مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة رائعة لاساتذتنا الكرام ...الشمقمقية....
ayache1212
2015-05-09, 19:34
نظرا لطول العام الدراسي و كذلك كثرة التدخلات كلها حول المرتب و الترقية و .......اردت ان اهدي الى الاساتذتنا الكرام
هذه القصيدة التي وجدتها صدفة حتى نبعث الهمة ونستعيد بعض الشيئ من تذوق حلاوة الشعر
ملاحظة هامة / من يجد تتمة هذه القصيدة رجاؤنا ان يضيفها في الردود و اجره على الله
قصيدة الشمقمقية لابن ونان
مَهْلاً على رِسْلِكَ حَادِي الأَيْنُقِ = ولا تُكَلِّفْهَا بِمَا لَمْ تُطِقِ
فَطالَمَا كَلَّفْتَها وَسُقْتَها = سَوْقَ فَتًى مِنْ حالِها لَمْ يُشْفِقِ
ولَمْ تَزَلْ تَرْمِي بِها يَدُ النَّوى = بِكُلِّ فَجٍّ وفَلاةٍ سَمْلَقِ
ومَا ائْتَلَتْ تَذْرَعُ كُلَّ فَدْفَدٍ = أذْرُعُهَا وكُلَّ قاعٍ فَرَقِ
وكُلَّ أبْطَحَ وأجْرَعَ وجِزْ = عٍ وصَرِيمَةٍ وكُلَّ أبْرَقِ
مَجاهِلٌ تَحَارُ فِيهِنَّ القَطَا = لا دِمْنَةٌ لا رَسْمُ دارٍ قَدْ بَقِي
لَيْسَ بِها غَيْرُ السَّوافِي والحَوا = صِبِ الحَراجِيجِ وكُلِّ زِحْلِقِ
والمَرْخِ والعَفَارِ والعِضَاهِ والْـ = ـبَشَامِ والأثْلِ ونَبْتِ الخَرْبَقِ
والرِّمْثِ والخُلَّةِ والسَّعْدانِ = والثَّغِرِ وشَرْيٍ وسَنَا وسَمْسَقِ
وعُشَرٍ ونَشَمٍ وإسْحَلٍ = مَعَ ثُمَامٍ وبَهَارٍ مُونِقِ
والسِّمْعِ واليَعْقُوبِ والقِشَّةِ والـ = سِّيدِ السَّبَنْتَى والقَطا وجَوْرَقِ
والليْلِ والنَّهارِ والرِّئالِ والـ = ـهَيْثـَمِ مَعْ عِكْرِمَةٍ وخِرْنِقِ
ولَمْ تَزَلْ تَقْطَعُ جِلْبابَ الدُّجَى = بِجَلَمِ الأيْدِي وسَيْفِ العُنُقِ
فمَا اسْتَرَاحَتْ مِنْ عُبُورِ جَعْفَرٍ = ومِنْ صُعُودٍ بِصَعِيدٍ زَلَقِ
إلاَّ وفِي خَضْخَاضِ دَمْعِ عَيْنِها = خَاضَتْ وغَابَتْ بِسَرابٍ مُطْبِقِ
كَأَنَّمَا رَقْرَاقُهُ بَحْرٌ طَمَا = والنُّوقُ أمْواجٌ عَلَيْهِ تَرْتَقِي
وكُلُّ هَوْدَجٍ عَلى أقْتابِها = مِثْلُ سَفينٍ ماخِرٍ أوْ زَوْرَقِ
مَرَّتْ بِها هُوْجُ الرِّياحِ فَهْيَ فِي = تَفَرُّقٍ حِيناً وحِيناً تَلْتَقِي
وَكَمْ بِسَوْطِ البَغْيِ سُقْتَ سُوقَهَا = سَوْقَ المُعَنِّفِ الذي لَمْ يَتَّقِ
حَتَّى غَدَتْ خُوصاً عِجافاً ضُمَّراً = أَعْنَاقُهَا تَشْكُو طَويلَ العَنَقِ
مَرْثُومَةَ الأيْدِي شَكَتْ فَرْطَ الوَجَى = لَكِنَّهَا تَشْكُو لِغَيْرِ مُشْفِقِ
قَدْ ذَهَبَتْ مِنْها المَحَاسِنُ بإِدْ = مَانِ السُّرَى وقِلَّةِ التَّرَفُّقِ
كَأَنَّها لَمْ تَكُ قَبْلُ انْتُخِبَتْ = من كُلِّ قَرْواءَ رَقُوبٍ فُنُقِ
دَوْسَرَةٍ هَوْجاءَ وَجْنَى مابِها = مِنْ نَقَبٍ ومِنْ وجًى وسَلَقِ
مِنْ بَعْدِ ما كانَتْ هُنَيْدَةً غَدَتْ = أكْثَرَ مِنْ ذَوْدٍ ودُونَ شَنَقِ
وإِنْ تَمَادَيْتَ على إِتْعَابِهَا = ولَمْ تَكُنْ مُنْتَهِياً عَنْ رَهَقِ
فَسَوْفَ تَعْرُوكَ على إتْلافِهَا = نَدَامَةُ الكُسَعَيِّ والفَرَزْدَقِ
وكُنْتَ قَدْ عُوِّضْتَ عَنْ أَخْفافِهَا = خُفَّيْ حُنَيْنٍ ظافِراً بِالأَنَقِ
لأنْتَ أَظْلَمُ مِنْ ابْنِ ظالِمٍ = إِنْ كُنْتَ مِنْ بَعْدُ بِهَا لَمْ تَرْفُقِ
رِفْقاً بِها قَدْ بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَا = واتَّسَعَ الخَرْقُ عَلَى المُرَتِّقِ
وَهَبْ لأَيْدِيهِنَّ أيْداً وَلَهَا = مَتْناً مَتِيناً ما خَلا عَنْ مَصْدَقِ
فَمَا لِظُعْنٍ حَمَلَتْ مِنْ مِرَّةٍ = بِظَعَنٍ أوْدَى بِها في الغَسَقِ
ملاحظة / لاساتذتنا الكرام وخصوصا الادباء و ذوي الاختصاص التدخل لافادتنا لشرح بعض المعاني الصعبة
و المبهمة حتى تكون الفائدة اعم و اشمل مع ذكر بعض الفوائد و الافكار الجزئية الهامة
مَهْلاً على رِسْلِكَ حَادِي الأَيْنُقِ = وَلا تُكَلِّفْهَا بِمَا لمْ تُطِقِ
فطَالَمَا كَلَّفْتَهَا وسُقْتَهَا = سَوْقَ فَتًى مِنْ حَالِهَا لمْ يُشْفِقِ
وَلَمْ تَزَلْ تَرْمِي بِهَا أيْدِي النَّوَى = بِكُلِّ فَجٍّ وَفَلاةٍ سَمْلَقِ
وَمَا ائْتَلَتْ تَذْرَعُ كُلَّ فدْفَدٍ = أذْرُعُهَا وَكُلَّ قَاعٍ فَرَقِ
وَكَلَّ أَبْطَحٍ وأجْرَعٍ وَجِزْ = عٍ وَصَرِيمَةٍ وكُلَّ أبرَقِ
مَجَاهِلٌ تَحَارُ فِيهِنَّ القَطَا = لا دِمْنَةً لا رَسْمَ دَارٍ قَدْ بَقِي
لَيْسَ بها غَيْرُ السَّوَافِي والحَوَا = صِبِ الحَرَاجِيجِ وكُلُّ زِحْلِقِ
وَالْمَرْخِ وَالعَفَارِ والعِضَاهِ والْـ = ـبِشامِ والأَثْلِ ونَبْتِ الخَرْبَقِ
والرِّمْثِ والخُلَّةِ والسَّعْدَانِ والـثْـ = ثَغْرِ وشَرْيٍ وَسَناً وَسَمْسَقِ
وَعُشَرٍ ونَشَمٍ وإِسْحِلٍ = مَعَ ثُمَامٍ وبَهَارٍ مُونِقِ
والسِّمْعِ واليَعْقُوبِ والقِشَّةِ والـسْـ = سَيِّدِ وَالسَّبَنْتَى والقَطَا وجَورَقِ
واللَّيْلِ والنَّهَارِ والرِّئْالِ والْـ = ـهَيْثَمِ مَعْ عِكْرِمَةٍ وخِرْنِقِ
وَلَمْ تَزَلْ تَقْطَعُ جِلْبَابَ الدُّجَا = بِجَلَمِ الأَيْدِي وسَيْفِ العُنُقِ
فما اسْتَرَاحَتْ منْ عُبُورِ جَعْفَرٍ = ومِنْ صُعُودٍ بصَعِيدٍ زَلَقِ
إلاَّ وفي خَضْخَاضِ دَمْعِ عَيْنِهَا = خَاضَتْ وَغَابَتْ بسَرَابٍ مُطْبِقِ
كأنَّما رَقْرَاقُهُ بَحْرٌ طَمَا = والنُّوقُ أمْوَاجٌ عَلَيْهِ تَرْتَقي
وكلُّ هَوْدَجٍ على أَقْتَابِهَا = مِثْلُ سَفِينٍ مَاخِرٍ أوْ زَوْرَقِ
مَرَّتْ بها هُوجُ الرِّيَاحِ فَهْيَ في = تَفَرُّقٍ حِيناً وَحِيناً تَلْتَقِي
وكَمْ بِسَوْطِ البَغْيِ سُقْتَ سُوقَهَا = سَوْقَ المُعَنِّفِ الَّذِي لمْ يَتَّقِ
حتَّى غَدَتْ خُوصاً عِجَافاً ضُمَّراً = أعْنَاقُها تَشْكُو طَوِيلَ العَنَقِ
مَرْثُومَةَ الأَيْدِي شَكَتْ فَرْطَ الوَجَا = لكنَّهَا تَشْكُو لِغَيْرِ مُشْفِقِ
قدْ ذَهَبَتْ منها المَحَاسِنُ بِإِدْ = مَانِ السُّرَى وقِلَّةِ التَّرَفُّقِ
كأنَّها لمْ تَكُ قبلُ انْتُخِبَتْ = منْ كُلِّ قَرْوَاءَ رَقُوبٍ فُنُقِ
دَوْسَرَةٍ هَوْجَاءَ وَجْنَا ما بِهَا = مِنْ نَقَبٍ ومنْ وَجًى وسَلَقِ
منْ بَعْدِ مَا كَانَتْ هُنَيْدَةً غَدَتْ = أكْثَرَ منْ ذَوْدٍ ودُونَ شَنَقِ
فإنْ تَمَادَيْتَ على إِتْعَابِهَا = ولمْ تَكُنْ مُنْتَهِياً عنْ رَهَقِ
فَسَوْفَ تَعْرُوكَ على إِتْلافِهَا = نَدَامَةُ الكُسْعِيِّ والفَرَزْدَقِ
وكُنْتَ قدْ عُوِّضْتَ عنْ أخْفَافِهَا = خُفَّيْ حُنَيْنٍ ظَافراً بالأَنَقِ
لأنْتَ أظْلَمُ من ابنِ ظَالِمٍ = إنْ كُنْتَ مِنْ بَعْدُ بِهَا لمْ تَرْفُقِ
رِفْقاً بها قدْ بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَا = واتَّسَعَ الخَرْقُ على المُرَتِّقِ
وَهَبْ لأَيْدِيهِنَّ أيْداً وَلَهَا = مَتْناً مَتِيناً ما خَلا عنْ مَصْدَقِ
فَمَا لِظَعْنٍ حَمَلَتْ منْ مَرَّةٍ = بِظَعَنٍ أَوْدَى بها في الغَسَقِ
أَسَأْتَ لِلْغِيْدِ ولِلنَّوْقِ وَلِي = إِسَاءَةً بتَوْبَةٍ لمْ تُمْحَقِ
لوْ لمْ يَكُنْ بِحُبِّ حِلْمِ أحْنَفٍ = وَالمُنْقَرِيِّ قَلْبِي ذا تَعَلُّقِ
حَمَلْتُ رَأْسَكَ على شَبَا القَنَا = مُرَوِّعاً بِهِ حُدَاةَ الأَيْنُقِ
فَسُقْ فلا نَعِمَ عَوْفُكَ ولا = أَمِنَ خَوْفُكَ ولا تَدْرَنْفِقِ
ودَعْ يَسُوقُ بعْضُها بَعْضاً فقدْ = دَنَا وُلُوجُوهَا بِوَعرٍ ضَيِّقِ
ولتَتَّخِذْنِي رَائِداً فَإِنَّنِي = ذُو خِبْرَةٍ بمُبْهَمَاتِ الطُرُقِ
إنْ غَرِثَتْ عَلَّفْتُهَا وَلَوْ بِمَا = جَمَعْتُهُ منْ ذَهَبٍ ووَرِقِ
أوْ صَدِيَتْ أوْرَدْتُها منْ أَدْمُعِي = نَهْرَ الأُبُلَّةِ ونَهْرَ جِلَّقِ
رِفْقاً بها شَفِيعُها هَوَادِجٌ = غَدَتْ سَمَاءَ كُلِّ بَدْرٍ مُشْرِقِ
منْ كُلِّ غَيْدَاءَ عَرُوبٍ بَضَّةٍ = رُعْبُوبَةٍ عَيْطَاءَ ذَاتِ رَوْنَقِ
خَرِيدَةٍ مَسُوَدَةٍ رَقْرَاقَةٍ = وَهْنَانَةٍ بَهْنَانَةِ المُعْتَنَقِ
تَسْبِي بثَغْرٍ أَشْنَبٍ وَمَرْشَفٍ = قد ارْتَوَى منْ قَرْقَفٍ مُعَتَّقِ
ونَاعِمٍ مُهَيْكَلٍ وفَاحِمٍ = مُرَجَّلٍ وحَاجِبٍ مُرَقَّقِ
وَعَقِبٍ مُحَجَّلٍ وَمِعْصَمٍ = مُسَوَّرٍ وعُنُقٍ مُطَوَّقِ
ومُقْلَةٍ تَرْمِي بقَوْسِ حَاجِبٍ = لاحِظَهَا بسَهْمِهَا المُفَوَّقِ
تمْنَعُ مَسَّ ثَوْبِهَا لجِسْمِهَا = ثلاثةٌ مِثْلُ الأثَافِي في الرُّقِي
حُقَّانِ منْ عَاجٍ وقَعْبُ فِضَّةٍ = منْ ظاهرٍ وباطنٍ كالشَّفَقِ
وزادَ مِسْكُ الخَالِ وَرْدَ خَدِّهَا = حُسْناً وقدْ عَمَّ بطِيبٍ عَبِقِ
وَقَبَّلَتْ أقْدَامَهَا ذَوَائِبٌ = سُودٌ كَقَلْبِ العاشقِ المُحْتَرِقِ
وقُلْ لِرَبَّاتِ الهَوَادِجِ انْجَلِي = نَ آمِنَاتٍ منْ فَزَعٍ وفَرَقِ
فإنَّنِي أَشْجَعُ مِنْ رَبيعَةٍ = حَامِي الظَّعِينَةِ لدَى وقتِ اللُّقِي
ورُبَّما يَبْدُو إذا بَرَزْنَ لِي = رِئْمٌ إليها طارَ في تَشَوُّقِ
لُبْنَى وما أَدْرَاكَ ما لُبْنَى بها = عُرِفْتُ صَبًّا مُغْرَماً ذا قَلَقِ
ولا يَزَالُ في رِيَاضِ حُسْنِهَا = يَسْرَحُ فِكْرُهُ ويجولُ رَمَقِي
ولا تَسَلْ عَمَّا أَبُثُّ منْ جَوًى = وما تُرِيقُ منْ دُموعٍ حَدَقِي
يومَ اشْتَكَى كلٌّ بِمَا في قَلْبِهِ = لِحِبِّهِ بطَرْفِهِ بما لَقِي
ما عُذْرُ مَنْ يشْكُو الجَوَى لمَنْ جَفَا = وَهْوَ لِدَمْعِ جَفْنِهِ لمْ يُرِقِ
آهٍ على ذِكْرِ لَيَالٍ سَلَفَتْ = لي مَعَهَا كَالْبَارِقِ المُؤْتَلِقِ
كمْ أوْدَعَتْ في مُقْلَتِي منْ سَهَرٍ = وأضْرَمَتْ في مُهْجَتِي منْ حَرَقِ
في مَعْهَدٍ كُنَّا بهِ كَنَخْلَتَيْ = حُلْوَانَ في وَصْلٍ بلا تَفَرُّقِ
نِلْنَا بهِ ما نَشْتَهِي منْ لَذَّةٍ = وَدَعَةٍ في ظِلِّ عيشٍ دَغْفَقِ
أَزْمَانَ كانَ السَّعْدُ لي مُسَاعِداً = ومُقْلَةُ الرَّقِيبِ ذاتُ بَخَقِ
واليومَ قدْ صارَ سَلامُ عَزَّةٍ = يَقْنَعُ مِنْ لُبْنَى إذا مَا نَلْتَقِ
واللَّهِ لوْ حَلَّتْ دِيَارَ قَوْمِهَا = واحْتَجَبَتْ عنِّي بَبَابٍ مُغْلَقِ
لَزُرْتُهَا واللَّيْلُ جَوْنٌ حالِكٌ = وجَفْنُهَا لمْ يَكْتَحِلْ بِأَرَقِ
مَعِي ثلاثةٌ تَقِي صَاحِبَها = ما لمْ تَكُنْ نُونُ الوقايَةِ تَقِي
سيفٌ كَصَمْصَامَةِ عَمْرٍو بَاتِرٌ = لا يُتَّقَى بِيَلَبٍ وَدَرَقِ
وبينَ جَنْبَيَّ فُؤَادُ ابنِ أَبِي = صُفْرَةَ قاطعُ قَرَا ابنِ الأَزْرَقِ
وفَرَسٌ كَلاحِقٍ أوْ دَاحِسٍ = يومَ الرِّهَانِ شَأْوُهُ لمْ يُلْحَقِ
تَقْدَحُ نيرانَ الحُبَاحِبِ حَوَا = فِرُهُ عندَ خَبَبٍ وَطَلَقِ
كالرِّيحِ في هُبُوبِهِ والسِّمْعِ في = وُثُوبِهِ وكالمَهَى في فَشَقِ
بهِ أَجُوسُ في خِلالِ دُورِهَا = وأَنْثَنِي كَالْبَارِقِ المُؤْتَلِقِ
فإنْ تَكُ الزَّبَّاءُ خَلَّتْ قَصْرَهَا = وكَقَصِيرٍ سُقْتُهَا لِلنَّفَقِ
ومَنْ حَمَاهَا كَكُلَيْبٍ فَلَهُ = جَسَّاسُ رُمْحٍ رَاصِدٍ بالطُّرُقِ
لا بُدَّ لي منها وإنْ تَحَصَّنَتْ = بالأَبْلَقِ الفَرْدِ وبالخَوَرْنَقِ
لا بُدَّ لي منها وإنْ عَثَرْتُ في = ذَيْلِ الحُسَامِ والسِّنَانِ الأزْرَقِ
فإنْ ظَفَرْتُ بالمُنَى منْ قُرْبِهَا = بَالَغْتُ في صِيَانَةِ العِرْضِ النَّقِي
وإنْ بَقِيتُ مثلَ ما كُنْتُ فَلا = زِلْتُ بغيضَ مَضْجَعِي ونُمْرُقِي
أَشُنُّ كلَّ غَارةٍ شَعْوَا على = مَنْ يَحْمِهَا في مِقْنَبٍ وفَيْلَقِ
وفي خَمِيسٍ منْ خِيَارِ يَعْرُبٍ = ذَوِي رِمَاحٍ وخُيُولٍ سُبُقِ
منْ أُسْرَتِي بني مُلُوكٍ فَهُمْ = أَطْوَعُ لي منْ سَاعِدِي ومِرْفَقِي
سَلِ ابنَ خَلْدُونَ عَلَيْنَا فَلَنَا = بِيَمَنٍ مَآثِرٌ لمْ تُمْحَقِ
وَسَلْ سُلَيْمَانَ الكُلاعِيَّ كَمْ لنا = منْ خَبَرٍ بخَيْبَرٍ والخندَقِ
ويومَ بَدْرٍ وحُنَيْنٍ وتَبُو = كَ والسَّوِيقِ وبَنِي المُصْطَلِقِ
بهمْ فَخَرْتُ ثمَّ زِدْتُ مفْخَراً = بأَدَبِي الغَضِّ وحُسْنِ مَنْطِقِي
وزانَ عِلْمِي أَدَبِي فلنْ تَرَى = مَنْ شِعْرُهُ كشِعْرِيَ المُنَمَّقِ
فإنْ مَدَحْتُ فمَدِيحِي يُشْتَفَى = بهِ كَمِثْلِ العَسَلِ المُرَوَّقِ
وإنْ هَجَوْتُ فهُجَايَ كالشَّجَا = يَقِفُ فِي الحَلْقِ كمِثْلِ الشَّرَقِ
فإنْ يَكُ الشِّعْرُ عَصَا غَيْرِي فقدْ = أَطَاعَنِي في عَيْهَقٍ وحَنَقِ
وإنْ يكُنْ سيفاً مُحَلًّى فَلَقَدْ = أبْلَى نِجَادَهُ عِنَاقُ عُنُقِ
وإنْ يكُنْ بُرْداً فقدْ صِرْتُ بهِ = مُعْتَجِرًا دُونَ جميعِ السُّوَقِ
وإنْ يكُنْ حَدِيقَةً فطَالَمَا = نَزَّهْتُ فيها خَاطِرِي وحَدَقِ
وإنْ يكُنْ بَحْراً فقدْ غُصْتُ على = جَوْهَرِهِ وكُنْتُ نِعْمَ المُنْتَقِي
وإنْ يكُنْ تَاجاً فقدْ زادَ سَناً = جَوْهَرُهُ مُذْ حَلَّ فوقَ مَفْرِقِي
وهلْ أنا إلاَّ ابنُ وَنَّانَ الذي = قَرَّبَهُ كَمْ منْ أميرٍ مُرْتَقِ
أَحَقُّ مَنْ حُلِّيَ بِالأُسْتَاذِ وَالشْ = شَيْخِ الفقيهِ العالمِ المُحَقِّقِ
وبالمُحَدِّثِ الشَّهِيرِ والأَدِيـ = ـبِ والمُجِيدِ والبليغِ المُفْلِقِ
وأَعْلَمُ النَّاسِ بدُونِ مَرِيَّةٍ = سِيَّانِ مَنْ في مَغْرِبٍ ومَشْرِقِ
بالشِّعْرِ والتاريخِ والأمثالِ والْـ = ـأَنْسَابِ والآثارِ سَلْ تُصَدِّقِ
فبَشِّرَنْ ذاكَ الحَسُودَ أنَّهُ = يَظْفَرُ في بَحْرِ الهِجَا بالغَرَقِ
وقُلْ لهُ إذا اشْتَكَى منْ دَنَسٍ = أنتَ الذي سَلَكْتَ نَهْجَ الزَّلَقِ
وَفُقْتَ في الجُرْأَةِ خَاصِي أَسَدٍ = فَمُتْ بِغَيْظِكَ وبالرِّيقِ اشْرَقِ
وما الذي دَعَاكَ يَا خَبَّ إلى = ذي الأُفْعُوَانِ ذي اللِّسَانِ الفَرَقِ
نَطَقْتَ بالزُّورِ أمَا كُنْتَ تَعِي = أَنَّ الْبَلا مُوَكَّلٌ بالمَنْطِقِ
ولمْ تَخَفْ منْ شاعرٍ مهْمَا انْتَضَى = سيفَ الهِجَا فَرَى حبَالَ العُنُقِ
يا صَاحِ سَلِّمْ للوَرَى تَسْلَمْ ولا = تَسُمْ فصيحَ النُّطْقِ بالتَّمَشْدُقِ
فذاكَ خيرٌ لكَ واسْتَمِعْ إلى = نُصْحِ الحَكِيمِ المَاهِرِ المُحَقِّقِ
وكُنْ مُهَذَّبَ الطِّبَاعِ حَافِظاً = لحِكَمٍ وَأَدَبٍ مُفْتَرِقِ
وعَاشِرِ الناسَ بحُسْنِ خُلُقٍ = تُحْمَدْ عليهِ زمنَ التَّفَرُّقِ
ولا تُصَاحِبْ مَنْ يَرَى لنَفْسِهِ = فَضْلاً بلا فَضْلٍ وغيرَ المُتَّقِي
وكلُّ مَنْ ليسَ لهُ عليكَ مِنْ = فضلٍ فلا تُطْمِعْهُ بالتَّمَلُّقِ
وفَوِّقَنْ سَهْمَ النُّمَيْرِيِّ لِمَنْ = لِطُرُقِ العَلْيَاءِ لمْ يُوَفَّقِ
وافْعَلْ بمَنْ تَرْتَابُ منهُ مثلَ فِعْـ = ـلِ المُتَلَمِّسِ اللَّبِيبِ الحَذِقِ
أَلْقَى الصَّحِيفَةَ بنَهْرِ حِيرَةٍ = وقالَ يا ابنَ هِنْدٍ ارْعُدْ وَابْرُقِ
ولا تَعِدْ بوَعْدِ عُرْقُوبٍ أخاً = وَفِهْ وَفَا سَمَوْءَلٍ بالأبْلَقِ
شَحَّ بأدْرُعِ امْرِئِ القَيْسِ وقدْ = تَرَكَ نَجْلَهُ غَسِيلَ العَلَقِ
ومثلَ جَارٍ لأبي دُؤَادٍ لا = تَطْمَعْ بهِ إنْ لمْ تَكُنْ بالأحمَقِ
واحْمَدْ جليساً لا تخافُ شَرَّهُ = وكابنِ شَوْرٍ لَنْ تَرَى منْ مُطْرِقِ
ونمْ كَنَوْمِ الفهدِ أوْ عَبُّودَ عنْ = عيبِ الورى والظَنِّ لا تُحَقِّقِ
وَلْتَكُ أبصرَ من الهُدْهُدِ والزَّرْ = قا بعيبِ نَفْسِكَ المُحَقِّقِ
وكُنْ كمثلِ وَاسِطِيٍّ غَفْلَةً = عنْ شَتْمِ ضَارِعٍ وعَتْبِ سُقُقِ
وكُنْ نَدِيمَ الفَرْقَدَيْنِ تَنْجُ منْ = مُنَقِّصٍ ومنْ طُرُوِّ الرَّنَقِ
واعْدُ على رِجْلَيْ سُلَيْكٍ هارباً = منْ قُرْبِ كلِّ خُنْبُقٍ وسَهْوَقِ
وكُنْ كعقربٍ وضَبٍّ معَ مَنْ = عليكَ قَلْبُهُ امْتَلا بالحَنَقِ
ثُمَّتَ لا تَعْجَلْ وكُنْ أبْطَأَ منْ = غُرَابِ نُوحٍ أوْ كَفِنْدِ المُوسِقِي
مَضَى لنارٍ طالباً وبعْدَ عَا = مٍ جَابَهَا يَسُبُّ فَرْطَ القلَقِ
وخُذْ بِثَارِكَ وكُنْ كَمَنْ أَتَى = بالجيشِ خَلْفَ شَجَرٍ ذي وَرَقِ
وانْتَهِزِ الفُرْصَةَ مثلَ بَيْهَسٍ = وبالمُدَى لحمَ العُدَاةِ شَرِّقِ
وَكَابْنِ قَيْسٍ بِهِمْ كُنْ مُولِماً = وَلِيمَةً شهيرةً كالفَلَقِ
يومَ مِلاكِهِ بأُمِّ فَرْوَةٍ = عَرْقَبَ كُلَّ ذَاتِ أَرْبَعٍ لَقِي
ولا تَدَعْ وإنْ قَدَرْتَ حيلَةً = فَهْيَ أَجَلُّ عَسْكَرٍ مُدَهْرِقِ
إنْ كانَ في سَفْكِ دمِ العِدَا الشِّفَا = سَفْكُ دمِ البَرِيءِ غَيْرُ أَلْيَقِ
ولا تُؤَيِّسْ طَامِعاً في رُتْبَةٍ = لنَيْلِهَا نَظِيرُهُ لمْ يَرْتَقِ
ولا تُحَارِبْ ساقطَ القَدْرِ فكمْ = مِنْ شِهَةٍ قدْ غُلِبَتْ بِبَيْذَقِ
وكمْ حُبَارَى أَمَّهَا صقْرٌ فلمْ = يَظْفَرْ بغَيْرِ حَتْفِهِ بالزَّرَقِ
وكمْ عُيونٌ لأُسُودٍ دَمِيَتْ = بالعَضِّ منْ بَعُوضِهَا المُلْتَصِقِ
فالزَّرْدُ يومَ الغَارِ لمْ يَثْبُتْ لَهُ = فَضْلٌ وكانَ الفَضْلُ لِلْخَدَرْنَقِ
وقَوْسُ حَاجِبٍ بِرَهْنِهَا لدى = كِسْرَى اطْمَأَنَّ قلْبُهُ مِمَّا لَقِي
والخُلْدُ قدْ مَزَّقَ أقْوَامَ سَبَا = وَهَدَّ سَدًّا مُحْكَمَ التَّأَنُّقِ
ولا تُنَقِّصْ أحَداً فكُلُّنَا = منْ رَجُلٍ وأَصْلُنَا منْ عَلَقِ
لا تُلْزِمِ المرءَ عُيُوبَ أصْلِهِ = فالمِسْكُ أصْلُهُ دَمٌ في العُنُقِ
والخمرُ مَهْمَا طَهُرَتْ فبَيْنَهَا = وبينَ أصْلِهَا بحُكْمٍ فَرِّقِ
ولا تَبِعْ عِرْضَكَ بَيْعَةَ أَبِي = غَبْشَانَ بَيْعَ الغَبْنِ والتَّبَلْصُقِ
باعَ السِّدَانَةَ قُصِيّاً آخِذاً = عِوَضَهَا نِحْياً مِنِ اُمِّ زِنْبَقِ
ولا تَكُنْ كأَشْعَبَ فرُبَّمَا = تَلْحَقُ يَوْماً وَافِدَ المُحَرِّقِ
ولا تَكُنْ كوَاوِ عمْرٍو زَائِداً = في القومِ أوْ كمِثْلِ نُونٍ مُلْحَقِ
لا تَغْشَ دَارَ الظُّلْمِ واعْلَمْ انَّها = أَخْرَبُ منْ جَوْفِ حِمَارٍ خَلَقِ
لا تَرْجُوَنْ صَفْواً بغيرِ كَدَرٍ = فذا لعَمْرِ اللَّهِ لمْ يَتَّفِقِ
لا تَكْتُمِ الحقَّ وقُلْهُ مُعْلِناً = فَهْوَ جَمَالُ صَوْتِكَ الصَّهْصَلِقِ
وَصِحْ بهِ شِبْهَ شَبِيبٍ وأبي = عُرْوَةَ والعَبَّاسِ عندَ الزَّعَقِ
لا تَأْمَنِ الدهرَ الخَئُونَ إنَّهُ = أَرْشَقُ نَبْلاً منْ رُمَاةِ الحَدَقِ
لا تَنْسَ منْ دُنْيَاكَ حَظًّا وَإلَى = كالطَّالَقَانِي والخَصِيبِ انْطَلِقِ
لا تَهْجُ مَنْ لمْ يُعْطِ واهْجُ مَنْ أتَى = إلى السَّرَابِ بالدِّلاءِ يَسْتَقِي
وعُدْ لِمَا عُوِّدَتْ منْ بَذْلِ اللُّهَى = فالعَوْدُ أَحْمَدُ لكُلِّ مُمْلَقِ
ولا تَعُدْ لِحَرْبِ مَنْ مَنَّ ولوْ = مَنَّ فَمَا غَلَّ يَداً كمُطْلِقِ
والعَوْدُ يَخْتَارُ على مَنْ كانَ كالـ = ـمُخْتَارِ ومَنْ كانَ ذا تَزَنْدُقِ
والصَّمْتُ حِصْنٌ للفَتَى منَ الرَّدَى = وقَلَّ مَنْ شَرَّ لِسَانِهِ وُقِي
وإنْ وَجَدْتَ للكلامِ مَوْضِعاً = فكُنْ عَِرَاراً فيهِ أوْ كَالأشْدَقِ
لا تَنْسَ ما أَوْصَى بهِ البَكْرِيُّ أَخاً = فَهْوَ سَدَادٌ فيهِ السُّوءَ اتُّقِي
لا تَبْخَلَنَّ بِرَدِّ ما اسْتَعَرْتَهُ = كَضَابِئٍ فالبُخْلُ شرٌّ مُوبِقِ
شَحَّ بِرَدِّ كَلْبِ صَيْدٍ وهَجَا = أرْبَابَهُ ظُلماً فلمْ يُصَدَّقِ
وماتَ في سِجْنِ ابنِ عفَّانَ كمَا = قضى الإلَهُ مِيتَةَ المُحَزْرَقِ
ونَجْلُهُ منْ أجْلِهِ أَجَلُهُ = منْ سَطْوَةِ الحجَّاجِ لمْ يكُنْ وُقِي
واسْتُرْ عن الحُسَّادِ كُلَّ نِعْمَةٍ = كمْ فاضلٍ بِبَأْسِ مَكْرِهِمْ سُقِي
فَصَاعِدٌ على مَدِيحِ وَرْدَةٍ = أَصْبَحَ مُنْحَطًّا بقولِ سَهْوَقِ
وإنْ حَمَلْتَ رايَةَ الأَمْرِ فَكُنْ = كَجَعْفَرٍ أوْ دَعْ ولا تَسْتَبِقِ
قدْ قُطِعَتْ يدَاهُ يَوْمَ مُؤْتَةٍ = وَلَمْ يَدَعْهَا لِكَمِيٍّ سَوْحَقِ
لكِنَّهُ احْتَضَنَهَا حُبًّا لهَا = فيَا لَهُ منْ سَيِّدٍ مُوَفَّقِ
