me-naamen
2009-09-01, 04:42
لمقـدمـة :
إنّ ظاهـرة الشركات متعدّدة الجنسيـات أصبـحت من المواضيـع الهامـة، حيث أنـّه و منذ عدّة سنـوات وهذه الشركات ينظـر إليهـا بحذر شديـد و لاسيمـا من قبـل الدول الناميـة التي كانت تتهمهـا بأنهـا تستغّل ثرواتهـا الطبيعيـة، و أنهـا تتدخل في شؤونهـا الداخليـة و أنهـا تضـر بيئتهـا، مما جعلهـا تنظـر إليهـا على أنهـا شـركات شريرة، هذا لا يعنـي أن هذه الظاهـرة تعتبـر خاصـة فقط بالدول الغربيـة لأننا نلاحظ على المستوى الدولي أنّ العديد من دول آسيـا و كذا بلدان أمريكا اللاتينية قد أسسّت استراتيجيتها التنموية على فتح و تدويل اقتصادياتهـا، وذلك عـن طريق هذه الشركـات. وبسبب تزايـد نشاطات هذه الشركات وكبـر حجمهـا يوما بعد يوم وتعديها للحدود الإقليميـة للدولـة الواحـدة أصبحـت مسألـة تنظيـم هذه الظاهـرة أمـر ا ملّحا .
ولكـن قبـل التعرّض إلى التنظيـم الدولي لهذه الشركـات فإنـه من المهم أن نعرف أولا هذه الشركات.
لقـد أثار موضـوع تعريف الشركات متعدّدة الجنسيـات إشكالا كبيـرا فلقـد اختلـف المختصـون في تعريفهـا كإختلافهم في التسميـات التي أطلقت عليهـا من شركات غير وطنيـة ، شركات عبر قومية ، شركات عالميـة، شركات متعدّدة الجنسيات، كما ورد استعمال شركة، منظمـة، مؤسسة، مشروع و هذا الإختلاف يـدّل على عدم وجود اتفاق حول طبيعـة هذه الكيانات الإقتصادية و القانونيـة و كذا حول المعاييـر التي اعتمـد عليها كل تعريـف .
1- المفهـوم الإقتصـادي :
إن رجل القانـون عندما يتصـدى للدراسات الإقتصادية الخاصـة بالشركات متعدّدة الجنسيات فإنمـا يفعـل ذلك من أجـل الوصـول إلى هدف مزدوج يتمثـل في حصـر الظـاهـرة الإقتصادية في المسائـل التي تثيـر إشكالا و استخراج مـن هذه الدراسات بعض الوسائـل التي يمكـن استعمالها في بنائهـا القانـوني، ولقـد وردت تعاريف اقتصادية كثيـرة خاصة بالشركات متعدّدة الجنسيـات حاولنـا التعرض إلى عدد منهـا حسب كل معيـار اعتمـدت عليـه.
فنجـد أنّ هناك من عرّف الشركات بناء على معيار كمي و ذلك بالتـركيز على حجم الشركـة أو على أهمية النشاطات الدوليـة التي تمارسها الشركات أو عليهما معا.
فالإقتصـادى الكندي ماتيو.ر MATHEW R A يعتبـر الشركات متعدّدة الجنسيات تلك التي تقوم بعمليات كبيرة و متشعبة جدا في البلدان الأخرى و تمتلك هناك طاقات إنتاجية و تمارس نشاطها في ستـة (6) بلـدان على الأقل. (1)
وفقا لهذا المعيار أي حجم الشركة فإنه لا تعتبـر شركة متعدّدة الجنسيات إلاّ الشركات الكبرى التي لها نشاطاتها في الخارج ، ولقـد تكونت هذه الصورة في أغلب الذهنيات من خلال بعض الإحصائيات التي تقوم بمقارنة أرقـام أعمال الشركات الكبرى مع الناتج الوطني لبعض الدول الصغيـرة أو المتوسطة فنجد على سبيـل المثال بالإعتماد على إحصائيات NUCEDلسنـة 1995 أنـّه بالنسبـة لشركة رويال دوتس شال ROYAL DUTCH SCHELL قد بلغ عدد أصولها في الخارج فقط 69,4 مليار دولار و 95,2 مليار دولار بالنسبـة للمبيعات في الخارج أيضا. (2)
أما الأستاذ فرنون VERNON و من خلال دراسة قام بها حول شركة فورد فإنـّه يعتبـر حجم الشركة شرط أساسي و ضروري و لكن غيـر كافي لوصف شركة ما بأنها شركة متعدّدة الجنسيات .
و من المعروف أنّ الشركات م. ج (3) هي شركات ذات نشاطات دوليـة و هذه النشاطات الدوليـة تتحقق من خلال الإستثمارات المنفذة في الخارج أي خارج البلد الأصلـي للشـركة لذلك فهناك من يعتبـر أن المعيار يميـز الشركات متعدّدة الجنسيات يعتمـد على عدد الشركات الفرعية في الخارج المرتبطة بالشركة الأم و بأهميـة العمليات المنجزة من قبل هذه الشركات الفرعيـة.
فيما يخص عـدد الشركات الفرعيـة في الخارج فانّ عـددا من المؤلفيـن يعتبرون أنّه يكفـي أن تقوم شـركة بعمليـات انتاجيـة أو تسويقيـة في أكثـر مـن بـلد حتى تعتبـر شـركة متعدّدة الجنسيات مثل الأستـاذ G.Dunning وكذا الأستاذيـن REMMERS و BROOKE (4) ، أما الأستاد فـرنون (5)
(1) أ.أميـرونوف : الطروحات الخاصـة بتطوير الشركات متعدّدة الجنسيات
تـرجمة د على تقي عبـد الحسيـن 1986
(2) مصـدر الإحصائيـات :
CNUCED / Division des sociétés transnationales et de l'investissement : World investisement
Report 1995 : Transnationals corporations and competitiveness.
(3) ش م ح : شركات متعددة الجنسيات.
(4) BROOKE et REMMERS : la strategie de l'entreprise multinationale : Paris Sirey 1973-P-20. (5) R.VERNON : Les entreprises multinationales : Paris calmann Levey :
1973 P-20-27 يصـرح فرنون خلال عمليـة الإنتقـاء لـ 187 شـركة و بخصوصها ذلك بالإعتمـاد على قائمـة FORTUNE لـ 500 شـركة أمريكيـة الأكثـر كبـرا.
" Elles représentent un groupe d'entreprises ayant des dmension exceptionnelles faisant des profits élevés et engagées dans des activités impliquant une utilisation assez large de main- d'œuvre qualifiée et exigeant d'importantes dépenses publicitaire : en bref, un groupe d'entreprises jouissant des caractéristiques attribuées à l'oligopole"
فإنـّه يعتبـر شـركة متعدّدة الجنسيـات هي الشركـة الأم التي تراقب مجموعـة مـن الشركـات ذات جنسيات مختلفـة و أن توجـد في بلدي أجنبي واحدا أو إثنـان، أما فيمـا يخص ّأهميـة النشـاطات الدوليـة المنجزة من طرف الشركـة في هـذه الحالـة تقوم بمقارنة نشاطات الشركـات الفرعيـة سـواء في البلد الأصلي أو البلدان الأجنبيـة المقيمـة فيهـا.
إنّ هذه المعاييـر التي اعتمـد عليهـا في تعريف الشركـات مـن خلال التركيـز على اهميـة النشاطـات و حجـم الشركـات وإنّ كانت تكشـف عـن بعض مميـزات الشركـات متعددّة الجنسيـات إلاّ أنهـا لا تنفـذ إلى جوهرهـا. ولا تصلـح أن تكـون معاييـر يرضى عنهـا التفكيـر القانـوني.
2- التعاريف المقترحة من المنظمات الدوليـة :
إنّ معظـم مدونات السلوك المتخصصـة في مسائـل معينـة لم تكن تفرق من ناحيـة النظام بيـن الشركات متعدّدة الجنسيـات و الشركات الأخرى و هي تستغني عن كل تعريف، فيما يخص قـواعد السلوك لممارسات التجارية التقييـدية الموضوعة من قبـل CNUCED فإنها تستعمـل دائمـا عبـارةالشركة و تقصـد بها الشركات متعدّدة الجنسيـات دون التطرق لتعريفها.
