المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موضوع مميز الرُقْيَة الشّرعية من الكتاب والسُنَّة .


عَبِيرُ الإسلام
2015-03-19, 13:53
بسم الله الرّحمن الرّحيم


الرُقْيَة الشّرعية من الكتاب والسُنَّة .



الرّقية الشّرعية


الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان حفظه الله .


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فلا شك أن الإنسان في هذه الدنيا عرضة للابتلاء والامتحان، ومن ذلك ما يصيبه من الأمراض، فإنّها ابتلاؤه من الله، امتحانه من الله عز وجل؛ من أجل أن يتميز المؤمن الصادق - في إيمانه - الصابر المحتسب، ويتميّز المنافق وضعيف الإيمان والجزع والمتسخّط، ويتميز أيضا مَن يقتصر على العلاج بما أباح الله سبحانه وتعالى، من الذي لا يبالي فيتعالج بالحرام وبإفساد عقيدته،

يتميّز هذا من هذا، وهذا أمر مهم جداً، والمطلوب من المسلم إذا أصابه مرض أن يعلم أنّه من الله سبحانه وتعالى، فلا يجزع ولا يتسخّط، ويسعى أيضاً في العلاج المباح، إن الله سبحانه ما أنزل داء إلا أنزل له شفاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ،

ومن أعظم العلاج والأسباب المباركة، الرقية، والرقية معناها القراءة على المصاب بشيء من القرآن الكريم، ومن الأدعية الشّرعية، الرقية بالقرآن أو بالأدعية النبوية، هذا هو المطلوب من المسلم أن يقتصر عليه وأن يستعمله، والشفاء بيد الله سبحانه وتعالى، لا شك أن الله أنزل القرآن شفاء ورحمة ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) [فصلت: 44]، ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا ) [الإسراء: 82]،

فهو شفاء من الأمراض الحسّيّة، وشفاء من الأمراض المعنوية، من النفاق وأمراض القلوب ومن الهموم والأحزان والوساوس، القرآن شفاء ، والنبي صلى الله عليه وسلم - رقى بالقرآن، ورقي ورقاه جبريل عليه السلام بالقرآن، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم - رقى بالأدعية الشرعية، وهي معروفة ومروية بالأسانيد الصحيحة المدونة في الكتب – في كتب الحديث وفي كتب مستقلة تسمى بالطب النبوي،

فعلى المسلم أن يستعمل هذا العلاج الرباني النافع، ولا يذهب إلى الشّعوذات والخرافات والإشاعات الباطلة، التي تروج ويستغلها الأشرار من الذين يريدون أن يبتزوا أموال الناس بالدعايات الكاذبة، أو أشد من ذلك يريدون أن يفسدوا عقائدهم ويدخلوا عليهم السحر والشعوذات والرقى الشركية،

كانوا في الجاهلية يستعملون الرقية، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم - عنها فقال: "اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بها ما لم تكن شِرْكاً"، وهذا شيء يحتاجه الناس بلا شك، ولكن على المسلم أن يتحرّى حينما يريد أن يستعمل الرقية، أن يتحرّى الحق والصّواب فيها، ولا يذهب مع الإشاعات والأقوال الخارجة عن الحد المشروع، ولا يقال إن هذه جُرِّبَتْ وَنَفَعَتْ،

نَعَمْ قد تُجَرَّب وقد يكون فيها نفعٌ من باب الإستدراج، أو تصادف قضاءً وقدراً فيظنّون أنّها السبب، المدار على الوسيلة التي تستعمل هل هي صحيحة أم لا، وليس المدار على حصول النتيجة، فقط .

المدار على الطريقة هل هي صحيحة أم لا، لذلك ينبغي لمن أصيب وأراد الرقية ألاّ يذهب لأي أحد - لكل مَن هب ودب، بل لا يذهب إلاّ لمن هو معروف نشأته وموطنه - أين نشأ؟ - ومعروف في عقيدته - صحة العقيدة، ومعروف في علمه، وأنه لا يستعمل الأشياء المخالفة للشرع، ويشترط في الراقي أن تتوفر فيه هذه الشروط،

أما إذا كان مجهولاً أين نشأ ومن أين جاء، أو أنه معروف مَنْشَؤُهُ لكن ليس عنده علم ولا معرفة بالرقية وأحكامها، أو يعرف أن عنده انحراف في العقيدة، كل هؤلاء لا يجوز الذهاب إليهم،

وأعظم من ذلك إذا كانوا من السّحرة والكهّان والمنجّمين، قال صلى الله عليه وسلم: "مَن أتى كاهناً وصدّقه بما يقول فقد كفر بما نزل على محمد" صلى الله عليه وسلم، والحديث في السنن،

قال صلى الله عليه وسلم: "مَن أتى كاهناً لم تقبل له صلاة أربعين يوما"، والحديث في صحيح مسلم، فالذي يجهل شأنه ربّما يكون من هؤلاء، يكون من الكهان والمنجمين والسحرة، لا يجوز الذهاب إليه،

أو من الجهال، ليس من السحرة ولا من الكهان ولا من المنجّمين لكنّه جاهل، لا يذهب إليه لأنّه لا يميز بين الصحيح والفاسد، ثم أيضاً يكون للطمع مدخل يحمل بعض من يدعون الرقية منهم على الدعايات العريضة ليغر الناس بذلك، سمعنا من يقول القراءة المركزة بكذا والقراءة غير المركزة بكذا، هناك قراءة مركزة وقراءة غير مركزة؟

نعم يقولون هذا، اشتهر عنهم هذا، منهم من يرقي بواسطة التليفون أو الجوال، والرقية يشترط أن تكون مباشرة في حضور المريض وحضور الراقي، وأن ينفث عليه، وأن يقرأ من كتاب الله ويعوذه بالتعاويذ الشرعية مباشرة،

أما في التليفون أو في الجوال ولا يدري أين هو ولا يعرفه فهذا خطر عظيم، سمعنا من يقرأ في الوايت مملوء بالماء، يقرأ فيه أو في الخزان، هذا تلاعب بالرقية إلى هذا الحد!! فيجب التنبؤ بهذه الأمور،

ثم أيضاً مسألة الجوال أو الإنترنت قد ينشر من خلالهما ضلال وشر، اعمل كذا واعمل كذا، أو أنت مصاب بالسحر، أو أنت كذا وكذا، وأشد من ذلك ما حصل الآن من الفضائيات التي يستعملها السحرة والكهان والمنجمون وينشرون في الناس الشر والعقائد الباطلة، فيجب الحذر من هذه الأمور، لا تكون الرقية إلا عند أناس معروفين في علمهم وعقيدتهم وأمانتهم ومنشئهم؛ حتى تنضبط الرقية ولا يدخلها شيء من المحاذير الشرعية،

فلنكن من هذا الأمر على حذر شديد، منهم مَن يتعامل مع الجن ومع الشياطين، فيتكلمون ويقول: اسمع، هذا هو الذي أصابك، أصابك فلان، ويقول هذا من المسلمين من الجن، ما الذي أدراك أنه من المسلمين من الجن؟! ثم أيضاً لا يجوز الإستعانة بالجن؛ لأنّهم من عالم الغيب، عالم غائب عنك، لا يجوز الإستعانة بالغائب ولا بالميت، إنّما الإستعانة تكون بالحي الحاضر فيما يقدر عليه،

أما الذي يخبر عن المغيبات ويخبر عن الأمور الغائبة فهذا من الكهان، لا يجوز سؤاله ولا يجوز تصديقه ولا يجوز الذهاب إليه ولا يجوز التعامل معه بأي وسيلة،

والرقية توسّعت الآن ودخلها الطمع، وصارت متاجرة بدلاً من أن كانت عملاً صالحاً وعملاً طيباً، صارت متاجرة وصارت تراد لطلب الدنيا، وصارت تعتمد على الشائعات والكذب والخرافات، هناك كتب للطلاسم والسحر والتنجيم قد يشتريها هؤلاء وَيَقْرَأُونَ فيها ويستعملونها، كقراءة الكف والفنجان وما أشبه ذلك، كل هذا من الكهانة ومن الشعوذة ومن الشر والشِّرْك، فيجب الحذر من هؤلاء، ومن علم عنه أنّه يتلاعب وأنه ينشر مثل هذه الأمور فيجب الإبلاغ عنه بأسرع وقت، أن تبلغ عنه السلطة لأجل أن يؤخذ على يديه ويُحْمَى المسلمون من شرّه وتضليله.

هذه كلمات أردت بها التّنبيه فقط، وتفصيلها يطول، والحمد لله الرقية من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تستعمل ومنضبطة، لكن كثيراً من الناس لا يقتنع بالرقية الشرعية حتى يخرج إلى الرقية الشيطانية، فيخرج من دينه والعياذ بالله، فيجب الحذر من هذه الأمور.



.................................................. .......



مقدم المحاضرة: أحسن الله إليك، وهذا سائل يقول: يسجل في الجوال أحيانا محاورة مع الجن، ولا ندري هل المتكلم هو الجن حقيقة أم هو الرجل أم المرأة، لكن ما حكم هذا الفعل؟ وهل يجوز ذلك؟ وما حكم نشر هذه الرسائل؟

الشيخ: هذا ذكرناه لكم، قلنا لا تتعاملوا مع الجوالات، لا تتعاملوا معها أبدا؛ لأن الذين يختفون وراءها لا يُعْرَفُونَ، أَيَكُونُونَ من الدجالين. من السحرة. من الكهان. أو من الجهال الذين لا يفرقون بين الحق والباطل. فارفضوها رفضا تاما ولا تستعملوها أو تصدقوها.




