gazawi_dz
2014-08-22, 20:43
الحلف الوهابي الصهيوني على غزة
العدوان على غزة
عار سعودي آخر!
توفيق العباد
لم يعد الأمر سرّاً، فالخيانة باتت علنيّة وكذلك التآمر..انقشع السحر، ولم يعد ثمة حرمة للقضية التي حلبوها دماً وباسمها باع قادة العرب شعوبهم أوهاماً. لم تعد فلسطين قضية مقدّسة، بل لم تعد إسلامية أو حتى عربية من وجهة نظر قادة الخيانة، ولم تعد قضية شعب حتى بل يجري التعامل معها على أساس “ورطة يراد الخلاص منها”.
تقارير متوالية كانت تسكب في ماكينة الاعلام الاسرائيلي والعربي والدولي حول “الدعم” السعودي لحرب الصهاينة على غزة مالياً وسياسياً. تصريحات على أعلى المستويات في الكيان الاسرائيلي تتحدث عن هذا الدعم، فيما كان الجانب السعودي الرسمي يلتزم الصمت، وحين نطق لم يجد من يرد عليه سوى الصحافي البريطاني ديفيد هيرست لأنه أضاء على تصريحات قادة الكيان.
سوف نستعرض هنا ما جرى تداوله في الاعلام حول عار سعودي آخر خلال العدوان الاسرائيلي الأخير على غزّة.
في 20 يوليو الماضي نشر الكاتب البريطاني ديفيد هيرست مقالة في صحيفة (هيفنتجون بوست) الأميركية قال فيها:
“إن العدوان الإسرائيلي على غزة جاء بمباركة دولية وإقليمية من دول على رأسها مصر والولايات المتحدة وأخيراً السعودية”. ورأى الكاتب أن العدوان على غزة جاء بموافقة السعودية التي أرادات مع مصر أن تلحق بالمقاومة في غزة ضربة كبيرة تجبرها على الاستسلام والقبول بشروط التسوية في وقف إطلاق النار، والسلام مع العدو الصهيوني مستقبلاً من باب مباردة السلام العربية.
استهل هيرست مقاله بالقول: “هناك العديد من الأيدي وراء هجوم الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، أميركا غير مستاءه بتلقي حماس مثل هذا الضربة؛ جون كيري قال على إن بي سي في برنامج قابل الصحافة أنه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها وذلك في تعليقه على مشاهد من مجزرة حي الشجاعية، والسفير الأمريكي في إسرائيل دان شابيرو صرّح للقناة الثانية الإسرائيلية أن الولايات المتحدة ستساعد القوى المعتدلة في غزة أن تصبح أقوى..يعني بذلك السلطة الفلسطينية”.
وعن مصر، أضاف الكاتب قائلاً “لا يبدو على مصر الأسى، وزير خارجيتها سامح شكري حمّل حماس مسئولية موت المدنيين بعد رفضها مبادرة وقف إطلاق النار”.
وتابع هيرست “نتنياهو لا يهمه سوى الشريك الثالث الغير المعلن في هذا الحلف الغير المقدس، والذي بدونه لم يكن في إمكان نتنياهو الحصول على غطاء للعملية العسكرية الشرسة، والتي لا يمكن نفض الأيدي منها سوى من جانب شريك قوي كالولايات المتحدة، لكنها أيضا تحتاج إلى موافقة لا يمكن أن يأتي إلا من أخ عربي.. ليس سراً في إسرائيل أن الهجوم على غزة أتى بمرسوم ملكي سعودي، مسئولي الدفاع الحاليين والسابقين لا يخفون ذلك، فالتفويض الملكي ليس سوى سر معلنً في إسرائيل. وزير الدفاع الإسرائيلي السابق شاؤول موفاز فاجأ مقدم برامج على القناة العاشرة الإسرائيلية بقوله أن السعودية والإمارات لهم دور في مسعى نزع سلاح حماس، وبسؤاله عن معنى ما يقول، أضاف أن أموال السعودية والإمارات المخصصة لإعادة بناء غزة ستستخدم فقط بعد نزع أنياب حماس”.