وكُنْ إذا اسْتَنْجَدْتَ مثلَ مَنْ غَزَا = أرضَ العِدَا بكُلِّ طِرْفٍ أبْلَقِ
واتَّخِذِ الصَّبْرَ دِلاصاً سَابِغاً = وبِمِجَنِّ عُمَرٍ لا تَتَّقِي
وسُمْ عَدُوَّ الدِّينِ بالخَسْفِ وكُنْ = مثلَ أبي يُوسُفَ ذي التَّخَبُّقِ
رُدَّ كتابَ مَنْ دَعَاهُ للوَغَى = مُمَزَّقاً منهم لفَرْطِ الحَنَقِ
وقالَ إنِّي لا أُجِيبُ بِسِوَى =جَيْشٍ عَرَمْرَمِ وخَيْلٍ دُلُقِ
وضَرَبَ الفُسْطَاطَ في الحِينِ وقدْ = أحاطَ جيْشُهُ بِهِمْ كالشَّوْذَقِ
وكانَ ما قدْ أبْصَرُوا منْ بأْسِهِ = أَبْلَغَ مِنْ جَوَابِهِ المُشَبْرَقِ
يا صَاحِ واشْغَلْ فُسْحَةَ العُمْرِ بِمَا = يَعْنِي وَزُرْ غِبًّا رُسُومَ العَيْهَقِ
وَابْكِ على ذَنْبٍ وقَلْبٍ قدْ قَسَا = كالصَّخْرِ منْ هَوَاهُ لمْ يَسْتَفِقِ
بمُقْلَةٍ كمُقْلَةِ الخَنْسَاءِ إذْ = بَكَتْ على صَخْرٍ بلا تَرَفُّقِ
أوْ كَبُكَا فَارِعَةٍ على الوَلِيـ = ـدِ وبُكَاءِ خِنْدِفٍ وخِرْنِقِ
وكُنْ خَمِصَ البَطْنِ منْ زَادِ الرِّبَا = وخَمْرَةَ التَّقْوَى اصْطَبِحْ واغْتَبِقِ
وافْخَرْ كَفَخْرِ خالدٍ بالعِيرِ والنَّفِـ = ـيرِ لا بِحُلَّةٍ مِنْ سَرَقِ
وكُنْ مُتَمِّماً بُكَا مُتَمِّمٍ = على الذُّنُوبِ وارْجُو عفوَ مُعْتِقِ
واعْضُلْ كهَمَّامٍ بَنَاتِ فِكْرَةٍ = ضَنًّا بها عنْ غيرِ مَجْلٍ مُعْرِقِ
كيْ لا تَقُولَ بلِسَانِ حَالِهَا = مقالَ هِنْدٍ أَلْقِ منْ لمْ يَلقِ
وسَلْ مُهُورَ كِنْدَةٍ إنْ تُهْدِهَا = لذِي نَدًى كالبَحْرِ في تَدَفُّقِ
وحَصِّلِ العلمَ وزِنْهُ بالتُّقَى = وسائرِ الأوْقَاتِ فيهِ اسْتَغْرِقِ
وَلْيَكُ قَلْبُكَ لهُ أَفْرَغَ منْ = حَجَّامِ سَاباَطَ ومَنْ لمْ يَعْشَقِ
ولا تَكُنْ منْ قومِ مُوسَى واصْطَبِرْ = لِكَدِّهِ وللمَلالِ طَلِّقِ
وخُصَّ علمَ الفِقْهِ بالدَّرْسِ وكُنْ = كاللَّيْثِ أوْ كأَشْهَبٍ والعُتَقِي
وفي الحديثِ النَّبَوِي إنْ لمْ تَكُنْ = مثلَ البُخَارِيِّ فكُنْ كالبَيْهَقِي
فالعِلْمُ في الدُّنيا وفي الأُخْرَى لهُ = فضلٌ فبَشِّرْ حِزْبَهُ شَرًّا وُقِي
وَاعْنَ بقولِ الشعرِ فالشِّعْرُ كمَا = لٌ للفَتَى إنْ بهِ لمْ يرْتَزِقِ
فَهِمْ بهِ فإنَّهُ لا شَكَّ عُنْوَا = نُ الحِجَا والفَضْلِ والتَّحَذْلُقِ
فقُلْهُ غيرَ مُكْثِرٍ منهُ ولا = تَعْبَأْ بقولِ جاهلٍ أوْ أحْمَقِ
وإنْ تكُنْ منهُ عقيمَ فِكْرَةٍ = فَاعْنَ بجَمْعِ شَمْلِهِ المُفْتَرِقِ
والشعرُ للمَجْدِ نِجَادُ سَيْفِهِ = وللعُلَى كالعِقْدِ فَوْقَ العُنُقِ
ما عَابَهُ إلاَّ عَيِيٌّ مُفْحَمٌ = لِعَرْفِهِ الذَّكِيِّ لمْ يَسْتَنْشِقِ
كمْ حَاجَةٍ يَسَّرَهَا وكمْ قَضَى = بفَكِّ عَانٍ وأَسِيرٍ مُوثَقِ
وكمْ أَدِيبٍ عادَ كالنَّطْفِ غِنًى = وَكَانَ أفْقَرَ منَ المُذَلَّقِ
وكمْ حديثٍ جَاءَنَا بفَضْلِهِ = عنْ سَيِّدٍ عنِ الهَوَى لمْ يَنْطِقِ
وقدْ تَمَثَّلَ بهِ وكانَ مِنْ = أصْحَابِهِ يَسْمَعُهُ في الحِلَقِ
وقدْ بَنَى المِنْبَرَ لابنِ ثَابِتٍ = فكانَ للإِنْشَادِ فيهِ يَرْتَقِي
وقالَ لابنِ أَهْتَمٍ في مَدْحِهِ = وذَمِّهِ لِلزِّبَرْقَانِ الأسْمَقِ
مَقَالَةً خَتَمَهَا بقَوْلِهِ = إنَّ منَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً تَقِي
وعندَما سَمِعَ منْ قُتَيْلَةٍ = رِثَا قَتِيلِهَا الذي لمْ يُعْتَقِ
رَدَّ لَهَا سَلَبَهُ وقدْ بَكَى = شَفَقَةً بدَمْعِهِ الْمُنْطَلِقِ
وقدْ حَبَا كَعْباً غَدَاةَ مَدْحِهِ = ببُرْدَةٍ ومِائَةٍ منْ أَيْنُقِ
وبَشَّرَ الْجَعْدِيَّ وابنَ ثَابِتٍ = بِجَنَّةٍ جَزَاءَ شِعْرٍ عُسْنُقِ
كمْ خَامِلٍ سَمَا بهِ إلى العُلا = بَيْتُ مَدِيحٍ منْ بَلِيغٍ ذَلِقِ
مِثْلُ بَنِي الأَنْفِ ومثلُ هَرِمٍ = وكالَّذِي يُعْرَفُ بالمُحَلَّقِ
وَكَمْ وَكَمْ حَطَّ الهِجَا منْ مَاجِدٍ = ذي رُتبةٍ قَعْسَا وقَدْرٍ سَمِقِ
مثلُ الرَّبِيعِ وبني العَجْلانِ مَعْ = بني نُمَيْرٍ جَمَرَاتِ الحَدَقِ
لوْ لمْ يكُنْ للشِّعْرِ عندَ مَنْ مَضَى = فضلٌ على الكَعْبَةِ لمْ يُعَلَّقِ
لوْ لمْ يكُنْ فيهِ بيانُ آيَةٍ = ما فُسِّرَتْ مَسَائِلُ ابنِ الأزْرَقِ
مَا هوَ إِلاَّ كالكِتَابةِ ومَا = فضْلُهُما إلا كَشَمْسِ الأُفُقِ
وإنَّما نُزِّهَ عنْهُما النَّبِي = ليُدْرِكَ الإعْجَازَ بالتَّحَقُّقِ
وَهْوَ إِكْسِيرٌ وتدبيرٌ لِمَنْ = رَامَ اصْطِيَادَ وَرِقٍ بِوَرَقِ
منْ غيرِ تَقْطِيرٍ وتَصْعِيدٍ وتَكْـ = لِيسٍ وتَرْطِيبٍ وقَتْلِ زِئْبَقِ
وكُنْ لهُ رَاويَةً كالأَصْمَعِي = والجهلُ أوْلَى بالذي لمْ يَصْدُقِ
هذا هوَ المجدُ الأصيلُ فاتَّبِعْ = سبيلَهُ على الجميعِ تَرْتَقِ
ولكَ فِيمَنْ كانَ مثلَ الأُمَوِ = يِّ أُسْوَةٌ بها اقْتَدَى كُلُّ تَقِي
وإنْ أَرَدْتَ أنْ تَكُونَ شاعراً = فَحْلاً فكُنْ مثلَ أبي الشَّمَقْمَقِ
ما خِلْتُ في العَصْرِ لهُ مِنْ مَثَلٍ = سوى أَبِي في مَغْرِبٍ ومَشْرِقِ
لِذَاكَ كَنَّاهُ بهِ سَيِّدُنا السْ = سُلْـطَانُ عِزُّ الدِّينِ تاجُ الْمَفْرِقِ
مُحَمَّدٌ سِبْطُ الرَّسُولِ خيرُ مَنْ = سادَ بحُسْنِ خَلْقِهِ والخُلُقِ
أَعْنِي أميرَ المؤمنينَ ابنَ أمِيـ = رِ الْمُؤْمِنِينَ ابنِ الأميرِ المُتَّقِي
خيرُ مُلوكِ الغَرْبِ منْ أُسْرَتِهِ = وغيْرِهم على العُمُومِ المُطْلَقِ
ودَوْحَةُ المجدِ الَّتِي أغْصَانُها = بها الأرَامِلُ ذَوُو تَعَلُّقِ
لهُ مُحَيًّا ضَاءَ في أَوْجِ الدُّجَا = سَنَاهُ مثلُ القَمَرِ المُتَّسِقِ
ورَاحَةٌ تَغَارُ منْ سُيُولِهَا = سُيولُ وَدْقٍ ورُكَامٍ مُطْبِقِ
فاقَ الرَّشِيدَ وابْنَهُ بِحِلْمِهِ = وعِلْمِهِ ورَأْيِهِ المُوَفَّقِ
وسادَ كَعْباً وابنَ سُعْدَى وابنَ جُدْ = عَانَ وحَاتِماً ببَذْلِ الوَرِقِ
ولمْ يَدَعْ معنًى لِمَعْنٍ في النَّدَى = ولمْ يكُنْ كَمِثْلِهِ في الخُلُقِ
مُذْ كانَ طِفْلاً والسَّمَاحُ دَأْبُهُ = وغيرَ مَأْخَذِ الثَّنَا لمْ يَعْشَقِ
نَشَأَ في حِجْرِ الخلافةِ وقَدْ = شَبَّ فَتًى بغَيْرِها لمْ يَعْلَقِ
فبَايَعَتْهُ الناسُ طُرًّا دَفْعَةً = لمْ يَكُ فيها أحدٌ بالأسْبَقِ
وأُعْطِيَتْ قَوْسُ العُلا مَنْ قدْ بَرَى = أعْوَادَهَا رِعَايَةً للألْيَقِ
فصارَ فَيْءُ العَدْلِ في زَمَانِهِ = مُنْتَشِراً مِثْلَ انْتِشَارِ الشَّرَقِ
وشادَ رُكْنَ الدِّينِ بالسَّيْفِ وقدْ = حازَ بتَقْوَاهُ رِضَى المُوفَّقِ
وقدْ رَقَى في مُلْكِهِ مَعَارِجاً = لمْ يَكُ غيْرُهُ إلَيْها يَرْتَقِي
وَرَدَّ أرواحَ المكارمِ إلى = أجْسَادِها بعدَ ذَهابِ الرَّمَقِ
والسَّعْدُ قدْ ألْقَى عَصَا تَسْيَارِهِ = لِقْصَرِهِ وخَصَّهُ بِمَعْشَقِ
يا مَلِكاً أَلْوِيَةُ النَّصْرِ على = نَظِيرِهِ في غَرْبِنَا لمْ تَخْفَقِ
طابَ المديحُ فيكُمُ وَازْدَانَ لي = وجاشَ صَدْرِي بالفَرِيدِ الْمُونِقِ
لَوْلاكَ كُنْتُ للقريضِ تَارِكاً = لعدَمِ البَاعثِ والمُشَوِّقِ
تَرْكَ الغَزَالِ ظِلَّهُ ووَاصِلٍ = للرَّاءِ وابنِ تَوْلَبٍ لِلْمَلَقِ
وكُنْتُ في تَرْكٍ لهُ كَابْنِ أبي = رَبِيعَةَ النَّاذِرِ عِتْقَ الهُنْبُقِ
ومُذْ بكَ الرَّحْمَنُ مَنْ لَمْ يَزَلْ = فِكْرِي في بَحْرِ الثَّنَا ذا غَرَقِ
لا زِلْتَ بَدْراً في بُرُوجِ الشِّعْرِ تَنْـ = ـسَخُ بنُورِكَ ظلامَ الغَسَقِ
ولا بَرِحْتَ بالأمَانِي ظَافِراً = ومُدْرِكاً لِمَا تَشَا منْ أَنَقِ
بِجَاهِ جَدِّكَ الرسولِ المُصْطَفَى = خيرِ الأَنَامِ الصادقِ المُصَدَّقِ
وسُورةِ الفتحِ وطه والضُّحَى = وآيَةِ الكُرْسِيِّ وآيِ الفَلَقِ
إِلَيْكَهَا أُرْجُوزَةً حَسَّانَةً = لِمِثْلِهَا ذُو أَدَبٍ لمْ يَسْبِقِ
كأنَّها أَسْلاكُ دُرٍّ وَيَوَا = قيتُ تُضِي كالبَارِقِ المُؤْتَلِقِ
أعزُّ مِنْ بِيضِ الأُنُوقِ ومنَ الْـ = ـعَنْقَا ومنْ فَحْلٍ عَقُوقٍ أبْلَقِ
ما رَوْضَةٌ فَيْنَانَةٌ غَنَّاءُ قدْ = جَادَتْ لها السُّحْبُ بِمَاءٍ غَدَقِ
فابْتَسَمَتْ أغْصَانُها عنْ أَبْيَضٍ = وأَحْمَرٍ وأَصْفَرٍ وأَزْرَقِ
يَوْماً بأَبْهَى للعُيُونِ مَنْظراً = منها ولا كَلَفْظِهَا المُرَوْنَقِ
ما لِجَرِيرٍ وجَمِيلٍ مِثْلُها = في غَزَلٍ وفي نَسِيبٍ مُونِقِ
فلوْ رَآهَا الأصمعيُّ خَطَّهَا = كيْ يستفيدَ بِسَوَادِ الحَدَقِ
أوْ فَتَحَ الفَتْحُ عليها طَرْفَهُ = سَامَ قَلاَئِدَهُ بالتَّمَزُّقِ
أوْ وَصَلَتْ للمُوصِلِي فيما مَضَى = عندَ الغِنَا بغَيْرِها لمْ يَنْطِقِ
أوِ ابنُ بَسَّامٍ رَآها لتَدَا = رَكَ الذَّخِيرَةَ بها عنْ مَلَقِ
ولا أَدِيبٌ مِنْ قُرَى أنْدَلُسٍ = جَرَتْ بها أقلامُهُ في مُهْرَقِ
مَنْ كانَ يَرْجُو مِنْ سِوَايَ مثْلَهَا = رَجَا من القِرْبَةِ رَشْحَ العَرَقِ
حصَّنْتُهَا بسُورةِ النَّجْمِ إذا = هَوَى من المُنْتَحِلِ المُسْتَرِقِ
فالحمدُ لِلَّهِ الَّذِي صيَّرَها = أَثْمِدَ عَيْنٍ مُنْصِفٍ مُوَفَّقِ
والحمدُ للَّهِ الذي جَعَلَهَا = قَذًى بعينِ الحاسدِ الحَفَلَّقِ
ثمَّ الصلاةُ والسلامُ مَا تَغَـنـْ = نَتْ أُمُّ مَهْدِيٍّ برَوْضٍ مُورِقِ
على النَّبِي وآلِهِ وصَحْبِهِ = وتَابِعِيهِمْ مَنْ مَضَى ومَنْ بَقِي
ayache1212
2015-05-09, 20:53
فالحمدُ لِلَّهِ الَّذِي صيَّرَها = أَثْمِدَ عَيْنٍ مُنْصِفٍ مُوَفَّقِ
والحمدُ للَّهِ الذي جَعَلَهَا = قَذًى بعينِ الحاسدِ الحَفَلَّقِ
ثمَّ الصلاةُ والسلامُ مَا تَغَـنـْ = نَتْ أُمُّ مَهْدِيٍّ برَوْضٍ مُورِقِ
على النَّبِي وآلِهِ وصَحْبِهِ = وتَابِعِيهِمْ مَنْ مَضَى ومَنْ بَقِي
بارك الله فيك اخي
بن الونان - 1187 هـ / ? - 1773 م
أحمد بن محمد بن محمد التواتي الحميري، أبو العباس المعروف بابن الونان.