مقدم المحاضرة: أحسن الله إليكم، وهذا يقول: بعض طلاب العلم يفتي بجواز حل السحر بسحر مثله، ويناقش في ذلك، ويقول إنه من التداوي المباح.

الشيخ: هذا سبق وعرض في مثل هذه الجلسات وأجبنا عليه وأجاب عنه غيرنا، هذا قول باطل قد أنكره علماء المملكة وأنكره العلماء في خارج المملكة والحمد لله، هذا قول باطل، لا يصح ولا يجوز العلاج بالسحر؛ لأن السحر كفر وشرك، ولا يجوز العلاج بالحرام فضلا عن الشِّرْك والكفر، قال صلى الله عليه وسلم: "تَدَاوَوْا، ولا تَتَدَاوَوْا بالحرام"، وقال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له"، أي العلاج بالسحر، فلا يجوز تعاطي السحر ولا عمله لا للعلاج ولا لغيره، والفتوى في هذا خطأ وقد بُيِّنَ الخطأُ في هذا والحمد لله، فلم يبق عذر لمن سمع أجوبة العلماء وإنكارهم لهذه الفتوى، لم يبق له عذر في قبولها، نعم.



مقدم المحاضرة: أحسن الله إليكم، وهذا يقول: كثر في الآونة الأخيرة الكتابة في الصحف حول الأبراج وما يدور في فلكها، فمنهم من يقول: "في اليوم الفلاني سوف تأتي موجة برد شديدة"، "وفي اليوم الفلاني سيأتي مطر"، "وفي اليوم الفلاني سيأتي حر"، وهكذا، فهل من كلمة حول ذلك؟

الشيخ: هذا لا يجوز، هذا من ادّعاء علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، فلا يجوز نشر هذه الأمور، إنها تشوش على الناس عقائدهم، وأيضا أشد من هذا أنه يقول: "إن كان برجك النجم الفلاني فأنت سعيد، وإن كنت ولدت في البرج الفلاني فأنت شقي وسيصيبك كذا وكذا"، هذا أمر باطل، ويجب الإنكار على من يفعل ذلك وينشره في الصحف، وقد صدرت فتوى قريبا في هذا الموضوع حول ما ينشر في الصحف في شئون الأبراج، وستنشر إن شاء الله.




مقدم المحاضرة: أحسن الله إليكم، وهذا يقول: في حادثة الطائف القريبة - والتي قبض فيها على أحد السحرة - ولما نوقش وتمت مساءلته قال: إنّه أخذ بفتوى أحد العلماء، فما توجيهكم - حفظكم الله؟

الشيخ: ما أحد من العلماء يفتي بعمل السحر، إن كان يقصد الذي يفتى بالعلاج - أن يعالج المسحور بالسحر - فهذه فتوى خاطئة كما عرفتم وسمعتم وقرأتم، فهي فتوى خاطئة ولا يجوز له أن يأخذ بالفتوى الخاطئة، لكن هذا لا يُلْتَمَسُ له عُذْرٌ وَمُبَرِّرٌ، وهو يعلم أنه كذابٌ وأنه ليس له عذرٌ، فلا يُلْتَفَتُ إلى قوله، وَيُجْرَى عليه الحكمُ الشرعيُّ، وليس هذا عذرًا له، نعم.




مقدم المحاضرة: أحسن الله إليكم، وهذا يقول: هل صحيح أن الفرق بين السحر والشعوذة أن الأول اتصال حقيقي بالشياطين والثاني اتصال وهمي؟

الشيخ: لا فرق بينهما، إلاّ أن السحر قد يكون حقيقيا وقد يكون تخيليا، والتّخييل هو الشعوذة على غير الحقيقة، مِنْ أنه يمشي على الجمر ومن أنه يمشي يجذب السيارة بشعره وأنه ينام على المسامير، هذه شعوذة، وسحر التخييل كذب وليس له حقيقة.



مقدم المحاضرة: أحسن الله إليكم، وهذا بعث بثلاث أسئلة، يقول: مَن يصاب بالعين أحيانا يذهب إلى مَن يتّهمه أنه أصابه، فيأخذ من آثاره من غير علم ويغتسل بها، فهل هذا العمل جائز؟

الشيخ: إذا غلب على ظنّه أنّه سيبرأ وأنّه مصاب من هذا الشخص بالعين فإنّه يعمل ما جاء في الحديث، أن يطلب من العائن أن يستغسل - يغسل بدنه - أو يتوضأ ثم ماء الوضوء أو غسالة البدن - وكذلك يغسل أطراف ردائه - ويأخذ الغسالة ويفيضها على جسمه ويغتسل بها، هذا هو العلاج الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "العين حق، ولو أن شيئا سبق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا"، ولا يجد في نفسه، والعائن لا يجد في نفسه إذا قيل له اغتسل لنا أو اغسل إزارك ، لا يجد في نفسه شيئا؛ لأنه امتثال لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا استغسلتم فاغسلوا"، هذا لن يضرّك، نعم.



مقدم المحاضرة: أحسن الله إليكم، وسؤاله الثاني يقول: إنه يعاني من وساوس داخلية، منها ما يتعلّق بالخالق سبحانه ومنها ما يتعلّق بنفسه، حتى يصل الأمر إلى أن هذا الوسواس يأمرني أن أقتل نفسي أو غيري وأن أعمل أمورا محرّمة، فما نصيحتكم لي؟

الشيخ: النصيحة أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وثانيا لا تعبأ بهذا، الوسواس لا يؤثر عليك، ارفضه رفضا تاما ولا تلتفت إليه ولا تتكلم بما وسوست به، أولا: تستعيذ بالله من الشيطان، ثانيا لا تتأثر به وترفضه رفضا تاما، ثالثا لا تتحدث به، بل ارفضه واتركه، وسيزول عنك بإذن الله.



مقدم المحاضرة: أحسن الله إليكم، وهذا يقول: أُصَابُ أحيانا بضيق الصدر ولا أعلم السبب، فما توجيهكم لي؟ وهل أذهب إلى الرقاة؟

الشيخ: هذا مثل ما سبق أنه وسواس من الشيطان، وعليه أن يتركه ولا يهتم به، ويزول عنه بإذن الله، وأن يكثر من ذكر الله عز وجل وسيجد الراحة بذكر الله وتلاوة القرآن، قال سبحانه: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28]، وقال سبحانه: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأعراف: 200].




مقدم المحاضرة: أحسن الله إليكم، وهذا يقول: بعض من يرقي من العين يقول للمرقي عليه: "إنك ستشاهد العائن أثناء رقيتي"، فهل هذا مقبول؟

الشيخ: هذا من التدجيل والكذب، وهذا من الشيطان هو الذي يتراءى ويظهر في صورة شخص ويقول هذا هو العائن، فليحذر من هذا، جاء شخص إلى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في انعقاد اللجنة ونحن معه، وكان من طلبة العلم الموثوقين، وقال له: "إني أرقي وأرى هذا، فهل يجوز لي أن أستمر؟" فقال له الشيخ: "لا تستمر في هذا العمل"، فتركه - جزاه الله خيرا، فهذا لا يجوز تصديقه، ولا يجوز للراقي أن يظهره، ويُعْتَقَدُ أنه شيطانٌ فلا يصدقه، نعم.



مقدم المحاضرة: أحسن الله إليكم، وهذا يقول: بعض الرقاة يأمر المريض بأن يقرأ سورة البقرة كاملة في جلسة واحدة، والبعض الآخر يقول: "ليس هناك دليل يخصص ذلك، بل يقرأ ما شاء من القرآن"، فأيهما أصح؟

الشيخ: هذا هو الصحيح، أن الأمر بقراءة سورة البقرة كاملة لا أصل له ولا دليل عليه، وهو تكليف أيضا بالمشقة، والرقية تكون بالآيات، مثل سورة الفاتحة، سورة الإخلاص، سورة الفلق، سورة الناس، تكون بهذه السور الكريمة، سورة الفاتحة لأنها أصل الرقية، ولم يرد أن البقرة تكون رقية، إنما جاء أن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة، ولم يأت ما يأمر بقراءتها على المريض، نعم.



مقدم المحاضرة: أحسن الله إليكم، هل مشاهدة قنوات السحر من أجل الفرجة هل يأثم من يفعل ذلك؟

الشيخ: نعم؛ لأن هذا من مشاهدة منكر، وربّما يتأثر بها ويصدّقها فينخلع من إيمانه وينقص دينه، فليبتعد عنها فإنّها شر، لا يشاهدها من أجل الفرجة، الفرجة على الشرّ وعلى الكفر لا يجوز، نعم.