ونقل هيرست تصريحات عاموس جلعاد، مسئول الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية أثناء مقابلته مع مدير معهد الشرق الأوسط، جيمس دورسي، والتي وصف من خلالها التعاون الأمني بين إسرائيل من ناحية ومصر ودول خليجية من ناحية أخرى بـ “الفريد من نوعه” متابعاً “كل شيء تحت الأرض ولا يوجد شيء معلن..هذه هي الفترة الأفضل في العلاقات الأمنية والدبلوماسية مع العرب”. وعلّق كاتب المقال على هذا بقوله “يبدو أن الاحتفال متبادل، فمن المعروف أن الملك عبد الله أجرى اتصالاً مع الرئيس عبد الفتاح السيسي للتصديق على المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة، التي لم تُرسل إلى حماس، وأَقْتَبس من تحليل نُشر مسبقاً في جيروزاليم بوست، إذا كان وقف إطلاق النار كان بالفعل هو الهدف المقصود وأنه أُخذ على محمل الجد من جانب مَن قدمه”.
وذكر هيرست أن مسئولين من الموساد والاستخبارات السعودية يجتمعون بصفة منتظمة، فقال “الجانبان تشاورا حول مسألة خلع الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وتعاونوا يدا بيد فيما يخص إيران، سواء في التحضير لهجوم إسرائيلي عليها عبر المجال الجوي السعودي لتدمير قدرات البرنامج النووي..مصدر موثوق أدعى أن السعودية ستمول معظم تكاليف الحملة الإسرائيلية الباهظة ضد إيران”.
وطرح هيرست تساؤلاً عن دوافع كل من السعودية وإسرائيل في أن يكونا
على وفاق وصل إلى مرحلة أن يكونا “شركاء فراش واحد” على حد تعبيره، مفسّراً ذلك بقوله “على مدى عقود كان لدى البلدين شعور مماثل عندما ينظرون حولهم: الخوف. وكذلك كانت ردة فعلهم مماثلة. كل منهم يمكن أن يحمي نفسه بغزو جيرانهم (لبنان، اليمن) أو من خلال تمويل حرب بالوكالة وانقلابات (سوريا، مصر، ليبيا) ولديهم أعداء ومنافسين مشتركين: إيران، تركيا، قطر، حماس في غزة، والإخوان المسلمون. ولديهم نفس الحلفاء أيضاً: المؤسسات العسكرية الأمريكية والبريطانية، ورجل فتح القوي محمد دحلان، الذي حاول السيطرة على غزة قبل فيما مضى، وربما يكون في متناول اليد عند الحاجة إليه عندما يكون مطلوباً في مرة قادمة”. وأوضح هيرست أنه “للمرة الأولى في تاريخ البلدين أصبح هناك تعاون وتنسيق مفتوح بين القوتين العسكريتين، فأبن أخ الملك عبد الله، الأمير تركي كان الوجهة العلنية من هذا التقارب، وذهب إلى بروكسل في مايو الماضي لمقابلة الجنرال عاموس يادلين الرئيس السابق للاستخبارات الاسرائيلية والمطلوب للمحاكمة بسبب دوره في اقتحام سفينة مرمره”.
وقال هيرست عن تركي الفيصل بأنه “لا يوجد عنده إحساس بالذنب في مسعاه، فطالما رغب تركي في التغلب على المحرّمات القديمة، وأنه موقن بأن دوافعه سلمية وجديرة بالثناء، فالأمير مؤيد قوي لمبادرة السلام التي اقترحها العاهل السعودي، المبادرة المدعومة من22 دولة عربية و56 دولة إسلامية ستكون مؤسسة للسلام إن لم تتجاهلها إسرائيل منذ 12 عام”.
