seifellah
2015-04-17, 10:39
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خِلْفَة، ورفع عنَّا الكلفة، وأمرنا بالمودة والألفة، وحذَّرنا من الغفلة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بالاتباع، ونهانا عن الابتداع، وحذَّرنا من الضياع، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الذي أرضى ربه وجاهد نفسه وحفظ وقته، صلى الله وسلم عليه كلما دامت الأُلفة، وحوربت الغفلة.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله الذي }أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ{ [الزمر: 21]. واغتنموا الحياة قبل الممات، والعمل قبل الفوات، وسارعوا إلى الخيرات؛ فإن الدنيا لاكتساب الحسنات، وللتوبة من السيئات، وإن الآخرة للجزاء على المكتسبات؛ فهل من مشمِّر إلى الجنات؟! وهل من هارب من المهلكات؟! وهل من سليم من الحسرات؟! وهل من علاج للغفلات؟! فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل، واعلموا أن حياة المسلم تتميَّز بأنها حياة يقظة دائمة وربح مستمر، يومها خير من أمسها، وغدها خير من يومها، وما يقظتها إلا لأن الله تعالى أمر بها، يقول تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ{ [آل عمران: 102].
ولأنها حياة المصطفَيْن الأخيار، الملائكة الأبرار؛ فما علمناهم ينامون ولا يلهون ولا يلعبون، وإنما يُسَبِّحُون الله الليل والنهار لا يسأمون.
ولأنها حياة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فهو مستيقظ القلب، ولا ينام إلا عينه.
ولأنها حياة أهل الجنة؛ فأهل الجنة لا ينامون، يقول صلى الله عليه وسلم: «النوم أخو الموت، وأهل الجنة لا ينامون».
ولأنها حياة العمل وحياة التكليف: }فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ{ [الزلزلة: 7، 8].
ولأنها حياة الغنيمة لمن اغتنمها، وأهل هذه الحياة قلة؛ لأنهم آمنوا بالله وعملوا الصالحات، وأهل الإيمان قلة؛ يقول تعالى: }وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ{ [ص: 24].
وقلة لأنهم شكروا الله بقلوبهم وبألسنتهم وبجوارحهم، وأهل الشكر قليل، قال تعالى: }اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ{ [سبأ: 13]، وقلة لأنهم غرباء كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأبيض، وغربتهم جعلتهم يصلحون ما أفسد الناس ويصلحون عند فساد الناس، يقول صلى الله عليه وسلم: «طوبى للغرباء». أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم، وأهل هذه الدنيا هم الذين علموا أن الله ناظرٌ إليهم؛ فراقبوه وعلموا أن الموت يطلبهم، فهم له مستعدون، وهم الذين جعلوا الآخرة همهم فجمع الله لهم شملهم وجعل غناهم في قلوبهم، وأتتهم الدنيا وهي راغمة.
ومن أبرز صفاتهم: السلامة من الغفلة؛ فإنها داء عضال يسري في القلوب والجوارح والأعمال والأعمار، كما يسري الماء في الورد، والنار في الهشيم، ويضعفها كما يضعف المرض الأبدان.
ولخطورتها حذَّر الله منها أشد التحذير، ونهى رسوله صلى الله عليه وسلم عنها، ونهيه لرسوله نهي للأمة كلها؛ لأنه المُبَلِّغُ لها عن الله تعالى، قال تعالى: }وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ{ [الأعراف: 205]، وحذَّر تعالى من طاعة أهل الغفلة؛ لأنهم أهل صدود عن الله، وأهل إعراض عن ذكره، وأهل إفلاس في أعمالهم، يقول تعالى: }وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا{ [الكهف: 28].
وجعلها سببًا من أسباب الحسرة والندامة يوم القيامة، يقول تعالى: }وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ{ [مريم: 39].
وبيَّن أنها سبب نسيان الآخرة وسبب الاغترار بالدنيا، قال تعالى: }اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ{ [الأنبياء: 1-3].
قال عامر بن ربيعة: «نزل بي رجل من الأعراب فأكرمته وأدخلته على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقطعه قطيعة من ألأرض، فجاء الأعرابي يومًا وقال: إني أريد أن أقطعك من هذه القطعة لك ولعقبك. قال عامر: لا حاجة لي فيها، لقد أنزل الله علينا اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا وذكَّرتنا بالآخرة، ثم قرأ: }اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ{».
وجعل الله عقوبة أهل النار، قال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ{ [يونس: 7، 8].
ووصف الله بها الجماد الذي لا يعقل ولا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر ولا يتحرك ولا يجلب لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا يدفع ضرًا؛ قال تعالى: }وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ{ [الأحقاف: 5].
الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خِلْفَة، ورفع عنَّا الكلفة، وأمرنا بالمودة والألفة، وحذَّرنا من الغفلة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بالاتباع، ونهانا عن الابتداع، وحذَّرنا من الضياع، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الذي أرضى ربه وجاهد نفسه وحفظ وقته، صلى الله وسلم عليه كلما دامت الأُلفة، وحوربت الغفلة.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله الذي }أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ{ [الزمر: 21]. واغتنموا الحياة قبل الممات، والعمل قبل الفوات، وسارعوا إلى الخيرات؛ فإن الدنيا لاكتساب الحسنات، وللتوبة من السيئات، وإن الآخرة للجزاء على المكتسبات؛ فهل من مشمِّر إلى الجنات؟! وهل من هارب من المهلكات؟! وهل من سليم من الحسرات؟! وهل من علاج للغفلات؟! فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل، واعلموا أن حياة المسلم تتميَّز بأنها حياة يقظة دائمة وربح مستمر، يومها خير من أمسها، وغدها خير من يومها، وما يقظتها إلا لأن الله تعالى أمر بها، يقول تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ{ [آل عمران: 102].
ولأنها حياة المصطفَيْن الأخيار، الملائكة الأبرار؛ فما علمناهم ينامون ولا يلهون ولا يلعبون، وإنما يُسَبِّحُون الله الليل والنهار لا يسأمون.
ولأنها حياة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فهو مستيقظ القلب، ولا ينام إلا عينه.
ولأنها حياة أهل الجنة؛ فأهل الجنة لا ينامون، يقول صلى الله عليه وسلم: «النوم أخو الموت، وأهل الجنة لا ينامون».
ولأنها حياة العمل وحياة التكليف: }فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ{ [الزلزلة: 7، 8].
ولأنها حياة الغنيمة لمن اغتنمها، وأهل هذه الحياة قلة؛ لأنهم آمنوا بالله وعملوا الصالحات، وأهل الإيمان قلة؛ يقول تعالى: }وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ{ [ص: 24].
وقلة لأنهم شكروا الله بقلوبهم وبألسنتهم وبجوارحهم، وأهل الشكر قليل، قال تعالى: }اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ{ [سبأ: 13]، وقلة لأنهم غرباء كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأبيض، وغربتهم جعلتهم يصلحون ما أفسد الناس ويصلحون عند فساد الناس، يقول صلى الله عليه وسلم: «طوبى للغرباء». أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم، وأهل هذه الدنيا هم الذين علموا أن الله ناظرٌ إليهم؛ فراقبوه وعلموا أن الموت يطلبهم، فهم له مستعدون، وهم الذين جعلوا الآخرة همهم فجمع الله لهم شملهم وجعل غناهم في قلوبهم، وأتتهم الدنيا وهي راغمة.
ومن أبرز صفاتهم: السلامة من الغفلة؛ فإنها داء عضال يسري في القلوب والجوارح والأعمال والأعمار، كما يسري الماء في الورد، والنار في الهشيم، ويضعفها كما يضعف المرض الأبدان.
ولخطورتها حذَّر الله منها أشد التحذير، ونهى رسوله صلى الله عليه وسلم عنها، ونهيه لرسوله نهي للأمة كلها؛ لأنه المُبَلِّغُ لها عن الله تعالى، قال تعالى: }وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ{ [الأعراف: 205]، وحذَّر تعالى من طاعة أهل الغفلة؛ لأنهم أهل صدود عن الله، وأهل إعراض عن ذكره، وأهل إفلاس في أعمالهم، يقول تعالى: }وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا{ [الكهف: 28].
وجعلها سببًا من أسباب الحسرة والندامة يوم القيامة، يقول تعالى: }وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ{ [مريم: 39].
وبيَّن أنها سبب نسيان الآخرة وسبب الاغترار بالدنيا، قال تعالى: }اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ{ [الأنبياء: 1-3].
قال عامر بن ربيعة: «نزل بي رجل من الأعراب فأكرمته وأدخلته على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقطعه قطيعة من ألأرض، فجاء الأعرابي يومًا وقال: إني أريد أن أقطعك من هذه القطعة لك ولعقبك. قال عامر: لا حاجة لي فيها، لقد أنزل الله علينا اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا وذكَّرتنا بالآخرة، ثم قرأ: }اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ{».
وجعل الله عقوبة أهل النار، قال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ{ [يونس: 7، 8].
ووصف الله بها الجماد الذي لا يعقل ولا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر ولا يتحرك ولا يجلب لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا يدفع ضرًا؛ قال تعالى: }وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ{ [الأحقاف: 5].