الصابرة المجاهدة
2015-04-16, 22:08
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمان الرحيم
من أحد أهم صفات أهل الجنة من المسلمين ، شدة الحزن أو المرض أو إيذاء الناس لهم ، أو الخوف من مصيبة ما ، بغض النظر عن نوعها ، خصوصا عند أصحاب الدرجات العالية في الجنة .
قال الله العظيم
( وقالوا : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ، إن ربنا لغفور شكور )
أ ل م ، أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا : آمنا ، وهم لا يُفتنون فلقد فتنا الذين من قبلهم ، فليعلمن الله الذين صدقوا ، وليعلمن الكاذبين )
شدد الله في قوله ( الذين صدقوا ) ولم يشدد على لفظ ( الكاذبين ) لأن عدد الصادقين قليل جدا لكن الغالبية من الناس كاذبين ، أو ضعف إيمانهم يجعلهم كاذبين
( و بشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة ، قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون )
( ثم كان من الذين آمنوا ، وتواصو بالصبر ، وتواصو بالمرحمة ، أولئك أصحاب الميمنة )
( أعظم درجة عند الله ، وأولئك هم الفائزون ، يبشرهم ربهم برحمة منه ، ورضوان ، وجنات ، لهم فيها نعيم مقيم ، خالدين فيها أبدا ، إن الله عنده أجر عظيم )
( قل : لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، وعلى الله فليتوكل المتوكلون )
البلاء الشديد نعمة غالية من الله العظيم ، لا نعرف قيمتها ، لأن نهاية الصبر عليه هي الجنة .. من علامات محبة الله لأي عبد هي شدة البلاء واستمراره ، وغرابة أحداثه .
قال الرسول الكريم : ( إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، وإن عظيم الجزاء مع عظيم البلاء )
( يُبتلى المؤمن على قدر دينه ، فإذا كان في دينه صلابة ، زيد له في شدة البلاء )
( ولنصبرن على ما آذيتمونا ، وعلى الله فليتوكل المتوكلون ) ( ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم )
( ولنبلونكم ، حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين )
إن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله ، والله مع الصابرين ، تريدون عرض الدنيا ، والله يريد الآخرة
( وفي ذلكم ، بلاء من ربكم عظيم )
أي في هذا الاختبار الصعب القاسي عليكم ، و إيذاء الناس لكم ، اختبار عظيم واضح لكم من عند ربكم ، يظهر بعده درجة صبركم و حقيقة قوة إيمانكم بالله العظيم .
( ولا يلقاها إلا الذين صبروا ، ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم )
( و جزاهم بما صبروا جنة و حريرا )
قال الرسول الكريم :
( ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة )
قال الله العظيم :
( إن الأبرار لفي نعيم ، وإن الفجار لفي جحيم )
قال تعالى على سيدنا يعقوب/إسرائيل عليه السلام :
( وابيضت عيناه من الحزن ، فهو كظيم )
( قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ، وأعلم من الله ما لا تعلمون )
معنى ( فهو كظيم ) : أي كثير الكتمان على حزنه داخل نفسه ، لا يشكوه إلا إلى الله العظيم
ليس النبي يعقوب فقط من عانى من شدة الحزن .. لكن جميع الأنبياء قد عانوا من الحزن الشديد ، إيذاء الناس لهم ، تعذيب الناس لهم ، إهانة الناس لهم بكل الأشكال ، الخوف الشديد الذي يزلزل القلوب داخل الصدور .
قال تعالى : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء ،و زلزلوا )
هذا العذاب في الدنيا ، هو ثمن دخول الجنة ، كلما ارتفعت درجة العبد في الجنة كلما زاد بلاءه ، زاد عذابه في الدنيا ، سواء بالحزن ، أو إيذاء الناس له ، إيذاء الزوج ، أو ظلم الأب ، أو المرض ، الفقر ، الوحدة ، الخوف .
لكن أحيانا الاجتهاد في العبادة والطاعة وخدمة الناس ورحمة القلب ، يخفف عن المبتلى من بلاءه ، أو يمنحه مميزات تخفف عنه شدة هذا البلاء .
