ياسرون الجزائري
2015-04-09, 08:12
حـجـــج الله على الناس:
-------------
لله على خلقه حجج كثيرة أشهرها ثلاث
(ميثاق الفطرة – الآيات الكونية – الرسل )
أولا ميثاق الفطرة:
وهي قائمة على الصغير والكبير والعاقل والمجنون و جميع الناس بدون استثناء
------------------
قال تعالى(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173))
وفى الحديث (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال ألست بربكم قالوا بلى )(أحمد ، والنسائى ، والحاكم )
وفى الحديث (يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به ؟ فيقول: نعم ؟ فيقول الله: كذبت قد أردت منك أهون من ذلك قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك)(متفق عليه)
[[ القول في تأويل قوله تعالى : { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : واذكر يا محمد ربك إذ استخرج ولد آدم من أصلاب آبائهم , فقررهم بتوحيده , وأشهد بعضهم على بعض شهادتهم بذلك , وإقرارهم به . كما : 11915 - حدثني أحمد بن محمد الطوسي , قال : ثنا الحسين بن محمد , قال : ثنا جرير بن حازم , عن كلثوم بن جبر , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال : " أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان " يعني عرفة " فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها , فنثرهم بين يديه كالذر , ثم كلمهم فتلا فقال : ألست بربكم ؟ قالوا بلى شهدنا أن تقولوا الآية - إلى { ما فعل المبطلون }
حدثني علي بن سهل , قال : ثنا ضمرة بن ربيعة , قال : ثنا أبو مسعود , عن جويبر , قال : مات ابن للضحاك بن مزاحم ابن ستة أيام , قال : فقال : يا جابر إذا أنت وضعت ابني في لحده , فأبرز وجهه , وحل عنه عقده , فإن ابني مجلس ومسئول ! ففعلت به الذي أمرني , فلما فرغت , قلت : يرحمك الله , عم يسأل ابنك ؟ قال : يسأل عن الميثاق الذي أقر به في صلب آدم عليه السلام . قلت : يا أبا القاسم , وما هذا الميثاق الذي أقر به في صلب آدم ؟ قال : ثني ابن عباس أن الله مسح صلب آدم , فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة , وأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه , ولا يشركوا به شيئا , فلن تقوم الساعة حتى يولد من أعطي الميثاق يومئذ , فمن أدرك منهم الميثاق الآخر فوفى به نفعه الميثاق الأول , ومن أدرك الميثاق الآخر فلم يف به لم ينفعه الميثاق الأول , ومن مات صغيرا قبل أن يدرك الميثاق الآخر مات على الميثاق الأول على الفطرة
حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن أبي جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية , عن أبي بن كعب , قال : جمعهم يومئذ جميعا ما هو كائن إلى يوم القيامة , ثم استنطقهم , وأخذ عليهم الميثاق { وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون } ؟ قال : فإني أشهد عليكم السماوات السبع والأرضين السبع , وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا , اعلموا أنه لا إله غيري , ولا رب غيري , ولا تشركوا بي شيئا , وسأرسل إليكم رسلا يذكرونكم عهدي وميثاقي , وسأنزل عليكم كتبي ! قالوا : شهدنا أنك ربنا وإلهنا , لا رب لنا غيرك , ولا إله لنا غيرك . فأقروا له يومئذ بالطاعة , ورفع عليهم أباهم آدم , فنظر إليهم , فرأى منهم الغني والفقير , وحسن الصورة , ودون ذلك , فقال : رب لولا ساويت بينهم ! قال : فإني أحب أن أشكر . قال : وفيهم الأنبياء عليهم السلام يومئذ مثل السرج. وخص الأنبياء بميثاق آخر , قال الله : { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } 33 7 وهو الذي يقول تعالى ذكره : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله } 30 30 وفي ذلك قال : { هذا نذير من النذر الأولى } 53 56 يقول : أخذنا ميثاقه مع النذر الأولى , ومن ذلك قوله : { وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين } 7 102 { ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل } 10 74 قال : كان في علمه يوم أقروا به من يصدق ومن يكذب .]] (تفسير القرطبي)
