omarlmdd
2015-04-13, 22:48
البرلمان يرخص للإدمان
http://djelfa.info/ar/files/articles/rus//201504121908533933.jpg
كثير من الناس دخلوا التاريخ من بوابته الواسعة وسجلوا أسمائهم بحبر من ذهب في حين اختار البعض الآخر كما هو حال وزير تجارتنا أو ما تبقى منها دخول التاريخ من بوابته الضيقة وسط أزقة مُوحشة تكثر بها المخامر والحانات التي يُفضل أصحابها ارتيادها ليلا وفي سرية تامة حين كانت تجارة الخمور مقيدة وتخضع لنوع من الرقابة التي لم ترض عنها في نهاية المطاف مؤسسات التجارة العالمية فلم تتردد في مطالبة الجزائر ضمن إطار المعاهدات المبرمة تجاريا وجمركيا و ضمن سياسة حقوق الإنسان و قائمة الحريات الطويلة والمتطاولة على هوية البلاد والعباد فأمرت هذه الهيئات الدولية حكومتنا باتخاذ إجراءات تخفف من حدة (الرقابة) اللاإنسانية على هذه الفئة المستضعفة والمطَارَدة والمنتَهكة من مدمني الخمور والذين ليسوا بالضرورة من ذوي الدخل المحدود أو الفقراء بل أغلبهم من الميسورين والأغنياء وبعض المسؤولين وأصحاب القرار الذين يصعب عليهم تحمل الاجتماعات الماراثونية والجلسات الحميمية ، واللقاءات الخاصة والحاسمة والمداولات الشاقة دون احتساء ما يساعدهم على تدبر شؤون الرعية من كل ما لذ وطاب من المُعَتقات المحلية والمستوردة ، ويكفي معاينة حالة البلاد والعباد وما وصل إليه المواطن من حالة اليأس والقنوط لندرك بأن العديد من القرارات الكارثية لم يكن أصحابها عند سنها بعيدا عن قارورات النبيذ الفاخرة التي يعكس حجمها بأن هناك تجاوز خطير للحد المسموح به عالميا .
من كان ينتظر مثل هذا القرار الذي تجرأ بموجبه وزير تجارتنا وبكل ديمقراطية وشرعية الإعلان على فتح وتحرير بيع الخمور بشكل علني من خلال السماح بالانتقال من البيع (تحت الجناح) للخمور إلى مرحلة البيع بالحاويات، لإغراق السوق بهذه المادة التي يفضل البعض تسميتها -تأدبا- بالمشروبات (الروحية) وهي بالفعل وراء العديد من حالات زهق الأرواح البشرية البريئة في الحوادث المميتة عبر الطرقات وغيرها. كما تضمن القرار الوزاري (التاريخي) التنازل عن (الرخص) في فتح محلات البيع بالجملة أي البيع بسعر أقل لتقريب - ليس الإدارة من المواطن - ولكن تقريب (البيرة العربية) و(الويسكي الأمريكي) من الفئات المحرومة ليتخلصوا من هموم النهار في سمر الليالي الحمراء دون رقابة، طالما أن ذلك يتعارض مع الالتزامات الدولية التي عُرف عن الجزائر بأنها من أحسن الدول تقيدا بها، بل أكثر من ذلك كما هو الحال عندما تكرمت بكل سخاء لمساعدة أكبر مؤسسة مالية عالمية والمتمثلة في (صندوق النقد الدولي) أو ما يعرف بـ (الأفمي) FMI ، مما أثلج قلب السيدة (كريستين لاقارد) Christine Lagarde وقر عينها.
لقد كان تمرير هذا القانون على (مجلس النوام) لعبة أطفال، لِيَجد كل من يتطاول على قرار الوزير ردا مفحما يُذكره بأن الوزير لا يعمل في الخفاء وبأن وزارته الموقرة وقراره شبه المقدس هو قرار سيادي حضي بمباركة ودعم عباقرة المجلس الشعبي الوطني وخبرائه المختصين في رفع الأيادي التي تعبّر عن حرية وهمية لاستقلالية القرار طالما أن الاتفاقيات الدولية تُكبل جزائر العزة والكرامة، مما يدفعنا إلى التساؤل عن أهمية تمرير القرار على البرلمان والجدوى من ذلك، كما يجعلنا نستفسر عن الفحوى من طرح وزارة عمارة بن يونس لهذا المشروع على المداولة البرلمانية والتي لا تعني سوى ذر الرماد في العيون لإيهام الشعب بأننا حتى عندما نقرر أن نَسكر و(نَخبَطها) فإننا نفعل ذلك بمحض إرادتنا وبكامل وعينا.
