miramer
2015-03-18, 21:22
ماذا صنعت لأمك
كفى بالمرء إثما و حسرة حين يضيع فرصة حياة أمه من دون بر لها و احسان إليها ، و خاصة على الكبر من عمرها .
فيا من تقرأ خطي تذكر أن حياة أمك محدودة بحد لا تدري متى تنتهي ،
فهل اغتنمت فرصة حياتها في البر و الإحسان إليها ،
فانظر إلى قول محمد صلى الله عليه و سلم فيمن هو أحق الناس في البر إليه في هذه الدنيا ، فقد قال صلى الله عليه و سلم " أحق الناس أمك ثم أمك ثم أمك" رواه البخاري . و قال صلى الله عليه و سلم " رغم أنف امرئ أدرك أبويه أو أحدهما و لم يدخل بهما الجنة"
بل انظر إلى الحادثة التي حدثت في حياة محمد صلى الله عليه و سلم ، و لتعض أصبع الندم إن كنت من المفرطين " أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم و هو يريد الجهاد مع نبينا محمد صلى الله عليه و سلم ، فيا لها من فرصة و لكنه صنع ذلك من دون موافقة من والديه فاستفتى النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك ، فقال له من لا ينطق عن الهوى : ارجع و اذهب إليهما ، بل لم يكتف النبي صلى الله عليه و سلم بذلك و قال : و أضحكهما كما أبكيتهما .
إن هذا الصحابي خرج و هو يريد الخير لنفسه و لأهله فالشهيد في الإسلام له حق الشفاعة لأهله ، و لكن كان رضي الوالدين أعظم .
فيا من فرط في حق أمه أين أنت من هذه النصوص ؟ فإن قلت عنها انها أخطأت ، انها اعتدت ، انها افرطت ، انها باعدت ، فاعلم أنك انت المخطئ شرعا و ما كان هذا إلا من شرور نفسك و من الشيطان ، فانظر إلى قول الله تعالى " وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعها و صاحبهما في الدنيا معروفا " أفبعد هذه الآية من بيان ؟ فانظر إلى قول الله " فإن جاهداك على أن تشرك " اي أمراك على أن تكفر بربك و نبيك فلا تطعهما ، و لكن اشترط ربك عليك أن تصاحبهما بالمعروف و تحسن الصحبة و إن كانا عدوين لله و رسوله ، فهل الأمر و الخطب أعظم من ذلك ؟ تذكر قول الله تعالى " و قضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا ، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما و قل لهما قولا كريما ، و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا".
فقد حرم عليك أن تقول "أف" فاتق الله في نفسك ،
و من وسائل البر للأم مدوامة المواصلة و الاتصال بها و قضاء حوائجها و السماع لكلامها و إن كان كلامها لا يوافق طبيعتك و مزاجك ولكن كن لها أذنا صاغية فإنها تسعد بذلك ،
وأعنها على أداء الخير و التذكير بالله من دون أن يكون ذلك مملا و خارجا عن حدود هدي المصطفى فقد قال ابن مسعود عن رسولنا الكريم أنه يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة عليهم ،
وعليك باكثار الهدايا لأمك فإن الهدية تطيب النفس و تسعد القلب و هذا ما أخذناه من فم المصطفى بقوله " تهادوا تحابوا "
أما إن كان أهلك على خلاف مع أمك فاعلم أن الظلم على أهلك محرم ، و عليك أن تسدد و تقارب بقدر الوسع و الطاقة ، و لكن الحد الذي لا يحق لك أن تخرج عنه و هو أن تغلظ القول على امك و ان تعلي صوتك و تظلمها ، و الظلم صوره متعددة
، فعليك بالعدل مع أهلك من دون الظلم مع أمك ، و إن تعدت الأم فليس لك الحق بالإعتداء عليها من قبلك فإنه من عمل الشيطان و أزّه.
فاغتنم حياتها ، و أدخلها في دار السعادة بالإحسان و طيب المعشر ، و أعنها على قضاء حوائجها ، و تكلف بل و اصطنع البر اصطناعا ، و إن لم يكن من طباعك الصبر فاصطبر لبرها .
فلك من هذه القصة شاهد على هدي الصالحين في التكلف على بر الوالدين و اقصد قصة احد اقراد اهل "الغار" و الذي أتى باللبن و كان أبواه نائمين فوقف عند رأسهما ينتظر حتى استيقظا و قد كان عياله في حاجة للشرب و لكنه امسك حتى استيقظ ابواه فرويا حتى رضيا و من ثم اعطى ما بقي لأبنائه و أسرته ، فكان في هذا الفعل رضى الله جل و علا و قربة له سبحانه ،
فيا له من بر ، و يا له من عمل ....
بقلم الشيخ الفاضل / محمد عثمان العنجري
حفظه الله و سدد على الحق خطاه ،،
( مقالة في جريدة القبس )
(9 ربيع الأول 1419 / 3-7-1998)
شبكة سحاب السلفية
كفى بالمرء إثما و حسرة حين يضيع فرصة حياة أمه من دون بر لها و احسان إليها ، و خاصة على الكبر من عمرها .
فيا من تقرأ خطي تذكر أن حياة أمك محدودة بحد لا تدري متى تنتهي ،
فهل اغتنمت فرصة حياتها في البر و الإحسان إليها ،
فانظر إلى قول محمد صلى الله عليه و سلم فيمن هو أحق الناس في البر إليه في هذه الدنيا ، فقد قال صلى الله عليه و سلم " أحق الناس أمك ثم أمك ثم أمك" رواه البخاري . و قال صلى الله عليه و سلم " رغم أنف امرئ أدرك أبويه أو أحدهما و لم يدخل بهما الجنة"
بل انظر إلى الحادثة التي حدثت في حياة محمد صلى الله عليه و سلم ، و لتعض أصبع الندم إن كنت من المفرطين " أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم و هو يريد الجهاد مع نبينا محمد صلى الله عليه و سلم ، فيا لها من فرصة و لكنه صنع ذلك من دون موافقة من والديه فاستفتى النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك ، فقال له من لا ينطق عن الهوى : ارجع و اذهب إليهما ، بل لم يكتف النبي صلى الله عليه و سلم بذلك و قال : و أضحكهما كما أبكيتهما .
إن هذا الصحابي خرج و هو يريد الخير لنفسه و لأهله فالشهيد في الإسلام له حق الشفاعة لأهله ، و لكن كان رضي الوالدين أعظم .
فيا من فرط في حق أمه أين أنت من هذه النصوص ؟ فإن قلت عنها انها أخطأت ، انها اعتدت ، انها افرطت ، انها باعدت ، فاعلم أنك انت المخطئ شرعا و ما كان هذا إلا من شرور نفسك و من الشيطان ، فانظر إلى قول الله تعالى " وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعها و صاحبهما في الدنيا معروفا " أفبعد هذه الآية من بيان ؟ فانظر إلى قول الله " فإن جاهداك على أن تشرك " اي أمراك على أن تكفر بربك و نبيك فلا تطعهما ، و لكن اشترط ربك عليك أن تصاحبهما بالمعروف و تحسن الصحبة و إن كانا عدوين لله و رسوله ، فهل الأمر و الخطب أعظم من ذلك ؟ تذكر قول الله تعالى " و قضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا ، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما و قل لهما قولا كريما ، و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا".
فقد حرم عليك أن تقول "أف" فاتق الله في نفسك ،
و من وسائل البر للأم مدوامة المواصلة و الاتصال بها و قضاء حوائجها و السماع لكلامها و إن كان كلامها لا يوافق طبيعتك و مزاجك ولكن كن لها أذنا صاغية فإنها تسعد بذلك ،
وأعنها على أداء الخير و التذكير بالله من دون أن يكون ذلك مملا و خارجا عن حدود هدي المصطفى فقد قال ابن مسعود عن رسولنا الكريم أنه يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة عليهم ،
وعليك باكثار الهدايا لأمك فإن الهدية تطيب النفس و تسعد القلب و هذا ما أخذناه من فم المصطفى بقوله " تهادوا تحابوا "
أما إن كان أهلك على خلاف مع أمك فاعلم أن الظلم على أهلك محرم ، و عليك أن تسدد و تقارب بقدر الوسع و الطاقة ، و لكن الحد الذي لا يحق لك أن تخرج عنه و هو أن تغلظ القول على امك و ان تعلي صوتك و تظلمها ، و الظلم صوره متعددة
، فعليك بالعدل مع أهلك من دون الظلم مع أمك ، و إن تعدت الأم فليس لك الحق بالإعتداء عليها من قبلك فإنه من عمل الشيطان و أزّه.
فاغتنم حياتها ، و أدخلها في دار السعادة بالإحسان و طيب المعشر ، و أعنها على قضاء حوائجها ، و تكلف بل و اصطنع البر اصطناعا ، و إن لم يكن من طباعك الصبر فاصطبر لبرها .
فلك من هذه القصة شاهد على هدي الصالحين في التكلف على بر الوالدين و اقصد قصة احد اقراد اهل "الغار" و الذي أتى باللبن و كان أبواه نائمين فوقف عند رأسهما ينتظر حتى استيقظا و قد كان عياله في حاجة للشرب و لكنه امسك حتى استيقظ ابواه فرويا حتى رضيا و من ثم اعطى ما بقي لأبنائه و أسرته ، فكان في هذا الفعل رضى الله جل و علا و قربة له سبحانه ،
فيا له من بر ، و يا له من عمل ....
بقلم الشيخ الفاضل / محمد عثمان العنجري
حفظه الله و سدد على الحق خطاه ،،
( مقالة في جريدة القبس )
(9 ربيع الأول 1419 / 3-7-1998)
شبكة سحاب السلفية