تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هيا بنا نؤمن ساعة ((( متجدد ان شاء الله )))


همسات ايمانية
2015-03-26, 20:55
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الله تعالى
قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} .. البقرة 111

كل المسلمين يدعون انهم يحبون الله ، لكن الافعال محل نظر فكما قال الشاعر

تَعْصِي الإِله وَأنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ هذا محالٌ في القياس بديعُ
لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقاً لأَطَعْتَهُ إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
في كلِّ يومٍ يبتديكَ بنعمة ٍ منهُ وأنتَ لشكرِ ذاكَ مضيعُ

فالايمان الحقيقي ان تكون مع الله كما يريد لا كما انت ترى وتريد ، فكل شيء له منابعه والذي يحب امرا لا محالة تجده دائم الذكر له متتبع لكل جديد فيه وللكل ما بخصه وكما يقال فالحب اتباع
الم تر الى عنترة ابن شداد وهو في ساحة الوغى وهو ينشد شعرا فيمن يحب اذ قال

وَلَقَد ذَكَرتُكِ والرِّماحُ نَواهِلٌ - مِنّي وبِيضُ الهِندِ تَقطُرُ مِن دَمي


والذي يحب التجارة عادة ما تجد مكانه الاسواق ولا يتقن الا الحديث في المال هلم جرا ومن يحب السياحة فتجده في المتنزهات ولا يهنا باله حتى يزور ما وصف له ومن يحب الرياضة تجده في الملاعب ، وما فعل وما جرى وهكذا ,,,,,,,,,,,,,اما من يحب العلم فحتما ستجده في مجالس العلم ودورها
واما من يحب الله فالامر واضح لان الله ذكر في خير كتاب قال

قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [آل عمران:31] ،
من يحب الله يتبعه ويتبع سنة حبيبه
كل القــلوب إلي الحبيب تميل *** ومعي بذلك شاهد و دلــيل
أما الدلـــيل إذا ذكرت محمداً*** صارت دموع العاشقين تسيل
يا سيد الكونين يا عــلم الهدى***هذا المتيم في حمـاك نزيـل
لو صــادفتني من لدنك عناية*** لأزور طيبة و النخـيل جميل


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعالَ نؤمن بربنا ساعة، فقال ذات يوم لرجل، فغضب الرجل فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "يرحم الله ابن رواحة إنَّه يحب المجالس التي تتباهَى بها الملائكة"

نعم ما احلاها مجالس العلم وتدارس العلم ، فلنجعل هذه الصفحة لتذكير بعضنا البعض في كل ما يخص امور ديننا فالايمان يزيد وينقص

http://safeshare.tv/w/iMMNDmIwnm

ومن اسباب زيادة الايمان .......................هذا الجزء بتصرف
1-أولاً : معرفة الله جل وعلا بأسمائه والحسنى وصفاته العلى .
ومما يدل على ذلك : قول الله عز وجل : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} فاطر: ٢٨ ووجه ذلك أن العلماء أعرف الناس بأسماء الله تعالى وصفاته ، فاستحضروها في دعائهم وفي جميع شؤون حياتهم حتى كانوا أخشى الناس ، والخشية أثر لقوة الإيمان في قلوبهم ، وإلا فالعلم الذي لا يورث هذه الخشية علم مدخول نسأل الله السلامة والعافية .
2-ثانياً : طلب العلم الشرعي
ويدل عليه ما تقدم : قول الله عز وجل : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}فالعلم طريق للخشية التي هي علامة لما وقر في القلب من إيمان وذلك يأتي بالعلم النافع كما تقدم ، ولذا يقول الأمام أحمد : " أصل العلم الخشية "
3- : التأمل في آيات الله الكونية ومخلوقاته جل وعلا
ويدل على ذلك : قول الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} عمران: ١٩٠
4-رابعاً : قراءة القرآن وتدبره
ففي قراءته وتلاوته يزداد الإيمان ويدل على ذلك : قول الله عز وجل في وصف المؤمنين الصادقين : {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}[الأنفال: ٢ وكذلك تدبره ففيه أعظم النفع لزيادة الإيمان وأما القلوب الغافلة فلا تتدبره ، ويدل على ذلك قول الله تعالى : {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} محمد: ٢٤ .
-خامساً : الإكثار من ذكر الله تعالى
ويدل على ذلك : قول الله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}الرعد: ٢٨
-
سادساً : تقديم ما يحبه الله ورسوله على هوى النفس
ويدل على ذلك : حديث أنس قال صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" متفق عليه
7-حضور مجالس الذكر والحرص عليها
ويدل على ذلك حديث حنظلة الأُسيدي قال : " قلت : نافق حنظلة يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : " وما ذاك ؟ " قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة ، حتى كأنّا رأي عين ، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ، نسينا كثيراً ، فقال صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة " رواه مسلم
7-ثامناً : البعد عن المعاصي
ويدل عليه : حديث حذيفة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عودا ، فأي قلب أُشربها نكت فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين ، على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة مادامت السموات والأرض ، والآخر أسود مُرباداً كالكوز مجخيا لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكرا إلا ما أَشرب من هواه " رواه مسلم ، ومرباداً أي مخلوطاً حمرة بسواد ، كالكوز مجخيا أي كالكأس المنكوس المقلوب الذي إذا انصب فيه شيء لا يدخل فيه .
تاسعاً : الإكثار من النوافل والطاعات
فكلما أكثر العبد من النوافل نال ثمرات كثيرة منها محبة الله له ومعيته فلا يصدر من جوارحه إلا ما يرضي الله جل وعلا ، وأيضاً يكون مجاب الدعوة ، وإذا نال العبد هذه الثمرات زاد إيمانه لأنه نال محبة الله ورضاه عنه مع ما في النوافل من ثمرات .
ويدل عليه : حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل : " وما يزال عبدي يقترب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه " فليجتهد العبد ويكثر من النوافل في الصيام والصلاة والذكر وسائر أعمال البر .

عاشراً : سؤال الله تعالى زيادة الإيمان وتجديده


يتبع

همسات ايمانية
2015-03-26, 22:02
مقطع رائع بعنوان قوت القلوب للمغامسي

http://safeshare.tv/w/kwppHXlSqb:

لماذا القلب ...؟

تذكرت حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم :"الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله الاوهي القلب "(متفق عليه)


- لأن القلب السليم هو الذي ينفع يوم القيامة ،قال تعالى:"يوم لاينفع مال ولابنون ِإلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" وهو السليم من الشرك والنفاق
- لأن صلاح القلب صلاح للبدن والجوارح جميعا للحديث السابق
- لأن القلب موطن العقل والتذكر والاتعاظ ،قال تعالى :إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد" وقال تعالى"وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ {179}
- هو موضع نظر الله تعالى ،قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله لاينظر الى أجسامكم ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم"(مسلم)
- القلب موطن الايمان او الكفر،قال تعالى:"أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه " وموطن الانابة او الاعراض وهو محل القبول او الطرد"أولئك الذين يعلم الله مافي قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا"
- القلب موضع النية التي هي اساس القبول والحكم على الفعل :"وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ماتعمدت قلوبكم "


- موطن السكينة والطمأنينة للمؤمنين "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" واليه يحتكم المؤمن للحكم على المتشابه ،ففي الحديث :"البر مااطمأن اليه القلب وإن أفتاك الناس وأفتوك".
- لأن القلب سريع التقلب فقد كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :" يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"
* لأجل هذا وجب على المؤمن أن يولي عناية كبيرة ودائمة بقلبه ، يعلم أدواءه وآفاته فيتجنبها ،ويفقه مايحيي قلبه وينقيه ويشافيه فيلتزمه.


كلمات يحيي سليمان العقيلي

.::: RIMA :::.
2015-03-26, 23:00
اللهم ثبت قلوبنا على دينك

موضوع يستحق التوقف عنده والرجوع اليه

بارك الله فيك واعانك على الخير

همسات ايمانية
2015-03-26, 23:10
اللهم ثبت قلوبنا على دينك

موضوع يستحق التوقف عنده والرجوع اليه

بارك الله فيك واعانك على الخير

وفيك بارك الله و,,,,,,اهلا بك في هذا المتصفح

شكرا لك

همسات ايمانية
2015-03-26, 23:19
اللهم ثبت قلوبنا على دينك

موضوع يستحق التوقف عنده والرجوع اليه

بارك الله فيك واعانك على الخير

وفيك بارك الله و,,,,,,اهلا بك في هذا المتصفح

شكرا لك



كيف تكون عبدا صالحا للمغامسي
http://safeshare.tv/w/IVgJCiauWs

كيف تكون عبدا صالحا ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,من موقع اسلام اولاين
* من طلب العلا سهر الليالي، ولله درُّ الشاعر إذ يقول :

طوبى لمن سهرت بالليل عيناه……. وبات في قلقٍ في حبِّ مولاه

وقام يرعى نجوم الليل منفـردًا……. شوقًا إليه وعين الله ترعـاه

ولذلك يقول الفضيل : "حرامٌ على قلوبكم أن تصيب حلاوة الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا"، وقال أيضًا : " إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنَّك محروم".

فالمؤمن الصادق يحمل قلبًا كالجمرة الملتهبة ، ولذلك روى الحاكم في مستدركه والطبراني في معجمه بسندٍ صحيحٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ، اسألوا الله أن يجدِّد الإيمان في قلوبكم ) ، يعنى أنَّ الإيمان يبلى في القلب كما يبلى الثوب .

وتعتري قلب المؤمن في بعض الأحيان سحابةٌ من سحب المعصية، وهذه الصورة صوَّرها لنا الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله : ( ما من القلوب قلبٌ إلا وله سحابةٌ كسحابة القمر ، إذا علته سحابةٌ أظلم وإذا تجلَّت عنه أضاء ) رواه الطبرانيّ في الأوسط وصححه الألباني ، كذلك قلب المؤمن تعتريه أحيانًا سحبٌ مظلمةٌ فتحجب نوره فيبقى في ظلمةٍ ووحشةٍ ، فإذا سعى لزيادة رصيده الإيماني واستعان بالله انقشعت تلك السحب وعاد نور قلبه يضيء ، ولذا يقول بعض السلف : " من فقه العبد أن يعاهد إيمانه وما ينتقص منه " ومن فقه العبد أيضًا : " أن يعلم نزغات الشيطان أنَّى تأتيه ".

فلابدَّ من العودة إلى الإيمان، فإذا عدت إلى الإيمان ومقتضياته سيتحقَّق لك ما تريد ، ولذا سأضع أمامك قاعدةً تستدلُّ بها على وجود الإيمان أو عدمه ، يقول الإمام ابن الجوزي : "يا مطرودًا عن الباب ، يا محرومًا من لقاء الأحباب ، إذا أردت أن تعرف قدرك عند الملك ، فانظر فيما يستخدمك ، وبأيِّ الأعمال يشغلك ، كم عند باب الملك من واقفٍ ، لكن لا يدخل إلا من عني به ، ما كلّ قلبٍ يصلح للقرب ، ولا كلّ صدرٍ يحمل الحبّ ، ما كلّ نسيم يشبه نسيم السحر ".

فإذا أراد المرء أن يعرف أين هو من الله ، وأين هو من أوامره ونواهيه ، فلينظر إلى حاله وما هو مشغول به ، فإذا كان مشغولاً بالدعوة وأمورها ، وفى إنقاذ الخلق من النار، والعمل من أجل الفوز بالجنَّة ومساعدة الضعيف والمحتاج ، وبرِّ الوالدين ، فليبشر بقرب منزلته من ملك الملوك ، فإن الله لا يوفِّق للخير إلا من يحبّ.

وإذا كان منصرفًا عن الدعوة ، مبغضًا للدعاة ، بعيدًا عن فعل الخيرات ، منشغلاً بالدنيا وتحصيلها ، والقيل والقال وكثرة السؤال ، مع قلَّة العمل ، أو متَّبعًا لهواه وشهواته ، فليعلم أنَّه بعيدٌ من الله ، وقد حُرِم ممَّا يقرِّبه من الجنَّة ، إذ يقول الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم : ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثمَّ جعلنا له جهنَّم يصلاها مذمومًا مدحورًا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمنٌ فأولئك كان سعيهم مشكوراً ).

أخي ...

إن أردت أن تحظى بمرتبةٍ متقدِّمةٍ في كلِّ أوجه الخير ، بما فيها أن تكون عبدًا ربَّانيّا وبارّا بوالديك ، ومبتغيًا الجنَّة ، فعليك بالآتي :

أوَّلاً :

عليك بإحياء وإيقاظ الإيمان داخل نفسك ، فالإيمان هو الموصلٌ لكلِّ ما ينشده المسلم في الدنيا والآخرة ، فالإيمان هو مفتاحٌ لكلِّ خيرٍ مغلاقٌ لكلِّ شرّ ، ووسائل بعث الإيمان وتمكينه في النفس كثيرةٌ ومتعدِّدة ، ومنها الإكثار من الطاعات والأعمال الصالحات .

ثانياً :

أن تقبل على مولاك إقبالاً صادقًا كما جاء في الأثر : " إذا أقبل عليَّ عبدي بقلبه وقالبه أقبلت عليه بقلوب عبادي مودَّةً ورحمة " .

وأن تجعل الله عزَّ وجلَّ الغاية الأسمى والهدف الأعلى : ( وما خلقت الجنَّ والإنس إلا ليعبدون ).

ثالثاً :

أن تتطلَّع دائمًا إلى الدرجات العلا، وأن تجعل هدفك في الحياة هو رضى الله عزَّ وجلّ ، والعمل من أجل الفوز بالجنَّة ، أو بالأحرى الفوز بالفردوس الأعلى ، وأن تعمل ما استطعت جاهدًا على تحقيق هذه الأهداف السامية .

رابعاً :

أن تتأسَّى بأصحاب القدوة في التاريخ الإسلامي من الصحابة والتابعين والسلف الصالح .

خامساً :

أن تغتنم كلَّ دقيقةٍ وكلَّ لحظةٍ وكلَّ خلجة قلبٍ في أن تجعلها خزانةً في رصيدك الإيماني .

سادساً :

الصحبة الصالحة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) رواه أبو داود والترمذيّ بسندٍ حسن ، فالصحبة الطيِّبة هي خير معينٍ على الطاعة وهجران المعاصي والشرور والوقوع في الخطايا .

سابعاً :

كثرة الفضائل من الأعمال الصالحات التي تحقِّق لك سعادة العاجل والآجل.

ثامناً :

قيام الليل والدعاء في وقت السحر ، فالرسول صلى الله عليه وسلم كانت تتورم قدماه رغبةً في أن يكون عبدًا شكوراً ، رغم أنَّ الله قد غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر.

تاسعاً :

المداومة على الورد القرآني ، وأوراد التفكُّر والتأمُّل والتدبُّر في أسرار القرآن .

عاشراً :

الحرص على نشر الدعوة في سبيل الله ، والعمل للدين على قدر الاستطاعة .

وإذا أردت أن تصل إلى الربانية التي تطمح لها فكن كما أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) فالربانية هي الانتساب للرب ، وهذا الانتساب لا يتحقق إلا من خلال تطبيقنا لهذه الآية ، أن نكون لله رب العالمين في كل أحوالنا .

فالربانية لا تتأتى مكتملة إلا بهذا ، لا تتأتى إلا بعبادة الله عز وجل بالمفهوم الشامل للعبادة ، وهو جعل الحياة والممات ، بل الحركات والسكنات له سبحانه ، فلا ننطق إلا بما يرضي الله، ولا نعمل إلا ما يرضاه الله ، ولا تتوجه نياتنا في تلك الأقوال والأفعال إلا لله ، لا أن نختزل العبادة في مجرد أن نرفع رءوسنا ونخفضها في أوقات معينة ومحددة ، أو نخرج دريهمات قليلة كل مدة من الزمن ، أو نصوم أيامًا معدودات كل عام ، أو نحرك ألسنتنا ببعض التمتمات والأذكار .

ولهذا فالأعمال التي تؤدي إلى هذه المرتبة – الربانية – أكثر من أن تُحصَى أو تعد ، وهي تتشعب بتشعب مجالات حياتنا وأماكن وجودنا ، وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس .

فقط ابحث في كل مكان تتواجد فيه ، وفي كل لحظة تمر عليك ، عما يرضيه عز وجل ، وعما تظن أنه يريد أن يراك عليه واعمل به ، تكن بذلك ربانياً .

وختاما نسأل الله أن يتقبل منا ومنك صالح العمل ، وأن يحشرنا وإياك في مستقر رحمته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسًن أولئك رفيقاً .

