تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شرح كتاب الصيام من بلوغ المرام ...


علي الجزائري
2007-09-08, 23:07
السلام عليكم و رحمة الله ...
فمع كتاب: شرح كتاب الصيام من بلوغ المرام للشيخ الألباني

بسم الله الرحمن الرحيم ...
إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،
ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}
(102) سورة آل عمران].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ
إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} سورة النساء]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًايُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (71)
سورة الأحزاب]

أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ،
وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدث بدعة ، وكل بدعة ضلالة ،
وكل ضلالة في النار.

في النظر إلى أننا قادمون على شهر الصيام ، شهر رمضان المبارك إن شاء الله تعالى ،
رأينا أن نغتنم هذه المناسبة من هذا الاجتماع ، أن نقرأ عليكم ، ونُبيِّن لكم بعض
الأحاديث التي وردت في (كتاب الصيام ، من كتاب بلوغ المرام من أحاديث الأحكام)
للحافظ أحمد بن حجر العسقلاني.



قال رحمه الله: (كِتَابُ اَلصِّيَامِ) :
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله
عليه وسلم ( لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ, إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا,
فَلْيَصُمْهُ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

في هذا الحديث نهيٌ صريحٌ عن التقدم بين يدي رمضان بصوم يومٍ ،
أو أكثر من يوم ، وهذا من باب المخاطبة على ....المفروض الصيام ،
ذلك هو شهر رمضان.

فلا يجوز لمسلم أن يزيد على رمضان سواء في التقدم ، أو في التأخر يوماً
أو يومين.

وهذا الحديث في الواقع ، وإن كان جاء خاصاً في النهي عن التقدم ، وعن وصل
أيام من شهر شعبان بشهر رمضان ، ففيه تلميح قوي إلى أنه لا يجوز زيادة
على العبادة المفروضة ، هذا حكم صريح في النهي عن أن يتقدم الرجل بصوم يوم ،
أو يومين بين يدي رمضان ، ويدخل في هذا بلا شك صوم يوم الشك
كما سيأتي في الحديث التالي.

فهذا النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم ، أو يومين يؤكد وجوب المحافظة
على العبادة ، كما شُرعت بدون زيادة ، أو نقص.

الذي فرضه الله عز وجل على عباده المؤمنين ، إنما هو صوم شهر رمضان ،
قد يكون تارة ثلاثين يوماً ، وقد يكون تارة تسعاً وعشرين يوماً ، فلا يجوز
أن يتقدم بصوم يوم ، أو يومين خشية أن يُصبح رمضان أكثر من ثلاثين يوماً
مع الزمن ، مع مضي الزمن ، مضي العهد للمسلمين عن العلم بالكتاب والسنة.

فأقول: في الوقت الذي هذا الحديث ينهى نهياً صريحاً عن التقدم بين يدي رمضان
بصوم يوم أو يومين ، كذلك كل عبادة ، لا يجوز أن يتقدمها ، كما أنه لا يجوز
أن يصل بها ما ليس منها من العبادات ، والطاعات الأخرى ، فلا بد من الفصل
الذي يُحقق استقلال هذا الصوم المفروض ، ألا وهو صوم رمضان ، لا بد من الفصل
بإفطار قبله ، وبعده ، ليتحقق أن هذا الفرض ، هو فرض رمضان فقط ن لا يتقدمه
شيء ، ولا يوصل به شيء.

ومن هذا القبيل تماماً ما جاء في صحيح مسلم من نهي الرسول عليه الصلاة والسلام
أن يصل فرض الجمعة ، بالسنة التي بعدها ، فأمر بالفصل بين الفرض والتطوع
إما بالكلام ،وإما بالخروج والانصراف ، نهى الرسول عليه الصلاة والسلام
عن وصل الفرض بالسنة التي بعده.
هذا إذاً من باب سد الذريعة أن يوصل بالفرض ما ليس منه ، فيوم الجمعة
بصورة خاصة ، وكل الفرائض بصورة عامة ، ينبغي بعد السلام الفصل
إما بخروج ، أو تغيير المكان ،وإما أن تتكلم مع صاحبك بكلام عادي ، تحقيقاً للفصل ،
علماً أن الأمر كما قال عليه الصلاة والسلام بالنسبة للصلاة:
(تحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم)، يعني يحل لك ما كان حراماً من قبل في الصلاة ،
بمجرد قولك: السلام عليكم ورحمة الله ، في التسليمة الأولى ، ولكن من باب التأكيد
لهذا الفصل بأكثر من السلام ، ومن باب سد الذريعة أن يوصل بهذه الفريضة ،
وهي فريضة الصلاة شيء ليس منها ، أكد الرسول عليه السلام على المصلي ،
أن يتكلم ، أو أن ينصرف يمين ، يسار ، قدام ، خلف ، كل هذا يؤكد هذا الأمر
الذي أمر به الرسول عليه السلام ، ألا يتقدم بين يدي رمضان بصوم يوم ، أو يومين ،
ليبقى شهر رمضان بدون زيادة عليه ، كما أنه لا يجوز النقص منه ،
والزائدة كما يقول العامة: أخو الناقص.