مقدم المحاضرة: أحسن الله إليكم، وهذا يقول: إنه يشاهد بعض القنوات التي يكون فيها من يزعم أنه يعالج، وأحيانا يكون دكتورا ويعرض معظم الأمراض، ويسأل المريض عن اسمه واسم أمه، ثم يقول له: "فيك كذا وكذا، وافعل كذا وكذا"، فهل هذا يجوز؟

الشيخ: هذا ساحر، لماذا يسأل عن أمه؟! والرقية بواسطة البث الفضائي لا أصل لها، وكذلك إخباره أن فيك كذا وكذا، هذا يدعي علم الغيب، هذا ساحر وكاهن ودجال، فلا يجوز تصديقه ولا سؤاله.



والحمد لله رب العالمين.


http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13481


**********************************************


كيفية الرقية الشرعية


الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله


سماحة الشيخ يستفسر الكثير من الناس عن كيفية الرقية الشرعية؟


الجواب:

الرقية الشّرعية هي الرقية بالآيات والدّعوات الطيبة، هذه الرقية الشرعية، الرقية بالقرآن, أو بالدّعوات الطّيّبة. يرقي بالفاتحة ، بآية الكرسي ، بغيرها من الآيات قل هو الله أحد، بالمعوذتين بغيرها هذه ، هي الرقية الشّرعية، أو بالدعاء يدعو له: (أذهب البأس رب الناس واشفه أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما)، (بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك بسم الله أرقيك)، أو: (اللهم اشفه وعافه، اللهم أنزل عليه الشفاء، اللّهم أبْرِئْه من مرضه، وما أشبه ذلك الدّعوات الطيبة.


http://www.binbaz.org.sa/audio/noor/038208.mp3


http://www.binbaz.org.sa/mat/20862



تنبيه :


الموضوع في متابعة إن شاء الله ، أرجو عدم التعليق حتّى أنتهي من الموضوع بإذن الله .

عَبِيرُ الإسلام
2015-03-20, 19:17
بسم الله الرّحمن الرّحيم


الفتوى رقم: ١١٤٧

الصنف: فتاوى طبِّية


المفتي : أبو عبدالمعز محمّد علي فركوس وفّقه الله



في شروط مشروعية الرُّقْيَة


السؤال:

نرجو من شيخنا أبي عبد المعزِّ حفظه الله أن يبيِّنَ لنا بعض شروط الرقية الشرعية؟ وجزاكم الله خيرًا.


الجواب:


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فمشروعية الرقية تستوجب تحقيقَ معاييرَ معلومةٍ تظهر في الوجوه الآتية:

-الوجه الأوَّل: تجريد الرقية من الشِرْكِيَات، ويدلُّ عليه عمومُ الآيات والأحاديث الناهية عن الشِرْك بمختلف مظاهره، فضلاً عن حديث عوفِ بن مالكٍ الأشجعيِّ رضي الله عنه قال: «كُنَّا نَرْقِي فِي الجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا: «يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ ؟» فَقَالَ: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ»»(١).

والعلماء يتَّفقون على أنَّ الشِرْك لا يجوز التداوي به، وإن تنازعوا في جواز التداوي بالمحرَّمات كالخمر والميتة والخنزير؛ ذلك لأنَّ الشِّرك محرَّمٌ في كلِّ حالٍ، ولا يصحُّ القياس على التكلُّم به عند الإكراه كما في قوله تعالى: ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ﴾ [النحل: ١٠٦] لظهور الفرق بينهما، إذ المقيسُ عليه إنّما جاز للمكرَه المضطرِّ على القول مع اطمئنان قلبه بالإيمان، أي: أنَّ كلامه صدر منه وهو غيرُ راضٍ به، ولذلك عُفي عنه ولم يؤاخَذْ به في أحكام الدنيا والآخرة؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»(٢).

وليس في أمر العلاج بالرقية الشِّركية ضرورةُ إكراهٍ، وعلى فرض التّسليم فهو إكراهٌ على القول والفعل، أمَّا القول فلو لم يكن في قلبه زيغٌ لَمَا صار إليها؛ إذ إنَّ في الحقِّ ما يُغني عن الباطل، وأمَّا الفعل فمؤاخَذٌ به.

قال ابن القيِّم -رحمه الله-: «والفرق بين الأقوال والأفعال في الإكراه: أنَّ الأفعال إذا وقعتْ لم ترتفع مفسدتها، بل مفسدتُها معها، بخلاف الأقوال فإنّها يمكن إلغاؤها وجَعْلُها بمنزلة النائم والمجنون، فمفسدةُ الفعل الذي لا يُباح بالإكراه ثابتةٌ بخلاف مفسدة القول، فإنّها إنّما تثبت إذا كان قائلُه عالِمًا به مختارًا له»(٣).

ويقدح في القياس السابق -من جهةٍ أخرى- مقابلتُه للإجماع على عدم جواز التّداوي بالشِرْك كما تقدَّم، و«كُلُّ قِيَاسٍ فِي مُقَابَلَةِ نَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ فَاسِدُ الاعْتِبَارِ»، كما هو مقرَّرٌ في القواعد.


-الوجه الثاني: خلوُّ الممارِس للرقية -الراقي- من الصفات القادحة في الدِّين والعدالة، فلا يجوز طلبُ الرقية من ساحرٍ أو كاهنٍ أو عرَّافٍ أو منجِّمٍ أو رمَّالٍ أو نحوِهم ممَّن يدَّعون علْمَ شيءٍ من المغيَّبات؛ لِما في ذلك من المشابهة لحال الجاهلية، ولو قُدِّر أَنَّ عندهم رقيةً صحيحةً؛ إلاَّ أنه لا يُؤْمَن أن يخلطها بشيءٍ من السحر والكهانة والشعوذة، فيُمنع سدًّا للذريعة إلى المحرَّم، و«الأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى النَّظَرِ إِلَى المَآلِ»، ووسائل المحظور تفضي إليه.

وعملُ السحر حرامٌ، وهو من الكبائر بالإجماع(٤)، لقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوت ﴾ [البقرة: ١٠٢]، وقوله تعالى: ﴿وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طه: ٦٩].

فلو كانت في رقية الساحر منفعةٌ للناس لَما أمر الشارع بقتل الساحر ولَما عَدَّ السِّحرَ من الموبِقات في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «اجْتَنِبُوا المُوبِقَاتِ: الشِّرْكُ بِاللهِ وَالسِّحْرُ..»(٥) الحديث.

ولَمَّا كان محرَّمًا لم يجعلِ اللهُ شفاءَ أمَّته فيما حرَّم عليها بقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «يَا عِبَادَ اللهِ، تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ شِفَاءً»(٦)، وقولِه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلاَ تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ»(٧)، وفي حديثٍ: «إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِي حَرَامٍ»(٨).

ويدخل في النّهي عن إتيانه للرقية كُلٌّ من: الكُهَّان والعرَّافين، ففي الحديث: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ»(٩).

وقد أوضح ابنُ القيِّم -رحمه الله- أنَّ الكهنة رُسُلُ الشيطان حقيقةً، وأنَّ الناس قسمان: أتباع الكهنة، وأتباع رسل الله، فلا يجتمع في العبد أن يكون من هؤلاء وهؤلاء، بل يَبعُد عن الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بقدر قُربه من الكاهن، ويُكذِّب الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بقدر تصديقه للكاهن.

وَلَمَّا كان بين النوعين أعظمُ التضادِّ قال الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»(١٠)(١١). ويُلحق بهم كلُّ مشاركٍ لهم في المعنى ممَّن أتاهم فصدَّقهم فيما يقولون.


فالحاصل:

أنَّ على الرّاقي أن يكون معروفًا بسلامة عقيدته، ولا تلازمه صفاتٌ قبيحةٌ شرعًا، وأن يكون ملتزمًا في الظاهر بالأمور الشرعية، وحتى تكون الرقية ناجعةً ينبغي أن يكون مستجمعًا لشرائط الدعاء، مع الحرص على الأكل الحلال، والحذر من المال الحرام أو المشتبه فيه؛ لأنَّ طِيبَ المطعم من أسباب قَبول الدعاء، وذكر النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ»(١٢)، ضِمْنَ توجُّهٍ قلبيٍّ قويٍّ إلى الله تعالى مليءٍ بالتقوى والتوكُّل والإخلاص.

وحقيقٌ بالتّنبيه: أنَّ الراقيَ إذا كان مشغولاً بعلاجه للعليل، ولا يُستغنى عن تعاوُنه في الحال، أو يَخاف زيادةَ المرض أو بُطأَهُ وتأخيرَه؛ فهو معدودٌ في حكم المريض الذي يشقُّ عليه حضورُ صلاة الجماعة، ففي الحديث أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «الجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِلاَّ أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ»(١٣).



-الوجه الثالث: وضوح الرقية في عباراتها ومعانيها، وفي هيئاتها، أي: أن تكون صافيةً من كلِّ العبارات المَنْهِيِّ عنها، فلا تُشرع الرقية بعباراتٍ غيرِ مفهومةٍ أو غير معقولة المعنى خشيةَ تلبُّسِها واختلاطها بكلام أهل الباطل، والوقوعِ في مظنَّةِ الشِّرك وشَرَكِه الشيطانية، فإنَّ مِثْلَ هذا يفتح البابَ واسعًا لتسويغِ أعمالِ أهل الباطل من السحرة والكهنة والعرَّافين وأشباههم.

