ferhat39
2007-09-12, 19:59
بسم الله الرحمن الرحيم
’’منتقى فضائل شهر رمضان‘‘
الحمد لله الذي منَّ علينا بمواسم الخيرات و البركات، أينَ تُضاعف الحسنات، و تُرفع الدرجات، و تُغفر الذنوب و تُكفَّر السيِّئات، و أشهد أن لا إله إلا الله رب العالمين، و أشهد أنَّ محمدًا عبده و رسوله خاتم الأنبياء و المرسلين، صلَّى الله عليه و على آله و صحبه و من تبعهم و سلَّم تسليمًا إلى يوم الدين.
أمَّا بعد؛ ((فإنَّ الله-عز و جل-اختار لهذه الأمة مواسمَ مباركة، يكثر فيها الخير، و يعظم فيها أجر الطاعة، و من تلكم المواسم الفاضلة:شهر رمضان المعظّم، و هو خير الشهور و أفضلها على الإطلاق، فلم يرد في غيره من الشهور ما ثبت فيه من الفضائل.
و قد أبان النبي-صلى الله عليه و سلم-عن فضائل هذا الشهر أعظمَ بيان و أكملَه، و وردت أحاديثه-عليه الصلاة و السلام- فيه مبثوثةً في كتب السنة من صحاح و مساند و جوامع، و أفردها بعض الأئمة بالتأليف؛ ليسهلَ على الناس الوصول إليها، فتتهيَّأ نفوسهم لاستقبال هذا الضيف الجليل، و يجتهدوا في نَيْل ما كُتب لهم فيه من الأجر الجزيل))اهـ من كلام الشيخ عمار بن سعيد تمالت الجزائري في مقدمة تحقيقه لـ:"فضائل رمضان" (ص5).
المؤلفات في هذا الباب
و المؤلفات المفردة في فضائل هذا الشهر الكريم كثيرة و متعددة، و هي ما بين مخطوط و مطبوع، فمما طُبع في هذا الباب:
1- "فضائل رمضان"لابن أبي الدنيا-رحمه الله-، ت/ عبد الله بن حمد المنصور.
2- "فضائل شهر رمضان"للحافظ ابن شاهين-رحمه الله-، ت/ الشيخ بدر بن عبد الله البدر.
3- "جزء فيه:أحاديث من فضل شهر رمضان"للحافظ عبد الغني المقدسي-رحمه الله-، ت/الشيخ عمار بن سعيد تمالت الجزائري.
4- "جزء فيه:أحاديث شهر رمضان في فضله و صيامه و قيامه"للحافظ أبو اليمن عبد الصمد بن عساكر-رحمه الله-، ت/ الشيخ علي بن حسن الحلبي.
5- "قيام رمضان"للإمام ابن نصر المروزي-رحمه الله-، و قد طبع مختصره فقط.
6- "الصيام" للفريابي-رحمه الله-.
و كذلك بوب علماء الحديث في كتبهم الجامعة أبوابًا لشهر رمضان، فمن ذلك-غير الصحاح و السنن-:
1- "فضائل الأوقات"للحافظ البيهقي-رحمه الله-.
2- "فضائل الأعمال"للحافظ ضياء الدين المقدسي-رحمه الله-.
3- "الترغيب و الترهيب"للحافظ المنذري-رحمه الله-.
4- "رياض الصالحين"للإمام النووي-رحمه الله-.
و هذا إضافةً إلى كتب و مصنفات المتأخرين و المعاصرين، ممَّا يطول بنا حصرها، و يُعجزنا الإحاطة بها، و الله الموفِّق.
أحاديث في فضل صيام و قيام رمضان
ورد في الباب أحاديث كثيرة، و فيما يلي شيء مما جاء في فضل رمضان خصوصًا، و يمكن أن يزاد إليها ما جاء في فضل الصيام عمومًا، نسأل الله من فضله العميم.
1- عن أبي هريرة-رضي الله عنه-؛ أنَّ رسول الله-صلى الله عليه و سلم-، قال:((إذا جاء رمضان؛ فُتِّحت أبواب الجنة، و غُلِّقت أبواب النار، و صُفِّدت الشياطين)) رواه الشيخان و النسائي و أحمد و غيرهم، و في رواية أخرى:((إذا دخل شهر رمضان فُتِّحت أبواب الرحمة، و أغلقت أبواب جهنم، و سُلسلت الشياطين)).