ثانيا الآيات الكونية:
وهي قائمة على جميع المكلفين (العقلاء)
--------------------
قال تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)} [آل عمران: 190، 191]
ومن ثم ذم المعرضين عن آياته قال تعالى (وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ)
ثالثا الرسل أو رسالتهم :
قائمة على أغلب المكلفين كما سيأتي:
الرسل هم الحجة الأخيرة والقاطعة على الخلق قال تعالى(رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165).( فقطع حجة كلّ مبطل ألحدَ في توحيده وخالف أمره) (تفسير الطبرى)
وفى الحديث (لاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِك بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ) (متفق عليه) وبمجرد إرسال الرسول ينقطع العذر
ففى الحديث (والذى نفس محمد بيده لا يسمع بى احد من هذه الامة يهودى ولانصرانى ثم يموت ولم يؤمن بالذى ارسلت به الا كان من اصحاب النار)(رواه مسلم ) يقول ابن حزم فى شرحه للحديث السابق (فإنما أوجب النبي صلى الله عليه و سلم الإيمان به على من سمع بأمره صلى الله عليه و سلم فكل من كان في أقاصي الجنوب والشمال والمشرق وجزائر البحور والمغرب وأغفال الأرض من أهل الشرك فسمع بذكره صلى الله عليه و سلم ففرض عليه البحث عن حاله وإعلامه والإيمان به) [الإحكام لابن حزم]
من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة
-------------------------------------
قال تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) وقال تعالى: { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } وقال رسول الله (يا أيها الناس، بلِّغوا ولو آية من كتاب الله، فإنه من بَلَغه آيةٌ من كتاب الله، فقد بلغه أمر الله، أخذه أو تركه). (أورده الطبرى فى تفسيره ونقله عنه أكثر المفسرين)و(عن محمد بن كعب القرظي:"لأنذركم به ومن بلغ" ، قال: من بلغه القرآن، فكأنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم)(أورده الطبرى فى تفسيره ونقله عنه أكثر المفسرين)
ويقول ابن كثير(فمن بلغه هذا القرآن من عرب وعَجَم، وأسودَ وأحمرَ، وإنس وجان، فهو نذير له)(تفسير ابن كثير)
ويقول ابن عبد الوهاب (فإن حجة الله هو القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة)(الرسائل الشخصية)
المؤاخذة بآثار الرسالة
-----------------------
(عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي ؟ قال في النار فلما قفى دعاه فقال إن أبي وأباك في النار)(رواه مسلم)
(وعن أبي هريرة قال زار النبي قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت)(رواه مسلم)
يقول النووى(من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم)(شرح النووى)
ما لا يعذر فيه المرء بجهله (العلم الضرورى )
-----------------------------------------------
وهما مسألتان يجب على المكلف تعلمهما ولا عذر فيهما بالجهالة
الأولى :توحيد الله والبراءة من الشرك:يقول أبو حنيفة(لا عذر لاحد من الخلق في جهله معرفة خالقه لان الواجب على جميع الخلق معرفة الرب سبحانه وتعالى وتوحيده)(بدائع الصنائع )
