المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأهداف الغائبة !


أبو هاجر القحطاني
2014-09-02, 12:44
الأهداف الغائبة !


على طاولة المفاوضات السلمية ، رفض النبيُّ _ صلى الله عليه وسلم _ كل الإغراءات والتهديدات التي تحول دونه ودون تحقيق الأهداف السامية التي جاءت بها الرسالة الربانية ، حتى إذا كاد أن ينفض المجلس أعلن النبيُّ _ صلى الله عليه وسلم _ صُراحةً تمسكه وعزمه على تحقيق تلك الأهداف فقال ( والله يا عم . لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك ذلك الأمر حتى يُظهره الله أو أهلك فيه ما تركته ... ) .1

إن الأهداف التي سعى النبيُّ _ صلى الله عليه وسلم _ في تحقيقها ولاقى في سبيل ذلك أنواع الأذى تكمن في إخـراج النفس البشرية من ظلمـات الشرك إلى نور التوحيد فكان يقول ( يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ) ومن تحجّر العقل الجـاهلي إلى سعةِ الإسلام وعدلِه وسماحتِه وإعطاء كل ذي حق حقه كقوله ( يسـروا ولا تعسروا ، وبشّروا ولا تنفروا ) ومن تعطيل القدرات الجسدية والذهنية إلى ما ينفع الإنسان في دينه ودنياه كقوله ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ) وغير ذلك كثير .

لقد غرس النبيُّ _ صلى الله عليه وسلم _ في نفوس الصحابة _ رضي الله عنهم _ معاني هذه الأهداف ، حتى أصبح الواحد منهم يسير في هذه الحياة وهو يسمو إلى تحقيق أهدافٍ سامية قد رسمها لنفسه ، فتربى على ذلك الصغيرُ وهرم عليها الكبير ، فحققت الأمةُ الرفعة والعزة في مدة قصيرة لا تستطيعها الأمم في هذا الزمن دون بذل للأموال الطائلة ! وهاك قطافٌ من همم القوم في تحقيق الأهداف النبيلة :

القِطف الأول : في صورة غريبة ، وربما أنها كانت حديث ود وسمر ، اجتمع أربعة من الأصدقاء من أبناء الصحابة بفنـاء الكعبة وهم : عبدُ الله بن عمر ، وعروةُ بن الزبير وأخوه مصعب ، وعبدُ الملك بن مروان ، فقال مصعب بن الزبير : تَمنّوا ! فقالوا : ابدأ أنت ! فقال مصعب : ولاية العراق والزواج بسكينة ابنة الحسين وعائشة ابنة طلحة بن عبيد الله ، وتمنى عبد الملك بن مروان الخلافة على المسلمين ، وتمنى عروة بن الزبير أن يُحمل عنه العلم ، فلم تمض الأيام حتى نال كل واحد منهم أمنيته وحقق هدفه الذي كان يسعى في تحقيقه ، وتمنى عبدُ الله بن عمر الجنة _ رضي الله عنهم _
.
القِطف الثاني : يقول عبد الله بن عباس _ رضي الله عنهما _ : لما توفي النبيُّ _ صلى الله عليه وسلم _ قلت لفتى من الأنصار : هلمّ فلنسأل أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ فإنهم اليوم كثير ؟ فقـال الفتى الأنصاري : عجباً لك يا ابن عباس أترى الناس يفتقرون إليك وفيهم من أصحاب رسول الله من ترى ؟ يقول بن عباس : فتركتُه وبدأت اسألُ أصحابَ رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ فلم تمض الأيام حتى توفي أكثر الصحابة وحقق ابنُ عباس أهدافه العلمية التي كان يطمح في تحقيقها فأصبح هو العالم بين الناس يعلمهم أمر دينهم .

القِطف الثالث : كان عبد الرحمن بن عوف _ رضي الله عنه _ من تجار الصحابة ، وكان بارعاً في صناعتها عالماً بفنونها وأساليبها ، وكان يهدف من خلال تجارته إلى العيش الشريف والوقوف بجانب الدعوة الإسلامية بدعمه المادي ، قال عن نفسه متعجباً من رزق الله ومبيناً كيف تحققت له الأهداف التي كان يطمح في تحقيقها ( ولقد رأيتني لو رفعت حجراً لوجدتُ تحته فضة وذهبا ) .

ولذلك لما استشعر كبار الصحابة رضي الله عنهم أهمية رسم الهدف في حياة المسلم عملوا لذلك ، بل كانوا يكرهون أن يكون الرجل ليست له همة ولا هدف في حياته ، قال بن مسعود _ رضي الله عنه _ : ( إني لأكره أن أرى الرجل فارغاً لا في أمر دنياه ولا في أمر آخرته ) وقال عمر بن الخطاب _ رضي الله عنه _ ( لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة ) .

أيها المبارك .. هذا قطاف من أخبار القوم وأهدافِهم وطموحاتِهم ، فماذا عن حالنا وحال الكثير من شباب الأمة في هذا الزمن ؟ ما هي الأهداف ؟ وما هي الطموحات ؟ وما هي الخطط المستقبلية ؟ وما هي الإنجازات ؟
أطلق نظرةً سريعةً على واقع بعضنا _ فتياتٍ وفتيانا كباراً وصغارا _ ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير !
خططٌ إستراتيجية وأموال طائلة في سبيل الرقي والتقدم بشبابنا وفتياتنا ! ومع ذلك تجد في واقع حياتهم عدمُ وضوح في الأهداف الحياتية والمستقبلية ! ضبابيةٌ في الإنتاجية العامة ! اهتمامٌ بالكماليات ! متابعةٌ غير منضبطة للوسائل الإعلامية ، إيثار للبطالة واتكالٌ على الغير في تحقيق العيش الشريف ! محاكاةٌ للواقع والمجتمع وإن كانت النتائج سلباً أكثر من إيجابا ! وغيرها كثير ، لسان حال بعضهم يقول :دعني أعيش لحظتي الراهنة !! وأحقق سعادتي وإن كنتُ عالةً على أمتي !!

أيها المبارك .. إن النهوض بشباب الأمة الإسلامية قائم على إعدادهم في كافة الجوانب الحياتية على ضوء الكتاب والسنة ، وهذا يستلزم إعادة النظر في تطوير الجوانب التربوية الأسرية ، والمنهجية التعليمية ، والقدوات الاجتماعية ، والشؤون العسكرية ، والوسائل التكنولوجية وكيفية الاستفادة منها ، قال تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة .. ) قال السعدي رحمه الله : أي كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية ... أ.هـ . فإذا اختل النظام في تفعيل هذه الجوانب الحياتية لم تتحقق الأهداف ولم تستفد الأمة من الخطط الإستراتيجية إلا ذهاب الأموال حساً دون معنى يشاهد .

المصدر :

http://lojainiat.net/c-117393 (http://lojainiat.net/c-117393)