وأورد هيرست مقتطف من خطاب تركي الفيصل الذي وجهه لمؤتمر “إسرائيل للسلام” الذي عقد قبل في 7 يوليو الماضي برعاية صحيفة (هآرتس)، والتي نشرت خطابه في التاسع من يوليو. وجاء فيه: “كم أتمنى أن أكون قادرا على دعوة ليس فقط الفلسطينيين، وإنما أيضاً الإسرائيليين لزيارتي في الرياض، حيث يمكنهم زيارة مسقط رأسي وأرض أجدادي في الدرعية، التي ذاقت على يد إبراهيم باشا نفس المصير الذي ذاقته أورشليم على يد نبوخذ نصر”.
وعلّق الكاتب على هذا الخطاب بقوله “إنهُ وسيلة وليست غاية، ففضح الكُلفة الحقيقية لهذا التحالف (بين السعودية وإسرائيل)، فترويج الأمير تركي للمبادرة العربية للسلام يأتي على حساب التخلي عن الدعم التاريخي من المملكة للمقاومة الفلسطينية..المحلل السعودي جمال خاشقجي أشار لهذه النقطة بالذات عند مخاطبته بمواربة للمثقفين الذين يهاجمون فكرة المقاومة فقال: “هذا المدخل مهم للمثقفين العرب والكُتّاب الذين انبروا للهجوم على فكرة المقاومة بشكل غير مفهوم في حرب غزة الدائرة الآن، ما يستدعي تحليلاً لهذه الظاهرة الغريبة، وللأسف نصيبنا منهم نحن السعوديين أكبر من المعدل المعقول بشكل سيؤدي لو استمر إلى تدمير رصيد المملكة المشرّف المؤيد والمنافح عن القضية الفلسطينية منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، ولا ينافسنا في ذلك غير الإعلام المصري والكتّاب هناك، ولكن هؤلاء لا يعوّل عليهم، إذ إنهم يمرون بحال غريبة استثنائية لا تستحق التوقف عندها وإنما انتظار عبورها”.
وختم هيرست مقاله بالقول: “بالتأكيد السلام مرحب به من الجميع، ماعدا غزة في الوقت الراهن، غاية حلفاء إسرائيل في المملكة السعودية ومصر تسير نحو تحقيق ذلك، من خلال تشجيع إسرائيل للتعامل مع حماس بضربة قاضية. وذلك يستدعى التساؤل عن ماذا يجري هنا؟ ...التحالف السعودي الإسرائيلي صوغ بالدم، الدم الفلسطيني دم أكثر من مئة روح زهقت في الشجاعية”.
الرد السعودي
أصابت مقالة هيرست آل سعود في مقتل، وأدخلتهم في نوبة جنون وهياج غير مسبوق، عكسه رد السفير السعودي في لندن محمد بن نوّاف آل سعود في 25 يوليو الماضي على مقالة هيرست التي وصفها بأنه “هراء مطلق” و“أكاذيب لا أساس لها” بشأن الشراكة، التي أكَّد مسئولون إسرائيليون علناً بأن الأموال السعودية سيتم الاعتماد عليها لإعادة بناء غزة بمجرد القضاء على حماس.
وجّه إبن نواف سؤال لهيرست: “هل لديك نية الإهانة؟ أم أنك مجرد جاهل تماما في التاريخ أو السياسة في الشرق الأوسط؟”. وقال ابن نوّاف “من الصعب أن نصدّق أن مثل هذه التخريفات المطلقة، ومثل هذه الأكاذيب التي لا أساس لها، يمكن أن تكون مكتوبة من قبل شخص يزعم أن يكون رئيس تحرير لأي وسيلة اعلامية”.
واصل إبن نوّاف هجومه على هيرست وسأله: “وهل تخليت عن المبادىء الصحفية والاخلاقيات المهنية والشعارات التي تزعم أنك تتبناها من خلال صحيفة الالكترونية ومنها “لدينا ولاء رئيسي نحو قرائنا ـ والمهة الرئيسية لدينا هو تقديم الحقائق للقارىء” والسؤال أين الحقائق الموثّقة فيما قدّمته”.