المرجع موقع إسلام أون لاين .

fo0ofi
2015-03-26, 23:27
موضوع جميل
جزاك الله خيرا

DôRsàfe
2015-03-26, 23:55
~~ بــآرك الله فيكي وجعلهــآ الله في ميزآن حسنــآتكي ~~

همسات ايمانية
2015-03-27, 10:59
موضوع جميل
جزاك الله خيرا

~~ بــآرك الله فيكي وجعلهــآ الله في ميزآن حسنــآتكي ~~

وبارك الله فيكما واثابكما خير الجزاء


دواء لذنوب وامراض القلوب

http://safeshare.tv/w/zbnEzltTUrا


هذا كلام قيم من العلامة ابن قيم الجوزية - رحمه الله - أرجو أن نرعى لها أسماع قلوبنا قبل أسماع آذاننا عسى الله أن يصلح هذه القلوب التي قد قست و غفلت و أصابها ما أصابها من أمراض و الله المستعان فأسأل الله أن يشفيها و يثبتها إلى يوم لقاه .
قال - رحمه الله و غفر له - في كتابه " إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان " ما نصه :
وأنفع الأغذية غذاء الإيمان، وأنفع الأدوية دواء القرآن، وكل منهما فيه الغذاء والدواء.
ومن علامات صحته أيضا: أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة، ويحل فيها حتى يبقى كأنه من أهلها وأبنائها، جاء إلى هذه الدار غريبا يأخذ منها حاجته، ويعود إلى وطنه،كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمر: "كُنْ فى الدُّنْيا كَأَنّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَهْلِ القبُورِ".
فَحَي عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ ... فَإِنهَامَنَازِلُكَ الأولَى وَفِيهَا المُخَيّمُ
وَلكِنَّنَا سَبْي العَدُوِّ، فَهَلْ ... تَرَى نَعُودُ إلَى أَوْطَانِنَا وَنُسَلَّمُ؟
وقال على بن أبى طالب رضى الله عنه "إن الدنيا قد ترحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل".
وكلما صح القلب من مرضه ترحل إلى الآخرة وقرب منها حتى يصير من أهلها، وكلما مرض القلب واعتل آثر الدنيا واستوطنها، حتى يصير من أهلها.
ومن علامات صحة القلب أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى ينيب إلى الله ويخبت إليه، ويتعلق به تعلق المحب المضطر إلى محبوبه، الذى لا حياة له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا برضاه وقربه والأنس به، فبه يطمئن، وإليه يسكن، وإليه يأوى، وبه يفرح، وعليه يتوكل، وبه يثق، وإياه يرجو، وله يخاف. فذكره قوته وغذاؤه ومحبته، والشوق إليه حياته ونعيمه ولذته وسروره، والالتفات إلى غيره والتعلق بسواه داؤه، والرجوع إليه دواؤه، فإذا حصل له ربه سكن إليه واطمأن به وزال ذلك الاضطراب والقلق، وانسدت تلك الفاقة، فإن فى القلب فاقة لا يسدها شيء سوى الله تعالى أبدا، وفيه شعث لا يلمه غير الإقبال عليه، وفيه مرض لا يشفيه غير الإخلاص له، وعبادته وحده، فهو دائما يضرب على صاحبه حتى يسكن ويطمئن إلى إلهه ومعبوده، فحينئذ يباشر روح الحياة، ويذوق طعمها، ويصير له حياة أخرى غير حياة الغافلين المعرضين عن هذا الأمر الذى له خلق الخلق، ولأجله خلقت الجنة والنار، وله أرسلت الرسل ونزلت الكتب، ولو لم يكن جزاء إلا نفس وجوده لكفى به جزاء وكفى بفوته حسرة وعقوبة.
قال بعض العارفين: "مساكين أهل الدنيا، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها"
وقال آخر "إنه ليمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة فى مثل هذا إنهم لفي عيش طيب".
وقال آخر: "والله ما طابت الدنيا إلا بمحبته وطاعته، ولا الجنة إلا برؤيته ومشاهدته".
وقال أبو الحسين الوراق: "حياة القلب فى ذكر الحي الذى لا يموت، والعيش الهني الحياة مع الله تعالى لا غير".
ولهذا كان الفوت عند العارفين بالله أشد عليهم من الموت؛ لأن الفوت انقطاع عن الحق، والموت انقطاع عن الخلق، فكم بين الانقطاعين؟.
وقال آخر: "من قرت عينه بالله تعالى قرت به كل عين، ومن لم تقر عينه بالله تقطع قلبه على الدنيا حسرات".
وقال يحيى بن معاذ: "من سر بخدمة الله سرت الأشياء كلها بخدمته، ومن قرت عينه بالله قرت عيون كل واحد بالنظر إليه".
ومن علامات صحة القلب: أن لا يفتر عن ذكر ربه، ولا يسأم من خدمته، ولا يأنس بغيره، إلا بمن يدله عليه، ويذكره به، ويذاكره بهذا الأمر.
ومن علامات صحته: أنه إذا فاته وِرْدُه وجد لفواته ألما أعظم من تألم الحريص بفوات ماله وفقده.
ومن علامات صحته: أنه يشتاق إلى الخدمة، كما يشتاق الجائع إلى الطعام والشرب.
ومن علامات صحته: أن يكون همه واحدا، وأن يكون فى الله.
ومن علامات صحته: أنه إذا دخل فى الصلاة ذهب عنه همه وغمه بالدنيا، واشتد عليه خروجه منها، ووجد فيها راحته ونعيمه، وقرة عينه وسرور قلبه.
ومن علامات صحته: أن يكون أشح بوقته أن يذهب ضائعا من أشد الناس شحا بماله.
ومنها: أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل، فيحرص على الإخلاص فيه والنصيحة والمتابعة والإحسان، ويشهد مع ذلك منة الله عليه فيه وتقصيره فى حق الله.
فهذه ست مشاهد لا يشهدها إلا القلب الحي السليم.
وبالجملة فالقلب الصحيح: هو الذي همه كله فى الله، وحبه كله له، وقصده له، وبدنه له، وأعماله له، ونومه له، ويقظته له، وحديثه والحديث عنه أشهى إليه من كل حديث، وأفكاره تحوم على مراضيه ومحابه، والخلوة به آثر عنده من الخلطة إلا حيث تكون الخلطة أحب إليه وأرضى له، قرة عينه به، وطمأنينته وسكونه إليه، فهو كلما وجد من نفسه التفاتا إلى غيره تلا عليها:{يَا أَيَّتُهَا النّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِى إلى رَبِّكِ رَاضِيَة مَرْضِيَّةً} [الفجر: 27-28]
فهو يردد عليها الخطاب بذلك ليسمعه من ربه يوم لقائه فينصبغ القلب بين يدي إلهه ومعبوده الحق بصبغة العبودية، فتصير العبودية صفة له وذوقا لا تكلفا، فيأتي بها توددا وتحببا وتقربا، كما يأتي المحب المتيم فى محبة محبوبه بخدمته وقضاء أشغاله. فكلما عرض له أمر من ربه أو نهي أحس من قلبه ناطقا ينطق: "لبَّيْك وسعديك، إنى سامع مطيع ممتثل، ولك على المنَّة فى ذلك، والحمد فيه عائد إليك".
وإذا أصابه قَدرَ وجد من قلبه ناطقا يقول: "أنا عبدك ومسكينك وفقيرك، وأنا عبدك الفقير العاجز الضعيف المسكين، وأنت ربى العزيز الرحيم، لا صبر لي إن لم تصبرني، ولا قوة لي إن لم تحملني وتقوني، لا ملجأ لي منك إلا إليك ولا مستعان لي إلا بك، ولا انصراف لي عن بابك، ولا مذهب لى عنك".
فينطرح بمجموعه بين يديه، ويعتمد بكليته عليه، فإن أصابه بما يكره قال: رحمة أهدِيَتْ إلي، ودواء نافع من طبيب مشفق، وإن صرف عنه ما يحب قال: شرا صرف عني
وَكَمْ رُمْتُ أَمْرًا خِرْتَ لِى فى انْصِرَافِهِ
وَمَا زِلْتَ بى مِنِّي أَبَرَّ وَأَرْحَمَا
فكل ما مسه به من السراء والضراء اهتدى بها طريقا إليه، وانفتح له منه باب يدخل منه عليه، كما قيل:
ما مَسّنِي قدَرٌ بِكُرْهٍ أوْ رِضًى ... إلا اهْتَدَيْتُ بِهِ إلِيْكَ طَرِيقًا
أَمْضِ القَضَاءَ عَلَى الرِّضَى به ... مِنِّى بِهِإنِّى وجَدْتُكَ فى البَلاءِ رَفِيقا
فللَّه هاتيك القلوب وما انطوت عليه من الضمائر، وماذا أودعته من الكنوز والذخائر، ولله طيب أسرارها ولا سيما يوم تبلى السرائر.
سَيَبْدُو لهَا طِيبٌ وَنُورٌ وَبَهْجَةٌ ... وَحُسْنُ ثَنَاءٍ يَوْمَ تُبْلَى السرَائرُ
تالله، لقد رفع لها علم عظيم فشمرت له، واستبان لها صراط مستقيم فاستقامت عليه، ودعاها ما دون مطلوبها الأعلى فلم تستجب له، واختارت على ما سواه وآثرت ما لديه.

همسات ايمانية
2015-03-27, 12:16
السلام عليكم
وَمنْ تعلَّق بالله اطْمَـأن قلْبه، لأنَّه مِن ذِكْر الله
"أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"
لأنّ مَنْ تعلّق بِالله أصْبَح الله عَزَّ وجَل أكْبَر هَمّه،
وَمبلَغ علْمه، وَشغْـله الشَّاغِـل، وَحينَئِذ يُـكْـثِـر مِن ذكْر الله،
وَيُكثر مِنَ الْخَـوْف مِنَ الله وَالرَّجَاء فِيمَا عنْد الله، وَالطَّمع في رَحْمة الله،
حَتَّى يَكُون مِنْ أكْمَل النَّاس ذكْرا لله بجنانه وجوَارحه وأرْكانه وَلسَانه،
فيُـبوأ أحْسَن الْمَنازِل فِي الدُّنْـيَـا وَالآخِرة،
مَنْ تعلّق بالله عَزَّ وجلَّ رَزقََـه الله الْقَـوْل السّدِيد وَالْعَمَل الصّالِح الرّشِيد،
فصلحت أحْواله كلهَا، التعلّق بِالله أنْ يُصْبِح الْعَـبْد لله لا لأحَد سِواه،
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"
مَنْ كَـان لله كَـان الله جـلّ لـه
فَارْغب إلَى رَبك تُكفى الهَمّ وَالمُؤن
مَنْ كَان مَعَ الله كَان الله مَعَه،
"وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي"
فَالأصْل أنّ الْمُسْلم إذَا كَان مَعَ الله عزّ وَجلّ كَفاه الله وَحمَاه وَوقَـاه،
وَمَنْ كَانَ مُتعلِّق الْقَـلْب بِِالله سُبحَانه وَتعالَى فَإنَّ الله سُبْحَانه وَتعالَى يغنيه مِنْ واسِع فَضْله




لذلك



لا تعلق قلبك الا بالله

http://safeshare.tv/w/WrTmLQtWYH

رابحي نـائل
2015-03-27, 16:09
وعليكم السلام ورحمة الله
نسمات معطرة معبقة بنور الاسلام ....مزركشة بوصال طاعة الله وحب الرسول
أرغمنا أن ننهل منها كثيرا وكبيرا .........
جعلها الله لكم في ميزان حسناتكم ....
مأجورين كثيرا ان شاء الله
بارك الله فيك

همسات ايمانية
2015-03-27, 18:16
وعليكم السلام ورحمة الله
نسمات معطرة معبقة بنور الاسلام ....مزركشة بوصال طاعة الله وحب الرسول
أرغمنا أن ننهل منها كثيرا وكبيرا .........
جعلها الله لكم في ميزان حسناتكم ....
مأجورين كثيرا ان شاء الله
بارك الله فيك


السلام عليكم
الحمد لله ان وجدناكم ههنا تنهلون ,, من هذا الفيض ,, فوجودكم دليل على انكم من اهل الايمان ومن اهل مجالس الذكر
نسال الله ان نكون وفقنا في الاختيار ,,,,,,,,والحمد لله ان كانت بضاعتا تجلب الاخيار ،
قال احمد بن حنبل

تحب الصالحين وأنت منهم *** رفيق القوم يلحق بالجماعة
وتكره من بضاعته المعاصي *** حماك الله من تلك البضاعة

وفيك بارك الرحمن واسكنك فسيح الجنان


.................................................. .................................................. .................................................. ......................................(ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتي يقول الرسول والذين ءامنوا معه متي نصر الله الا إن نصر الله قريب) سورة البقرة

ليس الايمان كلمة تقال باللسان انما هو الصبر علي المكاره والتكاليف في طريق هذه الكلمة

ان الايمان امانة ذات اعباء وجهاد يحتاج الي صبر... وجهد يحتاج الي احتمال...

ولكن لماذا يبتلي الله الانسان؟؟



فقه الابتلاء

http://safeshare.tv/w/OWfzkvaUGZ

من كلام فضيلة الدكتور النابلسي
قال تعالى :
>﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾
[ سورة العنكبوت الآيات : 1-2 ]
لقد جرت سنة الله في الحياة الدنيا أن تبنى على الابتلاء ، فالإنسان يبتلى في دينه ، ويبتلى في ماله ، ويبتلى في أهله ، وكل هذه الابتلاءات ما هي إلا امتحانات يمتحن الله بها عباده ليميز الخبيث من الطيب ، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين .
وقد صدق من قال : إن الله تعالى يقوي أعداءه ويقويهم حتى يقول ضعفاء الإيمان أين الله ؟! ثم إنه ليظهر آياته في الانتقام للمظلومين حتى يقول الملحدون لا إله إلا الله .
والفتن والابتلاءات التي يتعرض لها أهل الإيمان كثيرة :
ومن بين هذه الفتن أن يتعرض المؤمن للأذى والاضطهاد من الباطل وأهله من أعدائنا أعداء الحق والخير والإنسانية ثم لا يجد النصير الذى يسانده ويدفع عنه الأذى ، ولا يملك لنفسه النصره أو المنعة ولا يجد القوة التي يواجه بها الطغيان .
خمس حقائق من فقه الابتلاء :
فما هي الحكمة من الابتلاءات التي يبتلى الله بها المؤمنين ؟‍!
الحقيقة الأولى : الإعداد الحقيقي لتحمل الأمانة .
الفتن تطهر النفوس كما تصفي النار الذهب
الحقيقة الأولى إن الله تعالى غني عن تعذيب عباده وحاشا له جل جلاله أن يكون هدفه من الابتلاء تعذيب عباده أو إيذاؤهم فهو جل جلاله الرحمن الرحيم خلق عباده ليرحمهم ويسعدهم بمعرفته وعبادته .
أما هدف الابتلاء فهو الإعداد الحقيقي لتحمل الأمانة الكبرى والمسؤولية العظمى ، فحمل الأمانة لا يتم إلا بالمعاناة ، وإلا بالاستعلاء الحقيقي على الشهوات ، وإلا بالصبر الحقيقي على الآلام ، وإلا بالثقة الحقيقية في نصر الله أو ثوابه على الرغم من طول الفتنة وشدة الابتلاء .
فكما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به ، كذلك تصنع الفتن بالنفوس تصهرها فتنفي عنها الخبث .
الحقيقة الثانية : الابتلاء يكفر الخطايا والذنوب .
الابتلاء يرفع الدرجات عند الله
الحقيقة الثانية في فقه الابتلاء أن الابتلاء يكفر الخطايا والذنوب ويرفع عند الله الدرجة .
ومن خلاله يشهد الله لأهله بأن في دينهم صلابة ، وفي عقيدتهم قوة فهو سبحانه يختارهم للابتلاء .
وفي الحديث الشريف :
عن مصعب بن سعد رحمه الله ، عن أبيه رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، أيُّ الناس أشَدُّ بلاء ؟ قال :
(( الأنبياءُ ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ على حَسْبِ دِينه ، فإن كان دِينُهُ صُلْبا اشتَدَّ بلاؤه ، وإن كان في دِينه رِقَّة على حَسبِ دِينه ، فما يَبْرَحُ البلاءُ بالعبد حتى يتركَهُ يَمْشِي على الأرض وما عليه خطيئة ))
[ أخرجه الترمذي ]
ويقول المصطفى :
(( أشد الناس بلاءً الأنبياء ، ثم الصالحون ، لقد كان أحدهم يُبتلى بالفقر حتى ما يجدُ إلا العباءة يجوبها ، فيلبسها ، ويُبتلى بالقمَّل حتى يقتلُه ، ولأحدهم كان أشدَّ فرحاَ بالبلاءِ من أحدكم بالعطاء ))
[ أخرجه الحاكم في مستدركه ]
وقد ورد في صحيح البخاري أن النبي قام يوماً يصلي في حجر الكعبة فأقبل عليه عقبة بن أبى معيط فوضع ثوبه في عنق النبي فخنقه خنقاً شديداً فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي وهو يقول أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله .
ولقد ورد أيضاً في صحيح البخاري عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال : أتيت النبي وهو متوسد بردة في ظل الكعبة – وقد لقينا من المشركين شدة – فقلت : يا رسول الله ألا تدعو الله لنا ، ألا تستنصر لنا ، فقعد وهو مُحمرٌ وجهه فقال :
(( لقد كان من قبلكم ليمشط بأمشاط من الحديد ما دون عظمه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ، وليتمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله ))
وإذا كانت هذه الاعتداءات على النبي وله من الجلال والوقار في نفوس العامة والخاصة فكيف بالصحابة الكرام ، لاسيما الضعفاء منهم ، فأنتم تعلمون ما الذي كان يُفعل ببلال و خباب وآل ياسر وصهيب وابن مسعود وغيرهم ممن قالوا : لا إله إلا الله .
فضربوا لنا أروع الأمثلة في الصبر على البلاء والتضحية لهذا الدين حتى ولو كانت بالأرواح والأبدان .
الحقيقة الثالثة : عملية الفرز .
في الابتلاء تمحيص وفرز بين المؤمن والمنافق
الحقيقة الثالثة في فقه الابتلاء أن الله تعالى يمحص الناس في الابتلاء ويفرزهم فيظهر نفاق المنافقين وينجلي كذب الكاذبين كما يظهر ثبات الثابتين ويتضح إيمان المؤمنين قال تعالى :
﴿ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴾
[ سورة آل عمران : 141 ]
قال ابن القيم رحمه الله :
إن الله سبحانه وتعالى اقتضت حكمته أنه لا بد أن يمتحن النفوس ، ويبتليها ، فيظهر بالامتحان طيبها من خبيثها ، ومن يصلح لموالاته وكرامته ومن لا يصلح ، وليمحص النفوس التي تصلح له ويخلصها بكير الامتحان كالذهب الذي لا يخلص ولا يصفو من غشه إلا بالامتحان ، إذ النفس في الأصل جاهلة ظالمة ، وقد حصل لها بالجهل والظلم من الخبث ما يحتاج خروجه إلى السبك والتصفية ، فإن خرج في هذا الدار وإلا ففي كير جهنم ، فإذا هذب العبد ونُقي أُذن له في دخول الجنة .
ليس أحدٌ أغير على الحق وأهله من الله .. ولكنها سنة الله الجارية لامتحان القلوب وتمحيص الصفوف ، قال تعالى :
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين ﴾
[ سورة العنكبوت الآية : 2 ]
الحقيقة الرابعة : إظهار آياته .
تظهر آيات الله في قصم الظالمين
الحقيقة الرابعة في فقه الابتلاء أن الله تعالى من خلال الابتلاء يظهر للناس آياته ويبين لعباده عاقبة الظلم والظالمين ويستخلف عباده الصالحين مهما طالت مدة الابتلاء .
فأين فرعون الذي قال لقومه :
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
[ سورة القصص الآية : 38 ]
والذي قال لقومه :
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾
[ سورة النازعات الآية : 24 ]
والذي قال :
﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ﴾
[ سورة الزخرف الآية : 51 ]
فأجراها الله من فوقه !
وأين هامان ؟ وأين قارون ؟ وأين عاد ؟ وأين ثمود ؟
﴿ فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾
[ سورة العنكبوت الآية : 40 ]
دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب
وصدق من قال :
أين الظالمون وأين التابعون لهم في الغي بل أين فرعون وهامان ؟
وأين من دوخوا الدنيا بسطوتهم وذكرهم في الورى ظلمٌ وطغيان ؟
أين الجبابرة الطاغون ويحهم ؟ وأين من غرهم لهو وسلطان ؟
هل أبقى الموت ذا عزٍ لعزته ؟ أو هل نجا منه بالأموال إنسان ؟
لا والذي خلق الأكوان من عدم الكل يفنى فلا إنس ولا جان

