل المسلمين علماء بها , وإن كان
من دقائق الأفعال والأقوال , ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخلا فيه , ولا
لهم إنكاره , بل ذلك للعلماء
ثم العلماء إنما ينكرون ما أجمع عليه , أما المختلف فيه فلا إنكار فيه , لأن على
أحد المذهبين كل مجتهد مصيب , وهذا هو المختار عند كثيرين من المحققين
أو أكثرهم. وعلى المذهب الآخر المصيب واحد والمخطىء غير متعين لنا ,
والإثم مرفوع عنه , لكن إن ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف فهو
حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق , فإن العلماء متفقون على الحث على
الخروج من الخلاف إذا لم يلزم منه إخلال بسنة أو وقوع فى خلاف آخر.
وذكر أقضى القضاة أبو الحسن المارودي البصري الشافعي في كتابه (الأحكام
السلطانية) خلافا بين العلماء : في أن من قلده السلطان الحسبة , هل له أن
يحمل الناس على مذهبه فيما اختلف فيه الفقهاء , إذا كان المحتسب من أهل
الاجتهاد , أم يغير ما كان على مذهب غيره ؟ والأصح أنه لا يغير لما ذكرناه.
ولم يزل الخلاف في الفروع بين الصحابة والتابعين فمن بعدهم رضي الله عنهم
أجمعين .ولا ينكر محتسب ولا غيره على غيره .
وكذلك قالوا : ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف
نصا أو إجماعا أو قياسا جليا . والله أعلم
وعلم أن هذا الباب أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضيع أكثره
من أزمان متطاولة , ولم يبق منه فى هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدا.
وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه .وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح.
وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه (فليحذر الذين
يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )
فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا
الباب , فإن نفعه عظيم, لا سيما وقد ذهب معظمه , ويخلص نيته , ولا يهابن من
ينكر عليه لارتفاع مرتبته , فإن الله تعالى قال ( ولينصرن الله من ينصره ) وقال
تعالى ( ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) وقال تعالى ( والذين
جهدوا فينا لنهديهم سبلنا ), وقال تعالى ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا
ءامنا وهم لا يفتنون (2) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا
وليعلمن الكذبين ) , واعلم أن الأجر على قدر النصب , ولا يتاركه أيضا لصداقته
ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه , فإن صداقته ومودته
توجب له حرمة وحقا , ومن حقه أن ينصحه ويهديه ‘إلى مصالح آخرته , وينقذه
من مضارها. وصديق الانسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته وإن أدى
ذلك إلى نقص في دنياه وعدوه من يسعى في ذهاب أونقص آخرته وإن حصل
بسبب ذلك صورة نفع في دنياه . وإنما كان إبليس عدوا لنا لهذا , وكانت الأنبياء
صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح
آخرتهم , وهدايتهم إليها , ونسأل الله الكريم توفيقنا وأحبابنا وسائر المسلمين
لمرضاته, , وأن يعلمنا بجوده ورحمته , والله أعلم .
وينبغي لآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يرفق ليكون أقرب إلى تحصيل
المطلوب , فقد قال الشافعي رضي الله عنه من وعظ أخاه سرا فقد نصحه
وزانه , ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه . ومما يتساهل أكثر الناس فيه من
هذا الباب , ما إذا رأى إنسانا يبيع متاعا معيبا أو نحوه , فإنهم لا ينكرون ذلك,
ولا يعرفون المشتري بعيبه , وهذاخطأ ظاهر . وقد نص العلماء على أنه يجب
على من علم ذلك أن ينكر على البائع , وأن يعلم المشتري به , والله أعلم.
وأما صفة النهي ومراتبه , فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا
الحديث الصحيح ( فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه , فإن لم يستطع
فبقلبه ) فقوله صلى الله عليه وسلم (فبقلبه ) معناه فبكرهه بقلبه , وليس
ذلك بإزالة وتغيير منه للمنكر , ولكنه هو الذي في وسعه . وقوله صلى الله عليه
وسلم ( وذلك أضعف الإيمان) معناه - والله أعلم - أقله ثمرة .(النووي على
مسلم 2\22) ,( وانظر جامع العلوم والحكم لابن رجب في شرح حديث (من رأى
منكم منكرا فليغيره بيده...) , ( وانظر أضواء البيان للشيخ محمد الأمين
الشنقيطي عند قوله تعالى (يأيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل
إذا اهتديتم)
وما ذكره من أن كل مجتهد مصيب وأنه المختار عند كثيرين من المحققين غير
مسلم , لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته( إذا حكم
الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران , وإذا حكم واجتهد وأخطأ فله أجر واحد ) فإن
الحديث واضح في تقسيم المجتهدين إلى مصيب و مخطىء والحديث يدل على
أن كل مجتهد مصيب أجر مع التفاوت في الأجر , وأنه ليس كل مجتهد مصيباحقا.
من كتاب الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى

لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن العباد البدر حفظه الله

salahtibaoui
2015-06-06, 01:40
شكرا لك
على معلومة

سائلة عفو ربها
2015-06-06, 15:44
شكرا لك
على معلومة

العفو......

تاييد
2015-06-06, 20:13
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
وكثر من امثالك

أبو همام الجزائري
2015-06-06, 20:31
نسأل الله أن يغفر لنا تقصيرنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


بقي أن تضغطي على هذا الحرف http://www.djelfa.info/vb/images/editor/bold.gif
ليكون الخط عريض
وجزاكم الله خيرا على الموضوع الذي زلت فيه أقدام كثير من الناس وضيعوه والله المستعان

oum salim
2015-06-06, 21:00
جزاك الله خيرا
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم أعدنا إلى رحابك، وخذ بنواصينا إلى طاعتك ورضوانك.
اللهم أيقظ قلوبنا من الغفلات، وطهر جوارحنا من المعاصي والسيئات، ونق سرائرنا من الشرور والبليات.

سائلة عفو ربها
2015-06-06, 22:41
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
وكثر من امثالك

آآآمين... وجزاك الرحمان مثله..

سائلة عفو ربها
2015-06-07, 11:27
نسأل الله أن يغفر لنا تقصيرنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر



وجزاكم الله خيرا على الموضوع الذي زلت فيه أقدام كثير من الناس وضيعوه والله المستعان




وجزاكم الله خيرا مثله

سائلة عفو ربها
2015-06-07, 19:22
جزاك الله خيرا
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم أعدنا إلى رحابك، وخذ بنواصينا إلى طاعتك ورضوانك.
اللهم أيقظ قلوبنا من الغفلات، وطهر جوارحنا من المعاصي والسيئات، ونق سرائرنا من الشرور والبليات.

وجزااك ربي مثله من الخير
آآآآمين لما دعوت...

بن ثابت03
2015-06-07, 22:36
بارك الله فيك

سائلة عفو ربها
2015-06-08, 13:54
بارك الله فيك

وفيكم بارك الله...

أبو همام الجزائري
2015-06-08, 22:12
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من حضر المنكر باختياره ولم ينكره فقد عصى الله ورسوله بترك ما أمره به من بغض المنكر وإنكاره والنهي عنه وإذا كان كذلك فهذا الذي يحضر مجالس الخمر باختياربه من غير ضرورة ولا ينكر المنكر كما أمر الله هو شريك الفساق في فسقهم فيلحق بهم.

أبو عبد الرحمن عمار
2015-06-08, 23:57
جزاك الله خيرا وبارك فيك
وكثر من امثالك فعلا بحث مختصر مفيد

وبشر الصابرين
2015-06-09, 09:06
جزاك الله خيرا

وبارك الله فيك

سائلة عفو ربها
2015-06-10, 17:45
جزاك الله خيرا وبارك فيك
وكثر من امثالك فعلا بحث مختصر مفيد


جزاك الله خيرا

سائلة عفو ربها
2015-06-13, 00:04
جزاك الله خيرا

وبارك الله فيك

واياك أختي....