وقد نقل ابنُ حجرٍ -رحمه الله- إجماعَ العلماء على جواز الرقى عند تحقُّق اجتماع ثلاثة شروطٍ:

أ- أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته.

ب- أن تكون باللسان العربيِّ أو بما يُعرف معناه مِن غيره.

ﺟ- أن يعتقد أنَّ الرقية لا تؤثِّر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى(١٤).


فمِن صفاء الرقية في عباراتها: أن تكون خاليةً من الكلام الشِّركيِّ والألفاظ القبيحة الجارحة التي يتعرَّض فيها لأعراض المسلمين بالقدح واللعن والسبِّ والشتم ونحوها، سواءٌ كان مقصودُه الطعنَ في الجِنِّيِّ المتلبِّس أو استعمالَها بغرض العلاج؛ لأنَّ مثل هذا يُعَدُّ من التداوي المنهيِّ عنه بقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» الحديث(١٥)، والتداوي بالمنهيِّ عنه غيرُ جائزٍ كما تقدَّم.

-وينبغي أن تكون هيئاتُها مباحةً، أي: لا يجوز أن يَرْقِيَ على وضعيةٍ منهيٍّ عنها يتقصَّدها، أو هيئةٍ مُحرَّمةٍ يأتي بها، فإنَّ ذلك يُمنع سدًّا لذريعة الشِّرْك وأعمال الدجَّالين والمشعوذين وإخوانهم، مثل مَن يخصِّص الرقيةَ عند مكانٍ يُنهى عن الصلاة فيه كالمقبرة والحمَّام، أو يترصَّد زمنًا معيَّنًا كبروز القمر والنجوم على حالةٍ ما ليَرْقِيَ فيها المريضَ، أو يلطِّخُ ذاتَه أو ذاتَ المسترقي بالنجاسات، أو يفرش أتربةَ أضرحةِ القبور قَصْدَ الرقية عليها.

قال ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما في أناسٍ يكتبون أَبَاجَادَ وينظرون في النجوم: «مَا أَدْرِي مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ اللهِ خَلاَقٌ!»(١٦).

أو على هيئةٍ تُكشَفُ فيها العوراتُ، أو يضع يدَه على الأجنبيات -ولو من وراء حائلٍ أو سِتارٍ- فيما لا تدعو الحاجة إليه في الأصل؛ ذلك لأنَّ الرقية بالمعوِّذات وغيرها من أسماء الله تعالى هي الطِّبُّ الروحانيُّ، فلا يُتطلَّب فيه لحصول الشفاء -بإذن الله- سوى صدقِ توجُّه المداوي، وقُوَّةِ قلبه بالتقوى والتوكُّلِ وسلامة القصد من العِلَلِ، على ما أفادتْه قصَّةُ المرأة السوداء رضي الله عنها التي كانت تُصرع وتتكشَّفُ، فسألت النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أن يدعوَ لها، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةَ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ»، فَقَالَتْ: «أَصْبِرُ»، فَقَالَتْ: «إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللهَ لِي أَلاَّ أَتَكَشَّفَ»، فَدَعَا لَهَا(١٧).


والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.

الجزائر: ٠٥ جمادى الأولى ١٤١٨ﻫ

الموافق ﻟ: ٠٧ سبتمبر ١٩٩٧م

---------------------------------------------------------------------------------

(١) أخرجه مسلم في «السلام» (٢٢٠٠) من حديث عوف بن مالكٍ الأشجعي رضي الله عنه.

(٢) أخرجه ابن عديٍّ في «الكامل» (٢/ ٥٧٣) من حديث أبي بكرة بلفظ: «رَفَعَ اللهُ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ ثَلاَثًا...». وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/ ٩٥)، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ١٩٨)، والبيهقي في «سننه الكبرى» (٧/ ٣٥٦) من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما بلفظ: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي…». وفي لفظ ابن ماجه (١/ ٦٥٩): «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي…». وللحديث طرقٌ أخرى، منها حديث أبي ذر، وأبي هريرة، وأبي الدرداء، وابن عمر رضي الله عنهم.
قال السخاوي في «المقاصد الحسنة» (٣٧١): «ومجموع هذه الطرق يُظهر أنَّ للحديث أصلاً». وقد صحَّحه ابن حزمٍ في «الإحكام» (٥/ ١٤٩)، وقال النووي في «الأربعين»: حديثٌ حسنٌ.
انظر: «نصب الراية» للزيلعي (٢/ ٦٤)، و«الدراية» (١/ ١٧٥)، «التلخيص» (١/ ٢٨١) كلاهما لابن حجر، «كشف الخفاء» للعجلوني (١/ ٥٢٢)، «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (٣٥٠)، «إرواء الغليل» للألباني (١/ ١٢٣).

(٣) «زاد المعاد» (٥/ ٢٠٥، ٢٠٦).

(٤) انظر نقل الإجماع في «الفتح» لابن حجر (١٠/ ٢٢٤).

(٥) متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «الطبِّ» باب: الشرك والسحر من الموبقات (٥٧٦٤)، ومسلم في «الإيمان» (٨٩)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(٦) أخرجه أحمد في «مسنده» (١٨٤٥٦)، وأبو داود (٢/ ٣٩٦) والترمذي في «الطبِّ» باب ما جاء في الدواء والحثِّ عليه (٢٠٣٨)، من حديث أسامة بن شريكٍ رضي الله عنه، قال الترمذي: «هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ»، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٢٩٣٠)، وروى البخاري طرفًا منه في «الطبِّ» باب ما أنزل الله داءً إلاَّ أنزل له شفاءً (٥٦٧٨) بلفظ: «مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٧) أخرجه أبو داود في «الطبِّ» بابٌ في الأدوية المكروهة (٣٨٧٤)، والبيهقي (١٩٦٨١)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وانظر «السلسلة الصحيحة» للألباني (٤/ ١٧٤).

(٨) أخرجه ابن حبَّان في «صحيحه» (١٣٩١) من حديث أمِّ سلمة رضي الله عنها، وبمعناه عند البخاري في «الأشربة» باب شراب الحلواء والعسل موقوفًا على ابن مسعودٍ رضي الله عنه، وحسَّنه الألباني لغيره في «التعليقات الحسان» (١٣٨٨).

(٩) رواه البزَّار في «مسنده» (٣٥٧٨)، وذكره الهيثمي في «المجمع» (٥/ ١١٧) وقال: «رواه البزَّار، ورجاله رجال الصحيح، خلا إسحاق بن ربيعٍ، وهو ثقةٌ»، وذكره المنذري من حديث عمران بن حصينٍ رضي الله عنه (٤/ ٥٢)، وله شاهدٌ من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما يرتقي به إلى درجة الحسن. انظر: «السلسلة الصحيحة» للألباني (٥/ ٢٢٨).

(١٠) ذكره الهيثمي في «المجمع» (٥/ ١١٨)، وقال: «رواه البزَّار، ورجاله رجال الصحيح، خلا هبيرة بن مريم، وهو ثقةٌ»، والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح الجامع الصغير» (٥/ ٢٢٣).

(١١) «إغاثة اللهفان» لابن القيِّم (١/ ١٩٧).

(١٢) أخرجه مسلم في «الزكاة» (١٠١٥) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(١٣) أخرجه أبو داود في «الصلاة» باب الجمعة للمملوك والمرأة (١٠٦٧) من حديث طارق بن شهابٍ رضي الله عنه، والحاكم في «مستدركه» (١٠٦٢) من حديث طارق بن شهابٍ عن أبي موسى رضي الله عنهما، وصحَّح إسنادَه النووي، وقال الحافظ في «التلخيص» (٢/ ٦٣): «وصحَّحه غير واحدٍ»، وصحَّحه الألباني -أيضًا- في «الإرواء» (٣/ ٥٤).

(١٤) «فتح الباري» لابن حجر (١٠/ ١٩٥).

(١٥) أخرجه البخاري في «الحجِّ» باب الخطبة أيَّامَ منى (١٧٣٩) من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، ومسلم في «القسامة والمحاربين والقصاص والديات» (١٦٧٩) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

(١٦) أخرجه عبد الرزَّاق في «المصنَّف» (١١/ ٢٦)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٨/ ١٣٩).

(١٧) أخرجه البخاري في «المرضى» باب فضل من يُصرع من الريح (٥٦٥٢)، ومسلم في «البرِّ والصلة والآداب» (٢٥٧٦)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما.


http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1147



الفتوى رقم: ١١٤٤


في حكم الرقية بغير المأثور


السؤال:

هل الرقية توقيفيةٌ أم لا ؟ وهل يجوز الرقية بغير المأثور ؟

فإذا كانت توقيفيةً فهل الزيادة عليها تُعَدُّ شركًا وشعوذةً كما يعتقد بعضُ الناس، مع إيراد الأدلَّة على ذلك ؟

وإذا لم تكن توقيفيةً فما دليل الشرع على ذلك ؟


الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالرقيةُ المأثورة من حيث ذاتُها توقيفيةٌ في هيئاتها وصفاتها، وأوقاتِها وزمانها وعددها، فلا تجوز الزيادةُ عليها ولا النقص منها؛ لِمَا في ذلك من الاستدراك على النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم والتهمة له، فالراقي المباشرُ لها لا خِيَرَة له فيها؛ لِمَا اقترن بها من شائبة التعبُّد الذي لا عَقْلَ لمعناه في العدد ومُجملِ صفاته، سواءٌ كان اقتضاءً أو تخييرًا؛ لأنَّ «التَّخْيِيرَ فِي التَّعَبُّدَاتِ إِلْزَامٌ» كما أنَّ «الاقْتِضَاءَ إِلْزَامٌ» على ما قرَّره الشاطبيُّ رحمه الله(١).

