سلسبيل
2007-09-14, 07:44
اللهم بلـغـنا رمضـان
معاشر الأخوة : تطوى الليالي و الأيام ، و تنصرم الشهور و الأعوام ، فمن الناس من قضى نحبه و منهم من ينتظر ، و إذا بلغ الكتاب أجله فلا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون . و من يعيش فإنه يرى حلواً و مراً ، فلا الحلو دائم ، و لا المر جاثم ، و الليل و النهار متعاقبان ، و الآلام تكون من بعد زوالها أحاديث و ذكرى . و لا يبقى للإنسان إلا ما حمله زاداً للحياة الأخرى . يشب الصغير ، و يهرم الكبير ، و ينظر المرء ما قدمت يداه و كل يجري إلى أجل مسمى . قعدت بالمؤملين آجالهم عن بلوغ آمالهم . و عدوا أنفسهم بالصالحات فعاجلهم أمر الله . كل الناس يغدو في أهداف و آمال و رغبات و أماني ، ولكن أين الحازمون و أين الكيسون
أيها المسلمون : لقد أقبل عليكم شهر عظيم مبارك كنتم قد وعدتم أنفسكم قبله أعواماً و مواسم ، و لعل بعضاً قد أمل و سوف و قصر فها هو قد مد له في أجله و أنسى له في عمره فماذا عساه فاعل ؟ ؟ . إن بلوغ رمضان نعمة كبرى ، يقدرها حق قدرها الصالحون المشمرون . إن واجب الأحياء استشعار هذه النعمة و اغتنام هذه الفرصة . إنها إن فاتت كانت حسرة ما بعدها حسرة ، أي خسارة أعظم من أن يدخل المرء فيمن عناهم المصطفى صلى الله عليه و سلم بحديثه على منبره في مساءلة بينه و بين جبريل الأمين : " من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين " . من حرم المغفرة في شهر المغفرة فماذا يرتجي ؟ ؟ . إن بلوغ الشهر أمنية كانت يتمناها نبيكم محمد صلى الله عليه و سلم و يسألها ربه حتى كان يقول : " اللهم بارك لنا في رجب و شعبان و بلغنا رمضان " . إن العمل الجد لا يكون على تمامه و لا يقوم به صاحبه على كماله إلا حين يتهيأ له تمام التهيؤ ، فيستثير في النفس همتها و يحدوه الشوق بمحبة صادقة و رغبة مخلصة . و في مقام الاستقبال و الترحيب بشهر رمضان المعظم يقول عليه الصلاة و السلام مخاطباً أصحابه و أمته من بعدهم : " أتاكم رمضان سيد الشهور فمرحباً به و أهلاً " . " و في حديث عبادة : أتاكم شهر رمضان ، شهر بركة ، يغشاكم الله فيه برحمته ، و يحط الخطايا ، و يستجيب الدعاء . ينظر الله إلى تنافسكم فيه و يباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيراً . فإن الشقي من حرم رحمه الله " . عباد الله : جدير بشهر هذه بعض أسراره ، وتلك بعض خصاله أن يفرح به المتعبدون ، و يتنافس في خيراته المتنافسون أين هذا من أناس استقبالهم له تأفف ، و قدومه عليهم عبوس لقد هرم فيه أقوام فزلت بهم أقدام . اتبعوا أهواءهم ، فانتهكوا الحرمات ، و اجترأوا على المعاصي ، فباءوا بالخسار والتبار .في الناس من لا يعرف من رمضان إلا الموائد وصنوف المطاعم و المشارب ، يقضي نهاره نائماً ، ويقطع ليله هائماً . وفيهم من رمضانه بيع و شراء ، يشتغل به عن المسابقة إلى الخيرات ، و شهود الصلوات في الجماعات . فهل ترى أضعف همةً و أبخس بضاعةً ممن أنعم الله عليه بإدراك شهر المغفرة ثم لم يتعرض فيه للنفحات ؟ ؟ . معاشر الأحبة : ذلكم هو الصيام و أولئك هم الصائمون . أين هؤلاء من أقوام لا يرون في الصوم إلا حرماناً لشهواتهم العارمة و غرائزهم الجامحة ، فوجوههم لاستقبال شهرهم عابسة ، و صدورهم به ضائقة ، و نفوسهم فيه منقبضة . ناهيك بأقوام يتمتعون في بأنواع من المعايش ، و ألوان من المطاعم و المشارب ، يسرفون على بطونهم بالأكل حتى تمرض ، و على جيوبهم بالإنفاق حتى تنفذ ، ينفق أحدهم في شهره ما يوازي إنفاقه في عامه كله أو يكاد . استهلاك الأغذية عندهم يتضاعف في رمضان ، إن هؤلاء المغفلين يجوعون في النهار ليزداد نهمهم بالليل . أي مسكنة بعيش فيها هؤلاء ؟؟ إنهم لم يأخذوا من الحياة سوى جانبها الفضولي العابث ، يتأثرون و لا يؤثرون ، و لقد قال بعض الفضلاء : ( لو صام المسلمون اليوم صوماً صادقاً خالصاً لتخلصوا من مصائب أنفسهم و شرور أعمالهم ، و لو صدقوا لما استطاع عدو أن يحيك لهم المؤامرات و الدسائس و الفتن ) أي غناء و أي فائدة أن يمسك بعض الناس عن الطعام و الشراب و لكنه في سلوكه و أعماله مجموعة من المتناقضات و المهملات عبثاً و لهواً و ضياعاً . أي مفهوم معكوس لدى بعض المسلمين حين يسهرون في رمضان لتسلية فارغة و لغو طويل ، بل إنهم ليعدون لأنفسهم برامج خاصة كلها لهو و ضحك و مجون . وهذا ما تفعله وسائل الفساد والإفساد من صد للناس عن طاعة ربهم وعبادته السهر في الليل أيها الأخوة و كما يعلم العقلاء و الفضلاء لا يكون إلا لشرطي يحرس الأمن و جندي يحمي الثغر و طبيب يرعى مريضاً و متعلم يستدرك و يستذكر و عامل في نوبة ليلية ، و ما عدا ذلك فلا يكون السهر إلا لمجتهد يتجافى جنبه عن المضجع يدعو ربه خوفاً و طمعاً و يقطع ليله تسبيحاً و قرآناً إن حقا على المسلمين أن يبكوا و لا يضحكوا و أن يجدوا و لا يهزلوا ، أين الإحساس بضراوة العدو و شراسة الكائدين أن أوصالاً كبيرة من جسد الأمة تقطع و تنتقص ، و تعيش وطأة من الذل و الاستعباد ، و الفقر و الإبادة ، و الابعاد و التشريد أمة الصيام والقيام : اتقوا الله ، و أكرموا هذا الوافد العظيم ، جاهدوا النفوس بالطاعات . ابذلوا الفضل من أموالكم في البر والصلات ، استقبلوه بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله . جددوا العهد مع ربكم ، و شدوا العزم على الاستقامة ، فكم من مؤمل بلوغه أصبح رهين القبور . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " . الحمد لله خص بالتشريف و التفضيل بعض مخلوقاته ، أحمده سبحانه و اثني عليه بما هو أهله حمداً و ثناء يملآن أرضه و سمواته ، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له هو أعلم بمواضع اختياره و كراماته ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله و صفيه من رسله و مختاره من برياته ، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و أصحابه و أتباعه من أهل محبته و موالاته . أما بعد فاتقوا الله رحمكم الله و اعلموا أن ربكم بفضله و منه قد جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته . فبادروا وفقكم الله إلى الخيرات و أصلحوا من أحوالكم ، فالمسئولية عظمى و المحاسبة دقيقة . و لقد أوصى أبو ذر رضي الله عنه أصحابه يوماً فقال : ( إن سفر القيامة طويل فخذوا ما يصلحكم ، صوموا يوماً شديد الحر لحر يوم النشور ، و صلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور و تصدقوا بصدقة السر ليوم عسير ) . و لما قيل للأحنف بن قيس إنك شيخ كبير و إن الصوم يضعفك قال : ( إني أعد لسفر طويل و الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذاب الله ) . فاستكثروا من الطاعات و النوافل من بعد الفرائض ، و اسعوا في قضاء حوائج المحتاجين و تفقد أحوال المساكين. معاشر المسلم ، إن رمضان آت بعد أيام . بلغنا الله و إياكم أيامه ، و تقبل منا و منكم صيامه قيامه . إنه آت و في الأمة تعساء يستقبلونه على أنه شهر جوع نهاري ، و شبع ليلي ، نوم في الفرش في النهار إلى ما بعد العصر ، و سمر في الليل ممتد إلى طلوع الفجر ، ليس رمضان عندهم إلا موسم للموائد الفاخرة ، بألوان من الطعام و الشراب زاخرة ، ذو العمل منهم يتبرم من عمله ، و صاحب التعامل يسيء في تعامله ، و ذو الوظيفة تثقل عليه وظيفته وجوههم عابسة ، و صدورهم ضيقة ، و ألسنتهم سليطة ، و غيظهم حانق ، لا يرون في رمضان إلا جوعاً لا تتحمله أمعاؤهم ، و عطشاً لا تقوى عليه عروقهم . يقابل هؤلاء التعساء قوم رضي الله عنهم و رضوا عنه ، يستقبلون شهرهم ليجددوا فيه صلتهم مع ربهم ، و يعيشون نهارهم عيشة الأبطال في المعارك ، و يقطعون ليلهم بلذيذ المناجاة و صادق الابتهالات . إيثار جميل ، و صبر كريم ، و تهذيب في الخلق نبيل . لا يقابلون الإساءة بالإساءة ، و لا يردون البذاءة بالبذاءة : " و إن سابه أحد ، أو قاتله قال : إني صائم " أيها المسلمون ، إن الصائمين القائمين هم الذين تصلح بهم الأوضاع ، و تكسب بهم المعارك ، و تسعد بهم المجتمعات . اللهم بلغنا رمضان ، و وفقنا لصيامه و قيامه ، و اقبلنا فيه ، و تقلبه منا ، اللهم زدنا و لا تنقصنا ، و أعطنا و لا تحرمنا ، و أكرمنا و لا تهنا ، و آثرنا و لا تؤثر علينا ، و أرضنا و ارض عنا ، و اجعلنا مجتمعين غير متفرقين ، مغفوراً لنا إنا كنا مذنبين ، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة ، و كفر عنا سيئاتنا ، و أجزل حسناتنا ، و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم . الا وصلوا عبادالله على خير خلق الله اللهم ابرم لهذه الأمة أمرا رشيدا _ اللهم عليك بالطغاة والمفسدين وسائر العلمانيين اللهم ول على المسلمين خيارهم واكفهم شر شرارهم الله خلص الأمة من الطواغيت واجعل شريعتك فيصلا بين المسلمين ربنا ظلمنا أنفسنا
معاشر الأخوة : تطوى الليالي و الأيام ، و تنصرم الشهور و الأعوام ، فمن الناس من قضى نحبه و منهم من ينتظر ، و إذا بلغ الكتاب أجله فلا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون . و من يعيش فإنه يرى حلواً و مراً ، فلا الحلو دائم ، و لا المر جاثم ، و الليل و النهار متعاقبان ، و الآلام تكون من بعد زوالها أحاديث و ذكرى . و لا يبقى للإنسان إلا ما حمله زاداً للحياة الأخرى . يشب الصغير ، و يهرم الكبير ، و ينظر المرء ما قدمت يداه و كل يجري إلى أجل مسمى . قعدت بالمؤملين آجالهم عن بلوغ آمالهم . و عدوا أنفسهم بالصالحات فعاجلهم أمر الله . كل الناس يغدو في أهداف و آمال و رغبات و أماني ، ولكن أين الحازمون و أين الكيسون
أيها المسلمون : لقد أقبل عليكم شهر عظيم مبارك كنتم قد وعدتم أنفسكم قبله أعواماً و مواسم ، و لعل بعضاً قد أمل و سوف و قصر فها هو قد مد له في أجله و أنسى له في عمره فماذا عساه فاعل ؟ ؟ . إن بلوغ رمضان نعمة كبرى ، يقدرها حق قدرها الصالحون المشمرون . إن واجب الأحياء استشعار هذه النعمة و اغتنام هذه الفرصة . إنها إن فاتت كانت حسرة ما بعدها حسرة ، أي خسارة أعظم من أن يدخل المرء فيمن عناهم المصطفى صلى الله عليه و سلم بحديثه على منبره في مساءلة بينه و بين جبريل الأمين : " من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين " . من حرم المغفرة في شهر المغفرة فماذا يرتجي ؟ ؟ . إن بلوغ الشهر أمنية كانت يتمناها نبيكم محمد صلى الله عليه و سلم و يسألها ربه حتى كان يقول : " اللهم بارك لنا في رجب و شعبان و بلغنا رمضان " . إن العمل الجد لا يكون على تمامه و لا يقوم به صاحبه على كماله إلا حين يتهيأ له تمام التهيؤ ، فيستثير في النفس همتها و يحدوه الشوق بمحبة صادقة و رغبة مخلصة . و في مقام الاستقبال و الترحيب بشهر رمضان المعظم يقول عليه الصلاة و السلام مخاطباً أصحابه و أمته من بعدهم : " أتاكم رمضان سيد الشهور فمرحباً به و أهلاً " . " و في حديث عبادة : أتاكم شهر رمضان ، شهر بركة ، يغشاكم الله فيه برحمته ، و يحط الخطايا ، و يستجيب الدعاء . ينظر الله إلى تنافسكم فيه و يباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيراً . فإن الشقي من حرم رحمه الله " . عباد الله : جدير بشهر هذه بعض أسراره ، وتلك بعض خصاله أن يفرح به المتعبدون ، و يتنافس في خيراته المتنافسون أين هذا من أناس استقبالهم له تأفف ، و قدومه عليهم عبوس لقد هرم فيه أقوام فزلت بهم أقدام . اتبعوا أهواءهم ، فانتهكوا الحرمات ، و اجترأوا على المعاصي ، فباءوا بالخسار والتبار .في الناس من لا يعرف من رمضان إلا الموائد وصنوف المطاعم و المشارب ، يقضي نهاره نائماً ، ويقطع ليله هائماً . وفيهم من رمضانه بيع و شراء ، يشتغل به عن المسابقة إلى الخيرات ، و شهود الصلوات في الجماعات . فهل ترى أضعف همةً و أبخس بضاعةً ممن أنعم الله عليه بإدراك شهر المغفرة ثم لم يتعرض فيه للنفحات ؟ ؟ . معاشر الأحبة : ذلكم هو الصيام و أولئك هم الصائمون . أين هؤلاء من أقوام لا يرون في الصوم إلا حرماناً لشهواتهم العارمة و غرائزهم الجامحة ، فوجوههم لاستقبال شهرهم عابسة ، و صدورهم به ضائقة ، و نفوسهم فيه منقبضة . ناهيك بأقوام يتمتعون في بأنواع من المعايش ، و ألوان من المطاعم و المشارب ، يسرفون على بطونهم بالأكل حتى تمرض ، و على جيوبهم بالإنفاق حتى تنفذ ، ينفق أحدهم في شهره ما يوازي إنفاقه في عامه كله أو يكاد . استهلاك الأغذية عندهم يتضاعف في رمضان ، إن هؤلاء المغفلين يجوعون في النهار ليزداد نهمهم بالليل . أي مسكنة بعيش فيها هؤلاء ؟؟ إنهم لم يأخذوا من الحياة سوى جانبها الفضولي العابث ، يتأثرون و لا يؤثرون ، و لقد قال بعض الفضلاء : ( لو صام المسلمون اليوم صوماً صادقاً خالصاً لتخلصوا من مصائب أنفسهم و شرور أعمالهم ، و لو صدقوا لما استطاع عدو أن يحيك لهم المؤامرات و الدسائس و الفتن ) أي غناء و أي فائدة أن يمسك بعض الناس عن الطعام و الشراب و لكنه في سلوكه و أعماله مجموعة من المتناقضات و المهملات عبثاً و لهواً و ضياعاً . أي مفهوم معكوس لدى بعض المسلمين حين يسهرون في رمضان لتسلية فارغة و لغو طويل ، بل إنهم ليعدون لأنفسهم برامج خاصة كلها لهو و ضحك و مجون . وهذا ما تفعله وسائل الفساد والإفساد من صد للناس عن طاعة ربهم وعبادته السهر في الليل أيها الأخوة و كما يعلم العقلاء و الفضلاء لا يكون إلا لشرطي يحرس الأمن و جندي يحمي الثغر و طبيب يرعى مريضاً و متعلم يستدرك و يستذكر و عامل في نوبة ليلية ، و ما عدا ذلك فلا يكون السهر إلا لمجتهد يتجافى جنبه عن المضجع يدعو ربه خوفاً و طمعاً و يقطع ليله تسبيحاً و قرآناً إن حقا على المسلمين أن يبكوا و لا يضحكوا و أن يجدوا و لا يهزلوا ، أين الإحساس بضراوة العدو و شراسة الكائدين أن أوصالاً كبيرة من جسد الأمة تقطع و تنتقص ، و تعيش وطأة من الذل و الاستعباد ، و الفقر و الإبادة ، و الابعاد و التشريد أمة الصيام والقيام : اتقوا الله ، و أكرموا هذا الوافد العظيم ، جاهدوا النفوس بالطاعات . ابذلوا الفضل من أموالكم في البر والصلات ، استقبلوه بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله . جددوا العهد مع ربكم ، و شدوا العزم على الاستقامة ، فكم من مؤمل بلوغه أصبح رهين القبور . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " . الحمد لله خص بالتشريف و التفضيل بعض مخلوقاته ، أحمده سبحانه و اثني عليه بما هو أهله حمداً و ثناء يملآن أرضه و سمواته ، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له هو أعلم بمواضع اختياره و كراماته ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله و صفيه من رسله و مختاره من برياته ، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و أصحابه و أتباعه من أهل محبته و موالاته . أما بعد فاتقوا الله رحمكم الله و اعلموا أن ربكم بفضله و منه قد جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته . فبادروا وفقكم الله إلى الخيرات و أصلحوا من أحوالكم ، فالمسئولية عظمى و المحاسبة دقيقة . و لقد أوصى أبو ذر رضي الله عنه أصحابه يوماً فقال : ( إن سفر القيامة طويل فخذوا ما يصلحكم ، صوموا يوماً شديد الحر لحر يوم النشور ، و صلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور و تصدقوا بصدقة السر ليوم عسير ) . و لما قيل للأحنف بن قيس إنك شيخ كبير و إن الصوم يضعفك قال : ( إني أعد لسفر طويل و الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذاب الله ) . فاستكثروا من الطاعات و النوافل من بعد الفرائض ، و اسعوا في قضاء حوائج المحتاجين و تفقد أحوال المساكين. معاشر المسلم ، إن رمضان آت بعد أيام . بلغنا الله و إياكم أيامه ، و تقبل منا و منكم صيامه قيامه . إنه آت و في الأمة تعساء يستقبلونه على أنه شهر جوع نهاري ، و شبع ليلي ، نوم في الفرش في النهار إلى ما بعد العصر ، و سمر في الليل ممتد إلى طلوع الفجر ، ليس رمضان عندهم إلا موسم للموائد الفاخرة ، بألوان من الطعام و الشراب زاخرة ، ذو العمل منهم يتبرم من عمله ، و صاحب التعامل يسيء في تعامله ، و ذو الوظيفة تثقل عليه وظيفته وجوههم عابسة ، و صدورهم ضيقة ، و ألسنتهم سليطة ، و غيظهم حانق ، لا يرون في رمضان إلا جوعاً لا تتحمله أمعاؤهم ، و عطشاً لا تقوى عليه عروقهم . يقابل هؤلاء التعساء قوم رضي الله عنهم و رضوا عنه ، يستقبلون شهرهم ليجددوا فيه صلتهم مع ربهم ، و يعيشون نهارهم عيشة الأبطال في المعارك ، و يقطعون ليلهم بلذيذ المناجاة و صادق الابتهالات . إيثار جميل ، و صبر كريم ، و تهذيب في الخلق نبيل . لا يقابلون الإساءة بالإساءة ، و لا يردون البذاءة بالبذاءة : " و إن سابه أحد ، أو قاتله قال : إني صائم " أيها المسلمون ، إن الصائمين القائمين هم الذين تصلح بهم الأوضاع ، و تكسب بهم المعارك ، و تسعد بهم المجتمعات . اللهم بلغنا رمضان ، و وفقنا لصيامه و قيامه ، و اقبلنا فيه ، و تقلبه منا ، اللهم زدنا و لا تنقصنا ، و أعطنا و لا تحرمنا ، و أكرمنا و لا تهنا ، و آثرنا و لا تؤثر علينا ، و أرضنا و ارض عنا ، و اجعلنا مجتمعين غير متفرقين ، مغفوراً لنا إنا كنا مذنبين ، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة ، و كفر عنا سيئاتنا ، و أجزل حسناتنا ، و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم . الا وصلوا عبادالله على خير خلق الله اللهم ابرم لهذه الأمة أمرا رشيدا _ اللهم عليك بالطغاة والمفسدين وسائر العلمانيين اللهم ول على المسلمين خيارهم واكفهم شر شرارهم الله خلص الأمة من الطواغيت واجعل شريعتك فيصلا بين المسلمين ربنا ظلمنا أنفسنا