في حيـن أنّ المبادئ التوجيهيـة الصـادرة عن منظمـة التجارة و التنميـة الإقتصـادية OCDE فإنهـا لم تعرف الشركـات السابقـة الذكـر تعريفا قانونيا دقيقـا وإنمـا هـي ترى أنّ التعريف غيـر مطلوب لأغـراض المدونـة. حيث تحتـوي الفقـرة 8 مـن المقدمـة على تعريـف يخضـع لمعاييـر إقتصـادية كما يلي : " إنّ الشركات متعدّدة الجنسيـات تتضمـن في العادة شركات و كيانات ذات رأسمال خاص أو عام أو مختلط تم تأسيسهـا في بلـدان مختلفـة و مرتبطـة ببعضهـا البعض ، بحيث تستطيـع الشركـة الأم أن تباشـر تأتيـرا قويا على نشاطـات الآخرين و لا سيمـا المشاركـة في المعرفة و الموارد مع الآخرين . و تتنوع درجة الإستقلال الذاتـي لكل كيان في علاقتـه بالآخرين تنوعا كبيـرا من شركـة متعدّدة الجنسيـات إلى أخرى و يعتمـد على طبيعـة العلاقات بيـن الكيانات و مجال نشاط المعني، كما أضافت أن تعبيـر " مشروع" المستعمـل في هذه المبادئ التوجيهيـة يشيـر إلى مختلـف الكيانات و فقا لمسؤوليتهـا.(1)
(1) ونصت على هذا التعريف الفقرة الثامنـة (8) مـن المقدمة الخاصـة بالمبادئ التوجهيـة الصادرة عـن OCDE .
إنّ لـجنة الشركات عبـر الوطنيـة التي وضعت مدونـة السلوك الخاصـة بالأمم المتحدة قـد أخذت على عاتقهـا وضع تعريف للشركات متعدّدة الجنسيـات كما يلي :
إنّ عبارة المشروع عبر الوطني المستخدمة في هذه المدونة معناها الشركـة تضـم كيانات توجد في بلدين أو أكثـر يصـرف النظـر عن الشكـل القانـوني و ميادين النشاط الذي تمارس فيـه هذه الكيانات، تعمـل طبقا لإختيـار القرارات التي تتيـح و ضع سياسات متلاحمـة واستراتجيـة مشتركة عن واحد او أكثـر من مراكز اتخاذ القرارات و هو النظـام الذي ترتبط فيـه الكيانات بعضهـا ببعض بالملكيـة أو بغيرها بصورة تجعـل في امكان واحـد منهـا أو أكثـر أن يمـارس نفوذا كبيـرا على أنشطـة الكيانات الأخـرى". (1)
إن عبارة " الشركة عبر الوطنية" المستخدمة في هذه المدونة معناها شركة سواءا كانت ذات ملكية خاصة أو عامة أو مختلطة ، تظم كيانات توجد في بلدين أو أكثر بصرف النظر عن الشكل القانوني و ميادين النشاط الذي تمارسه الكيانات ، تعمل طبقا لنظام إتخاذ القرارات و هو النظام الذي ترتبط فبه الكيانات ببعضها البعض بالملكية أو بغيرها بصورة تجعل في إمكان منها أو أكثر أن يمارس نفوذا كبيرا على أنشطة الكيانات الأخرى و أن يشارك بصفة خاصة غيره المعرفة و الموارد و المسؤوليات .
إن عبارة الكيانات في المدونة تشير إلى الكيانات الأم أي هي المصدر الرئيسي للتأثير على غيرها ، و يقصد بعبارة " الوطن " البلد الذي توجد فيه الشركات الفرعية .
و يظهر من هذا التعريف أنه واسع يتسع للمعايير الإقتصادية سابقة الذكر بغض النظر عن الشكل القانوني حتى تستبعد المشاكل و المسائل التي لم يتفق عليها من الناحية القانونية و أن صيغة التعريف تقع بين فقرتين الموضوعتين بين القوس الأول لا تضع إعتبار لنوع الملكية و الثاني يضيف ذات ملكية عامة أو خاصة . و يظهر أن التعريف المقترح في المدونة قد تردد بين الأخذ في الإعتبار و الملكية العامة أو الخاصة بالإضافة إلى الملكية المختلطة .
(1) ولقـد تـم النص عليـه في القسم الخاص بالتعاريف و التطبيق الوارد في مدونة السلوك الخاصـة بالأمم المتحدة في مجال تنظيـم نشاطات الشركات متعددة الجنسيات.
3- التعريف القانـوني :
إنّ رجال القانـون لا يهملون تلك المعاييـر السابقـة حيث أنّ المعيار الإقتصـادي هو الذي يعبـر عـن العلاقـة بيـن القوة الإقتصادية للشركـة متعدّدة الجنسيـات و مشكلـة سيادة الدولة على مواردها الطبيعيـة و التنسيـق بيـن السياسات الدوليـة تجـاه الإستثمـار الأجنبـي المباشـر ووضع قواعـد السلوك واتجاه رجال الإدارة.
فالبحث القانـوني في مجال الشركـات متعدّدة الجنسيـات يحلل و يركز النظـر على خاصـة ازدواجيـة في الشركات متعدّدة الجنسيات هي تعدد الجنسيات من جهـة و الوحدة الإقتصادية من جهة أخرى و بالتالي تعدد الشركات الفرعية التي تعمل في الدول المختلفـة. (1)
و المشكلـة تنشأ أساسا لوجود مراكز للربح CENTRE DES PROFITS في عدة دول بينما الإدارة التي تنسّق بينها لها مركز قرارات في احدى الدول و هذا الإنتشار في أكثـر من دولة و أكثـر من اختصاص.
و نجد أنّ الأستاذ حسام عيسى (2) يعرّف الشركات متعدّدة الجنسيات على أنهّا " مجموعـة من الشركات الوليـدة أو التابعـة التي تزال كل منها نشاط انتاجيا في دول مختلفة تتمتع كل منها بالجنسية المختلفة وتخضع لسيطرة شركة واحدة وهي الشركة الأم وهي التي تقوم بإدارة الشركات الوليدة كلها في إطار إسترتيجية عالمية
موحدة ".(3)
و يرى الأستاذ حسام الدين عيسى أن هذا التعريف غير مناسب للشركات الدولية التي تنشأ وفقا لأحكام القانون الدولي العام بمقتضى معاهدة دولية وهذا لا يتناسب مع الشركات متعددة الجنسيات التي تنشأ بين أشخاص القانون التجاري الخاص في دولة مختلفة ، إذ يجب أن يكون لها تنظيمها الخاص من قوانين الدول التي تنشأ منتشرة فيها.
(1) Goldman : les entreprises multinationales : RAPPORT DIFINITIF (2 commission ) INSTITUT DE DROIT INTERNATIONAL 1977 P 325
(2) د.حسام الدين عيسى الشركات متعدّدة الجنسيات ( بيروت : مؤسسة العامـة للدراسات و النشـر المعاصـر ) بدون سنة ص 61.
(3) د/ يحي عبد الرحمان رضا : الجوانب القانونية لمجموعة الشركات عبر الوطنية ، دار النهضة العربية القاهرة ، .1994
والملفت للإنتباه في الشركات متعددة الجنسيات أنها تتكون من مجموعة من الشركات أو وحدات فرعية تدور في فلك مركز الأصل و ترتبط به بعلاقات قانونية وتظل تابعة له ، وإن إكتسبت في الدول التي تقيم فيها شخصية قانونية فهي تعتبر كيانا قانونيا قائما في ذاته .فالشركات متعددة الجنسيات تتكون من شركات خاصة حتى نفرق بينها و بين الشركات ذات المساهمة الدولية .