وعليه، فالجديرُ بالراقي التقيُّدُ بالثابت من الرقية الشّرعية في جميع صفاتها، فما نصَّ عليه النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من الأدوية والرُّقى ينبغي تقديمه على التجربة، كما في حديث العسل: «صَدَقَ اللهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ»(٢)؛ ذلك لأنَّ علم أهل الطِّب والصناعة مَدَارُه غالبًا على التجربة المبنيَّة على ظنٍّ غالبٍ، فتصديقُ مَن لا ينطق عن الهوى أَوْلَى بالتقديم من كلامهم.

وقد أفاد ابن القيِّم -رحمه الله- أنَّ الطِبَّ النبويَّ ليس كطبِّ الأطبَّاء، فإنَّ طبَّ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم متيقَّنٌ قطعيٌّ إلهيٌّ صادرٌ عن الوحي ومشكاة النبوَّة وكمال العقل، وطبُّ غيره أكثرُه حدْسٌ وظنونٌ وتجارب(٣).

قال القرطبيُّ -رحمه الله-: «فإنْ كان مأثورًا فيُستحبُّ»(٤).

هذا، وإذا كانت الرقية المأثورة لها حكمُ الأولوية في التقديم، إلاَّ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم رخَّص في رقية بعض الأمراض والأعراض من غير تقييدٍ بالمأثور، على نحو ما ثبت من حديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: «رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّقْيَةِ مِنَ العَيْنِ وَالحُمَةِ(٥) وَالنَّمْلَةِ»(٦)، وحديثِ عمرانَ بنِ حصينٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ»(٧).

أمَّا الرقية غير المأثورةِ ولا الواردةِ كيفيَّتُها شرعًا والخاليةُ من المحاذير الشرعية؛ فحكمُ ممارستها مختلَفٌ فيه، ويرجع سبب الخلاف إلى أنَّ ممارسة الرقية: هل هي من جنس التداوي بالأدوية والأعشاب الطبِّيَّة أم تتوقَّف معرفتها على الشرع ؟

والأشبه في الرقية غير المنصوص عليها -وإن كانت من الطِّبِّ الروحانيِّ- أنها لصيقةٌ بالطبِّ الجسمانيِّ من جهة اعتمادها على الاجتهاد والتجربة العملية، والإستعانةِ بالله في تحقيق نفعها. والأخذُ بالتجربة البشرية يجوز إذا أظهرت نجوعًا وفائدةً وخَلَتْ من أيِّ محذورٍ شرعيٍّ؛ لأنَّ ثمرتها حفظُ الصحَّة للأصحَّاء، ودفعُ المرض عن المرضى بالمداواة حتى يحصل لهم البُرْءُ من أمراضهم.

قال ابن خلدون -رحمه الله-: «كان عند العرب من هذا الطبِّ كثيرٌ، وكان فيهم أطبَّاءُ معروفون كالحارث بنِ كَلَدَةَ وغيره، والطبُّ المنقول في الشّرعيات من هذا القبيل، وليس من الوحي في شيءٍ، وإنّما هو أمرٌ كان عاديًّا للعرب»(٨).

ويدلُّ عليه ما رواه مسلمٌ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرُّقَى، فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنَ العَقْرَبِ، وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى»، قَالَ: فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: «مَا أَرَى بَأْسًا، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ»»(٩).

والحديث يدلُّ على أنَّ الطبَّ أو الرقية لا تتوقَّف معرفتُها على التَّلَقِّي من النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أي: أنَّ طريقها ليس الوحيَ باللّزوم، وأنَّ أيَّ اجتهادٍ في دفعِ الضرر ورفعِ البلاء مُعرًّى من أيِّ محذورٍ شرعيٍّ مقبولٌ نفعُه، وجملةُ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ» -وإن وقعت على سببٍ خاصٍّ وهو الرقية من العقرب- فإنَّ «العِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لاَ بِخُصُوصِ السَّبَبِ»، على ما هو مقرَّرٌ أصوليًّا.


وفي مَعْرِض شرح حديث ابن عبَّاسٍ وأبي سعيدٍ رضي الله عنهم في قصَّة اللّديغ(١٠) قال الشوكانيُّ -رحمه الله-:

«وفي الحديث دليلٌ على جواز الرقية بكتاب الله تعالى، ويلتحق به ما كان بالذِّكر والدعاء المأثور، وكذا غير المأثور ممَّا لا يُخالف ما في المأثور»(١١).

ويصحِّح هذا القولَ حديثُ عوف بن مالكٍ الأشجعيِّ رضي الله عنه قال: «كُنَّا نَرْقِي فِي الجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا: «يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ ؟» فَقَالَ: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ»»(١٢).

«وفيه دليلٌ على جواز الرُّقى والتطبُّب بما لا ضررَ فيه ولا مَنْعَ من جهة الشرع»(١٣). وعبارةُ الحديث: «لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ تَكُنْ شِرْكًا» تضمَّنت توجيهًا عامًّا غيْرَ قاصرٍ على الرقية المعروضة عليه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وإنّما جاء إرشاده مُطلقًا من غير تحديدٍ للسّور القرآنية، ولا تَعْدادٍ للآيات المقروءة، ولا تعيينٍ للأدعية الواردة والأذكار المأثورة، فمتى كانت الرقية سالمةً من شركٍ أو توسُّلٍ بغير الله أو دعاءِ الجنِّ والشياطين أو الذبح لغير الله، أو ألفاظٍ مجهولةٍ أو عملٍ مخالفٍ للشريعة كترك الصلوات وأكلِ النجاسات؛ جازت بلا كراهةٍ.

وهذه الرُقَى المعروضة التي كانت تُستعمَل في الجاهلية ليست توقيفيةً كما يظهر، فلو كان الجوازُ محصورًا في الثابت بالوحي؛ لَلَزِمَ منه إنكارُ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لها لكونها في مَعْرِض البيان، و«تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ لاَ يَجُوزُ».

ويؤكِّد هذا المعنى -بلا ريبٍ- إقرارُه صلَّى الله عليه وسلَّم لرقية الشفاء بنت عبد الله المتلقَّاةِ من غير طريقه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، ولمَّا كانت رقيتها خاليةً من أيِّ محذورٍ شركيٍّ أذن لها النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في ممارستها، فقد روى الحاكم بالسند الصحيح: «أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَرَجَتْ بِهِ نَمْلَةٌ(١٤)، فَدُلَّ أَنَّ الشِّفَاءَ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ تَرْقِي مِنَ النَّمْلَةِ، فَجَاءَهَا فَسَأَلَهَا أَنْ تَرْقِيَهُ، فَقَالَتْ: «وَاللهِ مَا رَقَيْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ»، فَذَهَبَ الأَنْصَارِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَالَتِ الشِّفَاءُ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّفَاءَ فَقَالَ: «اعْرِضِي عَلَيَّ»، فَأَعْرَضَتْهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: «ارْقِيهِ وَعَلِّمِيهَا حَفْصَةَ كَمَا عَلَّمْتِيهَا الكِتَابَ»». وفي روايةٍ: «الكِتَابَةَ»(١٥).

هذا، وقد ورد أنَّ الرقية مشروعةٌ في كلِّ ما يؤذي أو يُسَبِّب شكوى، وليست محصورةً في العَين والحُمَة، على ما ذهب إليه بعضهم، وإنما معناه: لا رقيةَ أَوْلَى سعيًا لطلبِ الشفاء لها من العين والحُمَة، والنبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم رَقَى ورُقِيَ، فقد روى مسلمٌ عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: «أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا»»(١٦).

ومن ذلك حديثُ عثمانَ بنِ أبي العاص الثقفيِّ رضي الله عنه: «أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ ثَلاَثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ»»(١٧).

ويمكن الاستئناس بما ورد من حديث عمرةَ بنتِ عبد الرحمن -مع ما فيه من انقطاعٍ- أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَهِيَ تَشْتَكِي وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللهِ»(١٨).

والحديثُ يفيد -من جهةٍ أخرى- عدمَ توقيفية الرقية؛ لأنَّ اليهود كانوا يرقون بالتوراة، وإن اختلف الناس في حكم استرقاء أهل الكتاب، إلاَّ أنَّ سبب الخلاف يرجع إلى ذات التوراة التي يُرقى بها: أهي المحرَّفة والمبدَّلة، أم يَحرصون على الرقية بها غيْرَ مبدَّلةٍ حفاظًا على فائدتها ؟

والثاني أَوْلَى عند قومٍ، لذلك أمر أبو بكرٍ رضي الله عنه أن تَرْقِيَها بما في التوراة، لأَمْنِ دخول التبديل والتحريف، إذ لا جدوى ولا فائدة فيها إذا غُيِّرتْ، وبهذا أخذ الشافعيُّ(١٩)، خلافًا لمذهب ابن مسعودٍ رضي الله عنه، فإنه يرى عدمَ جواز رقية أهل الكتاب، وكرهها مالكٌ -رحمه الله-، ويُحمل ما رآه ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه على أنَّ أهل الكتاب مشركون، فلا يَبْعُد أن تتضمَّن رقيتُهم شركًا، أمَّا كراهية مالكٍ فمحمولةٌ على أنَّ الرقية بالتوراة يُخشى أن تكون ممَّا بدَّلوه، والحاذقُ يأنف أن يبدِّل حرصًا على استمرار وصفِه بالحذق لترويج صناعته.