على أية حال، لم يهب هيرست السفير السعودي الوقت طويلاً قبل أن يواجهه برد مضاد، لأن ما بحوزته من معطيات تكفي لنسف مدّعيات إبن نواف ومن ورائه آل سعود عامة.
العدوان على غزة
عار سعودي آخر!
توفيق العباد
لم يعد الأمر سرّاً، فالخيانة باتت علنيّة وكذلك التآمر..انقشع السحر، ولم يعد ثمة حرمة للقضية التي حلبوها دماً وباسمها باع قادة العرب شعوبهم أوهاماً. لم تعد فلسطين قضية مقدّسة، بل لم تعد إسلامية أو حتى عربية من وجهة نظر قادة الخيانة، ولم تعد قضية شعب حتى بل يجري التعامل معها على أساس “ورطة يراد الخلاص منها”.
تقارير متوالية كانت تسكب في ماكينة الاعلام الاسرائيلي والعربي والدولي حول “الدعم” السعودي لحرب الصهاينة على غزة مالياً وسياسياً. تصريحات على أعلى المستويات في الكيان الاسرائيلي تتحدث عن هذا الدعم، فيما كان الجانب السعودي الرسمي يلتزم الصمت، وحين نطق لم يجد من يرد عليه سوى الصحافي البريطاني ديفيد هيرست لأنه أضاء على تصريحات قادة الكيان.
سوف نستعرض هنا ما جرى تداوله في الاعلام حول عار سعودي آخر خلال العدوان الاسرائيلي الأخير على غزّة.
في 20 يوليو الماضي نشر الكاتب البريطاني ديفيد هيرست مقالة في صحيفة (هيفنتجون بوست) الأميركية قال فيها:
“إن العدوان الإسرائيلي على غزة جاء بمباركة دولية وإقليمية من دول على رأسها مصر والولايات المتحدة وأخيراً السعودية”. ورأى الكاتب أن العدوان على غزة جاء بموافقة السعودية التي أرادات مع مصر أن تلحق بالمقاومة في غزة ضربة كبيرة تجبرها على الاستسلام والقبول بشروط التسوية في وقف إطلاق النار، والسلام مع العدو الصهيوني مستقبلاً من باب مباردة السلام العربية.
استهل هيرست مقاله بالقول: “هناك العديد من الأيدي وراء هجوم الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، أميركا غير مستاءه بتلقي حماس مثل هذا الضربة؛ جون كيري قال على إن بي سي في برنامج قابل الصحافة أنه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها وذلك في تعليقه على مشاهد من مجزرة حي الشجاعية، والسفير الأمريكي في إسرائيل دان شابيرو صرّح للقناة الثانية الإسرائيلية أن الولايات المتحدة ستساعد القوى المعتدلة في غزة أن تصبح أقوى..يعني بذلك السلطة الفلسطينية”.
وعن مصر، أضاف الكاتب قائلاً “لا يبدو على مصر الأسى، وزير خارجيتها سامح شكري حمّل حماس مسئولية موت المدنيين بعد رفضها مبادرة وقف إطلاق النار”.
وتابع هيرست “نتنياهو لا يهمه سوى الشريك الثالث الغير المعلن في هذا الحلف الغير المقدس، والذي بدونه لم يكن في إمكان نتنياهو الحصول على غطاء للعملية العسكرية الشرسة، والتي لا يمكن نفض الأيدي منها سوى من جانب شريك قوي كالولايات المتحدة، لكنها أيضا تحتاج إلى موافقة لا يمكن أن يأتي إلا من أخ عربي.. ليس سراً في إسرائيل أن الهجوم على غزة أتى بمرسوم ملكي سعودي، مسئولي الدفاع الحاليين والسابقين لا يخفون ذلك، فالتفويض الملكي ليس سوى سر معلنً في إسرائيل. وزير الدفاع الإسرائيلي السابق شاؤول موفاز فاجأ مقدم برامج على القناة العاشرة الإسرائيلية بقوله أن السعودية والإمارات لهم دور في مسعى نزع سلاح حماس، وبسؤاله عن معنى ما يقول، أضاف أن أموال السعودية والإمارات المخصصة لإعادة بناء غزة ستستخدم فقط بعد نزع أنياب حماس”.