الثانية :معرفة المعلوم من الدين بالضرورة من فرائض وحلال وحرام:قال الشافعي (العلم علمان علم عامة لا يسع بالغا غير مغلوب على عقله جهله ...مثل الصلوات الخمس وأن لله على الناس صوم شهر رمضان وحج البيت إذا استطاعوه وزكاة في أموالهم وأنه حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر ... وهذا الصنف كله من العلم موجود ايصا في كتاب الله وموجودا عاما عند أهل الاسلام ...وهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر ولا التأويل ولا يجوز فيه التنازع)(الرسالة)
ما يحتمل العذر بجهل فيه ثلاث مسائل
-----------------------------------------
الأولى :الفروع من فرائض وحلال وحرام لمن كان فى مظنة جهل كحديث عهد بالإسلام ومن نشأ ببادية بعيدة
قال أبو حنيفة(فاما الفرائض فمن لم يعلمها ولم تبلغه فان هذا لم تقم عليه حجة حكمية)(بدائع الصنائع )
الثانية :بعض مسائل الأسماء والصفات التى لا تعلم إلا بالخبر كاستواء الرب وكلامه
قال الشافعى (لله أسماء وصفاتٌ، لا يَسَع أحداً رَدُّها، ومَن خالف بعد ثبوت الحجَّة عليه فقد كفر، وأمَّا قبل قيام الحجة فإنَّه يُعذر بالجهل؛ لأنَّ عِلمَ ذلك لا يُدرَك بالعقل ولا الرؤية والفكر، فنثبتُ هذه الصفات، ونَنفي عنه التشبيهَ، كما نفَى عن نفسه فقال: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } .(فتح البارى)
الثالثة : فروع الفقه الغير معلومة من الدين بالضرورة
يقول النووى(فأما ما كان الإجماع فيه معلوما من طريق علم الخاصة كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وأن القاتل عمدا لا يرث، وأن للجدة السدس، وما أشبه ذلك من الأحكام، فإن من أنكرها لا يكفر بل يعذر فيها لعدم استفاضة علمها في العامة.)(مسلم بشرح النووى )
الأدلة على عدم الإعذار بالجهالة فى التوحيد
------------------------------------------------
الدليل الأول قوله تعالى(فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30))الأعراف
يقول الطبرى(يقول تعالى ذكره: إن الفريق الذي حق عليهم الضلالة، إنما ضلوا عن سبيل الله وجارُوا عن قصد المحجة، باتخاذهم الشياطين نُصراء من دون الله، وظُهراء، جهلا منهم بخطأ ما هم عليه من ذلك، بل فعلوا ذلك وهم يظنون أنهم على هدى وحق، وأن الصواب ما أتوه وركبوا.
وهذا من أبين الدلالة على خطأ قول من زعمَ أن الله لا يعذِّب أحدًا على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها، إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها، فيركبها عنادًا منه لربه فيها. لأن ذلك لو كان كذلك، لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضلّ وهو يحسَبُ أنه هادٍ. وفريق الهدى، فَرْقٌ. وقد فرَّق الله بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية.)(تفسير الطبرى)
وقال البغوي في تفسير الآية : (فيه دليل على أن الكافر الذي يظن أنه في دينه على الحق والجاحد والمعاند سواء. )
الدليل الثانى قوله تعالى{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) } [التوبة: 6] وصف الله مرتكب الشرك بصفته قبل قيام الحجة عليه فسماه مشركا قبل أن يسمع كلام الله وكذا كل من فعل شركا كدعاء القبور ونحوها
الدليل الثالث قوله تعالى{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65، 66]فهؤلاء المستهزؤن لم يقصدوا الكفر وجهلوا أن ما فعلوه كفرا ومع ذلك حكم الله بكفرهم
شبهات أصحاب الجهل والعاذرون بالجهل فى التوحيد وأن المسلم يمكن أن يأتى الشرك الكبر ويعذر بجهله لهم شبهات أشهرها الرجل الذى أوصى عند موته بحرق جسده حتى يفلت من العذاب ،وجدير بالذكر أن هذا الحديث أختلف السلف فى فهمه على سبعة وجوه ذكرها النووى فى شرحه لمسلم أقربها للقبول أن هذا الرجل فعل ما فعل وهو فى حال دهشة وذهول وعدم ضبط لتصرفه كالذى أخطأ من شدة الفرح فقال اللهم أنت عبدى وأنا ربك ولو كان العذر بالجهل فى الشرك الأكبر من عقائد السلف فلماذا لم يجتمع السلف على رأى واحد وهو أن الرجل معذور بجهله،واختلفوا على سبعة آراء ؟!
