المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رمضان و الصلاة


حمراوي نت
2009-09-03, 10:23
الحمد لله الذي أمر عباده بطاعته وتقواه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له توعد من اتخذ إلهه هواه ، وأشهد أن محمداً عبده وخليله ومصطفاه ، عليه من ربه أعظم سلام وأفضل صلاة ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم نلقاه . . . أما بعد :
فإن مما تأسف له النفوس ، وتدمع له العيون ، وتتفطر له القلوب ، ما نشاهده من تهافت المسلمين على المساجد لأداء الصلاة فقط من شهر رمضان ، حتى إن الكثير من المساجد لتحتاج إلى ضعف مساحتها لتسع المصلين ، فيخرج الجميع من بيوتهم مقبلين على ربهم لأداء أعظم ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين ، ألا وهي الصلاة ، التي هي فسطاط الإسلام وعموده الذي لا يقوم إلا به ، وما يفتأ المتابع لحال المسلمين في رمضان إلا ويفاجأ بتناقص أعداد المصلين حتى تنقضي الأيام الأول من رمضان ولا يجد تلك الجموع الغفيرة مقبلة على بيوت الله ، و بئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان ، أو في بعض رمضان ، فرب رمضان هو رب باقي الشهور ، والله الذي أمر بالصلاة ، أمر بها في كل وقت وحين ولم يخصص لها شهراً معيناً ، أو يوماً مخصصاً ، قال تعالى : " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً " [ النساء ] وقال تعالى : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " خمس صلوات كتبهن الله على العبد في اليوم والليلة " فالصلاة واجبة على الأعيان وفق ما شرعه الله تعالى لعباده ، وما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ، فأين أولئك القوم الذين يصلون أياماً من رمضان ثم يتركون الصلاة مع الجماعة ؟ راغبين عن فضل الله ، منساقين وراء أوهام وخرافات ، متبعين سنن المنافقين ، والأدهى من ذلك وأمر من لا نراه في المساجد لا في رمضان ولا في غيره ، فأين إسلام أولئك الناس ؟
إن عمل بعض الناس اليوم في رمضان لهو دليل على استهتارهم بأوامر الله تعالى ، واستهزائهم بتعاليمه ، وتعديهم لحدوده ، وارتكاب لما حرم الله ، وتلاعب بأوامر الدين الحنيف ، وإلا أيها الإخوة كيف يليق بعاقل فطن يعلم علم يقين أن الله تعالى رتب على ترك الصلاة في الجماعة عقوبة وعذاباً أليماً ، ثم يتوانى عن أدائها في بيوت الله تعالى .
أيها الأخوة في الله الكل يدرك ويعلم علماً لا لبس فيه أن الصلاة ركن من أركان الإسلام وركيزة من ركائزه العظام وهي الفاصلة بين الإسلام والكفر وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين فكان من أهميتها وعظيم حقها عند الله تعالى أن فرضها على نبيه صلى الله عليه وسلم في أشرف مكان وأعلى بقعة وصل إليها إنسان ، فرضها في السماء حينما أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس ثم إلى السماء ، ولقد فرضها الله تعالى على نبيه خمسين صلاة فلما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من عند ربه لقيه موسى عليه السلام فقال بماذا أمرك ربك ؟ قال : أمرني بالصلاة ، قال : وكم فرضها عليك ؟ قال خمسين قال : ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لن تطيق ذلك فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه ، يسأله التخفيف ، فخفف عنه حتى بقيت خمس صلوات في اليوم والليلة .
فهذه خمس صلوات في اليوم والليلة فقليلاً من يحافظ عليها ووالله أن من حافظ على هذه الصلوات الخمس جماعة حيث ينادى لها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة ، ووفق في أمور حياته وكان من الناجين وكان في ذمة رب العالمين
ولاشك أن وجوب الصلاة متعين على المسلم العاقل البالغ ذكراً وأنثى عبداً وحراً ولا تسقط بأي حال من الأحوال حتى في الحرب تحت أصوات القنابل والدبابات وأزيز الرصاص والطائرات ولا تسقط عن المريض ولا عن المسافر بل تصلى حسب حالة الإنسان ،الصيام يسقط لبعض الأعذار كمن يكون مريضاً مرضاً لا يستطيع معه أن يصوم فله الفطر ، فالمريض قد يسقط عنه الصوم دائماً أو مؤقتاً حسب حاله ، أما الصلاة فلا تسقط بحال ، والحج يسقط عمن لا يستطيع ومن لم تتوفر فيه شروطه المعتبرة ، والزكاة كذلك تسقط في أحوال ، أما الصلاة فإنها لا تسقط حتى لو أن الإنسان على فراشه لا يستطيع الحراك فيصلي حسب طاقته وحسب استطاعته ، فيصليها قائما ، فإن لم يستطع فقاعداً ، أو على جنب ، أو مستلقياً ، فإن لم يستطع بذلك كله نواها بقلبه ، فهي لا تسقط لمنزلتها العظيمة عند الله ، فهي الصلة بين العبد وربه سبحانه وتعالى ، فمن أراد النجاة والفوز والتوفيق فعليه بالصلاة .
أيها الأخوة الصائمون : الأمر عظيم والخطب جسيم ووالله إنه لأمر يندى له الجبين ، ويتفطر له القلب ، عندما يستهين كثير من الناس اليوم بالصلاة وأمرها حتى أنهم لا يجعلون لها ميزاناً ولا قدراً لديهم .
وهذا لا شك من الغفلة ، نعم من الغفلة المهلكة التي تهلك صاحبها ، وتعود عليه بالخاتمة السيئة والعياذ بالله ، قال صلى الله عليه وسلم : " بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة " ، وقال : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " ، وقال الله تعالى في حق تارك الصلاة : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً } [ مريم 59 ] ، فالصلاة من أوثق عرى الدين، وأهم أركانه ودعائمه ، بل هي عموده الذي لا يستقيم إلا بها ، ولقد تواترت الأدلة الدالة على أهمية الصلاة ووجوب أدائها في جماعة المسلمين في بيوت الله تعالى ، وخطورة التهاون بها ، والتحذير من تركها أو التشاغل والتثاقل عنها وهذه بعض آيات ربنا تبارك وتعالى التي توجب الصلاة وتحذر من مغبة تركها ، يقول الله تعالى : { وأقيموا الصلاة } ، ويقول الله تعالى : { إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا } ، وقال تعالى : { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } [ البقرة 238 ] ، وقال تعالى : { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً }[النساء 103 ] .
والآيات في ذلك كثيرة معلومة مشهورة .

وأما الأحاديث التي تأمر بالصلاة وتحذر من تركها ، وتندد بصاحبها فكثيرة وسأسوق لكم طرفاً منها :
قال صلى الله عليه وسلم : " مروا أبنائكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر " [ أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم ] ، وقال : " فإذا حضرت الصلاة ، فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي" [ أخرجه أحمد ورجاله رجال الصحيح ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : " من نام عن صلاة أو نسيها ، فليصلها إذا ذكرها "
[ أخرجه مسلم ] ، وقد نرى كثيراً من الناس اليوم يتهاونون بصلاة الجماعة ظناً منهم أنها ليست بواجبة وأن الإنسان تجزئه صلاته في بيته، وهذا ظن خاطئ لا توافقه الأدلة الصحيحة الصريحة، فلقد قال الله تعالى : { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح فيها بالغدو والآصال * رجال . . . } [ النور 36-37 ] ، إذاً الرجال هم المأمورون بأدائها في المساجد أما النساء فالأمر لهن بالستر والحياء والعفاف وعدم الاختلاط بالرجال ، ولا يكون ذلك إلا بتأديتها في بيتها، فمن صلى في بيته تاركاً الجماعة حيث يسمع النداء فقد وقع في عدة محاذير :
أولها : معصية لله تعالى :
فالله سبحانه يقول : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين } وهذه الآية دلت عليها الآية السابقة : { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه } .
وقوله تعالى : { وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله ورسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى } فأين يأتون ؟ لا شك أنهم يأتون إلى المساجد . فهذا أول محذور.
الثاني : مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم
هذا هو المحذور الثاني وهو مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم وعدم طاعة أمره حيث قال : " من سمع النداء بالصلاة فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر " [ أخرجه أهل السنن وصححه الألباني ] .
ثم ذلك الأعمى الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب رخصة في أن يصلي في بيته فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما ولى : قال له : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم ، قال : أجب ، وفي رواية : " لا أجد لك رخصة " فهذا رجل أعمى ، كبر في سنه ، والمدينة كثيرة السباع والهوام ، وليس له قائد يقوده إلى المسجد ، وبيته بعيد عن المسجد ، ووالله إنها لأعذار فيما يبدو للرائي تبيح له أن يصلي في بيته ، ولكن لما جاء الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم وجب امتثاله واتباعه فما بال صحيح البصر ، وقريب الدار ومن له وسيلة تنقله ، والطريق له منار ، وحالته سليمة صحيحة والطريق آمن لا سباع ولا هوام فهل لهذا من عذر في ترك الصلاة مع الجماعة ؟ حيث يسمع منادي الله ينادي كل يوم وليلة خمس مرات : الله أكبر . . أي أكبر من كل شيء ؟ أكبر من النوم ، أكبر من العمل ، أكبر من السهر ، أكبر من اللعب ؟ هل يليق بمن يسمع حي على الصلاة ؟ أن يتخلف عنها ؟ هل يعقل لمن يسمع حي على الفلاح ؟ أن يتثاقل عنها ؟ هل يقبل ممن يسمع الصلاة خير من النوم ؟ أن ينام عنها .
لا ينبغي لمن سمع ذلك أن يتكاسل عن الصلاة أو يهمل في إجابة داعي الله ، فتلك من أسباب عدم صحة الصلاة ، ومن أسباب سوء الخاتمة والعياذ بالله .
الثالث : التشبه بالنساء :
هذا هو المحذور الثالث لمن ترك الجماعة وصلى في بيته ، أنه متشبه بالنساء ، فالنساء مأمورات بالصلاة في البيوت أما الرجال فيصلون في المساجد، فاستحق المتخلف اللعنة كما قال صلى الله عليه وسلم : " لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء " [ متفق عليه ] .
فلا يعذر الرجل بحال عن ترك الجماعة ، و لهذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " فقيل له : ياأمير المؤمنين ! ومن جار المسجد ؟ قال : " من سمع النداء " ، وقال أيضاً رضي الله عنه : " من سمع النداء فلم يأته لم تجاوز صلاته رأسه إلا بالعذر " .
واجتمع قول ابن عباس وابن مسعود وأبي موسى رضي الله عنهم أنهم قالوا : " من سمع المنادي ثم لم يجبه من غير عذر فلا صلاة له " .
الرابع : النفاق :
اعلم أيها المسلم أن التخلف عن الصلاة أي صلاة الجماعة علامة من علامات النفاق ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء ، ولو يعلمون ما فهيما لأتوهما ولو حبواً " [ أخرجه البخاري ] .
أي يعلمون ما فيها من الأجر العظيم والخير العميم ما تخلف عنها صحيح مقيم بلا عذر ، بل لأتوهما ولو حبواً على الركب .
ويقول ابن مسعود رضي الله عنه : " من سره أن يلقى الله مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن ، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى ، وأنهن من سنن الهدى ، ولو صليتم في بيوتكم ، كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق " [ أخرجه مسلم ] .
وقال ابن عمر رضي الله عنهما : " كنا إذا فقدنا الرجل عن صلاة العشاء وصلاة الفجر أسأنا به الظن " ، وقال عطاء وهو أحد التابعين : " كنا نسمع أنه لا يتخلف عن الجماعة إلا منافق " .
الخامس : الوعيد بالنار :
لقد جاء التهديد والتخويف والنذير لمن تخلف عن الصلاة في جماعة في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلاً أن يؤم الناس ثم أنطلق برجال معي معهم حزم من حطب إلى أناس لا يشهدون الصلاة ، فاحرق عليهم بيوتهم " [ متفق عليه ] .
وفي رواية الأمام أحمد : " لولا ما فيهما من النساء والصبيان " ومعلوم أن الحرق لا يكون إلا على كبيرة من كبائر الذنوب ، وهل هناك أكبر من أن يفقد الإنسان الصلة التي تربطه بربه سبحانه ..
فيا أيها المسلمون لقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت بالصلاة فقال : " الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم " [ أخرجه الحاكم في المستدرك ، وابن ماجة وقال البوصيري في مصباح الزجاجة إسناده صحيح على شرط الشيخين ] .
وسبحان الله كيف فرط الناس اليوم أو أكثرهم في الصلاة من أجل متاع زائل من أمتعة الدنيا الفانية ، فتراهم أمام آلات الصرف الآلي وقت أداء الصلاة ، وأمام الشاشات لمشاهدة العاهرات والمسلسلات الفاضحات أو رؤية كومة من الجلد منفوخة ، والله يناديهم للفلاح والنجاح والنجاة من عذاب القبر والنار وهم لا هون غافلون غارقون في لجج المعاصي والآثام .
فبعض الناس لا يعرف الصلاة إلا في رمضان ، والبعض لا يعرف الصلاة لا في رمضان ولا في غيره ، فهؤلاء شرار الناس على الإطلاق ، وقد حكم الله بكفرهم وأنه لا يقبل منهم عمل ولا عدل ولا صرف ، وأعمالهم مردودة عليهم ، لأنهم قطعوا صلتهم بمن يقبل الأعمال ويجازي عليها بعظيم الثواب وجزيل العطايا ، قال تعالى : { وما منعهم أن تُقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون } ، فعلى أولئك الناس أن يتوبوا إلى الله تعالى قبل أن ينزل بساحتهم هادم اللذات ومفرق الجماعات ، حينها لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، لأنها لم تكسب في إيمانها خيراً ، ولم تعمل في حياتها براً ، فالمصير النار وبئس القرار ، فاتقوا الله يا من تسهرون الليالي وتنامون النهار ، ليس هذا هو المقصود من شهر الصيام ، وإنما المقصود تقوى الله تعالى ، بطاعته واجتناب معصيته ، حتى يفوز العبد برضى ربه ، ويقهر شيطانه ويدحر وسوسته له .
فالله الله عباد الله بالاهتمام بالصلاة ، إن أردتم الفوز بالجنة والنجاة من النار ، إن أردتم النصر على الأعداء ، واستعادة مقدساتكم الإسلامية التي تئن تحت وطأة اليهود والنصارى .
والله أعلى وأعلم ، وأجل وأحكم ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على صاحب الوجه الأنور ، والجبين الأزهر ، والقلب الأطهر ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

mourad05
2009-09-03, 10:26
بارك الله فيك على المجهود الجبار وشكرا جزيلا لك

حمراوي نت
2009-09-03, 10:32
و فيك بارك الله أخي ، شكرا على المرور

magui
2009-09-03, 11:00
بارك الله فيك وجزاك خير ا

*الراجي عفو الله*
2009-09-03, 17:02
السلام عليكم

بارك الله فيك اخي على المجهود في ميزان حسناتك


سلام

محمد قصي عبدالمعز
2009-09-03, 18:54
جزاك الله خيرا