samid_dz
2015-01-09, 18:40
كيف تعاون البعث وتنظيم "الدولة" في ضياع بوصلة السنّة في العراق؟
"لقد بدأنا نفهم أن حالة الضياع السنّي وتدمير المشاريع الجامعة لآراء قادتهم هي أمر دبّر له وليس عملية عفوية تجري دون تخطيط"، أحد قادة الحراك الشعبي في العراق.
لا زالت بوصلة أهل السنّة ضائعة، ولا توجّه واحد لهذا المكوّن الذي ظل لعقود طويلة العقل المدبّر لإدارة العراق، فيما هو اليوم يعبر عن أكثر المجتمعات تضرراً في العراق.
إذ نزح أغلب أبناءه إلى مكان آخر بعيداً عن مدنهم ومناطقهم التي دمرتها الحرب، فيما تعرّضت المحافظات السنيّة لأكبر موجة تدمير في تاريخ العراق الحديث.
وإذا ما قارنا ما تعرّضت له المحافظات السنيّة على يد الميليشيات الشيعية والقوات الحكومية منذ 2003 ولغاية يومنا هذا، فهو يفوق ما تعرّضت له تلك المحافظات من تدمير بسبب القصف الجوي للتحالف الدولي خلال عامي 1991 و2003.
وإحصائية عن المنشآت المدمرة منذ العاشر من حزيران العام الماضي ولغاية اليوم تكفي للدلالة على حجم التدمير الذي طال المحافظات السنيّة التي باتت منكوبة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فلا دائرة ولا مؤسسة حكومية ولا بناية ولا مسجد إلاّ وكان له نصيب من الدمار.
ويكاد يسيطر اليأس على نفوس أبناءه، فلا عملية سياسية تنفع ولا عمل عسكري ينفع، حتى تكاد أبواب الأسباب الدنيوية أغلقت أمامهم.
لكن لهذا الوضع البائس أسبابه، إذ مع تصاعد حدّة الحراك الشعبي ووصوله لمرحلة النضج دخل البعث على الخط، وبات يزايد على مطالب قادة الحراك ممارساً هوايته في تدمير كل الرموز السنيّة ليبقى هو الصرح الواضح الوحيد داخل هذا المجتمع، لاسيما أن قادة الحراك هم في جلّهم من الشخصيات ذات المرجعية الإسلامية التي بينها وبين البعث ما صنع الحدّاد.
فعمل البعث على التسلّل إلى ساحات الاعتصام وتشييد خيمه داخلها للتأثير في التوجه العام لها، فيما كان لمرتزقته دورهم في كل جمعة عبر رفض الإقليم كخيار لحل المعضلة العراقيّة منادين بشعارات وطنية لا قيمة لها على الأرض ولا تمثل بأي حال من الأحوال مدخلاً للتفاوض مع حكومة المركز، داعين لحمل السلاح وتأجيج المواجهة مع الحكومة لإحراج شيوخ الساحات الذين لطالما سعوا لوأد الفتنة وإنهاء المسألة سلمياً دون أي لجوء إلى لغة السلاح لإدراكهم أنها لغة لن تورث سوى مزيد من الدماء والضياع.
وهكذا أضاع البعث الفرصة أمام المجتمع السنّي في التأسيس لإقليمهم والخلاص من حالة التجاذب الطائفي التي يعيشها أهل السنّة منذ 2003.
ونجح البعث للأسف في التسويق للمواجهة العسكرية مع الحكومة المركزيّة والميليشيات الموالية لها، وكانت النتيجة معروفة سلفاً فالسنّة ليس لهم كيان عسكري واضح وهبّتهم لطرد القوات الحكومية من محافظاتهم كانت خالية من أي شكل من أشكال التنظيم، وهذا ما بدا واضحاً مع دخول تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى تلك المحافظات.
إذ سرعان ما بسط التنظيم سيطرته على أغلب المحافظات السنيّة، بل وجرّد كل التنظيمات الأخرى من سلاحها فيما ظلّ البعثيون يطبلون لمصطلح (ثوار العشائر) الذين لم يبق منهم سوى أفراد قلائل فيما أنسحب أغلبهم من المواجهة بعد أن باتوا بين مطرقة الميليشيات والقوات الحكومية من جهة وعناصر تنظيم "الدولة" من جهة أخرى الذين طالبوهم بمبايعة الدولة لحمل السلاح.