ونقل هيرست تصريحات عاموس جلعاد، مسئول الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية أثناء مقابلته مع مدير معهد الشرق الأوسط، جيمس دورسي، والتي وصف من خلالها التعاون الأمني بين إسرائيل من ناحية ومصر ودول خليجية من ناحية أخرى بـ “الفريد من نوعه” متابعاً “كل شيء تحت الأرض ولا يوجد شيء معلن..هذه هي الفترة الأفضل في العلاقات الأمنية والدبلوماسية مع العرب”. وعلّق كاتب المقال على هذا بقوله “يبدو أن الاحتفال متبادل، فمن المعروف أن الملك عبد الله أجرى اتصالاً مع الرئيس عبد الفتاح السيسي للتصديق على المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة، التي لم تُرسل إلى حماس، وأَقْتَبس من تحليل نُشر مسبقاً في جيروزاليم بوست، إذا كان وقف إطلاق النار كان بالفعل هو الهدف المقصود وأنه أُخذ على محمل الجد من جانب مَن قدمه”.
وذكر هيرست أن مسئولين من الموساد والاستخبارات السعودية يجتمعون بصفة منتظمة، فقال “الجانبان تشاورا حول مسألة خلع الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وتعاونوا يدا بيد فيما يخص إيران، سواء في التحضير لهجوم إسرائيلي عليها عبر المجال الجوي السعودي لتدمير قدرات البرنامج النووي..مصدر موثوق أدعى أن السعودية ستمول معظم تكاليف الحملة الإسرائيلية الباهظة ضد إيران”.
وطرح هيرست تساؤلاً عن دوافع كل من السعودية وإسرائيل في أن يكونا
على وفاق وصل إلى مرحلة أن يكونا “شركاء فراش واحد” على حد تعبيره، مفسّراً ذلك بقوله “على مدى عقود كان لدى البلدين شعور مماثل عندما ينظرون حولهم: الخوف. وكذلك كانت ردة فعلهم مماثلة. كل منهم يمكن أن يحمي نفسه بغزو جيرانهم (لبنان، اليمن) أو من خلال تمويل حرب بالوكالة وانقلابات (سوريا، مصر، ليبيا) ولديهم أعداء ومنافسين مشتركين: إيران، تركيا، قطر، حماس في غزة، والإخوان المسلمون. ولديهم نفس الحلفاء أيضاً: المؤسسات العسكرية الأمريكية والبريطانية، ورجل فتح القوي محمد دحلان، الذي حاول السيطرة على غزة قبل فيما مضى، وربما يكون في متناول اليد عند الحاجة إليه عندما يكون مطلوباً في مرة قادمة”. وأوضح هيرست أنه “للمرة الأولى في تاريخ البلدين أصبح هناك تعاون وتنسيق مفتوح بين القوتين العسكريتين، فأبن أخ الملك عبد الله، الأمير تركي كان الوجهة العلنية من هذا التقارب، وذهب إلى بروكسل في مايو الماضي لمقابلة الجنرال عاموس يادلين الرئيس السابق للاستخبارات الاسرائيلية والمطلوب للمحاكمة بسبب دوره في اقتحام سفينة مرمره”.
وقال هيرست عن تركي الفيصل بأنه “لا يوجد عنده إحساس بالذنب في مسعاه، فطالما رغب تركي في التغلب على المحرّمات القديمة، وأنه موقن بأن دوافعه سلمية وجديرة بالثناء، فالأمير مؤيد قوي لمبادرة السلام التي اقترحها العاهل السعودي، المبادرة المدعومة من22 دولة عربية و56 دولة إسلامية ستكون مؤسسة للسلام إن لم تتجاهلها إسرائيل منذ 12 عام”.