2- و عنه أيضًا-رضي الله عنه-؛ عن النبي-صلى الله عليه و سلم-، قال:((إذا كان أول ليلة من شهر رمضان؛ صُفِّدت الشياطين، و مَردة الجن، و غُلِّقت أبواب النار فلم يُفتح منها باب، و فُتِّحت أبواب الجنان فلم يُغلق منها باب، و نادى مناد:يا باغي الخير أقبل، و يا باغي الشر أقصر، و لله عُتقاء من النار؛ و ذلك في كلَّ ليلة))، رواه الترمذي و ابن ماجه و ابن خزيمة و الحاكم.
3- و عنه أيضًا-رضي الله عنه-، عن النبي-صلى الله عليه و سلم-:((من صام رمضان إيمانًا و احتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه، و من قام ليلة القدر إيمانًا و احتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه))، رواه البخاري و مسلم و النسائي و أحمد و أبو داود و غيرهم.
4- و عنه أيضًا-رضي الله عنه-، قال:قال رسول الله-صلى الله عليه و سلم-يُبشِّر أصحابه:((قد جاءكم شهر رمضان؛ شهرٌ مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب الجنة، و تُغلق فيه أبواب الجحيم، و تُغلُّ فيه الشياطين، فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، من حُرم خيرها؛ فقد حُرم))، رواه النسائي و أحمد و غيرهما، ’’صحيح الترغيب و الترهيب‘‘(رقم985).
5- و عن واثلة بن الأسقع-رضي الله عنه-، قال:قال رسول الله-صلى الله عليه و سلم-:((نزلت صحف إبراهيم أول ليلة خلت من رمضان، و أنزلت التوراة لستٍّ مضين من رمضان، و أنزل الإنجيل لثلاث عشر خلت من رمضان، و القرآن لأربع و عشرين من رمضان))، رواه أحمد وغيره، ’’الصحيحة‘‘(رقم1575).
6- و عن أبي هريرة-رضي الله عنه-أنَّ رسول الله-صلى الله عليه و سلم-قال:((الصلوات الخمس و الجمعة إلى الجمعة و رمضان إلى رمضان؛ مكفِّراتٌ لما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر))، رواه مسلم.
أحاديث ضعيفة في الباب
من المعلوم أنَّ في الصحيح غُنية عن الضعيف، و من باب"عرفتُ الشر لا للشر لكن لتوقِّيه"؛ أذكر بعض الأحاديث المشتهرة-في هذا الباب-على ألسنة كثيرٍ من الناس و الخطباء و الوُعَّاظ و القُصَّاص، غير أنَّها لا تثبت في ميزان النَّقد لدى علماء الحديث، فكن منها-يا عبد الله-على حذر، و الله يحفظني و إيَّاك من كلِّ مكروه و شر، و لا تغتر بقول من قال أنَّ الأحاديث الضعيف يُعمل بها في الفضائل، فكما لا يخفى عليك أنَّ المفاضلة بين الأعمال من الأمور التي لا تُعلم إلا بإخبارٍ من الشارع الحكيم؛ و ليس لنا إلى ذلك من سبيل إلاّ عن طريق القرآن الكريم و السنة النبوية الصحيحة، و لله الحمد.
1- حديث:((إذا كان أول ليلة في شهر رمضان، نظر الله-عز و جل-إلى خلقه، و إذا نظر الله-عز و جل-إلى عبده، لم يعذِّبه أبدًا، و لله-عز و جل-في كل ليلةٍ ألف ألف عتيق من النار))، ’’الضعيفة‘‘(رقم299).
2- حديث: (( يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، و قيامه تطوعًا، من تقرَّب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، و من أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، و هو شهر الصبر، و الصبر ثوابه الجنة، و شهر المواساة، و شهر يُزاد فيه في رزق المؤمن، و من فطر فيه صائمًا كان مغفرة لذنوبه، و عتق رقبته من النار، و كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء؟ قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، قال: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائمًا على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة من ماء، و من أشبع صائمًا سقاه الله من الحوض شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، و هو شهر أوله رحمة، و وسطه مغفرة، و آخره عتق من النار، فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتان ترضون بهما ربكم، و خصلتان لا غنى بكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله، و تستغفرونه، و أما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما؛ فتسألون الله الجنة، و تعوذون من النار))، ’’الضعيفة‘‘(رقم871).
3- حديث: (( إنَّ الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول إلى الحول، فإذا كان أول ليلة من رمضان هبّت ريح من تحت العرش فصفقت ورق الجنة عن الحور العين، فقلن: يا رب اجعل لنا من عبادك أزواجًا تقر بهم أعيننا، وتقر أعينهم بنا))، ’’الضعيفة‘‘(رقم1325).
4- حديث: ((أول شهر رمضان رحمة، و أوسطه مغفرة، و آخره عتق من النار))، ’’الضعيفة‘‘(رقم1569).
5- حديث: (( من صام رمضان، و ستًّا من شوال، و الأربعاء و الخميس، دخل الجنة))، ’’ضعيف الجامع‘‘(رقم5650).
6- حديث: (( شهر رمضان شهر كتب الله عليكم صيامه، و سننت لكم قيامه، فمن صامه و قامه إيمانًا و احتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه))،’’ضعيف الجامع‘‘(رقم3412).
7- حديث: (( لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها، إن الجنة لتُزيَّن لرمضان من رأس الحول إلى الحول))، ’’الضعيفة‘‘(رقم1325).
خطبة في فضل رمضان*
الحمد لله على ما له من الأسماء الحسنى و المثل الأعلى، و ما خلقه و حكم به في الأولى و الأخرى، و أشهد أن لا اله إلاّ الله وحده لا شريك له و له تُرفع الشكوى، و أشهد أنَّ محمدًا عبده و رسوله المصطفى و نبيّه المجتبى، اللهم صل و سلّم على محمد و على آله و أصحابه العلماء الفضلاء النُجبا.
أما بعد:
أيّها الناس:اتقوا الله حقَّ تقواه، و ذلك باجتناب مساخطه و تتبُّع رضاه، و بالشكر له على ما أولاه من النِّعم و أسداه، فقد أمدَّكم الله بهذا الشهر الكريم، و أسبغ عليكم فيه كرمه العميم، أنزل الله فيه القرآن، محتويًا على الهدى و الخير و البيان، فيه تُفتَّح أبواب الرحمة و الخيرات، و فيه تُغلَّق أبواب الجحيم و تتوب العصاة من السيِّئات، و ينادي فيه منادي الخير:يا باغي الخير أقبل على الطاعات، و يا باغي الشر أقصر و تُب عن المخالفات.
و لله عتقاء من النار، و ذلك في كل ليلةٍ عند الإفطار، فتعرَّضوا لنفحات المحسن الغفَّار، فمن جمع بين الإمساك عن المفطرات، و أمسك عن الأقوال و الأفعال المحرَّمات، و احتسب الثواب عند فاطر الأرض و السماوات، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه و رُفعت له الدرجات.
و من تجرَّأ على المعاصي و المظالم، و انتهك فيه الأعراض و خاض المآثم، فليس لله حاجة في أن يدع الطعام و الشراب و الشهوات، فإنَّ الله كتب الصيام على هذه الأمة ليكونوا من المتقين، و ليستعينوا بترك شهواتهم على إصلاح الدين، قال-تعالى-:((يا أيّها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلَّكم تتقون)) [البقرة:183]، فأخبر أنَّ الصيام أكبر الوسائل لتحقيق التقوى، و فيه كمال الثواب و رضى المولى، فقد اختصَّه الله لنفسه من بين سائر الأعمال، فقال-صلى الله عليه و سلم-:((كلّ عمل ابن آدم يُضاعف له؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، يقول الله:إلاّ الصيام فإنّه لي و أنا أجزي به، يدع طعامه و شرابه و شهوته من أجلي، و للصائم فرحتان:فرحة عند فطره و فرحة عند لقاء ربِّه، و لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك))[رواه البخاري و مسلم].
"الصوم جُنَّة"؛ أي وقاية من المعاصي و وقاية من العذاب، و سبب لنيل الفضائل و حصول الثواب، فيا له من عملٍ عظيمٍ تولى جزاءه الرحمن، و غمر أهله بالجود و الكرم و الإحسان، و هيّأ عند دخولهم الجنة باب الريَّان، يُفضون منها إلى النعيم المقيم، و العيش السليم، في جوار الرب الكريم، قد أعدَّ لهم من كرمه ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على القلوب، و هيّأ لهم ما تشتهيه الأنفس و تلذ الأعين من كل مطلوب و مرغوب، أعدّه نُزلاً و ضيافةً للصائمين، و كرامةً و مِنحةً للمتقين، كما قال-تعالى-في حقِّ هؤلاء المحسنين:((كلوا و اشربوا بما أسلفتم في الأيام الخالية))[الحاقة:24]، بارك الله لي ولكم.
’’الخطب المنبرية على المناسبات‘‘للشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي-رحمه الله-.
خلاصة القول
((شهر رمضان شهر خير و بركة، و قد خصَّه الله-عز و جل-بفضائل كثيرة، منها:
1- أنَّه شهر القرآن؛ ’’شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن‘‘.
2- فيه تُصفَّد الشياطين، و تُغلَّق أبواب النيران، و تُفتَّح أبواب الجنان.
3- فيه ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهرٍ.
4- أنَّ فيه دعاءً مستجابًا، فقد روى الإمام أحمد بسندٍ جيِّدٍ أنَّ النبي-صلى الله عليه و سلم-قال:"لكلِّ مسلم دعوة مستجابة يدعو بها في رمضان".
5- تُضاعف فيه الدرجات، و تُقال فيه العثرات.
6- رمضان شهر الجهاد؛ فمُعظم فتوحات المسلمين كانت في رمضان، كبدر و عين جالوت و غيرها))، ’’كلماتٌ متنوِّعة في أبواب متفرِّقة‘‘(2/27).
و في الأخير لا أجد ما أختم به هذه التذكرة إلاّ قول الشاعر:
شُدُّوا المآزر قد أتى رمضان***يحلو القيام و يصدح القرآن
في دفتيه عظيم عفو غامر***يُعطى الثواب و يُغدق الغفران.
و أسأل الله لي و لكم القبول و السداد، و الهدى و الرشاد، و الاستعداد ليوم المعاد، و أسأله-سبحانه-التوفيق للطاعات في شهر البركات، و أن يمنَّ علينا-جميعًا- بالقبول و رفع الدرجات، و محو الذنوب و الزلاّت، و أن يختم أعمالنا بالصالحات، و صلّى الله على نبيِّنا محمد و على آله و صحبه و سلّم.
منقول للفائدة
’’منتقى فضائل شهر رمضان‘‘
الحمد لله الذي منَّ علينا بمواسم الخيرات و البركات، أينَ تُضاعف الحسنات، و تُرفع الدرجات، و تُغفر الذنوب و تُكفَّر السيِّئات، و أشهد أن لا إله إلا الله رب العالمين، و أشهد أنَّ محمدًا عبده و رسوله خاتم الأنبياء و المرسلين، صلَّى الله عليه و على آله و صحبه و من تبعهم و سلَّم تسليمًا إلى يوم الدين.
أمَّا بعد؛ ((فإنَّ الله-عز و جل-اختار لهذه الأمة مواسمَ مباركة، يكثر فيها الخير، و يعظم فيها أجر الطاعة، و من تلكم المواسم الفاضلة:شهر رمضان المعظّم، و هو خير الشهور و أفضلها على الإطلاق، فلم يرد في غيره من الشهور ما ثبت فيه من الفضائل.
و قد أبان النبي-صلى الله عليه و سلم-عن فضائل هذا الشهر أعظمَ بيان و أكملَه، و وردت أحاديثه-عليه الصلاة و السلام- فيه مبثوثةً في كتب السنة من صحاح و مساند و جوامع، و أفردها بعض الأئمة بالتأليف؛ ليسهلَ على الناس الوصول إليها، فتتهيَّأ نفوسهم لاستقبال هذا الضيف الجليل، و يجتهدوا في نَيْل ما كُتب لهم فيه من الأجر الجزيل))اهـ من كلام الشيخ عمار بن سعيد تمالت الجزائري في مقدمة تحقيقه لـ:"فضائل رمضان" (ص5).
المؤلفات في هذا الباب
و المؤلفات المفردة في فضائل هذا الشهر الكريم كثيرة و متعددة، و هي ما بين مخطوط و مطبوع، فمما طُبع في هذا الباب:
1- "فضائل رمضان"لابن أبي الدنيا-رحمه الله-، ت/ عبد الله بن حمد المنصور.
2- "فضائل شهر رمضان"للحافظ ابن شاهين-رحمه الله-، ت/ الشيخ بدر بن عبد الله البدر.
3- "جزء فيه:أحاديث من فضل شهر رمضان"للحافظ عبد الغني المقدسي-رحمه الله-، ت/الشيخ عمار بن سعيد تمالت الجزائري.
4- "جزء فيه:أحاديث شهر رمضان في فضله و صيامه و قيامه"للحافظ أبو اليمن عبد الصمد بن عساكر-رحمه الله-، ت/ الشيخ علي بن حسن الحلبي.
5- "قيام رمضان"للإمام ابن نصر المروزي-رحمه الله-، و قد طبع مختصره فقط.
6- "الصيام" للفريابي-رحمه الله-.
و كذلك بوب علماء الحديث في كتبهم الجامعة أبوابًا لشهر رمضان، فمن ذلك-غير الصحاح و السنن-:
1- "فضائل الأوقات"للحافظ البيهقي-رحمه الله-.
2- "فضائل الأعمال"للحافظ ضياء الدين المقدسي-رحمه الله-.
3- "الترغيب و الترهيب"للحافظ المنذري-رحمه الله-.
4- "رياض الصالحين"للإمام النووي-رحمه الله-.
و هذا إضافةً إلى كتب و مصنفات المتأخرين و المعاصرين، ممَّا يطول بنا حصرها، و يُعجزنا الإحاطة بها، و الله الموفِّق.
أحاديث في فضل صيام و قيام رمضان
ورد في الباب أحاديث كثيرة، و فيما يلي شيء مما جاء في فضل رمضان خصوصًا، و يمكن أن يزاد إليها ما جاء في فضل الصيام عمومًا، نسأل الله من فضله العميم.
1- عن أبي هريرة-رضي الله عنه-؛ أنَّ رسول الله-صلى الله عليه و سلم-، قال:((إذا جاء رمضان؛ فُتِّحت أبواب الجنة، و غُلِّقت أبواب النار، و صُفِّدت الشياطين)) رواه الشيخان و النسائي و أحمد و غيرهم، و في رواية أخرى:((إذا دخل شهر رمضان فُتِّحت أبواب الرحمة، و أغلقت أبواب جهنم، و سُلسلت الشياطين)).
2- و عنه أيضًا-رضي الله عنه-؛ عن النبي-صلى الله عليه و سلم-، قال:((إذا كان أول ليلة من شهر رمضان؛ صُفِّدت الشياطين، و مَردة الجن، و غُلِّقت أبواب النار فلم يُفتح منها باب، و فُتِّحت أبواب الجنان فلم يُغلق منها باب، و نادى مناد:يا باغي الخير أقبل، و يا باغي الشر أقصر، و لله عُتقاء من النار؛ و ذلك في كلَّ ليلة))، رواه الترمذي و ابن ماجه و ابن خزيمة و الحاكم.
3- و عنه أيضًا-رضي الله عنه-، عن النبي-صلى الله عليه و سلم-:((من صام رمضان إيمانًا و احتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه، و من قام ليلة القدر إيمانًا و احتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه))، رواه البخاري و مسلم و النسائي و أحمد و أبو داود و غيرهم.
4- و عنه أيضًا-رضي الله عنه-، قال:قال رسول الله-صلى الله عليه و سلم-يُبشِّر أصحابه:((قد جاءكم شهر رمضان؛ شهرٌ مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب الجنة، و تُغلق فيه أبواب الجحيم، و تُغلُّ فيه الشياطين، فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، من حُرم خيرها؛ فقد حُرم))، رواه النسائي و أحمد و غيرهما، ’’صحيح الترغيب و الترهيب‘‘(رقم985).
5- و عن واثلة بن الأسقع-رضي الله عنه-، قال:قال رسول الله-صلى الله عليه و سلم-:((نزلت صحف إبراهيم أول ليلة خلت من رمضان، و أنزلت التوراة لستٍّ مضين من رمضان، و أنزل الإنجيل لثلاث عشر خلت من رمضان، و القرآن لأربع و عشرين من رمضان))، رواه أحمد وغيره، ’’الصحيحة‘‘(رقم1575).
6- و عن أبي هريرة-رضي الله عنه-أنَّ رسول الله-صلى الله عليه و سلم-قال:((الصلوات الخمس و الجمعة إلى الجمعة و رمضان إلى رمضان؛ مكفِّراتٌ لما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر))، رواه مسلم.
أحاديث ضعيفة في الباب
من المعلوم أنَّ في الصحيح غُنية عن الضعيف، و من باب"عرفتُ الشر لا للشر لكن لتوقِّيه"؛ أذكر بعض الأحاديث المشتهرة-في هذا الباب-على ألسنة كثيرٍ من الناس و الخطباء و الوُعَّاظ و القُصَّاص، غير أنَّها لا تثبت في ميزان النَّقد لدى علماء الحديث، فكن منها-يا عبد الله-على حذر، و الله يحفظني و إيَّاك من كلِّ مكروه و شر، و لا تغتر بقول من قال أنَّ الأحاديث الضعيف يُعمل بها في الفضائل، فكما لا يخفى عليك أنَّ المفاضلة بين الأعمال من الأمور التي لا تُعلم إلا بإخبارٍ من الشارع الحكيم؛ و ليس لنا إلى ذلك من سبيل إلاّ عن طريق القرآن الكريم و السنة النبوية الصحيحة، و لله الحمد.
1- حديث:((إذا كان أول ليلة في شهر رمضان، نظر الله-عز و جل-إلى خلقه، و إذا نظر الله-عز و جل-إلى عبده، لم يعذِّبه أبدًا، و لله-عز و جل-في كل ليلةٍ ألف ألف عتيق من النار))، ’’الضعيفة‘‘(رقم299).
2- حديث: (( يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، و قيامه تطوعًا، من تقرَّب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، و من أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، و هو شهر الصبر، و الصبر ثوابه الجنة، و شهر المواساة، و شهر يُزاد فيه في رزق المؤمن، و من فطر فيه صائمًا كان مغفرة لذنوبه، و عتق رقبته من النار، و كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء؟ قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، قال: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائمًا على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة من ماء، و من أشبع صائمًا سقاه الله من الحوض شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، و هو شهر أوله رحمة، و وسطه مغفرة، و آخره عتق من النار، فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتان ترضون بهما ربكم، و خصلتان لا غنى بكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله، و تستغفرونه، و أما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما؛ فتسألون الله الجنة، و تعوذون من النار))، ’’الضعيفة‘‘(رقم871).
3- حديث: (( إنَّ الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول إلى الحول، فإذا كان أول ليلة من رمضان هبّت ريح من تحت العرش فصفقت ورق الجنة عن الحور العين، فقلن: يا رب اجعل لنا من عبادك أزواجًا تقر بهم أعيننا، وتقر أعينهم بنا))، ’’الضعيفة‘‘(رقم1325).
4- حديث: ((أول شهر رمضان رحمة، و أوسطه مغفرة، و آخره عتق من النار))، ’’الضعيفة‘‘(رقم1569).
5- حديث: (( من صام رمضان، و ستًّا من شوال، و الأربعاء و الخميس، دخل الجنة))، ’’ضعيف الجامع‘‘(رقم5650).
6- حديث: (( شهر رمضان شهر كتب الله عليكم صيامه، و سننت لكم قيامه، فمن صامه و قامه إيمانًا و احتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه))،’’ضعيف الجامع‘‘(رقم3412).
7- حديث: (( لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها، إن الجنة لتُزيَّن لرمضان من رأس الحول إلى الحول))، ’’الضعيفة‘‘(رقم1325).
خطبة في فضل رمضان*
الحمد لله على ما له من الأسماء الحسنى و المثل الأعلى، و ما خلقه و حكم به في الأولى و الأخرى، و أشهد أن لا اله إلاّ الله وحده لا شريك له و له تُرفع الشكوى، و أشهد أنَّ محمدًا عبده و رسوله المصطفى و نبيّه المجتبى، اللهم صل و سلّم على محمد و على آله و أصحابه العلماء الفضلاء النُجبا.
أما بعد:
أيّها الناس:اتقوا الله حقَّ تقواه، و ذلك باجتناب مساخطه و تتبُّع رضاه، و بالشكر له على ما أولاه من النِّعم و أسداه، فقد أمدَّكم الله بهذا الشهر الكريم، و أسبغ عليكم فيه كرمه العميم، أنزل الله فيه القرآن، محتويًا على الهدى و الخير و البيان، فيه تُفتَّح أبواب الرحمة و الخيرات، و فيه تُغلَّق أبواب الجحيم و تتوب العصاة من السيِّئات، و ينادي فيه منادي الخير:يا باغي الخير أقبل على الطاعات، و يا باغي الشر أقصر و تُب عن المخالفات.
و لله عتقاء من النار، و ذلك في كل ليلةٍ عند الإفطار، فتعرَّضوا لنفحات المحسن الغفَّار، فمن جمع بين الإمساك عن المفطرات، و أمسك عن الأقوال و الأفعال المحرَّمات، و احتسب الثواب عند فاطر الأرض و السماوات، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه و رُفعت له الدرجات.
و من تجرَّأ على المعاصي و المظالم، و انتهك فيه الأعراض و خاض المآثم، فليس لله حاجة في أن يدع الطعام و الشراب و الشهوات، فإنَّ الله كتب الصيام على هذه الأمة ليكونوا من المتقين، و ليستعينوا بترك شهواتهم على إصلاح الدين، قال-تعالى-:((يا أيّها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلَّكم تتقون)) [البقرة:183]، فأخبر أنَّ الصيام أكبر الوسائل لتحقيق التقوى، و فيه كمال الثواب و رضى المولى، فقد اختصَّه الله لنفسه من بين سائر الأعمال، فقال-صلى الله عليه و سلم-:((كلّ عمل ابن آدم يُضاعف له؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، يقول الله:إلاّ الصيام فإنّه لي و أنا أجزي به، يدع طعامه و شرابه و شهوته من أجلي، و للصائم فرحتان:فرحة عند فطره و فرحة عند لقاء ربِّه، و لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك))[رواه البخاري و مسلم].
"الصوم جُنَّة"؛ أي وقاية من المعاصي و وقاية من العذاب، و سبب لنيل الفضائل و حصول الثواب، فيا له من عملٍ عظيمٍ تولى جزاءه الرحمن، و غمر أهله بالجود و الكرم و الإحسان، و هيّأ عند دخولهم الجنة باب الريَّان، يُفضون منها إلى النعيم المقيم، و العيش السليم، في جوار الرب الكريم، قد أعدَّ لهم من كرمه ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على القلوب، و هيّأ لهم ما تشتهيه الأنفس و تلذ الأعين من كل مطلوب و مرغوب، أعدّه نُزلاً و ضيافةً للصائمين، و كرامةً و مِنحةً للمتقين، كما قال-تعالى-في حقِّ هؤلاء المحسنين:((كلوا و اشربوا بما أسلفتم في الأيام الخالية))[الحاقة:24]، بارك الله لي ولكم.
’’الخطب المنبرية على المناسبات‘‘للشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي-رحمه الله-.
خلاصة القول
((شهر رمضان شهر خير و بركة، و قد خصَّه الله-عز و جل-بفضائل كثيرة، منها:
1- أنَّه شهر القرآن؛ ’’شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن‘‘.
2- فيه تُصفَّد الشياطين، و تُغلَّق أبواب النيران، و تُفتَّح أبواب الجنان.
3- فيه ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهرٍ.
4- أنَّ فيه دعاءً مستجابًا، فقد روى الإمام أحمد بسندٍ جيِّدٍ أنَّ النبي-صلى الله عليه و سلم-قال:"لكلِّ مسلم دعوة مستجابة يدعو بها في رمضان".
5- تُضاعف فيه الدرجات، و تُقال فيه العثرات.
6- رمضان شهر الجهاد؛ فمُعظم فتوحات المسلمين كانت في رمضان، كبدر و عين جالوت و غيرها))، ’’كلماتٌ متنوِّعة في أبواب متفرِّقة‘‘(2/27).
و في الأخير لا أجد ما أختم به هذه التذكرة إلاّ قول الشاعر:
شُدُّوا المآزر قد أتى رمضان***يحلو القيام و يصدح القرآن
في دفتيه عظيم عفو غامر***يُعطى الثواب و يُغدق الغفران.
و أسأل الله لي و لكم القبول و السداد، و الهدى و الرشاد، و الاستعداد ليوم المعاد، و أسأله-سبحانه-التوفيق للطاعات في شهر البركات، و أن يمنَّ علينا-جميعًا- بالقبول و رفع الدرجات، و محو الذنوب و الزلاّت، و أن يختم أعمالنا بالصالحات، و صلّى الله على نبيِّنا محمد و على آله و صحبه و سلّم.
منقول للفائدة