شاعر، من أهل فاس مولده ووفاته بها ينتسب إلى حمير، كان أسلافه من سكان توات في صحراء المغرب مما اختطته زناتة ثم انتقلوا إلى فاس، وكان له ولأبيه من قبله اتصال بالمولى محمد بن عبد الله (المتوفى سنة 1204)، له نظم كثير فيه هجاء وإقذاع، وكان يقال لأبيه أبو الشمقمق فاتصلت به هذه الكنية، وعرفت قصيدة له بالشمقمقية وهي 275 بيتاً فيها الغثّ والسمين، مدح بها أمير المؤمنين عبد الله بن إسماعيل العلوي، اشتهرت وشرحها جماعة، منهم الناصري السلاوي صاحب الاستقصا، في مجلدين مطبوعين، والمكي بن محمد البطاوري سمى شرحه (اقتطاف زهرات الأفنان من دوحة قافية ابن الونان- خ)
وأول القصيدة:
مهلا على رسلك حادي الأينق ولا تكلفها بما لم تطق
وله ثلاث قصائد :
الأولى الشمقمقية وعدد أبياتها 267 بيتا
والثانية :
قد بان لي عُذرُ الكرام فصدّهم عن أوجه الشعراء ليس بعار
لم يسأموا بذل النوال وإنما جمد الندى لبرودة الاشعار
والثالثة :
يا سيّدي سبطَ النبي أبو الشمقمق أبي
كل هذا بحسب الموسوعة الشعرية .
ayache1212
2015-05-09, 21:45
بن الونان - 1187 هـ / ? - 1773 م
أحمد بن محمد بن محمد التواتي الحميري، أبو العباس المعروف بابن الونان.
شاعر، من أهل فاس مولده ووفاته بها ينتسب إلى حمير، كان أسلافه من سكان توات في صحراء المغرب مما اختطته زناتة ثم انتقلوا إلى فاس، وكان له ولأبيه من قبله اتصال بالمولى محمد بن عبد الله (المتوفى سنة 1204)، له نظم كثير فيه هجاء وإقذاع، وكان يقال لأبيه أبو الشمقمق فاتصلت به هذه الكنية، وعرفت قصيدة له بالشمقمقية وهي 275 بيتاً فيها الغثّ والسمين، مدح بها أمير المؤمنين عبد الله بن إسماعيل العلوي، اشتهرت وشرحها جماعة، منهم الناصري السلاوي صاحب الاستقصا، في مجلدين مطبوعين، والمكي بن محمد البطاوري سمى شرحه (اقتطاف زهرات الأفنان من دوحة قافية ابن الونان- خ)
وأول القصيدة:
مهلا على رسلك حادي الأينق ولا تكلفها بما لم تطق
وله ثلاث قصائد :
الأولى الشمقمقية وعدد أبياتها 267 بيتا
والثانية :
قد بان لي عُذرُ الكرام فصدّهم عن أوجه الشعراء ليس بعار
لم يسأموا بذل النوال وإنما جمد الندى لبرودة الاشعار
والثالثة :
يا سيّدي سبطَ النبي أبو الشمقمق أبي
كل هذا بحسب الموسوعة الشعرية .
الله الله عليك سلمت يداك وزادك الله علما نافعا و بارك الله فيك على هذا التفاعل
أبو اماني
2015-05-09, 22:10
سلمت يداك وزادك الله علما نافعا و بارك الله فيك
- مهلا على رسلك حادي الأينق *** ولا تكلفها بما لم تطق
2 - فطالما كلفتها وسقتها *** سوق فتى من حالها لم يشفق
3 - ولم تزل ترمي بها يد النوى *** بكل فجّ وفلاة سملق
(النوى : البعد ولا يد لها ولكنه استعارها لها،والفج : الطريق الواسع الواضح بين جبلين،والفلاة : الصحراء الواسعة،والسملق : الأرض المطمئنة المستوية،وهذا دليل آخر على ما تتكبده الإبل من المشاق)
4 - وما ائتلت تذرع كل فدفد *** أذرعها وكل قاع قَرِقِ
5 – وكلّ أبطحَ وأجرعَ وجِزْ *** عٍ وصريمة وكل أبرق
(ما ائتلت : ما قصرت. تذرع : تقيسه بأذرعها. والفدفد : الفلاة والمكان الغليظ أو المرتفع،والقاع : الأرض السهلة المطمئنة. والقرق : المستوي. والأبطح : كالبطحاء مسيل واسع. والأجرع والجرعاء : رملة مستوية لا تنبت شيئا،والجزع : منقطع الوادي. والصريمة : القطع من الرمل تنصرم أي تنقطع عن معظمه. والأبرق : الأرض الغليظة ذات الحجارة والطين. وهذه كلها أوصاف متشابهة المراد منها تهويل أمر هذه المفازة التي كلت وتعبت أذرع الإبل وهي تقيسها.
6- مجاهل تحار فيهن القطا *** لا دمنة لا رسم دارٍ قد بقي
(مجاهل جمع مَجهل : وهو الفلاة لا أعلام فيها يُهتدى بها،تحار : تضل. القطا جمع قطاة : وهو طير بحجم الحمام،يضرب به المثل في الاهتداء إلى الأماكن المطلوبة،والدمنة : آثار الديار،والرسم : الأثر. أي أن تلك المفاوز مجاهل لا يهتدي فيها حتى القطا المعروف بسرعة الاهتداء،قد عفت آثارها،ودرست معالمها،وهي كذلك مظنة اللف والدوران،والضلال والتيهان. )
7 -ليس بها غير السوافي والحوا *** صِبِ الحراجيج وكل زحلق
((بعد ما وصف الأرض بما هو من طبيعتها من الحزونة أو السهولة والاستواء أو غيره،وصفها بما تشتمل عليه من هذه الرياح العواصف،والزعازع القواصف،فالسوافي جمع سافياء : وهي الريح التي تسفي التراب : أي تحمله وتذروه،والحواصب جمع حاصب : وهي الريح الشديدة التي ترمي بالحصباء،وهي في قوله تعالى "ومنهم من أرسلنا عليه حاصبا " والحراجيج جمع حرجوجة : وهي الريح الباردة الشديدة،والزحلق : الريح الشديدة))
8 - والمرخ والعفار والعِضاه والبشام والأثل ونبت الخَربَق
9 - والرمث والخُلة والسعدان والثغر وشَريٍ وسَنَا وسمسق
10 - وعُشر ونَشَمٍ وإِسْحِلٍ *** مَعَ ثُمام وبَهَار مونق
(المرخ : شجر رقيق سريع الوري{أي الاشتعال - محمود} يقتدح به،والعفار : كذلك شجر يتخذ منه الزناد.. والعضاة : كل شجر عظيم له شوك،والبشام : شجر طيب الرائحة يُتخلل بعيدانه،والأثل : شجر كالطرفاء إلا أنه أعظم منها،وخشبه صلب جيد تصنع منه القصاع والجفان،والخربق : نبات ورقه كلسان الحمل : أبيض وأسود،والرمث : مرعى الإبل من الحمض،وشجر يشبه الغضا،والخلة ما فيه حلاوة النبات {هكذا}،والعرب تقول : الخلة خبز الإبل. والحمض فاكهتها. والسعدان : نبت له شوك.،وهو من أفضل ما ترعاه الإبل،وفي المثل : مرعى ولا كالسعدان,والثغر : نبت جيد الرعي من أفضل العشب،والشري : الحنظل،يقال : لفلان طعمان شري وأري،أي حنظل وعسل،والسنا : نبت كأنه الحناء حبه مفرطح وله منافع،والسمسق : الياسمين والمرزنوش والعشر شجر فيه حُرّاق لم يُقتدح في أجود منه،والنشم : شجر تتخذ منه القِسي، والإسحل : شجر له أغصان ناعمة يستاك بها،والثمام : نبت ضعيف لا يطول،والبهار : نبت جعد له فُقاحة صفراء وهو طيب الرائحة،ويقال فيه أيضا العرار،ومونق أي معجب،وهذا وصف للأرض بما اشتملت عليه من أنواع الأشجار والنباتات البرية،ثم وصفها بما اشتملت عليه من الحيوانات))
يتبع,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
أم عاكف ( الأم المعلمة )
2015-05-09, 22:29
بارك الله في الجميع
ayache1212
2015-05-10, 14:45
بارك الله في الجميع.......ونريد من اخواننا الاساتذة التفاعل و افادتنا اكثر ......
يقول الناظم واصفا الصحراء بما اشتملت عليه من الحيوانات :
11 - والسمع واليَعقوب والقِشّةِ والسّيدِ السّبنتى والقطا وجَورق
12 - والليل والنهار والرئال والهيثم مع عِكرمةٍ وخِرْنِق
(( السمع : ولد الذئب من الضبع،وهو شديد السمع يضرب به المثل في ذلك،فيقال أسمع من سمع،واليعقوب : ذكر الحجل،والقشة : القردة أو ولدها الأنثى،والسيد : الذئب،ويطلق على الأسد،والسبنتى : الجريء المقدام وهو صفة للسيد،والجورق : ذكر النعام،والليل : فرخ الكروان،والنهار : فرخ الحبارى،والرئال جمع رأل. وهو ولد النعام،والهيثم : الصقر،وقيل فرخ العقاب وفرخ النسر،والعكرمة : أنثى الحمام، والخِرْنِق : الفتى من الأرانب،وسميت به امرأة.))
13 - ولم تزل تقطع جلباب الدجا *** بجَلَمِ اليد وسيف العنق
((الجلباب : الملحفة،والدجا : الظلام،والجلم : المقراض وهما جلمان،وإضافة الجلباب إلى الدجا،والجلم إلى اليد،والسيف إلى العنق،من إضافة المشبه به إلى المشبه على قاعدة التشبيه البليغ المحذوف الأداة،وليس هذا البيت تكرارا مع البيت السابق،ولم تزل تذرع كل فدفد. إلى آخره :{البيت المشار إليه سقط من القصيدة،وهو من الذاكرة : ولم تزل تذرع كل فدفد أذرعها وكل قاع قرق} لأن فيه زيادة النص على أن هذه الإبل لا تستريح من السير ليلا ونهارا مع حسن الكناية عن هذا المعنى،بجعلها،أي الإبل،تقطع ستار الليل تقطيعا بيدها التي تشبه الجلم،وعنقها الشبيه بالسيف.))
ثم يتحدث الناظم عن معاناة الإبل :
14 - فما استراحت من عبور جعفر *** ومن صعود بِصَعيدٍ زَلَق
15 - إلا وفي خضخاض دمع عينها *** خاضت وغابت بسراب مُطبق
((الجعفر : النهر. والصعيد : وجه الأرض. الخضخاض : الطين المختلط بالماء، المطبق : المغطى،,هذا المعنى من تتمة ما قبله،أي أنها ما تكاد تستريح من قطع نهر،أو تسلق مكان وعر،حتى تخوض من دمعها الهامل،في بحر من السراب الشامل.))
16 - كأنما رقراقه بحر طما *** والنوق أمواج عليه ترتقي
17 - وكلّ هودج على أقتابها *** مثلُ سَفين ماخرٍ أو زورق
18 - مرّت بها هوج الرياح فهيَ في *** تفرق حينا وحينا تلتقي
((رقراق : ما تلألأ منه،وطما امتلا،والهودج : محمل تركب فيه النساء،والأقتاب : جمع قتب،محركا،وبكسر فسكون،{قَتَب أو قِتْب} رحل صغير يكون على سنام الجمل،والسفين : جمع سفينة ،وقد يراد به المفرد ويتعين هنا ليطابق المبتدأ والصفة،وماخر : اسم فعل من المخر. وهو شق الماء،هوج الرياح : عواصفها التي تقلع الأشجار والبيوت. يصف السراب بأنه كالبحر المزبد المتلاطم الأمواج،وهذه النوق هي أمواجه،وهوادجها : سفنه فهي تتلاعب بها الرياح، تارة تجمعها وتارة تفرقها.))