( و لقد أوذي الذين من قبلك ، فصبروا على ما أوذوا )
إن أنواع الابتلاءات الشديدة في الدنيا كثيرة جدا
هناك شريط درس للشيخ حسين يعقوب بعنوان ( أيها المبتلى : أبشر ، ولا تحزن )
قال تعالى :
( ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )
( فناداها من تحتها ؟ ألا تخافي ، ولا تحزني ، وهزي إليكي بجذع النخلة ، تساقط عليكي رطبا جنيا )
( لتبلون في أنفسكم وأموالكم ، ولتسمعن من الذين كفروا ، و من الذين أشركوا ، أذى كثيرا )
ليس دخول الجنة متاح مجانا للمؤمن ، أو هو هدف يسير متاح لكل مسلم بسهولة بمجرد التزامه بالعبادة ، لابد أن يدفع ثمن الجنة ، لكل درجة في الجنة ثمن غالي يزيد هذا الثمن ويرتفع كلما ارتفعت الدرجة ، من خلال اختبارات قاسية طويلة ، عظيمة ، لكي يظهر الخبيث و يظهر الطيب ، بوضوح تام ، و كلما زادت درجة العبد في الجنة ، كلما زاد عليه البلاء شدة ، و زاد عليه أحيانا إيذاء الناس له .
قال تعالى :
( إن هذا لهو البلاء المبين ) أي الاختبار الصعب القاسي العظيم الواضح شدته ، الذي لا ينجح في الصبر على شدته إلا أهل الجنة فقط .
عن ابتلاء المرض الشديد : قال الله العظيم
( واذكر عبدنا أيوب ، إنا وجدناه صابرا ، نعم العبد ، إنه أواب )
معنى أواب : أي كثير الرجوع إلى الله العظيم بالاستغفار والندم ، التسبيح ، الدعاء
( يا جبال أوبي مع داوود ، والطير )
أي : يا جبال و يا طير ، رددوا التسبيح مع صوت تسبيح داوود .
عن ابتلاء الفقر قال الله العظيم :
( لنبلونكم بشيء من الجوع ، ونقص في الأموال والأنفس والثمرات ، وبشر الصابرين )
(( أ ل م ، أحسب الناس أن يُتركوا ؟ .. أن يقولوا : آمنا ، وهم لا يُفتنون ؟ فلقد فتنا الذين من قبلهم ، فليعلمن الله الذين صدقوا ، وليعلمن الكاذبين )
شدد الله في قوله ( الذين صدقوا ) ولم يشدد على لفظ ( الكاذبين ) لأن عدد الصادقين قليل جدا لكن الغالبية من الناس كاذبين ، أو ضعف إيمانهم يجعلهم كاذبين .
البلاء هو شيء مقدر من الله العظيم ، محتوم النزول على الإنسان المبتلى ، إذا صبر العبد عليه ولم يعترض أو ييأس أو يظلم أحد ، فإن جزاء الله له دخول الجنة في درجة تكافئ درجة صبره وطاعته وعبادته ورحمة قلبه .
لكن إذا يأس العبد صاحب البلاء ، أو اعترض أو ظلم أحد من الناس ، أو اشرك بالله ، أو قصر في العبادة نتيجة هذا البلاء ، فإنه قد ضيع على نفسه فرصة دخول الجنة ، أو أنقص درجته فيها .
إن الله العظيم لا يبتلي مسلم ، إلا إذا كان يعلم أن له قدرة كبيرة على الصبر والتحمل ، وكلما ارتفعت قدرته على الصبر ، زاد عليه شدة البلاء ، فإذا صبر وتحمل واجتهد في العبادة بالرغم من عذابه ، فإن جزاء الله له هو دخول الجنة بعد صبر طويل وقوة احتمال عالية ، وكلما زاد الصبر على البلاء الشديد المستمر ، الغريب في أحداثه أحيانا ، ارتفعت درجة هذا العبد الصابر في الجنة ، وهو لا يرتاح من البلاء المستمر ، ولا يأتيه الخلاص الأخير ، إلا عند موته فيرى مقعده في الجنة ، تبشره به الملائكة . لذلك فإن المؤمن الصبور يفرح عندما يشعر باقتراب الموت ، لكن الظالم والكافر لا يشعر بقرب الموت لأنه الموت يأتيه فجأة ، هذا الظالم يخاف جدا من الموت ، يخاف من مجرد سماع سيرته ، لأنه ظالم .