ورغما أنّ القوانيـن الوطنيـة غيـر قادرة على استيعاب هذه الظاهـرة و تنظيمهـا إلاّ أنّ الدول قـد تعاونت مع بعضهـا في محاولة للتصّدي لهذه الظاهـرة من خلال الإتفاقيات الثنائيـة و كذا العمـل على التجمـع في تكتلات إقليميـة ، من جهـة كمحاولة لمجابهـة و التصـدي للأثـار السلبيـة لنشاطات الشركات متعدّدة الجنسيـات و جعلهـا تساهـم مساهمـة ايجابيـة في اقتصاديات هذه الدول و من جهـة أخرى العمـل على الإندماج في المجال الإقتصادي. وكذا التعاون في مجال التشريعات و التنظيمـات الخاصـة ذات الصلـة بالإقتصاد، ولقـد عرفت هذه الفترة الأخيـرة تسابـق إلى التجمع في تكتلات اقليميـة لهذا الغرض سـواء في أوربا أو في آسيـا أو أمريكا هذا على المستوى الإقليمـي. ولكـن على مستوى الدولي فإننا نتساءل ما هي الوسائـل المعتمـدة لتنظيـم نشاطات الشركات متعدّدة الجنسيات و خاصـة أنّ هذه الأخيـرة لم تصل إلى مرتبـة أشخاص القانون الدولي ؟ و هل لهذه الوسائـل أثـر على المسائـل ذات الصلـة بالشركات متعدّدة الجنسيـات ؟. الجواب يأتي عن طريق قواعـد دوليـة لحسـن السلوك أو ما يسمـى بـمدونات السلوك الدوليـة و إنّ كانت هذه القواعـد غيـر ملزمة إلاّ أننا لا يمكـن إهمال فعاليتهـا و إنكار أهميـتها في تنظيم نشاطات الشركـات متعدّدة الجنسيـات ومساهمتهـا في الحدّ من الآثار السلبيـة لهذه الأخيـرة. و ذلك ما سنتعرض له من خلال الخطة التالية :
الفصـل الأوّل : تنظيـم نشاطات الشركات متعدّدة الجنسيات
المبحث 1 : موقف الدول و المنظمات الدوليـة من تنظيـم الشركات متعدّدة الجنسيات
المطلب 1 :موقف الدول
المطلب 2 : موقف المنظمات الدوليـة
المبحث 2 : نحو تنظيـم دولي لنشاطات الشركات متعدّدة الجنسيات
المطلب 1 : الخلفيـة التاريخيـة للتنظيـم الدولي للشركات متعدّدة الجنسي
المطلب 2 : الفراغات القانونيـة
الفصـل الثانـي : أهـم المدونات الدوليـة لتنظيـم الشركات متعدّدة الجنسيات
المبحث 1 : قواعـد السلوك الدوليـة في مسائـل خاصـة
المطلب 1 : الإعلان الثلاثـي للشركات متعدّدة الجنسيات في إطارمنظمة OIT
المطلب 2 : مدونـة السلوك المتعلقـة بنقـل التكنولوجيا في إطـار CNUCED
المطلب 3 : مجموعـة المبادئ و القواعـد لمؤتمـرالأمم المتحدة CNUCEDالمتعلقـة
بالـممارسات التجارية التقييدية
المبحث 2 : مدونات السلوك الدولية الشاملة لنشاطات الشركات متعدّدة الجنسيات
المطلب 1 : المبادئ التوجيهيـة في إطار منظمـة OCDE
المطلب 2 : مدونة السلوك الدوليـة للأمم المتحدة
الخاتمـة
الخاتمة
إن المجموعة الكبيرة من القواعد المتفق عليها لسلوك الشركات متعددة الجنسيات تشير إلى وجود إتفاق دولي في الأراء فيما يتعلق ببعض القواعد الأساسية لنشطات الدولية ، وتنعكس بعض هذه المبادئ في ممارسات الشركات متعددة الجنسيات ويمثل بعضها مؤشرات هامة على التقييم المستقبلي لقواعد النشاطات الدولية ، في حين لا يزال البعض الأخر يدعم المبادئ القانونية الدولية الراسخة .
ونلاحظ أنه يوجد إهتمام كبير في الإستثمار الأجنبي المباشر والمسائل ذات الصلة به وخاصة علاقته بالشركات متعددة الجنسيات من قبل الدول سواء كانت هذه الأخيرة متقدمة أو نامية ، وكذلك سواء كانت بلدان أصلية أو مضيفة وهذا الإهتمام هو أساس أي محاولة للنظر في مستقبل القواعد الدولية في هذا المجال .
ومن خلال إستعراض التطورات الحاصلة نلاحظ أن الإهتمام بأنشطة الشركات متعددة الجنسيات وبسياسة الحكومات في هذا المجال ، ولهذا فقد قامت البلدان المتقدمة بإبرام إتفاقيات ثنائية سواء فيما بينها أو مع البلدان النامية في مجال تشجيع وحماية الإستثمار الأجنبي المباشر ، أما على الصعيد الإقليمي قد وضعت في بعض الحالات قواعد لسلوك شركات متعددة الجنسيات على أساس قانوني وذلك بموجب قرارات إتخذتها منظمات دولية وعلى سبيل المثال ما قامت به الدول اللاتينية في " عهد الأندين " ، أو قبلت بوصفها قواعد إختيارية غير ملزمة رسميا في إطار منظمة أخرى مثل المبادئ التوجيهية التي وضعتها منظمة OCDE ، أو ما أعتمد على الصعيد متعدد الأطراف فقد اتخذت القواعد في بعض الحالات صورة توصيات دولية تتضمن قواعد بشان الشركات متعددة الجنسيات ونشاطاتها مثل الإعلان الثلاثي لمنظمة العمل الدولية OIT ومجموعة القواعد والمبادئ الخاصة بالممارسات التجارية التقييدية لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية CNUCED ، وفي حالات أخرى أقترحت صكوك من هذا القبيل ووضع مشروع جزء كبير منها إلا أنها لم تعتمد بعد بصفة نهائية واقصد هنا مدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الشركات متعددة الجنسيات وكذا مدونة قواعد السلوك لنقل التكنولوجيا التي وضعها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية CNUCED .
ويلاحظ في الفترة الأخيرة أن التركيز في المفاوضات الدولية أصبح ينصب على صياغة قواعد بشأن معاملة أو حماية الشركات متعددة الجنسات لا على صياغة قواعد بشأن هذه الشركات وذلك لتشجيع الإستثمار الأجنبي المباشر نتيجة التغير الحاصل في الإقتصاد العالمي من تحرر وعولمة .
وينبغي التأكيد على أنه خلال فترة التردد التي عرفت ترتيبات على مختلف الأصعدة ومع إختلاف المشتركون وإختلاف درجات القوة الملزمة بدات مجموعة من المبادئ والقواعد المتعلقة بسلوك ومعاملة الشركات متعددة الجنسيات تظهر للوجود سواء أطلق عليها تسمية " قانون دولي ميسر" أو توقعات مشروعة تتباين درجات التيقن بصددها فهو أمر لا يكاد يختلف ، ويتضح ذلك من خلال أن موضوع تلك المبادئ والقواعد هو الذي يعد قاطعا بصورة نسبية في المقام الأول .
فنجد أن بعض المبادئ الموضوعية معروف ومطبق على نحو لا محل فيه للخلاف ، أما درجة الدقة في هذه المبادئ والقواعد فتختلف من حالة إلى حالة أخرى ومن قطاع إقتصادي إلى قطاع آخر ، إلا أنه يمكن التأكيد على أن جزءا من هذه القواعد قد تم الإستعانة به وأخذه من قبل القانون الوطني أو القانون الدولي العام . أما القوة القانونية على وجه التحديد أو بعبارة أخرى فإن مسالة مدى القوة الإلزامية لهذه المبادئ والقواعد مازالت مطروحة للبحث ، إذ أن بعضها ملزما قانونا لحكم الشكلي الذي أعتمد في إطاره مثل الإتفاقيات الدولية و القرارات الملزمة للمنظمات الدولية ، وحتى في تلك الحالات فإن أسلوب وصيغة الأحكام ذات الصلة تأثر بطرق هامة على طبيعة ونطاق ما قد يكون لها من قوة ملزمة فعلية .
وتوجد قواعد أخرى كثيرة تم إعتمادها بأساليب لا تكسبها قوة إلزامية رسمية ، ومع ذلك فهي تحظى بالقبول عموما لدى الأطراف الدولية المعنية . والسمات المميزة للقواعد لها أهمية ففي حين أن القواعد المتعلقة بسلوك الشركات متعددة الجنسيات تضع قيود على حرية عمل ونشاط هذه الشركات وتكون من هذا المنطلق موجهة لها تستخدم على نحو غير مباشر من قبل الدول المضيفة والدول الأصلية لبيانات بشأن الممارسة السليمة لإختصاص الشركات متعددة الجنسيات.
إن قبول هذه القواعد من قبل الدول المعنية ولو في شكل لا ينشئ آثارا قانونية محددة فإنه على الأقل ينشئ إفتراضا لصالح المشروعية الدولية لسلوك الدول الأخرى وتسري نفس العملية بشكل أكثر وضوحا من ذلك في حالة القواعد المتعلقة بمعاملة الشركات متعددة الجنسيات.
فالتنوع الكبير في شكل وصيغة الممارسة الدولية أمر له صلة مباشرة بالموضوع عند تحديد الآثار القانونية غير المباشرة للقواعد الدولية محل البحث ، وحتى في حالة عدم نشوء تعهدات قانونية ملزمة يمكن أن تنشأ توقعات مشروعة لتطبيق القواعد في حالات أخرى في نطاق حدود معقولة . فالوظائف الضمنية أو الصريحة لمختلف أنواع القواعد الدولية لنموذج للتشريع الوطني عنصر هام في إيجاد " قانون ميسر " بشأن سلوك ومعاملة الشركات متعددة الجنسيات .وهذه الوظيفة منصوص عليها صراحة كهدف رئيسي في بعض الحالات مثل القواعد والمبادئ الخاصة بالممارسات التجارية التقييدية ، أو ورد ضمنيا في حالات أخرى كما هو الحال في مدونة السلوك الخاصة بنقل التكنولوجيا التي تم إعدادها من طرف مؤتمر CNUCED.
التفاعل بين القوانين والسياسات الدولية والوطنية المتعلقة بالمسائل ذات الصلة بالشركات متعددة الجنسيات عنصر فعال .
ويمكن القول أنه وحتى وإن لم يتم التوصل إلى صيغة دولية في مشروع التقنين لتنظيم نشطات الشركات متعددة الجنسيات وكانت غير ملزمة وأقصد هنا مدونة السلوك الأمم المتحدة الخاصة بنشطات الشركات سابقة الذكر إلا أنها سوف تكون الأساس أو اللبنة الأولى لعمل لاحق أكثر قوة وإلزاما ، ذلك أن المفاهيم الجديدة يصعب تقبلها بسهولة وتمتعها بالصفة الإلزامية سيما أنها تمس المجال الحيوي لكل دولة . وإبرام نص ملزم وما يتحقق من خلال توصل إلى إتفاقية يصادف صعوبات متعددة بالنسبة لمفهوم الفكرة وحدها وما يترتب على أعمالها من إلتزامات تقع على عاتق الدول المنظمة إليها فظلا عن دور العرف بتكوين قواعد ملزمة يستوجب الإنتظار فترة طويلة للحكم على وجوده ومداه .
و مع ذلك فإن الأمل في وجود تنظيم دولي خاص بالشركات متعددة الجنسيات يتمتع بقوة إلزامية لا يزال قائما إما من خلال إعادة النظر في مدونات السلوك الموجودة و إضفاء الصفة الإلزامية عليها، و لا سيما مدونة الأمم المتحدة بإعتبارها مجموعة من القواعد شاملة لجميع نشاطات الشركات متعددة الجنسيات و دولية و علانية من خلال الدول المشاركة في وضعها ، و هذا ما تأمله الدول النامية . أو على الأقل إنتظار إرتقاء هذه القواعد القانونية الواردة في مدونة السلوك سابقة الذر إلى مستوى القانون الدولي من خلال تطورها من قواعد غير ملزمة إلى قواعد قانونية عرفية و لما لا إلى إتفاقيات دولية من خلال تقبل الدول لها و عملها بها . كما يبقى الأمل معلقا أيضا على الإتفاق متعدد الأطراف الخاص بالإستثمارات AMI الذي يعتبر في طريقه إلى الظهور حيث أن المفاوضات حوله قد بدأت في سنة 1997.
قائمة بأهم الوثائق الإقليمية ومتعددة الأطراف الخاصة بالإستثمار وبالشركات متعددة الجنسيات
1- الوثائق الإقليمية :
الوثيقة
التاريخ
1- المعاهد المنشئة للمجموعة الإقتصادية الأوروبية CEE
1957
2- الإتفاق الإتحاد الإقتصادي لدول الجامعة العربية
1957
3- الإتفاقية الموحدة حول الإستثمارات في الدول الأعضاء في الإتحاد الجمركي والإقتصادي لإفرليقيا الوسطى
1965
4- الإتفاق حول الإستثمار وحرية تداول رؤوس الأموال العربية بين البلدان العربية
1970
5- القرار رقم 24 للجنة إتفاق قرطا جنة : قواعد موحدة منظمة لحركة رؤوس الأموال الأجنبية ، العلامات التجارية ، البراءات ، التراخيص والضرائب .
والقرار رقم 291 للجنة اتفاق قرطا جنة : التقنين الموحد المتعلق بمعاملة رؤوس الأموال الأجنبية وبالعلامات التجارية ، والإيرادات والضرائب.
1970
6- الإتفاقية المتضمنة إنشاء المؤسسة العربية لضمان الإستثمارات
1971
7- الإتفاقية الموحدة حول حرية حركة الأشخاص والحق في التأسيس في الإتحاد الجمركي والإقتصادي في افريقيا الوسطى
1972
8- المعاهد المنشئة لمجموعة الكراييبي
1973
9- الاتفاق الموحد حول إستمار رؤوس الأموال العربية
1980
10- المعاهد المنشئة لجمعية أمريكا اللاتينية للكامل ( الإندماج )
1980
11- المعاهدة المنشة للمجموعة الإقتصادية لدول إفريقيا الغربية
1983
12- تقنين الإستثمارات الموحدة للمجموعة الإقتصادية لبلدان البحيرات الكبرى ( CEPGL )
1987
13- اتفاق تشجيع وحماية الإستثمارات المبرمة بين حكومات : اندونوسيا ، ماليزيا ، الفليبين ، سنغافوريا وتايلاندا
1987
14- الإتفاق حول إنشاء نظام مطبق على شركات البلدان الأعضاء في CARICOM
1987
15- الميثاق الخاص بالنظام المطبق على الشركات الصناعية متعددة الجنسيات في منطقة التبادل المفضل لدول إفريقيا الشرقية
1990
16- قرار رقم 292 للجنة اتفاق قرطا جنة : تقنين موحد للشركات متعددة الجنسيات في عهد الأنديين .
1991
17- اتفاق التبادل الحر شمال أمريكا
1992
18- المعاهدة المنشئة لسوق موحد لدول إفريقيا الشرقية وإفريقيا الوسطى
1993
19- برتوكول كولونيا حول تحسين والحماية الدورية للإستثمارات في داخل المركوسور MERCOSUR
1994
20- برتوكول حول تحسين وحماية الإستثمارات الأصلية لدول ليست أعضاء في MERCOSUR
1994
الوثائق متعددة الأطراف :
الوثيقة
التاريخ
1- تقنين تحرير تداول الإستثمارات OCDE
1961
21 تقنين تحرير العمليات غير المرئية الجارية
1961
3- إعلان الإستثمار الأجنبي والشركات متعددة الجنسيات ( OCDE )
1976
4- اتفاق بين الدول الأعضاء في المؤتمر الإسلامي حول ترقية وحماية وضمان الإستعمارات
1981
5- الإتفاقية الخامسة لومي ACP-LEE
1989
6- المبادئ غير الالزامية APEC الخاصة بالإستثمار
1994
7- العمل النهائي للمؤتمر حول الميثاق الأوروبي للطاقة معاهدة ميثاق الطاقة
- القرارات الخاصة بالميثاق وملاحق المعاهدة.
1994
الوثائق متعددة الأطراف الأكثر توسعا :
الوثيقة
التاريخ
1- إتفاقية تسوية المنازعات المتعلقة بالإستثمارات بين الدول و رعايا الدول الأخرى ( البنك العالمي ) .
1965
2- الإتفاقية الخاصة في إنشاء الوكالة متعددة الأطراف لضمان الإستثمارات ( البنك العالمي ).
1985
3- المبادئ التوجيهية لمعاملة الإستثمار المباشر الأجنبي (مجموعة البنك العالمي).
1992
4-إعلان المبادئ الثلاثي لمنظمة العمل الدولية OIT حول الشركات متعددة الجنسيات و السياسة الإجتماعية.
1977
5- مجموعة المبادئ و القواعد المنصفة المتفق عليها إتفاق متعدد الأطراف لرقابة الممارسات التجارية التقييدية ، تم إعتمادها بقرار 35/63 للجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة .
1980
6- مشروع مدونة السلوك الخاصة بنقل التكنولوجيا ، لم يتم إعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة .
1985
7- مشروع مدونة السلوك للأمم المتحدة الخاص بالشركات عبر الوطنية ، لم يتم إعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
1990
إنّ ظاهـرة الشركات متعدّدة الجنسيـات أصبـحت من المواضيـع الهامـة، حيث أنـّه و منذ عدّة سنـوات وهذه الشركات ينظـر إليهـا بحذر شديـد و لاسيمـا من قبـل الدول الناميـة التي كانت تتهمهـا بأنهـا تستغّل ثرواتهـا الطبيعيـة، و أنهـا تتدخل في شؤونهـا الداخليـة و أنهـا تضـر بيئتهـا، مما جعلهـا تنظـر إليهـا على أنهـا شـركات شريرة، هذا لا يعنـي أن هذه الظاهـرة تعتبـر خاصـة فقط بالدول الغربيـة لأننا نلاحظ على المستوى الدولي أنّ العديد من دول آسيـا و كذا بلدان أمريكا اللاتينية قد أسسّت استراتيجيتها التنموية على فتح و تدويل اقتصادياتهـا، وذلك عـن طريق هذه الشركـات. وبسبب تزايـد نشاطات هذه الشركات وكبـر حجمهـا يوما بعد يوم وتعديها للحدود الإقليميـة للدولـة الواحـدة أصبحـت مسألـة تنظيـم هذه الظاهـرة أمـر ا ملّحا .
ولكـن قبـل التعرّض إلى التنظيـم الدولي لهذه الشركـات فإنـه من المهم أن نعرف أولا هذه الشركات.
لقـد أثار موضـوع تعريف الشركات متعدّدة الجنسيـات إشكالا كبيـرا فلقـد اختلـف المختصـون في تعريفهـا كإختلافهم في التسميـات التي أطلقت عليهـا من شركات غير وطنيـة ، شركات عبر قومية ، شركات عالميـة، شركات متعدّدة الجنسيات، كما ورد استعمال شركة، منظمـة، مؤسسة، مشروع و هذا الإختلاف يـدّل على عدم وجود اتفاق حول طبيعـة هذه الكيانات الإقتصادية و القانونيـة و كذا حول المعاييـر التي اعتمـد عليها كل تعريـف .
1- المفهـوم الإقتصـادي :
إن رجل القانـون عندما يتصـدى للدراسات الإقتصادية الخاصـة بالشركات متعدّدة الجنسيات فإنمـا يفعـل ذلك من أجـل الوصـول إلى هدف مزدوج يتمثـل في حصـر الظـاهـرة الإقتصادية في المسائـل التي تثيـر إشكالا و استخراج مـن هذه الدراسات بعض الوسائـل التي يمكـن استعمالها في بنائهـا القانـوني، ولقـد وردت تعاريف اقتصادية كثيـرة خاصة بالشركات متعدّدة الجنسيـات حاولنـا التعرض إلى عدد منهـا حسب كل معيـار اعتمـدت عليـه.
فنجـد أنّ هناك من عرّف الشركات بناء على معيار كمي و ذلك بالتـركيز على حجم الشركـة أو على أهمية النشاطات الدوليـة التي تمارسها الشركات أو عليهما معا.
فالإقتصـادى الكندي ماتيو.ر MATHEW R A يعتبـر الشركات متعدّدة الجنسيات تلك التي تقوم بعمليات كبيرة و متشعبة جدا في البلدان الأخرى و تمتلك هناك طاقات إنتاجية و تمارس نشاطها في ستـة (6) بلـدان على الأقل. (1)
وفقا لهذا المعيار أي حجم الشركة فإنه لا تعتبـر شركة متعدّدة الجنسيات إلاّ الشركات الكبرى التي لها نشاطاتها في الخارج ، ولقـد تكونت هذه الصورة في أغلب الذهنيات من خلال بعض الإحصائيات التي تقوم بمقارنة أرقـام أعمال الشركات الكبرى مع الناتج الوطني لبعض الدول الصغيـرة أو المتوسطة فنجد على سبيـل المثال بالإعتماد على إحصائيات NUCEDلسنـة 1995 أنـّه بالنسبـة لشركة رويال دوتس شال ROYAL DUTCH SCHELL قد بلغ عدد أصولها في الخارج فقط 69,4 مليار دولار و 95,2 مليار دولار بالنسبـة للمبيعات في الخارج أيضا. (2)
أما الأستاذ فرنون VERNON و من خلال دراسة قام بها حول شركة فورد فإنـّه يعتبـر حجم الشركة شرط أساسي و ضروري و لكن غيـر كافي لوصف شركة ما بأنها شركة متعدّدة الجنسيات .
و من المعروف أنّ الشركات م. ج (3) هي شركات ذات نشاطات دوليـة و هذه النشاطات الدوليـة تتحقق من خلال الإستثمارات المنفذة في الخارج أي خارج البلد الأصلـي للشـركة لذلك فهناك من يعتبـر أن المعيار يميـز الشركات متعدّدة الجنسيات يعتمـد على عدد الشركات الفرعية في الخارج المرتبطة بالشركة الأم و بأهميـة العمليات المنجزة من قبل هذه الشركات الفرعيـة.
فيما يخص عـدد الشركات الفرعيـة في الخارج فانّ عـددا من المؤلفيـن يعتبرون أنّه يكفـي أن تقوم شـركة بعمليـات انتاجيـة أو تسويقيـة في أكثـر مـن بـلد حتى تعتبـر شـركة متعدّدة الجنسيات مثل الأستـاذ G.Dunning وكذا الأستاذيـن REMMERS و BROOKE (4) ، أما الأستاد فـرنون (5)
(1) أ.أميـرونوف : الطروحات الخاصـة بتطوير الشركات متعدّدة الجنسيات
تـرجمة د على تقي عبـد الحسيـن 1986
(2) مصـدر الإحصائيـات :
CNUCED / Division des sociétés transnationales et de l'investissement : World investisement
Report 1995 : Transnationals corporations and competitiveness.
(3) ش م ح : شركات متعددة الجنسيات.
(4) BROOKE et REMMERS : la strategie de l'entreprise multinationale : Paris Sirey 1973-P-20. (5) R.VERNON : Les entreprises multinationales : Paris calmann Levey :
1973 P-20-27 يصـرح فرنون خلال عمليـة الإنتقـاء لـ 187 شـركة و بخصوصها ذلك بالإعتمـاد على قائمـة FORTUNE لـ 500 شـركة أمريكيـة الأكثـر كبـرا.
" Elles représentent un groupe d'entreprises ayant des dmension exceptionnelles faisant des profits élevés et engagées dans des activités impliquant une utilisation assez large de main- d'œuvre qualifiée et exigeant d'importantes dépenses publicitaire : en bref, un groupe d'entreprises jouissant des caractéristiques attribuées à l'oligopole"
فإنـّه يعتبـر شـركة متعدّدة الجنسيـات هي الشركـة الأم التي تراقب مجموعـة مـن الشركـات ذات جنسيات مختلفـة و أن توجـد في بلدي أجنبي واحدا أو إثنـان، أما فيمـا يخص ّأهميـة النشـاطات الدوليـة المنجزة من طرف الشركـة في هـذه الحالـة تقوم بمقارنة نشاطات الشركـات الفرعيـة سـواء في البلد الأصلي أو البلدان الأجنبيـة المقيمـة فيهـا.
إنّ هذه المعاييـر التي اعتمـد عليهـا في تعريف الشركـات مـن خلال التركيـز على اهميـة النشاطـات و حجـم الشركـات وإنّ كانت تكشـف عـن بعض مميـزات الشركـات متعددّة الجنسيـات إلاّ أنهـا لا تنفـذ إلى جوهرهـا. ولا تصلـح أن تكـون معاييـر يرضى عنهـا التفكيـر القانـوني.
2- التعاريف المقترحة من المنظمات الدوليـة :
إنّ معظـم مدونات السلوك المتخصصـة في مسائـل معينـة لم تكن تفرق من ناحيـة النظام بيـن الشركات متعدّدة الجنسيـات و الشركات الأخرى و هي تستغني عن كل تعريف، فيما يخص قـواعد السلوك لممارسات التجارية التقييـدية الموضوعة من قبـل CNUCED فإنها تستعمـل دائمـا عبـارةالشركة و تقصـد بها الشركات متعدّدة الجنسيـات دون التطرق لتعريفها.
