المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القدرة على التغير و الذكاء


أبومحمد17
2015-01-21, 19:43
القدرة على التغير و الذكاء
يملك بعض الناس مقدرة فائقة على التغير ، لا يعتبرونه عملا سلبيا أو خسارة لشيء ثمين، لأن الثمين عندهم هو تحسين أنفسهم باستمرار، الاستجابة للمتطلبات المستجدة، التعامل ايجابيا مع الخير ، عرفوا أن الحكم فرع عن التصور، و التصور فرع عن كم المعلومات و قيمتها الموضوعية، كل العلوم في الحقيقة بخلاف علم المنطق الصوري العلم فيها حاصل جمع ، جمع المعلومات، توثيقها، تصنيفها ،ثم التوليف فيما بينها .
لذا لا يرون أن تغيرهم و انتقالهم من فكرة مجملة إلى فكرة مفصلة، ومن نظرية مجملة إلى محكمة من خلال تطوير أنفسهم و شخصيتهم تأديبا و إلزاما لها على مفارقة الفكرة عندما تكون ساذجة، أو خاطئة،و التشوف إلى الأفضل دائما، ليسوا في وضعية انتظار أن يوضع العلف أمامهم، بل هم في حركة دائمة و انتقال مستمر داخل عقولهم يلاحظون الخلل و يبحثون عن الجواب المطابق إما في قاعدة معلوماتهم أو عند غيرهم .
هكذا فطروا، هؤلاء من صنف "من كان له قلب".
من علامة الذكاء الانتقال الكلي عن المقال أو الجزئي من خلال تطويره و تحسينه، وحتى بعض صور التناقض تدل على الذكاء فإن الذكي يلاحظ بصورة الضعف في موقفه فينتقل عنه ،و ليس من شرط الذكاء أن يكون فطريا بل يمكن أن تصنع ذكاءك لكن ذلك يحتاج منك أولا إلى تربية نفسك ،فتلزمها بالاستماع و القراءة إلى غيرك، و تقبل أن يكون الخير عنده،كما تقبل أن تأخذ منه، هنا فقط تستفيد من عقول غيرك و تستمد منها ما ينقصك و تصيرا ذكيا بزكاة نفسك لا باستعداد فطرتك أنه ذكاء الطلب.
الذكاء كقوة البدن وقوة الإرادة لا يمدح لنفسه، كما قال ابن تيمية ، من أوتي الذكاء و الفضائل العلمية و الإرادية بدون إيمان كمن أوتي قوة في جسمه بدون إيمان ، فلا ينفع شيء إلا أن يعبد الله وحده لا شريك له،ويؤمن برسله و باليوم الآخر.
وفرق بين أذكياء أهل الإيمان و أذكياء أهل النفاق و الكفر، فإنه و إن جمعتهم القدرة على معرفة الأمور الدقيقة سواء كانت حقا أو باطلا، إيمانا أو كفرا،التي لا تعلم إلا بذكاء و فطنة بحس بموضوع بحث كل فئة منهم، إلا أنهم يفترقون في القصد و الإيمان، أهل الإيمان لا يستجهلون من لم يشركهم في علمهم فقد يكون عند الرجل قصور في الذكاء و البيان و لكن عنده إيمان أحسن من إيمان الذكي.
و المقصود أن الأمة لن تتحرك من وضعها بمن يهاب التطور و الارتقاء و إن سماه تغيرا، كما لم تتحرك قديما إلا بأئمة لم يهابوا تغيير مذاهبهم و آرائهم باستمرار، فكان أبو حنيفة يفتي بالقول و يتركه، وكذلك الإمام مالك حتى قال الناس: علم الناس يزداد و علم مالك ينقص، و انتقل الشافعي من مذهب إلى مذهب، و كذلك داود الظاهري من الشافعية إلى الظاهرية، و الطحاوي من الشافعية إلى الحنفية،و الخطيب من الحنبلية إلى الشافعية و هكذا كان الغزالي، و ابن حزم و ابن تيمية يطورون أنفسهم باستمرار طالبا للأفضل.
إذا كان الوضع الأمة سيئا فيلزم أن ما يتشكل منه هذا الوضع سيء، و إذا كان وضع الدعوة ما يعلمه الجميع فلن يتغير بمن يريد البقاء كما هو ،لن يتغير حتى نتغير ، ربما تعلق المشكل على غيرك، فهكذا التعصب المذهبي يرى صاحب المذهب أنه يجب إصلاح الدين و إصلاح الأمة مستثنيا نفسه ،يعني: على الجميع إصلاح أنفسهم إلا هو ، فهو المصلح؟
لو كان ابن تيمية ـ كمثال ـ على مثل عقليتنا ، هاب التطوير و التغيير و البحث عن الراجح و قلب المشهورات المسلمات لما تغير شيء و لما وجدتَ اليوم مادة تستعين بها على الاجتهاد في هذا العصر المعقد فكريا.
قوله تعالى : {إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} لا ينطبق على الطرقيين و المتعصبين للمذاهب فقط، بل ينطبق على كل من يظن نفسه أنه ملك الحقيقة و ليس عنده برهان، على كل من يأبى تجديد العلم و الفكر تحقيقا، مهما كان الاسم الذي تسمى به، و أنصحه بجولة داخل جماعته يجمع كتبهم و مقالاتهم ليرى مدى الاختلاف بينهم و التناقض الذي بسط جناحيه على أقوالهم.
دعوكم ممن جمد على اجتهاد شيخه فهؤلاء جزء من مشكل الأمة ، وما لم تفهمه اليوم ستفهمه غدا، فإن أقوى مرجح بين المذاهب الواقع ، انظر مذهب بعض العلماء في أجرة التعليم و أجرة الإمام أين صار اليوم؟
الشيخ مختار الطيباوي حفظه الله

سميحة 2014
2015-01-21, 19:47
مقالة ماتعة جزاكم الله خيرا

الأرض المقدسة
2015-01-21, 21:28
كلام متين - جزى الله صاحبه خيرا وإياكم -

خالد عنابي2
2015-01-21, 21:37
الذكاء يجعل الانسان يرى المسائل مفصلة مصورة من زواياها المختلفة فيستطيع بذلك ان يميز الصواب من الخطأ حتى لو لم يسعفه الدليل فيبحث حتى يهتدي اليه
ولكن لا دخل لذلك في الاهتداء واتباع الصواب فقد يعلم الحق ويعاند ويكابر وهته ليس للذكاء بها علاقة بل تقبل الحق والميل اليه

أبومحمد17
2015-01-22, 09:25
بارك الله فيكم جميعا على المرور والتعليق