تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قنينة أحلام تائهة


شاعر_الشوارع
2014-09-21, 11:27
قنينة أحلام تائهة.

هناك في ناصية البحر ، و على مقربة من نهد الشاطئ القاحل؛ كنت أساعدها على ارتداء ثوب رملي، بدت فيه بناية حب أكثر منها امرأة عثرت عليها عارية ؛ و كأن البحر يرفضها لتكون وليمة شهية لأعماقه، واريت جسدها الغض في الرمل بسرعة قبل أن يتحوم حولها الفضوليون و بعض الكائنات الغرائزية، وجهها البراق رغم التعب البادي على ملامحها يقول أنا مسافرة على أمواج الحيرة.
قمت برش وجهها ببعض ماء البحر الذي كان يحاول ملامسة أرجلها، فتحت نوافذ عينيها بمهل، و راحت تتحسس أرجلها، و لاحت الغرابة على تقاسيم خدها النضر:
-أيمكن أن يكون لدي أرجل؟
-يعني تريدين أن يكون لك أجنحة؟
-بل زعانف..
امرأة حمقاء أرهقها منظر الغروب، حيث كانت الشمس ترتمي في أحضان المتوسط، بعيدا هناك حيث يمتطي الشباب صهوة البحر نحو الغربة؛ بحثا عن عمود إنارة لزقاق أحلامهم المنهارة. هكذا بدى جوابها.
همت بالوقوف، فارتميت على ساعديها لأمنعها من الوقوف.
-أتمنعني من الوقوف؟
-بل أمنع عيون الناس من رؤية تمثال بحري.
-ماذا تقصد؟
-أنت عارية.
-و كيف تريدني.
-عفوا، هل أنت امرأة تحب رشقنا بأنوثتها؟
-بل حورية عبثت بها رسالة حب تائهة؟
-حورية..أنت كذلك و لا أكذبك، و لكن أي رسالة نزعت عنك ثيابك؟
-رسالة وجدتها في قاع البحر، عندما كنت ألتقط الأصداف؛ لأوزعها على صديقاتي.
-في قاع البحر؟ حسبما أعرف، كنت غريقة و قد لفظك البحر هنا. و الحمد لله أنه لم يلتهمك.
-من هذا الأحمق البشري الذي أصادفه، هل كل البشر مثلك؟
-يبدو أن الحديث للنساء مرهق دائما.
أحست ببعض الدوخة في رأسها.
-إبقي مكانك مرتدية الرمال حتى أعود ببعض الملابس.
بسرعة توجهت نحو غرفة الفندق المحاذي للشاطئ حيث نزلت، و قمت بإقناع إحدى الموظفات لتعيرني بعض الملابس.
بعد مشادة معها و بصعوبة فائقة ألبستها الثياب، تأبطتها نحو الغرفة في الفندق؛ و هي تتأفف مني و لولا الإرهاق الذي تمكن منها لفرت مني.
-أنصحك أن تأخذي دشا لتستعيدي بعض نشاطك.
دخلت الدش و لم يطل الأمر حتى صاحت:
-ألم أقل لك أن لي زعانف؟.
-يا امرأة هذيانك بدأ يصيب أعصابي بالتشويش.
-تعالى و انظر كيف عادت حقيقتي.
-إن كنت تريدين أن تقومي بعمل مخل بالحياء؟ ، فرجاء افعليه بعيدا عني.
-تعالى أرجوك.
-يعني فرجة مجانية، فلأرى ما هناك.
تمتمت بهاته الكلمات و أنا أفتح باب الحمام.
-مستحيل..لا لا يمكن..
-بل صحيح.
-و لكن.....أريد توضيحا
-وقعت في شباك قارب صيد لم أفلت منه إلا بصعوبة، و بعد خلاصي كنت متهالكة جدا فجرفني التيار حيث وجدتني.
-أكملي...
دعوتها تكمل حديثها و أنا أراقب زعانفها التي كانت تغطي أرجلها.
-هل تذكر حديثي عن الرسالة.
-نعم نعم..ما خطبها.
-وجدتها داخل قنينة زجاجية في قاع المحيط، أرهقني ما كانت تحمله من ألم و حزن، امرأة تنتظر عودة زوجها من الغربة، حبيبها الذي غدرت به اليابسة؛ فارتحل يقطع البحر يبحث عما يعيد له كينونته. ثم توالت الرسائل كل أمسية. و آخر رسالة كانت مصحوبة بصورته المشرقة. عرفته من صورته، كان هو بنفسه الذي صارع عاصفة البحر، حيث كان القارب يتخفف من راكبيه ليبقى صامدا في وجه الريح العاتية، راقبت يديه و هما تتراخى و يسلما أمر جسده لقرار البحر، التقطناه نحن معشر الحوريات لنعيده لليابسة، فكل الجثث الغريقة التي تصل الشواطئ دائما من قبيل شفقتنا على تلك الأجساد الغرقى. أما وقوعي في شباك الصيد فكان بعدما قررت أن أخبر زوجته بمصيره.
عندما استعادت عافيتها قررت العودة للبحر، اصطحبتها في جنح الليل كي لا نكون عرضة للمراقبة من أعين الناس و تطفلهم، و على مقربة من الشاطئ، كانت تصل مسامعنا أصوات خافتة، دنوت منها.
كانت مجموعة شباب تحضر قاربا للإبحار، حفنة أحلام سيذروها البحر لأحشائه.
قالت لي:
-ستكون الليلة صاخبة بالأحداث.
و اختفت في عمق البحر حيث ستنهمك في مهمة انتشال بضعة أحلام لم يحتملها الوطن.

**************************

إهداء: للذين صاحبتهم أحلام في عرض البحر، حيث لم تحتمل سواعدهم النفاق و الزيف.





بسباس عبدالرزاق

هبة الله الرحمن
2014-09-21, 13:45
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حين نفقد حنان ودفء الوطن
ونبنى خيوط لأمال واهمة فى احتضان وطن آخر بعوبينا نكون فى آحلام خيالية كالقصص الخالية ...
سرد جميل بكل تفصيل غصنا في المعانى وما تحمل رغم مرارة المعنى
تقديري استاذنا الفاضل

زياني *****
2014-09-21, 14:04
ومن على شاطي البحر قلتُ لها :
دائما انتظركِ لألقِي لك بأناملي علها تصِلك
لتُقرئك وجَعي دائما يا وجَعي
أنتظرك
لأخبر وجهكِ
المتلألئ على وجه البحر
اني لازلت انتظرك هنا كل مساء
وصباح
فما زال النفاق و الزيف ورائي
والبحر أمامي

قرأتك هنا وهناك مرات

تمكن في التصوير
حبك قصصي رائع
لك أنهار جارية من الشكر


وقعت في شباك قارب صيد لم أقلت< أفلت منه إلا بصعوبة،

رحيق الكلمات
2014-09-21, 17:55
السلام عليكم
الحروف تتلاشى على وتر حساس
والأسطر تصبح شضايا لواقع مؤلم
في وطني الجريح الصبر يحتسي من اوجاعنا
صور تودعنا عند المغيب
وطير هارب بلا سبيل
بحر مروي بالدم الفائض
وحورية البر ترقص في مأتم صامت
اخي عبد الرزاق
حينما يكون الاحساس حبر نقرأه فَ نحن على يقين اننا امام فكر نير كَ فكرك ..
نسأل الله ان يبعد عن أبناء هذا الوطن كل مكروه وان يجعلهم سواعد عز فيه

شاعر_الشوارع
2014-09-21, 19:31
صور تودعنا عند المغيب
وطير هارب بلا سبيل
بحر مروي بالدم الفائض
وحورية البر ترقص في مأتم صامت



جميلة هذه

لو عزفت عليها و جعلتها مدخل قصيدة

فستكتبين قصيدة في منتهى الروعة

أنتظر أن تكمليها


و سأعود للرد على الجميع
هي فقط دهشة و جمال في هذه الكلمات


رائعة

بازاكو عزيز
2014-09-21, 20:06
ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام الله عليكم أيها الشاعر

