تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الجمع بين حديث غُرْبَة الدّين والطّائفة المنصورة .


عَبِيرُ الإسلام
2015-02-06, 20:10
بسم الله الرحمن الرحيم


http://www.albetaqa.com/waraqat/04salaf/001/salaf0004.jpg


الجمع بين حديث غُرْبَة الدِّين والطَّائِفَة المنصورة


ما الجمع بين حديث: ((بدأ الإسلام غريباً))، وحديث: ((لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحق))؟[1]




الجواب:


لا منافاة بينهما: فالأوّل ظاهر من الواقع، وتمامه: ((فسيعود غريباً كما بدأ فَطُوبَى للغرباء))[2]، وفي رواية لغير مسلم: ((يُحْيُونََ ما أمات الناس من سُنَّتِي))[3]، وفي رواية أخرى: ((الّذين يُصْلِحُونَ ما أفسد الناس))[4].


والحديث الثاني يدل على بقاء الإصلاح والدّعوة والعلم والتّعليم، وفيه بشارة أنّ هنالك طائفة لا تزال ظاهرة على الحق، فالغُرْبَة لا تنافي الطّائفة، ولا يلزم أن تكون بمكان واحد، والحق لا بدّ من بقائه حتّى يخرج الدّجال، وحتّى تأتي الرّيح.


ثم إنّ هذه الغُرْبَة قد تزداد في مصر من الأمصار وتَقِلّ في مصر آخر، وقد تكون الغُرْبَة ذات معان متعدّدة: في كثرة البِدَع أو إنكار صلاة الجماعة أو عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن أعظمها، غربة أهل التوحيد وظهور الشرك، نسأل الله العافية. وقد يظهر الإسلام في ناحية ويكون فيها أحسن مما قبل كما هو الواقع، وقد يكون في زمان أفضل من زمان آخر.
أما حديث: ((لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه))[5]، فهو محمول على الأغلب، فلا يمنع أن يكون في بعض الزمان أحسن مما قبله، كما جرى في زمان عمر بن عبد العزيز فإن زمانه أحسن من زمان سليمان والوليد، وكما حصل في زمان شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من ظهور السنة والرد على المبتدعة، وكما جرى في الجزيرة بعد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.

--------------------------------------------------

[1] نشر في كتاب فتاوى إسلامية جمع وترتيب محمد المسند، ج 4، ص136.

[2] أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، برقم 208.

[3] أخرجه ابن قتيبة في كتاب تأويل مختلف الحديث 1/115.

[4] أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، برقم 2554.

[5] أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه، برقم 6541.





مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الخامس والعشرون.



http://www.binbaz.org.sa/mat/3336

عَبِيرُ الإسلام
2015-02-06, 20:44
بسم الله الرّحمن الرّحيم



تبصير الخلف بـشرعـيـّة الإنتـسـاب إلـى السّلـف

السّلفية هي الفرقة النّاجية والطّائفة المنصورة

http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?p=8408410


*****************


http://www.rslan.com/images/index/O9olAhl1.jpg


السّلفيّة منهج الإسلام
وليست دعوة تحزّب وتفرّق وفساد


الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فقد وردَ على موقعِي الرسمي انتقادٌ آخرُ، يحمل في طيَّاته شبهاتٍ مكذوبةً على الدّعوةِ السلفيةِ بأنّها دعوةٌ حزبيةٌ مفرِّقةٌ مبتدعة، تجرُّ الفتنَ، وأنّ التغيير لا يحصل بالفتنة، وقد رأيت من المفيد أن أردّ على شبهاته المزعومةِ ومفاهيمه الباطلة بتوضيحها بالحقّ والبرهان، عملاً بقوله تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ [سورة الأنبياء:١٨].
[وهذا نصّ انتقاده]:

«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أراسلُكَ وأنا أعلم يقينًا بأنَّ الشيخ فركوس عبدٌ من عباد الله ونحسبُك من المتقين.
١- إطلاق لفظ السلفية على الفرقة الناجية ألا يُعتبر هذا حزبيةً، وأنت تعلم أنّ القرآن فيه لفظ الإسلام كما قال الله تعالى: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين﴾ [سورة يوسف:١٠١].
٢- لا أشكّ أنّ كثيرًا من المسلمين يعتقدون أنّ السلفيَّ هو لِحيةٌ وقميص، وماذا عن حالق لحيته ألا يدخل الجنّة حنفي… ؟! إنّ اسمَ السّلفية فرّقت فأبصر.. ! ما هو الدليل القاطع على وجوب التّسمية للفرقة النّاجية ؟
إنّ التّغيير لا يكون بالدّخول في الفتن أي الشُّبُهات، ولو يجلس الشيخ فركوس في مسجده لكان خيرًا له، وما النّصر إلاَّ من عند الله، ومن سمَّع سمَّعَ اللهُ به، و﴿مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين﴾ [سورة يوسف:٩٠]».




* فأقول -وبالله التّوفيق وعليه التّكلان-:

إنّ السلفيةَ تُطلَقُ ويرادُ بها أحد المعنيين:


الأول: مرحلةٌ تاريخيةٌ معيّنةٌ تختصُّ بأهل القرون الثلاثة المفضّلة، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»(١)، وهذه الحِقبة التاريخيةُ لا يصحُّ الإنتساب إليها لانتهائها بموت رجالها.


والثاني: الطّريقةُ التي كان عليها الصحابةُ والتابعون ومَن تبعهم بإحسان من التمسّك بالكتاب والسُّنَّة وتقديمهما على ما سواهما، والعمل بهما على مقتضى فهم السلف الصالح، والمراد بهم: الصّحابة والتّابعون وأتباعهم من أئمّة الهدى ومصابيحِ الدُّجَى، الذين اتّفقتِ الأُمَّة على إمامتهم وعدالتهم، وتَلَقَّى المسلمون كلامَهم بالرِّضا والقَبول كالأئمّة الأربعة، والليثِ بنِ سَعْدٍ، والسُّفيانَين، وإبراهيمَ النَّخَعِيِّ، والبخاريِّ، ومسلمٍ وغيرِهم، دون أهلِ الأهواء والبدعِ ممّن رُمي ببدعة أو شهر بلقبٍ غيرِ مرضيٍّ، مثل: الخوارج والروافض والمعتزلة والجبرية وسائر الفرق الضالَّة.
وهي بهذا الإطلاق تعدُّ منهاجًا باقيًا إلى قيام الساعة، ويصحّ الإنتسابُ إليه إذا ما التُزِمت شروطُهُ وقواعِدُهُ، فالسّلفيون هم السّائرون على نهجهم المُقْتَفُونَ أثرَهم إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها، سواء كانوا فقهاءَ أو محدّثين أو مفسّرين أو غيرَهم، ما دام أنهم قد التزموا بما كان عليه سلفُهم من الاعتقاد الصحيح بالنصّ من الكتاب والسنّة وإجماع الأمّة والتمسّك بموجبها من الأقوال والأعمال لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»(٢)،


ومن هذا يتبيَّن أنَّ السّلفيةَ ليست دعوةً طائفيةً أو حزبيةً أو عِرقيةً أو مذهبيةً يُنَزَّل فيها المتبوعُ مَنْزِلةَ المعصوم، ويتخذ سبيلاً لجعله دعوة يدعى إليها، ويوالى ويعادى عليها، وإنّما تدعو السّلفيةُ إلى التّمسُّك بوصيّة رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم المتمثِّلة في الإعتصام بالكتاب والسُّنَّة وما اتّفقت عليه الأمّة، فهذه أصولٌ معصومة دون ما سواها.
وهذا المنهج الرَبَّانيُّ المتكاملُ ليس من الحزبية الضيّقةِ التي فرّقت الأمّةَ وشتّتت شملَها، وإنما هو الإسلام المصفَّى، والطريقُ القويمُ القاصدُ الموصلُ إلى الله، به بعث اللهُ رسلَه وأنزل به كتبَه، وهو الطريقُ البيِّنةُ معالِمُه، المعصومةُ أصولُه، المأمونةُ عواقِبُه؛ أمّا الطرقُ الأخرى المستفتحة من كلّ باب فمسدودة، وأبوابها مغلقة إلاَّ من طريق واحد، فإنه متّصلٌ بالله موصولٌ إليه، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣]، وقال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: «خَطَّ لنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم خطًّا ثمّ قال: «هَذَا سَبِيلُ اللهِ» ثم خطَّ خطوطًا عن يمينه وشماله، ثمّ قال: «هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾(٣)،



وقد جاء في «تفسير ابنِ كثيرٍ»(٤): «أنّ رجلاً سأل ابنَ مسعود رضي الله عنه: ما الصّراطُ المستقيم ؟ قال: تركنا محمَّد صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في أدناه وطرفه في الجنّة، وعن يمينه جوادُّ(٥) وعن يساره جوادٌّ، ثمّ رجال يدعون مَن مرَّ بهم، فَمَن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومَن أخذ على الصّراط انتهى به إلى الجنّة، ثمَّ قرأ ابن مسعود الآية».


وعليه يُدرك العاقلُ أنّه ليس من الإسلام تكوين أحزابٍ متصارعةٍ ومتناحرةٍ ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [سورة المؤمنون:٥٣]، فقد ذّمّ الله التحزّب والتفرّق في آياتٍ منها: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [سورة الأنعام:١٥٩]، وفي قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ﴾ [آل عمران: ١٠٥]، وإنّما الإسلام حزب واحد مفلح بنصّ القرآن، قال تعالى: ﴿ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [سورة المجادلة:٢٢]،



وأهل الفلاح هم الّذين جعل الله لهم لسانَ صِدْقٍ في العالمين، ومقامَ إحسانٍ في العِلِّيِّين، فساروا على سبيل الرّشاد الذي تركنا عليه المصطفى صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الموصلِ إلى دار الجِنان، بيِّنٌ لا اعوجاج فيه ولا انحراف قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى البَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِها لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ»(٦).


واللهُ سبحانه وتعالى إِذْ سَمَّى في كتابه الكريمِ الرّعيلَ الأوَّلَ ﺑ «المسلمين» لأنّ هذه التّسميةَ جاءت مطابقةً لما كانوا عليه من التزامهم بالإسلام المصفّى عقيدةً وشريعةً، فلم يكونوا بحاجةٍ إلى تسميةٍ خاصّةٍ إلاَّ ما سمّاهم اللهُ به تمييزًا لهم عمّا كان موجودًا في زمانهم من جنس أهل الكفر والضلال، لكن ما أحدثه الناس بعدهم في الإسلام من حوادث وبدع وغيرها ممَّا ليس منه، سلكوا بها طرق الزيغ والضلال، فتفرّق بهم عن سبيل الحقّ وصراطه المستقيم، فاقتضى الحال ودعت الحاجة إلى تسميةٍ مُطابقةٍ لِمَا وَصَفَ به النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الفرقةَ الناجيةَ بقوله: «مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»(٧)، ومتميّزة عن سُبُل أهل الأهواء والبدع ليستبين أهل الهدى من أهل الضلال. فكان معنى قوله تعالى: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ﴾ [الحج: ٧٨]، إنّما هو الإسلام الذي شرعه الله لعباده مجرّدًا عن الشِّرْكِيَّات والبِدْعِيَّات، وخاليًا من الحوادث والمنكرات في العقيدة والمنهج، ذلك الإسلام الذي تنتسب إليه السّلفية وتلتزم عقيدتَه وشريعتَه وتؤسِّسُ دعوتَها عليه،


قال ابن تيمية رحمه الله: «لا عيبَ على مَن أظهر مذهبَ السّلفِ وانتسبَ إليه واعتزى إليه، بل يجب قَبول ذلك منه باتّفاق، فإنّ مذهبَ السّلفِ لا يكون إلاَّ حقًّا»(٨).


هذا، وللسّلفية ألقابٌ وأسماءٌ تُعْرَف بها، تنصبُّ في معنى واحد، فهي تتّفق ولا تفترق وتأتلف ولا تختلف، منها: «أصحاب الحديث والأثر» أو «أهل السُّنَّة»، لاشتغالهم بحديث رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وآثارِ أصحابه الكرام رضي الله عنهم مع العمل على التمييز بين صحيحِها وسقيمها وفهمها وإدراك أحكامها ومعانيها، والعملِ بمقتضاها، والاحتجاجِ بها، وتسمى ﺑ «الفرقة الناجية» لأنّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال: «إِنَّ بَني إِسرائيلَ افْتَرَقُوا على إِحْدَى وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ مِلَّة وَاحِدَة»فقيل له: ما الواحدة ؟ قال: «مَا أَنَا عَلَيْهِ اليَوْمَ وَأَصْحَابِي»(٩)، وتسمَّى -أيضًا- ﺑ «الطائفة المنصورة»، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»(١٠).


وتسمّى ﺑ «أهل السُّنَّة والجماعة» لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ»(١١)، وقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»(١٢)، وفي قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً وَهِيَ الجَمَاعَةُ»(١٣)، والمراد بالجماعة هي الموافقةُ للحقّ الذي كانت عليه الجماعةُ الأولى: جماعةُ الصحابة رضي الله عنهم، وهو ما عليه أهلُ العلم والفقه في الدِّين في كلّ زمان، وكلُّ مَن خالفهم فمعدودٌ من أهلِ الشّذوذِ والفُرقة وإن كانوا كثرة .


قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إِنَّ جُمْهُورَ النَّاسِ فَارَقُوا الجَمَاعَةَ، وَإِنَّ الجَمَاعَةَ مَا وَافَقَ الحَقَّ وَإِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ»(١٤)، والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وصف الفِرقةَ الناجيةَ بقوله: «مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»(١٥)، وهذا التّعيين بالوصف يدخل فيه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأصحابُه دخولاً قطعيًّا ولا يختصّ بهم بل هو شاملٌ لكلِّ مَن أتى بأوصاف الفِرقة الناجية إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومن عليها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض تعيين الفرقة الناجية: «وبهذا يتبيّن أنّ أحقّ الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: أهل الحديث والسنّة، الذين ليس لهم متبوع يتعصّبون له إلاَّ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزًا بين صحيحها وسقيمها، وأئمّتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها واتباعًا لها: تصديقًا وعملاً وحبًّا وموالاةً لمن والاها ومعاداة لمن عاداها، الذين يَروون المقالات المجملةَ إلى ما جاء من الكتاب والحكمة، فلا يُنَصِّبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجُمل كلامهم إن لم تكن ثابتةً فيما جاء به الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بل يجعلون ما بعث به الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه»(١٦).


هذا، ولا يعاب التسمي ﺑ «السّلفية» أو ﺑ «أهل السُّنَّة والجماعة» أو ﺑ «أهل الحديث» أو ﺑ «الفِرقة الناجية» أو «الطائفة المنصورة»؛ لأنّه اسم شرعيٌّ استعمله أئمّة السّلف وأطلقوه بحسَب الموضوع إما في مقابلة «أهل الكلام والفلسفة» أو في مقابلة «المتصوّفة والقبوريين والطُّرُقيِّين والخُرافِيِّين» أو تُطلق بالمعنى الشامل في مقابلة «أهل الأهواء والبدع» من الجهمية والرافضة والمعتزلة والخوارج والمرجئة وغيرِهم.


لذلك لما سُئل الإمام مالك رحمه الله مَن أهلُ السُّنَّة ؟ قال: «أهل السُّنَّة الذين ليس لهم لقب يُعرَفون به لا جهمي ولا قَدَرِي ولا رافضي»(١٧)، ومراده رحمه الله أنّ أهل السُّنَّة التزموا الأصلَ الذي كان عليه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأصحابُه، وبقوا متمسّكين بوصيّته صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من غير انتساب إلى شخص أو جماعة،



ومن هنا يُعلم أنّ سبب التّسمية إنّما نشأ بعد الفتنة عند بداية ظهور الفِرق الدّينية ليتميّز أهلُ الحقّ من أهل الباطل والضّلال، وقد أشار ابنُ سيرين رحمه الله إلى هذا المعنى بقوله: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلمّا وقعتِ الفتنةُ، قالوا: سمّوا لنا رجالَكم، فيُنظرُ إلى أهل السُّنَّة فيؤخذ حديثُهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثُهم»(١٨)، هذا الأمر الذي دعا العلماءَ الأثباتَ والأئمّةَ الفحولَ إلى تجريد أنفسهم لترتيب الأصول العظمى والقواعدِ الكبرى للاتجاه السّلفي والمعتقد القرآني، ومن ثمَّ نسبته إلى السّلف الصّالح لحسم البدعة، وقطع طريق كلّ مبتدع.


قال الأوزاعي رحمه الله: «اصبر نفسك على السنّة، وقِفْ حيث وقف القوم، وقُلْ بما قالوا، وكُفّْ عمّا كَفُّوا عنه، واسْلُكْ سبيل سلفك الصّالح فإنّه يسعك ما وسعهم»(١٩).


هذا، والسّلفية إذ تحارب البدعَ والتعصّبَ المذهبيَّ والتّفرّقَ إنما تتشدّد في الحقّ والأخذ بعزائم الأمور والإستنان بالسُّنَن وإحياء المهجورة منها، فهي تؤمن بأنّ الإسلامَ كُلَّه حقٌّ لا باطل فيه، وصدق لا كذب فيه، وَجِدٌّ لا هزل فيه، ولُبٌّ لا قشورَ فيه، بل أحكامُ الشرع وهديُه وأخلاقُه وآدابُه كلُّها من الإسلام سواء مبانيه وأركانه أو مظاهره من: تقصير الثوب وإطالة اللّحية والسّواك والجلباب، ونحو ذلك كلّها من الدِّين،



والله تعالى يأمرنا بخصال الإسلام جميعًا وينهانا عن سلوك طريق الشيطان، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [سورة البقرة:٢٠٨]، وقد ذمَّ الله تعالى بني إسرائيلَ الذين التزموا ببعض ما أُمروا به دون البعض بقوله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾ [البقرة: ٨٥].


والحُكْمُ المُسْبَق على المعيّن بدخول النار والمنعِ من دخول الجنّة بتركه للهدي الظاهري للإسلام ليس من عقيدة أهل السُّنَّة لكونه حُكمًا عينيًّا استأثر الله به، لا يشاركه فيه غيره، وقد بين الله سبحانه وتعالى، أنّ استحقاق الجنة ودخولها إنّما يكمن في إخلاص العبادة لله سبحانه واتّباع نبيّه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وقد ذمَّ الله تعالى مقالة أهل الكتاب في قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ، بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [سورة البقرة:١١١-١١٢].


فالسّلفيةُ لا تهوِّن من شأن السنّة مهما كانت، فلا تهدر من الشرع شيئًا ولا تهمل أحكامَه، بل تعمل على المحافظة على جميع شرعه: علمًا وعملاً ودعوةً قَصْدَ بيانِ الحقّ وإصلاحِ الفساد، وقد أخبر النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن الغرباء: «الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ»(٢٠).


والسّلفيةُ ليست بدعوةٍ مُفرِّقة، وإنّما دعوة تهدف إلى وحدة المسلمين على التوحيد الخالص، والاجتماع على متابعة الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم والتزكيةِ بالأخلاق الحسنة، والتحلي بالخصال الحميدة، والصدعِ بالحقّ وبيانِه بالحجّة والبرهان، قال تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: ٢٩]، فقد كان من نتائج المنهج السلفي: اتحاد كلمة أهل السُّنَّة والجماعة بتوحيد ربهم، واجتماعهم باتباع نبيِّهم، واتفاقهم في مسائل الاعتقاد وأبوابه قولاً واحدًا لا يختلف مهما تباعدت عنهم الأمكنة واختلفت عنهم الأزمنة، ويتعاونون مع غيرهم بالتعاون الشرعي الأخوي المبني على البرّ والتقوى والمنضبط بالكتاب والحكمة.


هذا، والسّلفية تتبع رسولها في الصدع بكلمة الحقّ ودعوة الناس إلى الدين الحقّ، قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: ٤٤]، والبقاء في البيوت والمساجد من غير تعليم ولا دعوة إخلالٌ ظاهر بواجب الأمانة وتبليغ رسالات الله، وإيصال الخير إلى الناس، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ﴾ [آل عمران: ١٨٧]،



فيجب على الدّاعية أن يدعو إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، يدعو إلى الله بها على علم ويقين وبرهانٍ على نحو ما دعا إليه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [سورة يوسف:١٠٨]، والعلم إذا لم يَصْحَبْهُ تصديقٌ ولم يؤازِرْهُ عملٌ وتَقْوَى لا يُسَمَّى بصيرةً، فأهلُ البصيرةِ هم أولوا الألباب كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ ﴾ [سورة الزمر:١٨].


ومن منطلق الدّعوة إلى الإسلام المصفّى من العوائد والبدع والمحدَثات والمنكرات كان الإنتساب إلى «أهل السُّنَّة والجماعة» أو «السلفية» عِزًّا وشَرَفًا ورمزًا للإفتخار وعلامةً على العدالة في الإعتقاد، خاصّةً إذا تجسّد بالعمل الصّحيح المؤيَّد بالكتاب والسنّة، لكونها منهج الإسلام في الوحدة والإصلاح والتربية، وإنّما العيب والذّمُّ في مخالفة اعتقاد مذهب السلف الصالح، في أي أصل من الأصول، لذلك لم يكن الإنتساب إلى السلف بدعةً لفظيةً أو اصطلاحًا كلاميًّا لكنه حقيقة شرعية ذات مدلول محدّد..


وأخيرًا؛ فالسّلف الصالح هم صفوة الأمّة وخيرها، وأشدّ الناس فرحًا بسنّة نبيّهم صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأقواهم استشعارًا بنعمة الإسلام وهدايته التي منَّ الله بها عليهم، متمثلين لأمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ، قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [سورة يونس:٥٧-٥٨]،


قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «الفرح بالعلم والإيمان والسُنَّة دليل على تعظيمه عند صاحبه، ومحبّته له، وإيثاره له على غيره، فإذا فرح العبد بالشيء عند حصوله له على قدر محبّته له ورغبته فيه، فمن ليس له رغبة في الشيء لا يفرحه حصوله له، ولا يحزنه فواتُه، فالفرح تابع للمحبة والرغبة»(٢١).




نسأل الله أن يُعزَّ أولياءَه، ويُذِلَّ أعداءَه، ويهديَنا للحقِّ، ويرزقَنا حقَّ العِلم وخيرَه وصوابَ العمل وحُسنَه، فهو حَسْبُنَا ونعم الوكيل، وعليه الإتكال في الحال والمآل،

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

[CENTER]الجزائر في: ١١ جمادى الأولى ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٨ ماي ٢٠٠٧م


--------------------------------------------------
(١) أخرجه البخاري في «الشهادات» باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد (٢٥٠٩)، ومسلم في «فضائل الصحابة» باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين... (٦٤٧٢)، والترمذي في «المناقب» باب ما جاء في فضل من رأى النبي وصحبه (٣٨٥٩)، وابن حبان في «صحيحه» (٧٢٢٨)، وأحمد (٥٣٨٣)، والبزار في «مسنده» (١٧٧٧)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(٢) أخرجه مسلم في «الإمارة» باب قوله لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق.. (٤٩٢٠)، والترمذي في «الفتن» باب ما جاء في الأئمة المضلين (٢٢٢٩)، وأحمد (٢١٨٨٩)، وسعيد ابن منصور في «سننه» (٢٣٧٢)، من حديث ثوبان رضي الله عنه.

(٣) أخرجه الدارمي في «سننه» (٢٠٦)، وابن حبان في «مقدمة صحيحه» باب الاعتصام بالسنة وما يتعلق بها نقلاً وأمرًا وزجرًا (٧)، والحاكم في «المستدرك» (٣٢٤١)، وأحمد (٤١٣١)، والبزار في «مسنده» (١٧١٨)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. والحديث صحَّحه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد» (٦/ ٨٩)، وحسَّنه الألباني في «المشكاة» (١٦٦).

(٤) [٢/ ١٩١].

(٥) الجوادُّ: جمع جادّة، وهي معظم الطريق، وأصل الكلمة من جدَدَ. [«النهاية» لابن الأثير: ١/ ٣١٣].

(٦) أخرجه ابن ماجه في «المقدمة» باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين (٤٣)، والحاكم في «المستدرك»» (٣٣١)، وأحمد (١٦٦٩٢)، والطبراني في «الكبير» (١٨/ ٢٤٧)، من حديث العرباض ابن سارية رضي الله عنه. والحديث حسَّنه المنذري في «الترغيب والترهيب» (١/ ٤٧)، وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٩٣٧).

(٧) أخرجه الترمذي في «الإيمان» باب ما جاء في افتراق هذه الأمة (٢٦٤١)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال العراقي في «تخريج الإحياء» (٣/ ٢٨٤) «أسانيدها جياد»، والحديث حسنه الألباني في «صحيح الجامع» (٥٣٤٣).

(٨) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٤/ ١٤٩).

(٩) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٤٤٤)، من حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما. قال ابن تيمية رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (٣/ ٣٤١): «الحديث صحيح مشهور في السنن والمساند»، وحسَّنه سليم الهلالي في رسالة: «درء الارتياب عن حديث ما أنا عليه والأصحاب».

(١٠) سبق تخريجه في (هامش ٢) (http://ferkous.com/home/?q=art-mois-22#_ftn2).

(١١) أخرجه الترمذي في «الفتن» باب ما جاء في لزوم الجماعة (٢١٦٦)، والحاكم في «المستدرك» (٣٩٨)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وصحَّحه الألباني في «المشكاة» الهامش رقم (٥)، من (١/ ٦١).

(١٢) أخرجه البخاري في «الفتن» باب قول النبي: «سترون بعدي أمورا تنكرونها» (٦٦٤٦)، ومسلم في «الإمارة» باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن (٤٧٩٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(١٣) أخرجه أبو داود في «السنة» باب شرح السنة (٤٥٩٧)، والحاكم في «المستدرك» (٤٤٣)، وأحمد (١٦٦١٣)، والطبراني في «الكبير» (١٩/ ٣٧٧)، من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٢٠٤).

(١٤) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٤٩/ ٢٨٦). وصحَّحه الألباني في «المشكاة» (١/ ٦١).

(١٥) سبق تخريجه، انظر (هامش ٧ (http://ferkous.com/home/?q=art-mois-22#ftn7)، ٩ (http://ferkous.com/home/?q=art-mois-22#_ftn9)).

(١٦) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣/ ٣٤٧).

(١٧) «الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء» لابن عبد البر (٣٥)، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (١/ ١٧٢).

(١٨) رواه مسلم في «مقدمة صحيحه» (٨٤)، والدارمي في «سننه» (٤٢٢).

(١٩) «الشريعة» للآجري (٥٨).

(٢٠) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (٢١٩)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، وأخرجه أبو عمرو الداني في «الفتن» (٢٥/ ١)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٣/ ٢٦٧).

(٢١) «مدارج السالكين» لابن القيم (٣/ ١٥٨).




http://ferkous.com/home/?q=art-mois-22

أبو همام الجزائري
2015-02-07, 06:59
بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شرح حديث الطائفة المنصورة ، وبيان صفاتهم كما وردت في أحاديث الغربة
الشيخ محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله

الشيخ : الذي أو الذين يعرفون هذا المنهج النقي الأبيض إنما هي الطائفة المنصورة التي تحدث النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها في حديث متواتر ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطرق قطعية الثبوت ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام
( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة ) ( لا يضرهم من خالفهم )
هل هم الكثرة الكاثرة من المسلمين أم هي الطائفة القليلة المنصورة؟
الحديث صريح في ذلك ولذلك فلا يكن هم أحدكم أن يكون مع الأكثرين لأن الله رب العالمين يذم الأكثرين في غالب آيات القرآن الكريم بمثل قوله
(( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ))
(( ولكن أكثر الناس لا يشكرون ))
(( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ))
ولذلك فينبغي أن يكون هَمُّ أحدنا أن يكون من من عباده القليل من الطائفة المنصورة

ما صفة هذه الطائفة المنصورة؟
هنا بيت القصيد في هذه الكلمة هي ما جاء ذكره في أحاديث الغربة, أحاديث الغربة التي جاء فيها ثلاثة روايات صحيحة, الرواية الأولى في صحيح مسلم من رواية سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
( إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء ) هذا حديث مسلم
الحديث الثاني في مسند الإمام أحمد رحمه الله ذكر هذا الحديث وزاد زيادة طيبة وهي أن سائلا سأل فقال " من هم الغرباء يا رسول الله؟ " فقال عليه الصلاة والسلام
( هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم )
انظروا هنا يمدح القلة ولا يمدح الكثرة بل هو يذمها قال
( هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم )
فإذن مِن صفة هؤلاء الغرباء الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطوبى وهي شجرة في الجنة يمشي الراكب المسرع تحتها مئة عام لا يقطعها هؤلاء هم الغرباء الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذه البشارة العظمى فقال
( هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم )
وهذه الصفة ينبغي أن تكون صفة عامة في الغرباء

أما الصفة التالية وهي في الحديث الثالث, فهي صفة من خاصة الغرباء, هي صفة من خاصة الغرباء أي هي صفة في علماء الغرباء ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجاب مرة عن ذاك السؤال من هم الغرباء؟ فقال عليه الصلاة والسلام في المرة الأخرى
( هم الذين يُصْلِحُون ما أفسد الناس من سنة من بعدي )

فإذًا كلمة الغرباء تعني المتمسكين بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف أي هم الفرقة الناجية
ولكن ليس من الضروري أن يكون كل فرد ممن يكون حقا من الفرقة الناجية أن يكون عالما, هذا أمر ضروري جدا
ثم ليس من الضروري أن يكون كل من كان من الفرقة الناجية وعالما أيضا أن يكون عالما بالكتاب والسنة
فقد يكون عالما من العلماء الذين يتبعونمن سلسلة الهدى والنور
الشريط رقم : 499
الشيخ محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله

عَبِيرُ الإسلام
2015-02-08, 19:48
بسم الله الرّحمن الرّحيم


صفات الفرقة النّاجية



أُحبُّ أن أعرف الفرقة المنصورة إلى يوم الدين، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهل هي موجودة في بلدٍ واحد أو موزعة على بلاد المسلمين، ماذا أفعل لكي أكون منهم؟

الجواب:

الفرقة المنصورة هي القائمة بأمر الله، المستقيمة على دين الله، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ستفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة!)، قيل: مَن هي يا رسول الله؟ قال: (ما أنا عليه وأصحابي) وفي رواية: (وهي الجماعة) يعني المجتمعة على الحق، وهم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بعدهم، ممّن سار على نهجهم، هؤلاء هم الفرقة الناجية وهم الطائفة المنصورة، الذين وحَّدوا الله واستقاموا على دينه، وأدوا فرائضه، وتركوا مناهيه، وتواصوا بالحق والصّبر عليه، هؤلاء هم الفرقة الناجية، وهم الطّائفة المنصورة، الّذين اتبعوا الرُّسُل واستقاموا على دينه، وأفضلهم وإمامهم نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-،

فالفرقة الناجية من أمّته هي التي استقامت على دينه قولاً وعملاً وعقيدة، هؤلاء هم الفرقة الناجية، وهم الطائفة المنصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم.

http://www.binbaz.org.sa/mat/10244


الفرق بين الطائفة المنصورة والفرقة الناجية


ما الفرق بين الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، وما صفات كل منهما؟

الفرقة الناجية هي الطائفة المنصورة، وصفاتها إتّباع السّلف، السّير على منهج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وأتباعهم بإحسان، وهم مذكورين في قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ... (100) سورة التوبة. الآية،

فالفرقة الناجية هي التي تبعت النبي -صلى الله عليه وسلم- وسارت على نهجه ونهج أصحابه حتى الموت، هم الطائفة المنصورة وهم السلف الصالح، وهم أهل السنة والجماعة كلها عبارة عن فرقة واحدة، عن الفرقة الناجية ويقال الطائفة المنصورة، ويقال: السلف الصالح وهم أصحاب النبي وأتباعهم، ويقال أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي وأبتاعهم، ولكن رأسهم العلماء، رأسهم هم أئمة الحديث، وأئمة العلم، هم رأسهم وهم أئمتهم،

ولهذا قال بعض السلف لما سئل عن الطائفة المنصورة قال: هم أهل الحديث، وقال إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري مَن هم؟

مقصوده أن أهل الحديث هم في القمة، يعني هم الأئمة في هذه الطائفة وهم القمة وهم الأساس، والعامة، والأميون تبع لهم، مَن سار على نهجهم فهو منهم، وإن كان عامياً، ما دام سار على منهاج السلف، وعلى دين الله فهو من الطائفة المنصورة، وإن كان عامياً ليس بعالم، فهو تابع لهم وداخل في قبلتهم. ولهم ما وعدوا به.


http://www.binbaz.org.sa/mat/10247

ahmed5555
2015-02-12, 17:47
السلفية منصورة على من ؟؟؟؟
المسلمون الذين تمسكوا بدين الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لا يخذلهم الله يوم القيامة ....
اما هذه التسميات : سلفية .... خلفية ....طوائف ظهرت حديثا وحصرت الناس في مجموعات واثارت التفرقة بين المسلمين...
معارك هذه الطائفة يخوضونها فقط في المطاعم و محلات الشواء ...رانا نشوفوا فيهم يوميا....

david2011
2015-02-13, 16:17
جزاك الله خير

عَبِيرُ الإسلام
2015-02-13, 20:45
بسم الله الرّحمن الرّحيم





السلفية منصورة على من ؟؟؟؟
المسلمون الذين تمسكوا بدين الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لا يخذلهم الله يوم القيامة ....
اما هذه التسميات : سلفية .... خلفية ....طوائف ظهرت حديثا وحصرت الناس في مجموعات واثارت التفرقة بين المسلمين...
معارك هذه الطائفة يخوضونها فقط في المطاعم و محلات الشواء ...رانا نشوفوا فيهم يوميا....





المسلمون الذين تمسكوا بدين الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لا يخذلهم الله يوم القيامة ...


وَمَن غيرهم الذين نتكلّم عنهم في هذا الموضوع ، ربّما لم تقرأ سوى العناوين وبعض الفقرات ، وعلى هذا تحاملتَ بهذا النَّفَس دفين الغيظ على مَن يُسَمَّوْن بالسّلفية .

ياأخي خذ لنفسك منهج الذي يعجبك ، هذا إذا كنتَ فعلاً ممّن يتمسّك بالكتاب والسُّنّة في حياته ، ولاأظنّ ، لأنّ المتمسّك بهما من المستحيل أن يقدح في مَن سار على نهج السّلف الصّالح ، ويتتبّع عوراتهم .

واعلم أنّه ليس كلّ من يسمّي نفسه سلفي هو متّبع للسّلف حقيقةً ، لأنّ هناك دخلاء على هذا المنهج ليس قصدهم العلم وإنّما التشويش على المنتسبين للسّلفية وتشويه صورتهم .، وهناك مَن يسمّي نفسه سلفي ولايعرف عن السّلف الصّالح إلاّ النزر القليل ، فيعمل بما تراه نفسه صوابا ، وهؤلاء أيضًا من شوّهوا صورة المنهج السلفي.

واعلم أيضًا أنّ المنتسب إلى المنهج السلفي ليس بالمعصوم أيضًا قد يخطأ في سلوكاته كبشر ، لكن لانلصق خطأه بالمنهج وننسف جهود علماء السّلف الذين جاهدوا لإيصال الدّين الإسلامي نقيًّا صافيًّا ممّا دخله من بدع وشركيات وأخطاء.

فالسّلفية هو الطريق الذي سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

والذي يوضّح الأمر أنّ هناك جماعة وطائفة تفترق عن جميع الطوائف باتّباعها لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم : (ستفترق أمّتي على ثلاثٍ وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة!)، قيل: مَن هي يا رسول الله؟ قال: (ما أنا عليه وأصحابي).

ألم يقنعك الحديث على أنّ هناك فرقة تفترق عن الجماعات الضّالّة التي مآلها النار ، وتلك الفرقة الوحيدة هي مَن سارت على ما سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .



وفي قولك (رانَا نشوفو فيهم ) ، شكون هادُو اللِي راكم تشوفوا فيهم .

مَن ينتسبون إلى المنهج السلفي ليس لهم وقت حتّى يجعلوا أنفسهم عرضة للشُوفان ، فهم في علم وعمل ، وليس من منهجهم الجدل والمِراء ، وإنّما شَافْهُمْ الذي يقول فيه المثل : " نظروا بِعَيْنِ عداوةٍ ولو أنّها عينُ الرِّضَا لاسْتَحْسَنُوا مَا اسْتَقْبَحُوا "


قال تعالى : ( فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ).

واعلم أيضًا أنّ مَن تتبّع عورة أخيه تتبّع الله عورته ومَن تتبّع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم



جزاك الله خير


آمين ...رعاكم الله أخي ووفّقكم للهدى والصّلاح .

الاخ ياسين السلفي
2015-02-13, 21:24
بارك الله فيك اخي

hocem146
2015-02-15, 11:41
بارك الله لكم
و جعلها الله في ميزان حسناتكم
اللهم ثبتنا على دينك

cham57
2015-02-16, 06:57
جزيت خير الجزاء

البيرين1
2015-02-16, 16:51
السلام عليكم. لكنه كما لا يخفى على متتبع لهده الفرق و الشرادم ان السلفيين انفسهم افترقوا الى ثلاث فرق على الاقل فمنهم من يبدع و يفسق و احيانا يخرج من المله و العياد بالله كل من خرج عن الحاكم او كون حزبا او عارض او دخل في انتخابات و هناك من كون الاحزاب و عارض و دخل الانتخابات و اتهم الفرقه السلفيه الاولى بالخروج عن الشرع و موالات الحكام ثم هناك الفرقه الثالثه و التي تدعوا للقتال و الجهاد(الجماعه السلفيه للدعوه و القتال) و التي تكفر الجماعتين السالفتي الدكر فعلى اي فرقه من السلفيه الناجيه من هؤلاء تتكلمين ؟ ولم اتي بشئ من عندي فاتهامات هؤلاء الفرق لبعظهم البعض بالفسق و التبديع بل احيانا بالكفر و العياد بالله تملا النت و الصحف بل اصبحت مباشرة على شاشات التلفزيون بل بلغ بهم الامر ان طائفه منهم وشت باختها للحمام في احد الدول العربيه فاصبحت الفرقه الناجيه في السجن بفضل وشاية الفرقه الناجيه الاولى.دعكم من هدا الهراء فتوزيع صكوك الغفران بالانتماء للكنيسه مضى عليه قرون و ليس عندنا في الاسلام هدا النوع من الدجل فالنجات في الاسلام برمة الله و الاعمال الصاحه و من اتى الله بقلب سليم اما الادعاء بانه بالانتماء للطائفه الفلانيه او العلانيه فقد جربته مند قرون طائفة الخوارج لكنها اصبحت في مزبلة التاريخ

عَبِيرُ الإسلام
2015-02-16, 17:21
السلام عليكم.

.................................................. .......


.دعكم من هدا الهراء فتوزيع صكوك الغفران بالانتماء للكنيسه مضى عليه قرون و ليس عندنا في الاسلام هدا النوع من الدجل فالنجات في الاسلام برمة الله و الاعمال الصاحه و من اتى الله بقلب سليم اما الادعاء بانه بالانتماء للطائفه الفلانيه او العلانيه فقد جربته مند قرون طائفة الخوارج لكنها اصبحت في مزبلة التاريخ





ما هذا ياااااالبيرين1...ظننتُك من الذين يريدون معرفة الحق والصواب دون استفزاز ...

فما هذا التّحامل على مَن يريد أن ينتسب إلى الفرقة الناجية؟

تبدأ كلامك بالسلام عليكم ...ثم تنهيه بالحرب الضّروس على مَن لايروق لك مقالهم....أليس هذا من التناقض العجيب فيمن يطعن فيمن ينتسب إلى السلفية ، وهي منهج يسير عليه كلّ مَن تمسّك بسُنّة النبي صلّى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين .

نعم ...لك أن تحتار لافتراق أنواع السلفيين ،وعلينا تبيان الحقّ والفرق بين هؤلاء ، لكن دون خدش بمشاعر مَن أرادوا السّير بصدق على طريق النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته .

لقد لاحظتُ الكثير هنا في المنتدى يدخل إلى المواضيع ليس لمعرفة الحقّ وإنّما لاستفزاز وإلهاب غيظ أصحاب المواضيع .( مع احترامي لمن يقصد العلم والتّعلّم بصدق وإخلاص لله )

هل هذا هو الأدب الذي تتكلّمون به وتتّهمون غيركم بالنّقصان والتّناقض....وووو..... وأنتم تقعون في أسوء الأخلاق في تعاملكم وتفاعلكم مع المواضيع.


إذا لم يعجبك موضوع ما عليك سوى عدم الدخول للقراءة حتّى يسلم صاحب الموضوع من النّقاشات التي ليس منها سوى الحرب والفتنة .

ماذا يريد الذين يستفزّون المنتسبين إلى السلفية ، أيريدونهم أن يتخلّوا عن مبادئهم و عن تمسّكهم بمعتقداتهم وينشرون الكذب على الله والرسول صلى الله عليه وسلم ، فيتبوّأُوا مقاعد من النار ؟.


وسؤالك هذا سوف أجيب عنه ...للّذين يحملون صفاء السريرة ونقاء العقيدة حتّى يتبصّروا بدينهم الحقّ ..والله ولي التّوفيق وعليه التّكلان .



جوانب الإفتراق مع ما يُسمَّى بالسلفية الجهادية والحزبية


http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1398003




أسأل الله أن يفقّه مَن أراد الفقه لله وفي سبيل الله وعلى منهج رسول الله .

وسبحانك اللهمّ وبحمدك أشهد أن لاإله إلاّ أنتَ أستغفرك وأتوب إليك

عَبِيرُ الإسلام
2015-02-16, 18:31
بسم الله الرحمن الرحيم



شرف الانتساب إلى مذهب السلف

وجوانب الافتراق مع ما يُسمَّى بالسلفية الجهادية والحزبية


الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فالمسلمون الأوَّلون كانوا على الإسلام الصحيح قولاً وعملاً وسلوكًا وأخلاقًا لم يَدِبَّ فيهم الخلافُ العقديُّ والطائفيُّ، لذلك سُمُّوا بالمسلمين تمييزًا لهم عن أصحاب الملل الأخرى من اليهود والنصارى والصابئة والمشركين، فكان معنى قوله تعالى: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ﴾ [الحج: ٧٨] ينطبق عليهم اسمًا ومسمًّى، قلبًا وقالبًا، ظاهرًا وباطنًا، لأنهم كانوا على الإسلام الذي شرعه الله لعباده مجرَّدًا عن الشركيات والبدعيات، وخاليًا من الحوادث والمنكرات، في العقيدة والمنهج والفرعيات، فلم توجَد مسوِّغاتٌ حاجيةٌ إلى اتِّخاذ بديلٍ عن التسمية بالمسلمين لأنهم كانوا يمثِّلون الإسلامَ بحقٍّ.

لكن بعد ظهور الاختلافات العقدية والانحرافات السلوكية بين عموم المسلمين تمخَّض عنها وجود فِرَقٍ مختلفةٍ وطوائفَ عقديةٍ متناحرةٍ من الخوارج والشيعة والقدرية والجهمية والمعتزلة والأشعرية وغيرِهم، كلٌّ منها تدَّعي الحقَّ وأنها على الهدى والسيرَ على نهج الكتاب والسُنَّة، وترمي غيرَها بالزيغ والضلال والانحراف عن سواء السبيل، مع أنها -جميعًا- تفتقر إلى الاتِّصاف بالوصف الذي بيَّنه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مخبرًا أمَّتَه عن حال هذه الفِرَق فقال: «تَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً»، قَالُوا: «وَمَا تِلْكَ الْفِرْقَةُ ؟» قَالَ: «مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي»(١)،

فكان جوابه صلَّى الله عليه وسلَّم منصبًّا على تعيين الوصف دون الموصوف، ذلك الوصف الذي يُفْصِح عن دلالةٍ واضحةٍ في أنَّ النجاة إنما تعمُّ كلَّ من اتَّصف بأوصاف الفرقة الناجية إلى قيام الساعة، وليست قاصرةَ الاختصاص بمن تقدَّم، بدليل قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ»(٢).

ومنه يتبيَّن بوضوحٍ أنَّ كلَّ متأخِّرٍ عن الحقبة الزمنية التاريخية المختصَّة بأهل القرون المفضَّلة الواردة في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»(٣) وهي زمن السلف الصالح، والتزم مذهبَهم ومنهجهم في الاعتقاد والعمل الفقهيِّ يكون سلفيًّا ويُطْلَق عليه هذه التسميةُ لالتزامه باتِّباع السلف الصالح، ويُطْلَق عليه: «سُنِّيٌّ من أهل السنَّة والجماعة» لالتزامه بالسنَّة ومجانبته للبدعة، ويُطْلَق عليه: «أثريٌّ» أي: من أهل الحديث والأثر لاعتنائه بالحديث النبويِّ روايةً ودرايةً وتطبيقًا وعملاً، وسلوكِه لهديه صلَّى الله عليه وسلَّم ظاهرًا وباطنًا واشتغالِه بآثار الصحابة رضي الله عنهم تمييزًا وفهمًا واحتجاجًا، كما يوصف بالغريب لأنه يَصلح إذا فسد الناس لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا، ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» قِيلَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنِ الْغُرَبَاءُ ؟» قَالَ: «الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ»(٤)، وفي حديثٍ آخر: «أُنَاسٌ صَالِحُونَ فِي أُنَاسِ سُوءٍ كَثِيرٍ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ»(٥)، وإنّما يَصْلُحُ لأنه اتَّصف بالوصف المعيِّن للفرقة الناجية في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَا أَنَا عَلَيْهِ اليَوْمَ وَأَصْحَابِي»(٦).

والتّسمية بالسّلفية لا تضادُّ التّسميات الأخرى ولا تخالفها كتسمية «أهل السنَّة والجماعة» و«الفرقة الناجية» و«أنصار السنَّة»، لأنَّ ذلك من باب اختلاف التنوُّع والمسمَّى واحدٌ والمعنى أيضًا، وهو التمسُّك بالكتاب والسنَّة وفق فهم سلف الأمة.

قال الحافظ ابن رجبٍ -رحمه الله-: «وأمَّا فتنةُ الشبهاتِ والأهواء المضلَّة فبسببها تفرَّق أهلُ القبلة، وصاروا شِيَعًا وكفَّر بعضهم بعضًا، وصاروا أعداءً وفِرَقًا وأحزابًا بعد أن كانوا إخوانًا، قلوبُهم على قلب رجلٍ واحدٍ، فلم ينجُ من هذه الفِرَق إلاَّ الفرقةُ الواحدة الناجية، وهم المذكورون في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ»(٧)، وهُم في آخر الزمان الغرباءُ المذكورون في هذه الأحاديث: «الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ»(٨)، وهم «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنَ السُّنَّةِ»(٩)، وهم «الَّذِينَ يَفِرُّونَ بِدِينِهِمْ مِنَ الفِتَنِ»(١٠)، وهُمُ «النُّزَّاعُ مِنَ القَبَائِلِ»(١١)، لأنهم قلُّوا فلا يوجَدُ في كلِّ قبيلةٍ منهم إلاَّ الواحدُ والاثنان، وقد لا يوجَد في بعض القبائل منهم أحدٌ، كما كان الداخلون إلى الإسلام في أوَّل الأمر كذلك، وبهذا فسَّر الأئمَّة هذا الحديث.

قال الأوزاعيُّ في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ»(١٢): «أَمَا إِنَّه ما يذهبُ الإسلامُ ولكِنْ يَذْهَبُ أهلُ السنَّة حتى ما يَبقى في البلد منهم إلاَّ رجلٌ واحدٌ».

ولهذا المعنى يوجَد في كلام السلف كثيرًا مدحُ السُنَّة ووصفُها بالغربة ووصفُ أهلها بالقلَّة، فكان الحسن البصريُّ -رحمه الله- يقول لأصحابه: «يا أهل السنَّة ! ترفَّقوا -رحمكم الله- فإنَّكم من أقلِّ الناس»(١٣).

وقال يونسُ بنُ عُبَيْدٍ: «ليس شيءٌ أغربَ من السُنَّةِ، وأغربُ منها مَن يَعرفُها»(١٤).

ورُوي عنه أنه قال: «أصبح مَن إذا عُرِّف السُنَّةَ فعرفها غريبًا، وأغربُ منه مَن يعرِّفها»(١٥).

وعن سفيان الثوريِّ قال: «استوصوا بأهل السنَّة خيرًا فإنهم غُرَباء»(١٦).

ومرادُ هؤلاء الأئمَّة بالسُنَّة: طريقةُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم التي كان هو وأصحابُه عليها، السالمةُ من الشبهات والشهوات، ولهذا كان الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ يقول: «أهلُ السنَّة من عَرَفَ ما يدخل بطنَه من حلالٍ»(١٧).

وذلك لأنَّ أكْلَ الحلال من أعظم خِصال السُنَّة التي كان عليها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابُه رضي الله عنهم.

ثمَّ صار -في عُرف كثيرٍ من العلماء المتأخِّرين من أهل الحديث وغيرهم- السُنَّةُ عبارةٌ عمَّا سَلِمَ من الشُّبُهات في الاعتقادات، خاصَّةً في مسائل الإيمان بالله وملائكته وكُتُبه ورُسُلِه واليوم الآخر، وكذلك مسائل القدر وفضائل الصحابة، وصنَّفوا في هذا العلم تصانيف سمَّوها كُتُبَ السنَّة، وإنما خصُّوا هذا العلمَ باسم السنَّة لأنَّ خَطَرَه عظيمٌ والمخالفَ فيه على شفا هلكةٍ.

وأمَّا السُنَّةُ الكاملةُ فهي الطريقة السالمة من الشبهات والشهوات كما قال الحسنُ ويونسُ بنُ عُبَيْدٍ وسُفيانُ والفُضَيْلُ وغيرُهم، ولهذا وُصِفَ أهلُها بالغربة في آخر الزمان لقلَّتهم وعِزَّتهم فيه»(١٨) اﻫ.

هذا، وللسّلفية ألقابٌ وأسماءٌ يُعْرَفون بها تنصبُّ على معنًى واحدٍ، فهي تتَّفقُ ولا تختلفُ، وتأتلفُ ولا تنتقضُ، قال عنها بكر أبو زيد -رحمه الله-: «إنها ألقابٌ: منها ما هو ثابتٌ بالسنَّة الصحيحة، ومنها ما لم يَبْرُزْ إلاَّ في مواجهة مناهجِ أهلِ الأهواء والفِرَق الضالَّة لردِّ بدعتهم والتمييزِ عنهم وإبعاد الخُلطةِ بهم ولمنابذتهم، فلمَّا ظهرت البدعة تميَّزوا بالسنَّة، ولمَّا حُكِّم الرأيُ تميَّزوا بالحديث والأثر، ولمَّا فَشَتِ البدعُ والأهواء في الخُلُوف تميَّزوا بهديِ السلف»(١٩).

قلت: ولذلك لَمَّا سئل الإمام مالكٌ -رحمه الله-: «مَن أهل السنَّة ؟» قال: «أهل السنَّة الذين ليس لهم لقبٌ يُعرَفون به، لا جهميٌّ ولا قدريٌّ ولا رافضيٌّ»(٢٠)، ومراده: أنَّ أهل السُنَّة التزموا الأصلَ الذي كان عليه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه، وبَقُوا متمسِّكين بوصيَّته صلَّى الله عليه وسلَّم من غير انتسابٍ إلى شخصٍ أو جماعةٍ، ومن هنا يُدْرَك أنَّ سبب هذه التسمية إنما نشأت بعد الفتنة، عند بداية ظهور الفِرَقِ الدينية، وقد أشار إلى ذلك ابن سيرين -رحمه الله- بقوله: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلمَّا وقعت الفتنة؛ قالوا: سَمُّوا لنا رجالكم ! فيُنظر إلى أهل السنَّة فيُؤخَذ حديثُهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يُؤخذ حديثهم»(٢١).

وبهذا يُعْلَم أنَّ السّلفية نسبةٌ إلى السلف الصالح الذي لا يُطْلَق على مرحلة السبق الزمنيِّ فحَسْبُ، بل هو اصطلاحٌ جامعٌ لمعانٍ متكاملةٍ تُطْلَق -من جهةٍ- للدلالة على منهج السلف الصالح في تلقِّي الإسلام وفهمِه والعمل به، كما تُطْلَق -من جهةٍ أخرى- للدلالة على مَن حافظ على سلامة العقيدة واتِّباعِ التشريع والعبادة والعمل بها وَفْقَ ما كان عليه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابُه من التمسُّك بالوحي: الكتاب والسُنَّة وتقديمِهما على ما سواهما، والعملِ على مقتضى فهم الصحابة رضي الله عنهم ومن يوالونهم من القرون المفضَّلة قبل أن يحصل الاختلاف والافتراق من أهل الفِرَق والطوائف وأصحاب المذاهب والنِّحَل الأخرى التي ظهرت وانتشرت في مختلف البلدان والأقطار من الرقعة الإسلامية الكبرى، ولهذا كان الانتساب إلى مذهب السلف -بلا شكٍّ- اعتزازًا وشرفًا.

وأكَّد ابنُ تيمية -رحمه الله- هذا المعنى بقوله: «لا عيبَ على مَن أظهر مذهب السّلف وانتسب إليه واعتزى إليه، بل يجب قَبولُ ذلك منه بالإتِّفاق، فإنَّ مذهب السّلف لا يكون إلاَّ حقًّا»(٢٢).

هذا، والمعلوم أنَّ كثيرًا من الفِرَق الضّالَّة انتحلت اسمَ أهل السنَّة والجماعة حتى أصبح يُطْلَق على الأشاعرة والماتريدية وغيرِهم، فتوسَّع مصطلح أهل السنَّة إلى أن أصبح فضفاضًا ينتسب إليه من عُرفوا بانحرافٍ في أصول العقيدة والصفات الإلهية ومسائل الإيمان على أنهم أهلُ الحقِّ المبين، ويَرْمُون غيرهم بالضلال المبين، وضمن هذه الحقيقة قال ابن تيمية -رحمه الله-: «فكثيرٌ من الناس يُخْبِر عن هذه الفِرَق بحكم الظنِّ والهوى، فيجعلُ طائفتَه والمنتسبةَ إلى متبوعِه المواليةَ له همْ أهلَ السنَّة والجماعة، ويجعلُ من خالفها أهلَ البدع، وهذا ضلالٌ مبينٌ، فإنَّ أهل الحقِّ والسُنَّة لا يكون متبوعُهم إلاَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم»(٢٣).

لأجل ذلك بات ضروريًّا العدول عن مصطلح «أهل السنَّة والجماعة» إلى استعمال مصطلح «السّلفية» للدلالة على ما تتَّصف به «الفرقة الناجية» أو «المنصورة» أو «الغرباء» لتمييزها عن الطوائفِ المنحرفةِ المنتسبةِ إليهم، فكانت -عندئذٍ- التسمية بمصطلح «السلفية» حائلةً عن انتساب الطوائف المشهورة بالبدع والأهواء إليها، ومانعةً من اتِّخاذ مذهب السلف شعارًا لهم.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «فالمقصودُ هنا: أنَّ المشهورين من الطوائف -بين أهل السنَّة والجماعة- العامَّة بالبدعة ليسوا منتحلين للسلف، بل أشهرُ الطوائف بالبدعة الرافضةُ، حتى إنَّ العامَّة لا تَعرفُ من شعائرِ البِدَع إلاَّ الرَّفْضَ، والسُنيُّ في اصطلاحهم من لا يكون رافضيًّا، وذلك لأنهم أكثرُ مخالفةً للأحاديث النبوية ولمعاني القرآن، وأكثرُ قدحًا في سلف الأمَّة وأئمَّتها، وطعنًا في جمهور الأمَّة من جميع الطوائف، فلمَّا كانوا أبعدَ عن متابعة السلف كانوا أشهرَ بالبدعة، فعُلم أنَّ شعار أهل البدع: هو تركُ انتحال اتِّباع السلف، ولهذا قال الإمام أحمدُ في رسالة عَبْدُوسِ بنِ مالكٍ: «أصول السُنَّة -عندنا- التّمسُّك بما كان عليه أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم»، وأمَّا متكلِّمة أهل الإثبات من الكلاَّبية والكرَّامية والأشعرية مع الفقهاء والصوفية وأهل الحديث فهؤلاء -في الجملة- لا يطعنون في السلف، بل قد يوافقونهم في أكثر جُمَل مقالاتهم، لكِنْ كلُّ من كان بالحديث من هؤلاء أعلمَ كان بمذهب السلف أعلمَ وله أتبعَ، وإنما يوجد تعظيم السلف عند كلِّ طائفةٍ بقدر استنانها وقلَّة ابتداعها، أمَّا أن يكون انتحالُ السلف من شعائر أهل البدع فهذا باطلٌ قطعًا، فإنَّ ذلك غير ممكنٍ إلاَّ حيث يكثر الجهلُ ويقِلُّ العلمُ»(٢٤).

هذا، ومن الخطإ البيِّن أن يتصدَّى مَن ليس له مَسْكَة علمٍ لهذا المذهب العريق الضاربِ جذورَه عبر الزمن إلى الصحابة الكرام ومَن تبعهم بإحسانٍ فيصف الإنتماءَ إليه بالبدعة، وكما قيل: «مَن جهل الشيءَ عاداه» و«مَن تكلَّم في غير فنِّه أتى بالعجائب».

وقد تقدَّم بيان معاني ألقاب وأسماء السلف ودواعيها، وأنَّ السلفيةَ اصطلاحٌ جامعٌ للمعاني المتكاملةِ من الدين الإسلاميِّ المصفَّى من شوائب موروثات الطوائف والفِرَق المخالِفة لمنهج السلف ومِن رواسب معتقدات الحضارات القديمة والحديثة الذين جعلوا مصدرَ التلقِّي العقلَ الذي أفسدته تُرَّهات الفلاسفة وخُزَعْبَلات المناطقة وتمحُّلات المتكلِّمين ومن على شاكلتهم، المجانبين لعقيدة السلف الصالح الذين جعل الله تعالى الهدايةَ في اتِّباع سبيلهم في قوله سبحانه: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ [البقرة: ١٣٧]، وفي قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ لِلْمُتَمَسِّكِ فِيهِنَّ يَوْمَئِذٍ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ»(٢٥)، وتوعَّد سبحانه مَن اتَّبع غيرَ سبيلهم في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥]، فدلَّ ذلك على أنَّ اتِّباعَ سبيلهم نجاةٌ والحيادَ عن سبيلهم مشاقَّةٌ وابتغاءٌ للاعوجاج عن صراط الله المستقيم.

ومن جهةٍ أخرى فإنَّ أصل كلمة «السلف» ثابتٌ في السنَّة من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال لابنته فاطمة رضي الله عنها عند دنوِّ أجله: «وَلاَ أُرَانِي إِلاَّ قَدْ حَضَرَ أَجَلِي، وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لُحُوقًا بِي، وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ»(٢٦)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم لابنته رضي الله عنها عندما تُوفِّيت: «الْحَقِي بِسَلَفِنَا الخَيْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ»(٢٧)،

وهذا المعنى -وإن كان يدلُّ على الماضي وما سبق من الحياة الحاضرة من جهة المعنى اللغويِّ- إلاَّ أنه ورد من أقوال الأئمَّة: التابعين وغيرهم ما يدلُّ على المعنى الاصطلاحيِّ مثل قول عطاءٍ لابن جُرَيْجٍ في مسألة لحمِ الخيل: «لم يَزَلْ سلفُك يأكلونه» قال ابن جريجٍ: قلت له: «أصحابُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ؟» قال: «نعم»(٢٨)، وقد أدرك عطاءٌ -رحمه الله- جمهورَ الصحابة من عائشة أمِّ المؤمنين رضي الله عنها فمَن دونها(٢٩)، وقال الزهريُّ فِي عِظَامِ المَوْتَى نَحْوَ الفِيلِ وَغَيْرِهِ: «أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ سَلَفِ العُلَمَاءِ يَمْتَشِطُونَ بِهَا وَيَدَّهِنُونَ فِيهَا، لاَ يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا»(٣٠)، وجاء -أيضًا- من قول الأوزاعيِّ -رحمه الله-: «اصبِرْ نفسَك على السنَّة، وقِفْ حيث وقف القومُ، وقُل فيما قالوا، وكُفَّ عمَّا كَفُّوا، واسلُكْ سبيلَ سلفِك الصالح، فإنه يَسَعُك ما يَسَعُهم»(٣١)، وقد وصف الإمام الذهبيُّ -رحمه الله- الإمامَ الدارقطنيَّ -رحمه الله- فقال: «لَمْ يَدْخُلِ الرَّجُلُ أَبدًا في علم الكلام ولا الجدال ولا خاض في ذلك، بل كان سلفيًّا»(٣٢)، وقد تناقل العلماء هذا المعنى للدلالة على الاستقامة على الشرع والالتزام بمنهج السلف الصالح وعلى طريقتهم التي امتازوا بها عن غيرهم من الفِرَق والطوائف.

هذا مع كون السلفية في عقيدتها ومنهجها المتميِّز بخصائصَ وسماتٍ بارزةٍ، إلاَّ أنَّ من المنتسبين إلى هذا المنهج من يصرفون خصائصَها ومصطلحاتِها الجامعة للمعاني المتكاملة من الدين الإسلاميِّ إلى تضييق عموم شمولها وكمالها وتحجير معانيها، فمِن ذلك ما يسمَّى بالسلفية الجهادية -زعموا- التي تفترق عن السلفية الحقَّة في المفهوم والشكل والمضمون.


• ومن جوانب التقاطع مع السلفية الجهادية:

أوَّلاً: أنَّ السلفية الجهادية مخالِفةٌ للمنهج السلفيِّ الحقِّ -من حيث نطاق مفهومها- فهي تحجِّر واسعًا فتقيِّد السلفيةَ بجميع أبعادها الواسعة وتحصرها في دائرةٍ تطبيقيةٍ ضيِّقةٍ وهي «الجهاد»، وهذا -بلا ريبٍ- تحوُّلٌ رديءٌ من الأحسن إلى السيِّئ، إذ يتضمَّن الانتقالَ من خاصِّيَّة الشمولية التي يمتاز بها المنهج السلفيُّ ويجرِّده منها، ويحصرُ شموليَّتَه في فرضٍ تكليفيٍّ -وهو الجهاد- دون بقيَّة التكاليف الشرعية.

وهذه -يقينًا- صورةٌ مجزَّأةٌ للإسلام لا تتلاءم مع الطابع الشموليِّ للسلفية في عرض رسالة الإسلام بجوانبها المتعدِّدة في العقيدة والعبادة والسلوك والأخلاق والسياسة والاقتصاد ونحو ذلك عرضًا شاملاً في وحدةٍ متكاملةٍ.

ثانيًا: والسلفية الجهادية -بهذا الشكل الاصطلاحيِّ- بقدر ما هو غريبٌ وبعيدٌ عن مضمون السلفية بمعانيها المتكاملة فهو في ذات الوقت مصطلحٌ محدثٌ وخطيرٌ تولَّد مصطلحُه حديثًا وانتشر بعد أحداث هدم برجَيِ التجارة الأمريكيَّيْن، واتِّصافُه بالسلفية أورث شُبَهًا ومخادعةً خطَّافةً للقلوب الضعيفة الفاقدة لمعايير التمييز بين الحقِّ والباطل.

ثالثًا: أمَّا من حيث مفهوم الجهاد وشروطه -بغضِّ النظر عن نبل المقصد الجهاديِّ، إذ هو ذروة سنام الإسلام وأفضلُ فرائضه بعد الأركان الخمسة- فإنَّ الجهاد -بمفهومه الواسع- عند أتباع السلف ينضبط بشروطٍ منها: أن يكون -من حيث مبدأُه- مشروعًا وموكولاً إلى الإمام العامِّ واجتهاده، وتَلزم الرعيَّةَ طاعتُه فيما يراه من ذلك(٣٣)، فضلاً عن إعداد العدَّة المادِّيَّة وشرعية الراية ونحو ذلك ممَّا ينضبط به الجهادُ في سبيل الله والمسائل الأخرى المتعلِّقة به(٣٤).

غير أنَّ المنطلقاتِ الجهاديةَ عند أصحاب السلفية الجهادية المخالِفةِ للمنهج السلفيِّ الحقِّ تكمن في تأسيس حركتهم على مبدإ عدم العذر بالجهل في المسائل العقدية، وفي طليعة ذلك الحكم بغير ما أنزل الله، بعيدًا عن الضوابط والمقاصد المرعيَّة(٣٥)، الأمر الذي انجرَّ عنه تكفير الحكَّام المسلمين لعدم تحكيمهم لشريعة الله تعالى، ثمَّ سرى التكفير -تبعًا لهم- على سائر الرعيَّة، ومن خلال تلك المنطلقات صارت دارُ الإسلام -عندهم- دارَ حربٍ وجهادٍ، وبغضِّ النظر عن صحَّة ماهية دار الكفر ودار الإسلام وصِفَتِهما فقد أخذ مفهومُ «الجهاد» عند السلفية الجهادية طابعًا حركيًّا تشكَّل في فِرَقٍ ثوريةٍ قائمةٍ على نزع اليد من طاعة أولي الأمر وكلِّ أعوانهم والخروج عليهم قولاً وعملاً بالثورة عليهم وما يعقبها مِن إحداث الفوضى الاجتماعية والاضطرابات الأمنية لزعزعة كيان الدولة المسلمة.

فظهر جهادُهم الثوريُّ في غير المسلك السلفيِّ الصحيح الذي يريدون الانتماءَ إليه ظلمًا وكذبًا وزورًا بترويع الآمنين والمعاهدين والمستأمنين وسفك دمائهم بالعمليات الانتحارية والتفجيرية والاغتيالات وإتلاف المنشآت وتخريب الممتلكات، وهذا ما تأباه السلفية في عدلها واعتدالها بين المناهج الأخرى وتنكر قُبْحَه، وبذلك يتحوَّل المجاهدون إلى ثوَّارٍ في مبارزة الحاكم ومنازعته الحكمَ، متَّخذين اصطلاحَ السلفية دِرْعًا وتُرْسًا للتعمية والمغالطة، وهو الأمر الذي يُسهم -بطريقٍ أو بآخر- في إضعاف شوكة المسلمين وحلول الشقاق فيما بينهم والتمكينِ لأعداء المسلمين من اليهود والنصارى من التسلُّط على الأمَّة الإسلامية.

ولا يمتلك -حالتئذٍ- صاحب القرار حرِّيَّة التدبير والتسيير إلاَّ في محيط ما يُمليه العدوُّ المتربِّص صاحب السيادة الفعليُّ بما بسطه من نفوذٍ على الأمَّة بهياكله الإيديولوجية والتشريعية وبتدخُّله في شؤونها على وجهٍ يمَسُّ سيادةَ المسلمين وشرفهم.

ومن حيث مآلُ خروجهم وثورتهم لم تتحقَّقْ فيه مقاصد التشريع، بل كانت نذيرَ شؤمٍ وفسادٍ في الأرض، والناظرُ في حصيلة نتائج خروجهم الثوريِّ يجدها مريرةً ووبالاً في حقِّ أمَّةٍ مسلمةٍ ضعيفةٍ، وثقيلةً على الوضع الداخليِّ في حقِّ بلدٍ مسلمٍ متداعيةٍ عليه الأممُ، ثمَّ إنَّ ما يُدعى بالسلفية الجهادية التي ترفع شعارَ إقامة شرع الله وأمره وتنادي بالخروج على الحكَّام ما فتئت تقتلع الحاكمَ بالقوَّة -بغضِّ النظر عن صفته، كافرًا كان أو فاسقًا- وقد يكون بالاستنجاد بالكفَّار والتعاون معهم، لكن سرعان ما تقيم -بعد خلعه- نظامًا غير إسلاميٍّ هي بنفسها تكفر به على غرار ما كان عليه الإمام الحاكم المخلوع أو أضرَّ منه وأسوأ.
والنتيجة الحتمية لهذا الخروج -في بُعدها المقاصديِّ- وبغضِّ النظر عن الآثار العميقة المنعكسة سلبًا على هذه الأمَّة على جميع الأصعدة، فإنها تؤدِّي بالضرورة إلى تقهقُر الدعوة إلى الله وتعطيل العمل الدعويِّ بصورةٍ عامَّةٍ، وشلِّ بعض الجوانب الإصلاحية والتربوية بصورةٍ خاصَّةٍ.

أمَّا أهل السُنَّة السّلفيون فلا يداهنون ولاةَ الأمر بباطلٍ ولا يمدحونهم على معصيةٍ بنفاقٍ ولا يزيِّنون لهم الباطلَ ويتاجرون بعلمهم، وإنما عُرفوا بالصدق في مناصحة الحكَّام لأنَّ مناصحتهم منافيةٌ للغلِّ والغشِّ، كما عُرفوا بالصدع بالحقِّ وبيانه بأسلوب الحكمة والموعظة الحسنة من غير تعنيفٍ ولا تحريضٍ على الخروج ولا اغتيالٍ ولا تفجيرٍ، ولا يرضَوْن بهذه الأمور إلاَّ ما كانت الشدَّة والغلظة في مجالها الحقِّ الصحيح وبالوجه المشروع.

رابعًا: ومن جوانب المفارقة مع ما يسمَّى بالسلفية الجهادية أو الحزبية أنهم لا يصبرون على جَوْر الأئمَّة وحيف الحكَّام، ولا يَدْعُون لهم بالصلاح والعافية، وإنما يطعنون فيهم بأنواع أساليب الطعن والقدح من السبِّ والشتم واللعن والتكفير والانتقاص والتشهير بعيوبهم والتشنيع عليهم على رؤوس المنابر وفي المحافل، وفي مختلف وسائل الإعلام، قَصْدَ تأليب العامَّة عليهم وتحريكِها نحو متاهات الفتن ودمار الخروج، فالسلفيةُ الجهادية المزعومة لا تلتزم بالجماعة وطاعة الإمام في المعروف، بل ترى القتالَ في الفتنة -التي تحدثه- واجبًا وتُذْكي نارَ الفتنة على أوسع نطاقٍ ممكنٍ.
وهذا مخالفٌ لِما عليه أهل السنَّة السلفيُّون من وجوب الصبر على جَوْر الحكَّام، وعدمِ التشهير بعيوبهم أو الطعن فيهم بالسبِّ واللعن وغيرهما عملاً بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي»(٣٦)، وبقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ»(٣٧)، وقول أنس بن مالكٍ رضي الله عنه: «نَهَانَا كُبَرَاؤُنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ تَسُبُّوا أُمَرَاءَكُمْ وَلاَ تَغِشُّوهُمْ وَلاَ تَبْغَضُوهُمْ، وَاتَّقُوا اللهَ وَاصْبِرُوا؛ فَإِنَّ الأَمْرَ قَرِيبٌ»»(٣٨)،

وضمن هذا المعنى قال ابن تيمية -رحمه الله-: «مذهب أهل الحديث: تَرْكُ الخروج بالقتال على الملوك البغاة والصبرُ على ظلمهم إلى أن يستريح بَرٌّ أو يستراح من فاجرٍ»(٣٩)، ونقل النووي -رحمه الله- مذهبَ جماهير أهل السُنَّة من الفقهاء والمحدِّثين والمتكلِّمين في شأن الإمام الحاكم حيث قال: «لا ينعزل بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق، ولا يُخلع ولا يجوز الخروج عليه بذلك، بل يجب وعظُه وتخويفه للأحاديث الواردة في ذلك»(٤٠)،

بل إنَّ أهل السُنَّة السلفيين يستحبُّون الدعاءَ للسلطان بالصلاح والعافية، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: «لو كان لنا دعوةٌ مستجابةٌ لدَعَوْنا بها للسلطان»(٤١)، قال الآجرِّي -رحمه الله-: "قد ذكرتُ من التحذير من مذاهب الخوارج ما فيه بلاغٌ لمن عصمه الله تعالى عن مذهب الخوارج ولم يَرَ رأيَهم، وصبر على جَوْر الأئمَّة وحَيْف الأمراء ولم يخرجْ عليهم بسيفه، وسأل اللهَ تعالى كشْفَ الظلم عنه وعن المسلمين، ودعا للوُلاة بالصلاح وحجَّ معهم، وجاهد معهم كلَّ عدُوٍّ للمسلمين، وصلَّى معهم الجُمُعةَ والعيدين، فإنْ أمروه بطاعةٍ فأمكنه أطاعهم، وإن لم يُمكنْه اعتذر إليهم، وإن أمروه بمعصيةٍ لم يُطِعْهم، وإذا دارت الفِتَنُ بينهم لزم بيتَه وكفَّ لسانَه ويدَه، ولم يَهْوَ ما هم فيه، ولم يُعِنْ على فتنةٍ، فمَنْ كان هذا وصْفَه كان على الصراط المستقيم إن شاء الله»(٤٢).

أمَّا موقف أهل السنَّة السلفيِّين من الفتنة فهو وجوب تركِ القتال فيها عملاً بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «سَتَكُونُ فِتَنٌ القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ»(٤٣)، ولنهيه صلَّى الله عليه وسلَّم عن القتال في الفتنة بقوله: «كُونُوا أَحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ»(٤٤)، ويدلُّ عليه -أيضًا- حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما حين قال له صلَّى الله عليه وسلَّم: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، قُلْتُ: «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ ؟» قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ»(٤٥).

قال ابن تيمية -رحمه الله- مبيِّنًا مذهبَ أهل السنَّة في ذلك: «نهى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن القتال في الفتنة وكان ذلك من أصول السنَّة، وهذا مذهب أهل السنَّة والحديث وأئمَّة أهل المدينة من فقهائهم وغيرهم»(٤٦).


خامسًا: ومن جوانب المفارقة والتقاطع مع ما يُدْعَى بالسلفية الجهادية المبايِنة للمنهج السلفيِّ الحقِّ أنها حركةٌ ثوريةٌ تزهِّد في أسس دعوة الرسل المتجلِّية في التوحيد والاتِّباع والقيام على تجسيدهما في أرض الواقع بما تمليه المرحلة المكِّية النبوية -تخليةً وتحليةً، تصفيةً وتربيةً-، وذلك بالابتعاد عن العمل الحركيِّ والتعويل على العمل الدعويِّ والتربويِّ القائم على أساس تجريد التوحيد من الشركيات والضلالات، ونبذ جميع السبل إلاَّ سبيل محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، ومحاربة البدع والتعصُّب المذهبيِّ والتفرُّق الحزبيِّ، ونحو ذلك ممَّا يتمتَّع به المنهج السلفيُّ في خصائصه ومقوِّماته، كما أنَّ هذه الفرقةَ المخالِفةَ للمنهج السلفيِّ الحقِّ -من جهةٍ أخرى- تستصغر شأنَ علماء السنَّة السلفيِّين الناصحين لهم بعدم التحزُّب والخروج وبالبعد عن الفتن، فهي لا تنظر إليهم إلاَّ بعين الحقارة ولا تأخذ عنهم إلاَّ ما يوافق هواها، فتنتقص من قدرهم وتتجاسر عليهم وعلى ما يحملونه من علمٍ نافعٍ صحيحٍ باللمز والغمز والطعن بألفاظٍ كاذبةٍ وأوصافٍ خاطئةٍ وبياناتٍ مغرضةٍ وتنعتهم تارةً ﺑ «مرجئة الفقهاء»، وتارةً ﺑ «جَهَلة فقه الواقع»، وتارةً ﺑ «العملاء»، وأخرى ﺑ «علماء السلاطين أو البلاط» أو «أتباع بغلة السلطان»، كما جَرَتْ عليه سنَّة المبطلين الطاعنين في أهل السنَّة السلفيين، وهي مِن علامات أهل البدع: الوقيعةُ في أهل الأثر، وهُم بريئون من تلك الألقاب والنعوت والمعايب وليسوا لها أهلاً، ولا يَلحق بأهل السنَّة منها شيءٌ إلاَّ ما عُرفوا به من أسماءِ «أهل الحديث» أو «أهل السنَّة» أو «السلفيين»، ومتى وُجدت أمَّةٌ ترمي علماءَها وأخيارها وصفوتها بالجهل والنقص فإنَّ ذلك يأذن بفتح باب فتنةٍ وهلكةٍ، وأعداءُ الإسلام في كلِّ مكانٍ يسعدون بمثل هذا الأذى والبهتان.

وأهل السُنَّة السلفيون يعلمون أنَّ السنَّة توقير العلماء الربَّانيين وتقديرهم واحترامهم ومحبَّتهم، ويعترفون لهم بحقوقهم ومنزلتهم، ولا ينسبون لهم العصمةَ، ويضعون ثقتَهم فيهم، ويعملون بنصائحهم وتوجيهاتهم، ويصونون ألسنتَهم عن تجريحهم وذمِّهم، فإنَّ هذا الخُلُق تجاههم معدودٌ من وجوه الإحسان، ولا يخفى أنَّ الإحسان جزءٌ من عقيدة المسلم وشطرٌ كبيرٌ من إسلامه، قال الصابونيُّ -رحمه الله-: «وأصحاب الحديث عِصَامةٌ من هذه المعايب، وليسوا إلاَّ أهلَ السيرة المَرْضيَّة، والسبلِ السويَّة، والحججِ البالغة القويَّة، قد وفَّقهم الله جلَّ جلاله لاتِّباع كتابه، ووحيه وخطابه، والاقتداء برسوله صلَّى الله عليه وسلَّم في أخباره التي أمر فيها أمَّتَه بالمعروف من القول والعمل، وزجرهم فيها عن المنكر منهما، وأعانهم على التمسُّك بسيرته، والاهتداء بملازمة سنَّته»(٤٧).


سادسًا: ومن الفوارق -أيضًا- مع المسمَّاة بالسلفية الجهادية سعيُها -من حيث الغاية والمقصد- إلى الخروج على الحاكم ولو برضاه وإقراره عن طريق الدخول في معترك المجالس النيابية أو البرلمانية التي نازعت اللهَ تعالى في ربوبيته وحقِّه الخالص في التشريع والحكم، وجعلت الحاكمَ مشاركًا له في سلطة التشريع، وهذا -بلا شك- مُنافٍ لوجوب إفراد الله تعالى في الحكم والتشريع، قال تعالى: ﴿وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٢٦]، وقال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ﴾ [الشورى: ٢١]، وقال تعالى: ﴿فَالْحُكْمُ للهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾ [غافر: ١٢]، وقال تعالى: ﴿لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [القصص: ٧٠]، وقال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٤٠]، فالسلفية الحقَّة تؤمن بأنَّ الله هو الحَكَمُ وإليه الحُكم، وهذا من منطلق النصوص القرآنية الصريحة -بقطع النظر عن آراء الرجال- فاعرِفِ الحقَّ تعرفْ رجالَه، بينما السلفية الجهادية والحزبية تحشر نفسها مع المشرِّعين غيرَ ما شرعه الله، وتتَّخذ من الديمقراطية التعدُّدية التي هي حكمُ الشعب وجميع أساليبها من المظاهرات والمسيرات والإضرابات والاعتصامات(٤٨) مطيَّةً للوصول إلى الحقِّ بالباطل وفاقًا للقاعدة الميكيافيلية المردودة «الغاية تبرِّر الوسيلة»، وما دونها ممَّا تبيحه لنفسها أدهى وأمرُّ.

أمَّا أهل السنَّة السلفيون فهُمْ جماعةٌ أثريةٌ من عهد النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم متوازنةٌ مستمرَّةٌ -كما تقدَّم-، ليست حزبًا من الأحزاب المعاصرة، بل هي حربٌ تُجابِه كلَّ الفِرَق التي حادت عن منهج الصحابة رضي الله عنهم بكلِّ أشكالها وأنواعها، وتقوِّمها بالحجَّة والبرهان، سواءٌ كانت هذه الفِرَقُ ذاتَ منهجٍ عقديٍّ فاسدٍ كالخوارج والشيعة والجهمية والمعتزلة والمرجئة والصوفية والباطنية والعلمانية، أو كانت ذاتَ منهجٍ دعويٍّ كاسدٍ، أو كانت ذاتَ صبغةٍ سياسيةٍ متناحرةٍ، المعقود عليها -جميعًا- الولاءُ والبراء، فإنَّ ذلك يدخل في عموم نهي الله تعالى عنها في قوله تعالى: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [الروم: ٣١-٣٢]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٩]، لذلك لا يتسابق السلفيون إلى مقاعد المجالس النيابية في النظام الديمقراطيِّ الذي جُعل فيه الحكمُ للشعب لعلمهم أنَّ ذلك اعتداءٌ صريحٌ على حقِّ الله تعالى في الحكم لقوله تعالى: ﴿وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٢٦].


تلك هي جملةٌ من الفوارق الجوهرية التي يختلف أهل السنَّة السلفيون فيها عن السلفية الجهادية والحزبية التي تريد الاصطباغَ بها وهي -في ذات الوقت- تتقاطع معها في مفهوم السلفية وتُبايِنها في مصطلحاتها ومضمونها وأبعادها وأعمالها الدعوية وغيرها -كما تقدَّم بعضها-.

وباختصارٍ فالسّلفية منهجٌ ذو طابعٍ شموليٍّ له خاصِّيَّةُ التوسُّط والاعتدال بين المناهج الأخرى، واجتنابِ الجدل المذموم في الدين، ونبذ الجمود الفكريِّ والتعصُّب المذهبيِّ، يحارب البدعَ ويحذِّر منها، يقوم عمله الدعويُّ على التركيز على إخلاص العبادة لله تعالى ومتابعة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والتحذير من الشِّرْك وأسبابه ووسائله المؤدِّية إليه، تجتمع كلمة السلفيِّين وتتوحَّد صفوفهم تحت راية التوحيد، إذ لا وحدة إلاَّ بالتوحيد ولا اجتماع إلاَّ بالاتِّباع، وعلى ضوئهما يفهمون الواقعَ ويهتمُّون بقضايا الأمَّة المصيرية، وعقيدتُهم جازمةٌ بأنَّ مصيرهم المستقبليَّ على الله تعالى، وقد تكفَّل به تعالى إذا ما حقَّقوا تغييرَ ما بأنفُسهم على وَفْق الشرع، وحسْبُهم قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ١١]، وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمَّد: ٧]، ملتزمين هذا المنهجَ الربَّانيَّ في الدعوة إلى الله تعالى بالتخلية والتحلية والتطهير والإصلاح.

لذلك كان من الظلم القاسي والخطإ البيِّن أن يسوَّى بين منهجين مختلفين شتَّان ما بينهما، ومنبعُ الخطإ كامنٌ في التسمية واللقب، ولا يخفى أنَّ كلَّ عاقلٍ يُدْرِك أنَّ إطلاق الاسم لا يَلزم منه مطابقةُ المسمَّى ولا يغني عن حقيقته، ومن جهةٍ أخرى فإنَّ التعرُّض للحكم على الشيء قبل تصوُّره ومعرفة حقيقته تسرُّعٌ مظلمٌ لا نور معه، إذ المعلوم تقعيدًا أنَّ «الحُكْمَ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ».

وفي جوٍّ مفعمٍ بالضبابية سارعت أصحاب المناهج المنحرفة المحارِبة للمنهج السلفيِّ بالزخرف اللفظيِّ إلى إصدار أحكامٍ جائرةٍ مستغلَّةً الفضاءَ الإعلاميَّ لتُلقيَ سمومَها وتشوِّهَ جمالَ الحقِّ وتلبِّسَه بالباطل وتجمعَ بين منهجين مفترقين سعيًا منها لتُلْحِقَ الفساد والباطل بأهل الحقِّ والصلاح تضليلاً للأُمَّة، وإضعافًا لانتمائها لعقيدتها ومنهجها الإسلامي، كلَّما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله بنور الكتاب والسنَّة، والحمدُ لله الحفيظِ المستعانِ، وعليه التُّكْلان.


نسأل اللهَ تعالى أن يعصمَنا من الزلل ويثبِّتنا على الحقِّ المبين بالاعتصام بحبله المتين، ويحفظنا من أعداء الإسلام والدّين، وأن يوفِّق القائمين على الدعوة إلى الله إلى ما يحبُّه ويرضاه، وأن يسدِّد خطاهم، ويجمعهم على التعاون على البرِّ والتقوى والتواصي بالحقِّ والتواصي بالصبر، ويهديَنا إلى الطيِّب من القول والصالح من العمل، والله المُوعِد، وهو مِن وراء القصد، وهو سبحانه يهدي السبيلَ، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ. الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ﴾ [الزمر: ١٧-١٨].

والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.


الجزائر في: ١٧ ربيع الأول ١٤٣٤ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٩ جـانـفي ٢٠١٣م

--------------------------------------------------------------------------------------------

(١) أخرجه الطبرانيُّ في «الأوسط» (٥/ ١٣٧) من حديث أنسٍ رضي الله عنه، وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١/ ٤٠٢) رقم: (٢٠٣).
(٢) أخرجه البخاريُّ في «المناقب» (٣٦٤١)، ومسلمٌ في «الإمارة» (١٠٣٧)، من حديث معاوية رضي الله عنه.
(٣) أخرجه البخاري في «الشهادات» بابٌ: لا يشهد على شهادة جَوْرٍ إذا أُشْهِد (٢٦٥٢)، ومسلم في «الفضائل» (٢٥٣٣)، من حديث عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه. وله شاهدٌ من حديث النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما بهذا اللفظ إلاَّ أنه قال ثلاث مرَّاتٍ: «ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»، فأثبت القرن الرابع. [انظر: «السلسلة الصحيحة» للألباني (٢/ ٣١٣)].
(٤) أخرجه أحمد (١٦٦٩٠) من حديث عبد الرحمن بن سَنَّة رضي الله عنه، وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١٢٧٣).
(٥) أخرجه أحمد (٦٦٥٠) من حديث عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما، وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١٦١٩).
(٦) سبق تخريجه، انظر (الهامش ١).
(٧) أخرجه مسلم في «الإمارة» (١٩٢٠) من حديث ثوبان رضي الله عنه، وبألفاظٍ أُخَرَ من حديث غيره، وأخرجه البخاري في «الاعتصام بالكتاب والسنَّة» باب قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ» يقاتلون وهُم أهل العلم (٧٣١١) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
(٨) سبق تخريجه، انظر (الهامش ٤).
(٩) أخرجه الترمذيُّ (٢٦٣٠) وحسَّنه، ولفظه: «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي»، وحكم عليها الألبانيُّ بالضعف في «ضعيف الجامع» (١٤٤١)، والأرناؤوط في تحقيق «جامع الأصول» (٩/ ٣٤١): «وفي سنده كثير بن عبد الله المزنيُّ، وهو ضعيفٌ».
(١٠) أخرجه بنحوه أبو نعيمٍ في «أحاديث الفتن» (١/ ٧٧).
(١١) أخرجه ابن ماجه (٣٩٨٨)، وصحَّحه البغويُّ في «شرح السنَّة» (١/ ١١٨)، وقال الألباني [«السلسلة الصحيحة» (٣/ ٢٦٩)]: «هو كما قال لولا أنَّ أبا إسحاق -وهو السبيعيُّ عمرو بن عبد الله- مدلِّسٌ وقد عنعنه في جميع الطرق عنه مع كونه كان اختلط، فأنا متوقِّفٌ في صحَّته بعد أن كنت تابعًا في تصحيحه برهةً من الزمن غيري».
(١٢) أخرجه مسلمٌ (١٤٥) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ».
(١٣) أخرجه اللالكائيُّ في «شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة والجماعة» (١/ ٦٣).
(١٤) المصدر السابق (١/ ٦٤).
(١٥) المصدر السابق (١/ ٦٤) ولفظه: «إِنَّ الَّذِي تُعْرَضُ عَلَيْهِ السُّنَّةُ لَغَرِيبٌ، وَأَغْرَبُ مِنْهُ مَنْ يَعْرِفُهَا».
(١٦) المصدر السابق (١/ ٧١).
(١٧) المصدر السابق (١/ ٧٢) بلفظ: «إِنَّ للهِ عِبَادًا يُحْيِي بِهِمُ الْبِلاَدَ وَهُمْ أَصْحَابُ السُّنَّةِ، وَمَنْ كَانَ يَعْقِلُ مَا يَدْخُلُ جَوْفَهُ مِنْ حِلِّهِ كَانَ مِنْ حِزْبِ اللهِ».
(١٨) «كشف الكربة» لابن رجب (٥/ ١٦-١٧) [ضمن «مجموع رسائل الحافظ ابن رجب»].
(١٩) «حكم الانتماء إلى الفِرَق والأحزاب والجماعات الإسلامية» لبكر أبو زيد (٤٢).
(٢٠) «الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمَّة الفقهاء» لابن عبد البرِّ (٣٥)، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (١/ ١٧٢).
(٢١) رواه مسلم في «مقدِّمة صحيحه» (١/ ٨).
(٢٢) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٤/ ١٤٩).
(٢٣) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣/ ٣٤٦).
(٢٤) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٤/ ١٥٥-١٥٦).
(٢٥) أخرجه ابن نصرٍ المروزيُّ في «السنَّة» (٣٢)، من حديث عتبة بن غزوان رضي الله عنه، وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٤٩٤).
(٢٦) أخرجه البخاري في «الاستئذان» باب من ناجى بين يدي الناس، ومن لم يخبر بسرِّ صاحبه، فإذا مات أخبر به (٦٢٨٥)، ومسلمٌ في «الفضائل» (٢٤٥٠) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢٧) أخرجه أحمد (٢١٢٧) وابن سعدٍ في «الطبقات» (٣/ ٣٩٨)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، وفيه: «لَمَّا مَاتَتْ زَيْنَبُ» وفيه: «وَبَكَتِ النِّسَاءُ، فَجَعَلَ عُمَرُ يَضْرِبُهُنَّ بِسَوْطِهِ».
والحديث روي -أيضًا- في «مسند أحمد» (٣١٠٣) و«طبقات ابن سعد» (٨/ ٣٧) بلفظة: «حَتَّى مَاتَتْ رُقَيَّةُ»، والأصوب أنها زينب وليست رقية، فقد كان صلَّى الله عليه وسلَّم حين تُوفِّيت رقيَّة في بدرٍ، وكان عمر معه. [انظر: «تحقيق مسند أحمد» (٥/ ٢١٧)].
والحديث صحَّحه أحمد شاكر في تحقيق «المسند» (٣١٠٣)، وضعَّفه الألبانيُّ في «السلسلة الضعيفة» (١٧١٥).
(٢٨) نسبه ابن حجرٍ إلى ابن أبي شيبة في «المصنَّف» وصحَّح إسناده. [انظر: «فتح الباري» (٩/ ٦٥٠)].
(٢٩) انظر: «المحلَّى» لابن حزم (٦/ ٨٢).
(٣٠) ذكره البخاريُّ معلَّقًا (١/ ٥٦) باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء.
(٣١) أخرجه الآجرِّيُّ في «الشريعة» (٢/ ٦٧٣)، واللالكائيُّ في «شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة والجماعة» (١/ ١٧٤).
(٣٢) «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٦/ ٤٥٧).
(٣٣) انظر: «المغني» لابن قدامة (٨/ ٣٥٢، ٣٦٤).
(٣٤) راجع الكلمة الموسومة «في التفريق بين الجهاد ودفع الصائل» على الموقع الرسمي. هذا -وبصرف النظر- عن نوعية الجهاد: طلبًا كان أو دفعًا فإنَّ الملاحظ أنّ معظم الرايات الجهادية المرفوعة في عصرنا هذا في عموم الدول العربية آلت -بطريقٍ أو بآخر- إلى اختيار الاشتراكية كنظام حكمٍ ثمَّ بعده اتِّخاذ الديمقراطية والتعدُّدية الحزبية بالمنظور الغربيِّ دستورًا لنظامها السياسيِّ بعد أن تستوليَ على الحكم، وهذا بمباركة الغرب الحاقد إلاَّ ما رحم ربُّك والله المستعان.
(٣٥) ومن الضوابط الشرعية في العذر بالجهل: تناسُبُه مع التجاوز عن النقص البشريِّ وانخفاض منزلة الجاهل ونقص إيمانه على قدر جهله، وتناسُبُه مع أحوال الناس وتفاوُتِ مداركهم من حيث القوَّةُ والضعف، وتناسُبُه -أيضًا- مع أحوال بيئتهم -مكانًا وزمانًا- من جهة مظنَّة العلم من عدمه، والنظر إلى نوعية المسائل المجهولة من جهة الوضوح والخفاء، مع مراعاة التفريق في الحكم بين أحكام الدنيا والآخرة، فإذا ما روعيت شروطُ العذر بالجهل وضوابطُه فإنَّ الجاهل لا يستحقُّ العقوبةَ الدنيوية والأخروية حتى تُقام عليه الحجَّة، لأنَّ العقوبة والعذاب متوقِّفٌان على بلاغ الرسالة بغضِّ النظر عن قبح المعصية وتسمية فاعلها بها. [انظر: ضوابط مسألة العذر بالجهل في «توجيه الاستدلال بالنصوص الشرعية على العذر بالجهل في المسائل العقدية» للمؤلِّف (٦٠)].
كما يتناسب العذر بالعجز مع أحوال الناس وطاقاتهم وقدراتهم، لذلك كان العجز عن أداء ما شرع الله عزَّ وجلَّ من الموانع التي تمنع التكفير، فهذا النجاشيُّ ملك النصارى في الحبشة لم يهاجر ولم يجاهد، وعذَرَه الله لعجزه وأنزل فيه قرآنا يُتلى، بل يُعلم قطعًا أنه لم يكن يمكنه أن يحكم بين قومه بشريعة الإسلام لأنَّ قومه لا يُقِرُّونه على ذلك، وكذلك ما أخبر الله به من حال مؤمن آل فرعون مع قوم فرعون، ومن حال امرأة فرعون، وكما كان يوسف الصدِّيق عليه السلام مع أهل مصر، فإنهم كانوا كفَّارًا ولم يمكنه أن يفعل معهم كلَّ ما يعرفه من دين الإسلام. [انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (١٩/ ٢١٧-٢٢١)] .
أمَّا المقاصد الشرعية فإنَّ المعلوم في القواعد الشرعية العامَّة أنَّ إزالة المفسدة بمثلها أو بما هو أعظم منها لا يجوز شرعًا بالإجماع، فالضرر –إذن- يُزال بلا ضررٍ، ولهذا قال الشيخ عبد العزيز بن بازٍ -رحمه الله- في «مجموع فتاويه» (٨/ ٢٠٤) في مَعْرِض بيان إزالة السلطان الكافر: «أمَّا إذا لم تكن عندهم قدرةٌ فلا يخرجون، أو كان الخروج يسبِّب شرًّا أكثر فليس لهم الخروج، رعايةً للمصالح العامَّة، والقاعدة الشرعية المجمع عليها أنه: لا يجوز إزالة الشرِّ بما هو أشرُّ منه، بل يجب درءُ الشرِّ بما يزيله أو يخفِّفه، أمَّا درءُ الشرِّ بشرٍّ أكثرَ فلا يجوز بإجماع المسلمين».
(٣٦) أخرجه البخاري في «الفتن» بابُ قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للأَنصار: «سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا» (٧٠٥٧)، ومسلم في «الإمارة» (١٨٤٥)، من حديث أسيد بن حضيرٍ رضي الله عنه.
(٣٧) أخرجه البخاري في «الفتن» بابُ قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا» (٧٠٥٤)، ومسلم في «الإمارة» (١٨٤٩)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
(٣٨) «السنَّة» لابن أبي عاصم (٤٧٤)، «التمهيد» لابن عبد البرِّ (٢١/ ٢٨٧).
(٣٩) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٤/ ٤٤٤).
(٤٠) «شرح مسلم» للنووي (١٢/ ٢٢٩).
(٤١) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٨/ ٣٩١)، «كشَّاف القناع» للبهوتي (٢/ ٣٧).
وهو منقولٌ -أيضًا- عن الفضيل بن عياضٍ -رحمه الله-. [انظر: «حلية الأولياء وطبقات الأصفياء» لأبي نعيم (٨/ ٩١)].
(٤٢) «الشريعة» للآجرِّي (١/ ٣٧١).
(٤٣) أخرجه البخاري في «الفتن» بابُ: «تَكُونُ فِتْنَةٌ القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ» (٣٦٠١)، ومسلم في «الفتن وأشراط الساعة» (٢٨٨٦)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤٤) أخرجه أحمد (١٩٦٦٢)، وأبو داود في «الفتن ودلائلها» بابٌ في النهي عن السعي في الفتنة (٤٢٦٢)، من حديث أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٤/ ٤٩) عند الحديث (١٥٣٥)، والأرناؤوط في تحقيق «جامع الأصول» (١٠/ ٩).
(٤٥) أخرجه البخاري في «المناقب» بابُ علامات النبوَّة في الإسلام (٣٦٠٦)، ومسلم في «الإمارة» (١٨٤٧)، من حديث حذيفة رضي الله عنه.
(٤٦) «الاستقامة» لابن تيمية (١/ ٣٢).
(٤٧) «عقيدة السلف» للصابوني (١٠٧).
(٤٨) انظر: «منصب الإمامة الكبرى» للمؤلِّف (٦٢، ٦٥، ٦٩)

http://ferkous.com/home/?q=art-mois-83