الظالمين من الناس ، أصحاب الإيمان الضعيف ، أو القلوب القاسية ، الله العظيم لا يبتليهم ، لأنه يعرف مسبقا أنهم غير قادرين على تحمل البلاء ، وهم لهم معيشة مريحة وسعيدة في الدنيا ، لكن بعضهم ليس من الأغنياء أو الأثرياء بسبب زيادة شره ، هذا النوع من الناس يخسر الجنة ، ولا ينال ثواب عمله الصالح إلا في الدنيا فقط في صورة رزق أو نعمة من الله ، ثم في الحياة الآخرة لا يجد أمامه إلا عذاب النار ، لكن الله الرحيم سوف يخرج جميع المؤمنين الظالمين من النار بسبب شهادة التوحيد ، كل مسلم من أهل النار يعذب فيها على حسب درجة ظلمه أو عصيانه ، ثم يخرج منها في موعد محدد إلى درجة قليلة في الجنة ، لكن أقل درجة في الجنة لا يعادلها كنوز الأرض مجتمعة .. وأقل دركة من دركات النار لها زفير وشهيق لا يطيق أحد مجرد النظر إليه .
( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم ، إنما يريد الله ليعذبهم بها )
من أحد صفات الإنسان الظالم ، أنه يحاول خداع الله العظيم ويخدع الناس ، لذلك فإن الله يرد عليه ، بأنه يخدعه ، فيمنحه شعور بأن الله راضي عنه ، وأنه سعيد في حياته بسبب رضاء الله عنه ، ثم يفاجأ بقدوم الموت عليه فجأة بدون أي علامات على قرب الموت .
( إنه كان في أهله مسرورا ، إنه ظن أن لن يحورا )
أي هذا الظالم كان يعتقد أن الموت لا يزال بعيد بعيد عنه ، وأن الله يرضى عنه فلن يعذبه !
( إن هؤلاء يحبون العاجلة ، و يذرون ورائهم يوما ثقيلا )
( يُدخل من يشاء في رحمته ، والظالمين أعد لهم عذابا أليما )
الرحمة المقصودة هنا هي البلاء الشديد الصعب تحمله إلا بالصبر الطويل ، وهداية الله إلى حب فعل الخير وخدمة الناس بكل أنواع الخير )
لكن المؤمن الصبور ، الرحيم ، طيب القلب ، كلما فعل خطأ أو ترك عبادة ما ، يعاقبه الله العظيم بسرعة ، أحيانا بشدة ، حتى يمنحه شعور بأنه يجب عليه إعادة النظر في سلوكه أو الاجتهاد في العبادة وعدم تركها .. وعندما يقترب موعد الموت من مؤمن مكتوب من أهل الجنة ، فإن الله يمنحه شعور باقتراب الموت ، حتى يجتهد في العبادة
أهل الجنة لهم علامات ظاهرة عليهم ، أو في تصرفاتهم الأخيرة وسلوكهم عند قرب موعد الموت منهم ، لكن أهل النار لهم علامات ظاهرة تدل على غضب الله عليهم ، وأن عذاب الله لهم قدر اقترب ، والموت يخطفهم فجأة بدون أي شعور منهم بقرب الموت .
قال تعالى :
( من كان يريد العاجلة ، عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ، ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ، ومن أراد الآخرة ، وسعى لها سعيها وهو مؤمن ، فأولئك كان سعيهم مشكورا )
( و إذا صرفت أبصارهم تجاه أصحاب النار ، قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين )
( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو ، وزينة ، وتفاخر بينكم ، وتكاثر في الأموال والأولاد ....... )
إلى قوله ( وفي الآخرة عذاب شديد ، ومغفرة من الله ورضوان ، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور (
ليس كل بلاء من الله العظيم هو اختبار ، أحيانا يكون البلاء أو العقاب هو غضب وانتقام من الله العظيم في الدنيا ، بسبب شدة قسوة هذا الإنسان الظالم إلى حد بعيد . لذلك هو يخسر الدنيا ويعذب فيها ، ويخسر أيضا الآخرة و مصيره النهائي الجحيم .