توضيح

1-قال ابن إسحاق : ( وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث : أن قريشا حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة([2]) ، بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : يا ابن أخي ، إن قومك قد جاءوني ، فقالوا لي كذا وكذا ، للذي كانوا قالوا له ، فأبق علي وعلى نفسك ، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق ؛ قال : فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء أنه خاذله ومسلمه ، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عم ، والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله ، أو أهلك فيه ، ما تركته قال : ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبكى ثم قام ، فلما ولى ناداه أبو طالب ، فقال : أقبل يا ابن أخي ، قال : فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : اذهب يا ابن أخي ، فقل ما أحببت ، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا)([3])
درجة الحديث : ضعيف .
قال الشيخ الألباني رحمه الله : قلت : و هذا إسناد ضعيف معضل ، يعقوب بن عتبة هذا من ثقات أتباع التابعين ، مات سنة ثمان و عشرين و مائة.
وقد وجدت للحديث طريقا أخرى بسند حسن و لكن بلفظ :
(ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك ، على أن تستشعلوا لي منها شعلة ، يعني الشمس) و قد خرجته في الأحاديث الصحيحة رقم (92)([4]).
و قال الألباني في الصحيحة (1/194-195) :
رواه أبو جعفر البختري في حديث أبي الفضل أحمد بن ملاعب ( 47 / 1 - 2)وابن عساكر(11/363/1.19/44/201)من طريق أبي يعلى وغيره كلاهما عن يونس بن بكير أنبأنا طلحة بن يحيى عن موسى بن طلحة حدثني عقيل بن أبي طالبقال : جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا : أرأيت أحمد؟يؤذينا في نادينا،وفي مسجدنا ، فانهه عن أذانا ، فقال : يا عقيل ، ائتني بمحمد ، فذهبت فأتيته به ، فقال : يا ابن أخي إن بني عمك زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم، وفي مسجدهم ، فانته عن ذلك ، قال : فلحظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره ( وفي رواية : فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره)إلى السماء فقال : فذكره .
قال : فقال أبو طالب : ما كذب ابن أخي . فارجعوا " .
قلت-أي الألباني- : وهذا إسناد حسن رجاله كلهم رجال مسلم وفي يونس به بكير وطلحة ابن يحيى كلام لا يضر .
وأما حديث : ( يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره أو أهلك فيه ما تركته) .
فليس له إسناد ثابت ولذلك أوردته في الأحاديث الضعيفة ( 913)([5])
و مما جاء في السير من محاورة قريش لأبي طالب ما جاء عند أحمد في المسند و غيره عند مرض أبو طالب، و دخول رهط من قريش عليه، و كان فيهم أبو جهل ([6])، فقالوا: ( إن ابن أخيك يشتم آلهتنا، ويفعل ويفعل، ويقول ويقول، فلو بعثت إليه، فنهيته، فبعث إليه، فجاء النبي صلى الله عليه و سلم فدخل البيت ... فقال له أبو طالب: أي ابن أخي ما بال قومك يشكونك، يزعمون أنك تشتم آلهتهم، وتقول وتقول؟!!
قال: وأكثروا عليه من القول، وتكلم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: '' يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة، يقولونها تدين لهم بها العرب ويؤدي إليهم بها العجم الجزية ''.
ففزعوا لكلمته ولقوله، وقالوا: كلمة واحدة؟؟ نعم وأبيك عشراً، فقالوا: ما هي؟ وقال أبو طالب: وأي كلمة هي يا ابن أخي؟
فقال: لا إله إلا الله.
فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم، وهم يقولون: أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب) ([7]).

[2]: أي قولهم : يا أبا طالب إن لك سنا و شرفا و منزلة فينا....
[3]: السيرة لابن هشام (1/266) بتحقيق كل من مصطفى السقا - إبراهيم الأبياري - عبد الحفيظ شلبي .
و انظر كذلك الروض الأنف (3/46).
[4]: الضعيفة (2/310-311) برقم (909).
[5]: و الصحيح أخرجه برقم (909) كما هو مثبت في الضعيفة أما الرقم الذي اشار إليه الشيخ (913) إنما هو رقم حديث : (لعن الله الزُّهَرَة ،فإنها هي التي فتنت الملكين : هاروت و ماروت) ، و لعله خطا مطبعي و الله أعلم .
[6]: منقول من منهج الأنبياء للشيخ ربيع حفظه الله.
([7]) مسند الإمام أحمد (1/362)، والترمذي (48) كتاب التفسير، تفسير سورة ص، حديث (3232)، وفي إسناده يحيى بن عمارة ويقال: ابن عباد، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب(11/259): مقبول، وانظر التقريب (2/354)، وقال الذهبي في الكاشف (3/224):

منقول للأمانة

chevalierx
2014-09-02, 13:50
لو تستعمل هذا وقت في ذكر الله او تعلم دينك لكان احسن من الف مرة من مواضيع و ردود التى أكثرها لا فائدة منه لقارئ و لك
رغم اني اظن هذه سطور لن تغير فيك شئ لربما جعل الله بها هدايتك لي و لك لعمل بما ينفعنا يو م القيامة