تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أحاديث فضل الصيام


سهيل جمال
2007-09-13, 17:04
عن فضل الصيام



عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به – يدع شهوته وطعامه من أجلي. وللصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف([1]) فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"([2]) [رواه البخاري ومسلم].



الحديث دليل على فضل الصيام، وعظيم منـزلته عند الله تعالى. وقد جاء في هذا الحديث أربع من فضائله الكثيرة.



الأولى: أن الصائمين يوَفّون أجورهم بغير حساب، فإن الأعمال كلّها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد بل يضاعفه الله عز وجل أضعافاً كثيرة؛ لأن الصيام من الصبر. وقد قال الله تعالى: ﴿إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب﴾ ([3]).



قال الأوزاعي – رحمه الله -: (ليس يوزن لهم ولا يكال، إنما يغرف لهم غرفاً)([4]).



الثانية: أن الله تعالى أضاف الصوم إلى نفسه من بين سائر الأعمال، وكفى بهذه الإضافة شرفاً، وهذا – والله أعلم – لكونه يستوعب النهار كله. فيجد الصائم فقد شهوته، وتتوق نفسه إليها، وهذا لا يوجد بهذه المدة في غير الصيام، لا سيما في نهار الصيف لطوله وشدة حره، وترك الإنسان ما يشتهيه لله تعالى هو عبادة مقصودة يثاب عليها؛ ولأن الصيام سر بين العبد وربه لا يطلع عليه إلا الله تعالى، فهو عمل باطن لا يراه الخلق ولا يدخله رياء.



الثالثة: أن الصائم إذا لقي ربه فرح بصومه، وذلك لما يراه من جزائه وثوابه، وترتّب الجزاء عليه بقبول صومه الذي وفقه الله له.



وأما فرحته عند فطره، فلتمام عبادته، وسلامتها من المفسدات وحصول ما منع منه مما يوافق طبيعته. وهذا من الفرح المحمود؛ لأنه فرح بطاعة الله وتمام الصوم الموعود عليه الثواب الجزيل، كما قال الله تعالى: ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون﴾ ([5]).



الرابعة: أن رائحة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. وهذا الطيب يكون يوم القيامة؛ لأنه الوقت الذي يظهر فيه ثواب الأعمال؛ لرواية: (أطيب عند الله يوم القيامة)([6]).



كما يكون ذلك في الدنيا لأنه وقت ظهور أثر العبادة؛ لرواية "ولخلوف فم الصائم حين يخلف من الطعام أطيب عند الله من ريح المسك"([7]). وهذه الرائحة وإن كانت مكروهة في مشامّ الناس في الدنيا لكنها أطيب عند الله من ريح المسك، لكونها ناشئة عن طاعة الله تعالى.



قال ابن حبان رحمه الله. (شعار المؤمنين في القيامة التحجيل بوضوئهم في الدنيا فرقاً بينهم وبين سائر الأمم، وشعارهم في القيامة بصومهم طيب خلوفهم أطيب عند الله من ريح المسك؛ ليعرفوا بين ذلك الجمع بذلك العمل، نسأل الله بركة ذلك اليوم)([8]).



ومن فضائل الصيام أن الله تعالى اختص الصائمين بباب من أبواب الجنة لا يدخل منه غيرهم إكراماً لهم، فقد روى سهل بن سعد – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (إن في الجنة باباً يقال له الريّان. يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد [ومن دخل شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً])([9]).



لكن هذه الفضائل لا تكون إلا لمن صام مخلصاً لله تعالى عن الطعام والشراب والنكاح. وصام عن السماع المحرم، والنظر المحرم والكسب المحرم. فصامت جوارحه عن الآثام، ولسانه عن الكذب والفحش وقول الزور. فهذا هو الصوم المشروع المرتب عليه الثواب العظيم. وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"([10]).


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "ربّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش. وربّ قائم حظه من قيامه السهر"([11]).




اللهم احفظ لنا صيامنا، واجعله شافعاً لنا. واعنّا فيه على طاعتك، وجنبنا طرق معصيتك، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد . . .



المصدر :

كتاب الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان

"أحاديث الصيام : آداب و أحكام"



أخوكم المخلص سهيل جمال