وفي الحديث الشريف :
(( اتَّقِ دعوةَ المَظْلومِ ، فإنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا ، وَبَينَ اللهِ حِجَابٌ ))
[ أخرجه الترمذي]
وفي رواية أخرى :
(( دعوةُ المَظْلُومِ ، يَرْفَعُها اللهُ فوقَ الغَمَامِ ، وتُفْتَحُ لها أَبْوَابُ السماء ، ويقول الرَّبُّ : وعِزَّتي لأنصُرَنَّكِ وَلَو بَعدَ حِينٍ ))
[ أخرجه أبو داود والترمذي]
الحقيقة الخامسة : الشوق لله تعالى .

الحقيقة الخامسة في فقه الابتلاء أن الابتلاء في الدنيا يجعلك في شوق للقاء الله تعالى فالدنيا لا تستقر لأحد ولا تدوم على حال فإذا ما اشتد الكرب وتعاظم الابتلاء اشتاق المؤمن للقاء مولاه وخرج حب الدنيا من قلبه وتعلق بالآخرة وعمل لها وسعى .
اللهم ارحم شهداءنا وداو جرحانا وفك أسر المعتقلين واحقن دماء الابرياء المظلومين .

ياسمين الجنة 16
2015-03-27, 22:09
حقا موضوع يستحق التمعن في كلمة مذكورة فيه
بارك الله فيك اختي

همسات ايمانية
2015-03-28, 17:15
حقا موضوع يستحق التمعن في كلمة مذكورة فيه
بارك الله فيك اختي

وفيك بارك الله ، شكرا لك
.................................................. .................................................. .................................................. .......................


كيف تعرف حب الله لك للمغامسي

http://safeshare.tv/w/aXsPWUTmvN
مقام محبة الله للدكتور النابلسي

.موقع المحبة من الدين كما يتضح من المثل التالي: بيت فيه عشرات الأجهزة الكهربائية ، من براد إلى غسالة إلى مروحة ، إلى مكيف ، إلى فرن ، إلى مسجلة ، هذه الأدوات الكهربائية لا معنى لها من دون طاقة كهربائية ، تصبح عبئاً ، تشغل حيز أنت في أمس الحاجة إليه ، لأنها لا تقدم شيئاً ، أما إذا سرت الطاقة الكهربائية في هذه الأجهزة فكل جهاز يقدم لك خدمات لا تنتهي ، موقع المحبة من الدين كموقع الطاقة الكهربائية من الأجهزة الكهربائية ، من دون كهرباء لا معنى لها ، ولا قيمة لها ، ولا تؤدي شيئاً ولا وزن لها .
أيها الأخوة الكرام ، مقام المحبة تنافس فيه المتنافسون ، وشمر إليه السابقون ، وتفانى فيه المحبون ، المحبة قوت القلوب ، وغذاء الأرواح وقرة العيون ، هي الحياة التي من حرمها فهو في جملة الأموات ، وقد وصف الله تعالى الكافرين فقال:
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾
[ سورة النحل: 21 ]
هذه الحياة التي من حرمها فهو في جملة الأموات ، هي النور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات ، هي الشفاء الذي من عدمه حلت به جميع الأسقام هي اللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام .
المحبة من الدين كموقع الروح من الجسد :
أيها الأخوة الكرام ، موقع المحبة من الدين في أهم موقع ، أصحابها وقفوا على الحقائق ووقف سواهم على الصور والأشباح .
ما معقد النسبة بين العبد والرب ؟ لا نسبة بين العبد وبين الرب إلا محض العبودية له ، فالعبد عبد والرب رب ، محض العبودية للعبد ومحض الربوبية للرب ، ولا نسبة بينهما إلا المحبة ، والمحبة تعني العبودية لله عز وجل .
أيها الأخوة الكرام ، العبد عبد من كل وجه ، والرب رب من كل وجه ولا نسبة بينهما إلى المحبة ، يعني علاقتك بخالق الكون هي المحبة فلولا المحبة لما كان هذا الدين المحبوبية أساس العلاقة بين الله وبين عباده ، ولو أراد الله سبحانه وتعالى أن يحملنا جميعاً على الطاعة لحملنا ، ولكن هذه الطاعة القسرية لا قيمة ولا تسعد أصحابها ، لذلك لا إكراه في الدين .
﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾
[ سورة هود: 118 ]
﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة يونس: 99 ]
المحبة هي روح الإيمان :
هذه ولكن تنتفي المحبوبية ، ينتفي الحب ، ينتفي الاختيار ، تنتفي المبادرة . . المبادرة والطاعة الطوعية ، والاختيار ، والحب والشوق أساس الدين ولولا هذه الأسباب لجعل الله الناس أمة واحدة ، لحملهم جمعاً على الطاعة لسيرهم على نحو أو آخر .
أيها الأخوة الكرام ، المحبة هي روح الإيمان ، هي روح الأعمال ، هي روح المقامات ، هي روح الأحوال ، فمتى خلت منها كانت هذه الأعمال ، وهذا الإيمان وهذه الأحوال وتلك المقامات ، كالجسد الخالي لا روح فيه .
ذهب أهل المحبة بشرف الدنيا والآخرة ، إذ لهم من معية محبوبهم أوفر نصيب ، لقد قضى الله يوم خلق السماوات والأرض أن المرء مع من أحب إذا كنت محباً لله فأنت معه وإذا كنت معه كان معك ، وإذا كان معك نصرك ، وإذا كان معك حفظك ، وإذا كان معك أيدك ، وإذا كان معك وفقك ، إذا كان الله معك فمن عليك ، وإذا كان عليك فمن معك ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟ .
قضى الله يوم خلق السماوات والأرض ـ هذا من سنة الله في خلقه ـ أن المرء مع من أحب ، فإذا أحببت الله كنت معه ، وإذا كنت معه كان معك ، وإذا كان معك وطمأنك، ووفقك ، وحفظك ، وأيدك ونصرك وأسعدك وهذه مطالب الإنسان إلى نهاية الدوران .
المحبون أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين :
أيها الأخوة الكرام ، أقيمت المحبة للعرض في سوق من يزيد ، فلم يرض الله لها بثمن دون بذل النفوس ، فقام المحبون يتنافسون عليها ، فوقعت بيدي أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ، أولا صفات المحبين ؛ أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ، أما صفات المنافقين عكس ذلك ؛ أذلة على الكافرين أعزة على المؤمنين ، هذه أهم خصيصة للمؤمنين ، أن تكون متواضعاً للمؤمنين عزيزاً على الكافرين .
المحبون يتبعون سنة النبي :
أيها الأخوة الكرام ، لما كثروا مدّعوا المحبة ، طولبوا بإقامة البينة على صحة دعواهم فلو يُعطى الناس بدعواهم ، لادعى الخلي حرقة الشجي ، فهذه الدعوى لا تُقبل إلا ببينة ، والبينة:
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
[ سورة آل عمران: 31 ]
لا تقع في وهم خطير ، لا تظنن نفسك محباً إن لم تتبع سنة النبي ، لا تتوهم أنك محب لله إن لم تكن متبعاً لحبيبه في أقواله ، وأفعاله وأحواله وأخلاقه ، علامة حبك لله اتباع سنة النبي ، وأية دعوى لا تأتي بالدليل والبينة فدعوى باطلة .
تأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الحبيب ، في أفعاله وأقواله وأخلاقه طولبوا فوق الدليل بعدالة التزكية ، فوصفهم الله عز وجل بأنهم يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ، ولا يغيب عن أنظاركم أن الجهاد أنواع في أعلى مراتبه جهاد النفس والهوى ، فالذي يُهزم أمام نفسه لا يستطيع أن يقاتل ، ثم جهاد الدعوة فقد وصفه الله عز وجل بأنه الجهاد الكبير ، فقال تعالى:
﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾
[ سورة الفرقان: 52 ]
وجهاد النفس والهوى مُتاح لكل مسلم أي مكان وزمان ، وجهاد الدعوة مُتاح لمعظم المسلمين في أي زمان ومكان .
المحبون باعوا أنفسهم لله :
أيها الأخوة الكرام ، لما طُولبوا بهذه التزكية تأخر أكثر المحبين ، وقام المجاهدون ، فقيل لهم إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم ، فهلموا إلى بيعة ـ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجهة ـ بيع قطعي ، وفي أكثر الآيات التي فيها بذل بدأ الله بالمال ثم بالنفس ، لأن بذل المال أهون من بذل النفس إلا في هذه الآية بدأ الله عز وجل ببيع النفس ثم بيع المال فقال تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
[ سورة التوبة: 111 ]
فلما تم العقد وسلموا المبيع قيل لهم منذ أن صارت نفوسكم وأموالكم لنا رددناها عليكم أوفر ما كانت وأصفى مما كانت:
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾
[ سورة آل عمران: 169]
وحينما غُرست شجرةُ المحبة في القلب ، وسُقيت بماء الإخلاص ومتابعة الحبيب أينعت ثمارها .
المحبة هي الميل الدائم بالقلب الهائم :
أيها الأخوة الكرام ، لو عدنا إلى معاجم اللغة وبحثنا عن مادة الحب ، وحب ، وأحب ؛ نجد هذه المعاني تتمحور حول خمس معاني ، الصفاء والبياض ، العلو والظهور اللزوم والثبات ، اللب ، الحفظ والإمساك ، هذه معاني المحبة في قواميس اللغة ، فلا بد من صفاء المودة ، ولابد من هيجان إرادة القلب للمحبوب ولابد من علو المحبة وظهورها ، ولابد من ثبات إرادة القلب على حب محبوبك ، ولابد من لزوم محبوبه لزوماً ثابتاً ، وإعطاء المحبوب لب القلب وسويداءه .
أيها الأخوة الكرام ، المحبة من تعاريفها الدقيقة ، هي الميل الدائم بالقلب الهائم ، المحبة إيثار المحبوب على جميع المصحوب ، المحبة موافقة المحبوب في المشهد والمغيب ، الذي يحب الله عز وجل لا يتأثر بزمان ومكان ، هو مع الله والله معه في كل زمان ومكان ، أما هؤلاء الذين ينضبطون في مكان ، ويتفلتون في مكان هؤلاء لا يخضعون لله ، بل يخضعون لتقاليد وعادات وهذه تنفي عنهم المحبة ، أناس كثيرون في بعض البلاد ، في بلادهم يصلون الصلاة بأوقاتها ، يؤدون ما عليهم من واجبات دينية ، فإذا سافروا إلى بلاد أخرى تفلتوا من منهج الله ، هؤلاء لم تدخل المحبة إلى قلوبهم ولكنهم خضعوا لتقاليد وعادات هي بشكل أو بآخر لا تقدم أو تؤخر .
المحبة أن تهب كلكَ لمن أحببت :
أيها الأخوة الكرام ، المحبة استكثار القليل في جنب الله عز وجل ، استكثار القليل من فضل الله عز وجل ، وفضل الله كثير ، واستقلال الأعمال الصالحة مهما كبرت يعني إذا فُعل معك خير رأيته كثيراً ، فإذا فعلت شيئاً رأيته قليلاً وهذه من علامات المحبين .
المحبة أن تهب كلكَ لمن أحببت فلا يبقى لك منه شيء ، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
[ سورة الأنعام: 162]
ماذا أبقيت يا أبا بكر ؟ " قال الله ورسوله " ، أعطى كل ماله للنبي عليه الصلاة والسلام ، هذه مرتبة السابقين السابِقين .
المحبة أن تهب إرادتك وعزمك وأفعالك ونفسك ومالك ووقتك لمن تحب وأن تجعلها حبساً في مرضاته وفي محابه فلا تأخذ لنفسك منها إلا ما أعطاك الله ، فتأخذ منه له ، هذا معنى قوله تعالى:
﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾
[ سورة هود: 86]
بقي لك من هذا ما سمح الله لك به ، بقي لك من المال الكسب المشروع بقي لك من النساء زوجتك ومحارمك ، بقي لك من العلو في الأرض الزهو بطاعة الله لا بمخالفة أمره .
من الأسباب الجالبة لمحبة الله :
1 ـ قراءة القرآن :
أيها الأخوة الكرام: من الأسباب الجالبة للمحبة والموجبة لها أن تقرأ القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد به ، تلاوة كلام الله عز وجل أحد الأسباب الموجبة لرحمته ، إن أردت أن تحدث ربك فادعه ، وإن أردت أن يحدثك الله فاقرأ القرآن ، فقراءة القرآن أحد أسباب محبة الله عز وجل ، والتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض توصل المحب إلى درجة المحبوبية ودوام ذكر الله عز وجل على كل حال بالقلب واللسان والعمل ، فالإنسان أيها الأخوة نصيبه من المحبة على قدر نصيبه من هذا الذكر ، من أحب شيئاً أكثر من ذكره " ابن آدم إنك إن ذكرتني شكرتني ، وإذا ما نسيتني كفرتني " ، " برئ من النفاق من أكثر من ذكر الله " .
قراءة القرآن بالتفهم والتدبر والتطبيق ، أحد الأسباب الموصلة إلى محبة الله عز وجل ، التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض أحد أسباب بلوغ محبة الله عز وجل ، دوام الذكر:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ﴾
[ سورة الأحزاب: 41-44]
دوام الذكر على كل حال بالقلب واللسان والعمل ، إذاً نصيب المحبة على قدر النصيب من الذكر ، والآية الكريمة: ]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا ُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا
[ ، قال العلماء: الأمر ينصب لا على الذكر فحسب بل على الذكر الكثير .
2 ـ أن تكون محبوباً عنده :
يا أيها الأخوة الكرام ، ومن أسباب بلوغ محبة الله عز وجل وأن تكون محبوباً عند الله ، أن تؤثر محابه على محابك ، تحب شيئاً ، ويحب الله شيئاً ، فعندما تتوافق الأشياء التي تحبها مع الأشياء التي يحبها الله عز وجل ليس هناك من مشكلة وليس هناك من غضاضة ، وليس هناك من حرج ، وليس هناك من تضحية أما حينما تتعارض محابك مع محاب الله ، أي حينما يتعارض الذي تحبه مع الذي يحبه الله عز وجل ، هنا تظهر محبتك ، لا تكون المحبة إلا إذا آثرت ما يرضه على ما يرضيك ، إلا إذا آثرت ما تشتهيه على ما يريده لك .
3 ـ إيثار محابه على محابك :
أيها الأخوة الكرام ، إيثار محابه على محابك عند غلبة الهوى ، والتطلع إلى محابه وإن صعب المرتقى ، لابد من مجاهدة النفس والهوى ، لأن أصل التكليف يتناقض مع ظاهر الطبع ، ويتوافق مع الفطرة ، فلا بد من التضحية برغبات النفس أمام طاعات الله عز وجل ، قال تعالى:
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾
[ سورة النازعات: 40-41]
4 ـ التأمل في أسمائه الحسنى :
أيها الأخوة الكرام ، موضوع دقيق دقيق وخطير خطير ، وهو أنك إذا عرفت أن الله خلق الكون وكفى كيف تحبه ، أما إذا طالعت أسماءه الحسنى ، وصفاته الفضلى ، وقفت ملياً عند اسم الرحيم ، عند اسم الكريم ، عند اسم الغني عند اسم الملك ، عند اسم القادر ، عند اسم العفو ، عند اسم الرؤوف إذا طالعت أسماءه اسماً اسْماً ، وتأملت في دقائقها ، وفي مظاهرها ، وفي أحوالها وصلت إلى محبة الله عز وجل .
أنت بالأمثلة الظاهرة إذا رأيت إنسان في الطريق لماذا تحبه ؟ لا تحبه ولا يحبك، أما إذا سمعت عن أخلاقه ، عن استقامته ، عن علمه عن حكمته ، عن تضحيته ، عن حبه للخير ، فالذي تراه لمرة واحدة دون أن تعرف دقائق طبعه ، دقائق سلوكه لا تحبه ، فلذلك إن أردت أن تحب الله عز وزجل فلا من أن تقف ملياً عند أسماء الله الحسنى ، عند كمالاته من أجل أن تحبه ، فالنفوس جُبلت على حب من أحسن إليها ، فالقانون أنك تحب الجمال والكمال والنوال ، فهذه الخصائص الثلاثة مجتمعة بالله عز وجل ، إن الله جميل يحب الجمال ، ذاتٌ كاملة ، إحسانه لا ينقطع .
5 ـ شكره :
يا أيها الأخوة الكرام: أحبوا الله لما يغذوكم به من نعم ، يجب أن تشكر نعمة الوجود ، نعمة الإمداد ، نعمة الصحة ، نعمة الحواس نعمة الأعضاء ، نعمة الأجهزة ، نعمة المأوى ، نعمة الزوجة نعمة الولد نعمة السمعة الطيبة ، نعمة أنك حر لست مقيداً ، هذه نعم يجب أن تذكرها من أجل أن تحب الله عز وجل ، فلا بد من مشاهدة بره وإحسانه ، وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة فإنها داعية إلى محبته ، لابد من أن تذكر أيام الله الأيام العصيبة التي حماك الله فيها ، التي وفقك فيها التي نجاك فيها من ورطة كبيرة ، هذه أيام ، ولكل مؤمن أيام مع الله هذه إن فترت نفسه عليه أن يذكرها ، كي يزداد حبه لله عز وجل .
6 ـ الافتقار إليه :
الشيء الذي يقربك من الله عز وجل أن تأتيه من باب الانكسار ، أن تأتيه من باب الذل ، فأصحاب النبي رضوان الله عليه ، كانوا متذللين إلى الله فنصرهم الله عز وجل ، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
[ سورة آل عمران: 123 ]
أما في حنين وهم من هم أصحاب رسول الله وفيهم رسول الله أعجبتهم كثرتهم ، قال تعالى:
﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾
[ سورة التوبة: 25 ]
فالافتقار إلى الله أحد الأسباب الموجبة لمحبته ، والاعتداد بالنفس بمالك أو بعلمك، أو بسلطانك ، أو بقوتك ، أو بأتباعك ، حجاب بينك وبين الله وهذا يوجب المقت .
7 ـ مجالسة المحبين :
أيها الأخوة الكرام ، ومن أسباب محبة الله عز وجل الخلوة بها ، وقت النزول الإلهي لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ الْوُضُوءِ وَلأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفُ اللَّيْلِ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا جَلَّ وَعَزَّ فَقَالَ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبَهُ))
[ أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]
أيها الأخوة الكرام ، من الأسباب الموجبة للمحبة ، مجالسة المحبين الصادقين ، والتقاط أطايب كلامهم ، وأن لا تتكلم بحضرتهم إلى إذا رجحت مصلحة الكلام .
8 ـ الالتزام بأمره :
أيها الأخوة الكرام ، آخر سبب من أسباب محبة الله عز وجل ، أن تتباعد عن كل سبب يحول بين قلبك وبين الله عزّ وجل ، أي شيء يقربك من الله تفعله وأي شيء يبعدك من الله لا تفعله ، هذه أحد أسباب محبة الله عزّ وجل .
رسوخ محبة الله إنما يكون بمتابعة النبي :
أيها الأخوة الكرام ، رسوخ هذه المحبة وثباتها في قلب إنما يكون بمتابعة النبي عليه الصلاة والسلام في أعماله وأقواله وأخلاقه ، فبحسب هذا الاتباع تثبت هذه المحبة وتقوى ، وبحسب نقصان الاتباع تنقص هذه المحبة وتتلاشى ، هذا الاتباع يوجب المحبة والمحبوبية معاً ، والفرق بينهما كبير ؛ المحبة أن تحب الله أما المحبوبية أن يحبك الله ، أن تكون محبوباً ، فاتباع النبي عليه الصلاة والسلام يوجب المحبة والمحبوبية معاً ، ولا يتم الأمر إلا بهما معاً ، دققوا بهذه الفكرة ؛ كل واحدٍ يقول أنا أحب الله ، لماذا ؟ لأنه خلقني ، ورزقني وزوجني وآواني ، طيب ، العبرة أيها الأخوة ، لا أن تحب الله ، العبرة أن يحبك الله، دعوى محبته سهلة ، بل إن كل إنسان يحب الإحسان ، فإذا أحسن الله إليك تحبه ، وإحسانه مستمر وإحسانه أبدي سرمدي ، لذلك ليس الشأن أن تحب الله ، بل الشأن أن يحبك الله ، ولا يحبك الله عز وجل إلا إذا اتبعت حبيبه ظاهراً وباطناً وصدقته خبراً ، وأطعته أمراً، وأجبته دعوةً ، وآثرته طوعاً ، وثنيت عن حكم غيره بحكمه ، وعن محبة الخلق بمحبته ، وعن طاعة غيره بطاعته ، وإن لم يكن ذلك كذلك فلا تتعنت وارجع إلى حيث كنت ولتمس نوراً فلست على شيء ، هذا ملخص الملخص .
إن لم تؤثر هواه على هواك ، ومحبته على محبتك ، وطاعته على طاعة الخلق ، ورضاه على رضى الخلق ، فأنت لست على شيء ومعرفة الحقيقة المرة ، خير من الوهم المريح ، اعرف الحقيقة المرة في الوقت المناسب كي تتلافاها .
العبرة أن يحبك الله :
أيها الأخوة الكرام ، كل هذه الخطبة لا تخرج عن هذا المحور قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
[ سورة آل عمران: 31 ]
الشأن أن يحبك الله ، لا أن تحبه فقط ، أن يحبك هو ، وهو لا يحبك إلا إذا اتبعت سنة نبيه .
أيها الأخوة الكرام ، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى خيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني ، والحمد لله رب العالمين .
* * *