طوبى إذن لكل التجار الذين كانوا يعانون الأَمَرين في عرض منتوجهم وهم مطاردين بقوانين تعتبرهم مهربين و(أبناء كلاب) عندما تضبط بأيديهم هذه المواد (الشيطانية) والتي بفضل وزير التجارة قد رُفع عليهم هذا الحرج والتضييق وأصبح بإمكانهم الآن عقد صفقات إشهارية مع قنواتنا التي سوف تخرج من إفلاسها بعرض برامج إشهارية لبيع الخمور بشكل جميل ومغري يمكن فيه الاستعانة بالخبرات وحتى الأيادي الأجنبية والتي تملك باعا طويلا في هذا القطاع الهام والحيوي من التجارة التي كانت الجزائر (محرومة) منه بسبب (ذهنيات) متحجرة وعقليات متخلفة، كما أنها في رأي هؤلاء فرصة سانحة للتحكم في ظاهرة الانتشار الفوضوي للخمور وخاصة استهلاكها في أماكن غير لائقة كالغابات والجبال مما يجعلها تسترجع مكانتها داخل المدن والحضائر بل ولم لا في الساحات العمومية وحتى أمام المساجد والمدارس .
هذه إذن النسخة الجديد والمنقحة للجزائر التي يحلم بها وزير التجارة وغيره ممن يفكرون على شاكلته، ولكن ليعلم هؤلاء بأنهم فئة بل شرذمة قليلة لا تمثل الجزائر المسلمة ولن تمثلها أبدا، وبأن حلمهم في رؤية الخمور تباع علنا في أحيائنا وشوارعنا سيصبح كابوسا يقض مضاجعهم ويؤرق أحلامهم السخيفة و سينقلب السحر على الساحر عندما ترجع الجزائر لأهلها الغيورين عليها والذين يحسنون التحاور مع المنظمات الدولية ويفرضون عليها احترام مقومات الأمة وثقافتها وخصوصياتها و حينها ستعرف الجزائر الدفاع عن نفسها كما دافعت عنها بالأمس القريب.
د. عبد الرحمن بن شريط :19::19::19:
http://djelfa.info/ar/files/articles/rus//201504121908533933.jpg
كثير من الناس دخلوا التاريخ من بوابته الواسعة وسجلوا أسمائهم بحبر من ذهب في حين اختار البعض الآخر كما هو حال وزير تجارتنا أو ما تبقى منها دخول التاريخ من بوابته الضيقة وسط أزقة مُوحشة تكثر بها المخامر والحانات التي يُفضل أصحابها ارتيادها ليلا وفي سرية تامة حين كانت تجارة الخمور مقيدة وتخضع لنوع من الرقابة التي لم ترض عنها في نهاية المطاف مؤسسات التجارة العالمية فلم تتردد في مطالبة الجزائر ضمن إطار المعاهدات المبرمة تجاريا وجمركيا و ضمن سياسة حقوق الإنسان و قائمة الحريات الطويلة والمتطاولة على هوية البلاد والعباد فأمرت هذه الهيئات الدولية حكومتنا باتخاذ إجراءات تخفف من حدة (الرقابة) اللاإنسانية على هذه الفئة المستضعفة والمطَارَدة والمنتَهكة من مدمني الخمور والذين ليسوا بالضرورة من ذوي الدخل المحدود أو الفقراء بل أغلبهم من الميسورين والأغنياء وبعض المسؤولين وأصحاب القرار الذين يصعب عليهم تحمل الاجتماعات الماراثونية والجلسات الحميمية ، واللقاءات الخاصة والحاسمة والمداولات الشاقة دون احتساء ما يساعدهم على تدبر شؤون الرعية من كل ما لذ وطاب من المُعَتقات المحلية والمستوردة ، ويكفي معاينة حالة البلاد والعباد وما وصل إليه المواطن من حالة اليأس والقنوط لندرك بأن العديد من القرارات الكارثية لم يكن أصحابها عند سنها بعيدا عن قارورات النبيذ الفاخرة التي يعكس حجمها بأن هناك تجاوز خطير للحد المسموح به عالميا .
من كان ينتظر مثل هذا القرار الذي تجرأ بموجبه وزير تجارتنا وبكل ديمقراطية وشرعية الإعلان على فتح وتحرير بيع الخمور بشكل علني من خلال السماح بالانتقال من البيع (تحت الجناح) للخمور إلى مرحلة البيع بالحاويات، لإغراق السوق بهذه المادة التي يفضل البعض تسميتها -تأدبا- بالمشروبات (الروحية) وهي بالفعل وراء العديد من حالات زهق الأرواح البشرية البريئة في الحوادث المميتة عبر الطرقات وغيرها. كما تضمن القرار الوزاري (التاريخي) التنازل عن (الرخص) في فتح محلات البيع بالجملة أي البيع بسعر أقل لتقريب - ليس الإدارة من المواطن - ولكن تقريب (البيرة العربية) و(الويسكي الأمريكي) من الفئات المحرومة ليتخلصوا من هموم النهار في سمر الليالي الحمراء دون رقابة، طالما أن ذلك يتعارض مع الالتزامات الدولية التي عُرف عن الجزائر بأنها من أحسن الدول تقيدا بها، بل أكثر من ذلك كما هو الحال عندما تكرمت بكل سخاء لمساعدة أكبر مؤسسة مالية عالمية والمتمثلة في (صندوق النقد الدولي) أو ما يعرف بـ (الأفمي) FMI ، مما أثلج قلب السيدة (كريستين لاقارد) Christine Lagarde وقر عينها.
لقد كان تمرير هذا القانون على (مجلس النوام) لعبة أطفال، لِيَجد كل من يتطاول على قرار الوزير ردا مفحما يُذكره بأن الوزير لا يعمل في الخفاء وبأن وزارته الموقرة وقراره شبه المقدس هو قرار سيادي حضي بمباركة ودعم عباقرة المجلس الشعبي الوطني وخبرائه المختصين في رفع الأيادي التي تعبّر عن حرية وهمية لاستقلالية القرار طالما أن الاتفاقيات الدولية تُكبل جزائر العزة والكرامة، مما يدفعنا إلى التساؤل عن أهمية تمرير القرار على البرلمان والجدوى من ذلك، كما يجعلنا نستفسر عن الفحوى من طرح وزارة عمارة بن يونس لهذا المشروع على المداولة البرلمانية والتي لا تعني سوى ذر الرماد في العيون لإيهام الشعب بأننا حتى عندما نقرر أن نَسكر و(نَخبَطها) فإننا نفعل ذلك بمحض إرادتنا وبكامل وعينا.
طوبى إذن لكل التجار الذين كانوا يعانون الأَمَرين في عرض منتوجهم وهم مطاردين بقوانين تعتبرهم مهربين و(أبناء كلاب) عندما تضبط بأيديهم هذه المواد (الشيطانية) والتي بفضل وزير التجارة قد رُفع عليهم هذا الحرج والتضييق وأصبح بإمكانهم الآن عقد صفقات إشهارية مع قنواتنا التي سوف تخرج من إفلاسها بعرض برامج إشهارية لبيع الخمور بشكل جميل ومغري يمكن فيه الاستعانة بالخبرات وحتى الأيادي الأجنبية والتي تملك باعا طويلا في هذا القطاع الهام والحيوي من التجارة التي كانت الجزائر (محرومة) منه بسبب (ذهنيات) متحجرة وعقليات متخلفة، كما أنها في رأي هؤلاء فرصة سانحة للتحكم في ظاهرة الانتشار الفوضوي للخمور وخاصة استهلاكها في أماكن غير لائقة كالغابات والجبال مما يجعلها تسترجع مكانتها داخل المدن والحضائر بل ولم لا في الساحات العمومية وحتى أمام المساجد والمدارس .
هذه إذن النسخة الجديد والمنقحة للجزائر التي يحلم بها وزير التجارة وغيره ممن يفكرون على شاكلته، ولكن ليعلم هؤلاء بأنهم فئة بل شرذمة قليلة لا تمثل الجزائر المسلمة ولن تمثلها أبدا، وبأن حلمهم في رؤية الخمور تباع علنا في أحيائنا وشوارعنا سيصبح كابوسا يقض مضاجعهم ويؤرق أحلامهم السخيفة و سينقلب السحر على الساحر عندما ترجع الجزائر لأهلها الغيورين عليها والذين يحسنون التحاور مع المنظمات الدولية ويفرضون عليها احترام مقومات الأمة وثقافتها وخصوصياتها و حينها ستعرف الجزائر الدفاع عن نفسها كما دافعت عنها بالأمس القريب.
د. عبد الرحمن بن شريط :19::19::19: