seifellah
2014-11-28, 12:44
المقدمة
الحمد لله الذي رفع راية التوحيد إلى يوم القيامة، والصلاة والسلام على إمام الموحدين، وقائد المتوكلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد:
فلما هُجِرَ التوحيد علمًا وتعلمًا وإرشادًا وتذكيرًا ضعف الإيمان وكثرت الشركيات، ومع التوسع في أمور الحياة إعلامًا وسفرًا واستقدامًا غشي كثير من المجتمعات جوانب مخلة بالتوحيد؛ استشرت وانتشرت حتى عمت وطمت. ومن أبرزها وأوضحها إتيان السحرة والكهان.
وبعد أن كانت الأمة موئلاً للتوحيد وملاذًا للإيمان غزت بعضها تيارات الشرك، وأناخت بركابها الشعوذة؛ فأمطرت سحبها وأزهر سوقها. ولا يزال سواد الأمة بخير ولله الحمد.
واستمرارًا لهذا الصفاء في العقيدة ونقائها، ومحاولة لردع جحافل الجهل والشرك؛ جمعت بعض أطراف من قصص تحكي واقعًا مؤلمًا، لعل فيها عظة وعبرة وتوبة وأوبة؛ فإنها متعلقة بسلامة دين المرء وعقيدته. وجملتها بفتاوى العلماء وبعض التنبيهات.
جعلنا الله من الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم.
كيف سُحِرَ النبي صلى الله عليه وسلم؟!
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق، يقال له: لبيد بن الأعصم. قالت: حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «عائشة! أشعرت أن الله أفتاني فيما أستفتيه فيه؟ جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجليَّ، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي، أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي: ما وجع الرجل؟ قال مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة. قال: وجب طلعه ذكر. قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان».
قالت: فأتاها رسول الله في أناس من أصحابه ثم قال: «يا عائشة! والله لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رءوس الشياطين».
قالت: فقلت: يا رسول الله أفلا أحرقته؟ قال: «لا. أما أنا فقد عافاني الله وكرهت أن أثير على الناس شرًا. فأمرت بها فدفنت» رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام النووي: خشي صلى الله عليه وسلم من إخراجه وإحراقه وإشاعته ضررًا على المسلمين من تذكر السحر أو تعلمه وشيوعه والحديث فيه أو إيذاء فاعله ونحو ذلك.
صاحب القلب الأسود
لا تزال النار تأكل قلبه والحقد ينخر كبده..
همه الأول ماذا لو قالوا؟! وأين ذهبوا؟! وماذا فعلوا؟!
أشعل فتيل الحسد، وأوقد نار الحقد. ساهر لذلك الليل، وكابد لأجله النهار.
يستمع إلى شاردة منهم ويتلقط كل واردة عنهم. لقد أمضى جزءًا من حياته في الترقب والترصد؛ فأشقاه تتبع أخبارهم، وأرهقه التجسس على حياتهم!!
وعندما طالت به الليالي وتقادمت به الأيام بدأ ينفث السم الزعاف من لسانه؛ غيبة ونميمة واستهزاء، ولكن ذلك كله لم يشف غليله ولم يرو ظمأه.
عندها كشر عن أنيابه ورأى أن السم لا يكفي وتلك الأفعال لا ترضي فنفسه خبيثة وخلقه شرير.
في ليلة مظلمة أوقد عليها نار الحسد وألقى ظلاله الحقد، قفز إلى ذهنه أمر كان يتردد فيه زمانًا ويخاف منه حينًا.
فهو فيما مضى يقدم ويؤخر، ويؤجل وينتظر، لعل ما فعل يروي نفسه ويقر قلبه.
لكنه اليوم رأى أن كل ما فعله دون ما يؤمل.
رفع صوته واستنشق الهواء بقوة، وكأنه انتصر.
نعم. سأفعل هذه الفكرة غدًا!!
بيد أنه توقف قليلاً وهو يحدث نفسه: والحساب والجزاء. وغدًا إذا وسدت في القبر كيف سأحمل الأوزار؟! وكيف سأتحمل العذاب؟ وكيف ألاقي الله عز وجل؟!
على عجل طرد تلك الخطرات وهو يحلم بنفحات السعادة -المزعومة- تملأ قلبه، ويمد نظره ليرى من يحقد عليه قد انتقم منه وشفى غليله!!
أركض عليه الشيطان بخيله ورجله وناداه: لقد صنعوا بك وفعلوا بك؛ مزقوا حياتك وأضاعوا عمرك.
بعد محاولات الشيطان المتتالية قرر.
لن أتراجع.. لن أتراجع!!
وأغمض عينيه حتى لا يرى نور الإيمان، وصك أسنانه بقوة أخرجت صوتًا كزئير الأسد المنتصر.
في الصباح المظلم، لم تكن الأمور تهدأ ولا نبضات قلبه تسكن؛ بدأ الحسد يأكل قلبه، والحقد الدفين يرسم دربه، وعندما فتح الباب متجهًا إلى الخارج، بدأت خطوات المزالق ودرجات المهالك تقوده إلى هناك؛ حيث يطفأ نور الإيمان!! عند ساحر أو ساحرة.
قال الفضيل بن عياض: والله ما يحل لك أن تؤذي كلبًا أو خنزيرًا بغير حق، فكيف تؤذي مسلمًا؟([1]).
قال الحسن: إن الرجل ليتعلق بالرجل يوم القيامة فيقول: بيني وبينك الله، فيقول: والله ما أعرفك، فيقول: أنت أخذت طينة من حائطي، وآخر يقول: أنت أخذت خيطًا من ثوبي!!
من أنواع وأقسام السحر([2])
سحر التفريق:
قال تعالى: }وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ{ [البقرة: 102].
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة؛ يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجئ أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت» قال الأعمش: أراه قال: «فيلتزمه» رواه مسلم.
ومن أسبابه: قال ابن كثير: «وسبب التفريق بين الزوجين بالسحر ما يخيل إلى الرجل أو المرأة من الآخر من سوء منظر أو خلق، أو نحو ذلك من الأسباب المقتضية للفرقة» اهـ.
أنواعه:
1- التفريق بين الرجل وأمه، وأبيه، وأخيه، وصديقه، وجاره.
2- التفريق بين الشريكين في التجارة أو غيرها.
3- وأخطر وأهم هذه الأنواع التفريق بين الرجل وزوجته.
أعراضه:
1- انقلاب الأحوال فجأة من حب إلى بغض وكثرة الشكوك بينهما.
2- تعظيم أسباب الخلاف وإن كانت حقيرة.
3- قلب صورة الرجل في عين زوجته، وقلب صورة الزوجة في عين زوجها؛ فالرجل يرى زوجته في منظر قبيح وكذلك العكس.
4- كراهية المسحور لكل عمل يقوم به الطرف الآخر، وكذلك المكان الذي يجلس فيه.
البحث عن الشقاء
كل يوم تشرق فيه الشمس ترسل مع أشعتها إلى ذلك المنزل الصغير فيضًا من حنان ودفئًا من محبة..
إنه منزل ترفرف فيه السعادة وتنثر عطرها، فلا تسمع إلا ضحكات الصغار تختلط مع أصوات الأب والأم. في حياة أسرية مستقرة تظللها أغصان وارفة من المحبة، وتحوطها رعاية الله عز وجل، ويوثقها رباط المودة والرحمة.
رب المنزل زوج عليه سيما الوقار، قارب الخمسين من عمره، محافظ على أداء الواجبات، حديثه كحبات المطر الجميلة، وجل وقته يقضيه في القراءة؛ ولذا فهو يحن إلى منزله ومكتبته وأطفاله وزوجته، يجد السكن والاستقرار في هذه الدوحة الأسرية الصغيرة.
وربة المنزل امرأة متعلمة، تدير أعمال منزلها بنجاح، وهي كما يردد زوجها دائمًا: قرة عين.
ويناديها بين حين وآخر بالفراشة لخفتها وسرعة حركتها. ومع مرور الأيام اشتدت نظرات الناس إليهم، وتوالت الأسئلة على الزوجة في كل مجلس: أين الخادمة؟ كيف تعيشين بدونها؟ ومن يخدمك؟! لقد كثر أبناؤك وكبر منزلك ولا بد أن تستريحي بعد هذا المشوار الطويل!!
كثرت الضغوط في مجتمع لا يعرف إلا الخادمة؛ إما حاجة أو فخرًا أو عادة!!
عندها بدأت الزوجة تفكر في استقدام خادمة، رغم عدم الحاجة الملحة لذلك، ولكن لا بد من مسايرة الركب!!
في البداية تردد الزوج، وعندما كثر الطرق من كل جانب وافق على مضض.
وأسر في أذن زوجته:
أيتها الحبيبة: سنفقد الكثير من حريتنا وراحتنا في هذا العش الجميل!!
مرت شهور من المراجعة والوعود حتى أقبلت الخادمة وفي الأيام الأولى همست في أذن الزوجة: هل تريدين أن يحبك زوجك؟!
قالت بتعجب: هو يحبني!!
تفرست الخادمة في وجه الزوجة ثم قالت لها بلغة عربية مكسرة: أخشى أن يفكر في زوجة ثانية!! فأنت شابة وجميلة وأخشى أن يتزوج بأخرى أصغر منك وأجمل!!
تعجبت الزوجة في استغباء ظاهر وتساءلت: كيف؟!
عندها أجابت الخادمة في خبث: الأمر عندي، انتظري.
ثم نهضت الخادمة مسرعة إلى غرفتها في أعلى المنزل. وفي تلك اللحظات التفتت صاحبة المنزل يمنة ويسرة، ثم همهمت وهي تحدث نفسها وتبرر فعلها:
الحمد لله، لم أذهب لساحر ولا لساحرة. هذه خادمتي وتخدمني في كل شيء.
شهور طويلة مرت. ولم يتزوج الرجل، ولكنه أصبح منهك الجسم، خائر القوى، مشتت التفكير.
وتحول البيت الجميل إلى ساحة أحزان وأطلال سعادة وبقايا إيمان!! ولم يأت وقت الحساب بعد.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهو يعدد نواقض الإسلام:
السابع: السحر، ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر.
والدليل قوله تعالى: }وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ{ [البقرة: 102].
حكم من يرى أن السحر لا يضر
ما دام أنه لم يسبب شيئًا من المشاكل
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز:
ما رأي سماحتكم في رجل استعمل الرقية، ولم ير أنها تنفعه فتحول إلى السحر، ويقول: إنه لا يضر ما دام أنه لا يسبب شيئًا من المشاكل؟
فأجاب: السحر منكر وكفر، وإذا كان المريض لم يشف بالقراءة فالطب أيضًا لا يلزم منه الشفاء؛ لأنه ليس كل علاج ينفع ويحصل به المقصود، فقد يؤجل الله الشفاء إلى مدة طويلة، وقد يموت الإنسان بهذا المرض، وليس من شرط العلاج أن يشفى الإنسان، وليس ذلك بعذر إذا عالج عند إنسان بالقراءة ولم يظهر له الشفاء أن يتوجه إلى السحرة؛ لأن المكلف مأمون بتعاطي الأسباب الشرعية والمباحة، وممنوع من تعاطي الأسباب المحرمة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عباد الله، تداووا، ولا تداووا بحرام» وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم».
فالأمور كلها بيد الله سبحانه، فهو الذي يشفي من يشاء، ويقدر الموت والمرض على من يشاء، كما قال سبحانه: }وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{ [الأنعام: 17].
وقال تعالى: }وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ{ [يونس: 107].
فعلى المسلم الصبر والاحتساب، والتقيد بما أباح الله له من الأسباب، والحذر مما حرم الله عليه، مع الإيمان بأن قدر الله نافذ، وأمره سبحانه لا راد له، كما قال عز وجل: }إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ{ [يس: 82]. وقال سبحانه: }وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ{ [التكوير: 29]. والآيات في هذا المعنى كثيرة.
صرخة الشرك
كهبات نسيم عليلة مرت السنوات الأولى لزواجها سريعة جميلة ملؤها المحبة والوفاق، ولكنها بدأت تتثاقل الأيام بعد مرور خمس سنوات طويلة؛ أقبلت فيها سحب الحزن تتوالى على قلبها.
وفي يوم تفرح فيه كل زوجة، نالها من الغم والحزن الشيء الكثير؛ فها هي تنتقل من شقتها الصغيرة إلى منزل رحب واسع؛ فيه حديقة جميلة، ومسبح تحفه أنواع الزهور والورود، وغرف مؤثثة بأجمل الأثاث، وصالات انتظار تحفها الأشجار.
ولكن هذا المنزل الجميل ينقصه نبض الحياة. نعم، تنقصه صرخات الأطفال وعبثهم وضحكاتهم!!
ومع مرور الأيام تحولت النظرات إلى استفهام وسؤال!! وكأنها سهام تمزق قلبها وتكدر عيشها!!
المنزل واسع والحديقة جميلة. ربما يتزوج الثانية، فهذا من حقه وهو يبحث عن الأبناء.
هبَّ الشيطان ينفخ في قلبها ليل نهار: سوف يتزوج, ستُحرمين محبته. المنزل يتسع لاثنتين, بل ولثلاث نساء وأربع.
ووجد الشيطان مدخلاً وطريقاً إلى قلبها!!
بدأت دوامة من الأفكار تتجول في رأسها؛ خطرات مرت ثم استقرت في فكرها فأشغلته, وفي قلبها فأضرمته؛ خوفٌ وغيرةٌ.
فتح لها ضعف الإيمان بابه, وسقتها حبائل الشيطان حتى استوت على عُودها.
حيناً تسرق النظر إلى زوجها؛ تتلمح فكره ونظرات عينه وسقطات لسانه, لكنها لا تجد إلا الطمأنينة والأمان. لم ينبت ببنت شفة, ولم يذكر الأطفال, ولم يسألها عن صراخهم.
ولكنه إذا غاب عن المنزل تحولت إلى تلك الأفكار التي تُقلبها يمنةً ويسرةً.
وعندما طال بها المقام أرادت أن تضع حداً لهذه الهواجس التي أرَّقت مضجعها وكدرت عيشها.
قررت أن تذهب لمن يرى سبب عقمها ولماذا لم تنجب!! ولماذا تأخرت كثيراً عن الحمل؟!
تساءلت: كم مرة ذهبتُ إلى طبيب بل إلى كبار الأطباء؟! وكم مرة ذهبتُ إلى مستشفيات في الداخل والخارج ولم أجد علاجاً؟! فالعقم مني!!
تراجعتْ قليلاً؛ لماذا لا أرضى بهذا وأستعين بالله على مصيبتي؛ وأصبر وأحتسب حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
ولكن الشيطان لم يدعها توقد روح الإيمان في قلبها. بل أسرع إليها: هيا, لا تترددي.
* كانحدار السيل من أعالي الجبال أزاحت نزغات الشيطان بقايا صخور الإيمان لتلقيها جانباً, ويعبر الشيطان إلى قلبها. وتستشيره: إلى أين أذهب؟!
قال لها: اذهبي إلى من يعرف ما بك؛ ربما أنك مسحورة أو محسودة أو .. أو ..!!
هذه فلانة وهذه فلانة.. وبدأ يُذكرها بمن تأخرن في الإنجاب ثم أنجبن!!
خطت أقدامها كما ادعى الشيطان إلى "من يعرف علتها" وفي قلبها من عمله شيء. ولكن استوحشها الشيطان وألقى إليها برداء الكفر فأمسكت به.
سألها وأجابت: ما اسم أمكِ وأمه؟! وطلب منها أن تأتي بكذا وكذا !!
دخلت تحت لواء المشعوذين الذي يرفع رايته الشيطان بعمله وكفره!!
مرت شهور طويلة أعقبتها سنوات لم تنجب فيها ولم تحافظ على إيمانها.
وكان السيل يسوقها إلى المنحدر, وتبقى علامات التوبة تظهر لها بين الحين والآخر!!
****
* قال أبو عياش القطان: كانت امرأة بالبصرة مُتعبدة يقال لها منيبة, وكانت لها ابنة أشد عبادة منها, فكان الحسن ربما رآها وتعجب من عبادتها على حداثتها.
فبينما الحسن ذات يوم جالس إذ أتاه آتٍ فقال: أما علمت أن الجارية قد نزل بها الموت؟ فوثب الحسن فدخل عليها, فلما نظرت الجارية إليه بكت.
فقال لها: يا حبيبتي ما يبكيكِ؟
قالت له: يا أبا سعيد! التراب يُحثى على شبابي ولم أشبع من طاعة ربي, يا أبا سعيد! انظر إلى والدتي وهى تقول لوالدي: احفر لابنتي قبراً واسعاً وكفنها بكفن حسن, والله لو كنت أُجهز إلى مكة لطال بكائي, كيف وأنا أُجهز إلى ظلمة القبور ووحشتها وبيت الظُلمة والدود؟!([3]).
****
* قال يحيى بن معاذ: مسكين ابن آدم لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة.
من أنواع وأقسام السحر([4])
سحر المحبة (التولة):
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرُقى والتمائم والتولة شرك" رواه أحمد وأبوداود وابن ماجه.
أعراضه:
1- الشغف الشديد والمحبة الزائدتان وعدم الصبر عنها.
2- الرغبة الشديدة في كثرة الجماع.
3- التلهف الشديد لرؤيتها وطاعتها طاعة عمياء في كل شيء.
أسبابه:
1- نشوب الخلافات بين الزوجين.
2- طمع المرأة في حب زوجها المفرط خاصة إن كانت لها ضرائر.
3- طمع المرأة في مال زوجها خاصة إن كان غنياً.
4- خوف المرأة من أن يتزوج عليها زوجها.
كيفية حدوثه:
تذهب المرأة إلى الساحر ليضع لها سحراً تأسر به زوجها (وهذا دليل على ضعف إيمانها وقلة دينها) فيطلب منها الساحر أثراً لزوجها (ثوباً, أو منديلاً, أو قلنسوة) بشرط ألا يكون جديداً, وأن يكون حاملاً لعرقه, فيأخذ منه الخيوط وينفث عليها ويعقد, ثم يأمرها أن تدفنها في مكان مهجور؛ أو يصنع لها سحراً يوضع في الماء أو الطعام. وأخبث هذا السحر وأشده ضرراً ما يسمى بالسحر الأسود؛ وهو الذي يوضع بالنجاسات أو دم الحيض والنفاس.
النتيجة:
ينقلب في أغلب الأحيان سحر المحبة إلى سحر البغض؛ فيكره الرجل كل النساء حتى زوجته, ويصل أحياناً إلى الطلاق, أو يمرض الزوج بسبب هذا السحر لأنه قد يكون من النجاسات, أو يبغض الرجل كل النساء حتى أمه وأخواته وعماته وخالاته وجميع النساء من ذوي رحمه.
[/URL]([1]) سير أعلام النبلاء: (8/427).
(http://jewelamel.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=302#_ftnref1)([2]) من كتاب الصارم البتار، للشيخ وحيد بالي.
([3]) صفة الصفوة 4/29.
[URL="http://jewelamel.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=302#_ftnref4"] (http://jewelamel.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=302#_ftnref3)([4]) من كتاب الصارم البتار.
الحمد لله الذي رفع راية التوحيد إلى يوم القيامة، والصلاة والسلام على إمام الموحدين، وقائد المتوكلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد:
فلما هُجِرَ التوحيد علمًا وتعلمًا وإرشادًا وتذكيرًا ضعف الإيمان وكثرت الشركيات، ومع التوسع في أمور الحياة إعلامًا وسفرًا واستقدامًا غشي كثير من المجتمعات جوانب مخلة بالتوحيد؛ استشرت وانتشرت حتى عمت وطمت. ومن أبرزها وأوضحها إتيان السحرة والكهان.
وبعد أن كانت الأمة موئلاً للتوحيد وملاذًا للإيمان غزت بعضها تيارات الشرك، وأناخت بركابها الشعوذة؛ فأمطرت سحبها وأزهر سوقها. ولا يزال سواد الأمة بخير ولله الحمد.
واستمرارًا لهذا الصفاء في العقيدة ونقائها، ومحاولة لردع جحافل الجهل والشرك؛ جمعت بعض أطراف من قصص تحكي واقعًا مؤلمًا، لعل فيها عظة وعبرة وتوبة وأوبة؛ فإنها متعلقة بسلامة دين المرء وعقيدته. وجملتها بفتاوى العلماء وبعض التنبيهات.
جعلنا الله من الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم.
كيف سُحِرَ النبي صلى الله عليه وسلم؟!
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق، يقال له: لبيد بن الأعصم. قالت: حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «عائشة! أشعرت أن الله أفتاني فيما أستفتيه فيه؟ جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجليَّ، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي، أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي: ما وجع الرجل؟ قال مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة. قال: وجب طلعه ذكر. قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان».
قالت: فأتاها رسول الله في أناس من أصحابه ثم قال: «يا عائشة! والله لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رءوس الشياطين».
قالت: فقلت: يا رسول الله أفلا أحرقته؟ قال: «لا. أما أنا فقد عافاني الله وكرهت أن أثير على الناس شرًا. فأمرت بها فدفنت» رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام النووي: خشي صلى الله عليه وسلم من إخراجه وإحراقه وإشاعته ضررًا على المسلمين من تذكر السحر أو تعلمه وشيوعه والحديث فيه أو إيذاء فاعله ونحو ذلك.
صاحب القلب الأسود
لا تزال النار تأكل قلبه والحقد ينخر كبده..
همه الأول ماذا لو قالوا؟! وأين ذهبوا؟! وماذا فعلوا؟!
أشعل فتيل الحسد، وأوقد نار الحقد. ساهر لذلك الليل، وكابد لأجله النهار.
يستمع إلى شاردة منهم ويتلقط كل واردة عنهم. لقد أمضى جزءًا من حياته في الترقب والترصد؛ فأشقاه تتبع أخبارهم، وأرهقه التجسس على حياتهم!!
وعندما طالت به الليالي وتقادمت به الأيام بدأ ينفث السم الزعاف من لسانه؛ غيبة ونميمة واستهزاء، ولكن ذلك كله لم يشف غليله ولم يرو ظمأه.
عندها كشر عن أنيابه ورأى أن السم لا يكفي وتلك الأفعال لا ترضي فنفسه خبيثة وخلقه شرير.
في ليلة مظلمة أوقد عليها نار الحسد وألقى ظلاله الحقد، قفز إلى ذهنه أمر كان يتردد فيه زمانًا ويخاف منه حينًا.
فهو فيما مضى يقدم ويؤخر، ويؤجل وينتظر، لعل ما فعل يروي نفسه ويقر قلبه.
لكنه اليوم رأى أن كل ما فعله دون ما يؤمل.
رفع صوته واستنشق الهواء بقوة، وكأنه انتصر.
نعم. سأفعل هذه الفكرة غدًا!!
بيد أنه توقف قليلاً وهو يحدث نفسه: والحساب والجزاء. وغدًا إذا وسدت في القبر كيف سأحمل الأوزار؟! وكيف سأتحمل العذاب؟ وكيف ألاقي الله عز وجل؟!
على عجل طرد تلك الخطرات وهو يحلم بنفحات السعادة -المزعومة- تملأ قلبه، ويمد نظره ليرى من يحقد عليه قد انتقم منه وشفى غليله!!
أركض عليه الشيطان بخيله ورجله وناداه: لقد صنعوا بك وفعلوا بك؛ مزقوا حياتك وأضاعوا عمرك.
بعد محاولات الشيطان المتتالية قرر.
لن أتراجع.. لن أتراجع!!
وأغمض عينيه حتى لا يرى نور الإيمان، وصك أسنانه بقوة أخرجت صوتًا كزئير الأسد المنتصر.
في الصباح المظلم، لم تكن الأمور تهدأ ولا نبضات قلبه تسكن؛ بدأ الحسد يأكل قلبه، والحقد الدفين يرسم دربه، وعندما فتح الباب متجهًا إلى الخارج، بدأت خطوات المزالق ودرجات المهالك تقوده إلى هناك؛ حيث يطفأ نور الإيمان!! عند ساحر أو ساحرة.
قال الفضيل بن عياض: والله ما يحل لك أن تؤذي كلبًا أو خنزيرًا بغير حق، فكيف تؤذي مسلمًا؟([1]).
قال الحسن: إن الرجل ليتعلق بالرجل يوم القيامة فيقول: بيني وبينك الله، فيقول: والله ما أعرفك، فيقول: أنت أخذت طينة من حائطي، وآخر يقول: أنت أخذت خيطًا من ثوبي!!
من أنواع وأقسام السحر([2])
سحر التفريق:
قال تعالى: }وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ{ [البقرة: 102].
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة؛ يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجئ أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت» قال الأعمش: أراه قال: «فيلتزمه» رواه مسلم.
ومن أسبابه: قال ابن كثير: «وسبب التفريق بين الزوجين بالسحر ما يخيل إلى الرجل أو المرأة من الآخر من سوء منظر أو خلق، أو نحو ذلك من الأسباب المقتضية للفرقة» اهـ.
أنواعه:
1- التفريق بين الرجل وأمه، وأبيه، وأخيه، وصديقه، وجاره.
2- التفريق بين الشريكين في التجارة أو غيرها.
3- وأخطر وأهم هذه الأنواع التفريق بين الرجل وزوجته.
أعراضه:
1- انقلاب الأحوال فجأة من حب إلى بغض وكثرة الشكوك بينهما.
2- تعظيم أسباب الخلاف وإن كانت حقيرة.
3- قلب صورة الرجل في عين زوجته، وقلب صورة الزوجة في عين زوجها؛ فالرجل يرى زوجته في منظر قبيح وكذلك العكس.
4- كراهية المسحور لكل عمل يقوم به الطرف الآخر، وكذلك المكان الذي يجلس فيه.
البحث عن الشقاء
كل يوم تشرق فيه الشمس ترسل مع أشعتها إلى ذلك المنزل الصغير فيضًا من حنان ودفئًا من محبة..
إنه منزل ترفرف فيه السعادة وتنثر عطرها، فلا تسمع إلا ضحكات الصغار تختلط مع أصوات الأب والأم. في حياة أسرية مستقرة تظللها أغصان وارفة من المحبة، وتحوطها رعاية الله عز وجل، ويوثقها رباط المودة والرحمة.
رب المنزل زوج عليه سيما الوقار، قارب الخمسين من عمره، محافظ على أداء الواجبات، حديثه كحبات المطر الجميلة، وجل وقته يقضيه في القراءة؛ ولذا فهو يحن إلى منزله ومكتبته وأطفاله وزوجته، يجد السكن والاستقرار في هذه الدوحة الأسرية الصغيرة.
وربة المنزل امرأة متعلمة، تدير أعمال منزلها بنجاح، وهي كما يردد زوجها دائمًا: قرة عين.
ويناديها بين حين وآخر بالفراشة لخفتها وسرعة حركتها. ومع مرور الأيام اشتدت نظرات الناس إليهم، وتوالت الأسئلة على الزوجة في كل مجلس: أين الخادمة؟ كيف تعيشين بدونها؟ ومن يخدمك؟! لقد كثر أبناؤك وكبر منزلك ولا بد أن تستريحي بعد هذا المشوار الطويل!!
كثرت الضغوط في مجتمع لا يعرف إلا الخادمة؛ إما حاجة أو فخرًا أو عادة!!
عندها بدأت الزوجة تفكر في استقدام خادمة، رغم عدم الحاجة الملحة لذلك، ولكن لا بد من مسايرة الركب!!
في البداية تردد الزوج، وعندما كثر الطرق من كل جانب وافق على مضض.
وأسر في أذن زوجته:
أيتها الحبيبة: سنفقد الكثير من حريتنا وراحتنا في هذا العش الجميل!!
مرت شهور من المراجعة والوعود حتى أقبلت الخادمة وفي الأيام الأولى همست في أذن الزوجة: هل تريدين أن يحبك زوجك؟!
قالت بتعجب: هو يحبني!!
تفرست الخادمة في وجه الزوجة ثم قالت لها بلغة عربية مكسرة: أخشى أن يفكر في زوجة ثانية!! فأنت شابة وجميلة وأخشى أن يتزوج بأخرى أصغر منك وأجمل!!
تعجبت الزوجة في استغباء ظاهر وتساءلت: كيف؟!
عندها أجابت الخادمة في خبث: الأمر عندي، انتظري.
ثم نهضت الخادمة مسرعة إلى غرفتها في أعلى المنزل. وفي تلك اللحظات التفتت صاحبة المنزل يمنة ويسرة، ثم همهمت وهي تحدث نفسها وتبرر فعلها:
الحمد لله، لم أذهب لساحر ولا لساحرة. هذه خادمتي وتخدمني في كل شيء.
شهور طويلة مرت. ولم يتزوج الرجل، ولكنه أصبح منهك الجسم، خائر القوى، مشتت التفكير.
وتحول البيت الجميل إلى ساحة أحزان وأطلال سعادة وبقايا إيمان!! ولم يأت وقت الحساب بعد.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهو يعدد نواقض الإسلام:
السابع: السحر، ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضي به كفر.
والدليل قوله تعالى: }وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ{ [البقرة: 102].
حكم من يرى أن السحر لا يضر
ما دام أنه لم يسبب شيئًا من المشاكل
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز:
ما رأي سماحتكم في رجل استعمل الرقية، ولم ير أنها تنفعه فتحول إلى السحر، ويقول: إنه لا يضر ما دام أنه لا يسبب شيئًا من المشاكل؟
فأجاب: السحر منكر وكفر، وإذا كان المريض لم يشف بالقراءة فالطب أيضًا لا يلزم منه الشفاء؛ لأنه ليس كل علاج ينفع ويحصل به المقصود، فقد يؤجل الله الشفاء إلى مدة طويلة، وقد يموت الإنسان بهذا المرض، وليس من شرط العلاج أن يشفى الإنسان، وليس ذلك بعذر إذا عالج عند إنسان بالقراءة ولم يظهر له الشفاء أن يتوجه إلى السحرة؛ لأن المكلف مأمون بتعاطي الأسباب الشرعية والمباحة، وممنوع من تعاطي الأسباب المحرمة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عباد الله، تداووا، ولا تداووا بحرام» وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم».
فالأمور كلها بيد الله سبحانه، فهو الذي يشفي من يشاء، ويقدر الموت والمرض على من يشاء، كما قال سبحانه: }وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{ [الأنعام: 17].
وقال تعالى: }وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ{ [يونس: 107].
فعلى المسلم الصبر والاحتساب، والتقيد بما أباح الله له من الأسباب، والحذر مما حرم الله عليه، مع الإيمان بأن قدر الله نافذ، وأمره سبحانه لا راد له، كما قال عز وجل: }إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ{ [يس: 82]. وقال سبحانه: }وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ{ [التكوير: 29]. والآيات في هذا المعنى كثيرة.
صرخة الشرك
كهبات نسيم عليلة مرت السنوات الأولى لزواجها سريعة جميلة ملؤها المحبة والوفاق، ولكنها بدأت تتثاقل الأيام بعد مرور خمس سنوات طويلة؛ أقبلت فيها سحب الحزن تتوالى على قلبها.
وفي يوم تفرح فيه كل زوجة، نالها من الغم والحزن الشيء الكثير؛ فها هي تنتقل من شقتها الصغيرة إلى منزل رحب واسع؛ فيه حديقة جميلة، ومسبح تحفه أنواع الزهور والورود، وغرف مؤثثة بأجمل الأثاث، وصالات انتظار تحفها الأشجار.
ولكن هذا المنزل الجميل ينقصه نبض الحياة. نعم، تنقصه صرخات الأطفال وعبثهم وضحكاتهم!!
ومع مرور الأيام تحولت النظرات إلى استفهام وسؤال!! وكأنها سهام تمزق قلبها وتكدر عيشها!!
المنزل واسع والحديقة جميلة. ربما يتزوج الثانية، فهذا من حقه وهو يبحث عن الأبناء.
هبَّ الشيطان ينفخ في قلبها ليل نهار: سوف يتزوج, ستُحرمين محبته. المنزل يتسع لاثنتين, بل ولثلاث نساء وأربع.
ووجد الشيطان مدخلاً وطريقاً إلى قلبها!!
بدأت دوامة من الأفكار تتجول في رأسها؛ خطرات مرت ثم استقرت في فكرها فأشغلته, وفي قلبها فأضرمته؛ خوفٌ وغيرةٌ.
فتح لها ضعف الإيمان بابه, وسقتها حبائل الشيطان حتى استوت على عُودها.
حيناً تسرق النظر إلى زوجها؛ تتلمح فكره ونظرات عينه وسقطات لسانه, لكنها لا تجد إلا الطمأنينة والأمان. لم ينبت ببنت شفة, ولم يذكر الأطفال, ولم يسألها عن صراخهم.
ولكنه إذا غاب عن المنزل تحولت إلى تلك الأفكار التي تُقلبها يمنةً ويسرةً.
وعندما طال بها المقام أرادت أن تضع حداً لهذه الهواجس التي أرَّقت مضجعها وكدرت عيشها.
قررت أن تذهب لمن يرى سبب عقمها ولماذا لم تنجب!! ولماذا تأخرت كثيراً عن الحمل؟!
تساءلت: كم مرة ذهبتُ إلى طبيب بل إلى كبار الأطباء؟! وكم مرة ذهبتُ إلى مستشفيات في الداخل والخارج ولم أجد علاجاً؟! فالعقم مني!!
تراجعتْ قليلاً؛ لماذا لا أرضى بهذا وأستعين بالله على مصيبتي؛ وأصبر وأحتسب حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
ولكن الشيطان لم يدعها توقد روح الإيمان في قلبها. بل أسرع إليها: هيا, لا تترددي.
* كانحدار السيل من أعالي الجبال أزاحت نزغات الشيطان بقايا صخور الإيمان لتلقيها جانباً, ويعبر الشيطان إلى قلبها. وتستشيره: إلى أين أذهب؟!
قال لها: اذهبي إلى من يعرف ما بك؛ ربما أنك مسحورة أو محسودة أو .. أو ..!!
هذه فلانة وهذه فلانة.. وبدأ يُذكرها بمن تأخرن في الإنجاب ثم أنجبن!!
خطت أقدامها كما ادعى الشيطان إلى "من يعرف علتها" وفي قلبها من عمله شيء. ولكن استوحشها الشيطان وألقى إليها برداء الكفر فأمسكت به.
سألها وأجابت: ما اسم أمكِ وأمه؟! وطلب منها أن تأتي بكذا وكذا !!
دخلت تحت لواء المشعوذين الذي يرفع رايته الشيطان بعمله وكفره!!
مرت شهور طويلة أعقبتها سنوات لم تنجب فيها ولم تحافظ على إيمانها.
وكان السيل يسوقها إلى المنحدر, وتبقى علامات التوبة تظهر لها بين الحين والآخر!!
****
* قال أبو عياش القطان: كانت امرأة بالبصرة مُتعبدة يقال لها منيبة, وكانت لها ابنة أشد عبادة منها, فكان الحسن ربما رآها وتعجب من عبادتها على حداثتها.
فبينما الحسن ذات يوم جالس إذ أتاه آتٍ فقال: أما علمت أن الجارية قد نزل بها الموت؟ فوثب الحسن فدخل عليها, فلما نظرت الجارية إليه بكت.
فقال لها: يا حبيبتي ما يبكيكِ؟
قالت له: يا أبا سعيد! التراب يُحثى على شبابي ولم أشبع من طاعة ربي, يا أبا سعيد! انظر إلى والدتي وهى تقول لوالدي: احفر لابنتي قبراً واسعاً وكفنها بكفن حسن, والله لو كنت أُجهز إلى مكة لطال بكائي, كيف وأنا أُجهز إلى ظلمة القبور ووحشتها وبيت الظُلمة والدود؟!([3]).
****
* قال يحيى بن معاذ: مسكين ابن آدم لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة.
من أنواع وأقسام السحر([4])
سحر المحبة (التولة):
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرُقى والتمائم والتولة شرك" رواه أحمد وأبوداود وابن ماجه.
أعراضه:
1- الشغف الشديد والمحبة الزائدتان وعدم الصبر عنها.
2- الرغبة الشديدة في كثرة الجماع.
3- التلهف الشديد لرؤيتها وطاعتها طاعة عمياء في كل شيء.
أسبابه:
1- نشوب الخلافات بين الزوجين.
2- طمع المرأة في حب زوجها المفرط خاصة إن كانت لها ضرائر.
3- طمع المرأة في مال زوجها خاصة إن كان غنياً.
4- خوف المرأة من أن يتزوج عليها زوجها.
كيفية حدوثه:
تذهب المرأة إلى الساحر ليضع لها سحراً تأسر به زوجها (وهذا دليل على ضعف إيمانها وقلة دينها) فيطلب منها الساحر أثراً لزوجها (ثوباً, أو منديلاً, أو قلنسوة) بشرط ألا يكون جديداً, وأن يكون حاملاً لعرقه, فيأخذ منه الخيوط وينفث عليها ويعقد, ثم يأمرها أن تدفنها في مكان مهجور؛ أو يصنع لها سحراً يوضع في الماء أو الطعام. وأخبث هذا السحر وأشده ضرراً ما يسمى بالسحر الأسود؛ وهو الذي يوضع بالنجاسات أو دم الحيض والنفاس.
النتيجة:
ينقلب في أغلب الأحيان سحر المحبة إلى سحر البغض؛ فيكره الرجل كل النساء حتى زوجته, ويصل أحياناً إلى الطلاق, أو يمرض الزوج بسبب هذا السحر لأنه قد يكون من النجاسات, أو يبغض الرجل كل النساء حتى أمه وأخواته وعماته وخالاته وجميع النساء من ذوي رحمه.
[/URL]([1]) سير أعلام النبلاء: (8/427).
(http://jewelamel.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=302#_ftnref1)([2]) من كتاب الصارم البتار، للشيخ وحيد بالي.
([3]) صفة الصفوة 4/29.
[URL="http://jewelamel.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=302#_ftnref4"] (http://jewelamel.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=302#_ftnref3)([4]) من كتاب الصارم البتار.