الإنسان إذا أحبّ الله اطمأنت نفسه :
أيها الأخوة الكرام ، حقيقة هامشية ، وليست من صلب الموضوع ، الإنسان إذا أحب الله اطمأنت نفسه ، إذا أحب الله والتزم أمر النبي تجلى الله على قلبه ، أنزل على قلبه السكينة ، هذه السكينة ، أو تلك الطمأنينة ، هذا التجلي ، أو هذه الراحة ، أو تلك السعادة سمها ما شئت ، أسماء كثيرة لمسمى واحد ، إن كنت مع الله اطمأن قلبك ، وسكنت أعضاؤك، وارتاحت نفسك ، وسعد قلبك .
الشدة النفسية وراء كل متاعب الجسد :
أيها الأخوة الكرام ، هذه الحال هي عين الصحة ، كلما تقدم الطب اكتشف أن الشدة النفسية وراء كل متاعب الجسد ، فالإنسان القلق يظهر هذا القلق على أعضائه وعلى أجهزته ، وعلى قلبه وعلى شرايينه ، وعلى ضغطه ، وعلى هضمه وعلى أعصابه ، وعلى عضلاته ، كلما تقدم الطب اكتشف أن وراء أكثر الأمراض شدة نفسية ، ضغط نفسي ، قلق ، خوف من مجهول ، وأنك إذا أحببت الله ، وشعرت أنك تحت مظلته ، في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، شعرت أن الله راضٍ عنك ، أنه يحبك ، هذا شيء يدعو إلى الراحة والسعادة ، والطمأنينة ، وهذا أحد أسباب الصحة .
الراحة النفسية أن يكون الله راضٍ عنك :
أمر الله أكبر من أن تحصى فوائده ، وإن كان الإنسان يعبد الله تنفيذاً لأمره ومحبة له لكن هذه العبادة تورثه راحة ، لو علمها الملوك لقاتلوا عليها أصحابها بالسيوف ، هذه الراحة النفسية أيها الأخوة يسعى لها كل الناس ، مطلب السلامة والسعادة مطلب كل مخلوق على وجه الأرض .
الدعاء :

همسات ايمانية
2015-03-28, 17:22
قال ابن القيم رحمه الله ليس المستغرب أننا نحب الله تبارك وتعالى

فالنفس مجبولة على حب من أنعم عليها وتفضل عليها بالنعم
لكن العجيب من ملك يحب رعيته ويحب عباده ويتفضل عليهم بسائر النعم
http://safeshare.tv/w/WTzYgfUzvj
كلماتي ,,,,,,,,
يارب انا انادي باعلى صوتي ,,,وفي سري وصمتي ,,,,,,,,,,,,,احبك ,,,,,,,,,,,,احبك عدد ما لهج باسمك البشر

وعدد ما سقط من اوراق الشجر وعدد الاشجار والثمر وعدد احياء البحر والنهروعدد زخات المطر
وعدد ما كابد الزهاد من سهر وعدد النسمات في البوادي والحضر
وما علا في سبيلك سيف وما في قلوب عبادك الصالحين من خوف وعدد ما تعاقب من خريف وصيف
وبكل الوان الطيف اقول دونما خجل اووجل او خوف انا على عقيدة الصحابة وما كان عليه ابن عوف
رسمت باللون الاحمر قلبا رقيقا بحبك معفر,,وقلت يا رب انزع ما فيه من تكبر وتجبر فكيف يعلوانسان وفي الكون قوة لا تقهر ,,,,,,,,
ولكم عبرة في خيبر, وفي امم اخر ,فمن عرف الله لزم قدره وتحجر
ولا املك الا ان اقول هذه تذكرتي ولست عليكم بمسيطر
انما هي الحياة الدنيا فطوبى لمن اناب وعاد واستغفر فبعدهذا نساق جميعا لارض المحشر


باللون البرتقالي حبك خطر في بالي ولم يفارق لحظة خيالي وتذكرت انه اليك مالي فمن ينفعني في رحيلي وتجوالي ,,,,
,االي واموالي ام حسناتي و اعمالي
فرحت اصدح في كل
قلب من حب الله خالي ,,,,,اتنسى الرازق الوهاب ذي الجلال ,,خالق النهار للمعاش والراحة في الليالي
الم تدهشك تلك التلال وقوة الجبال,,,,,,,,,,, وعجيب خلق الله في الادغال,,,,,,,,,,,,
وانظر كيف رزق الناس في كل بر وميدان عامر اوخالي ,,,,,,,,يا االله يا ذا الجلال انظر نظرة رحمة لحالي وللمسلمين امثالي واغفر ذنوبي وافعالي,,,,,,,,,,, علي اسعد يوم الحساب والاهوال وافوز ببيت في الجنة من الصدف
واللا لي
سطرت باللون الاصفر كلمة بهية المنظر لهج بها لساني وكبر, فجعلت من قلبي الجريح بطلا مظفر يهزم ارتالا من الظالمين تتجبر, بكلمة واحدة دوت من بلدي لمدغشقر الله اكبر ,,,,,الله اكبر ,,,,, وبها ازهو وافخر
كتبت باللون الازرق بحبك يا رب اتغنى وانطق,,, والى بيتك المعتق اخذني الشوق ,,, وفي رباه طار قلبي وحلق,,, ورجعت ارجو عندك محو الذنوب و تفريج الكروب التي اخشى ان تجعلني في نار جهنم اغرق ,,,و طمعت ان تتكرم علي وتغدق ونفسي من اسر الخطايا تعتق
رسمت باللون النيلي دائرة حدود الله ومحارمه بالتفصيل,,, وبينت في هذه الحياة سبيلي هكذا اوصى محمد صلى الله عليه وسلم ذا المكانة والتفضيل,,, فالقران دليلي والسنة فيها كل ما التبس من التاويل
لونت بالبنفسجي كل الاماني وما ارتجي ,,,,,,يا ربي اليك التجي والى رحمتك انا اليوم ,,,احوج,,,,,,

,,,فحتى وان كان دربي اعوج فلا تسلط علي ما خلقت من مارج واهدني بهداك الى خير مخرج
وامسكت اللون الاخضر ’’’’’’’’’’فقلت يا لون الجنان والاطمئنان ,المنور,,يا ترى هل لنا في الجنة مكان فنتنعم في
ام اننا الى الجحيم المقيم,,,,, فنشقى في سوء عيش وحرمان
الان يا لوني المفضل سابدا قصة بدموعي تسطر ,,,,,,لذا قررت ولم اعد افكر في ماض البعاد ساهجر ,,,
, فالى الله المسير المؤزر,,,,عسى الله ان يرحم المظطر,,, فيمحي ما كان ليحل مكانه اثر معطر عبقه المسك والعنبر ,,,,,,,,,,,,,,,ففي الجنة نعم الماوى والمستقر
هذه رسالتي لكم عسى ان نلتقي جميعا عند مليك مقتدر في جنات ونهر ,,,,,,,,,,,هذه كلمات من قلب معتبر,,, يوقن ان الدنيا دار ممر وفي الجنة ان شاء الله المستقر

همسات ايمانية
2015-04-01, 14:02
السلام عليكم
: : * : : فقه الذنوب : : * : :
والمقصود بذلك معرفة بعض القواعد الهامة في فقه الذنب والمعصية على ضوء نص الوحي .