19 - وكم بسوط البغي سقت سُوقها *** سوق المعنف الذي لم يتق
((السوط : آلة الضرب. واستعاره للبغي. وسقت ماض من السوق ضد القود،وسُوقها جمع ساق. وهي من الرجل معروفة،يعنف الحادي على قسوة قلبه،وقلة خوفه من ربه،فهو على ما يكلف هذه الإبل من عظيم الجهد،لا يكف عن إلهابها بسوط الحقد.))
20 - حتى غدت خوصا عجافا ضُمّرا *** أعناقها تشكو طويل العَنَقِ
((أي بسبب ذلك التعذيب والتضريب خوصا غائرات الأعين جمع خوصاء،عجافا : ضعافا جمع عجفاء على غير قياس. ضمرا : مهزولة جمع ضامر أعناقها بما يبدو عليها من الانكسار تشكو طويل العنق "ضرب من السير فسيح سريع"وفي إسناد الشكوى إلى الأعناق مجاز كما أن في قوله أعانق وعنق جناسا.))
21 - مرثومة الأيدي شكت فرط الوجا *** لكنها تشكو لغير مُشْفِقِ
((أي بسبب ذلك أيضا صارت مرثومة الأيدي : أي مهشمتها وأصيبت بالوجى،وهو الحفا أو وجع الرجل : فهي تشكو من إلحاحه عليها ولكن شكواها تذهب سدى لأنها تلقيها لغير مشفق)).
22 – قد ذهبت منها المحاسن بإدْ *** مان السرى وقلةِ الترفق
((الإدمان : المداومة. والسرى : المشي ليلا. وهذا من الإجمال بعد التفصيل فإنه لما خصص بالذكر جملة من العيوب التي أصابتها ولم تكن فيها عمم فقال : إن جميع محاسنها قد زايلتها بسبب إدمانها السرى،وقلة ترفق الحادي بها.))
23 – كأنها لم تكُ قبل انتخبت *** من كل قَرواءَ رَقُوب فُنُق
24 – دوسرة هوجاء وجنا ما بها *** من نقبٍ ومن وجى وسَلَق
((ناقة قرواء : طويلة السنام. ورقوب : لا تدنو من الماء عند الزحام لكرمها. وفنق : فتية منعمة. ودوسرة : ضخمة. وهوجاء : سريعة حتى كأن بها هوجا أي حمقا. ووجناء : عظيمة الوجنتين،وقصره للضرورة. والنقب : رقة خف البعير. والسلق : أثر الجرح. وهذا وصف لما كانت عليه من الحسن والجمال قبل أن يحل بها البلاء والنكال،فما أسرع ما تبدلت الأحوال.))
25 – من بعد ما كانت هُنيدة غدت *** أكثر من ذود ودون شَنَقِ
(( الهُنيدة : اسم المائة من الإبل. والذود : اسم لما بين الثلاث إلى العشر. والشنق : لما بين العشر إلى العشرين. يريد أن ما أصابها من التلف لم يكن في أجسامها فقط،بل تعدى إلى النفوس فكاد يبيدها عن آخرها وما أبقى منها إلا القليل،فبعد أن كانت مائة صارت أقل من عشرين.))
26 - وإن تماديت على إتعابها *** ولم تكن منتهيا عن رهق
27 - فسوف تعروك على إتلافها *** ندامة الكُسْعي والفرزدق
(هذا إنذار للحادي بأنه إن تمادى واستمر على خطته الهوجاء في إرهاق هذه الإبل وتحميلها ما لا تطيقه،فإنه سوف تعروه وتصيبه ندامة مثل ندامة الكسعي والفرزدق،وندامتهما مما يضرب به المثل،أما الكُسَعي بضم ففتح،وسكنه الناظم للضرورة فإنه أعرابي خرج يصطاد ليلا فبانت له حُمر وحشية فرماها فأنفذها،لكن سهامه كانت تصيب صوانة بعد النفاذ فتوري،فظنها لم تصب شيئا فغضب وكسر قوسه وعض على إبهامه حتى قطعها ثم نام،فلما أصبح وعرف الحقيقة ندم ندما شديدا لكسر قوسه وقال :
ندمت ندامة لو أن نفسي *** تطاوعني إذا لقطعت خمسي.
أما الفرزدق فهو الشاعر المشهور،وكان تزوج ابنة عمه النوار بنت أعين بن ضُبيعة على كره منها له،ورغبة له فيها،فنشأ بينهما ما هو طبيعي في هذه الحال من الخلاف إلى أن استرضته في طلاقها فطلقها ثلاثا،وأشهد الحسن البصري،فما خرجت عن عصمته حتى نازعته نفسه إليها وندم على طلاقها وقال :
ندمت ندامة الكسعي لما *** غدت مني مطلقة نوار))
يتبع
[b][/يواصل الناظم لوم سائق الإبل :
28 - وكنت قد عُوضت من أخفافها *** خفي حنين ظافرا بالأنق
(هذا البيت معطوف على جملة جواب الشرط في البيت قبله ويصح أن يكون حالا من مفعول تعروك،وهو تتمة معناه والتقدير،وإن تماديت على إتعابها فسوف تعروك على ذلك ندامة الكسعي والفرزدق،وتكون قد تبدلت منها خفي حنين،وأتى بالماضي في موضع المضارع لتنزيله منزلة الواقع،وكنى عن هلاكها بهلاك أخفافها،لأنها كل شيء بالنسبة إلى المسافر الذي لا يتأتى له الانتقال بالإبل مع تلف أخفافها مع ما في قوله أخفافها،وخفي حنين من التجنيس،وظافرا بالأنق أي الفرح حال من التاء في عوضت،وليس في ذلك شيء من الأنق ولكنه سخرية لاذعة من الحادي الذي ركب رأسه،وأبى إلا تعريض الإبل للتلف فيظفر بخفي حنين)
29 - لأنت أظلم من ابن ظالم *** إن كنت من بعد بها لم تَرفق
((ابن ظالم : هذا فاتك مشهور له فظائع،ومن خبر فتكه أنه وثب بخالد بن جعفر بن كلاب وهو في جوار الأسود بن المنذر الملك فقتله وطلبه الملك ففاته،فقيل له : إنك لن تصيبه بشيء أشد عليه من سبي جارات له من بلي،وبلي حي من قضاعة فبعث في طلبهن،فاستاقهن وأموالهن فبلغه ذلك،فكر راجعا من وجه مهربه وسأل عن مرعى إبلهن وكن فيه،فتلطف حتى وصل إليه،ثم استنقذ جاراته وأموالهن وانطلق فأخذ شيئا من جهاز سنان بن حارثة،فأتى به أخته سلمى بنت ظالم وكانت زوج سنان وقد تبنت ابن الملك شرحبيل بن الأسود فقال،هذه علامة بعلك فضعي ابنك حتى آتيه به ففعلت،فأخذه وقتله،فضرب بفتكه المثل،والناظم ضرب به المثل في الظلم لاستلزامه له،وليجنس قوله،أظلم من ابن ظالم.))
30 - رفقا بها قد بلغ السيل الزبى *** واتسع الخرق على المرتِق
((عاد فطلب منه الرفق بعد ذلك التقريع عسى أن يكون تأثر مما سمع من وصف حال هذه الإبل الذي يستوجب الرثاء،وقوله قد بلغ السيل الزبى : جمع زبية وهي الرابية لا يعلوها الماء،فإذا بلغها السيل كان جارفا مجحفا وهو مثل يضرب لما جاوز الحد وعند اشتداد الأمر،وكذا قوله واتسع الخرق على المرتق،والمرتق الرافي.))
31 - وهب لأيديهن أيدا ولها *** متنا متينا ما خلا عن مصدق
32 - فما لظعن حملت من مِرة *** بظعن أودى بها في الغسق
((هذا افتنان من الناظم في طريق إقناع الحادي فقوله : هب أي اعتقد وافرض،وهو فعل أمر لا يتصرف،لأيديهن : المراد به ما يشبه اليدين والرجلين،أيدا : أي قوة،ولها : أي للنوق متنا: أي ظهرا متينا،أي قويا ما خلا عن مصدق،أي شدة وصلابة فما لظعن جمع ظعينة : وهي المرأة ما دامت في الهودج أو مطلقا ومفعول حملت محذوف،أي حملتهن،من مرة : أي قوة على ظعن في الغسق : أي سير أودى بها،أي أهلكها،والغسق : أول الليل،وجنس بين أيدهن وأيدا،ومتنا ومتينا،وظعن وظعن))
33 - أسأت للغيد وللنوق ولي *** إساءة بتوبة لم تمحق
(( الغيد جمع غيداء : وهي المرأة المتثنية من اللين والنعومة،وأقام لها حجة أخرى على الحادي حيث جعل إساءته غير قاصرة على الإبل،بل تعدتها إلى الغيد وإليه،فهي إساءة عظيمة لا تمحوها توبة))
34 - لو لم يكن بحب حلْمِ أحنف *** والمِنْقَري قلبيَ ذا تعلق
35 - حملتُ رأسك على شبا القنا *** مروعا به حداة الأينق
(( الحلم : الإغضاء والصفح،والأحنف : هو ابن قيس التميمي من سادات التابعين،والمنقري : قيس بن عاصم،صحابي جليل،وكلاهما ممن سادوا قومهم واشتهروا بالحلم ومكارم الأخلاق))
36 - فسق فلا نعم عوفك ولا *** وأمن خوفك ولا تدرنفق
(( يعني أما وقد نجاك حلمي عنك فسق فلا نعم عوفك،وهذا مثل،والعوف البال والشأن،فهو دعاء عليه،ومثله،ولا أمن خوفك،وقوله ولا تدرنفق،أي لا تمش سريعا،وهو دعاء عليه أيضا))
.b]
ayache1212
2015-05-12, 09:20
يقول مصطفى صادق الرافعي : (( إن اللغة مظهر من مظاهر التاريخ، والتاريخ صفة الأمة. كيفما قلّبت أمر اللغة - من حيث اتصالها بتاريخ الأمة واتصال الأمة بها - وجدتها الصفة الثابتة التي لا تزول إلا بزوال الجنسية وانسلاخ الأمة من تاريخها .))
بارك الله في الاخ غريب ( garib العضو المجتهد ) على افادتنا بالشرح للمعاني واصل و اجرك على الله
يقول مصطفى صادق الرافعي : (( إن اللغة مظهر من مظاهر التاريخ، والتاريخ صفة الأمة. كيفما قلّبت أمر اللغة - من حيث اتصالها بتاريخ الأمة واتصال الأمة بها - وجدتها الصفة الثابتة التي لا تزول إلا بزوال الجنسية وانسلاخ الأمة من تاريخها .))
بارك الله في الاخ غريب ( garib العضو المجتهد ) على افادتنا بالشرح للمعاني واصل و اجرك على الله
شكرا لك على التشجيع
ayache1212
2015-05-13, 16:48
واصل و اجرك على الله
يواصل الناظم لوم سائق الإبل :
37 - ودع يسوق بعضها بعضا فقد *** دنا ولوجها بوعر ضيق
((أي اتركها تسوق نفسها بنفسها فقد قاربت أن تدخل في طريق ضيق لا يمكن سلوكها به إلا متتابعة يقدم بعضها بعضا،أما أنت فسوقك العنيف يحرجها ويحملها على التدافع والتزاحم في هذا المسلك الوعر فتعطب وتهلك،وهذا من الناظم استدراج للحادي ليترتب عليه قوله : ))
38 - ولتتخذني رائدا فإنني *** ذو خبرة بمبهمات الطرق
((الرائد،هو الذي يرسل في طلب الكلأ،أي ولتجعلني رسولك ودليلك أرتاد لك المراعي الخصبة،فإنني على خبرة بمبهمات الطرق،أي خفياتها ويستلزم ذلك علمه بواضحاتها بالأولى))
39 - إن غَرِثت علفتها ولو بما *** جمعته من ذهب ووَرِق
40 - أو صديت أو ردتها من أَدمعي *** نهر الأُبلة ونهر جلق
((غرث: جاع،والذهب معروف،والورق الدراهم الفضية المضروبة،وصدى،كعطش وزنا ومعنى،وأوردتها أي أحضرتها المورد،ونهر الأبلة بالبصرة،وجلق دمشق الشام،ونهرها بردى،وهما معا من أنزه الأماكن. وهذا من الناظم غاية الرعاية ومنتهى الكفاية،إذ أنه تكفل للحادي بأنه لا يقتصر على الريادة فحسب،بل يقوم بعلف الإبل ولو كلفه ذلك إنفاق ما جمعه من مال،ويوردها ولو كان بما لا ينال،والعذر له فإنه ليس هو المتكلم،ولكنه لسان الهوى يعبر ويترجم،والإبل ليست هي المقصودة بالذات ولا مما يستحق هذا الالتفات،ولكن السر في السكن لا في المسكن،وكما قال المجنون :
وما حب الديار شغفن قلبي *** ولكن حب من سكن الديارا))
41 - رفقا بها شفيعها هوادج *** غدت سماء كل بدر مشرق
42 - من كل غيداء عَرُوب بضة *** رعبوبة عيطاء ذات رونق
43 - خريدة ممشوقة رقراقة *** وهنانة بهنانة المعتنق
(( هذا انتقال من غرض إلى غرض،وقد مهد له الناظم فأحسن،فلما تخلص إليه لم يكن ثقيلا على السمع،ولا نابيا عن الطبع،والغرض المنتقل منه ذكر رحيل الأحبة،ووصف الإبل التي حملوا عليها،والبيد التي تعسفوها،ولوم الحادي على جده في السير ليلا ونهارا،حتى أضر بالإبل ضررا بليغا،وتذكره من يحمل فوقها من النساء اللاتي لا طاقة لهن بذلك السير العنيف،وإظهاره شديد العطف على هذه الإبل حتى تبرع بالريادة لها والقيام عليها أحسن قيام،وهذه الفنون من الكلام هي ما يعبر عنه الأدباء بالنسيب،والغرض المنتقل إليه التغزل بصفات محبوبه،وذكر ما هو عليه من فنون المحاسن وضروب المفاتن فقوله "رفقا بها شفيعها هوادج"هو من الكناية عن الحال باسم المحل إذا قلنا أنه يتشفع إليه بتلك السيدات اللاتي داخل الهوادج،أو الكلام على حقيقته،وإنما صانهن عن التشفع بهن قصدا،لأنه يرى أن قدرهن أرفع من التوسل به إلى الحادي،وفي البيت استعارة وتشبيه،فإنه لما استعار البدور المشرقة للنساء شبه الهوادج بالسماء،وقوله "من كل غيداء"بيان لكل بدر،والغيداء تقدم تفسيرها،والعروب : الحسنة الجميلة،والبضة : الرخصة البدن،الناعمة،والرعبوبة : البيضاء المنعمة،والعيطاء : طويلة العنق وهو مما يمتدح به،ويكنون عنها ببعيدة مهوى القرط. ذات رونق : أي صاحبة حسن ورواء،والخريدة : البكر التي لم تمس،ويقال لؤلؤة خريدة لم تثقب،والممسودة : المجدولة الخلق الممشوقة القد،والرقراقة : المتلألئة البراقة،والوهنانة : الكسلى عن العمل تنعما،وبهنانة المعتنق : طيبته لينته.)).