فيما أستمر البعث وأبواقه الإعلامية متمثلة بصفحة الثورة العراقية الكبرى وقناة العز الفضائية في التطبيل لمصطلح "ثوار العشائر" الذي لم يعد له وجود على الأرض، محولين من خلال إعلامهم خلق مجال للتفاوض مع الحكومة المركزية للحصول على مغنم هنا أو مكسبٍ هناك حتى وإن كان ضئيلاً، وجلّنا يتذكر مصطلح (المجالس العسكرية) والذي بلغ بالكذب البعثي مبلغه عندما أعلن عن مجلس ثوار العشائر في كربلاء، فيما كان أبناء كربلاء من المنخرطين في مجاميع الميليشيات الشيعية يجوبون محافظات أهل السنة تدميراً وحرقاً وقتلاً.
ومات مصطلح (المجالس العسكرية) وباتت المؤتمرات هي الوسيلة الجديدة التي يلعب البعث بها للترويج لمسألة تأثيره على مسار الأحداث في العراق، فكان مؤتمر عمان لكبار قيادات البعث ومؤتمر الكفاءات في تركيا الذي أنفق عليه قرابة النصف مليون دولار واليوم نحن بانتظار مؤتمر أربيل الذي تنظمه شخصيات ذات إرث بعثي معروف وبالتنسيق مع الخارجية الأمريكية.
ولازالت أبواق البعث تروّج للأكاذيب التي ليس لها على أرض الواقع وجود، خصوصاً مع بدء تنظيم "الدولة الإسلامية" في الانسحاب من المواجهة مع الميليشيات الشيعية في عدد كبير من المدن، كجرف الصخر شمال بابل واليوسفية جنوب بغداد وجلولاء والسعدية والعظيم بمحافظة ديالى ويثرب في صلاح الدين.
فبينما تشير الحقائق إلى سيطرة الميليشيات الشيعية ومن خلفها القوات الحكومية على مسار الأحداث ونجاحها في السيطرة على عدد من المدن التي كان تنظيم "الدولة" يسيطر عليها، يسوّق الإعلام البعثي لأخبار ليس لها قيمة كمقتل قائد ميليشياوي هنا أو تدمير همر للقوات الحكومية هناك، فيما تواصل الميليشيات الشيعية نجاحها في مسك الأرض من بعد انسحاب وتراجع تنظيم "الدولة".
إذاً ساحة أهل السنّة باتت اليوم مدمرة أنهكتها الحروب وتتجاذبها أطراف ذات سلطة أحدهما مادية والآخر سلطة عسكرية على الأرض فيما أهل تلك الأرض هائمون على وجوههم يبحثون عن سقفٍ ينامون تحته بأمان بعيداً عن كذب الإعلام البعثي وبطش تنظيم "الدولة".
"لقد بدأنا نفهم أن حالة الضياع السنّي وتدمير المشاريع الجامعة لآراء قادتهم هي أمر دبّر له وليس عملية عفوية تجري دون تخطيط"، أحد قادة الحراك الشعبي في العراق.
لا زالت بوصلة أهل السنّة ضائعة، ولا توجّه واحد لهذا المكوّن الذي ظل لعقود طويلة العقل المدبّر لإدارة العراق، فيما هو اليوم يعبر عن أكثر المجتمعات تضرراً في العراق.
إذ نزح أغلب أبناءه إلى مكان آخر بعيداً عن مدنهم ومناطقهم التي دمرتها الحرب، فيما تعرّضت المحافظات السنيّة لأكبر موجة تدمير في تاريخ العراق الحديث.
وإذا ما قارنا ما تعرّضت له المحافظات السنيّة على يد الميليشيات الشيعية والقوات الحكومية منذ 2003 ولغاية يومنا هذا، فهو يفوق ما تعرّضت له تلك المحافظات من تدمير بسبب القصف الجوي للتحالف الدولي خلال عامي 1991 و2003.
وإحصائية عن المنشآت المدمرة منذ العاشر من حزيران العام الماضي ولغاية اليوم تكفي للدلالة على حجم التدمير الذي طال المحافظات السنيّة التي باتت منكوبة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فلا دائرة ولا مؤسسة حكومية ولا بناية ولا مسجد إلاّ وكان له نصيب من الدمار.
ويكاد يسيطر اليأس على نفوس أبناءه، فلا عملية سياسية تنفع ولا عمل عسكري ينفع، حتى تكاد أبواب الأسباب الدنيوية أغلقت أمامهم.
لكن لهذا الوضع البائس أسبابه، إذ مع تصاعد حدّة الحراك الشعبي ووصوله لمرحلة النضج دخل البعث على الخط، وبات يزايد على مطالب قادة الحراك ممارساً هوايته في تدمير كل الرموز السنيّة ليبقى هو الصرح الواضح الوحيد داخل هذا المجتمع، لاسيما أن قادة الحراك هم في جلّهم من الشخصيات ذات المرجعية الإسلامية التي بينها وبين البعث ما صنع الحدّاد.
فعمل البعث على التسلّل إلى ساحات الاعتصام وتشييد خيمه داخلها للتأثير في التوجه العام لها، فيما كان لمرتزقته دورهم في كل جمعة عبر رفض الإقليم كخيار لحل المعضلة العراقيّة منادين بشعارات وطنية لا قيمة لها على الأرض ولا تمثل بأي حال من الأحوال مدخلاً للتفاوض مع حكومة المركز، داعين لحمل السلاح وتأجيج المواجهة مع الحكومة لإحراج شيوخ الساحات الذين لطالما سعوا لوأد الفتنة وإنهاء المسألة سلمياً دون أي لجوء إلى لغة السلاح لإدراكهم أنها لغة لن تورث سوى مزيد من الدماء والضياع.
وهكذا أضاع البعث الفرصة أمام المجتمع السنّي في التأسيس لإقليمهم والخلاص من حالة التجاذب الطائفي التي يعيشها أهل السنّة منذ 2003.
ونجح البعث للأسف في التسويق للمواجهة العسكرية مع الحكومة المركزيّة والميليشيات الموالية لها، وكانت النتيجة معروفة سلفاً فالسنّة ليس لهم كيان عسكري واضح وهبّتهم لطرد القوات الحكومية من محافظاتهم كانت خالية من أي شكل من أشكال التنظيم، وهذا ما بدا واضحاً مع دخول تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى تلك المحافظات.
إذ سرعان ما بسط التنظيم سيطرته على أغلب المحافظات السنيّة، بل وجرّد كل التنظيمات الأخرى من سلاحها فيما ظلّ البعثيون يطبلون لمصطلح (ثوار العشائر) الذين لم يبق منهم سوى أفراد قلائل فيما أنسحب أغلبهم من المواجهة بعد أن باتوا بين مطرقة الميليشيات والقوات الحكومية من جهة وعناصر تنظيم "الدولة" من جهة أخرى الذين طالبوهم بمبايعة الدولة لحمل السلاح.
فيما أستمر البعث وأبواقه الإعلامية متمثلة بصفحة الثورة العراقية الكبرى وقناة العز الفضائية في التطبيل لمصطلح "ثوار العشائر" الذي لم يعد له وجود على الأرض، محولين من خلال إعلامهم خلق مجال للتفاوض مع الحكومة المركزية للحصول على مغنم هنا أو مكسبٍ هناك حتى وإن كان ضئيلاً، وجلّنا يتذكر مصطلح (المجالس العسكرية) والذي بلغ بالكذب البعثي مبلغه عندما أعلن عن مجلس ثوار العشائر في كربلاء، فيما كان أبناء كربلاء من المنخرطين في مجاميع الميليشيات الشيعية يجوبون محافظات أهل السنة تدميراً وحرقاً وقتلاً.
ومات مصطلح (المجالس العسكرية) وباتت المؤتمرات هي الوسيلة الجديدة التي يلعب البعث بها للترويج لمسألة تأثيره على مسار الأحداث في العراق، فكان مؤتمر عمان لكبار قيادات البعث ومؤتمر الكفاءات في تركيا الذي أنفق عليه قرابة النصف مليون دولار واليوم نحن بانتظار مؤتمر أربيل الذي تنظمه شخصيات ذات إرث بعثي معروف وبالتنسيق مع الخارجية الأمريكية.
ولازالت أبواق البعث تروّج للأكاذيب التي ليس لها على أرض الواقع وجود، خصوصاً مع بدء تنظيم "الدولة الإسلامية" في الانسحاب من المواجهة مع الميليشيات الشيعية في عدد كبير من المدن، كجرف الصخر شمال بابل واليوسفية جنوب بغداد وجلولاء والسعدية والعظيم بمحافظة ديالى ويثرب في صلاح الدين.
فبينما تشير الحقائق إلى سيطرة الميليشيات الشيعية ومن خلفها القوات الحكومية على مسار الأحداث ونجاحها في السيطرة على عدد من المدن التي كان تنظيم "الدولة" يسيطر عليها، يسوّق الإعلام البعثي لأخبار ليس لها قيمة كمقتل قائد ميليشياوي هنا أو تدمير همر للقوات الحكومية هناك، فيما تواصل الميليشيات الشيعية نجاحها في مسك الأرض من بعد انسحاب وتراجع تنظيم "الدولة".
إذاً ساحة أهل السنّة باتت اليوم مدمرة أنهكتها الحروب وتتجاذبها أطراف ذات سلطة أحدهما مادية والآخر سلطة عسكرية على الأرض فيما أهل تلك الأرض هائمون على وجوههم يبحثون عن سقفٍ ينامون تحته بأمان بعيداً عن كذب الإعلام البعثي وبطش تنظيم "الدولة".