قال تعالى :
( و كذلك أخذ ربك ، إن أخذه أليم شديد )
( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )
( و لنجزين الذين صبروا ، أجرهم ، بأحسن ما كانوا يعملون )
( و ما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو ، و للدار الآخرة خير للذين يتقون )
يظن صاحب البلاء ، أن بلاءه هذا هو أشد أنواع البلاء على وجه الأرض ، لكن البلاء له درجات ، له أنواع و ألوان كثيرة ، تحددها حكمة الله العظيم
( قد أفلح من تزكى ، و ذكر اسم ربه فصلى ، بل تؤثرون الحياة الدنيا )
كل أنواع العبادات تساهم في إعانة العبد المبتلى على الصبر في تحمله مشقة البلاء ، وتطهر نفسه من أي أحقاد أو غضب نتيجة شدة البلاء
أهم المخففات لشدة البلاء هي :
1- كثرة الاستغفار ، التسبيح
2- كثرة الدعاء وبالذات في جوف الليل وبعد صلاة الجمعة
3- المحافظة على الصلوات بمجرد سماع كل آذان
4- سماع المصحف المرتل بصفة يومية وقراءة القرآن
5- بر الوالدين ، صلة الرحم ، زيارة الأقارب
6- كثرة التصدق على الفقراء تطفئ غضب الله وتشفي المرض
7- الصيام يقوي إرادة العبد على الصبر الطويل
8- أيها المبتلى انظر إلى من هم أشد منك بلاء من الناس
9- كلما زاد البلاء أو أذى الناس لك ، فهي محبة الله لك ورحمته
10- كلما كنت خدوما ومساعدا للناس وحوائج الناس كلما خفف الله عنك
منقول للافادة
بسم الله الرحمان الرحيم
من أحد أهم صفات أهل الجنة من المسلمين ، شدة الحزن أو المرض أو إيذاء الناس لهم ، أو الخوف من مصيبة ما ، بغض النظر عن نوعها ، خصوصا عند أصحاب الدرجات العالية في الجنة .
قال الله العظيم
( وقالوا : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ، إن ربنا لغفور شكور )
أ ل م ، أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا : آمنا ، وهم لا يُفتنون فلقد فتنا الذين من قبلهم ، فليعلمن الله الذين صدقوا ، وليعلمن الكاذبين )
شدد الله في قوله ( الذين صدقوا ) ولم يشدد على لفظ ( الكاذبين ) لأن عدد الصادقين قليل جدا لكن الغالبية من الناس كاذبين ، أو ضعف إيمانهم يجعلهم كاذبين
( و بشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة ، قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون )
( ثم كان من الذين آمنوا ، وتواصو بالصبر ، وتواصو بالمرحمة ، أولئك أصحاب الميمنة )
( أعظم درجة عند الله ، وأولئك هم الفائزون ، يبشرهم ربهم برحمة منه ، ورضوان ، وجنات ، لهم فيها نعيم مقيم ، خالدين فيها أبدا ، إن الله عنده أجر عظيم )
( قل : لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، وعلى الله فليتوكل المتوكلون )
البلاء الشديد نعمة غالية من الله العظيم ، لا نعرف قيمتها ، لأن نهاية الصبر عليه هي الجنة .. من علامات محبة الله لأي عبد هي شدة البلاء واستمراره ، وغرابة أحداثه .
قال الرسول الكريم : ( إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، وإن عظيم الجزاء مع عظيم البلاء )
( يُبتلى المؤمن على قدر دينه ، فإذا كان في دينه صلابة ، زيد له في شدة البلاء )
( ولنصبرن على ما آذيتمونا ، وعلى الله فليتوكل المتوكلون ) ( ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم )
( ولنبلونكم ، حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين )
إن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله ، والله مع الصابرين ، تريدون عرض الدنيا ، والله يريد الآخرة
( وفي ذلكم ، بلاء من ربكم عظيم )
أي في هذا الاختبار الصعب القاسي عليكم ، و إيذاء الناس لكم ، اختبار عظيم واضح لكم من عند ربكم ، يظهر بعده درجة صبركم و حقيقة قوة إيمانكم بالله العظيم .
( ولا يلقاها إلا الذين صبروا ، ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم )
( و جزاهم بما صبروا جنة و حريرا )
قال الرسول الكريم :
( ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة )
قال الله العظيم :
( إن الأبرار لفي نعيم ، وإن الفجار لفي جحيم )
قال تعالى على سيدنا يعقوب/إسرائيل عليه السلام :
( وابيضت عيناه من الحزن ، فهو كظيم )
( قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ، وأعلم من الله ما لا تعلمون )
معنى ( فهو كظيم ) : أي كثير الكتمان على حزنه داخل نفسه ، لا يشكوه إلا إلى الله العظيم
ليس النبي يعقوب فقط من عانى من شدة الحزن .. لكن جميع الأنبياء قد عانوا من الحزن الشديد ، إيذاء الناس لهم ، تعذيب الناس لهم ، إهانة الناس لهم بكل الأشكال ، الخوف الشديد الذي يزلزل القلوب داخل الصدور .
قال تعالى : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء ،و زلزلوا )
هذا العذاب في الدنيا ، هو ثمن دخول الجنة ، كلما ارتفعت درجة العبد في الجنة كلما زاد بلاءه ، زاد عذابه في الدنيا ، سواء بالحزن ، أو إيذاء الناس له ، إيذاء الزوج ، أو ظلم الأب ، أو المرض ، الفقر ، الوحدة ، الخوف .
لكن أحيانا الاجتهاد في العبادة والطاعة وخدمة الناس ورحمة القلب ، يخفف عن المبتلى من بلاءه ، أو يمنحه مميزات تخفف عنه شدة هذا البلاء .
( و لقد أوذي الذين من قبلك ، فصبروا على ما أوذوا )
إن أنواع الابتلاءات الشديدة في الدنيا كثيرة جدا
هناك شريط درس للشيخ حسين يعقوب بعنوان ( أيها المبتلى : أبشر ، ولا تحزن )
قال تعالى :
( ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )
( فناداها من تحتها ؟ ألا تخافي ، ولا تحزني ، وهزي إليكي بجذع النخلة ، تساقط عليكي رطبا جنيا )
( لتبلون في أنفسكم وأموالكم ، ولتسمعن من الذين كفروا ، و من الذين أشركوا ، أذى كثيرا )
ليس دخول الجنة متاح مجانا للمؤمن ، أو هو هدف يسير متاح لكل مسلم بسهولة بمجرد التزامه بالعبادة ، لابد أن يدفع ثمن الجنة ، لكل درجة في الجنة ثمن غالي يزيد هذا الثمن ويرتفع كلما ارتفعت الدرجة ، من خلال اختبارات قاسية طويلة ، عظيمة ، لكي يظهر الخبيث و يظهر الطيب ، بوضوح تام ، و كلما زادت درجة العبد في الجنة ، كلما زاد عليه البلاء شدة ، و زاد عليه أحيانا إيذاء الناس له .
قال تعالى :
( إن هذا لهو البلاء المبين ) أي الاختبار الصعب القاسي العظيم الواضح شدته ، الذي لا ينجح في الصبر على شدته إلا أهل الجنة فقط .
عن ابتلاء المرض الشديد : قال الله العظيم
( واذكر عبدنا أيوب ، إنا وجدناه صابرا ، نعم العبد ، إنه أواب )
معنى أواب : أي كثير الرجوع إلى الله العظيم بالاستغفار والندم ، التسبيح ، الدعاء
( يا جبال أوبي مع داوود ، والطير )
أي : يا جبال و يا طير ، رددوا التسبيح مع صوت تسبيح داوود .
عن ابتلاء الفقر قال الله العظيم :
( لنبلونكم بشيء من الجوع ، ونقص في الأموال والأنفس والثمرات ، وبشر الصابرين )
(( أ ل م ، أحسب الناس أن يُتركوا ؟ .. أن يقولوا : آمنا ، وهم لا يُفتنون ؟ فلقد فتنا الذين من قبلهم ، فليعلمن الله الذين صدقوا ، وليعلمن الكاذبين )
شدد الله في قوله ( الذين صدقوا ) ولم يشدد على لفظ ( الكاذبين ) لأن عدد الصادقين قليل جدا لكن الغالبية من الناس كاذبين ، أو ضعف إيمانهم يجعلهم كاذبين .
البلاء هو شيء مقدر من الله العظيم ، محتوم النزول على الإنسان المبتلى ، إذا صبر العبد عليه ولم يعترض أو ييأس أو يظلم أحد ، فإن جزاء الله له دخول الجنة في درجة تكافئ درجة صبره وطاعته وعبادته ورحمة قلبه .
لكن إذا يأس العبد صاحب البلاء ، أو اعترض أو ظلم أحد من الناس ، أو اشرك بالله ، أو قصر في العبادة نتيجة هذا البلاء ، فإنه قد ضيع على نفسه فرصة دخول الجنة ، أو أنقص درجته فيها .
إن الله العظيم لا يبتلي مسلم ، إلا إذا كان يعلم أن له قدرة كبيرة على الصبر والتحمل ، وكلما ارتفعت قدرته على الصبر ، زاد عليه شدة البلاء ، فإذا صبر وتحمل واجتهد في العبادة بالرغم من عذابه ، فإن جزاء الله له هو دخول الجنة بعد صبر طويل وقوة احتمال عالية ، وكلما زاد الصبر على البلاء الشديد المستمر ، الغريب في أحداثه أحيانا ، ارتفعت درجة هذا العبد الصابر في الجنة ، وهو لا يرتاح من البلاء المستمر ، ولا يأتيه الخلاص الأخير ، إلا عند موته فيرى مقعده في الجنة ، تبشره به الملائكة . لذلك فإن المؤمن الصبور يفرح عندما يشعر باقتراب الموت ، لكن الظالم والكافر لا يشعر بقرب الموت لأنه الموت يأتيه فجأة ، هذا الظالم يخاف جدا من الموت ، يخاف من مجرد سماع سيرته ، لأنه ظالم .
الظالمين من الناس ، أصحاب الإيمان الضعيف ، أو القلوب القاسية ، الله العظيم لا يبتليهم ، لأنه يعرف مسبقا أنهم غير قادرين على تحمل البلاء ، وهم لهم معيشة مريحة وسعيدة في الدنيا ، لكن بعضهم ليس من الأغنياء أو الأثرياء بسبب زيادة شره ، هذا النوع من الناس يخسر الجنة ، ولا ينال ثواب عمله الصالح إلا في الدنيا فقط في صورة رزق أو نعمة من الله ، ثم في الحياة الآخرة لا يجد أمامه إلا عذاب النار ، لكن الله الرحيم سوف يخرج جميع المؤمنين الظالمين من النار بسبب شهادة التوحيد ، كل مسلم من أهل النار يعذب فيها على حسب درجة ظلمه أو عصيانه ، ثم يخرج منها في موعد محدد إلى درجة قليلة في الجنة ، لكن أقل درجة في الجنة لا يعادلها كنوز الأرض مجتمعة .. وأقل دركة من دركات النار لها زفير وشهيق لا يطيق أحد مجرد النظر إليه .
( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم ، إنما يريد الله ليعذبهم بها )
من أحد صفات الإنسان الظالم ، أنه يحاول خداع الله العظيم ويخدع الناس ، لذلك فإن الله يرد عليه ، بأنه يخدعه ، فيمنحه شعور بأن الله راضي عنه ، وأنه سعيد في حياته بسبب رضاء الله عنه ، ثم يفاجأ بقدوم الموت عليه فجأة بدون أي علامات على قرب الموت .
( إنه كان في أهله مسرورا ، إنه ظن أن لن يحورا )
أي هذا الظالم كان يعتقد أن الموت لا يزال بعيد بعيد عنه ، وأن الله يرضى عنه فلن يعذبه !
( إن هؤلاء يحبون العاجلة ، و يذرون ورائهم يوما ثقيلا )
( يُدخل من يشاء في رحمته ، والظالمين أعد لهم عذابا أليما )
الرحمة المقصودة هنا هي البلاء الشديد الصعب تحمله إلا بالصبر الطويل ، وهداية الله إلى حب فعل الخير وخدمة الناس بكل أنواع الخير )
لكن المؤمن الصبور ، الرحيم ، طيب القلب ، كلما فعل خطأ أو ترك عبادة ما ، يعاقبه الله العظيم بسرعة ، أحيانا بشدة ، حتى يمنحه شعور بأنه يجب عليه إعادة النظر في سلوكه أو الاجتهاد في العبادة وعدم تركها .. وعندما يقترب موعد الموت من مؤمن مكتوب من أهل الجنة ، فإن الله يمنحه شعور باقتراب الموت ، حتى يجتهد في العبادة
أهل الجنة لهم علامات ظاهرة عليهم ، أو في تصرفاتهم الأخيرة وسلوكهم عند قرب موعد الموت منهم ، لكن أهل النار لهم علامات ظاهرة تدل على غضب الله عليهم ، وأن عذاب الله لهم قدر اقترب ، والموت يخطفهم فجأة بدون أي شعور منهم بقرب الموت .
قال تعالى :
( من كان يريد العاجلة ، عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ، ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ، ومن أراد الآخرة ، وسعى لها سعيها وهو مؤمن ، فأولئك كان سعيهم مشكورا )
( و إذا صرفت أبصارهم تجاه أصحاب النار ، قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين )
( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو ، وزينة ، وتفاخر بينكم ، وتكاثر في الأموال والأولاد ....... )
إلى قوله ( وفي الآخرة عذاب شديد ، ومغفرة من الله ورضوان ، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور (
ليس كل بلاء من الله العظيم هو اختبار ، أحيانا يكون البلاء أو العقاب هو غضب وانتقام من الله العظيم في الدنيا ، بسبب شدة قسوة هذا الإنسان الظالم إلى حد بعيد . لذلك هو يخسر الدنيا ويعذب فيها ، ويخسر أيضا الآخرة و مصيره النهائي الجحيم .
قال تعالى :
( و كذلك أخذ ربك ، إن أخذه أليم شديد )
( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )
( و لنجزين الذين صبروا ، أجرهم ، بأحسن ما كانوا يعملون )
( و ما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو ، و للدار الآخرة خير للذين يتقون )
يظن صاحب البلاء ، أن بلاءه هذا هو أشد أنواع البلاء على وجه الأرض ، لكن البلاء له درجات ، له أنواع و ألوان كثيرة ، تحددها حكمة الله العظيم
( قد أفلح من تزكى ، و ذكر اسم ربه فصلى ، بل تؤثرون الحياة الدنيا )
كل أنواع العبادات تساهم في إعانة العبد المبتلى على الصبر في تحمله مشقة البلاء ، وتطهر نفسه من أي أحقاد أو غضب نتيجة شدة البلاء
أهم المخففات لشدة البلاء هي :
1- كثرة الاستغفار ، التسبيح
2- كثرة الدعاء وبالذات في جوف الليل وبعد صلاة الجمعة
3- المحافظة على الصلوات بمجرد سماع كل آذان
4- سماع المصحف المرتل بصفة يومية وقراءة القرآن
5- بر الوالدين ، صلة الرحم ، زيارة الأقارب
6- كثرة التصدق على الفقراء تطفئ غضب الله وتشفي المرض
7- الصيام يقوي إرادة العبد على الصبر الطويل
8- أيها المبتلى انظر إلى من هم أشد منك بلاء من الناس
9- كلما زاد البلاء أو أذى الناس لك ، فهي محبة الله لك ورحمته
10- كلما كنت خدوما ومساعدا للناس وحوائج الناس كلما خفف الله عنك
منقول للافادة