ومن شبهاتهم كذلك سجود معاذ للرسول وعذره بجهله فى ذلك ! والجواب قاتلكم الله أما وجدتم غير إمام العلماء فتنسبوه إلى الكفر والجهل ؟!إن سجود معاذ كان سجود تحية وتعظيم لا سجود عبادة كسجود الملائكة لآدم وسجود إخوة يوسف له وكان ذلك مشروعا فى شرع من قبلنا ونسخ فى شرعنا وهذا ان ثبت الحديث عند اهل الصنعه وهو لم يقبت
ومن شبهاتهم كذلك قول الصحابة للرسول أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط حينما رأوا المشركين يعكفون على شجرة لهم ويعلقون بها أسلحتهم والجواب أن الصحابة لم يطلبوا شجرة يعبدونها وإنما طلبوا شجرة يعبدون الله عندها ويلتمسون البركة عندها لا منها يقول الشاطبى (فإن اتخاذ ذات أنواط يشبه اتخاذ الآلهة من دون الله لا أنه هو بنفسه) (الاعتصام) ويقول ابن تيمية (فأنكر النبي صلى الله عليه و سلم مجرد مشابهتهم الكفار في اتخاذ شجرة يعكفون عليها معلقين عليها سلاحهم فكيف بما هو أطم من ذلك من مشابهتهم المشركين أو هو الشرك بعينه فمن قصد بقعة يرجو الخير بقصدها ولم تستحب الشريعة ذلك فهو من المنكرات وبعضه أشد من بعض سواء كانت البقعة شجرة أو غيرها أو قناة جارية أو جبلا أو مغارة وسواء قصدها ليصلي عندها أو ليدعو عندها أو ليقرأ عندها أو ليذكر الله سبحانه عندها أو لينسك عندها )
[اقتضاء الصراط المستقيم]
وأخيرا ما أحسن ما قال الإمام الشافعي رحمه الله : ( لو عُذِرَ الجاهل ؛ لأجل جهله لكان الجهل خيراً من العلم إذ كان يحط عن العبد أعباء التكليف و يريح قلبه من ضروب التعنيف ؛ فلا حجة للعبد في جهله بالحكم بعد التبليغ و التمكين ؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرُسل)
(المنثور فى القواعد للزركشى )
منقول
-------------
لله على خلقه حجج كثيرة أشهرها ثلاث
(ميثاق الفطرة – الآيات الكونية – الرسل )
أولا ميثاق الفطرة:
وهي قائمة على الصغير والكبير والعاقل والمجنون و جميع الناس بدون استثناء
------------------
قال تعالى(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173))
وفى الحديث (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال ألست بربكم قالوا بلى )(أحمد ، والنسائى ، والحاكم )
وفى الحديث (يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به ؟ فيقول: نعم ؟ فيقول الله: كذبت قد أردت منك أهون من ذلك قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك)(متفق عليه)
[[ القول في تأويل قوله تعالى : { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : واذكر يا محمد ربك إذ استخرج ولد آدم من أصلاب آبائهم , فقررهم بتوحيده , وأشهد بعضهم على بعض شهادتهم بذلك , وإقرارهم به . كما : 11915 - حدثني أحمد بن محمد الطوسي , قال : ثنا الحسين بن محمد , قال : ثنا جرير بن حازم , عن كلثوم بن جبر , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال : " أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان " يعني عرفة " فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها , فنثرهم بين يديه كالذر , ثم كلمهم فتلا فقال : ألست بربكم ؟ قالوا بلى شهدنا أن تقولوا الآية - إلى { ما فعل المبطلون }
حدثني علي بن سهل , قال : ثنا ضمرة بن ربيعة , قال : ثنا أبو مسعود , عن جويبر , قال : مات ابن للضحاك بن مزاحم ابن ستة أيام , قال : فقال : يا جابر إذا أنت وضعت ابني في لحده , فأبرز وجهه , وحل عنه عقده , فإن ابني مجلس ومسئول ! ففعلت به الذي أمرني , فلما فرغت , قلت : يرحمك الله , عم يسأل ابنك ؟ قال : يسأل عن الميثاق الذي أقر به في صلب آدم عليه السلام . قلت : يا أبا القاسم , وما هذا الميثاق الذي أقر به في صلب آدم ؟ قال : ثني ابن عباس أن الله مسح صلب آدم , فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة , وأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه , ولا يشركوا به شيئا , فلن تقوم الساعة حتى يولد من أعطي الميثاق يومئذ , فمن أدرك منهم الميثاق الآخر فوفى به نفعه الميثاق الأول , ومن أدرك الميثاق الآخر فلم يف به لم ينفعه الميثاق الأول , ومن مات صغيرا قبل أن يدرك الميثاق الآخر مات على الميثاق الأول على الفطرة
حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن أبي جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية , عن أبي بن كعب , قال : جمعهم يومئذ جميعا ما هو كائن إلى يوم القيامة , ثم استنطقهم , وأخذ عليهم الميثاق { وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون } ؟ قال : فإني أشهد عليكم السماوات السبع والأرضين السبع , وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا , اعلموا أنه لا إله غيري , ولا رب غيري , ولا تشركوا بي شيئا , وسأرسل إليكم رسلا يذكرونكم عهدي وميثاقي , وسأنزل عليكم كتبي ! قالوا : شهدنا أنك ربنا وإلهنا , لا رب لنا غيرك , ولا إله لنا غيرك . فأقروا له يومئذ بالطاعة , ورفع عليهم أباهم آدم , فنظر إليهم , فرأى منهم الغني والفقير , وحسن الصورة , ودون ذلك , فقال : رب لولا ساويت بينهم ! قال : فإني أحب أن أشكر . قال : وفيهم الأنبياء عليهم السلام يومئذ مثل السرج. وخص الأنبياء بميثاق آخر , قال الله : { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } 33 7 وهو الذي يقول تعالى ذكره : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله } 30 30 وفي ذلك قال : { هذا نذير من النذر الأولى } 53 56 يقول : أخذنا ميثاقه مع النذر الأولى , ومن ذلك قوله : { وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين } 7 102 { ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل } 10 74 قال : كان في علمه يوم أقروا به من يصدق ومن يكذب .]] (تفسير القرطبي)
ثانيا الآيات الكونية:
وهي قائمة على جميع المكلفين (العقلاء)
--------------------
قال تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)} [آل عمران: 190، 191]
ومن ثم ذم المعرضين عن آياته قال تعالى (وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ)
ثالثا الرسل أو رسالتهم :
قائمة على أغلب المكلفين كما سيأتي:
الرسل هم الحجة الأخيرة والقاطعة على الخلق قال تعالى(رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165).( فقطع حجة كلّ مبطل ألحدَ في توحيده وخالف أمره) (تفسير الطبرى)
وفى الحديث (لاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِك بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ) (متفق عليه) وبمجرد إرسال الرسول ينقطع العذر
ففى الحديث (والذى نفس محمد بيده لا يسمع بى احد من هذه الامة يهودى ولانصرانى ثم يموت ولم يؤمن بالذى ارسلت به الا كان من اصحاب النار)(رواه مسلم ) يقول ابن حزم فى شرحه للحديث السابق (فإنما أوجب النبي صلى الله عليه و سلم الإيمان به على من سمع بأمره صلى الله عليه و سلم فكل من كان في أقاصي الجنوب والشمال والمشرق وجزائر البحور والمغرب وأغفال الأرض من أهل الشرك فسمع بذكره صلى الله عليه و سلم ففرض عليه البحث عن حاله وإعلامه والإيمان به) [الإحكام لابن حزم]
من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة
-------------------------------------
