المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( الســــاعي علـــى الأرمــلة والمسكين كالمجـــاهد في سبيل الله ))


اسماعيل 03
2015-03-12, 14:49
(( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ))
وأحسبه قال : (( وكالقائم الذي لا يفتر ، وكالصائم الذي لا يفطر )) متفق عليه (59) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ في هذا الباب : باب الرفق باليتامى والمستضعفين والفقراء ونحوهم ، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله )) وأحسبه قال : (( وكالقائم الذي لا يفتر، وكالصائم الذي لا يفطر ))، والساعي عليهم هو الذي يقوم بمصالحهم ومؤنتهم وما يلزمهم .
والأرامل هم الذين لا عائل لهم سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً ، والمساكين هم الفقراء ؛ ومن هذا قيام الإنسان على عائلته وسعيه عليهم ، على العائلة الذين لا يكتسبون ، فإن الساعي عليهم والقائم بمئونتهم ساع على أرملة ومساكين ، فيكون مستحقاً لهذا الوعد ويكون كالمجاهد في سبيل الله ، أو كالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذين لا يفطر .
وفي هذا دليل على جهل أولئك القوم الذين يذهبون يميناً وشمالاً ويدعون عوائلهم في بيوتهم مع النساء ، ولا يكون لهم عائل فيضيعون ؛ لأنهم يحتاجون إلى الإنفاق ويحتاجون إلى الرعاية وإلى غير ذلك ، وتجدهم يذهبون يتجولون في القرى وربما في المدن أيضاً ، بدون أن يكون هناك ضرورة ، ولكن شيء في نفوسهم ، يظنون أن هذا أفضل من البقاء في أهليهم بتأديبهم وتربيتهم .
وهذا ظن خطأ ، فإن بقاءهم في أهلهم ، وتوجيه أولادهم من ذكور وإناث ، وزوجاتهم ومن يتعلق بهم أفضل من كونهم يخرجون يزعمون أنهم يرشدون الناس وهم يتركون عوائلهم الذين هم أحق من غيرهم بنصيحتهم وإرشادهم ، ولهذا قال الله تعالى : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) [الشعراء:214] ، فبدأ بعشيرته الأقربين قبل كل أحد.
أما الذي يذهب إلى الدعوة إلى الله يوماً أو يومين أو ما أشبه ذلك ، وهو عائد إلى أهله عن قرب فهذا لا يضره ، وهو على خير ـ لكن كلامنا في قوم يذهبون أربعة أشهر ، أو خمسة أشهر ، أو سنة ـ عن عوائلهم ؛ يتركونهم للأهواء والرياح تعصف بهم ، فهؤلاء لا شك أن هذا من قصور فقهم في دين الله عز وجل .
وقد قال النبي عليه الصلاة : (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )) (60) فالفقيه في الدين هو الذي يعرف الأمور ، ويحسب لها ، ويعرف كيف تؤتى البيوت من أبوابها ، حتى يقوم بما يجب عليه ."
شرح رياض الصالحين

أبو همام الجزائري
2015-03-15, 13:27
جزاك الله خيرا يا أستاذنا الفاضل

عَبِيرُ الإسلام
2015-03-15, 21:15
بسم الله الرّحمن الرّحيم


اليتيم والمسكين وعناية الإسلام بهما


الحمد لله ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

لا ريب أن اليتيم والمسكين من أحق الناس بالرعاية والعناية، وقد أكثر الرب عز وجل في كتابه العظيم من الحث على الإحسان إليهما ورحمتهما ومواساتهما فجدير بالمؤمن والمؤمنة الإحسان إلى من لديه شيء منهما من أيتام المسلمين وفقرائهم فإن الصدقة في هؤلاء في محلها من الزكاة وغيرها. وقد جاء في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (( أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين )) وشبك بين أصبعيه[1]. فهذا يدل على عظم أجر كفالة اليتيم والإحسان إليه. كذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو قال كالصائم لا يفطر والقائم لا يفتر))[2] فهذا فضل عظيم. والله جل وعلا يقول: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}[3]، ويقول عز وجل: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ}[4]، ويقول سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}[5]، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.

واليتيم هو الذي فقد أباه وهو صغير لم يبلغ الحلم، فإذا بلغ الحلم زال عنه وصف اليتيم، وقد يفقد أبويه جميعاً فيكون أشد في حاجته وأعظم في ضرورته، وهذا كله إذا فقدهما ولم يخلفا ما يكفيه، أما إذا خلفا له مالاً يقوم بحاله فإنه حينئذ لا يكون محلاً للصدقة، وإنما يكون محلاً للرعاية والعناية بماله والإحسان إليه حتى ينمو هذا المال ويحفظ، وهو كذلك يكون محل العناية من حيث التربية والتوجيه والتعليم والصيانة عما لا ينبغي. فاليتيم في حاجة من جهة تربيته التربية الإسلامية وتوجيهه وإرشاده، وإذا كان لا مال له كان محتاجاً أيضاً إلى المال، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}[6]، فلا يقرب مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن وذلك بالتصرف فيه بالتجارة والتنمية وبالنصح وأداء الأمانة حتى يبلغ اليتيم أشده أي حتى يبلغ الحلم، ويزول عنه السفه ويكون رشيداً، فإذا رشد دفع إليه ماله وأشهد عليه، ولا يجوز قرب ماله للطمع فيه والإساءة إليه، بل هذا من أعظم أسباب العقوبات وكبائر الذنوب، كما قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}[7]، فأخذ مال اليتيم بغير حق من كبائر الذنوب. وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( اجتنبوا السبع الموبقات )) قلنا: ما هن يا رسول الله؟ قال: ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات))[8]، فجعل أكل مال اليتيم من هذه السبع الموبقات أي المهلكات، فعلى من كان عنده يتيم أو يتيمة أن يتقي الله فيهما ويحسن إليهما ويصون مالهما عما لا ينبغي ويجتهد في تنميته،

فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالاتجار في مال اليتيم لئلا تأكله الصدقة، ولكن الرواية ضعيفة، والمحفوظ أنه من كلام عمر رضي الله عنه وأنه كان يوصي بذلك رضي الله عنه وأرضاه مخافة أن تأكلها الصدقة. المقصود أن الأيتام والمساكين لهما حق على المسلمين، فجدير بالمسلمين ألا يغفلوا عنهما وأن يعنوا بهما، واليتيم قد يكون له ولي يحسن في ماله ويجمع له المال ويلطف به، ولكن أولئك الفقراء الكثيرين الذين ليس لهم من يتولاهم ويحسن إليهم جديرون أيضاً بأن يراعوا ويحسن إليهم من الزكاة وغيرها، وأن يعطف عليهم من إخوانهم المسلمين، فرحمة المسكين والعطف عليه من أعظم القربات، والله تعالى يقول في كتابه الكريم عن أهل البر: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}[9]، فجعل هؤلاء من أهل التقوى وأهل الصدق بسبب إحسانهم، وعنايتهم بهؤلاء الضعفاء، مع إيمانهم بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين، وقيامهم بالأعمال المذكورة في هذه الآية،

ثم الإحسان إليهم يزيد صاحبه خيراً وفضلاً، والله سبحانه وتعالى يخلف عليه الأجر العظيم، كما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[10]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال سبحانه: ((أنفق يا ابن آدم أُنفق عليك))[11]. وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً))[12].

والإنفاق على المساكين ورحمتهم واللطف بهم والمواساة من أقرب القربات وأفضل الطاعات، والمحسن موعود بأجر عظيم مع الخلف لما أنفق قال سبحانه وتعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}[13]. ثم هذه الصدقة يتقبلها الرب بيمينه حتى التمرة الواحدة يتقبلها الله سبحانه من صاحبها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم فلوّه أو فصيله حتى تكون مثل الجبل إذا كانت من كسب طيّب ولا يقبل الله إلا الطيّب سبحانه وتعالى، وفي قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ}[14] ما يوجه أولياء اليتامى إلا ما هو الأصلح، وأن المقصود هو الإصلاح لهم وعمل ما فيه الخير لهم،

وولي اليتيم مفوض في هذا الأمر من جهة الله عز وجل فيعمل ما هو الأصلح، كما يعمل لنفسه ويجتهد لنفسه إلى ما هو أصلح فيجتهد لليتيم كذلك أو أعظم من ذلك، حتى يكون بريء الذمة قد أدى الأمانة، وأحسن إلى هذا الفقير. وفي الحديث الصحيح: ((من لا يرحم لا يُرحم))[15]، وفي حديث آخر: ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)) [16].


ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا وجميع المسلمين للهداية والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

--------------------------------------------------------------------------------------------------

[1] رواه مسلم في (الزهد والرقائق) باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم برقم 2893، والترمذي في (البر والصلة) باب ما جاء في رحمة اليتيم برقم 1918.
[2] رواه البخاري في (الأدب) باب الساعي على المسكين برقم(6007)، ومسلم في (الزهد والرقائق) باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم برقم(2982).
[3] سورة الإسراء، الآية 26.
[4] سورة النساء، الآية 36.
[5] سورة الضحى، الآيتان 9، 10.
[6] سورة الأنعام،الآية 152.
[7] سورة النساء، الآية 10.
[8] رواه البخاري في (الحدود 9 باب رمي المحصنات برقم(6875)، ومسلم في (الإيمان) باب بيان الكبائر وأكبرها برقم (89).
[9] سورة البقرة، الآية 177.
[10] سورة سبأ، الآية 39.
[11] رواه البخاري في (النفقات) باب فضل النفقة على الأهل برقم(5352)، ومسلم في (الزكاة) باب الحث على النفقة برقم 993.
[12] رواه البخاري في (الزكاة) باب قول الله تعالى: (فأما من أعطى واتقى) برقم (1442)، ومسلم في (الزكاة) باب في المنفق والممسك برقم(1010).
[13] سورة المزمل، الآية 20.
[14] سورة البقرة، الآية 220.
[15] رواه البخاري في (الأدب) باب رحمة الولد برقم (5997)، ومسلم في (الفضائل) باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال برقم (2318).
[16] رواه الترمذي في (البر والصلة) باب ما جاء في رحمة الناس برقم(1924) وأبو داود في (الأدب) باب في الرحمة برقم (4941).



http://www.binbaz.org.sa/mat/8502

الاخ ياسين السلفي
2015-03-15, 21:24
جزاكم الله خيرا

اسماعيل 03
2015-03-16, 00:04
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وحفظكم
كل الشكر على الإضافة المفيدة