تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما رأيكم كل يوم كل واحد فينا يختار اية و يفسرها سأبدأ أنا


وليد جمال
2015-01-02, 16:51
قال الله تعالى:( ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف [COLOR="Red"]محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم ( 25 ) )
يقول [ تعالى ] ومن لم يجد ) طولا ) أي : سعة وقدرة ( أن ينكح المحصنات المؤمنات ) أي الحرائر .
( فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ) أي : فتزوجوا من الإماء المؤمنات اللاتي يملكهن المؤمنون ، ولهذا قال : ( من فتياتكم المؤمنات ) قال ابن عباس وغيره : فلينكح من إماء المؤمنين ، وكذا قال السدي ومقاتل بن حيان .
: ( والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض ) أي : هو العالم بحقائق الأمور وسرائرها ، وإنما لكم أيها الناس الظاهر من الأمور .
ثم قال : ( فانكحوهن بإذن أهلهن ) فدل على أن السيد هو ولي أمته لا تزوج إلا بإذنه ، وكذلك هو ولي عبده ، ليس لعبده أن يتزوج إلا بإذنه ، كما جاء في الحديث : " أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر " أي زان .
وقوله : ( وآتوهن أجورهن بالمعروف ) أي : وادفعوا مهورهن بالمعروف ، أي : عن طيب نفس منكم ، ولا تبخسوا منه شيئا استهانة بهن; لكونهن إماء مملوكات .
وقوله : ( محصنات ) أي : عفائف عن الزنا لا يتعاطينه; ولهذا قال : ( غير مسافحات ) وهن الزواني اللاتي لا يمتنعن من أرادهن بالفاحشة .

وقوله : ( ولا متخذات أخدان ) قال ابن عباس : المسافحات ، هن الزواني المعالنات يعني الزواني اللاتي لا يمنعن أحدا أرادهن بالفاحشة . ( ومتخذات أخدان ) يعني : أخلاء .
وقوله : ( فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) اختلف القراء في ) أحصن ) فقرأه بعضهم بضم الهمزة وكسر الصاد ، مبني لما لم يسم فاعله ، وقرئ بفتح الهمزة والصاد فعل لازم ثم قيل : معنى القراءتين واحد . واختلفوا فيه على قولين :

أحدهما : أن المراد بالإحصان هاهنا الإسلام . روي ذلك عن عبد الله بن مسعود ، وابن عمر ، وأنس ، والأسود بن يزيد ، وزر بن حبيش ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وإبراهيم النخعي ، والشعبي ، والسدي . وروى نحوه الزهري عن عمر بن الخطاب ، وهو منقطع . وهذا هو القول الذي نص عليه الشافعي [ رحمه الله تعالى ] في رواية الربيع ، قال : وإنما قلنا [ ذلك ] استدلالا بالسنة وإجماع أكثر أهل العلم .

وقد روى ابن أبي حاتم في ذلك حديثا مرفوعا ، قال : حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله [ الدمشقي ] حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن أبي حمزة ، عن جابر ، عن رجل ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي قال : قال رسول الله صلى عليه وسلم : ( فإذا أحصن ) قال : " إحصانها إسلامها وعفافها " . وقال المراد به هاهنا التزويج ، قال : وقال علي : اجلدوهن .

[ ص: 262 ]

[ ثم ] قال ابن أبي حاتم : وهو حديث منكر .

قلت : وفي إسناده ضعف ، ومنهم من لم يسم ، و [ مثله ] لا تقوم به حجة .

وقال القاسم وسالم : إحصانها : إسلامها وعفافها .

وقيل : المراد به هاهنا : التزويج . وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وقتادة وغيرهم . ونقله أبو علي الطبري في كتابه " الإيضاح " عن الشافعي ، فيما رواه أبو الحكم بن عبد الحكم عنه وقد رواه ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد أنه قال : إحصان الأمة أن ينكحها الحر ، وإحصان العبد أن ينكح الحرة . وكذا روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، رواهما ابن جرير في تفسيره ، وذكره ابن أبي حاتم عن الشعبي والنخعي .

وقيل معنى القراءتين متباين فمن قرأ ( أحصن ) بضم الهمزة ، فمراده التزويج ، ومن قرأ " أحصن " بفتحها ، فمراده الإسلام اختاره الإمام أبو جعفر بن جرير في تفسيره ، وقرره ونصره .
وقوله : ( ذلك لمن خشي العنت منكم ) أي : إنما يباح نكاح الإماء بالشروط المتقدمة لمن خاف على نفسه الوقوع في الزنا ، وشق عليه الصبر عن الجماع ، وعنت بسبب ذلك [ كله ، فحينئذ يتزوج الأمة ، وإن ترك تزوج الأمة ] وجاهد نفسه في الكف عن الزنا ، فهو خير له; لأنه إذا تزوجها [ ص: 267 ] جاء أولاده أرقاء لسيدها إلا أن يكون الزوج عربيا فلا تكون أولاده منها أرقاء في قول قديم للشافعي ، ولهذا قال : ( وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم )

ومن هذه الآية الكريمة استدل جمهور العلماء في جواز نكاح الإماء ، على أنه لا بد من عدم الطول لنكاح الحرائر ومن خوف العنت; لما في نكاحهن من مفسدة رق الأولاد ، ولما فيهن من الدناءة في العدول عن الحرائر إليهن . وخالف الجمهور أبا حنيفة وأصحابه في اشتراط الأمرين ، فقالوا : متى لم يكن الرجل مزوجا بحرة جاز له نكاح الأمة المؤمنة والكتابية أيضا ، سواء كان واجدا الطول لحرة أم لا وسواء خاف العنت أم لا وعمدتهم فيما ذهبوا إليه [ عموم ] قوله تعالى : ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) [ المائدة : 5 ] أي : العفائف ، وهو يعم الحرائر والإماء ، وهذه الآية عامة ، وهذه أيضا ظاهرة في الدلالة على ما قاله الجمهور والله أعلم .