44 - وقل لربات الهوادج انجليــــــــن آمنات فزع وفرق
45 - فإنني أشجع من ربيعة *** حامي الظعينة لدى وقت اللقي
((ربات الهوادج،صاحباتها،وهن النساء اللاتي وصفهن في الأبيات قبل،وانجلين : ابرزن،واظهرن،وآمنات،حال من فاعل انجلين،والفزع : الذعر ،والفرق : الخوف : أي وقل أيها الحادي لصاحبات الهوادج،ينجلين غير متخوفات أن يدنو منهن أحد،فإنني عند اللقاء في الحرب أشجع من ربيعة حامي الظعينة : أي المرأة،وأراد به الجنس،إذ هو مثل الجمع،ولفظه : أحمى من مجير الظعن وهو ربيعة بن مكدم الكناني،وكان من خبره : أن نبيشة بن حبيب السلمي خرج غازيا فلقي ظعنا من كنانة بالكديد،فأراد أن يحتويها فمانعه ربيعة بن مكدم في فوارس وكان غلاما له ذؤابة فشد عليه نبيشة فطعنه،فأتى ربيعة أمه فعصبته واستسقاها،فقالت : اذهب فقاتل القوم فإن الماء أمامك،فرجع وكر على القوم فكشفهم ورجع إلى الظعن وقال : إني لمائت وسأقف بفرسي على العقبة،وأتكئ على رمحي،فإن فاضت نفسي كان الرمح عمادي،فالنجاء النجاء،فوقف ساعة حتى نزفه الدم،ففاظ أي مات وطال وقوفه فاشتبهوا أمره،فرموا فرسه فقمص وخر ربيعة على وجهه،فطلبوا الظعن فلم يلحقوهن. قال أبو عمرو بن العلاء : ما نعلم قتيلا حمى ظعائن غير ربيعة بن مكدم.))
=======================================يتبع======= ==================================
ayache1212
2015-05-14, 10:07
وما حب الديار شغفن قلبي *** ولكن حب من سكن الديارا
بارك الله فيك اخي غريب ....................وزادك الله علما نافعا و اجرا يافعا
يقول الناظم :
46 - فربما يبدو إذا برزن لي *** ريم إليه طار بي تشوقي
47 - لبنى وما أدراك ما لبنى بها *** عرفت صبا مغرما ذا قلق
((رب : حرف جر للتقليل أو التكثير حسبما يستفاد من الكلام،وتوصل بما كما هنا،وتخفف أيضا كما في قوله تعالى : "ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين"في قراءة نافع وحفص. ويبدو : يظهر،وبرزن : ظهرن. والريم مهموزا ومخففا : الظبي الخالص البياض،جمعه آرام. ولبنى بدل من ظبي،وقوله وما أدراك ما لبنى هو استفهام : مقصود به التعظيم لشأنها : أي وما علمك ما لبنى هذه التي عرفت واشتهرت بها صبا : أي عاشقا،مغرما،ذا قلق))
48 - تسبي بثغر أشنب ومَرشِف *** قد ارتوى من قرقف معتق
49 - وناعم مهيكل وفاحم *** مرجل وحاجب مرقق
50 - وعقب مُحجل ومعصم *** مسور وعنق مطوق
51 - ومقلة ترمي بقوس حاجب *** لاحظها بسهمها المفوق
(( تسبي : أي تأسر ،والمفعول الذي هو السبي محذوف لعلمه من الكلام : أي لب الرجل،والثغر : مقدم الأسنان،والأشنب : المرشف البارد. وقد ارتوى : جملة في موضع الوصف لمرشف ،والقرقف : الخمر. وقوله : وناعم صفة لموصوف محذوف أي جسم ناعم،والمهيكل الضخم. وقوله : وفاحم موصوفه محذوف أيضا : أي وشعر فاحم أي أسود. وقوله : وعقب محجل،العقب : مؤخرة القدم،والمحَجّل : الذي فيه حجل وهو الخلخال. وقوله : ومعصم مسور،المعصم : موضع السوار،والمسور : ذو السوار،والسوار : الدملج وقوله : ومقلة إلخ. المقلة : مجموع شحمة العين بسوادها وبياضها،وترمي بقوس حاجب : أي عنها،والحاجب شُبّه بالقوس لتقوسه وانعطافه مثلها،وفيه تورية بقوس حاجب بن زرارة التميمي وسيأتي الكلام عليها عند الناظم،ولا حظها : أي ناظرها مفعول ترمي،بسهمها المفوق : الذي يجعل له فُوق وهو شق في رأس السهم حيث يقع الوتر.))
أظن أن الـ(دُملج) يفسر بـ(سوار) وليس العكس!!+ أعتذر عن نقل البيتين 52 و 53 تحرجا - محمود
54 - وزاد مسك الخال ورد خدها *** حُسنا وقد عم بطيب عبق
55 - وقبّلت أقدامها ذوائب *** سود كقلب العاشق المحترق
(( المسك طيب معروف،والخال الشامة السوداء تكون في البدن،والأكثر أنها التي في الخد،والذوائب جمع الذؤابة،وهي الضفيرة من الشعر إذا كانت مرسلة فإن كانت ملوية فهي عقيصة،وذؤابة كل شيء أعلاه،ومنه قولهم : هو في ذؤابة قومه : أي في أعلاهم نسبا ومجدا،ونسبة التقبيل للذوائب استعارة))
56 - كم أودعت في مقلتي من سهر *** وأضرمت في مهجتي من حرق
57 - ولا يزال في رياض حسنها *** يسرح فكري ويجول رمقي
((كم للتكثير،وأودعت : استحفظت،وأضرمت : أوقدت،والمهجة : النفس،وجمعها مهج،وقيل دم القلب))
58 - ولا تسل عما أبث من جوى *** وما تريق من دموع حدقي
59 - يوم اشتكى كل بما في قلبه *** لحِبه بطرفه بما لقي
(لا تسل مضارع سال مخففة وتخفيفها لغة. قال تعالى :"سال سائل"وأبث : أظهر،والجوى : سقم الجوف من طول المرض،أو تأثير الحزن على القلب))
60 - ما عذر من يشكو الجوى لمن جفا *** وهو لدمع عينه لم يرق
(( ما عذر : استفهام إنكاري مفاده النفي : أي لا عذر لمن يشكو الجوى للحبيب الذي جفا في عدم إراقة ماء عيونه،والتعبير بذلك عما يعالج من غمرات شجونه،والجفا هنا : البين والفراق،لا القطيعة والهجران لأنه قدم أيضا أنها تحبه وتهاوه،وجملة،وهو لدمع عينه لم يرق حال.))
61 - آهٍ على ذكر ليال سلفت *** لي معها كالبارق المؤتلق
62 - في معهد كنا به كنخلتي *** حلوان في وصل بلا تفرق
(آه : اسم فعل بمعنى أتوجع. والذكر : مصدر كالتذكر،وسلفت: مضت. والبارق : السحاب ذو البرق،والمؤتلق : اللامع،شبه ليالي الوصل به في سرعة الذهاب وقلة اللبث. والمعهد : المكان لا يزال القوم يتعاهدونه أي يرجعون إليه ويترددون عليه،والباء في به ظرفية بمعنى في،ونخلتا حلوان : هما نخلتان كانتا بعقبة حلوان من غرس الأكاسرة يضرب بهما المثل في طول الصحبة وقدم المجاورة. لما خرج الرشيد إلى طوس هاج عليه الدم وهو بحلوان فنعت له الجمار،ولم يكن هناك نخل إلا هاتين النخلتين فقطعت إحداهما وأتى بجمارها فلم تلبث الأخرى أن ذبلت وماتت،ولما أخبر بذلك أسف وقال لو علمت ما قطعتها ولو قتلني الدم)
63 - نلنا به ما نشتهي من لذة*** ودعة في ظل عيش دغفق
64 - أزمان كان السعد لي مساعدا *** ومقلة الرقيب ذات بخق
(نال خيرا ينال نيلا : أصاب،والدعة : خفض العيش. والعيش الدغفق : الواسع،"وعام دغفق" : مخصب،ودغفق الماء : صبه صبا كثيرا، والعيش لا ظل له ولكنه استعاره وأزمان ظرف يتعلق بنلنا. وذات بخق : أي عوراء وقد بخقت عينه من باب فرح فهي بخقاء وباخقة.)
65 - واليوم قد صار سلام عزة *** يقنع من لبنى إذا لم نلتق
(يعني وقد حالت اليوم تلك الحال،وتبدلنا الفراق من الوصال،فصرت أقنع من سلمى بتسليمها،وأكتفي بحقيرها عن عظيمها،ولمح بسلام عزة إلى ما روي من أن كثيرا وقف مرة على عزة وهو محتمل من مصر فقال عليك السلام يا عزة فقالت عليك السلام يا جمل،فقال :
حيتك عزة بعد الهجر فانصرفت *** فحي ويحك من حياك يا جمل
لو كنت حييتها ما زلت ذا مقة *** عندي وما مسك الإدلاج والعمل
ليت التحية كانت لي فأشكرها *** مكان يا جمل،حييت يا رجل))
66 - والله لو حلت ديار قومها *** واحتجبت عني بباب مغلق
67 - لزرتها والليل جون حالك *** وجفنها لم يكتحل بأرق
68 - مع ثلاثة تقي صاحبها *** ما لم تكن نون الوقاية تقي
(وفي هذه الأبيات انتقل من غرض التغزل إلى غرض التحمس وهم مناسب لما كان فيه شكوى الحال وتذكر أيام الوصال لأن ذلك مما يهيج الحمية،ويحرك النخوة في النفس الأبية،فلذلك قال وأقسم،والله لو حلت أي نزلت. وديار قومها ،يعني منازلهم،واحتجبت عني أي استترت وامتنعت،بباب مغلق مسدود،وجواب القسم على القاعدة في أنه إذا اجتمع في الجملة شرط وقسم،فالجواب للسابق منهما،والليل الواو للحال،والجون،الأسود،ويطلق بالاشتراك على الأصفر،لم يكتحل بأرق،يريد وهي نائمة،قوله مع ثلاثة أي مصحوبا بثلاثة ،تقي صاحبها : أي تدفع عنه. ونون الوقاية هي التي تلحق الفعل حين اتصاله بياء المتكلم لوقايته من الكسر الذي لا يكون في الأفعال. مثل علمني ويعلمني. وهذا اقتباس من علم النحو. وفيه مراعاة النظير. فإن الكسر الذي تقيه نون الوقاية يناسب العطب الذي تقيه هذه الثلاثة.)
69 - سيف كصمصامة عمرو باتر *** لا يتقى بيلب ودرق
((سيف بالكسر على البدلية من ثلاثة أو بالرفع خبر لمبتدأ محذوف أي أحدها سيف. لا يُتقى : لا يحترز منه بيلب،واليلب : المراد بها الدروع. وهو اسم جنس جمعي. واحدته يلبة. والدرق جمع درقة، وهي الترس. والصمصامة : سيف عمرو بن معد يكرب الزبيدي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،ومن شجعان العرب المعدودين،وهو من سيوف العرب المشهورة.ويضرب به المثل في حسن المضاء وكرم الجوهر.))
70 - وبين جنبيّ فؤاد ابن أبي *** صفرة قاطعِ قَرَا ابن الأزرق
((الجنب : الشق من الإنسان وغيره. وهما جنبان. وفؤاد : القلب. وقاطع صفة لابن أبي صفرة،والقرا : الظهر أي وقلب بين جنبي مثل قلب المهلب بن أبي صفرة في الثبات والشجاعة وابن الأزرق هو نافع بن الأزرق الخارجي رأس الأزارقة إحدى فرق الخوارج وكان شجاعا مقدما في فقه الخوارج. وظهر أمره في أيام ابن الزبير. واستمر إلى أيام عبد الملك بن مروان،وغلب على كثير من البلاد. وكان كلما سار إليه جيش رده مهزوما. فلما صمد إليه المهلب لم يقدر عليه،وعالج المهلب من قتاله وقتال أصحابه أمرا شديدا وتغلب عليه بالمطاولة بعد نحو عشرين سنة،فذلك قال الناظم : قاطع قرا ابن الأزرق. وأعقب ذكر السيف بالشجاعة لأنها لازمة له،ولا بد منها في إفادة الغرض المطلوب كما قال الطغرائي :
وعادة النصل أن يزهى بجوهره *** وليس يعمل إلا في يد البطل.))
71 - وفرس كداحس أو لاحق *** يوم الرهان شأوه لم يُلحق
((الفرس معروف ويقع على الذكر والأنثى وربما قالوا فرسة وجمع على فرسان وفوارس والثاني شاذ،وداحس اسم فرس لقيس بن زهير العبسي يضرب به المثل في الشؤم،لأن الحرب جرت بسببه بين ذبيان وعبس أربعين سنة،ولاحق اسم فرس لمعاوية بن أبي سفيان،والشأو : الغاية))
72 - تقدح نار الحُباحب حوا *** فره عند خبب وطَلَقِ
((قدح النار : أوراها،وبابه قطع،والحُباحب : ذبابة تطير بالليل،ويرى في طرف جناحها شعاع كالسراج،فمنه قيل للنار الضعيفة نار الحباحب،وللنار التي توقدها الخيل بسنابكها من الحجارة،والخبب : نوع من العدو وهو أن يراوح الفرس بين يديه ورجليه. والطلق : الشوط. أي جري الفرس لا يحتبس إلى غاية،يقال عدا الفرس طلقا أو طلقين،كما يقال شوطا أو شوطين))
73 - كالريح في هبوبه والسّمع في *** وثوبه وكالمها في فشق
((أي هذا الفرس هو في هبوبه : أي أن سرعته كالريح،وفي وثوبه كالسمع وتقدم أنه ولد الذئب من الضبع،في فشقه : أي نشاطه ومرحه. كالمها : جمع مهاة،وهي البقرة الوحشية.))