قال تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) وقال تعالى: { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } وقال رسول الله (يا أيها الناس، بلِّغوا ولو آية من كتاب الله، فإنه من بَلَغه آيةٌ من كتاب الله، فقد بلغه أمر الله، أخذه أو تركه). (أورده الطبرى فى تفسيره ونقله عنه أكثر المفسرين)و(عن محمد بن كعب القرظي:"لأنذركم به ومن بلغ" ، قال: من بلغه القرآن، فكأنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم)(أورده الطبرى فى تفسيره ونقله عنه أكثر المفسرين)
ويقول ابن كثير(فمن بلغه هذا القرآن من عرب وعَجَم، وأسودَ وأحمرَ، وإنس وجان، فهو نذير له)(تفسير ابن كثير)
ويقول ابن عبد الوهاب (فإن حجة الله هو القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة)(الرسائل الشخصية)
المؤاخذة بآثار الرسالة
-----------------------
(عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي ؟ قال في النار فلما قفى دعاه فقال إن أبي وأباك في النار)(رواه مسلم)
(وعن أبي هريرة قال زار النبي قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت)(رواه مسلم)
يقول النووى(من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم)(شرح النووى)
ما لا يعذر فيه المرء بجهله (العلم الضرورى )
-----------------------------------------------
وهما مسألتان يجب على المكلف تعلمهما ولا عذر فيهما بالجهالة
الأولى :توحيد الله والبراءة من الشرك:يقول أبو حنيفة(لا عذر لاحد من الخلق في جهله معرفة خالقه لان الواجب على جميع الخلق معرفة الرب سبحانه وتعالى وتوحيده)(بدائع الصنائع )
الثانية :معرفة المعلوم من الدين بالضرورة من فرائض وحلال وحرام:قال الشافعي (العلم علمان علم عامة لا يسع بالغا غير مغلوب على عقله جهله ...مثل الصلوات الخمس وأن لله على الناس صوم شهر رمضان وحج البيت إذا استطاعوه وزكاة في أموالهم وأنه حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر ... وهذا الصنف كله من العلم موجود ايصا في كتاب الله وموجودا عاما عند أهل الاسلام ...وهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر ولا التأويل ولا يجوز فيه التنازع)(الرسالة)
ما يحتمل العذر بجهل فيه ثلاث مسائل
-----------------------------------------
الأولى :الفروع من فرائض وحلال وحرام لمن كان فى مظنة جهل كحديث عهد بالإسلام ومن نشأ ببادية بعيدة
قال أبو حنيفة(فاما الفرائض فمن لم يعلمها ولم تبلغه فان هذا لم تقم عليه حجة حكمية)(بدائع الصنائع )
الثانية :بعض مسائل الأسماء والصفات التى لا تعلم إلا بالخبر كاستواء الرب وكلامه
قال الشافعى (لله أسماء وصفاتٌ، لا يَسَع أحداً رَدُّها، ومَن خالف بعد ثبوت الحجَّة عليه فقد كفر، وأمَّا قبل قيام الحجة فإنَّه يُعذر بالجهل؛ لأنَّ عِلمَ ذلك لا يُدرَك بالعقل ولا الرؤية والفكر، فنثبتُ هذه الصفات، ونَنفي عنه التشبيهَ، كما نفَى عن نفسه فقال: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } .(فتح البارى)
الثالثة : فروع الفقه الغير معلومة من الدين بالضرورة
يقول النووى(فأما ما كان الإجماع فيه معلوما من طريق علم الخاصة كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وأن القاتل عمدا لا يرث، وأن للجدة السدس، وما أشبه ذلك من الأحكام، فإن من أنكرها لا يكفر بل يعذر فيها لعدم استفاضة علمها في العامة.)(مسلم بشرح النووى )
الأدلة على عدم الإعذار بالجهالة فى التوحيد
------------------------------------------------
الدليل الأول قوله تعالى(فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30))الأعراف
يقول الطبرى(يقول تعالى ذكره: إن الفريق الذي حق عليهم الضلالة، إنما ضلوا عن سبيل الله وجارُوا عن قصد المحجة، باتخاذهم الشياطين نُصراء من دون الله، وظُهراء، جهلا منهم بخطأ ما هم عليه من ذلك، بل فعلوا ذلك وهم يظنون أنهم على هدى وحق، وأن الصواب ما أتوه وركبوا.