أولاً : قَدَر الذنوب والحكمة من ذلك .
لقد بيّن الله تعالى في كتابه شدّة عداوة الشيطان الرجيم لعباد الله تعالى ، وان عداوته لهم باقية حتى يأذن الله تعالى بنهاية الشيطان وشره وشركه .
وتأمل هذا الحوار القرآني الذي يصوّر شدة عداوة الشيطان لعباد الله تعالى ، قال تعالى :
" إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) "

و ثبت في الأحاديث الصحيحة قوله صلى الله عليه وسلم :
- " والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم "
- " كتب على ابن آدم حظّه من الزنا مدرك ذلك لا محاله .."
- " خلق المؤمن مفتّنا توّاباً إذا ذُكر ذكر "
- " كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون "

فبيّنت لنا هذه النصوص وغيرها أن المعصية قدر الله تعالى على عباده وأنه قدر مقضي نافذ لا محالة .
السؤال : ما حكمة تقدير الذنوب والمعاصي على العباد ؟!
وهو سؤال حكيم لطيف في بابه ، وإن من تأمل الوحي حق التأمل وجد أن الله قد اتصف بـ " الحكيم " وأن حكمته جل وتعالى تتنافى مع أن يقضي الله قضاء عبثاً ، فدل ذلك أن قدر الذنوب إنما هو قدر الحكيم اللطيف الخبير . .
فانظر إلى هذه الحكم في قدر الذنوب والمعاصي :
1 - ليقيم الله تعالى على عبده حجّة عدله فيعاقبه - إن عاقبه - على ذنبه بحجته .
2 - حتى تتحقق معاني اسماء الله وتعالى وصفاته ، فإن الله جل وتعالى قد اتصف بالرحمة والمغفرة ، والرحمة والمغفرة تستلزم ذنباً يُغفر .
3 - معرفة الله تعالى باسمائه وصفاته .
هنا - يا رعاك الله - اسمح لي أن أقتطف لك ثمرات يانعات من كلام الإمام الرباني المربي الإيماني شيخ الإسلام وطبيب القلوب شمس الدين ابن القيم رحمه الله وهو يستعذب نصوص الوحي ويكشف من كنوزها في هذا الباب فيقول :
( ..... فيحدث له ذلك
* أنواعاً من المعرفة بالله وأسمائه وصفاته وحكمته ورحمته ومغفرته وعفوه وحلمه وكرمه .
* وتوجب له هذه المعرفة عبودية بهذه الأسماء لا تحصل بدون لوازمها البتة .
* ويعلم ارتباط الخلق والأمر والجزاء والوعد والوعيد بأسمائه وصفاته ، وأن ذلك موجب الأسماء والصفات وأثرها في الوجود وأن كل اسم وصفة مقتضٍ لأثره وموجبه ، متعلق به لا بد منه !! أ.هـ ( تهذيب المدارج ص 132 )
ثم استعذب اخي الكريم هذا الوصف البديع من الإمام ابن القيم لهذا المشهد :
يقول :
وهذا المشهد يطلعه على رياض مونقة من المعارف والإيمان واسرار القدر والحكمة ، يضيق عن التعبير عنها نطاق الكلم ..
فمن بعضها :
* أن يعرف العبد عزّته في قضائه .
وهو أنه سبحانه العزيز الذي يقضي ماشاء على عبده وأنه لكمال عزته حكم العبد وقضى عليه ، وجعله مريداً شائيا لماشاء منه العزيز الحكيم . وهذا من كمال العزة . إذ لا يقدر على ذلك إلا الله .
وغاية المخلوق : أن يتصرف في بدنك وظاهرك ، وأمّأ جعلك مريداً شائياً لما يشاءه منك ويريده فلا يقدر عليه إلا ذو العزة الباهرة .
* أن يعرف أنه مُدبَّر مقهور ناصيته بيد غيره .
لا عصمة له إلا بعصمته ولا توفيق له إلا بمعرفته ، فهو ذليل حقير في قبضة عزيز حميد .
* أن يعرف برّه سبحانه في ستره عليه حال ارتكاب المعصية مع كمال رؤيته له. ولو شاء لفضحه بين خلقه فحذروه ، وهذا من كمال بره ومن اسمائه " البر " .
* شهود حلم الله تعالى في إمهال راكب الخطيئة ، ولو شاء لعاجله بالعقوبة . ولكنه الحليم الذي لا يعجل ، فيحدث له ذلك معرفة ربه بإسمه " الحليم " ومشاهدة صفة الحلم والتعبّد لله بهذا الاسم .
* معرفة كرم ربه في قبول العذر منه إذا اعتذر إليه .
فيقبل عذره بكرمه وجوده ، فيوجب له ذلك اشتغالاً بذكره وشكره ومحبة أخرى لم تكن حاصلة له قبل ذلك .
* أن يكمّل لعبده مراتب الذل والخضوع والانكسار بين يديه والافتقار إليه .
فإن النفس فيها مضاهاة للربوبية ولو قدرت لقالت كقول فرعون ، ولكنه قدر فأظهر وغيره عجز فأضمر وإنما يخلصها من هذه المضاهاة ذل العبودية .
* ومنها السر الأعظم الذي لا تقتحمه العبارة ولا تجسر عليه الإشارة ، ولا ينادي عليه مناد الإيمان على رؤوس الأشهاد بل شهدته قلوب خواص العباد .. وذلك : حصول فرح الله تعالى بتوبة عبده الذي ثبت في ذلم الأثر الصحيح : " لله أفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلة بأرض فلاة فانفلتت منه ، وعليها طعامه وشرابه فأيس منها ، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال - من شدة الفرح - اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح . "
القصد أن هذا الفرح له شأن لا ينبغي للعبد إهماله والإعراض عنه ، ولا يطلع عليه إلا من له معرفة خاصة بالله وأسمائه وصفاته وما يليق بعز جلاله .
* العبودية لله بإحداث المراغمة بينه وبين عدو الله تعالى .
فمن تعبّد لله تعالى بمراغمة عدوه فقد أخذ من الصديقية بسهم وافر ، وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداته يكون نصيبه من هذه المراغمة .. وهذا باب من العبودية لا يعرفه إلا القليل من الناس . ومن ذاق طعمه ولذّته بكى على أيامه الأول ...
وصاحب هذا المقام إذا نظر إلى الشيطان ولاحظه في الذنب راغمه بالتوبة النصوح فأحدثت له هذه المراغمة عبودية أخرى .
* أن عبودية التوبة من أحب العبوديات إلى الله .
ولهذا يبتلي بالذنب لمحبته جل وتعالى لعبودية التوبة وفرحه بها ، فهو سبحانه يفرح بتوبة عبده أشد من فرح الواجد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة بعد ما فقدها وأيس من الحياة !!
فهذه نبذة من بعض لطائف وأسرار التوبة لا تستهزئ بها !!
إلى غير ذلك من الحكم الباهرات التي أطال في سبحاتها شيخ الاسلام ابن القيم رحمه الله في كتابه النفيس " مدارج السالكين " .

4 - ثم تأمل ايها المذنب الخطّاء أن هذه الذنوب والمعاصي إنما قدّرها الله تعالى على عبده لتولّد عنده هذا النوع من العبودية له ، وهو المعنى الذي دلّ عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم " .
فالذنب والمعصية لها جهتان أو أثران :
- الأثر الأول : أثر سلبي انهزامي المذموم وهو الاستسلام للمعصية والإغراق فيها والشؤم بها شؤماً مطلقاً يقعده عن التوبة والاستغفار والعمل . - الأثر الثاني : الأثر الإيجابي المحمود ، وهو أثر يحدثه وقوع المعصية والذنب مما سبق وصفه في مشاهد حكمة الله تعالى في التخلية بين عبده ومعصيته جل وتعالى .
فتأمل - يا رعاك الباري - هذه المشاهد ولا حظها في بديع حكمة تقدير الله تعالى الذنوب والمعاصي وتقدير تخليته جل وتعالى بين العبد وبين معصيته .

ثانياً : الذنب المعتاد .
وهو فقه أخصّ من سابقه .
إذ أنه قد يُتوهم أن مشاهد العبودية المترتبة على الوقوع في المعصية والذنب إنما تكون حين يقع الذنب مرة واحدة !
فجاء هذا الفقه النبوي ليبين أن هذه العبودية تتجدد وتكون كلّما وقع الذنب .
ثبت في الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم :
- " إن عبداً أصاب ذنباً ـ وربما قال : أذنب ذنباً ـ فقال : رب أذنبت ذنباً ـ وربما قال " أصبت ـ فاغفر ، فقال ربه : أعَلِِم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ؛ ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنباً ـ أو أذنب ذنباً ـ فقال : رب أذنبت ـ أو أصبت آخر ـ فاغفره ، فقال : أعَلِم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ! ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنباً ـ وربما قال : أصاب ذنباً ـ فقال : رب أصبت ـ أو قال : أذنبت ـ آخر فاغفره لي فقال : أعَلِم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ! ثلاثاً فليعمل ما شاء " رواه البخاري ومسلم .

- " ما من مؤمن إلا و له ذنب، يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه، حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خلق مفتنا، توابا، نسيا، إذا ذكر ذكر" صحيح الجامع 5735

فتأمل قوله : " فليعمل ماشاء " طالما أنه يستشعر عظم ذنبه وعظمة ربه فيتوب إليه ويؤوب فإن ذلك لا محالة مطهر له من ذنبه حاجز له عن أن يصرّ عليه .
وطالما أن ذلك يحقق له هذه الأنواع من العبودية لله فإن ذلك حقاً هو الحالة السلوكية الواقعية - المثالية - للبشر في الأرض .
" يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم "

ثالثاً : العفو عن حديث النفس والخواطر .
فإنه لما كانت النفس مفطورة على الخطأ ركّب الله فيه خواطر تعتور فكره وهي إما خواطر رحمانية أو شيطانية أو نفسانية .
ولمّأ كان العبد غير قادر على أن يحجم خواطره من أن تخطر على باله وفكره فقد عفى الله تعالى عن ذلك .
جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تجاوز لأمتي ما حدّثت به نفسها مالم تكلم به أو تعمل به "
بل أعظم من ذلك فإن الانتهاء عن داع النفس والخاطرالسيء يورث أجراً من الله الكريم المنان . فقد قال صلى الله عليه وسلم : " من همّ بالسيئة فلم يعملها كتبها الله تعالى عنده حسنة كاملة " .

رابعاً : الذنوب سبب الهلاك والإهلاك .
وذلك حين لا تتحقق الواقعية - المثالية - من هذا القضاء والقدر ..
حين لا يتحقق " الاستغفار " والعبودية لله ..
حين تحدث المعصية إرتكاساً وعمىً ..
حين لا يورّث الذنب ذلاً وخضوعاً . .
حينها يستحقون الهلاك ويقع الإهلاك . .

إن الله جل وتعالى إنّما قدر هذه الذنوب والمعاصي لتحدث أثراً إيجابياً في واقع الحياة والسلوك من معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته وتحقيق العبودية له .
أمّأ حين تكون طغياناً وجبروتاً واستهزاءً واستعجالاً للعذاب . .
تكون هي رجسة الشيطان ، وذلك لا يكون إلا ممن تسلّط عليه إبليس فملك منه لبّه وعقله وفؤاده - أجارنا الله وإياكم من ذلك - .

تلك أربع قواعد في فقه الذنب والمعصية . فكن منها على بصيرة وعلم .

** رفقاً رفقاً **
بعد أن علمت هذا أيها المبارك . . فإني أقول لك : رفقاً رفقاً ..
رفقاً بنفسك التي بين جنبيك فلا تؤيّسها من رحمة الله ...
وتأمّل عظيم فضل الله وإحسانه وبرّه عليك . .
فلا يُشغلنّك الشيطان بذنبك عن أن تطالع عبودية الله في أثر معصيتك ..
فإن هذا مقام عظيم ...
ورفقاً رفقاً .. أيها الناس بالمذنبين . .
لا تعيّروهم ، أو تقنّطوهم . .
بل افتحوا لهم باب الأمل بالله . .
والرجاء به . .
والتوبة والأوبة إليه . . !
لماذا يستنكر الناس وقوع بعضهم في المعاصي ؟!
خاصة في صفوف ذوي الهيئات من الناس ، فما والله هم بأفضل من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنهم . .
فقد علمنا أن فيهم من زنا ..
ومن سرق ..
ومن شرب الخمر ..
ومن جسّ عليهم . .
بل ومنهم من ارتدّ عن الإسلام إلى الكفر ثم آمن !!
هؤلاء وهم أطهر الخلق بعد الأنبياء وقعوا في مثل هذه الذنوب والمعاصي !
فهل يعي الناس أن الناس سواء في هذا الباب - أعني في باب الوقوع في المعاصي والذنوب - !!
صحيح أن الذنب من العظيم عظيم . .
لكن ذلك لا يجعلنا نؤيّسهم أو نقنّطهم أو نعين الشيطان عليهم في إبعادهم عن طريق النور والهدى ..الطريق الذي يوصل إليه ..
أستغفر الله !!
و " " إن المؤمن خُلق مفتّناً توّاباً نسيّا، إذا ذُكّر ذَكر " .
: : * : : أدب المعصية : : * : :
وهو بيت القصيد من الموضوع .
وفيه بيان جملة الآداب التي جعلتها الحنيفية السمحة في سبيل تحقيق السلوك الواقعي - المثالي - في التعامل مع قدر الخطيئة .
ولزوم هذه الآداب مما يعين العبد المقصّر المذنب الخطّاء على تحقيق هذا السلوك والله المستعان .

هذه الآداب
وقاية من الوقوع في الذنب ، - وهي لا تعني بالضرورة الحماية منها - لأنه سبق وأن تبين أن الوقوع في الخطيئة والذنب أمر حتم . .
لكن هي وقائية من جهة :
- عدم حصول الإصرار على المعصية .
- عدم حصول اليأس والقنوط من شدّة وطأة المعصية .
- من عدم حصول الهلاك والإهلاك .

الأدب الأول : استعظم ولا تحتقر! !
فإن الذنوب هي حالة استجابة لداعي الشيطان ، مهما صغرت الخطيئة ، والشيطان عدو لله ، فاستجابة داعي الشيطان والغفلة عن داعي الرحمن أمر عظيم مهما حقر في نظر العاصي .
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إيّاكم ومحقرات الذنوب ، كقوم نزلوا في بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود ، حتى أنضجوا خبزتهم ، وإن محقرات الذنوب متى يُؤخذ بها صاحبها تهلكه "
و يقول ابن مسعود رضي الله عنه : " إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه فقال به هكذا ، ـ قال أبوشهاب بيده فوق أنفه " !
يقول بلال بن سعد : لاتنظر إلى صِغر المعصية ، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت !!
وإن من خوارم هذا الأدب :
- التساهل والتوسّع في المشتبهات .
- التوسّع في قضية الضرورة وأحكامها ، فتتساهل المرأة في الكشف عند الطبيب ، والتوسع من جهة الخدم والخادمات والتوسع في اقتناء الفضائيات ... وهكذا !
بحجّة الضرورة . .
ومثل هذاالتوسّع والتساهل مما يضعف في النفس استعظام الخطيئات ويورث احتقار الصغائر من الذنوب والمعاصي !
إن النفس التي تستعظم الذنب ولا تحتقر المحقرات من الذنوب أشد ما تكون ثقة بالله وأنساً به وفراراً إليه منه !
فإن ذلك وقاية لها من أن تغفل فتطيش ...فتوغل . .
ووقاية لها من الهلكة ..
وإن حصول القنوط من الهلكة !!
والإيغال هلاك !!

الأدب الثاني : فلا تقعد معهم !! .
كان من وصيته صلى الله عليه وسلم لأصحابه الكرام أن يبتعدوا عن دواعي المعصية ما أمكن فقال : " إيّاكم والجلوس في الطرقات" . فقالوا : يارسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها .
فقال :" فإذا أبيتم إلاّ المجلس فأعطوا الطريق حقه ". قالوا : وما حق الطريق ؟ قال : " غض البصر ، وكفّ الأذى ، ورد السلام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "
إن المعصية ليست وليدة الفجأة والمصادفة . . !
إنما لها مقدمات وأسباب إذا حصلت حصل نتاجها . .
وإن إلف العبد وتساهله في ارتياد مواطن المعاصي والذنوب يورث عنده فتوراً عن الورع والحزم والعزم . .
كما يورث في نفسه إقبالاً على المعصية والخطيئة وبُعداً عن التوبة والأوبة . .
ومن هذا الباب ثبت النهي عن ارتياد مواطن العذاب والإهلاك . .
أيها المبارك . .
فارق دواعي المعصية . .
صديقاً كان أو مجلة أو شريطاً أو رقماً في هاتف أو فلماً أو مسلسلاً أو نادياً او مجلساً أو آلة .. !!
واجعل بينك وبين أرباب الذنوب والمعاصي عزلة شعورية . إن لم يمكنك العزلة الجسدية على حدّ قوله جل وتعالى : " وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " .

الأدب الثالث : دافع وأصلح خواطرك .
معلوم أن كل أعمال بني البشر إنما أصلها خطرة وفكرة حتى تصير كسباً وعملاً ، والمعصية والخطيئة أصلها خطرة أو فكرة . .
والخواطر كما قسّمها ابن القيم رحمه الله ثلاث خواطر :
* رحمانية . * شيطانية . * نفسانية .
فالخواطر الرحمانية هي كل خاطرة لعمل البر والفضل كالجهاد وطلب العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدقات وغير ذلك .
أمّا الخواطر الشيطانية فهي خواطر الفحشاء والمنكر .
أما الخواطر النفسانية فهي الرؤى والأحلام .
والخواطر أمرها عظيم من حيث أنها لا ينفك عنها أي بشر من البشر ، وتكمن الخطورة فيها من جهتين :
- الجهة الأولى : كون أن الله جل وتعالى مطلع عليها فهو جل وتعالى " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور " و " يعلم السر وأخفى " !
- الجهة الثانية : من كون الخاطرة هي شرارة العمل الأولى .
فالقلب لوح والخواطر نقوش تنقش فيه .
يقول ابن القيم رحمه الله : وأما الخطرات فشأنها أصعب فإنها مبدأ الخير والشر ، ومنها تتولد الإرادات والهمم والعزائم ، فمن راعى خطراته ملك زمام نفسه وقهر هواه ، ومن غلبته خطراته فهواه ونفسه له أغلب . ومن استهان بالخطرات قادته قهراً إلى الهلكات ....
وهي أضر شيء على الإنسان ويتولّد منها العجز والكسل ، وتولد التفريط والحسرة والندم ، والمتمني لمّا فاتته مباشرة الحقيقة بجسمه حوّل صورتها في قلبه وعانقها وضمها إليه ففتح بوصال صورة وهمية خيالية صورها فكره ، وذلك لا يجدي عليه شيئا ، وإنما مثله مثل الجائع الظمآن يصور في وهمه صورة الطعام والشراب وهو لا يأكل ولا يشرب ، والسكون إلى ذلك واستجلابه يدل على خسارة النفس ووضاعتها ، وإنما شرف النفس وزكاؤها وطهارتها وعلوها بأن ينفي عنها كل خطرة لا حقيقة لها ولا يرضى أن يخطرها بباله ويأنف لنفسه منها .
حتى يقول : .. واعلم أن ورود الخاطر لا يضر وإنما يضر استدعاؤه ومحادثته !( الجواب الكافي 198 - 199 ) .
و يقول في غير هذا الكتاب : دافع الخطرة فإن لم تفعل صارت فكرة فدافعها فإن لم تفعل صارت همّاً وغرادة فدافع ذلك فإن لم تفعل صار عملاً وسلوكاً فدافع ذلك فإن لم تفعل صار عادة وسجية !! من هنا علمنا خطورة الخواطر واثر مدافعتها وأثر استدعائها . .
ولذا كان لابد من إصلاح الخواطر . وطريق إصلاحها من ثلاث جهات :
الأولى : تفريغ القلب من الخواطر الرديّة بعدم الالتفات أو استدعاء الردي منها .
الثانية : فإذا تفرّغ القلب كان لابد من ملئه .. فاملأه وأشغله بالله وبمحبته وهذا الإشغال له خمس طرق :
أ / الفكرة في آياته المنزلة وتعلقها وفهم مراده منها .
ب / الفكرة في آياته المشهودة والاعتبار بها والاستدلال بها على اسمائه وصفاته وحكمته وإحسانه وبره وقد حض الله على هذا التفكر وذم الغافلين عنه .
جـ / الفكرة في الآئه وإحسانه وإنعامه على خلقه بأصناف النعم وسعة رحمته ومغفرته .
وهذه الأنواع الثلاثة تستخرج من القلب معرفة الله ومحبته وخوفه ورجائه .. فأكمل الناس أكثرهم خواطروفكراً وإرادات لذلك .
ولهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت تتزاحم عليه الخواطر في مراضي الرب تعالى فربما استعملها في صلاته وكان يجهّز جيشه وهو في الصلاة فيكون قد جمع بين الجهاد والصلاة !!
د / الفكرة في عيوب النفس وآفاتها وفي عيوب العمل ، فهذه الفكرة تكسر النفس الأمارة بالسوء وتحيي النفس المطمئنة .
هـ / الفكرة في واجب الوقت ووظيفته - من مصالح الدين والدنيا - وجمع الهمّ كله عليه .
الثالثة : حماية الخواطر من الحرام والخطيئة . وذلك بطريقين :
- مفارقة دواعي الحرام ومواطنه الحسّية .
- الموازنة والمقارنة ومعرفة العواقب والمآلآت .
وازن بين لذّة الإقبال على الله ولذّة الإقبال على الرذائل !
وازن بين لذّة الذنب ولذّة العفة !
وازن بين لذّة الانتصار على الشيطان وقهره ولذة الظفر بالمعصية والخطيئة !!
وهكذا وازن وتذكّر العواقب والمآلآت فإن ذلك مما يحمي الخواطر من أن تستدعي الحرام الردي .

الأدب الرابع : جالس الأخيار .
المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه !
ولذلك فإن صحبة الأخيار ومجالستهم مما يقي المرء - بإذن الله - من وضر المعاصي وشؤم الخطيئات . .
وكون صحبة الأخيار ووقاية تظهر من جوانب :
الجانب الأول : من جهة أن مجالسة الأخيار حماية من الخلوة والوقوع في أسر الخواطر أو غشيان مواطن المعاصي .
الجانب الثاني : من جهة توجيههم ونصحهم وإرشادهم . فإن الأخوة الصادقة تحتّم على المتآخين أن ينصح بعضهم بعضاً وأن لا يزين بعضهم لبعض تقصير الآخر .
فمن هذا الباب الصحبة الصالحة مكمّلة منقّية واقية .
الجانب الثالث : أن الندم والحسرة والتألم على المعصية إنما تجنيه من الصحبة الصالحة ، وهو من ثمرات صحبتهم ، وإنك حين تفارقهم فسرعان ما يخبت هذا لصوت ويقل أثر هذه اللامة للنفس !!
ومن هنا نعلم أن ترك صحبة الأخيار بحجة الذنوب والمعاصي والخطيئات من أعظم مداخل الشيطان وخواطر المعصية .
هب أنك فارقت الأخيار فهل سيزول ما تشتكي من داء المعصية ؟؟!
أم أنك ستفقد الدواء ويستفحل الداء !!
إن الإنسان لا بد له من صحبة الأخيار ، فإن هو ترك الأخيار فلمن يذهب ! ليس إلاّ إلى من يزيّنون له المعصية ويقحمونه فيها ! !!



يتبع

همسات ايمانية
2015-04-01, 17:19
الأدب الخامس : فانصب !
يقول أحد العارفين : النفس .. إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية !!
وذلك سرّ من أسرار التوجيه الرباني : " فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8) "
إن إشغال النفس بعمل الصالحات ( صلاة .. صيام .. بر وإحسان .. صدقات .. زيارة مريض .. إجابة دعوة .. تحضير كلمة .. سماع شريط .. مباسطة الأهل والإخوان ...) من أهم الوقايات للعبد في هذا الباب .
وإن ترك العمل الدعوي أو ترك الإلتزام والاستقامة على طريق الحق بحجة المعاصي من غوائل الشيطان على العباد .
لاشك أن القول الذي لايصدّقه العمل أمر مذموم ، قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) "
وجاء في الحديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يُجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلق أقتابه في النار ، فيدور كما يدور الحمار برحاه ، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون : أي فلان ما شأنك ؟
أليس كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟
قال : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه "
• هل هذا الندم الذي ورد في النصوص ، هو ذم للرجل على دعوته وإنكاره للمنكر ؟ أم ذم له على فعل المنكر مع أنه أولى الناس باجتنابه ؟!
قال ابن كثير رحمه الله : وليس المراد ذمهم على أمرهم بالبر مع تركهم له ، بل على تركهم له .
• البشر كلهم خطّاؤون ، مقترفون للذنوب ، فحين نعمم هذه النتيجة فهل يوجد أحد لايقع في المعصية ؟!
وعليه فيلزم أن نقول : أن لا يدعو أحد إلى الله وهو يعصي الله !!
ولو لم يعظ في الناس من هو مذنب فمن يعظ العاصين بعد محمـد ؟!
• أن الواجب على المرء تجاه المنكر أمران :
أ / تركه . : : : : ب / النهي عنه .
والواجب عليه تجاه المعروف أمران :
أ / فعله . : : : : ب / الأمر به .
قال ابن كثير : .. فكل من الأمر بالمعروف وفعله واجب لايسقط أحدهما بترك الآخر على أصح قولي العلماء من السلف والخلف .
أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة المعصية منكر بحد ذاته ! - سبيل النجاة من شؤم المعصية لمحمد الدويش بتصرف -

الأدب السادس : داوم على الاستغفار .
والاستغفار أدب من الآداب الواقية من جانبين :
الأول : أنه يحيي في النفس توقير الله وتعظيمه .
الثاني : أنه يمحو الخطايا والذنوب .
عن الأغرّ المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرّة "
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم : " رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله ، وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي خطاياي ، وعمدي ، وجهلي ، وجِدّي ، ، وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدمت ، وما أخرت ، وما أسررت ، وما أعلنتت ، أنت المقدم ، وأنت المؤخر ، وأنت على كل شيء قدير "
وكان من دعاء الأنبياء والمرسلين :
- دعاء نوح عليه السلام : " رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً "
- دعاء إبراهيم عليه السلام : " وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ "
- دعاء موسى عليه السلام : " قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي "
عند هذا ... يقف المسلم الحق يتسآءل : وأي خطيئة ارتكبها أنبياء الله حتى يستغفرون ؟
ماذا جنت هذه النفس الطاهرة ؟ وأي خطيئة أسرّها وأعلنها وقدّمها وأخّرها ؟؟؟
لئن كان صلى الله عليه وسلم وهو الذي غُفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرّة ، فكيف بنا نحن معشر المذنبين المخلّطين ؟؟‍!!
إنها النفوس الطاهرة العارفة بالله حقاً .
ولئن كان الاستغفار يطهر النفس ويزكيها فلا يجعلها تألف اقتراف المحرمات ، فكذلك هو يمحو الخطايا إن وقعت وحصلت ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه ، وإن عاد زِيد فيها حتى تعلو على قلبه وهو الران الذي ذكر الله : { كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } "
ثم إن الإستغفار أمر يعجب الرب جل وتعالى ، فعن علي رضي الله عنه : أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إن ربك يعجب من عبده إذا قال : رب اغفرلي ذنوبي ، وهو يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري "
وإن الإستغفار الذي يترك أثره في النفس ويؤدي المقصود هو الذي يواطىء القلب فيه اللسان .

الأدب السابع : لا تجاهر !
كما أن الطاعات تتفاوت مراتبها ودرجاتها بحسب الأعمال ذاتها ، وبحسب العامل والوقت والسر والجهر ؛ فكذلك المعاصي !
فقد دلّت النصوص على أن المعصية التي يستتر بها صاحبها أخف جرماً من التي يعلنها .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" كل أمتي معافى إلاّ المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه " .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأله كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النّجوى ؟ قال : " يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول : عملت كذا وكذا ؟ فيقول : نعم ، ويقول : عملت كذا وكذا ؟ فيقول : نعم ، فيقرره ثم يقول : إني سترت عليك في الدنيا ، فأنا أغفرها لك اليوم " إن المؤمن الذي يخاف من مولاه ويعظمه ويخشى عقابه ، تلومه نفسه على المعصية وتحرق فؤاده ، فكيف يحدّث الناس أنه يعمل ..ويعمل .
وقد أشار ابن عقيل رحمه الله إلى معنى لطيف في الاستسرار بالمعصية وأن هذا الاستسرارا طاعة لله ، وان معافاة الله تعالى للمستتر بذنبه إنما كان لاستتاره . ( الآداب الشرعية لابن مفلح 1 / 255 )

الأدب الثامن : أتبع السيئة الحسنة تمحها !
جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله ، إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها فأنا هذا فاقض فيّ ما شئت ، فقال له عمر : لقد سترك الله لو سترت نفسك . قال : فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ، فقام الرجل فانطلق ، فاتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً دعاه وتلا عليه : { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين }
فقال رجل من القوم : يانبي الله هذه له خاصة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " بل للناس كافة " !
وإن من إتباع السيئة الحسنة أن تتبع المعصية بالتوبة منها بلا تسويف أو تأجيل أو قنوط .
قال الله تعالى : " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلاّ الله ولم يُصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون" وقال عزّ وتعالى : " .. فإنه كان للأوّابين غفوراً " ، قال ابن المسيب : هو الذي يذنب ثم يتوب ، ثم يذنب ثم يتوب ، ثم يذنب ثم يتوب .
وقال تعالى " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة .." ، قال البراء : هو الرجل يذنب الذنب فيقول : لا يغفره الله لي !!
وكل ما كانت الحسنة من جنس عمل السيئة كان ذلك أبلغ في المحو .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وينبغي أن تكون الحسنات من جنس السيئات فإنه أبلغ في المحو .
فتأمل عظيم منّة الله وفضله وسعة رحمته كيف أنه جعل لك من ضيق الذنب فرجاً واسعاً . .

الأدب التاسع : لا تعيّر غيرك بالذنب !!
المسلم يحب الله ، ويحب طاعة الله ، وهو كذلك يبغض معصية الله ومن يقارفها ؛ فالمؤمن يمتلك قلباً مرهفا ونفساً جيّاشة لاتملك الحياء مع من يجترىء على محارم الله ، فالحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان .
لكن من الناس من يشتط فبدلاً من بغضه للمعصية وصاحبها ،يعيّر المذنب ويتعالى عليه ، !!!
جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أن رجلاً قال : والله لايغفر الله لفلان .وإن الله تعالى قال : " ومن ذا الذي يتألّى عليّ ألاّ أغفر لفلان ، فإني غفرت له وأحبطت عملك .."
ومرّ أبو الدرداء رضي الله عنه على رجل قد أصاب ذنباً فكانوا يسبّونه فقال : أرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا مستخرجيه ؟
قالوا : بلى . قال : فلا تسبوا أخاكم واحمدوا الله الذي عافاكم ؛ قالوا : أفلا تبغضه ؟
قال : إنما أبغض عمله ، فإذا تركه فهو أخي ، وقال أبو الدرداء : أدع الله في يوم سرّائك لعله أن يستجيب لك في يوم ضرّائك .
إن الأولى بالمرء المسلم أن لا يعيّر أخاه بالذنب ، أو يهزأ به بالمعصية ، إن الواجب عليه تجاه أخطاء الآخرين أن يقف عند حدّ المناصحة والستر والدعاء لهم وسؤال الله العافية .
إن الذي يعيّر أخاه بالذنب برهان على إفراط صاحبه في ثقته بنفسه وتزكيته لها ، والغرور بوّابة الهلاك وأمارة من أمارات إحساس العبد باستغنائه عن معونة مولاه ، وأين هذا عن أعرف الخلق بالله حين قالوا .... :
- " وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ " !
" وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ " ( محمد الدويش بتصرف )

الأدب العاشر : تب إلى الله ولا تيأس أو تقنط !!.
قال الله تعالى :
- " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "
- " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "
فالتوبة التوبة - يا رعاك الله - وأجب نداء ربك الرحمن وهو يناديك :
يا ابن آدم . . إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ..
يا ابن آدم . . لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك . .
يا ابن آدم . . لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا أتيتك بقرابها مغفرة !!!
يا عبادي . . إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً ، فمن علم أني ذو قدرة على المغفرة غفرت له ولا أبالي !!
فهل تجيب نداء ربك . .
وهل تدخل في رحمته . .
" إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار .. ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل " !!
يا آدم . . ذنب تذل به إلينا أحب إلينا من طاعة تدلّ بها علينا !!
يا أدم . . أنين المذنبين أحب إلينا من تسبيح المدلّين !!

ثم أعلم - يا رعاك الله - أن التوبة النصوح ليست ألفاظا يلهج بها اللسان دون مواطئة القلب والجوارح . .
بل التوبة النصوح التي تنفع هي التي استكملت شرائطها :
ابتداء من :
- الإقلاع عن الذنب .
- الندم على ما فات !
- العزم الجازم على ترك معاودته .!!
وانتهاء بمعاودة التوبة كلّما وقع الذنب ..
جاء في المسند عند أحمد : " إن الله يحب العبد المفتّن التوّاب " !
وإن من موجبات التوبة الصحيحة . . .
كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء و لا تكون لغير المذنب ، ولا تحصل بجوع و لارياضة ، ولا حب مجرد ، إنما هي أمر وراء هذا كله تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة ، قد أحاطت به من جميع جهاته ، وألقته بين يدي ربه طريحاً ذليلاًّ خاشعاً ، كحال عبد آبق من سيده ، فأُخذ وأُحضر بين يديه ، ولم يجد من ينجيه من سطوته ، ولم يجد منه بداً ، ولا عنه غناءً ولا منه مهرباً ، وعلم أن حياته وسعادته وفلاحه ونجاحه في رضاه عنه ، وقد علم إحاطة سيده بتفاصيل جنا ياته ، هذا مع حبه لسيده وشدة حاجته إليه ، وعلمه بضعفه وعجزه وقوة سيده ، وذله وعز سيده . فيجتمع من هذه الأحوال كسرة وذل وخضوع ما أنفعها للعبد ، وما أجدى عائدها عليه ، وما أعظم جبره بها وما أقربه بها من سيده !
فليس شيء أحب إلى سيده من هذه الكسرة والخضوع والتذلل والإخبات والإنطراح بين يديه ، والإستسلام له فلله ما أحلى قوله في هذه الحال " أسألك بعزّك وذلّي إلا رحمتني ، أسألك بقوتك وضعفي ، وبغناك عني وفقري إليك ، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك ، عبيدك سواي كثير ، وليس لي سيد سواك ، ولا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، أسألك مسألة المسكين ، وابتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل ، وأدعوك دعاء الخائف الضرير ، سؤال من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه ، وفاضت لك عيناه ، وذل لك قلبه ،
يامن ألوذ به فيما أؤمــــله : : : ومن أعوذ به فيما أحـــاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره : : ولا يهيضون عظما أنت جابـره
فهذا وأمثاله من آثار التوبةالمقبولة ، فمن لم يجد ذلك في قلبه فليتهم توبته ، وليرجع إلى تصحيحها ، فما أصعب التوبة الصحيحة با لحقيقة ، وما أسهلها باللسان والدعوى ، وما عالج الصادق شيئاً أشق عليه من التوبة الخالصة الصادقة ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله . أ.هـ ( المدارج ) .
تلك عشرة كاملة ، على الخطيئات صائله . .
فاستقلّ منها إن شئت أو استكثر . .
فاز التائب بأبوته وعودته . .
وهلك الهالك بكبره ونزوته . .
من موقع صيد الفوائد

samira02
2015-04-01, 19:42
اللهم ثبت قلوبنا على دينك

تاييد
2015-04-02, 13:48
اللهم اجعلنا من التوابين الأوابين المحاسبين لأنفسهم

جزاك الله خيرا أختي الكريمة همسات ايمانية

همسات ايمانية
2015-04-02, 14:49
اللهم ثبت قلوبنا على دينك

اللهم اجعلنا من التوابين الأوابين المحاسبين لأنفسهم

جزاك الله خيرا أختي الكريمة همسات ايمانية


بارك الله فيكما وجزاكما عني كل الخير

شكرا

زينب2000
2015-04-02, 15:20
جزاك الله خيرا

تأخذنا مشاغل الدنيا كثيرا و لا نعطي الأولوية لديننا لهذا يضعف إيماننا و الحمد لله نحن في زمان مهما كانت الفتن فيه ومهما كان الفساد، هناك صحوة دينية نحمد الله عليها ، ومجالسة العلماء بالإستماع إلى البرامج الدينية والقنوات ‘الطيبة متوفرة -لمن يريد- وكذلك الكتب المختلفة السهلة والأقراص المضغوطة في متناول االكثير و الحمد لله، فقط علينا ان نداوم عليها و لا يمر يوما إلا و كان لنا حظا في سماع برنامج ديني
تقبلي مني أختي هذه الإضافة،
ومرة أخرى جعل الله هذا الموضوع في ميزان حسناتك

همسات ايمانية
2015-04-02, 21:10
جزاك الله خيرا

تأخذنا مشاغل الدنيا كثيرا و لا نعطي الأولوية لديننا لهذا يضعف إيماننا و الحمد لله نحن في زمان مهما كانت الفتن فيه ومهما كان الفساد، هناك صحوة دينية نحمد الله عليها ، ومجالسة العلماء بالإستماع إلى البرامج الدينية والقنوات ‘الطيبة متوفرة -لمن يريد- وكذلك الكتب المختلفة السهلة والأقراص المضغوطة في متناول االكثير و الحمد لله، فقط علينا ان نداوم عليها و لا يمر يوما إلا و كان لنا حظا في سماع برنامج ديني
تقبلي مني أختي هذه الإضافة،
ومرة أخرى جعل الله هذا الموضوع في ميزان حسناتك


وجزاك الله خير الجزاء

مشكورة على الاضافة القيمة اختي

همسات ايمانية
2015-04-03, 19:47
سبل الوصول وعلامات القبول


لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2009-02-28

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار العلم والمعرفة، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الخشوع :
أيها الأخوة الكرام، مع موضوعٍ جديد من موضوعات: "سبل الوصول وعلامات القبول" إنه موضوع "الخشوع"، فقد ورد الخشوع، أو وردت كلمة الخشوع في القرآن الكريم في قوله تعالى:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
[ سورة المؤمنون]
الفلاح و النجاح :
بادئ ذي بدء: ما الفلاح؟ قد يقول أحدكم: إنه النجاح، لا، فرقٌ كبير بين الفلاح وبين النجاح، الفلاح هو الفوز بالآخرة، الفلاح هو الفوز برضا الله عز وجل، الفلاح هو أن يحقق الإنسان في الدنيا سرّ وجوده، الفلاح أن يكون قريباً من الله، الفلاح أي يحمل نفسه على طاعة الله، الفلاح أن يتقرب إلى الله بالعمل الصالح، فالفلاح نجاح مع الله، والفلاح نجاحٌ في الفوز في الآخرة، هذا هو الفلاح.
أما قد ينجح إنسان بكتابة سيناريو فيلم فهذا ليس فلاحاً هذا نجاح، قد ينجح الإنسان في عمل لا يرضي الله، قد ينجح الإنسان في عمل يسبب دماراً للبشرية، ربح حرباً لكن دمر أمماً، فلذلك الفرق كبير بين الفلاح والنجاح، النجاح في الدنيا، وفي موضوعات شتى، وقد تكون هذه الموضوعات ليست خيرة.
الهدف الأول لكل مؤمن أن يزكي نفسه لأن تزكية النفس ثمن دخول الجنة :
على كلٍ كلمة الفلاح أو:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ ﴾
وردت مراتٍ ثلاثة في القرآن الكريم حصراً، الآية الأولى دقق:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾
[ سورة الأعلى ]
النجاح بالمعنى الواسع الفلاح، الفوز، التفوق، العقل، الذكاء، الذي يتزكى كلام خالق الكون، لأن تزكية نفسك ثمن دخول الجنة، لأنك خلقت لجنة عرضها السماوات والأرض، ثمن هذه الجنة أن تزكي نفسك، أي أن تحملها على طاعة الله أولاً، وأن تقبل بنفسك على الله ثانياًً عندئذٍ تطهر النفس من كل أدرانها وتتحلى بالكمال الإلهي، هذه التزكية.
أي إنسان صادق، أمين، عفيف، منصف، متواضع، يحب الخير، قلبه ممتلئ رحمة، يجري الله على يديه أعمالاً بطولية، هذا هو الفلاح
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾
لذلك ينبغي أن يكون الهدف الأول لكل مؤمن أن يزكي نفسه، لأن تزكية النفس ثمن دخول الجنة، قد حرف تحقيق:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾
[ سورة الأعلى ]
هذه الآية الأولى، والآية الثانية:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾
[ سورة الشمس ]
الهاء تعود على النفس.
﴿ وَقَدْ خَابَ ﴾
[ سورة الشمس الآية : 10 ]
خاب على العكس من أفلح.
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
[ سورة الشمس ]
دساها أبعدها عن ربها، فلما أبعدها عن ربها تعلقت بشهوات الدنيا فمارستها معتديةً على حقوق الآخرين، أيها الأخوة،
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
أما الآية الثالثة فيبدو أن الصلاة كما تعلمون عماد الدين، الصلاة من أجل الاتصال بالله، والصيام من أجل الاتصال بالله، والحج من أجل الاتصال بالله، والعمل الصالح من أجل الاتصال بالله، وإنفاق المال من أجل الاتصال بالله، يكاد يجمع حالات لا تعد ولا تحصى مؤداها الاتصال بالله.
الخشوع في الصلاة ليس من فضائلها ولكن من فرائضها :
لذلك.
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
[ سورة المؤمنون ]
من أروع ما قرأت عن هذه الآية في بعض التفاسير أن الخشوع في الصلاة ليس من فضائلها ولكن من فرائضها، لأن هذا الإله العظيم لا يعقل أن يأمرك أن تصلي في اليوم خمس مرات، تقف وأنت شارد الذهن، غافل، تركع، وتسجد، تقرأ الفاتحة وسورة، ولا تشعر بشيء، وكأنك أديت حركاتٍ وسكناتٍ وتمتماتٍ لا معنى لها، هذا الإله العظيم خالق السموات والأرض، هذا الذي يفعله المسلمون في الصلاة ليست هي الصلاة التي أرادها الله عز وجل، الصلاة اتصال بالله، والاتصال يحتاج إلى تمهيد، إلى استقامة، وإلى عمل صالح.
التجارة الرابحة هي التجارة مع الله وأكبر خسارة أن يخسر الإنسان الآخرة :
فلذلك كلمة أفلح وردت مراتٍ ثلاثة حصراً:
الأولى:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾
والثانية:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
والثالثة:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
ولعل الفلاح هو الذي يشق الأرض، ويزرع بذرة، كمعلومات لطيفة بذار بعض الخضروات يعطي مليون ضعف، الآن البيت البلاستيكي الذي مساحته خمسمئة متر يحتاج إلى خمسة غرامات من البذور، هذا البيت يعطي خمسة طن أي مليون ضعف، في بلادنا يعطي خمسة طن، في هولندا يعطي خمسة وعشرين طناً، أي البذرة تقدم خمسة ملايين ضعف، هذا هو الفلاح، تزرع بذرة تعطيك خمسة ملايين ضعف من وزنها من هذه الثمرة اليانعة التي يحتاجها الناس دائماً، فكأن الفلاح هو الذي يقدم قليلاً ويأخذ كثيراً، وكأن الله سبحانه وتعالى يريد أن نربح عليه، يريد أن نتاجر معه.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾
[ سورة الصف الآية : 10-11 ]
أكبر تجارة مع الله، الإنسان أحياناً يضع لقمة في فم زوجته يراها يوم القيامة كجبل أُحد، والله لا أبالغ لو عرفنا ماذا ينتظر المؤمن من عطاء، من تكريم، من نعيم مقيم، لأنه في السنوات المعدودة استقام على أمر الله، وأدى العبادات، وعمل الصالحات، فاستحق جنة ربه إلى أبد الآبدين، لذلك.
﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾
[ سورة الزمر ]
أكبر خسارة أن تخسر الآخرة.
الله عز وجل إذا أعطى أدهش :
أيها الأخوة، إذاً الفلاح يشق الأرض، ويزرع البذار، وتأتيه الأضعاف المضاعفة من هذه البذار، وكأن الفلاح سمّي فلاحاً لأنه أفلح في أخذ الكثير من الشيء القليل، طبعاً يؤكد هذا المعنى ربنا جلّ جلاله حينما يقول:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة البقرة ]
أنا مرة كنت في غوطة دمشق، رأيت في حقل قمح مجموعة سنابل كثيرة جداً، والله قلعتها فإذا هي خمس وثلاثون سنبلة، أخذت واحدة وعددت حبات القمح فيها فكان العدد خمسين، ضربت خمس وثلاثين بخمسين خرج من حبة واحدة ألف وسبعمئة حبة من حبة واحدة.
أخواننا الكرام، الله إذا أعطى أدهش، في بعض الأماكن في أمريكا نهر الأمازون، غزارته بالثانية الواحدة ثلاثمئة ألف متر مكعب، في البرازيل هناك شلالات كثافتها مليون وأربعمئة ألف متر مكعب بالثانية، كنت في كندا في مدينة اسمها مونتريال حولها مليون بحيرة، أكبر تجمع مائي في العالم، الله إذا أعطى أدهش.
مرة في البرازيل لي درس عقب المغرب، هناك أخوة كرام وعدوني أن يأتوا إلى المسجد فلم يحضروا، سألت عنهم؟ قال: الأمطار نزلت، مئة وخمسون ميلمتر بساعتين، أمطار دمشق على مدى العام بساعتين، فارتفع الماء في الطرقات متراً ونصف، تعطل السير وشقت المدينة نصفين، الله إذا أعطى أدهش.
تقنين الله تقنين تأديب لا تقنين عجز :
أولاً: لا يمكن أن يكون تقنين الله عز وجل إن صحّ التعبير تقنين عجز، تقنين الله تقنين تأديب فقط.
﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾
[ سورة الجن الآية : 16-17 ]
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾
[ سورة الأعراف الآية : 96 ]
نحن في الجديدة هناك واد سحيق، في قعر الوادي يمشي نهر بردى، وهناك واد أعمق منه بكثير، وقد وضع عمود وفوقه لوحة مكتوب عليها مستوى الماء عام ستة وثلاثين، هذا الوادي السحيق ممتلئ ماء، وفوق هذا الوادي ارتفاع مستوى الماء يقدر بستة أمتار سابقاً، أنا أذكر قبل بضع عقود من الزمن إن كل سنة يغرق أشخاص كُثر في نهر بردى، الآن لا أحد يغرق فيه، لأن الماء قليل جداً،
﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾
[ سورة المائدة الآية : 66 ]
هذا التقنين تقنين تأديب.
الفلاح لا أن نستهلك الوقت بل أن نستثمره :
أيها الأخوة، الفلاح ألا تستهلك الوقت بل أن تستثمره، أنت وقت، أنت بضعة أيام كلما انقضى يومٌ انقضى بضعٌ منك، هذا الوقت إما أن ينفق استهلاكاً أو أن ينفق استثماراً، ينفق استهلاكاً كمعظم الناس يأكلون ويشربون ويتمتعون ثم يفاجؤون بالأجل، استهلكوا وقتهم استهلاكاً بلا عمل له أثر مستقبلي، للتقريب: إنسان جلس بحوض وملأه ماء فاتر، استمتع، هذا العمل هل له أثر مستقبلي؟ هل يمكن أن يكون بعد الاستمتاع تاجر كبير أو دكتور؟ هذا عمل آني، استمتاع ليس له أثر مستقبلي.
فلذلك الفلاح لا أن تستهلك الوقت بل أن تستثمره، لذلك المؤمن ينفق وقته استثماراً، بمعنى أنه يفعل في الوقت الذي سينقضي عملاً يرى نتائجه بعد انقضاء الوقت، بينما غير المؤمن يستهلك وقته استهلاكاً، تماماً كتاجر ينفق من رأسماله بعد حين يعلن إفلاسه، وتاجر آخر ينفق نفقاتٍ كبيرة من ريع ماله.
لذلك الإنسان وقت، وأثمن شيء يملكه هو الوقت، بل رأسماله الوحيد هو الوقت، هذا الوقت إما أن ينفق استهلاكاً أو أن ينفق استثماراً، لذلك قال تعالى:
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
[ سورة العصر ]
الله أقسم بمطلق الزمن لهذا المخلوق الأول الذي هو في الحقيقة زمن، جاء جواب القسم:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
النقلة من بيت إلى قبر، من منصب رفيع إلى قبر، من صحة جيدة إلى قبر، من زوجة وأولاد إلى قبر، من دخل كبير إلى قبر، نقلة مخيفة، نقلة من كل شيء مبدئياً إلى لا شيء، فكيف إذا كان بعد هذا القبر عذابٌ لا ينتهي؟
فلذلك الفلاح ألا تستهلك الوقت بل أن تستثمره، وألا تستهلك المال بل أن تستثمره بالعمل الصالح، وألا تستهلك نعمة الأمن بل تستثمرها في معرفة الله، وألا تستهلك نعمة الصحة بل تستثمرها في طاعة الله ، الفرق الواضح الصارخ بين المؤمن وغير المؤمن غير المؤمن يستهلك بينما المؤمن يستثمر.
الآية التالية متعلقة بالخشوع :
أيها الأخوة، آيةٌ ثانية متعلقة بالخشوع قال تعالى:
﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾
[ سورة الحديد ]
إلــى متى وأنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
تــعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لــعمري في المقال بديع
لـــو كان حبك صادقاً لأطعته إن الــمحب لمن يحبه مطيع
* * *
فيا خجلي منه إذا هـــو قال أيا عبدنــا ما قرأت كتابنـــا
أما تستحي منا ويكفيك ما جرى أما تختشي من عتبنا يوم جمعنـا
أما آن أن تقلع عن الذنب راجعاً وتنظر ما به جـاء وعدنــــا
وجدناك مضطراً يا فتى فقلنا لك ادعُنا نجـبكا فهل أنت حقاً دعوتنا؟
دعوناك للإحسان أعرضت نائياً فهل تلقى من يحسن لمثلك مثلنـا؟
* * *
فالإنسان إلى متى هو غافل؟ إلى متى هو غارق بهمومه وشهواته وميوله وطموحاته في الدنيا؟ أما آن له أن يصحو، والله الذي لا إله إلا هو الإنسان حينما يصحو ويصطلح مع الله عز وجل يشعر أن جبالاً على كاهله أُزيحت عنه.
لن يكون الإنسان مؤمناً صادق الإيمان إلا إذا ذاق في الدنيا طعم الجنة :
حياة المؤمن الذي اصطلح مع الله، والذي استقام على أمر الله من الصعب أن نعرف أبعادها، قال أحدهم: ماذا يفعل أعدائي بي؟ بستاني في صدري، إن أبعدوني فإبعادي سياحة، وإن حبسوني فحبسي خلوة، وإن قتلوني فقتلي شهادة، فماذا يفعل أعدائي بي؟ قال: في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، والدليل في قوله تعالى:
﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾
[ سورة محمد ]
لن تكون مؤمناً صادق الإيمان إلا إذا ذقت في الدنيا طعم الجنة، هذه حنة القرب.
فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لما وليت عنا لـــغيرنا
ولـو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العُجب وجئتنـا
ولـو ذقت من طعم المحبة ذرةً عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـا
ولـو نسمت من قربنا لك نسمةٌ لمت غريباً واشتياقا لقربنـــا
* * *
هذا كله من خلال الخشوع،
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
الإنسان أحياناً يشعر أن قلبه ميت، أحياناً القلب يكبر ويكبر ويكبر ولا نرى كبَرَه فيتضاءل أمامه كل كبير، ويصغر ويصغر ويصغر ولا نرى صغره فيتعاظم عليه كل حقير، هذا القلب كما قال الله عز وجل:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
[ سورة الشعراء ]
العبادات في الإسلام ليست طقوساً هي عبادات معللة بمصالح الخلق :
أيها الأخوة: الآن هناك موضوع دقيق جداً، هناك مصطلح اسمه الطقوس، الطقوس هذه الكلمة تستخدم لأعمالٍ، وحركاتٍ، وسكناتٍ، وتمتماتٍ، يرددها أصحاب الديانات الأرضية، الديانات الأرضية التي من أصل أرضي بشري، من اختراع البشر، هذه الديانات لها طقوس، لكن يجب أن نؤمن إيماناً دقيقاً أن العبادات ليست طقوساً، ليس موضوع حركات، وسكنات، وتمتمات، مثلاً قال الإمام الشافعي: العبادات معللةٌ بمصالح الخلق، الدليل القرآني:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾
[ سورة التوبة الآية : 103 ]
تطهر الغني من الشح، والفقير من الحقد، تزكي الفقير فيشعر بقيمته في المجتمع، تزكي الغني فيشعر بإحسانه، تطهر المال من تعلق حق الغير به، تزكي المال فينمو، فالزكاة معللة بمصالح الخلق.
علة خلق السماوات والأرض أن نعرف الله عز وجل :
لذلك قال بعض العلماء: الشريعة مصلحةٌ كلها، عدلٌ كلها، رحمةٌ كلها، وأية قضيةٌ خرجت من العدل إلى الجور، من المصلحة إلى المفسدة، من الحكمة إلى خلافها، فليست من الشريعة ولو أُدخلت عليها بألف تأويلٍ وتأويل، فالزكاة معللة بمصلحة الخلق.
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾
[ سورة العنكبوت الآية : 45 ]
أي أكبر ما فيها ذكر الله، أو ذكر الله لك وأنت في الصلاة أكبر من ذكرك له، إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية، لكنه إذا ذكرك منحك نعمة الأمن، منحك نعمة الحكمة، منحك نعمة الرضا، منحك نعمة السعادة، منحك عطايا لا تعد ولا تحصى من خلال الصلاة.
الصيام:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
[ سورة البقرة ]
فعلة الصيام أن تصل إلى مرتبة التقوى.
الحج الآية الدقيقة في موضوع الحج:
﴿ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ﴾
[ سورة المائدة الآية : 97 ]
أي:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ ﴾
[ سورة الطلاق الآية : 12 ]
دققوا الآن:
﴿ لِتَعْلَمُوا ﴾
[ سورة الطلاق الآية : 12 ]
هذه لام التعليل، علة خلق السماوات والأرض أن نعرف الله.
من أيقن أن علم الله يطوله و قدرته تطوله لا يمكن أن يعصيه :
﴿ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾
[ سورة الطلاق ]
اختار الله من أسمائه اسمين؛ العلم والقدرة، معنى العلم ومعنى القدرة، أي علم الله يطولك وقدرته تطولك، فإذا أيقنت أن علمه يطولك وأن قدرته تطولك لا يمكن أن تعصيه.
أنت كتاجر لا يمكن أن تغفل صفقة استوردتها في حسابات تقدمها للمالية، لماذا؟ لأن هناك نسخة من هذه الصفقة تذهب إلى المالية، فإن أغفلت هذه الصفقة أُهدرت حساباتك، لأنه توقن أن علم هذه الوزارة يطولك وأن قدرتها تطولك بإهدار حساباتك، أنت دقق مع أشخاص من بني البشر لأن علمهم يطولك ولأن قدرتهم تطولك لا يمكن أن تعصيهم فكيف بالواحد الديان؟.
الخشوع من أدق الموضوعات في الوصول إلى الله تعالى :
أيها الأخوة، الخشوع حينما تعرف حكمة العبادات، حكمة الصلاة، وحكمة الصيام، وحكمة الحج، وحكمة الزكاة، حينما تؤمن أن العبادات في الإسلام ليست طقوساً هي عبادات معللة بمصالح الخلق، وهذا من فضل الله علينا.
أيها الأخوة، موضوع الخشوع من أدق الموضوعات التي تعد ذات أهميةٍ بالغة في الوصول إلى الله، أنت حينما تصلي بخشوع وصلت إلى الله.
لذلك الصلاة هي كبيرة أي صعبة إلا على الخاشعين.
﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾
[ سورة البقرة الآية : 45 ]
الخاشع يسعد بالصلاة وغير الخاشع يراها عبئاً، النبي كان يقول:
(( أقم الصلاةَ يا بلالُ ، أرِحْنا بها ))
[أخرجه أبو داود عن رجل من خزاعة ]
ولسان حال المسلم المقصر أرحنا منها.