رحيق الكلمات
2014-09-21, 20:55
السلام عليكم
صور تودعنا عند المغيب
وطير هارب بلا سبيل
بحر مروي بالدم الفائض
وحورية البر ترقص في مأتم صامت
هنا تعزف سيمفونية مشهد الارتياب
ماذا لوبقيت هنا أيها الحائر؟
ماذا لو زرعت الاحلام في ضفة الوعد؟
آه يـــــــــا صبر أيوب
في وطني أمل نسي كيف يتحقق وقلب نسي كيف ينتظر
وبينهما ضاعت تفاصيل البداية
أما المشهد ما بعد الاخير فقنينة احلام تائهة
للأسف اخي عبد الرزاق هنا توثيق موت الأمل بشهادة وفاة حقيقية

والصورة أبعد..............................
بوركت وبورك حرف تحلى بمدادك وبصمتك وشكرا على الاطراء

شاعر_الشوارع
2014-09-22, 18:35
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حين نفقد حنان ودفء الوطن
ونبنى خيوط لأمال واهمة فى احتضان وطن آخر بعوبينا نكون فى آحلام خيالية كالقصص الخالية ...
سرد جميل بكل تفصيل غصنا في المعانى وما تحمل رغم مرارة المعنى
تقديري استاذنا الفاضل




هي نوع من تقاسم الهموم
و دعوة أيضا للتوقف عن هذا النزيف

نزيف يضرب بعنف فينا

ندرك جيدا أن غالبية المهاجرين كانوا من النخبة
و حتما غيابهم يترك فجوة عميقة


سرني أختي الفاضلة حديثك كثيرا

تقديري

رحيق الكلمات
2014-09-22, 22:22
السلام عليكم
كوابيس بمخيلتي
الساعة تقترب من منتصف الليل
واحلامي بتمام المغيب
عين ترقبني خلف الأبواب الموصدة وتحثني على الرحيل
هنا تبدأ تفاصيل حكاية حياة او موت
على أطلال صخرة متهاوية اتدلى كأغصان كسرتها السنين
مدينتي لا تعرفني والغربة تستوطنني وما من بديل
هذه مغامرة قلب مزقته الندوب
هذه وعود الحياة في غياب الحياة
آه يا وطني المفجوع بحلمي الغريق
تتواري الشمس خلف الأفق البعيد
هذه ليلتي الأخيرة في وطني
أقتبس من النور الخافت بعض الذكريات
قبل أن ينطفئ قنديل الحنين
وأرتب موعدا مع الموت فوق خشبة تعبث بها الريح
وسؤال وحيد يراودني
أي شروق انتظر؟
نور



همسة: كتبت هذه الاسطر في موضوع الهجرة

فاطمة الحالمة
2014-09-22, 23:40
واقع تداعت على سطوره الأحلام
و بكت على قساوته العيون و الأقلام
انتشرت فيه الوعود الكاذبة و الأوهام
و علت فيه سلطة الذئاب فصاروا يطيرون بالمقاعد كأسراب الحمام..
يئسنا العيش على هامشه كالأصنام ..
نحاول الفرار عندما رمينا تحت الأقدام..
أهذا حلكم يا شبابا طرت على سطورهم الأحلام..
أم تكتفون بمكوثكم تحت الأقدام..
الى أين تمضون..
أتتركون الوطن وجبة ينهشها أصحاب المقام..
أنتم صناع الحياة أبشروا..
و نادوا بالفخر و ههللوا..
أفرشوا على ههذا التراب طموحاتكم و ارتفعوا..
و برهنوا أنكم الأساس و احتفلوا..
ليس بالفرار تبنى الأحلام..
ففي غير وطنك ستهان..
و لن تآزرك لا الوطنية و الاخوان..
لذا افخر بحبك لوطنك و كن له أجمل مكان و حك لروعته كل الأزمان..




جميل جدا هو أسلوبك سيدي..
حرف عميق أجفلت برؤياه العيون و استعجلت..

سرد متقن هام بنا رحالة بين خوالجة كل هنيهة..

باركك المولى و أسعدك..

تحياتي