74 - به أجوس في خلال دارها *** وأنثني كالبارق المؤتلق
((جاس خلال الديار : إذا تخللها،فطلب ما فيها كما يجوس الرجل الأخبار،أي يطلبها،وانثنى : رجع وانعطف
=======================يتبع ===============================
ayache1212
2015-05-15, 21:32
بارك الله فيك وجزاك خيرا
يقول الناظم :
75 - فإن تكُ الزبّا دخلت قصرها *** وكقصر سقتها للنفق
((الضمير في تك لمحبوبته لبنى،وتكُ مضارع كان الناقصة،حذَف نونها تخفيفا،ولا يحذف إلا إذا لم يله ساكن ولا ضمير متصل وكان مجزوما كما هنا،والزبا : اسم امرأة وهو ممدود وقصره ضرورة،وقصير : اسم رجل،والزباء هذه هي بنت عمرو بن الظرب صاحب الجزيرة وقنسرين،وكان جذيمة بن الأبرش ملك الحيرة غزا أباها فقلته فأطمعته في نفسها ووعدته أن تتزوج به فمشى إليها فاغتالته،وأراد قصير أحد رجاله أن يأخذ بثأره،فجدع أنفه ولحق بها،فقال إن عمرا ابن أخت جذيمة قد فعل بي ما ترين،زعم أني أشرت على خاله بالخروج إليك حتى قتلته،فأصغت إليه ووثقت به فاستعملته في تجارتها بالعراق فأتاها بربح كثير أعطاه إياه عمرو المذكور،فازدادت غبطتها به،وذات مرة أتاها بدل السلعة برجال داخل الجواليقات على ظهور الجمال،فلما أظلم الليل لم تشعر إلا والمدينة قد دخلت عليها وهاجم عمرو قصرها فهربت من نفق كانت اتخذته في قصرها،فاقتحمه عمرو عليها لمعرفته به من وصف قصير له،فحينئذ مصت خاتما كان في يدها مسموما وقالت،بيدي لا بيد عمرو.فأرسلتها مثلا،وماتت))
76 – ومن حماها ككليب فله *** جساس رمح راصد بالطرق
((حماه يحميه حماية : دافع عنه،وهذا شيء في حمى أي محظور لا يقرب،وأحميت المكان جعلته حمى،وككليب : حال من فاعل حمى والكاف اسمية بمعنى مثل،وكليب رجل،وقوله فله جساس رمح،الجملة جواب الشرط الذي هو من وإضافة جساس إلى رمح إضافة الصفة إلى الموصوف،أي رمح جساس يبحث عن المقاتل ويفري الكلى والمفاصل،وراصد وصف لرمح،ومعنى راصد حارس ورقيب،والكلام على الاستعارة،وفي قوله جساس رمح تورية،فإن ما يتبادر إلى الذهن من معنى جساس أنه قاتل كليب،ولكن المراد معناه البعيد على ما أشرنا إليه،وهي مرشحة بذكر كليب ورمح وراصد بالطرق لزيادة التعمية))
77 – لابد لي منها وإن تحصنت *** بالأبلق الفرد وبالخورنق
( البد : العوض،وقولهم لابد من كذا،أي لا مناص منه،و تحصنت : تمنعت،والأبلق الفرد : حصن قديم كان للسموأل بن عاديا في تيماء من أعمال تبوك يضرب به المثل في العزة. والخورنق : هو قصر للنعمان الأكبر ملك الحيرة،وكان من الفخامة وحسن الإتقان على جانب عظيم،وللشعراء فيه كلام كثير))
78 – لابد لي منها وإن عثرتُ في *** ذيل الحسام والسنان الأزرق
((عثر في ثوبه يعثُر بالضم عثارا،زل،والاسم العثرة. والذيل : الطرف وأصله للثوب،واستعاره هنا للحسام،وهو السيف. والسنان : الرمح،ويوصف بالأزرق لشدة صفائه وترقرق مائه وكنى بهذا عن كثرة الشجعان من قومها الذين يخفرونها))
79 فإن ظفِرت بالمنى من وصلها *** بالغت في صيانة العرض النقي
((الظفر : الفوز. والمنى : جميع منية،وهي البغية. والصيانة : الحفظ. يريد أنه إذا ظفر بما يتمناه من وصلها لم يقصر في إيثار العفة والاستمساك بحبلها لكي يبقى عرضه نقيا ويكون حبه عذريا.))
80 – وإن بقيتُ مثل ما كنت فلا *** زلت بغيض مضجعي ونُمرق
81 - أشن كل غارة شعوا على *** من يحمها في مِقنب وفيلق
((أي وإن تكن الأخرى فلم أصل إليها ولم أظفر بها فلا زلت إلخ،فلا دُعائية اقترنت بالفاء لموضع الجملة من جواب الشرط،وبغيض فعيل بمعنى مفعل،والمضجع اسم مكان،من ضجع،أي وضع جنبه على الأرض. والنمرق كالنمرقة : الوسادة الصغيرة،وهذا كناية عن هجران النوم . وقوله أشن كل غرة،يقال شن عليهم الغارة،أي فرقها عليهم من كل وجه. والغارة : الخيل المسرعة المغيرة.والشعواء : الفاشية المتفرقة وهو ممدود. وقوله من يحمها : الأصل من يحميها لأن من هنا موصولة وليست جازمة،فحذفت الياء تخفيفا،وبقيت الكسرة دليلا عليها،وهي لغة. والمقنب : الجماعة من الخيل تجتمع للغارة. والفيلق : الجيش العظيم،والجار والمجرور متعلق بأشن.))
82 – وفي خميس من خيار يعرب *** ذوي رماح وخيول سُبُق
83 – مَنْ أُسْرَتَي بني مُلوك فهم *** أطوع لي من ساعدي ومرفقي
((الخميس : الجيش العظيم. والجار والمجرور متعلق بأشن،وقوله : وفي خميس معطوف على مقنب،والخميس الجيش سمي بذلك لاشتماله على خمسة أقسام : مقدمة،وساقة،وميمنة،وميسرة،وقلب. ويعرب : هو ابن قحطان أبو العرب اليمانية،وسُبُق : جمع سبوق،وقوله : من أسرتي : بيان لخيار والأسرة وأهل الرجل ذووه،وبني ملوك عطف بيان على أسرتي،وهو لقب أسرته. وقوله : فهم أطوع لي من ساعدي ومرفقي : أي أكثر طواعية لي من هذين. وفيه إشارة إلى أنه عزيز في قومه نافذ الأمر فيهم،وما أحسن موقع الساعد والمرفق في هذا المحل لاشتقاقهما من المساعدة والاتفاق.
ومن هنا انتقل الناظم من غرض الحماسة إلى غرض الفخر كما ترى.))
84 – سَلِ ابن خلدون علينا فلنا *** بيمن مآثر لم تمحق
(( ابن خلدون : هو ولي الدين أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون الحضرمي المؤرخ والناقد الاجتماعي المشهور. وعلينا بمعنى عنا. واليمن قطر معروف. ومآثر جمع مأثرة بفتح الثاء وضمها وهي المكرمة لأنها تؤثر : أي يذكرها قرن بعد قرن. ))
85 – وسَل سليمان الكلاعي كم لنا *** من خبر بخيبر وخندق
86 – ويوم بدر و حنين وتبو *** ك والسويق وبني المصطلق
(( الكلاعي : هو الحافظ أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي البلنسي المتوفى سنة 634 وله كتاب "الاكتفا في سيرة المصطفى"صلى الله عليه وسلم" وهو الذي عناه الناظم لتضمنه الكلام على الغزوات المذكورة،والمقصود الفخر بمشاهد الأنصار هذه وغيرها مع النبي صلى الله عليه وسلم لأن أصل نسب الأنصار في عرب اليمن فهو منهم،وكم هنا استفهامية،وخبرها الجار والمجرور،وبين خبر وخيبر الجناس المذيل وخيبر وما بعدها أسماء مغاز له صلى الله عليه وسلم))
87 – بهم فخرت ثم زاد مفخري *** بأدبي الغض وحُسن منطقي
(( أي بهؤلاء فخرت لا بسواهم،فتقديم المعمول يؤذن بالحصر وفخر من باب نفع،والمفخر المصدر الميمي،والأدب : المراد به هنا : علوم العربية من نحو وبيان وعروض،وأيام العرب وأخبارها وما إلى ذلك. والغض : الطري،يريد أنه ممن يفاخر بموجوده وجدوده،وقديمه و جديده،لا كالذي يعول على الأحساب ويتجرد من محاسن الأدب.))
=========================يتبع===================== ========
ayache1212
2015-05-16, 20:25
– وسَل سليمان الكلاعي كم لنا *** من خبر بخيبر وخندق
– ويوم بدر و حنين وتبو *** ك والسويق وبني المصطلق
– بهم فخرت ثم زاد مفخري *** بأدبي الغض وحُسن منطقي
بارك الله فيك وزادك علما
شكرا لك يا أخي ayache1212
أنا متابع لك على صفحات المنتدى ورأي من رأيك ولكني آليت على نفسي أن لا أدخل في نقاش معهم حتى يظهر الله أمرنا ,
ثم بعد ذلك لكل حادث حديث
الحـ)حسام(ــقّ
2015-05-16, 20:36
بورك فيك أخي غريب ..
الود موصول لك يا أخي وصديقي حسام والى كل الطيبين في الأسرة التربوية
ayache1212
2015-05-17, 16:03
الى كل الطيبين في الأسرة التربوية.......لنتعلم تذوق الشعر
) يقول الناظم :
88 – وزان علمي أدبي فلن ترى *** من شعره كشعري المنمق
89 – فإن مدحت فمديحي يُشتفى *** به كمِثْلِ العسل المُروق
90 – وإن هجوت فهجائي كالشجى *** يقف في الحلق ومَثْلَ الشّرق
(( زان الشيء يزينه،من باب باع : حسنه وزخرفه،والعلم كذلك يزينه الأدب حتى أنهم يقولون : اجعل علمك ملحا وأدبك دقيقا،وقوله : فلن ترى من شعره كشعري المنمق : ذلك نتيجة لاجتماع العلم والأدب اللذين ادعاهما لنفسه،ولن : ليست لتأبيد النفي ولا لتأكيده،والمنمق : المزين. والمروق : المصفى من روقت الشراب والراووق : آلة التصفية. ونسبة الشفاء إلى العسل حقيقة لا مرية فيها،ولكن نسبته إلى المديح مجاز. وقوله : وإن هجوت،الهجاء ضد المدح،وبابه عدا،والشجا : ما ينشب في الحلق من عظم وغيره . والشرق : الغصة.))
91 – فإن يك الشعر عصى غيري فقد *** أطاعني في عَيْهَق وحَنق
92 – وإن يكن سيفا محلى فلقد *** أبلى نجاده عِناق عنق
93 – وإن يكن بردا فقد صرت به *** مُعْتَجِرا دون جميع السُّوق
94 – وإن يكن تاجا فقد زاد سنا *** جوهره مذ حلّ فوق مفرق
95 – وإن يكن حديقة فطالما *** نزهة فيها خاطري وحدقي
96 – وإن يكن بحرا فقد غصت على *** جوهره وكنت نعم المُنْتَقي
(( العيهق : النشاط. والحنق : الغيظ. محلى : مزينا. والنجاد : حمائل السيف. والعناق كالمعانقة مصدر عانق وهو مضاف إلى فاعله،وهذه كناية عن الملازمة وطول الصحبة. البرد : الكساء. معتجرا : مشتملا. والسوق جمع سوقة وهو غير الملك من الناس،وفيه تعريض بغيره من الشعراء وانتقاص لهم. السنا : الضوء. وحل : نزل بالمكان،ومنه سمي المكان محلا. والمفرق بسكر الراء وفتحها : وسط الرأس،وهو الموضع الذي يفرق فيه الشعر. والحديقة : الروضة ذات الأشجار. والخاطر : المراد به الفكر والبال. والحدق : جمع حدقة،وهي سواد العين. وغصت : نزلت تحت الماء. والغواص بالتشديد الذي يغوص البحر على اللؤلؤ،وفعله الغياصة. وقوله : وكنت نعم المنتقي : تذييل حسن،والمنتقي : المتخير. وقد أطنب الناظم في وصف قدرته على الشعر وتصرفه فيه التصرف المطلق تأييدا لدعواه،وتأكيدا لتفوقه على منافسيه من الشعراء.))
97 – وهل أنا إلا ابن ونان الذي *** قربه كل أمير مُرتق
(( هل : هذه بمعنى ما،لذلك أبطلها بإلا. نظير قوله تعالى : "وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان". وابن ونان : كنية الناظم. ويشير بقوله الذي قربه .. إلخ. إلى ما كان من تقريب السلطان سيدي محمد بن عبد الله لوالده واختصاصه به واشتماله عليه لما كان عليه من حسن الشمائل وكمال الأدب ثم تقريبه له أيضا بعد وفاة والده لمّا نظم هذه القصيدة،وقصده بها حتى جعله شاعره،واصطفاه نديما له.)).
98 – أحق من حُلّيَ بالأستاذ *** والشيخ الفقيه العالم المحقق)
99 – وبالمحدث الشهير والأديب *** والمُجيدِ والبليغ المُفلق
100 – وأعلم الناس بدونِ مرية *** سيّان من في مغرب و مشرق
101 – بالشعر والتاريخ والأمثال *** والأنساب والآثار سَلْ تصدق
(( أحق بمعنى : أولى. وحُليَ : أي وصف. والأستاذ : العالم الماهر. والمجيد : المتقن. والبليغ : المتصف بالبلاغة،,هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع كونه فصيحا. والمفلق : من أفلق الشاعر،أتى بالفلق،أي الأمر العجيب. وبدون مرية : بغير شك. وسيان : تثنية سي بمعنى مثل،واستغنوا به عن تثنية سواء. وقد وصف الناظم نفسه في هذه الأبيات بأوصاف ضخمة ولم يناسب بينها ،وإنما ذكرها حسبما سمح له الوزن.))
102 – فبشرن ذاك الحسود أنه *** يظفر في بحر الهجا بالغرق
103 – وقل له إذا اشتكى من دنس *** أنت الذي سلكت نهج الزلق
104 - وفقت في الجرأة خاصي أسد *** فمت بغيظك وبالريق اشرقِ
(( الحسود : صيغة مبالغة من الحسد. والبشارة : لا تكون إلا بالأمر المحمود فهي هنا للتهكم،كما في قوله تعالى : "فبشرهم بعذاب أليم". والدنس : الوسخ،ويستعار للمعنويات كالخلق والعرض. وبالريق اشرق : أي غص بريقك. والمعنى : لا تشك من هجائي لك فأنت الذي جاوزت حدك وساجلت من لا طاقة لك به.))
105 – وما الذي دعاك يا خَبُّ إلى *** ذا الأفعوان ذي اللسان الفرق
106 – نطقت بالزور أما كنت تعي *** أن البلا موكل بالمنطق
107 – ولم تَخف من شاعر مهما انتضى *** سيف الهجا فرى حبال العنق
((الخب : بالفتح والكسر : الرجل الخداع. وذا : إشارة . والأفعوان : ذكر الأفاعي،وهو أخبث الحيات،واستعاره لنفسه. وذي بمعنى صاحب. والفرق : المفروق كالقنص بمعنى المقنوص،,فيه ترشيح للاستعارة،لأن الفرق في ألسنة الحيات معهود. والزور : الكذب. وتعي : تحفظ. وقوله : مهما انتضى سيف الهجا : أي استله،وهو استعارة. وفرى : قطع. وحبال العنق : المراد بها الأوداج،وهو من قوله تعالى : "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد".))
108 – فلتق نفسك بكفك ولا *** تَسُم فصيح النطق بالتمشدق
109 – فذاك خير لك واستمع إلى *** نصح الحكيم الماهر المدقق
((الاتقاء باليد من شأن الجبناء الذين لا يستطيعون الدفاع،ولا يعرفون إلا الخضوع.وقوله : ولا تسم هو مضارع سامه يسومه سوءا،إذا تعرض له به. وبالتمشدق : متعلق بتسم،ومعناه : تكلف الفصاحة،أي أبق على نفسك ولا تفضحها بمطاولة من لا تستطيع له مطاولة،ولا تطيق مساجلته،وخير لك أن تلقي السلاح الذي لم تعرف كيفية استعماله وتصغي إلى نصح الحكيم الماهر لتنتفع بمضامين أقواله ..))
==============================يتبع================ ====================
ayache1212
2015-05-17, 21:48
جعله شاعره،واصطفاه نديما له.)).
– أحق من حُلّيَ بالأستاذ *** والشيخ الفقيه العالم المحقق)
– وبالمحدث الشهير والأديب *** والمُجيدِ والبليغ المُفلق
– وأعلم الناس بدونِ مرية *** سيّان من في مغرب و مشرق
– بالشعر والتاريخ والأمثال *** والأنساب والآثار سَلْ تصدق
الحـ)حسام(ــقّ
2015-05-18, 20:56
نحن في انتظار إطلالتك على أحر من الجمر يا سي غريب ..فمتى تجيب أيها الحبيب ؟!!
) يقول الناظم ناصحا :
110 – فكن مهذب الطباع حافظا *** لحِكم وأدب مُفترق
111 – وعاشر الناس بخُلْق حسن *** تُحمد عليه زمن التفرق
112 – ولا تصاحب من يرى لنفسه *** فضلا بلا فضل وغير المتقي
113 – وكل من ليس له عليك من *** فضل فلا تُطعِمه بالتملق
114 – وفوقن سهم النميري لمن *** لطرق العلياء لم يوفق
(( فوق السهم : جعل له فواقا بالضم،وهو شق في رأسه حيث يجعل الوتر. وسهم النميري : مثل يضرب في الإصابة وعدم الخطأ،والنميري صاحبه. هو أبو حية الشاعر زعم أنه عرض له مرة ظبي فرماه بسهم فراغ عنه فعارضه،فما زال حتى أقصده وهذا من أكاذيبه. وطرق العلياء : المراد بها أسباب المجد وما يكسب الحمد. ))
115 – وافعل بمن ترتاب منه مثل *** فعل المُتلمس اللبيب الحذق
116 – ألقى الصحيفة بنهر حيرة *** وقال يا ابن هند أرعد وابرق
(( ترتاب منه : تشك فيه. والمتلمس : اسم رجل. واللبيب : العاقل. والحذق : الماهر. وألقى : رمى. والصحيفة : الكتاب. بنهر حيرة : أي فيه وهي الحيرة،وحذف ال للضرورة. وكان المتلمس وفد هو وابن أخته طرفة بن العبد على الملك عمرو بن هند صاحب الحيرة،فبقيا لا يصلان إليه،وكأنه استخف بهما،فهجاه طرفة فبلغه ذلك فهم بقتله لكنه خاف هجاء المتلمس أيضا،فقال لهما : لعلكما اشتقتما لأهلكما؟ قالا : نعم. فكتب لهما صحيفتين،وقال : اذهبا إلى عاملي بالبحرين فقد أمرته أن يصلكما،وكان في الصحيفتين الأمر بقتلهما. فأما طرفة فمضى إلى العامل فقلته،وأما المتلمس فإنه اشتبه بأمر الصحيفة فأعطاها إلى صبي فقرأها له فنجا بنفسه،وبقي أمر صحيفته مثلا مضروبا في الحذر والأخذ بالحزم.)).
117 – ولا تَعد بوعد عرقوب أخا *** وفهْ وفا سموءل بالأبلق
118 – شحّ بأدرع امرئ القيس وقد *** ترك نجله غسيل العلق
((الوعد يستعمل في الخير والشر،والمراد هنا الخير،إذ هو الذي يطلب فيه التنجيز وعدم التأخير. وعرقوب : رجل يضرب به المثل في إخلاف الوعد،يقال أنه أتاه أخ له يسأله تمرا فوعده تمر نخلة من نخله،وقال : إذا طلع فآتني. فلما أطلع،قال إذا أبلح،فلما أبلح قال إذا أزهى،فلما أزهى قال إذا أرطب،فلما أرطب قال : إذا صار تمرا،فلما صار تمرا جذه ليلا ولم يعطه شيئا. فضربت العرب المثل به في الخلف. وقوله : وفه هو فعل أمر من وفى،ألحقت به هاء السكت. وقوله : وفاء السموءل،وقصر وفاء ضرورة،وحذف الـ من السموءل لذلك. وبالأبلق حال من سموءل. وشح : بخل. والمراد لم يُسَلّم. وأدرع : جمع درع : وهي القميص من الحديد يلبس في الحرب. والنجل : الولد. وغسيل : فعيل بمعنى مفعول. والعلق : الدم. يشير إلى قصة وفاء السموءل بن عاديا المشهورة والسموءل هذا هو صاحب الأبلق الفرد الذي تقدم وصفه،وكان امرؤ القيس الشاعر المشهور لما أراد الخروج إلى الروم استودع عنده مالا له ودروعا جيدة،فلما هلك طالبه المنذر بتسليمها إليه فأبى فنازل حصنه وهدده بذبح ولد له كان خارج الحصن،فامتنع عن تسليمها له،فذبح ابنه وهو ينظر إليه ثم انصرف ووافى السموءل بالدروع في الموسم فدفعها إلى ورثة امرئ القيس.))
119 – ومثل جار لأبي دؤاد لا *** تطمع به إن لم تكن بالأحمق
(( أبو دؤاد هذا : هو الأيادي الشاعر المشهور،وجاره كعب بن مامه الجواد المشهور،وكان إذا جاوره أحد قام بكل ما يصلحه وأهله،وحماه ممن يريده،وإذا مات وداه وإن هلك له بعير أو شاة أخلف عليه. وقوله مثلَ منصوب على الاشتغال بعامل مقدر يفسره ما بعده،ويجوز رفعه بمرجوحية مراد الناظم : الإرشاد إلى التوسط في الأمور أخذا وتركا،فإن جارا مثل جار أبي دؤاد غير موجود،لكن ليس معنى هذا انقطاع الجوار أصلا. وإنما ذلك على نسبة الزمان والمكان وأهلهما صلاحا وفسادا.))
120 – واحمدْ جليسا لا تخاف شره *** وكابن شور لن ترى من مُطرق
(( الحمد : الثناء. والجليس : المجالس كالأنيس بمعنى المؤانس وهو مثله لفظا ومعنى : أي اكتف به إذا وجدته،فإن أمن الجليس اليوم خير كثير. وكابن شور : وهو الجليس الذي يؤمن شره ويرجى خيره. وابن شور : هو القعقاع بن شور أحد سراة التابعين يضرب به المثل في حسن العشرة وكرم المجالسة،وكان إذا جلس إليه أحد وصله وأثنى عليه ولأحد الأعراب فيه :
وكنت جليس قعقاع بن شو ر*** ولا يشقى لقعقاع جليس
ضحوك السن إن نطقوا بخير *** وعند الشر مطراق عبوس
فهذا قول الناظم : لن ترى من مطرق. وهو اسم فاعل من أطرق : أي سكت فلم يتكلم أو أرخى عينيه ينظر إلى الأرض.))
121 – ونَمْ كنوم الفهد أو عبود عن *** عيب الورى والظن لا تحقق
(( المراد بالنوم : التغافل،فهو استعارة. والورى : الناس. والفهد : نوع من السباع بين الكلب والنمر،يضرب به المثل في كثرة النوم. وعبود : عبد أسود نام سبعة أيام متوالية فضرب به المثل. وقوله والظن لا تحقق : أي إذا ظننت سوءا بأحد فلا تحاول تحقيقه. وهذا من قوله صلى الله عليه وسلم : "ثلاثة لا ينجو منها أحد : الظن،والطيرة،والحسد. قيل فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال إذا ظننت فلا تحقق،وإذا تطيرت فامض،وإذا حسدت فلا تبغ".))
122 – ولتك أبصر من الهدهد والزّ *** رقا بغيب نفسك المحقق
(( أي إذا أغضيت عن عيوب الناس المظنونة فكن بعيوبك المحققة بصيرا. والهدهد : طائر يضرب به المثل في قوة البصر ونفاذه. والزرقاء بالمد،وقصرها الناظم ضرورة،هي زرقاء اليمامية امرأة مشهورة بقوة البصر. ))
123 – وكن كمثل واسطي غفلة *** عن شتم ضارع وعتب سُقُق
(( الواسطي : نسبة إلى واسط. وهي مدينة بناها الحجاج بين البصرة والكوفة وكان يسخر أهلها في البناء،فكانوا يهربون وينامون في المسجد فيجيء الشرطي فيقول : قم يا واسطي،فمن رفع رأسه أخذه فتلك غفلة الواسطي. والضارع : الذليل. والسقق : المغتاب))
124 – واعدُ على رجلي سليك هاربا *** من قرب كل خُنْبُق وسَهْوَق
( العدو : الجري. وقوله على رجلي سليك أي على مثلهما،أي اجر جري سليك هربا من قرب الخنبق : وهو البخيل. والسهوق : وهو الكذاب. سليك : هو ابن السلكة،أحد العدائين العرب.)
125 – وكن نديم الفرقدين تنجُ من *** مُنغص ومن طُروّ الرّنق
(أي كن مثل نديم الفرقدين في اعتزال الناس تنج من منغص : أي ممن يقع فيك ويثلبك . ومن طروّ أي من حدوث. الرنق : أي الكدر،من رنِق الماء بالكسر ككدر وزنا ومعنى. ونديم الفرقدين : هو جذيمة بن الأبرش،وكان قد اتخذ عدي بن نصر اللخمي نديما،وهو شاب جميل من أبناء ملوك الحيرة اللخميين،فرأته أخت جذيمة فأحبته فسألته أن يخطبها من أخيها،فتحين وقت شرابه فطلبها منه فزوجه إياها،فاشهد الحضور ومضى فدخل بها،فلما أصبح غدا عليه وهو متضمخ بالخلوق،فسأله ما هذه الآثار؟ فقال آثار عرس،فغضب جذيمة،وهرب عدي،وحلف جذيمة أن لا ينادم أحدا إلا الفرقدين،فكان يشرب كأسا ويصب لهما كأسين. والفرقدان : كوكبان يدوران على القطب الشمالي قريبا منه،ويضرب بهما المثل في طول الصحبة.)
126 – وكن كعقرب وضب مع من *** عليك قلبه امتلا بالحنق
(امتلا : تخفيف امتلأ. والحنق : الغيظ،وقد حنق عليه من باب طرب : أي لا تصارح عدوك بالعداوة،وخاتله مخاتلة العقرب والضب،والعرب تزعم أن بين العقرب والضب ألفة فهو يؤويها في جحره ولا يأكل ولدها،وهي تحرسه وتلسع من يقتحم جحره).
127 – ثُمّةَ لا تعجل وكن أبطأ من *** غراب نوح أو كفند الموسِقي
128 – مضى لنار طالبا وبعد عا *** م جابِها يسب فرط القلق
( أي وإذا ظفرت به فلا تعجل بالانتقام منه،وتأن واصبر لئلا تندم ولات ساعة مندم،فإن التأني من الرحمة،والعجلة من الشيطان. وضرب المثل في البطء بغراب نوح وفند الموسيقي. أما الغراب فهو الذي أرسله سيدنا نوح عليه السلام لينظر هل زالت المياه عن الأرض،ويأتيه بالخبر فلم يرجع،قيل أنه أبصر جيفة فوقع عليها. وأما فند فهو مولى لعائشة بن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه،كان مغنيا،وأرسلته مولاته ليأتي لها بنار فلقي عيرا خارجة إلى مصر،فخرج معها ثم رجع بعد سنة فأخذ نارا ودخل عليها وهو يعدو،فعثر بمرأى منها،وبدد الجمر،فقال : تعست العجلة. فهذا معنى قوله : مضى لنار ..إلخ. وحذف التنوين من فند الموسقي لالتقاء الساكنين،والموسقي : نسبة إلى الموسيقى بالياء وحذفها،وقصرها ضرورة. وفرط القلق : كثرته.)
129 – وخذ بثارك وكن كمن أتى *** بالجيش خلف شجر ذي ورق
( الثار : الدم المطالب به،وليس هذا مخالفا لما قبله،فغاية ما سبق الحث على التروي،ومعالجة الأمور بالرفق. وأشار الناظم إلى قصة طسم وجديس وهما من القبائل البائدة،وكان عليهما ملك من طسم ظالم غشوم،فاستذل جديسا،واستباح حرمها فثاروا به وقتلوه،واستأصلوا رجال قبيلته إلا قليلا،فهرب منهم واحد يقال له رباح بن مرة،ولجأ إلى حسان بن تبع أحد ملوك اليمن فاستنصره عليهم،فنصره ومضى بجيشه حتى إذا كان على مسافة ثلاثة أيام من منازلهم،قال أبيت اللعن،إن فهم امرأة ليس على الأرض أبصر منها،تبصر الركب على مسيرة ثلاثة أيام وإني أخاف أن تنذر القوم بك،والرأي أن تأمر رجالك فيقتلعوا أشجار الأرض فيسيروا تحتها،ففعلوا وساروا،ورأت المرأة الأشجار مقبلة فأنذرت قومها وقالت : أخاف أن يكون من ورائها بشر. فضحكوا منها،حتى صبحهم حسان وهو غارّون فأفناهم،وهذه المرأة هي زرقاء اليمامة التي تقدم ذكرها.)
130 – وانتهز الفرصة مثل بيهس *** وبالمُدى لحم العداة شرّق
(الفرصة : النوبة .. وهي اسم من تفارص القوم البئر. يقال : جاءت فرصتك من السقي : أي نوبتك. وانتهاز الفرصة : اغتنامها والمبادرة إليها. وبيهس هذا كان رجلا مغفلا مستهانا به فأغار على إخوته وكانوا ستة أناس من أشجع،فقتلوهم وتركوه لقلة غنائه،فبقي مدة ولا طمع لأمه في أخذه بثار إخوته،حتى إذا سمع مرة أن ناسا من أشجع في غار يشربون فيه،فانطلق بخال له يقال له أبو حنش حتى أقامه على فم الغار ثم دفعه فيه،فقال ضربا أبا حنش،فقال بعضهم : إن أبا حنش لبطل،فقال : مكره أخاك لا بطل،فصارت مثلا. وضرب بيهس وخاله القوم فقتلاهم ورجعا بأسلابهم. فضربت العرب المثل ببيهس في النجدة والصرامة. وقوله : وبالمدى لحم العداة شرق. المدى : جمع مدية وهي الشفرة. ولحم العداة : مفعول شرق مقدم عليه،وشرق من شرق اللحم: أي قطعه،ومنه سميت أيام التشريق الثلاثة التي بعد النحر،لأن لحوم الأضاحي تشرق فيها.)
131 – وكابن قيس بهم كُن مولما *** وليمة شهيرة كالفلق
132 - يوم ملاكه بأم فروة *** عرقب كل ذات أربع لقي
( ابن قيس : هو الأشعث بن قيس الكندي،سيد كندة ورئيسها المطاع في الجاهلية والإسلام،كان ممن أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم،ثم ارتد بعد وفاته فاحتمل إلى أبي بكر،فقال : استبقني لحربك ورد عليّ زوجتي،وكان قد خطب أم فروة بنت أبي بكر في حياته صلى الله عليه وسلم،ثم تأخر العقد،فحقن أبو بكر دمه ورد عليه أهله،فخرج ودخل السوق فاخترط سيفه،ثم لم تلقه ذات أربع إلا عرقبها. ففزع الناس إلى أبي بكر فبعث إليه فقال : من كان له قبلي حق فليغد عليّ،إنا والله لو كنا ببلدنا لأولمنا،فلم تبق دار في المدينة إلا دخلها من ذلك اللحم،وضرب أهل المدينة المثل بوليمته. قوله : بهم كن مولما : الضمير يعود إلى العداة،والوليمة طعام العرس. والفلق : الصبح. والمِلاك : الزواج. وهذا من تمام ما قبله يقول : إذا أمكنتك الفرصة من أعدائك فلا تقصر في التنكيل بهم والانتقام منهم،وأولم على ذلك وليمة مثل وليمة ابن قيس.)
133 – ولا تدع وإن قدرت حيلة *** فهي أجل عسكر مُدَهْدِقِ
((المدهدق اسم فاعل من دهدقت الشيء : كسرته،وكذا دهقته : أي لا تدع الأخذ بوجوه الحيل،لا في حال عجزك فقط .. بل حتى في حال قدرتك،لأن في الحيلة بلوغ المراد مع تقريب الشقة وتقليل المشقة،وهذا من قولهم : رب حيلة أنفع من قبيلة.))
134 – إن كان في سفك دمِ العدا الشفا *** سفك دمِ البريء غير أليق
((سفك دم : إسالته. والعدا والعداة والأعداء واحد. والشفا : اسم كان مؤخر ومقصور ضرورة،وجملة سفك دم البريء جواب الشرط. وسفك : مبتدأ،وغير أليق خبره. والمراد لائق. وهذا البيت كالاستدراك على ما قبله: أي إذا أظفرك الدهر بمرادك من أعدائك،فلا يطوح بك الغرور إلى الاعتداد بقدرتك فتعتدي على البرآء وتصير إلى ما كنت تستنكره من غيرك.))
====================================يتبع========== ========================
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir