المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التواضع


ب.جلولي
2015-05-03, 11:31
التواضع خلق عظيم وخصلة من خصال المؤمنين المتقين العاملين الصادقين ومن شيم الصالحين المخبتين، والتواضع هو هدوء وسكينة ووقار واتزان ولطافة وحسن معاملة، هو عدم التعالي على الناس واحترامهم جميعا مهما كانت منزلتهم في المجتمع، ومن التواضع أن يقدم الرجل أمثاله على نفسه، وأن يفضل أهل العلم والفضل في المجلس، وأن يقابل الرجل العادي ببشر وطلاقة وأن يتلطف معه في السؤال والجواب وألا يقهره أو يعرض عنه أو ينظر إليه على أنه حقير دون المستوى(1).
لا يعتبر الإنسان بالطول والضخامة ولا بالشكل والقوة ولا بالزي والصورة، فالزرافة طويلة والفيل ضخم والجمل قوي والطاووس جميل الصورة والشكل ورغم ذلك لا يفقهون شيئا، فهذه المظاهر والأشكال تعتبر عند السطحيين - الذين لا ينفذون إلى أعماق الأشياء ويبنون أحكامهم على المظهر والشكل ويكتفون دائما بالجانب المرئي عن الجانب المخفي - من المقاييس الثقيلة التي لها وزنها واعتبارها، وقد قيل ثيابك ترفعك قبل جلوسك وكلامك يرفعك بعد جلوسك، والمؤمن الحق هو الذي يحبه الناس نتيجة حسن معاملته لهم، إنه القدوة التي يحتذى بها والمنارة التي يهتدى بها ولو كان ضعيف الجسم ذميم الخلقة قصير القامة رث الحال قليل المال لا بأس له ولا سلطة ولا جاه ولا قوة(2).
عكس التواضع التكبر الذي هو التعاظم والاستعلاء والكبرياء والخيلاء والترفع واحتقار الآخرين، والتكبر قد يكون نتيجة علم واسع أو كثرة عبادة أو شرف نسب أو جمال أو وفرة مال أو قوة أو غير ذلك من أنواع التكبر(3)، والتكبر صفة ذميمة عاقبتها وخيمة، فمآل المتكبرين الخزي والهوان في نار جهنم وبئس المصير، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من الكبر(4)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏« لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ‏ كِبْرٍ »(5).
المتكبر يكون غليظ القلب، جافي الطبع، لدود في المخاصمة، عنيد في المناقشة، معرض عن الحق، نفور من النصح والموعظة، يضع نفسه فوق الناس جميعا، فهو المعلم وغيره المتعلم، وهو القائد وغيره المقود، وهو الآمر وغيره المأمور، وهو المتبوع، وغيره التابع، وهو القمة الشامخة في كل شيء في المعرفة والعبادة، في النسب والجاه، في المال والقوة(6).
قال ابن عوف:
عجبت من معجب بصورته وكان بالأمس نطفة مـــذرة
وفي غد بعد حسن صورتــه يصير في اللحد جيفة قذرة
وهو على تيهه ونخوتـــــــه ما بين ثوبيه يحمل العذرة(7).
من كان صادقا في تواضعه معتدلا فيه، كان محبوبا بين الناس محمودا، وكان عند الله سبحانه وتعالى كريم المنزلة مأجورا عظيم الثواب، فالتواضع نعمة من نعم الله التي أنعم بها على عباده، وصفة محمودة تدل على طهارة النفس وسلامتها، وطهارة القلب ونقائه، وبالتواضع تسود المحبة والمودة بين الناس وتقوى عرى الروابط ويمحى الحسد والبغض والكراهية(8).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1)- ينظر منهاج المسلم، ص171.
(2)- ينظر في موكب الإيمان، ص185 و186.
(3)- ينظر موسوعة أخلاق القرآن، الجزء الأول، ص70.
(4)- ينظر تفسير ابن كثير الجزء السادس، ص105.
(5)- مختصر صحيح مسلم، الحديث رقم47-(147/91)، ص32.
(6)- ينظر في موكب الإيمان، ص190.
(7)- في موكب الإيمان، ص192.
(8)- ينظر نفس المرجع، ص193.

*سندوسة*
2015-05-03, 12:26
بارك الله فيك على الموضوع القيم

fyrz98
2015-05-03, 13:19
موضوع رائع

شكرا

الفايسبوكي
2015-05-03, 14:05
بارك الله فيك

تائبة لله تعالى
2015-05-03, 16:44
بارك الله فيك
موضوع ماشاء الله

face moon
2015-05-03, 16:56
جزاك الله كل خير

ب.جلولي
2015-05-03, 22:42
بارك الله فيكم جميعا، وسدد خطاكم.