سفير النوايا الحسنة
2015-06-13, 09:21
بارك الله فيك

pharmacia
2015-06-13, 10:32
صلى الله عليه وسلم

3molty
2015-06-13, 19:13
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
وكثر من امثالك

asmerdr
2015-06-14, 13:47
جزاك الله الف خير

سائلة عفو ربها
2015-06-15, 21:56
جزاكم الله خيرا

سائلة عفو ربها
2015-08-17, 22:50
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران:104].
قال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية: يقول تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
قال الضحاك: هم خاصة الصحابة، وخاصة الرواة يعني: المجاهدين والعلماء... والمقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجباً على كل فرد من الأمة بحسبه، كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" وفي رواية: "وليس وراء ذلك من الأيمان حبة خردل".
وقد روى الإمام أحمد من حديث حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده، ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم" .

سائلة عفو ربها
2015-08-17, 22:54
مقتطع من كلام طويل للشيخ ابن باز
أيها المسلمون: إن موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موضوع عظيم، جدير بالعناية؛ لأن في تحقيقه مصلحة الأمة ونجاتها، وفي إهماله الخطر العظيم والفساد الكبير، واختفاء الفضائل، وطهور الرذائل، وقد أوضح الله جل وعلا في كتابه العظيم منزلته في الإسلام، وبين سبحانه أن منزلته عظيمة، حتى إنه سبحانه في بعض الآيات قدمه على الإيمان، الذي هو أصل الدين وأساس الإسلام، كما في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[1] ولا نعلم السر في هذا التقديم، إلا عظم شأن هذا الواجب، وما يترتب عليه من المصالح العظيمة العامة، ولا سيما في هذا العصر، فإن حاجة المسلمين وضرورتهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شديدة؛ لظهور المعاصي، وانتشار الشرك والبدع في غالب المعمورة، وقد كان المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه وفي عهد السلف الصالح يعظمون هذا الواجب، ويقومون به خير قيام، فالضرورة إليه بعد ذلك أشد وأعظم، لكثرة الجهل وقلة العلم وغفلة الكثير من الناس عن هذا الواجب العظيم. وفي عصرنا هذا صار الأمر أشد، والخطر أعظم، لانتشار الشرور والفساد، وكثرة دعاة الباطل، وقلة دعاة الخير في غالب البلاد كما تقدم، ومن أجل هذا أمر الله سبحانه وتعالى به، ورغب فيه، وقدمه في آية آل عمران على الإيمان، وهي قوله سبحانه وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[2] الآية، يعني أمة محمد عليه الصلاة والسلام، فهي خير الأمم وأفضلها عند الله، كما في الحديث الصحيح، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل)) والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر موجود في الأمم السابقة، بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب. وأصل المعروف توحيد الله، والإخلاص له، وأصل المنكر الشرك بالله، وعبادة غيره. وجميع الرسل بعثوا يدعون الناس إلى توحيد الله، الذي هو أعظم المعروف، وينهون الناس عن الشرك بالله، الذي هو أعظم المنكر. ولما فرط بنوا إسرائيل في ذلك وأضاعوه، قال الله جل وعلا في حقهم: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}[3] ثم فسر هذا العصيان فقال سبحانه: {كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[4]، فجعل هذا من أكبر عصيانهم واعتدائهم، وجعله التفسير لهذه الآية: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ}[5]، وما ذلك إلا لعظم الخطر في ترك هذا الواجب، وأثنى الله جل وعلا على أمة منهم في ذلك فقال سبحانه في سورة آل عمران: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ}[6] هذه طائفة من أهل الكتاب لم يصبها ما أصاب الذين ضيعوه، فأثنى الله عليهم سبحانه وتعالى في ذلك، وفي آية أخرى من كتاب الله عز وجل في سورة التوبة قدم سبحانه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وما ذلك إلا لعظم شأنه.