وهذا من أبين الدلالة على خطأ قول من زعمَ أن الله لا يعذِّب أحدًا على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها، إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها، فيركبها عنادًا منه لربه فيها. لأن ذلك لو كان كذلك، لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضلّ وهو يحسَبُ أنه هادٍ. وفريق الهدى، فَرْقٌ. وقد فرَّق الله بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية.)(تفسير الطبرى)
وقال البغوي في تفسير الآية : (فيه دليل على أن الكافر الذي يظن أنه في دينه على الحق والجاحد والمعاند سواء. )
الدليل الثانى قوله تعالى{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) } [التوبة: 6] وصف الله مرتكب الشرك بصفته قبل قيام الحجة عليه فسماه مشركا قبل أن يسمع كلام الله وكذا كل من فعل شركا كدعاء القبور ونحوها
الدليل الثالث قوله تعالى{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65، 66]فهؤلاء المستهزؤن لم يقصدوا الكفر وجهلوا أن ما فعلوه كفرا ومع ذلك حكم الله بكفرهم
شبهات أصحاب الجهل والعاذرون بالجهل فى التوحيد وأن المسلم يمكن أن يأتى الشرك الكبر ويعذر بجهله لهم شبهات أشهرها الرجل الذى أوصى عند موته بحرق جسده حتى يفلت من العذاب ،وجدير بالذكر أن هذا الحديث أختلف السلف فى فهمه على سبعة وجوه ذكرها النووى فى شرحه لمسلم أقربها للقبول أن هذا الرجل فعل ما فعل وهو فى حال دهشة وذهول وعدم ضبط لتصرفه كالذى أخطأ من شدة الفرح فقال اللهم أنت عبدى وأنا ربك ولو كان العذر بالجهل فى الشرك الأكبر من عقائد السلف فلماذا لم يجتمع السلف على رأى واحد وهو أن الرجل معذور بجهله،واختلفوا على سبعة آراء ؟!
ومن شبهاتهم كذلك سجود معاذ للرسول وعذره بجهله فى ذلك ! والجواب قاتلكم الله أما وجدتم غير إمام العلماء فتنسبوه إلى الكفر والجهل ؟!إن سجود معاذ كان سجود تحية وتعظيم لا سجود عبادة كسجود الملائكة لآدم وسجود إخوة يوسف له وكان ذلك مشروعا فى شرع من قبلنا ونسخ فى شرعنا وهذا ان ثبت الحديث عند اهل الصنعه وهو لم يقبت
ومن شبهاتهم كذلك قول الصحابة للرسول أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط حينما رأوا المشركين يعكفون على شجرة لهم ويعلقون بها أسلحتهم والجواب أن الصحابة لم يطلبوا شجرة يعبدونها وإنما طلبوا شجرة يعبدون الله عندها ويلتمسون البركة عندها لا منها يقول الشاطبى (فإن اتخاذ ذات أنواط يشبه اتخاذ الآلهة من دون الله لا أنه هو بنفسه) (الاعتصام) ويقول ابن تيمية (فأنكر النبي صلى الله عليه و سلم مجرد مشابهتهم الكفار في اتخاذ شجرة يعكفون عليها معلقين عليها سلاحهم فكيف بما هو أطم من ذلك من مشابهتهم المشركين أو هو الشرك بعينه فمن قصد بقعة يرجو الخير بقصدها ولم تستحب الشريعة ذلك فهو من المنكرات وبعضه أشد من بعض سواء كانت البقعة شجرة أو غيرها أو قناة جارية أو جبلا أو مغارة وسواء قصدها ليصلي عندها أو ليدعو عندها أو ليقرأ عندها أو ليذكر الله سبحانه عندها أو لينسك عندها )
[اقتضاء الصراط المستقيم]
وأخيرا ما أحسن ما قال الإمام الشافعي رحمه الله : ( لو عُذِرَ الجاهل ؛ لأجل جهله لكان الجهل خيراً من العلم إذ كان يحط عن العبد أعباء التكليف و يريح قلبه من ضروب التعنيف ؛ فلا حجة للعبد في جهله بالحكم بعد التبليغ و التمكين ؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرُسل)
(المنثور فى القواعد للزركشى )
منقول