تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : (( أعـــوذ بالله مـن صحبـة البطــالين ))


اسماعيل 03
2015-01-16, 21:55
أعوذ بالله من صحبة البطالين
ابن الجوزي رحمه الله
".... أعوذ بالله من صحبة البطالين! لقد رأيت خلقًا كثيرًا يجرون معي فيما قد اعتاده الناس من كثرة الزيارة، ويسمون ذلك التردد خدمة، ويطلبون الجلوس، ويجرون فيه أحاديث الناس، وما لا يعني، وما يتخلله غيبة!
وهذا شيء يفعله في زماننا كثير من الناس، وربما طلبه المزور، وتشوق إليه، واستوحش من الوحدة، وخصوصًا في أيام التهاني والأعياد، فتراهم يمشي بعضهم إلى بعض، ولا يقتصرون على الهناء والسلام، بل يمزجون ذلك بما ذكرته من تضييع الزمان.
فلما رأيت أن الزمان أشرف شيء، والواجب انتهابه بفعل الخير، كرهت ذلك، وبقيت معهم بين أمرين: إن أنكرت عليهم، وقعت وحشة، لموضع قطع المألوف! وإن تقبلته منهم، ضاع الزمان! فصرت أدافع اللقاء جهدي: فإذا غلبت، قصرت في الكلام، لأتعجل الفراق.
ثم أعددت أعمالًا تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم، لئلا يمضي الزمان فارغًا، فجعلت من المستعد للقائهم: قطع الكاغد1، وبري الأقلام، وحزم الدفاتر، فإن هذه الأشياء لا بد منها، ولا تحتاج إلى فكر، وحضور قلب، فأرصدتها لأوقات زيارتهم، لئلا يضيع شيء من وقتي. نسأل الله عز وجل أن يعرفنا شرف أوقات العمر، وأن يوفقنا لاغتنامه.
ولقد شاهدت خلقًا كثيرًا لا يعرفون معنى الحياة: فمنهم من أغناه الله عن التكسب بكثرة ماله، فهو يقعد في السوق أكثر النهار، ينظر إلى الناس، وكم تمر به من آفة ومنكر! ومنهم من يخلو بلعب الشطرنج! ومنهم من يقطع الزمان بكثرة الحديث عن2 السلاطين، والغلاء والرخص، إلى غير ذلك: فعلمت أن الله تعالى لم يطلع على شرف العمر ومعرفة قدر أوقات العافية إلا من وفقه وألهمة اغتنام ذلك.
{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 35] .
---------------
1 الكاغد: ورق الكتابة.

صيد الخاطر

ابو اكرام فتحون
2015-01-16, 21:58
أعوذ بالله من صحبة البطالين!


جزاك الله خيرا اخي اسماعيل المثابر
ثبتك الله و نفع بما تقدم

اسماعيل 03
2015-01-16, 22:15
وإياك أخي فتحون الحبيب
زادك الله حرصا وثباتا وكان في عونك

kawtar 00
2015-01-17, 19:28
شكرا لك

سلمت اناملك