يقول: (لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ) هل هذا النهي على إطلاقه؟
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم جواباً على هذا السؤال: (إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ
صَوْمًا, فَلْيَصُمْهُ).
هذا الاستثناء يوضح أن النهي السابق ، إنما هو خاص بمن يتعمد التقدم بين يدي رمضان
بصوم يوم ، أو يومين.
أما إنسان آخر ، له نظام من الصيام ، مثلاً: أن بكون من عادته اتباع السنة المعروفة ،
أن يصوم من كل أسبوع يوم الاثنين ، ويوم الخميس ، فاتفق أن جاء يوم الخميس
وكان ذلك قبل رمضان بيوم ، فهل يدخل في هذا النهي إذا تقدم رمضان بصوم يوم ،
أو يومين؟
الجواب: لا ، (إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا, فَلْيَصُمْهُ) ، فهذا الذي اعتاد هذا الصيام
المشروع ، له أ يتقدم رمضان بمثل هذا الصيام ، لأنه لم يتقصد هذا التقدم.
وكأن المقصود مباشرة بهذا النهي ، هو صيام يوم الشك ، الذي سيأتي الحديث الخاص
فيه ، لأن الذي يصوم يوم الشك ، يصوم اليوم الذي هو بين يدي رمضان ، ولم يثبت
بعد أن هذا اليوم ، أي يوم الشك هو من رمضان ، فيصومه احتياطاً ، وفتح باب
الاحتياط في الدين ، هو فتح لباب كبير من الزيادة في الدين ، وهذا في الواقع له أمثلة
كثيرة في بعض الأحكام الفقهية.

لعل الحاضرين يعلمون أن بعض المذاهب ، توجب على من صلى يوم الجمعة
أن يصليها بعد الفراغ منها ظهراً.

بعض المذاهب توجب هذا ، لكن مذاهب أخرى لا توجبه من باب ما يوجبه المذهب الأول ،
وهو أن الصلاة لم تصح تلك ، فتصلى هذه ، لكن هذا المذهب الآخر يقول:
أنه هناك شروط فيها خلاف ، إذا توفرت صحت الصلاة صلاة الجمعة ، وإن لم تتوفر
لم تصح الصلاة ، فمن باب الاحتياط يحسن أن يصلى بعد صلاة الجمعة صلاة الظهر.

هذا الاحتياط يؤدي بقائله إلى مخالفة ما هو معلوم من الدين بالضرورة ، ألا وهو أن الله
عز وجل إنما فرض في كل يوم وليلة خمس صلوات ، وإلى مخالفة نص آخر ،
وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة في اليوم مرتين)([صحيح الجامع (7350)]).

فنحن نعلم أن المفروض يوم الجمعة ، هو صلاة الجمعة ، فإذا كانت صلاة الجمعة لا تصح ،
فصلاة الظهر ، أما أن يصلي مرتين ، مرة بنية الجمعة ، ومرة بنية الظهر ، هذا خلاف
هذا الحديث ، مع مخالفة ذلك المعلوم من الدين بالضرورة ، الحديث يقول: (لا صلاة
في يوم مرتين) ، فهذا في الوقت الواحد ، وقت الظهر صلى صلاتين ، صلاة الجمعة ،
ثم صلاة الظهر.

فلذلك لا يجوز أن يتقدم الإنسان على الحكم المنصوص عليه في الشرع من باب الاحتياط ،
أو من باب ما يقوله العامة: زيادة خير خير ، لا خير بعدما شرع الله عز وجل على لسان
نبيه عليه الصلاة والسلام من الخير.

الخلاصة:
هذا الحديث في الوقت الذي ينهى المسلم أن يتقدم بين يدي رمضان بصوم يوم ، أو يومين ،
يوضح أنه لا مانع من صيام ما كان معتاداً له قبل رمضان ، إذا كان له عادة أن يصوم
مثلاً: ثلاثة أيام من كل شهر ، فجاء رمضان ، فله أن يصوم هذه الثلاثة أيام ،
له أن يصوم يومين ، له أن يصوم يوم واحد ، ما دام أنه لم يتقصد الصيام من أجل
رمضان ، لأن رمضان محدود أيامه ، إنما صام تنفيذاً لتلك العادة المشروعة التي كان عليها.

إذاً هذا الحديث المتفق على صحته بين العلماء يشمل مباشرة ما اختلف فيه العلماء من صوم
يوم الشك ، صوم يوم الشك منهم من يقول: بشرعيته أيضاً احتياطاً ، ومنهم من يقول:
لا يشرع صيامه الحديث الذي سبق دليل ومؤيد لهذا القول ، الذي يقول: لعدم شرعية
صوم يوم الشك ، ذلك لأنه سيأتي في الأحاديث الصحيحة: أن رمضان يثبت بالرؤية ،
فإن لم يكن هناك رؤية ، فإتمام الشهر ، أي شهر شعبان ثلاثين يوماً ، فلماذا يصوم
الإنسان يوم الشك؟ لذلك عقب المصنف ابن حجر رحمه الله الحديث السابق ،
بحديث ثانٍ ، وهو قوله:


(وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنه قَالَ:
( مَنْ صَامَ اَلْيَوْمَ اَلَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا اَلْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم )
وَذَكَرَهُ اَلْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا, وَوَصَلَهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ
اِبْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ حِبَّانَ.)
يتبع إن شاء الله و يليه الفتاوى...

محمد أبو عثمان
2007-09-08, 23:44
جزاك الله خيرا ياعلي

sadam47
2007-09-09, 00:07
http://www4.0zz0.com/2007/09/08/22/70595252.gif

علي الجزائري
2007-09-09, 20:20
آمين و إياكم ...
وفقنا الله و إياكم لكل خير ..