تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب انحطاط الهمم وارتقائها


حسناء العابدة
2009-08-15, 15:19
أسباب انحطاط الهمم وارتقائها

فصل : أسباب انحطاط الهمم :

1. الوهن : وهو كما فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم ( حب الدنيا وكراهية الموت ) ،
أما حب الدنيا فرأس كل خطيئة ، وهو أصل التثاقل إلى الأرض وسبب الإنغماس في الترف ، وقد مرّ بشر الحافي على بئر فقال له صاحبه : أنا عطشان ، فقال : البئر الاخرى ، فمرّ عليها فقال له : الأخرى ، ثم قال : كذا تُقطع الدنيا .
أما كراهية الموت فثمرة حب الدنيا والحرص على متاعها ، مع تخريبه الآخرة ، فيكره أن ينتقل من العمران إلى الخراب .
حب السلامة يثني عزم صاحبه *** عن المعالي ويغري المرء بالكسل

2. الفتور : عن عبدالله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن لكل عمل شرة ، ولكل شرة فترة ، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أهتدى ، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك )
والشره : نشاط وقوة ، والفترة : ضعف وفتور .

لكلٍ إلى شأوِ العلا حركات *** ولكن عزيز في الرجال ثبات

3. إهدار الوقت الثمين : أي في الزيارات والسمر وفضول المباحات ، قال ص : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة و الفراغ )

والوقت أنفس ما عنيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيع

قال الفضيل بن عياض ( أعرف من يعد كلامه من الجمعة إلى الجمعة ) ،وقال بعض السلف إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب ) ، وكان عثمان الباقلاني دائم الذكر لله فقال إني وقت الإفطار أُحس بروحي كأنها تخرج لأجل اشتغالي بالأكل عن الذكر )

4. العجز والكسل : وهما اللذان اكثر الرسول صلى الله عليه وسلم من التعوذ منها ، وقد يعذر العاجز لعدم قدرته ، بخلاف الكسول الذي يتثاقل مع قدرته ، قال تعالى : ( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين )
وقد ترى الرجل موهوباً ونابغة فيأتي الكسل فيخذل همته ويمحق موهبته ويشل طاقته .

5. الغفلة : قال عمر رضي الله عنه: ( الراحة للرجال غفلة ) ، وسئل ابن الجوزي : أيجوز أن أُفسح لنفسي في مباح الملاهي . . ؟ فقال : ( عند نفسك من الغفلة ما يكفيها ) ،

6. التسويف والتمني : وهما صفة بليد الحس ، عديم المبالاة ، الذي كلما همت نفسه بخير إما يعيقها ( بسوف ) حتى يفجأه الموت فيقول : ( ربي لولا أخرتني إلى أجل قريب ) ، وإما يركب بها بحر التمني وهو بحر لا ساحل له ، يدمن ركوبه مفاليس العالم ، كما قيل :

إذا تمنيت بتّ الليل مغتبطاً *** إن المنى رأس مال المفاليس

والمنى هي بضاعة كل نفس مهينة خسيسة سفلية ، ليس لها همة تنال بها الحقائق بل اعتاضت بالأماني الدنيّة ، وقد قال المتنبي منزهاً نفسه عن الاستغراق في الأحلام ، مبيناً كيف ألف الحقائق واعتاد ركوب الأخطار :

وما كنت ممن أدرك الملك بالمنى *** ولكـن بأيامٍ أشـبن النـواصيـا
لبست لها كدر العجـاج كأنما *** ترى غير صافياً أن ترى الجو صافيا


7. مرافقة سافل الهمة من طلاب الدنيا : الذي كلما هممت بالنهوض جذبك إليها، وغرك قائلاً : ( عليك نوم طويل فرقد ) فحذارِ من مجالسة المثبطين من أهل التبطل والتعطل واللهو والعبث ، “ فإن طبعك يسرق منهم وأنت لا تدري ، ومن المشاهد أن الماء والهواء يفسدان بمجاورة الجيف ، فما ظنك بالنفوس البشرية “
ولا تجلس إلى أهل الدنيا فإن خلائق السفهاء تعدي

8. العشق : لأن صاحبه يحصر همته في حصول معشوقه ، فيلهيه عن حب الله ورسوله ( وبئس للظالمين بدلا ) ، إن عالي الهمة لا يستأسر للعشق الذي يمنع القرار ويسلب المنام ويحدث الجنون ، فكم من عاشق أتلف في معشوقه ماله ونفسه ودينه ودنياه .

9. الإنحراف في فهم العقيدة : لا سيما مسألة القضاء والقدر وعدم تحقيق التوكل على الله عزوجل .

10. الفناء في ملاحظة حقوق الأهل والأولاد : واستغراق الجهد في التوسع في تحقيق مطالبهم ،نظراً لقوله صلى الله عيه وسلم وإن لأهلك عليك حقا ) مع الغفلة عن قوله صلى الله عيه وسلم : ( وإن لربك عليك حقا ) ، وقد عدَّ القرآن الأهل والأولاد أعداءً للمؤمن إذا حالوا بينه وبين الطاعة .

11. المناهج التربوية والتعليمية الهدّامة : التي تثبط الهمم وتخنق المواهب وتكبت الطاقات وتنشئ الخنوع ، وأخطرها وأضرها المناهج التي ارتضت العلمانية ديناً ، فراحت تسمم آبار المعرفة التي يستقي منها شباب المسلمين ، لتخرّج أجيالاً مقطوعة الصلة بالله ، تبتغي العزة في التمسح على أعتاب الغرب ، وتأنف الإنتساب إلى الإسلام .

12. توالي الضربات وازدياد اضطهاد المسلمين : مما ينتج الشعور بالإحباط في نفوس الذين لا يفقهون حقيقة البلاء وسنن الله عز وجل في خلقه ، وقد كان رسول الله ص يعزّي أصحابه المضطهدين في مكة بتبشيرهم بأن المستقبل للإسلام والعاقبة للمتقين ،

أخي ستبيد جيوش الظلام *** ويشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك اشـراقها *** تـرَ الفجر يرمقنا من بعيد



• فصل : أسباب ارتقاء الهمم :

1. العلم والبصيرة : فالعلم يصعد بالهمة ، ويرفع طالبه عن حضيض التقليد ويصفّي النية ، والعلم يورث صاحبه الفقه بمراتب الأعمال ، فيتّقي فضول المباحات التي تشغله عن التعبد ، كفضول الأكل والنوم والكلام .

2. إرادة الآخرة وجعل الهموم هماً واحداً : قال تعالى : ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ) ، وقال صلى الله عليه وسلم: ( من كانت همه الآخرة ، جمع الله شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت همه الدنيا ، فرق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم تأته الدنيا إلا ما كتب الله له ) .

3. كثرة ذكر الموت : لأنه يدفع إلى العمل للآخرة والتجافي عن دار الغرور ، ومحاسبة النفس وتجديد التوبة ، وإيقاظ العزم على الإستقامة ، قال الدقاق : ( ومن أكثر ذكر الموت أُكرم بثلاث تعجيل التوبة ، وقناعة القلب ، ونشاط العبادة ) ،

مازال يلهج بالرحيل وذكره *** حتى أناخ ببابه الحمّال
فأصابه مستيقظاً متشمراً *** ذا أهبة لم تلهه الآمال


4. المبادرة والمداومة في كل الظروف : قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) فكبير الهمة يبادر ويبادئ في أقسى الظروف حمايةً لهمته من أن تهمد ووقاية لها من أن تضمر .

5. الدعاء : لأنه سنة الأنبياء وجالب كل خير ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( أعجز الناس من عجز عن الدعاء ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا تمنى أحدكم فليكثر ، فإنما يسأل ربه ) ،

إذا لم يكن من الله عون للفتى *** فأول مايجني عليه اجتهاده

6. الاجتهاد في حصر الذهن : وتركيز الفكر في معالي الأمور ، ولنا في ائمة السلف والخلف الأسوة في ذلك ، قال الحسن : ( نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ) ، وكان الخليل بن أحمد يخرج من منزله فلا يشعر إلا وهو في الصحراء ، فهو يعمل الشعر فلا يشعر بنفسه ، ويقول وليم مارتن ( والعقل الإنساني يصبح أداة مدهشة الكفاءة إذا رُكز تركيزاً قوياً حاداً . . . وهذه القدرة تكتسب بالمران ، والمران يتطلب الصبر ، فالإنتقال من الشرود إلى حصر الذهن ثمرة جهد ملح )

7. التحول عن البيئة المثبطة : إن للبيئة المحيطة بالإنسان أثراً جسيماً لا يخفى ، فإذا كانت البيئة مثبطة داعية إلى الكسل والخمول وإيثار الدون ، فإن على المرء هجرها إلى حيث تعلو همته ، كي يتحرر من سلطانها وينعم بفرصة الترقي إلى المطالب العالية ، وأشد الناس حاجة إلى تجديد البيئة المحيطة وتنشيط الهمة ، حديث العهد بالتوبة ، فإن من شأن التحول من بيئة المعصية إلى بيئة الطاعة أن تنسيه صحبة السوء وأماكن السوء .

8. صحبة أولى الهمم العالية : ومطالعة أخبارهم ، فالطيور على أشكالها تقع وكل قرين بالمقارن يقتدي ، وإن العبد ليستمد من لحظ الصالحين قبل لفظهم ، لأن رؤيتهم تذكر بالله عز وجل ، وكان الإمام أحمد ( إذا بلغه عن شخص صلاح أو زهد أو قيام بحق أو اتباع أمر ، سأل عنه وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة ، وأحب أن يعرف أحواله ) ، وإذا أردت أن تلمس أثر الصحبة الصالحة العالية الهمة في التسابق إلى الخيرات ، فتأمل قول محمد بن علي السلمي رحمه الله : ( قمت ليلة سحراً لآخذ النوبة عن ابن الأخرم ، فوجدت قد سبقني ثلاثون قارئاً ، ولم تدركني النوبة إلى العصر ) ، ويقول عمرر: ( ما أعطي عبد بعد الإسلام خيراً من أخ صالح ، فإذا رأى أحدكم وداً من أخيه فليتمسك به ) ، ويقول أ.د.خلدون الأحدب : ( وإذا نظرنا إلى أولئك الذين استفادوا من لحظات أعمارهم ، وكان من نتاجهم ما يعجب ويدهش ، نجدهم لا يصحبون إلا المجدين العاملين والنابهين الأذكياء ، الذين يحرصون على أوقاتهم حرصهم على حياتهم لأن الزمن هو الحياة ) .

9. نصيحة المخلصين : وقد يكون هذا الناصح الأمين أباً شفيقاً ، أو أماً رحيمة ، كقول أسماء ذات النطاقين رضي الله عنها توصي ابنها عبدالله بن الزبير : ( يابني إن الشاة لا يضرها السلخ بعد الذبح ، امضِ واستعن بالله ) ، وقد تكون زوجة وقد يكون رجلاً من العوام ، كالأعرابي حين قال للإمام أحمد : ( ياهذا ما عليك أن تقتل هنا وتدخل الجنة ) فقال الإمام أحمد : ( ما سمعت كلمة أقوى لي من كلمة الأعرابي )

أبو الحروف
2009-08-15, 18:14
شكرا أختي على الموضوع

*منار الاسلام*
2009-08-15, 18:56
موضوع رائع و قيم
بارك الله فيك
نسأل الله أن نكون من أصحاب الهمم العالية.
جزاك الله خيرا

حسناء العابدة
2009-08-16, 14:03
شكرا أختي على الموضوع
العفو وبارك الله فيك على مرورك

حسناء العابدة
2009-08-16, 14:05
موضوع رائع و قيم
بارك الله فيك
نسأل الله أن نكون من أصحاب الهمم العالية.
جزاك الله خيرا
آمين يارب. وفيكي بارك الرحمان ومشكورة على مرورك

مرواني
2009-08-16, 14:41
جزاك الله خيرا وهنّأك وأدخلك الجنة
واصلي تألّقك

امبراطور البحر1
2009-08-16, 15:37
. المبادرة والمداومة في كل الظروف : قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) فكبير الهمة يبادر ويبادئ في أقسى الظروف حمايةً لهمته من أن تهمد ووقاية لها من أن تضمر .هذه النقطة مهمة فكثير منا لا يداوم ويستسلم واتذكر محاضرة للشيخ عمر عبد الكافي عندما تكلم عن صفات العربي وذكر منها انه انسان حماسي وضرب مثلا على ان هناك الكثير من يحضر لدرس فترتفع همته حتى تبلغ العنان ثم مايلبث ان يخرج من الدرس ليعود الى منزله فتفتر همته. والنتائج لا تظهر الا بعد المداومة وهذا ليس مختص بالامور الاخروية فقط حتى الامور الدنيوية .بارك الله فيك اختي حسناء ونفعك الله ونفع بك وجعلك الله من اصحاب الهمم العالية.

حسناء العابدة
2009-08-16, 15:49
جزاك الله خيرا وهنّأك وأدخلك الجنة
واصلي تألّقك

ولك خير الجزاء وبارك الله فيك على مرورك

حسناء العابدة
2009-08-16, 15:58
. المبادرة والمداومة في كل الظروف : قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) فكبير الهمة يبادر ويبادئ في أقسى الظروف حمايةً لهمته من أن تهمد ووقاية لها من أن تضمر .هذه النقطة مهمة فكثير منا لا يداوم ويستسلم واتذكر محاضرة للشيخ عمر عبد الكافي عندما تكلم عن صفات العربي وذكر منها انه انسان حماسي وضرب مثلا على ان هناك الكثير من يحضر لدرس فترتفع همته حتى تبلغ العنان ثم مايلبث ان يخرج من الدرس ليعود الى منزله فتفتر همته. والنتائج لا تظهر الا بعد المداومة وهذا ليس مختص بالامور الاخروية فقط حتى الامور الدنيوية .بارك الله فيك اختي حسناء ونفعك الله ونفع بك وجعلك الله من اصحاب الهمم العالية.
وفيك بارك الرحمان وإياك إن شاء الله ومشكور على الإفادة وجزاك الله كل الخير اخي امبراطور البحر على ردك وعلى مرورك الكريم لك كل الشكر والإمتنان

حسناء العابدة
2009-08-16, 16:03
. المبادرة والمداومة في كل الظروف : قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) فكبير الهمة يبادر ويبادئ في أقسى الظروف حمايةً لهمته من أن تهمد ووقاية لها من أن تضمر .هذه النقطة مهمة فكثير منا لا يداوم ويستسلم واتذكر محاضرة للشيخ عمر عبد الكافي عندما تكلم عن صفات العربي وذكر منها انه انسان حماسي وضرب مثلا على ان هناك الكثير من يحضر لدرس فترتفع همته حتى تبلغ العنان ثم مايلبث ان يخرج من الدرس ليعود الى منزله فتفتر همته. والنتائج لا تظهر الا بعد المداومة وهذا ليس مختص بالامور الاخروية فقط حتى الامور الدنيوية .بارك الله فيك اختي حسناء ونفعك الله ونفع بك وجعلك الله من اصحاب الهمم العالية.
وفيك بارك الرحمان وإياك إن شاء الله ومشكور على الإفادة وجزاك الله كل الخير اخي امبراطور البحر على ردك وعلى مرورك الكريم لك كل الشكر والإمتنان

عائشة حسان
2009-08-16, 16:10
بارك الله فيك
موضوعك قيم ورائع

حسناء العابدة
2009-08-16, 18:10
بارك الله فيك
موضوعك قيم ورائع
وفيكي بارك الرحمان ومشكورة أختي عائشة على مرورك

adoola86
2009-08-16, 21:52
موضوع مفيد و الله استفدت منه كثيرا

بارك الله فيك و اسال الله ان لا يجرمك الاجر و الثواب

taha178
2009-08-16, 23:01
بارك الله فيك على اختيارك الموفق للمواضيع المفيدة والقيّمة
جزاك الله خير الجزاء أختي الكريمة حسناء

حسناء العابدة
2009-08-17, 12:15
http://www.djelfa.info/vb/images/myframes/13_cur.gifhttp://www.djelfa.info/vb/images/myframes/13_cul.gif

موضوع مفيد و الله استفدت منه كثيرا

بارك الله فيك و اسال الله ان لا يجرمك الاجر و الثواب




http://www.djelfa.info/vb/images/myframes/13_cdr.gifhttp://www.djelfa.info/vb/images/myframes/13_cdl.gif
وفيك بارك الرحمان ولك خير الجزاء ومشكور على المرور

حسناء العابدة
2009-08-17, 12:16
http://www.djelfa.info/vb/images/myframes/7_cur.gifhttp://www.djelfa.info/vb/images/myframes/7_cul.gif
بارك الله فيك على اختيارك الموفق للمواضيع المفيدة والقيّمة
جزاك الله خير الجزاء أختي الكريمة حسناء


http://www.djelfa.info/vb/images/myframes/7_cdr.gifhttp://www.djelfa.info/vb/images/myframes/7_cdl.gif
وفيك بارك الرحمان وجزاك الله خيرا أخي طه على الرد وعلى مرورك الكريم