في حيـن أنّ المبادئ التوجيهيـة الصـادرة عن منظمـة التجارة و التنميـة الإقتصـادية OCDE فإنهـا لم تعرف الشركـات السابقـة الذكـر تعريفا قانونيا دقيقـا وإنمـا هـي ترى أنّ التعريف غيـر مطلوب لأغـراض المدونـة. حيث تحتـوي الفقـرة 8 مـن المقدمـة على تعريـف يخضـع لمعاييـر إقتصـادية كما يلي : " إنّ الشركات متعدّدة الجنسيـات تتضمـن في العادة شركات و كيانات ذات رأسمال خاص أو عام أو مختلط تم تأسيسهـا في بلـدان مختلفـة و مرتبطـة ببعضهـا البعض ، بحيث تستطيـع الشركـة الأم أن تباشـر تأتيـرا قويا على نشاطـات الآخرين و لا سيمـا المشاركـة في المعرفة و الموارد مع الآخرين . و تتنوع درجة الإستقلال الذاتـي لكل كيان في علاقتـه بالآخرين تنوعا كبيـرا من شركـة متعدّدة الجنسيـات إلى أخرى و يعتمـد على طبيعـة العلاقات بيـن الكيانات و مجال نشاط المعني، كما أضافت أن تعبيـر " مشروع" المستعمـل في هذه المبادئ التوجيهيـة يشيـر إلى مختلـف الكيانات و فقا لمسؤوليتهـا.(1)
(1) ونصت على هذا التعريف الفقرة الثامنـة (8) مـن المقدمة الخاصـة بالمبادئ التوجهيـة الصادرة عـن OCDE .
إنّ لـجنة الشركات عبـر الوطنيـة التي وضعت مدونـة السلوك الخاصـة بالأمم المتحدة قـد أخذت على عاتقهـا وضع تعريف للشركات متعدّدة الجنسيـات كما يلي :
إنّ عبارة المشروع عبر الوطني المستخدمة في هذه المدونة معناها الشركـة تضـم كيانات توجد في بلدين أو أكثـر يصـرف النظـر عن الشكـل القانـوني و ميادين النشاط الذي تمارس فيـه هذه الكيانات، تعمـل طبقا لإختيـار القرارات التي تتيـح و ضع سياسات متلاحمـة واستراتجيـة مشتركة عن واحد او أكثـر من مراكز اتخاذ القرارات و هو النظـام الذي ترتبط فيـه الكيانات بعضهـا ببعض بالملكيـة أو بغيرها بصورة تجعـل في امكان واحـد منهـا أو أكثـر أن يمـارس نفوذا كبيـرا على أنشطـة الكيانات الأخـرى". (1)
إن عبارة " الشركة عبر الوطنية" المستخدمة في هذه المدونة معناها شركة سواءا كانت ذات ملكية خاصة أو عامة أو مختلطة ، تظم كيانات توجد في بلدين أو أكثر بصرف النظر عن الشكل القانوني و ميادين النشاط الذي تمارسه الكيانات ، تعمل طبقا لنظام إتخاذ القرارات و هو النظام الذي ترتبط فبه الكيانات ببعضها البعض بالملكية أو بغيرها بصورة تجعل في إمكان منها أو أكثر أن يمارس نفوذا كبيرا على أنشطة الكيانات الأخرى و أن يشارك بصفة خاصة غيره المعرفة و الموارد و المسؤوليات .
إن عبارة الكيانات في المدونة تشير إلى الكيانات الأم أي هي المصدر الرئيسي للتأثير على غيرها ، و يقصد بعبارة " الوطن " البلد الذي توجد فيه الشركات الفرعية .
و يظهر من هذا التعريف أنه واسع يتسع للمعايير الإقتصادية سابقة الذكر بغض النظر عن الشكل القانوني حتى تستبعد المشاكل و المسائل التي لم يتفق عليها من الناحية القانونية و أن صيغة التعريف تقع بين فقرتين الموضوعتين بين القوس الأول لا تضع إعتبار لنوع الملكية و الثاني يضيف ذات ملكية عامة أو خاصة . و يظهر أن التعريف المقترح في المدونة قد تردد بين الأخذ في الإعتبار و الملكية العامة أو الخاصة بالإضافة إلى الملكية المختلطة .
(1) ولقـد تـم النص عليـه في القسم الخاص بالتعاريف و التطبيق الوارد في مدونة السلوك الخاصـة بالأمم المتحدة في مجال تنظيـم نشاطات الشركات متعددة الجنسيات.
3- التعريف القانـوني :
إنّ رجال القانـون لا يهملون تلك المعاييـر السابقـة حيث أنّ المعيار الإقتصـادي هو الذي يعبـر عـن العلاقـة بيـن القوة الإقتصادية للشركـة متعدّدة الجنسيـات و مشكلـة سيادة الدولة على مواردها الطبيعيـة و التنسيـق بيـن السياسات الدوليـة تجـاه الإستثمـار الأجنبـي المباشـر ووضع قواعـد السلوك واتجاه رجال الإدارة.
فالبحث القانـوني في مجال الشركـات متعدّدة الجنسيـات يحلل و يركز النظـر على خاصـة ازدواجيـة في الشركات متعدّدة الجنسيات هي تعدد الجنسيات من جهـة و الوحدة الإقتصادية من جهة أخرى و بالتالي تعدد الشركات الفرعية التي تعمل في الدول المختلفـة. (1)
و المشكلـة تنشأ أساسا لوجود مراكز للربح CENTRE DES PROFITS في عدة دول بينما الإدارة التي تنسّق بينها لها مركز قرارات في احدى الدول و هذا الإنتشار في أكثـر من دولة و أكثـر من اختصاص.
و نجد أنّ الأستاذ حسام عيسى (2) يعرّف الشركات متعدّدة الجنسيات على أنهّا " مجموعـة من الشركات الوليـدة أو التابعـة التي تزال كل منها نشاط انتاجيا في دول مختلفة تتمتع كل منها بالجنسية المختلفة وتخضع لسيطرة شركة واحدة وهي الشركة الأم وهي التي تقوم بإدارة الشركات الوليدة كلها في إطار إسترتيجية عالمية
موحدة ".(3)
و يرى الأستاذ حسام الدين عيسى أن هذا التعريف غير مناسب للشركات الدولية التي تنشأ وفقا لأحكام القانون الدولي العام بمقتضى معاهدة دولية وهذا لا يتناسب مع الشركات متعددة الجنسيات التي تنشأ بين أشخاص القانون التجاري الخاص في دولة مختلفة ، إذ يجب أن يكون لها تنظيمها الخاص من قوانين الدول التي تنشأ منتشرة فيها.
(1) Goldman : les entreprises multinationales : RAPPORT DIFINITIF (2 commission ) INSTITUT DE DROIT INTERNATIONAL 1977 P 325
(2) د.حسام الدين عيسى الشركات متعدّدة الجنسيات ( بيروت : مؤسسة العامـة للدراسات و النشـر المعاصـر ) بدون سنة ص 61.
(3) د/ يحي عبد الرحمان رضا : الجوانب القانونية لمجموعة الشركات عبر الوطنية ، دار النهضة العربية القاهرة ، .1994
والملفت للإنتباه في الشركات متعددة الجنسيات أنها تتكون من مجموعة من الشركات أو وحدات فرعية تدور في فلك مركز الأصل و ترتبط به بعلاقات قانونية وتظل تابعة له ، وإن إكتسبت في الدول التي تقيم فيها شخصية قانونية فهي تعتبر كيانا قانونيا قائما في ذاته .فالشركات متعددة الجنسيات تتكون من شركات خاصة حتى نفرق بينها و بين الشركات ذات المساهمة الدولية .
ورغما أنّ القوانيـن الوطنيـة غيـر قادرة على استيعاب هذه الظاهـرة و تنظيمهـا إلاّ أنّ الدول قـد تعاونت مع بعضهـا في محاولة للتصّدي لهذه الظاهـرة من خلال الإتفاقيات الثنائيـة و كذا العمـل على التجمـع في تكتلات إقليميـة ، من جهـة كمحاولة لمجابهـة و التصـدي للأثـار السلبيـة لنشاطات الشركات متعدّدة الجنسيـات و جعلهـا تساهـم مساهمـة ايجابيـة في اقتصاديات هذه الدول و من جهـة أخرى العمـل على الإندماج في المجال الإقتصادي. وكذا التعاون في مجال التشريعات و التنظيمـات الخاصـة ذات الصلـة بالإقتصاد، ولقـد عرفت هذه الفترة الأخيـرة تسابـق إلى التجمع في تكتلات اقليميـة لهذا الغرض سـواء في أوربا أو في آسيـا أو أمريكا هذا على المستوى الإقليمـي. ولكـن على مستوى الدولي فإننا نتساءل ما هي الوسائـل المعتمـدة لتنظيـم نشاطات الشركات متعدّدة الجنسيات و خاصـة أنّ هذه الأخيـرة لم تصل إلى مرتبـة أشخاص القانون الدولي ؟ و هل لهذه الوسائـل أثـر على المسائـل ذات الصلـة بالشركات متعدّدة الجنسيـات ؟. الجواب يأتي عن طريق قواعـد دوليـة لحسـن السلوك أو ما يسمـى بـمدونات السلوك الدوليـة و إنّ كانت هذه القواعـد غيـر ملزمة إلاّ أننا لا يمكـن إهمال فعاليتهـا و إنكار أهميـتها في تنظيم نشاطات الشركـات متعدّدة الجنسيـات ومساهمتهـا في الحدّ من الآثار السلبيـة لهذه الأخيـرة. و ذلك ما سنتعرض له من خلال الخطة التالية :
الفصـل الأوّل : تنظيـم نشاطات الشركات متعدّدة الجنسيات
المبحث 1 : موقف الدول و المنظمات الدوليـة من تنظيـم الشركات متعدّدة الجنسيات
المطلب 1 :موقف الدول
المطلب 2 : موقف المنظمات الدوليـة
المبحث 2 : نحو تنظيـم دولي لنشاطات الشركات متعدّدة الجنسيات
المطلب 1 : الخلفيـة التاريخيـة للتنظيـم الدولي للشركات متعدّدة الجنسي
المطلب 2 : الفراغات القانونيـة
الفصـل الثانـي : أهـم المدونات الدوليـة لتنظيـم الشركات متعدّدة الجنسيات
المبحث 1 : قواعـد السلوك الدوليـة في مسائـل خاصـة
المطلب 1 : الإعلان الثلاثـي للشركات متعدّدة الجنسيات في إطارمنظمة OIT
المطلب 2 : مدونـة السلوك المتعلقـة بنقـل التكنولوجيا في إطـار CNUCED
المطلب 3 : مجموعـة المبادئ و القواعـد لمؤتمـرالأمم المتحدة CNUCEDالمتعلقـة
بالـممارسات التجارية التقييدية
المبحث 2 : مدونات السلوك الدولية الشاملة لنشاطات الشركات متعدّدة الجنسيات
المطلب 1 : المبادئ التوجيهيـة في إطار منظمـة OCDE
المطلب 2 : مدونة السلوك الدوليـة للأمم المتحدة
الخاتمـة
الخاتمة
إن المجموعة الكبيرة من القواعد المتفق عليها لسلوك الشركات متعددة الجنسيات تشير إلى وجود إتفاق دولي في الأراء فيما يتعلق ببعض القواعد الأساسية لنشطات الدولية ، وتنعكس بعض هذه المبادئ في ممارسات الشركات متعددة الجنسيات ويمثل بعضها مؤشرات هامة على التقييم المستقبلي لقواعد النشاطات الدولية ، في حين لا يزال البعض الأخر يدعم المبادئ القانونية الدولية الراسخة .
ونلاحظ أنه يوجد إهتمام كبير في الإستثمار الأجنبي المباشر والمسائل ذات الصلة به وخاصة علاقته بالشركات متعددة الجنسيات من قبل الدول سواء كانت هذه الأخيرة متقدمة أو نامية ، وكذلك سواء كانت بلدان أصلية أو مضيفة وهذا الإهتمام هو أساس أي محاولة للنظر في مستقبل القواعد الدولية في هذا المجال .
ومن خلال إستعراض التطورات الحاصلة نلاحظ أن الإهتمام بأنشطة الشركات متعددة الجنسيات وبسياسة الحكومات في هذا المجال ، ولهذا فقد قامت البلدان المتقدمة بإبرام إتفاقيات ثنائية سواء فيما بينها أو مع البلدان النامية في مجال تشجيع وحماية الإستثمار الأجنبي المباشر ، أما على الصعيد الإقليمي قد وضعت في بعض الحالات قواعد لسلوك شركات متعددة الجنسيات على أساس قانوني وذلك بموجب قرارات إتخذتها منظمات دولية وعلى سبيل المثال ما قامت به الدول اللاتينية في " عهد الأندين " ، أو قبلت بوصفها قواعد إختيارية غير ملزمة رسميا في إطار منظمة أخرى مثل المبادئ التوجيهية التي وضعتها منظمة OCDE ، أو ما أعتمد على الصعيد متعدد الأطراف فقد اتخذت القواعد في بعض الحالات صورة توصيات دولية تتضمن قواعد بشان الشركات متعددة الجنسيات ونشاطاتها مثل الإعلان الثلاثي لمنظمة العمل الدولية OIT ومجموعة القواعد والمبادئ الخاصة بالممارسات التجارية التقييدية لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية CNUCED ، وفي حالات أخرى أقترحت صكوك من هذا القبيل ووضع مشروع جزء كبير منها إلا أنها لم تعتمد بعد بصفة نهائية واقصد هنا مدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الشركات متعددة الجنسيات وكذا مدونة قواعد السلوك لنقل التكنولوجيا التي وضعها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية CNUCED .
ويلاحظ في الفترة الأخيرة أن التركيز في المفاوضات الدولية أصبح ينصب على صياغة قواعد بشأن معاملة أو حماية الشركات متعددة الجنسات لا على صياغة قواعد بشأن هذه الشركات وذلك لتشجيع الإستثمار الأجنبي المباشر نتيجة التغير الحاصل في الإقتصاد العالمي من تحرر وعولمة .
وينبغي التأكيد على أنه خلال فترة التردد التي عرفت ترتيبات على مختلف الأصعدة ومع إختلاف المشتركون وإختلاف درجات القوة الملزمة بدات مجموعة من المبادئ والقواعد المتعلقة بسلوك ومعاملة الشركات متعددة الجنسيات تظهر للوجود سواء أطلق عليها تسمية " قانون دولي ميسر" أو توقعات مشروعة تتباين درجات التيقن بصددها فهو أمر لا يكاد يختلف ، ويتضح ذلك من خلال أن موضوع تلك المبادئ والقواعد هو الذي يعد قاطعا بصورة نسبية في المقام الأول .
فنجد أن بعض المبادئ الموضوعية معروف ومطبق على نحو لا محل فيه للخلاف ، أما درجة الدقة في هذه المبادئ والقواعد فتختلف من حالة إلى حالة أخرى ومن قطاع إقتصادي إلى قطاع آخر ، إلا أنه يمكن التأكيد على أن جزءا من هذه القواعد قد تم الإستعانة به وأخذه من قبل القانون الوطني أو القانون الدولي العام . أما القوة القانونية على وجه التحديد أو بعبارة أخرى فإن مسالة مدى القوة الإلزامية لهذه المبادئ والقواعد مازالت مطروحة للبحث ، إذ أن بعضها ملزما قانونا لحكم الشكلي الذي أعتمد في إطاره مثل الإتفاقيات الدولية و القرارات الملزمة للمنظمات الدولية ، وحتى في تلك الحالات فإن أسلوب وصيغة الأحكام ذات الصلة تأثر بطرق هامة على طبيعة ونطاق ما قد يكون لها من قوة ملزمة فعلية .
وتوجد قواعد أخرى كثيرة تم إعتمادها بأساليب لا تكسبها قوة إلزامية رسمية ، ومع ذلك فهي تحظى بالقبول عموما لدى الأطراف الدولية المعنية . والسمات المميزة للقواعد لها أهمية ففي حين أن القواعد المتعلقة بسلوك الشركات متعددة الجنسيات تضع قيود على حرية عمل ونشاط هذه الشركات وتكون من هذا المنطلق موجهة لها تستخدم على نحو غير مباشر من قبل الدول المضيفة والدول الأصلية لبيانات بشأن الممارسة السليمة لإختصاص الشركات متعددة الجنسيات.
إن قبول هذه القواعد من قبل الدول المعنية ولو في شكل لا ينشئ آثارا قانونية محددة فإنه على الأقل ينشئ إفتراضا لصالح المشروعية الدولية لسلوك الدول الأخرى وتسري نفس العملية بشكل أكثر وضوحا من ذلك في حالة القواعد المتعلقة بمعاملة الشركات متعددة الجنسيات.
فالتنوع الكبير في شكل وصيغة الممارسة الدولية أمر له صلة مباشرة بالموضوع عند تحديد الآثار القانونية غير المباشرة للقواعد الدولية محل البحث ، وحتى في حالة عدم نشوء تعهدات قانونية ملزمة يمكن أن تنشأ توقعات مشروعة لتطبيق القواعد في حالات أخرى في نطاق حدود معقولة . فالوظائف الضمنية أو الصريحة لمختلف أنواع القواعد الدولية لنموذج للتشريع الوطني عنصر هام في إيجاد " قانون ميسر " بشأن سلوك ومعاملة الشركات متعددة الجنسيات .وهذه الوظيفة منصوص عليها صراحة كهدف رئيسي في بعض الحالات مثل القواعد والمبادئ الخاصة بالممارسات التجارية التقييدية ، أو ورد ضمنيا في حالات أخرى كما هو الحال في مدونة السلوك الخاصة بنقل التكنولوجيا التي تم إعدادها من طرف مؤتمر CNUCED.
التفاعل بين القوانين والسياسات الدولية والوطنية المتعلقة بالمسائل ذات الصلة بالشركات متعددة الجنسيات عنصر فعال .
ويمكن القول أنه وحتى وإن لم يتم التوصل إلى صيغة دولية في مشروع التقنين لتنظيم نشطات الشركات متعددة الجنسيات وكانت غير ملزمة وأقصد هنا مدونة السلوك الأمم المتحدة الخاصة بنشطات الشركات سابقة الذكر إلا أنها سوف تكون الأساس أو اللبنة الأولى لعمل لاحق أكثر قوة وإلزاما ، ذلك أن المفاهيم الجديدة يصعب تقبلها بسهولة وتمتعها بالصفة الإلزامية سيما أنها تمس المجال الحيوي لكل دولة . وإبرام نص ملزم وما يتحقق من خلال توصل إلى إتفاقية يصادف صعوبات متعددة بالنسبة لمفهوم الفكرة وحدها وما يترتب على أعمالها من إلتزامات تقع على عاتق الدول المنظمة إليها فظلا عن دور العرف بتكوين قواعد ملزمة يستوجب الإنتظار فترة طويلة للحكم على وجوده ومداه .
و مع ذلك فإن الأمل في وجود تنظيم دولي خاص بالشركات متعددة الجنسيات يتمتع بقوة إلزامية لا يزال قائما إما من خلال إعادة النظر في مدونات السلوك الموجودة و إضفاء الصفة الإلزامية عليها، و لا سيما مدونة الأمم المتحدة بإعتبارها مجموعة من القواعد شاملة لجميع نشاطات الشركات متعددة الجنسيات و دولية و علانية من خلال الدول المشاركة في وضعها ، و هذا ما تأمله الدول النامية . أو على الأقل إنتظار إرتقاء هذه القواعد القانونية الواردة في مدونة السلوك سابقة الذر إلى مستوى القانون الدولي من خلال تطورها من قواعد غير ملزمة إلى قواعد قانونية عرفية و لما لا إلى إتفاقيات دولية من خلال تقبل الدول لها و عملها بها . كما يبقى الأمل معلقا أيضا على الإتفاق متعدد الأطراف الخاص بالإستثمارات AMI الذي يعتبر في طريقه إلى الظهور حيث أن المفاوضات حوله قد بدأت في سنة 1997.
قائمة بأهم الوثائق الإقليمية ومتعددة الأطراف الخاصة بالإستثمار وبالشركات متعددة الجنسيات
1- الوثائق الإقليمية :
الوثيقة
التاريخ
1- المعاهد المنشئة للمجموعة الإقتصادية الأوروبية CEE
1957
2- الإتفاق الإتحاد الإقتصادي لدول الجامعة العربية
1957
3- الإتفاقية الموحدة حول الإستثمارات في الدول الأعضاء في الإتحاد الجمركي والإقتصادي لإفرليقيا الوسطى
1965
4- الإتفاق حول الإستثمار وحرية تداول رؤوس الأموال العربية بين البلدان العربية
1970
5- القرار رقم 24 للجنة إتفاق قرطا جنة : قواعد موحدة منظمة لحركة رؤوس الأموال الأجنبية ، العلامات التجارية ، البراءات ، التراخيص والضرائب .
والقرار رقم 291 للجنة اتفاق قرطا جنة : التقنين الموحد المتعلق بمعاملة رؤوس الأموال الأجنبية وبالعلامات التجارية ، والإيرادات والضرائب.
1970
6- الإتفاقية المتضمنة إنشاء المؤسسة العربية لضمان الإستثمارات
1971
7- الإتفاقية الموحدة حول حرية حركة الأشخاص والحق في التأسيس في الإتحاد الجمركي والإقتصادي في افريقيا الوسطى
1972
8- المعاهد المنشئة لمجموعة الكراييبي
1973
9- الاتفاق الموحد حول إستمار رؤوس الأموال العربية
1980
10- المعاهد المنشئة لجمعية أمريكا اللاتينية للكامل ( الإندماج )
1980
11- المعاهدة المنشة للمجموعة الإقتصادية لدول إفريقيا الغربية
1983
12- تقنين الإستثمارات الموحدة للمجموعة الإقتصادية لبلدان البحيرات الكبرى ( CEPGL )
1987
13- اتفاق تشجيع وحماية الإستثمارات المبرمة بين حكومات : اندونوسيا ، ماليزيا ، الفليبين ، سنغافوريا وتايلاندا
1987
14- الإتفاق حول إنشاء نظام مطبق على شركات البلدان الأعضاء في CARICOM
1987
15- الميثاق الخاص بالنظام المطبق على الشركات الصناعية متعددة الجنسيات في منطقة التبادل المفضل لدول إفريقيا الشرقية
1990
16- قرار رقم 292 للجنة اتفاق قرطا جنة : تقنين موحد للشركات متعددة الجنسيات في عهد الأنديين .
1991
17- اتفاق التبادل الحر شمال أمريكا
1992
18- المعاهدة المنشئة لسوق موحد لدول إفريقيا الشرقية وإفريقيا الوسطى
1993
19- برتوكول كولونيا حول تحسين والحماية الدورية للإستثمارات في داخل المركوسور MERCOSUR
1994
20- برتوكول حول تحسين وحماية الإستثمارات الأصلية لدول ليست أعضاء في MERCOSUR
1994
الوثائق متعددة الأطراف :
الوثيقة
التاريخ
1- تقنين تحرير تداول الإستثمارات OCDE
1961
21 تقنين تحرير العمليات غير المرئية الجارية
1961
3- إعلان الإستثمار الأجنبي والشركات متعددة الجنسيات ( OCDE )
1976
4- اتفاق بين الدول الأعضاء في المؤتمر الإسلامي حول ترقية وحماية وضمان الإستعمارات
1981
5- الإتفاقية الخامسة لومي ACP-LEE
1989
6- المبادئ غير الالزامية APEC الخاصة بالإستثمار
1994
7- العمل النهائي للمؤتمر حول الميثاق الأوروبي للطاقة معاهدة ميثاق الطاقة
- القرارات الخاصة بالميثاق وملاحق المعاهدة.
1994
الوثائق متعددة الأطراف الأكثر توسعا :
الوثيقة
التاريخ
1- إتفاقية تسوية المنازعات المتعلقة بالإستثمارات بين الدول و رعايا الدول الأخرى ( البنك العالمي ) .
1965
2- الإتفاقية الخاصة في إنشاء الوكالة متعددة الأطراف لضمان الإستثمارات ( البنك العالمي ).
1985
3- المبادئ التوجيهية لمعاملة الإستثمار المباشر الأجنبي (مجموعة البنك العالمي).
1992
4-إعلان المبادئ الثلاثي لمنظمة العمل الدولية OIT حول الشركات متعددة الجنسيات و السياسة الإجتماعية.
1977
5- مجموعة المبادئ و القواعد المنصفة المتفق عليها إتفاق متعدد الأطراف لرقابة الممارسات التجارية التقييدية ، تم إعتمادها بقرار 35/63 للجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة .
1980
6- مشروع مدونة السلوك الخاصة بنقل التكنولوجيا ، لم يتم إعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة .
1985
7- مشروع مدونة السلوك للأمم المتحدة الخاص بالشركات عبر الوطنية ، لم يتم إعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
1990