وإذا كانت رُقى أهل الجاهلية الوثنيِّين الخاليةُ من الشرك والمُجرَّبةُ المنفعةِ جائزةً؛ فمِن بابٍ أَوْلَى تجوز رُقى أهل الكتاب لحرصهم على التماس فائدتها باستبقائها غيْرَ محرَّفةٍ، علمًا بأنَّ مواضع التحريف محصورةٌ غالبًا في التثليث والصَّلْب والبشارة بالنبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وما يَمَسُّ عقيدتَهم الباطلة.

كذا يتقرَّر الحكم في الأصل، ويبقى في الواقع يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال(٢٠).

ويؤكِّد ما أفاده الحديثُ السابق قصَّةُ ضِماد بن ثعلبة الأزديِّ رضي الله عنه(٢١) الذي كان يرقي من الريح(٢٢)، وردتْ قصَّتُه مع النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في «صحيح مسلم» من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما(٢٣)، وقد كان يمارسها في الجاهلية قبل دخوله في الإسلام. وفضلاً عمَّا تقدَّم فإنَّ ممَّا يدلُّ على عدم إرادة الحصر في حديث عمرانَ بنِ حصينٍ رضي الله عنه السابقِ حديثُ أبي سعيدٍ رضي الله عنه عند مسلمٍ: «أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، اشْتَكَيْتَ ؟!» فَقَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ، بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ»»(٢٤).

ولا تخفى دلالةُ الحديث على عموم كلِّ شكوى، وهو من العموم الظاهر المنطوق، وما أفاده الحصرُ فمفهومٌ، و«المَنْطُوقُ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ»، وللحصر جوابٌ آخَرُ ذكره ابن حجرٍ -رحمه الله- بقوله: «إنَّ معنى الحصر فيه أنهما أصلُ كلِّ ما يَحتاج إلى الرقية، فيَلتحق بالعين جوازُ رقية مَن به خَبَلٌ أو مسٌّ ونحوُ ذلك؛ لاشتراكها في كونها تنشأ عن أحوالٍ شيطانيةٍ من إنسيٍّ أو جِنِّيٍّ، ويلتحق بالسُّمِّ كُلُّ ما عَرَضَ للبدن من قرحٍ ونحوه من الموادِّ السُّمِّيَّة»(٢٥).

وللحديث جوابٌ ثالثٌ يتمثَّل في أنَّ النفي محمولٌ في حديث عمرانَ بنِ حصينٍ رضي الله عنه على نفي الكمال والنفع، أي: «لا رقيةَ أَوْلَى وأنفعُ منها في العين والحُمَة»، كما قرَّره ابن القيِّم(٢٦).


والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.

الجزائر: ٠٥ جمادى الأولى ١٤١٨ﻫ

الموافق ﻟ: ٠٧ سبتمبر ١٩٩٧م

-----------------------------------------------------------------------------------------

(١) «الاعتصام» للشاطبي (١/ ٣٤٨).

(٢) متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «الطبِّ» باب الدواء بالعسل (٥٦٨٤)، ومسلم في «السلام» (٢٢١٧)، من حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه.

(٣) «زاد المعاد» لابن القيِّم (٣/ ٧٤).

(٤) «فتح الباري» لابن حجر (١٠/ ١٩٧).

(٥) «الحمة» بالتخفيف: السمُّ، وقد يُشدَّد، ويُطلق على إبرة العقرب للمجاورة. [«النهاية» لابن الأثير (١/ ٤٤٦)].

(٦) أخرجه مسلم في «السلام» (٢١٩٦)، من حديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه.

(٧) أخرجه البخاري في «الطب» باب من اكتوى أو كوى غيره، وفضل من لم يكتو (٥٧٠٥) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، ومسلم في «الإيمان» (٢٢٠) من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه.

(٨) «مقدمة ابن خلدون» (٤٩٣).

(٩) أخرجه مسلم في «السلام» (٢١٩٩)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(١٠) أخرجه البخاري في «الطب» باب الرقى بفاتحة الكتاب (٥٧٣٦)، ومسلم في «السلام» (٢٢٠١)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وأخرجه البخاري في «الطب» باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم (٥٧٣٧)، وابن حبان في «صحيحه» (٥١٤٦)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(١١) «نيل الأوطار» للشوكاني (٧/ ٤٠).

(١٢) أخرجه مسلم في «السلام» (٢٢٠٠) من حديث عوف بن مالكٍ الأشجعيِّ رضي الله عنه.

(١٣) «نيل الأوطار» للشوكاني (١٠/ ١٨٥).

(١٤) النملة: قروحٌ تخرج في الجنب، وقد تخرج في غير الجنب. [«النهاية» لابن الأثير (٥/ ١٢٠)، «جامع الأصول» لابن الأثير (٧/ ٥٥٦)].

(١٥) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٦٨٨٨)، من حديث الشفاء بنت عبد الله رضي الله عنها. [انظر: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للألباني (١٧٨)]. ورواية: «الكتابة» أخرجها أحمد في «المسند» (٢٧٠٩٥)، وأبو داود في «الطبِّ» باب ما جاء في الرقى (٣٨٨٧)، من حديث الشفاء بنت عبد الله رضي الله عنها.

(١٦) أخرجه مسلم في «السلام» (٢١٩١)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

(١٧) أخرجه مسلم في «السلام» (٢٢٠٢)، من حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه.

(١٨) أخرجه مالك في «الموطَّأ» (٣/ ١٢١)، وابن أبي شيبة في «المصنَّف» (٥/ ٤٧)، من حديث عمرة بنت عبد الرحمن، وسكت عنه ابن حجر في «الفتح» (١٠/ ١٩٧)، وقال الألباني في «الصحيحة» (٦/ ٢/ ١١٦٧): «وهذا إسنادٌ رواته ثقاتٌ، لكنَّه منقطعٌ، فإنَّ عمرة هذه لم تُدرك أبا بكرٍ رضي الله عنه، فإنها وُلدت بعد وفاته بثلاث عشرة سنةً».

(١٩) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (١٠/ ١٩٧).

(٢٠) المصدر السابق (١٠/ ١٩٧).

(٢١) قال ابن عبد البرِّ في «الاستيعاب» (٢/ ٧٥١): «كان صديقًا للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الجاهلية، وكان رجلاً يتطبَّب ويرقي ويطلب العلم، أسلم أوَّلَ الإسلام». [انظر ترجمته في: «أسد الغابة» لابن الأثير (٣/ ٤١)، «الإصابة» لابن حجر (٢/ ٢١٠)].

(٢٢) ريح: ويقال: أرواح، وهي كنايةٌ عن الجِنِّ، وسُمُّوا أرواحًا لكونهم لا يُرون، فهم بمنزلة الأرواح. [«النهاية» لابن الأثير (٢/ ٢٧٢)].

(٢٣) أخرجه مسلم في «الجمعة» (٨٦٨)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، وقصَّته: «أَنََّ ضِمادًا قدم مكَّةَ وكان من أزد شنوءة، وكان يرقي من هذه الريح، فسمع سفهاءَ من أهل مكَّة يقولون: إنَّ محمَّدًا مجنونٌ، فقال: لو أنِّي رأيت هذا الرجل لعلَّ اللهَ يشفيه على يدي، قال: فلقيه، فقال: يا محمَّد إني أرقي من هذه الريح، وإنَّ الله يشفي على يدي من يشاء، فهل لك ؟ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ. قال: فقال: أَعِدْ عَلَيَّ كلماتِك هؤلاء، فأعادهنَّ عليه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثلاثَ مرَّاتٍ، قال: فقال: لقد سمعتُ قولَ الكهنة، وقولَ السحرة، وقولَ الشعراء، فما سمعت مثلَ كلماتك هؤلاء، ولقد بلغن ناعوس البحر، قال: فقال: هات يدك أبايعكَ على الإسلام، قال: فبايعه، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: وَعَلَى قَوْمِكَ ! قال: وعلى قومي. قال: فبعث رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم سريَّةً فمرُّوا بقومه، فقال صاحبُ السريَّة للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئًا ؟ فقال رجلٌ من القوم: أصبت منهم مطهرةً، فقال: رُدُّوها فإنَّ هؤلاء قوم ضمادٍ».

(٢٤) أخرجه مسلم في «السلام» (٢١٨٦)، من حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه.

(٢٥) «فتح الباري» لابن حجر (١٠/ ١٩٦)، «نيل الأوطار» للشوكاني (١٠/ ١٨٦).

(٢٦) «الطبُّ النبوي» لابن القيِّم (١٧٤ - ١٧٥)، و«فتح الباري» لابن حجر (١٠/ ١٧٣ - ١٩٦).


http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1144



وللحديث بقية إن شاء الله

أبو همام الجزائري
2015-03-20, 20:58
حفظ الله أهل السنة وجزاكم الله خيرا

عَبِيرُ الإسلام
2015-03-24, 21:02
بسم الله الرّحمن الرّحيم


حفظ الله أهل السنة وجزاكم الله خيرا



آمين...وفّقكم الله للخير والعلم والفلاح .

لكنّني لازلتُ أكتب الإضافات إن شاء الله ، أرجو من الإخوة والأخوات عدم التّعقيب حتّى أكتب: تمّ بحمدالله ، مع احترامي الكبير والتّقدير للجميع .


الخاتمة1


الفتوى رقم: ١١٤٢

الصنف: فتاوى طبِّية


في حكم الرقية في الماء والزيت والعسل


الشيخ محمد علي فركوس وفّقه الله .


السؤال:

هل يجوز استعمال الماء والزيت والعسل ونحوها في الرقية الشرعية ؟ وجزاكم الله خيرا.


الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإذا كانت الرقيةُ الخالية من الشِّرك جائزةً بقراءة سورٍ من القرآن والأدعية والأذكار الثابتة، فإنّه لا يُمنع التداوي بها مع ماءٍ قُرئ فيه القرآنُ، أو عسلٍ أو زيتٍ، وأشباهِ ذلك من الأدوية المباحة والأعشاب الطبِّيَّةِ المشروعة لمن له معرفةٌ بأمور الطِّبِّ فيما يخصُّ التداويَ بها؛ ذلك لأنَّ الله تعالى أودع في ذاتها نفعًا لتكون بمفردها أو باختلاطها مع غيرها من الأدوية والرُّقى علاجًا لمختلف الأمراض البدنية.

وقد قال تعالى في شأن الماء: ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا ﴾ [ق: ٩]، وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴾ [الفرقان:٤٨]، وقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾ [الأنبياء: ٣٠].

وفي شأن العسل قال تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاس ﴾ [النحل: ٦٩].

وفي «صحيح البخاري» عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشِّفَاءُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ(١)، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ»(٢).

وفي الحديث: «صَدَقَ اللهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ»(٣).

وفي الزيت قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «كُلُوا الزَّيْتَ، وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ»(٤).

وفي حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه موقوفًا: «عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ: العَسَلِ وَالقُرْآنِ»(٥).

قال ابن القيِّم -رحمه الله- في معنى الحديث: «فجمع بين الطبِّ البشريِّ والإلهيِّ، وبين طبِّ الأبدان وطبِّ الأرواح، وبين الدواء الأرضيِّ والدواء السمائيِّ»(٦).

واللهُ عزَّ وجلَّ جعل لهذه الأدويةِ خصائصَ ذاتيَّةً ربَّانيةً بآحادها أو مع اختلاطها بغيرها من الأعشاب الأخرى في مكافحة المرض والشفاء منه ثابتةً شرعًا وطبًّا، فلا يُمنع من أن يكون من تمام النفع أن يَجمعَ بين أعيانها المبارَكة ما هو مبارَكٌ بريقٍ يُجْمَع فيه الآياتُ والأذكارُ الصحيحةُ الثابتةُ، ثمَّ يُنفث في هذه الأعيان، فإنَّ في الكلِّ شفاءً لأسقام المؤمنين البدنية، وفي القرآن شفاءٌ لها وللأمراض الدينية والنفسية، قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصِّلت: ٤٤]، وقال تعالى -أيضًا-: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا ﴾ [الإسراء:٨٢].

وإذا عُلِم أنَّ النفع حاصلٌ باختلاطها مع غيرها من الأدوية بتقدير الله تعالى لمن له درايةٌ بها؛ فلا تَمتنع الرقية بمثل هذه الكيفيَّاتِ المبنيَّةِ على التجربة العملية الخالية من أيِّ محذورٍ شركيٍّ، وقد وردت جُملةٍ من الأحاديث تدلُّ على الجواز منها: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ»(٧)، ويؤكِّد ذلك حديثُ عليٍّ رضي الله عنه قال: «بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يُصَلِّي، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الأَرْضِ فَلَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ، فَتَنَاوَلَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَعْلِهِ فَقَتَلَهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْعَقْرَبَ، لاَ تَدَعُ مُصَلِّيًا وَلاَ غَيْرَهُ، أَوْ نَبِيًّا وَلاَ غَيْرَهُ إِلاَّ لَدَغَتْهُمْ»، ثمَّ دَعَا بِمِلْحٍ وَمَاءٍ، فَجَعَلَهُ فِي إِنَاءٍ، ثُمَّ جَعَلَ يَصُبُّهُ عَلَى إِصْبَعِهِ حَيْثُ لَدَغَتْهُ وَيَمْسَحُهَا وَيُعَوِّذُهَا بِالمُعَوِّذَتَيْنِ»(٨).


والحديث تضمَّن فائدتين:


الأولى: جوازُ معالجة سمِّ العقرب بالرقية الشّرعية، وهو العلاج الإلهي.

والثانية: الاستعانة بالماء والملح وصبُّه على الموضع الجريح، وهو العلاج الطبيعي. وخصوصُ الفائدة الأولى بالعقرب لا ينفي جوازَ الإستعانة بالفائدة الثانية في قرحةٍ أو جرحٍ ونحوهما، لعلمنا أنَّ فاتحة الكتاب لوحدها كافيةٌ في رقية العقرب على ما ثبت في قصَّة اللّديغ، ولأنَّ استعمال الملح ممزوجًا بالماء له فوائد، منها: تبرئةُ الجرح، والتِئامُ اللحم، وتَنْقِيةُ الدم، على ما هو معروفٌ في الطبِّ الحديث(٩).

فاستعماله صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك على سبيل التداوي دليلٌ على استحباب استعمال الأعيان الطبِّيَّة مقرونةً بالذِّكر حالَ المعالجة، ويزيده تأكيدًا ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى الإِنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا -وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَهَا-: بِاسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا»(١٠).

قال النووي: «ومعنى الحديث: أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبَّابة، ثمَّ يضعها على التراب فيَعْلَق بها منه شيءٌ، فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل، ويقول هذا الكلامَ في حال المسح»(١١).

ووضعُ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم سبَّابته بالأرض ووضعُها عليه يدلُّ على استحباب ذلك عند الرقية على ما ذكره القرطبي(١٢).

ويقوِّي هذا ما أخرجه الحاكم وابن منده وأبو نعيمٍ في قصَّةِ الشفاء بنت عبد الله رضي الله عنها: «أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقِي بِرُقًى فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَأَنَّهَا لَمَّا هَاجَرَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ! إِنِّي كُنْتُ أَرْقِي بِرُقًى فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَعْرِضَهَا عَلَيْكَ، فَقَالَ: اعْرِضِيهَا. فَعَرَضَتْهَا عَلَيْهِ، وَكَانَتْ مِنْهَا رُقْيَةُ النَّمْلَةِ. فَقَالَ: ارْقِي بِهَا وَعَلِّمِيهَا حَفْصَةَ، بِاسْمِ اللهِ صَلُوبٌ، حِينَ يَعُودُ مِنْ أَفْوَاهِهَا وَلاَ تَضُرُّ أَحَدًا، اللَّهُمَّ اكْشِفِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، قَالَ: تَرْقِي بِهَا عَلَى عُودِ كُرْكُمَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَتَضَعُهُ مَكَانًا نَظِيفًا ثُمَّ تُدَلِّكُهُ عَلَى حَجَرٍ بِخَلِّ خَمْرٍ مُصَفًّى وَتَطْلِيهِ عَلَى النَّوْرَةِ»(١٣).

وفي القِصَّة ترخيصٌ من النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للمرأة وهي: الشِّفاء بنت عبد الله رضي الله عنها في مداواة النملة، فقد سمَّت الله تعالى ورَجَتْهُ بأن يُزيل البأس ويكشف المرضَ، وبعد ذلك استخدمتِ الدواءَ المعالج للقروح والمتمثِّلَ في عود الكُرْكُمِ(١٤)، ثمَّ دلكتْ عود الكُرْكُم على حجرٍ بخلِّ خمرٍ مصفًّى، فعلق على العود الدواء، وطلته على القرحة، وعليه فلا يَمتنع إلحاقُ غيرِه به إذا أظهر نُجوعًا ونفعًا وخلا من مَفَاسِدَ. وهذا الطريق وإن كان ضعيفًا فيصلح في المتابعات على ما قرَّره الشيخ الألباني(١٥).


والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.

الجزائر: ٠٥ جمادى الأولى ١٤١٨ﻫ

الموافق ﻟ: ٠٧ سبتمبر ١٩٩٧م


-------------------------------------------------------------------------

(١) قال ابن حجر في «الفتح» (١٠/ ١٣٨): «ولم يُردِ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم الحصرَ في الثلاثة، فإنَّ الشِّفاء قد يكون في غيرها، وإنما نبَّه بها على أصول العلاج، وذلك أنَّ الأمراض الامتلائية تكون دمويةً وصفراويةً وبلغميةً وسوداويةً، وشفاء الدموية بإخراج الدم، وإنما خصَّ الحجم بالذِّكر لكثرة استعمال العرب وإلفهم له.. وأمَّا الامتلاء الصفراوي وما ذكر معه فدواؤه بالمسهِّل، وقد نَبَّه عليه بذكر العسل.. وأمَّا الكَيُّ فإنه يقع آخرًا لإخراج ما يتعسَّر إخراجه من الفضلات».

(٢) أخرجه البخاري في «الطبِّ» باب الشفاء في ثلاثٍ (٥٦٨٠)، من حديث سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

وقد كوى النبيُّ صلّى الله عليه وسلم سعدَ بنَ معاذٍ وغيرَه، واكتوى غيرُ واحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم، قال ابن حجر في «الفتح» (١٠/ ١٣٨): «وإنما نهى عنه مع إثباته الشفاءَ فيه إمَّا لكونهم كانوا يرون أنه يحسم المادَّةَ بطبعه فكرهه لذلك، ولذلك كانوا يبادرون إليه قبل حصول الداء لظنِّهم أنه يحسِم الداءَ، فيتعجَّل الذي يكتوي التعذيبَ بالنار لأمرٍ مظنونٍ، وقد يتَّفق أن يقع له ذلك المرض الذي يقطعه الكيُّ، ويؤخذ من الجمع بين كراهيته صلَّى الله عليه وسلم للكيِّ وبين استعماله له أنه لا يُترك مُطلقًا ولا يُستعمل مُطلقًا، بل يُستعمل عند تعيُّنه طريقًا إلى الشفاء مع مصاحبة اعتقادِ أنَّ الشفاء بإذن الله تعالى».
(٣) متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «الطبِّ»، باب الدواء بالعسل (٥٦٨٤)، ومسلم في «السلام» (٢٢١٧)، من حديث أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه.
(٤) أخرجه الترمذي في «الأطعمة» باب ما جاء في أكل الزيت (١٨٥١)، وابن ماجه في «الأطعمة» باب الزيت (٣٣١٩)، والحاكم (٧١٤٢) من حديث عمر رضي الله عنه، انظر: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للألباني (١/ ١٠٩).

(٥) أخرجه ابن ماجه في «الطبِّ» باب العسل (٣٤٥٢) مرفوعًا، والصحيح أنه موقوفٌ على ابن مسعودٍ رضي الله عنه، قال ابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٥٧٦): «وهذا إسنادٌ جيِّدٌ، تفرَّد بإخراجه ابن ماجه مرفوعًا، وقد رواه ابن جريرٍ عن سفيان بن وكيعٍ، عن أبيه، عن سفيان -هو الثوري- به موقوفًا، ولهو أشبه».

(٦) «زاد المعاد» لابن القيِّم (٣/ ٧٤).

(٧) أخرجه مسلم في «السلام» (٢١٩٩)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(٨) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنَّف» (٢٣٥٥٣)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٢٣٤٠) من حديث عليٍّ رضي الله عنه، وله شاهدٌ من حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ: «لَعَنَ اللهُ العَقْرَبَ ما تَدَعُ المُصَلِّي وَغَيْرَ المصلي، اقْتُلُوهَا فِي الحِلِّ وَالحَرَمِ». أخرجه ابن ماجه في «إقامة الصلاة، والسنَّة فيها» باب ما جاء في قتل الحيَّة والعقرب في الصلاة (١٢٤٦)، [انظر: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للألباني (٢/ ٨٨)].

(٩) «التداوي بلا دواء» د. أمين رويحة (١٣٢)، وللملح فوائد أخرى ذكرها ابن القيِّم في «الطبِّ النبوي» (١٨٢).

(١٠) أخرجه البخاري في «الطبِّ» باب رقية النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم (٥٧٤٥)، ومسلم في «السلام» (٢١٩٤) -واللفظ له-، من حديث عائشة رضي الله عنها.

(١١) «شرح النووي على مسلم» (١٤/ ١٨٤).

(١٢) «فتح الباري» (١٠/ ٢٠٨).

(١٣) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٦٨٩٠)، وعزاه ابن حجر في «الإصابة» (٤/ ٣٤٢) لابن منده وأبي نعيمٍ.

(١٤) و«عود الكركم»: هو عبارة عن نباتٍ معمَّرٍ، اسمه العلمي: كُركوما لُونْجا، وله أزهارٌ صفراء، وأصوله تُستعمل تابلاً وصبغًا، والكركم فيه زيوتٌ عطريةٌ طيَّارةٌ، ويُستعمل مطهِّرًا للاستعمال الخارجي. انظر: «الطبَّ ورائداته المسلمات» د. عبد الله عبد الرزَّاق (٨٢).

(١٥) «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للألباني (١/ ٣٤٤).



http://ferkous.com/home/?q=fatwa-1142


الفتوى رقم: ٨٤٠

الصنـف: فتاوى طبِّية


في مشروعية رقية حالات الغيبوبة والإنعاش


السـؤال:

هل رقية المريض الذي يكون في حالة غيبوبة أو تحت المراقبة الطبية في الإنعاش مشروعةٌ؟ وهل ينتفع بها؟ وبارك الله فيكم.

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فالمريضُ تحت المراقبة الطّبية في الإنعاش إذا كان من أهلِ الاستقامة على الدِّين والبُعد عن المعاصي والمحرَّمات فإنَّ الرُقيةَ الشّرعيةَ بالآيات والأدعية القرآنيةِ والنّبويةِ تنفعه بإذن الله تعالى، وخاصَّةً إذا قَدِرَ على الإستماع إلى القرآن الكريم مصحوبًا باعتقادٍ جازمٍ منه بأنّه علاجٌ نافذٌ، فإنَّ الرقية الشرعية تؤتي نتائجَها سريعًا، أمَّا إن عجز عن الاستماع إليه لحالة الغيبوبة ونحو ذلك، فإنّها تجوز وتؤثِّر -أيضًا- بتقدير الله تعالى؛ لأنَّ الرقية الشرعيةَ أدعيةٌ لله بالشفاء، والدعاءُ للمريض يجوز في كلِّ أحواله، فإن صدرت من راقٍ أهلٍ لها كان في دعائه مطمع للإستجابة.

ولا يخفى أنَّ الإستعاذة والاستعانةَ من دعاء العبادة لذلك كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ»(١)، و«مِنْ كلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ»(٢)، وقال: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ بِاسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِر»(٣)، وقال: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ أَلَمًا فَلْيَضَعْ يَدَهُ حَيْثُ يَجِدُ أَلَمَهُ ثُمَّ لِيَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ»(٤)، وما إلى ذلك.

وهذا بخلاف أهل المعاصي والتكبُّر والظلم والعدوان فإنَّ الرقية الشّرعية لا تؤثِّر فيهم بالنفع غالبًا، وقد أخبر اللهُ عزَّ وجلَّ أنَّ القرآن شفاء للأمراض البدنية والأسقام القلبية لأهل الهدى والتقى، أمَّا أهل الزيغ والضلال فلا يبصرون به رشدًا ولا يستفيدون منه خيرًا، قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا ﴾ [الإسراء: ٨٢]، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ﴾ [فصلت: ٤٤]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: ٥٧].


والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٣٠ المحرم ١٤٢٩ﻫ

الموافق ﻟ: ٠٧/ ٠٢/ ٢٠٠٨م


----------------------------------------------------------------------

(١) أخرجه مسلم في «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» (٢٧٠٨) من حديث سعد بن أبي وقاص عن خولة بنت حكيم السلمية.

(٢) أخرجه البخاري في «أحاديث الأنبياء» باب قول الله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً﴾ (٣٣٧١)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(٣) أخرجه مسلم في «الآداب» (٢٢٠٢)، من حديث عثمان بن أبي العاص الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه.

(٤) أخرجه أحمد (٢٧١٧٩)، من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه، والحديث صحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٣/ ٤٠٣) رقم: (١٤١٥).



http://ferkous.com/home/?q=fatwa-840

أبو همام الجزائري
2015-03-24, 21:25
السلام عليكم
معذرة
أنا أقصد هذا القسم فيمكنم وضع ثلاثة مواضيع في اليوم الواحد
قسم الرقية الشرعية (http://www.djelfa.info/vb/forumdisplay.php?f=373)

عَبِيرُ الإسلام
2015-03-26, 12:56
بسم الله الرّحمن الرّحيم


أرجو عدم حذف الموضوع حتّى يتمّ نقله مفصّلاً ومقسّمًا مواضيعه في قسم الرقية الشرعية إن شاء الله .

وإن كان فيه رؤية الأهمّية الكبرى في إبقائه هنا ، المواضيع مجموعة بالترتيب ، لتنبيه الناس ، وحثّهم لتعلّم وفقه الرقية بالطريقة الشرعية .


بارك الله فيكم

عزيز سلاطنية
2015-04-02, 22:45
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا

عَبِيرُ الإسلام
2015-04-07, 16:16
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا

آمين وفيكم بارك الله ، وأنار عقولكم بالعلم النافع وجوارحكم بالعمل الصالح

issm
2015-04-07, 17:26
شكرا على الموضوع بوركت :mh31::mh31::24: