المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العقبان و النسور


mohmoi
2014-11-09, 17:47
أرجو من الإخوة الكرام تزويدي بقصة العقبان و النسور بصيغة pdf أو وورد في أسرع وقت ممكن وشكرا

isyami
2014-11-10, 22:43
تبدأ الأحداث بمجموعة من العقبان ، تعيش في أوكارها آمنةً مطمئنة ، كأي شعب حر مستقل يعيش في وطنه ، وبلغ من الأمن والأمان فيه ، أن خرج الجميع لجلب الطعام ، ولم يتركوا أحدًا يحرس المكان . وعند عودتها من رحلتها اليومية لجلب الطعام ، وجدت مجموعة من النسور القادمة " من أوروبا " قد احتلت هذه الأوكار دون وجه حق ، اللهم إلا أن هذا المكان أعجبها ، وأنها تملك القوة الكافية للسيطرة عليه ، وطرد أهله منه . وعندما استهجنت العقبان ذلك ، واستفسرت عن السبب ، أجابها قائد النسور إجابة المتعالي المتكبر الذي لا يملك إلا منطق القوة " أنهم قرروا الاستيطان في هذه الجبال"، فما دام الأسياد قد قرروا فما على العبيد إلا أن يخضعوا لرغبات أسيادهم . وليس ذلك فحسب ، بل " طلب من العقبان أن تبحث لها عن مكانٍ آخر " . وحينما حاول قائد العقبان أن يكلمه بمنطق العقل وقال له : " هل هذا جزاؤنا أن أتحنا لكم فرصةً للراحة ، وإصابة شيء من الغذاء قبل مواصلة رحلتكم ؟ " ، ما كان من قائد النسور إلا أن " شمخ بمنقاره ناحية السماء ، وقال : لماذا يتحتم علينا الرحيل ؟ ارحلوا أنتم ، وسوف نستضيفكم إذا حضرتم في أي وقت " . وهكذا صار المعتدي هو صاحب الحق ، وأصبح أهل البلاد الأصليين ضيوفًا فقط في وطنهم ، ولكن لا يحق لهم الإقامة الدائمة فيه . ثم بعد أن كرر قائد العقبان تأكيده بأن هذا وطنهم ، لم يكن من النسور إلا أن رفرفت بأجنحتها ، وأبرزت مخالبها ، استعراضًا لقوتها ، فالمسيطر هنا منطق القوة وليس منطق الحق .
ماذا تفعل العقبان ، وقد احتُلت أوكارها ، ولا قِبَل لها بطرد المحتل بالقوة ، فهو أقوى منها بكثير ، هل تستسلم وتترك وطنها نهبًا للعدو المحتل ؟ هل تقاتل عدوها ولو كان في ذلك فناؤها ؟ هنا نظر حكيم العقبان ـ مستشار القائد ـ فوجد أن موازين القوى ليست في صالحه ، فلا يوجد في المنطقة من يساعد العقبان ، بل بالعكس لا توجد إلا الطيور المهاجرة التي قد تساعد النسور إذا لزم الأمر . فلا بد إذن من الحيلة ، واتباع الوسائل السلمية ، ولكن دون تفريط بالحقوق ، بل يجب إبقاء الهدف الأساسي ـ وهو التحرير ـ نصب أعين العقبان جميعًا. اقترح العقاب الحكيم على قائد النسور إجراء سباق بين خمسة نسور وخمسة عقبان ، والفريق الفائز يكون من حق أهله الإقامة في هذا المكان ، فابتسم قائد النسور لأنه واثق من نفسه ومن جماعته لدرجة الغرور ، وأكد هذا التوجه أحد النسور عندما قال : " لن نخسر شيئًا ، انظر إلى مخالبنا القوية ، وانظر إلى مخالبهم الضعيفة ، وانظر إلى مناقيرنا الحادة ، وانظر إلى مناقيرهم المعقوفة " . إنه منطق القوة الذي يحكم دائمًا تصرفات العتاة المتجبرين في الأرض .
طارت النسور وضحكت ، دون أن تستعد للسباق ، بينما اجتمعت العقبان للتشاور في الأمر ، وهنا يبرز أحد العقبان معترضًا : " هذه بلادنا من قديم الأزل ، فلماذا نُخضع إقامتنا فيها لنتيجة سباق قد نخسره ؟ " . وقد يبدو كلامه منطقيًا ، ولكن العقاب الحكيم يقنعه ـ دون اللجوء لفرض رأيه ـ أنه ما من حل آخر ، " ثم من قال إن العقبان تخسر سباقًا فوق جبالها ؟! " . فالعقاب الحكيم ركز على الروح المعنوية ، وأراد أن لا يكون ضعف العقبان ماديًا قياسًا إلى قوة النسور ، سببًا في الهزيمة النفسية للعقبان .
تَمَّ تحديد شروط السباق ، ومنها أن من يفُز في مرتين يكن له حق الإقامة . وابتدأ السباق ، فكان النصر حليف النسور في الجولة الأولى ، فأخذت النسور نشوة النصر ، بينما لم تحطم الهزيمة العقبان معنويًا ، بل كانت الهزيمة حافزًا لمراجعة أوضاعهم، وتحديد أسباب هزيمتهم ، لإمكانية تغيير خططهم الحربية ، واكتشفت العقبان أن السبب الرئيس كان التفاوت في الروح المعنوية بين الفريقين ، فقد كانت النسور أثناء السباق تبث روح اليأس لدى العقبان " . لذلك قام العقاب الحكيم ، بتشجيعهم ، ولكي يكون تشجيعه مقنعًا ، ذكر لهم بعض المزايا التي يتمتعون بها دون النسور، ومن أهمها أنهم أهل المنطقة ، ويعرفون مساربها والتيارات الهوائية بين الجبال ، فلا بد أن يستغلوا هذه الميزة لصالحهم . إن هذا يجب أن لا يكون غائبًا عن أي شعب يقاوم محتليه ، فأهل مكة أدرى بشعابها .
ابتدأت الجولة الثانية من السباق ، فكان النصر حليف العقبان هذه المرة ، لأن النسور أخذتها نشوة النصر، أما العقبان فقد استفادت من أخطائها السابقة . ولكن العقاب الحكيم حذَّر العقبان من أن يقعوا فيما وقع فيه النسور في الجولة الأولى ، فقال لهم : " إياكم أن تتعالوا على النسور ، لما تحقق من نصر في المرة السابقة ، انسوا ذلك تمامًا ، وأرونا همتكم ، وأحِدّوا من أبصاركم ، واستجمِعوا كل قواكم" . أما قائد النسور فكان رد فعله التوبيخ لمجموعة النسور ، وتوعَّدهم بالطرد من جماعة النسور إذا لم يفوزوا في المرة القادمة ، ولم يشجعهم ، ولم يعطهم توجيهات خاصة للاستفادة من أخطائهم . وكان نتيجة كل ذلك أن كان النصر حليف العقبان في الجولة الثالثة أيضًا . وفي ذلك توجيه للقادة والدول والشعوب في كيفية التصرف في كل من حالتي النصر والهزيمة .
من المنطقي أن يكون المكان من نصيب العقبان ، بناء على شروط السباق التي تم الاتفاق عليها ، ولكن القوي لا يلتزم بالقوانين إلا إذا كانت في صالحه ، فقد استعدَّت النسور للانقضاض على العقبان . وهنا حضرت جميع العقبان ( التي تمثل المواطنين في الشتات ) ، كما حضرت جميع الطيور والحيوانات من أهل الجبل ( التي تمثل دول الجوار ) ؛ فأدرك قائد النسور أنه لو نشبت معركة لكسبتها العقبان ؛ فطأطأ رأسه ، وأشار للنسور وباقي الطيور الحليفة بالرحيل . وفي ذلك عبرة عميقة وضحها العقاب الحكيم بعد أن هنأ قائد العقبان حين قال : " حسنًا فعلت الغربان القادمة من البلاد المجاورة حين وقفت في صفنا " .