سائلة عفو ربها
2015-08-17, 23:11
تابع...
وبين سبحانه أن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والمقيمين للصلاة والمؤتين للزكاة والمطيعين لله ولرسوله هم أهل الرحمة، فقال سبحانه وتعالى: {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ}[8]، فدل ذلك على أن الرحمة، إنما تنال بطاعة الله واتباع شريعته، ومن أخص ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تنال الرحمة بالأماني ولا بالأنساب؛ ككونه من قريش أو من بني هاشم أو من بني فلان، ولا بالوظائف؛ ككونه ملكا، أو رئيس جمهورية، أو وزيرا أو غير ذلك من الوظائف، ولا تنال أيضا بالأموال والتجارات، ولا بوجود كثرة المصانع، ولا بغير هذا من شئون الناس، وإنما تنال الرحمة بطاعة الله ورسوله، واتباع شريعته. ومن أعظم ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الله ورسوله في كل شيء، فهؤلاء هم أهل الرحمة، وهم الذين في الحقيقة يرجون رحمة الله، وهم الذين في الحقيقة يخافون الله ويعظمونه، فما أظلم من أضاع أمره وارتكب نهيه، وإن زعم أنه يخافه ويرجوه، وإنما الذي يعظم الله حقا، ويخافه ويرجوه حقا، من أقام أمره واتبع شريعته، وجاهد في سبيله، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، قال سبحانه في سورة البقرة: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ}[9] فجعلهم سبحانه راجين رحمة الله، لما آمنوا وجاهدوا وهاجروا لإيمانهم وهجرتهم وجهادهم، ما قال: إن الذين بنو القصور، أو الذين عظمت تجاراتهم، أو تنوعت أعمالهم، أو الذين ارتفعت أنسابهم هم الذين يرجون رحمة الله، بل قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[10]، فرجاء الرحمة وخوف العذاب، يكونان بطاعة الله ورسوله، ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفي آية أخرى حصر سبحانه الفلاح في الدعاة إلى الخير، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فقال عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[11]، فأبان سبحانه أن هؤلاء الذين هذه صفاتهم وهي: الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - هم المفلحون، والمعنى أنهم هم المفلحون على الكمال والتمام، وإن كان غيرهم من المؤمنين مفلحا، إذا تخلى عن بعض هذه الصفات لعذر شرعي، لكن المفلحون على الكمال والتمام هم هؤلاء الذين دعوا إلى الخير، وأمروا بالمعروف وبادروا إليه، ونهوا عن المنكر وابتعدوا عنه. أما الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لأغراض أخرى: كرياء وسمعة، أو حظ عاجل أو أسباب أخرى، أو يتخلفون عن فعل المعروف، ويرتكبون المنكر، فهؤلاء من أخبث الناس، ومن أسوئهم عاقبة. وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه - أي أمعاؤه - فيدور في النار كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع عليه أهل النار فيقولون: مالك يا فلان؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ قال فيقول لهم: بلى ولكني كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه)) هذه حال من خالف قوله فعله، - نعوذ بالله - تسعر به النار، ويفضح على رؤوس الأشهاد، يتفرج عليه أهل النار، ويتعجبون كيف يلقى في النار هذا ويدور في النار كما يدور الحمار بالرحى، وتندلق أقتاب بطنه، يسحبها، لماذا؟!. لأنه كان يأمر بالمعروف ولا يأتيه، وينهى عن المنكر ويأتيه، فعلم بذلك أن المقصود الأمر بالمعروف مع فعله، والنهي عن المنكر مع تركه. وهذا هو الواجب على كل مسلم، وهذا الواجب العظيم أوضح الله شأنه في كتابه الكريم، ورغب فيه، وحذر من تركه، ولعن من تركه.
فالواجب على أهل الإسلام أن يعظموه، وأن يبادروا إليه، وأن يلتزموا به طاعة لربهم عز وجل، وامتثالا لأمره، وحذرا من عقابه سبحانه وتعالى.

سائلة عفو ربها
2015-08-17, 23:16
أسأل الله العلي العظيم أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى
من خيري الدنيا والآخرة ويغفر لنا زلاتنا وإسرافنا في
أمرنا ويجعلنا ممن نتبع أمره ونأمر به ونجتنب نواهيه وننهى عنها ...

سائلة عفو ربها
2015-11-02, 12:09
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من حضر المنكر باختياره ولم ينكره فقد عصى الله ورسوله بترك ما أمره به من بغض المنكر وإنكاره والنهي عنه وإذا كان كذلك فهذا الذي يحضر مجالس الخمر باختياربه من غير ضرورة ولا ينكر المنكر كما أمر الله هو شريك الفساق في فسقهم فيلحق