همسات ايمانية
2015-04-05, 18:19
التوكل على الله
والدين مبناه على التوكل:

قال سعيد بن جبير رحمه الله: "التوكل على الله نصف الإيمان".

والتوكل عمل قلبي ليس من أعمال الجوارح قال الإمام أحمد رحمه الله: "التوكل عمل القلب".

وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين بالتوكل فقال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ . الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ . وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء:217-219]، وقال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق من الآية:3].

وقد ورد في السنة الأمر بالتوكل وعظم منزلته، فقال صلى الله عليه وسلم: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكُّلِه لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خِماصاً وتروح بِطاناً» (رواه أحمد).

والتوكل على الله معناه في الأصل أن يفوض العبد أمره لله ويسلم حاله له وأن يعتمد على ربه في قضاءِ حاجته ويثق به. قال ابن عباس رضي الله عنهما: "التوكل هو الثقة بالله، وصدق التوكل أن تثق في الله وفيما عند الله، فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك".

وقال الإمام أحمد رحمه الله: "وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه والثقة به".

وقال ابن رجب رحمه الله: "هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها".

ومن مقتضى التوكل وشرط صحته العمل بالأسباب النافعة المأذون بها شرعاً؛ لأن الشارع الحكيم ربط بين التوكل والعمل بالأسباب، فلا يُجزئ التوكل، ولا ينفع العبد إلا بالأخذ بالأسباب، ولا تنافي مطلقاً بين التوكل والعمل بالأسباب.

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك:15]، وقال تعالى: {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْركُمْ} [النساء من الآية:71].

فحقيقة التوكل في المفهوم الشرعي إذن؛ اعتماد القلب على الله مع تعاطي الأسباب بالجوارح فهذان هما رُكنا التوكل لا يصح التوكل إلا بهما.

أما الاعتماد على الله والإعراض عن الأسباب فقدح في الشرع ونقص في العقل وأما الاقتصار فقط على العمل بالأسباب دون الاعتماد على الله فشرك في الأسباب.

قال ابن القيم رحمه الله: "فإن تركَها عجزاً ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصولِ ما ينفع العبد في دينه ودنياه ودفع ما يضرّه في دينه ودنياه ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً".

والناس في باب التوكل على ثلاثة أصناف:

1- صِنفٌ اعتمد بقلبه على الله، وأقبل عليه، وترك العمل بالأسباب، ولم يبذل جهداً في تحصيل المراد فهذا مسلك مذموم، وهو التواكل ليس بالتوكل، وهو طريقة الصوفية وقد ذمَّه السلف، وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقي ناساً من اليمن فقال: ما أنتم؟ فقالوا: متوكلون. فقال: "كذبتم أنتم متكلون إنما المتوكل رجل ألقى حَبَّه في الأرض وتوكل على الله عز وجل".


2- صِنفٌ تعاطي الأسباب وبالغ فيها، ولم يعتمد على الله، وفوَّض أمره إليه، فهذا مسلك مذموم مخالِف للشرع، لأنه جعل الأسباب الحقيقية مؤثرة ومستقلة من جلب الخير ودفع الشر وتناسى خالق الأسباب ومسببها وهذا مسلك أرباب الدنيا وأهل الغفلة والشهوات.

3- صِنفٌ جمع في هذا الباب الاعتماد على الله وتعاطي الأسباب التي أذِنَ الله بها وجعلها نافعة وهذا هو مسلك أهل التوحيد والسنة وهو الموافق للشرع وصريح العقل ومقتضى الفطرة السليمة لأن المؤثر حقيقة والمستقل بالنفع والضر هو الله ومن سنة الله أن جعل لكل شيء سبباً موصِّلاً إليه فكان تمام الدين وكمال العقل العمل بهما جميعاً.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفوِّض أمره لله ويُجرِّد اعتماده لمولاه ومع ذلك يتعاطى الأسباب ولا يتحرَّج من ذلك فقد كان يأكل ويشرب ويتزوج ويتكسب ويلبس البيضة والدرع وغيره من آلات الحرب يتقي بها بأس الكفار مع أنه سيد المتوكلين.

وهذا يدل على أن تعاطي الأسباب النافعة مع الاعتماد على الله من السنة.

ومن ظن أن العمل بالأسباب مخالف للشرع ونقصان للتوكل فقد خالف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك كان الأنبياء صلوات الله عليهم يباشرون الأسباب ويتكسبون ولا يتكلون، ففي صحيح البخاري: «كان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده»، وفي صحيح مسلم: «كان زكريا عليه السلام نجَّاراً».

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في جملة من الأحاديث باستعمال الأسباب وبذل الجهد في تحصيل الكسب والمنافع وعدم الركون إلى الكسل والعجز اعتماداً على رحمة الله ونفع الآخرين.


فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم على ناقةٍ له فقال يا رسول الله أدعها وأتوكل. فقال صلى الله عليه وسلم: «اعقلها وتوكل» (رواه الترمذي).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، فإن أصابك شيء، فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان» (رواه مسلم).

وقال صلى الله عليه وسلم: «لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمةٍ من حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجههُ خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه» (رواه البخاري).

إن حسن التوكل مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بحياة المسلم، فلا جلب للنفع، ولا دفع للضر، ولا قضاء للحاجات إلا عن طريق حُسن التوكل.

وحُسن التوكل له أثرٌ عظيمٌ في سعادة المرء وتحقق مطالبه وحصول الرضا والاطمئنان في قلبه ووقايته من الشرور والفتن؛ قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر من الآية:36].

وفي سنن الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله، وتوكلتُ على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله»؛ قال: «يُقال حينئذٍ هُديتَ وكُفيتَ ووُقيتَ فتتنحى له الشياطين، فيقول له شيطان آخر كيف لك برجلٍ قد هُدي وكُفي ووُقي».

إن بعض المسلمين هداهم الله مُقصِّرٌ في حُسن توكله بالله غافل قلبه عن هذا الأصل العظيم، ذاهلٌ عقله عن خطره وعظيم فائدته.

فكثير من المسلمين اليوم تناسوا في سلوكهم العملي وحياتهم المعيشية التوكل على الله واعتمدوا على الوظائف الراتبة والأجور الثابتة.

أما المؤمن الحق فعظيم التوكل على الرزاق؛ لعظم يقينه بقدرة الله وعلمه ورحمته ولطفه وسعة رزقه، فالتوكل تابع لليقين كلما زاد اليقين في قلب المؤمن زاد توكله على الرحمن وإذا نقص اليقين نقص التوكل.

فالانحراف اليوم في باب التوكل من جهة غلو الناس في الأسباب، واعتمادهم عليها، وانصراف قلوبهم بالكلية إليها، والتفات القلب عن المسبب والخالق حتى صار الإنسان يعتقد الشفاء حتماً بالطبيب الحاذق، وحصول الرزق بالوظيفة، وحصول الأمن بإجراءات السلامة، وحماية الممتلكات بالتأمين، وهذا من تأثير الإنصباغ بالحياة المادية، ومظاهر المدنية، والله المستعان، أما مسلك ترك الأسباب بالكلية والتواكل فقد اندثر بالجملة ولم يبقَ إلا نزرٌ يسير في الأمة.

إن التوكل مشروع في سائر الأحوال ولكنه يتأكد في أحوال:


1- في طلب الرزق، قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق من الآية:2-3].

2- عند لقاء العدو، قال تعالى: {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران:160].

3- عند كيد الكفار، قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [ال عمران:173].

4- عند نزول البلاء، قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:156-157].

5- عند المرض، قال تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء:80].

6- عند طلب الزواج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة حق على الله عونهم: المكاتب يريد الأداء، والمتزوج يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله» (رواه أهل السنن إلا النسائي)

7- عند الدعوة إلى الله، قال تعالى: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة:129].

وثمة أمور تعين على التوكل وتقوية في قلب العبد:

1- العلم والتعرُّف على أسماء الله وصفاته وربوبيته وأفعاله.

2- التفكُّر والتأمُّل في كمال علم الله وكمال قدرته وإحاطته بكل شيء.

3- أن يُوقِن العبد ويتفكّر في أن الله وحده هو المتفرِّد بتدبير شؤون الخلق وتصريف أحوالهم.

4- أن يتأمَّل في فضل التوكل وعظيم أثره في تحقق المطالب.

5- أن يعتقد أن الأسباب مهما عظمت وكانت نافعة فإنها لا تنفع ولا تضرّ استقلالاً لأنها مخلوقة ليس بيدها شيء.

6- أن يُحسِن الظن بربه ويُعظِّم الرجاء به.

وثمة أمور تنافي التوكل أو تضعفه في قلب المؤمن:

1- الجهل بأسماء الله وصفاته وقدرته وعِلمه.

2- الاغترار بما أوتي العبد من مالٍ ومنصبٍ وجاهٍ وعلم؛ فيتكل قلبه على هذه الأمور ويُحرَم التوكل.

3- الفتنه بالدنيا والجري وراء الأسباب المادية والمبالغة فيها واعتقاد أنها تحقق المطلوب مطلقاً.

4- الركون إلى الخلق والاعتماد عليهم في قضاء الحاجات.

5- ضعف وازع الإيمان والإعراض عن طاعة الرحمن.

6- الإسراف على النفس بالذنوب والإغراق بالشهوات المحرَّمة.

وإذا اعتمد العبد بكُليَّتِه على الله وأحسن التوكل عليه وبذل وسعه في تعاطي السبب تحقق مطلبه بإذن الله، ولو كان مُقصِّراً في العمل، أو مُتعاطياً سبباً ضعيفاً لا يؤثر أثراً كبيراً في العادة، وكثيراً من فتوحات أهل الإيمان وأحوال الأولياء وقِصصهم العجيبة تشهد لهذا الأصل.


ومن ذلك أيضاً ما ورد في الصحيح في قصة المقترض من بني إسرائيل الذي جعل الله شهيداً في قرضِه فلما حضر الأجل لم يجد مركباً، فوضع المال في خشبة، وألقاه في البحر، وقال: "اللهم إنك تعلم أني كنتُ تسلفتُ من فلان ألف دينار، فسألني كفيلاً، فقلت: كفى بالله كفيلاً فرضي بك، وسألني شهيداً فقلت: كفى بالله شهيداً، فرضي بذلك، وإني جهدت أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلم أقدر، وإني استودعكها"، فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم وصلت الخشبة إلى المقرِض بإذن الله، لعظم ثقته بالله وحسن توكله..

والمتأمِّل اليوم في حياتنا الاقتصادية، وإعلامنا ومؤسساتنا؛ يجد غياب مفهوم التوكل، أو ضعفه في بعض الأحوال عند خطابنا وتوجيهاتنا في حياتنا المعيشية، وهذا يؤذن بشر ويفوت علينا خيراً كثيراً، بينما كان التوكل شاهداً وحاضراً في حياة الصحابة رضوان الله عليهم.

وفي المسند لأحمد: "أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد: ناولني إياه، ويقول: إن خليلي أمرني ألا أسأل الناس شيئاً".

إن حُسن توكل العبد على المولى يُورِثه كمال الإيمان، ويجعله غنياً بالله مُتعفِفاً عن كسب الحرام وسؤال الخلق لا ينظر إلى ما في أيدي الناس، ولا تتطلّع نفسه إلى المكاسب الدنيئة والشبهات، كما جاء في الخبر: «وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ...» (متفق عليه).

ولما تصدَّق أبو بكر رضي الله عنه بكل ماله قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «ماذا تركتَ لهم؟» قال: "تركتُ لهم الله ورسوله".

إن المتوكل على الله حق التوكل مطمأنُ البال، ومنشرح الصدر، واثقاً بالله لا يحزن من واقع حاله، ولا يخشى من المستقبل، مُفوِّضاً أمره لله، إن دُعِيَ لطاعة أجاب يتصدَّق من ماله ولو باليسير ويشارك بالخير ويوقن بأن الله سيَخلف عليه خيراً، ويُحسِن له العاقبة. خِلافاً لأهل الدنيا الذين جمعوا الأموال تتناوشهم المخاوف ويخوفهم الشيطان الفقر ويقذف في قلوبهم الوهن والخوف من المستقبل فيبخلون بمال الله ويَحرِمون أنفسهم من الخير: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد من الآية:38].

والمتوكل على الله شجاع قوي بالله إن سُئِلَ عن علم صدع بالحق، ولم يخشَ إلا الله، وفوض أمره لله، وأيقن أنه لن يصيبه ضر إلا بأمر كتبه الله عليه، فلا يخاف الشيطان وأوليائه متأسِّياً بتوكل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كاده الكفار، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين أُلقِيَ في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران من الآية:173]" (رواه البخارى).

والمتوكلون حقاً في الدنيا هم من السبعين ألفاً في الآخرة الذين يدخلون الجنة بغير حساب وعذاب كما ورد في الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يدخل الجنة من أُمَّتِي سبعون ألفاً بغير حساب هم الذين لا يَسترقون ولا يَكتوون ولا يَتطيَّرون وعلى ربِّهم يَتوكلون».

فينبغي على المؤمن أن يُحسِنَ التوكل بالله في حِلِّه وترحاله، في خوفه وأمنه، في فقرهِ وغناه، في صحتهِ وسقمه، في خلوتهِ وجلوته، في طاعتهِ وعبادته ونُسكهِ وجهاده، وأن يكون حَسَنَ الظن بالله، مستوثقاً بالله، يائساً بما في أيدي الخلق، بل ثقته بالله أعظم بما في يده من الأسباب مُوقِناً تمام اليقين أن ما كُتِبَ له من أَجَلٍ ورزقٍ وسعادةٍ وشقاوةٍ وسرورٍ وغمٍ ويُسرٍ وضُر؛ واقعٌ عليه لا محالة.


خالد بن سعود البليهد

همسات ايمانية
2015-06-09, 22:20
السلام عليكم ورحمة الله

يتبع باذن الله

همسات ايمانية
2015-07-31, 10:10
السلام عليكم ورحمة الله