وأورد هيرست مقتطف من خطاب تركي الفيصل الذي وجهه لمؤتمر “إسرائيل للسلام” الذي عقد قبل في 7 يوليو الماضي برعاية صحيفة (هآرتس)، والتي نشرت خطابه في التاسع من يوليو. وجاء فيه: “كم أتمنى أن أكون قادرا على دعوة ليس فقط الفلسطينيين، وإنما أيضاً الإسرائيليين لزيارتي في الرياض، حيث يمكنهم زيارة مسقط رأسي وأرض أجدادي في الدرعية، التي ذاقت على يد إبراهيم باشا نفس المصير الذي ذاقته أورشليم على يد نبوخذ نصر”.
وعلّق الكاتب على هذا الخطاب بقوله “إنهُ وسيلة وليست غاية، ففضح الكُلفة الحقيقية لهذا التحالف (بين السعودية وإسرائيل)، فترويج الأمير تركي للمبادرة العربية للسلام يأتي على حساب التخلي عن الدعم التاريخي من المملكة للمقاومة الفلسطينية..المحلل السعودي جمال خاشقجي أشار لهذه النقطة بالذات عند مخاطبته بمواربة للمثقفين الذين يهاجمون فكرة المقاومة فقال: “هذا المدخل مهم للمثقفين العرب والكُتّاب الذين انبروا للهجوم على فكرة المقاومة بشكل غير مفهوم في حرب غزة الدائرة الآن، ما يستدعي تحليلاً لهذه الظاهرة الغريبة، وللأسف نصيبنا منهم نحن السعوديين أكبر من المعدل المعقول بشكل سيؤدي لو استمر إلى تدمير رصيد المملكة المشرّف المؤيد والمنافح عن القضية الفلسطينية منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، ولا ينافسنا في ذلك غير الإعلام المصري والكتّاب هناك، ولكن هؤلاء لا يعوّل عليهم، إذ إنهم يمرون بحال غريبة استثنائية لا تستحق التوقف عندها وإنما انتظار عبورها”.
وختم هيرست مقاله بالقول: “بالتأكيد السلام مرحب به من الجميع، ماعدا غزة في الوقت الراهن، غاية حلفاء إسرائيل في المملكة السعودية ومصر تسير نحو تحقيق ذلك، من خلال تشجيع إسرائيل للتعامل مع حماس بضربة قاضية. وذلك يستدعى التساؤل عن ماذا يجري هنا؟ ...التحالف السعودي الإسرائيلي صوغ بالدم، الدم الفلسطيني دم أكثر من مئة روح زهقت في الشجاعية”.
الرد السعودي
أصابت مقالة هيرست آل سعود في مقتل، وأدخلتهم في نوبة جنون وهياج غير مسبوق، عكسه رد السفير السعودي في لندن محمد بن نوّاف آل سعود في 25 يوليو الماضي على مقالة هيرست التي وصفها بأنه “هراء مطلق” و“أكاذيب لا أساس لها” بشأن الشراكة، التي أكَّد مسئولون إسرائيليون علناً بأن الأموال السعودية سيتم الاعتماد عليها لإعادة بناء غزة بمجرد القضاء على حماس.
وجّه إبن نواف سؤال لهيرست: “هل لديك نية الإهانة؟ أم أنك مجرد جاهل تماما في التاريخ أو السياسة في الشرق الأوسط؟”. وقال ابن نوّاف “من الصعب أن نصدّق أن مثل هذه التخريفات المطلقة، ومثل هذه الأكاذيب التي لا أساس لها، يمكن أن تكون مكتوبة من قبل شخص يزعم أن يكون رئيس تحرير لأي وسيلة اعلامية”.
واصل إبن نوّاف هجومه على هيرست وسأله: “وهل تخليت عن المبادىء الصحفية والاخلاقيات المهنية والشعارات التي تزعم أنك تتبناها من خلال صحيفة الالكترونية ومنها “لدينا ولاء رئيسي نحو قرائنا ـ والمهة الرئيسية لدينا هو تقديم الحقائق للقارىء” والسؤال أين الحقائق الموثّقة فيما قدّمته”.
على أية حال، لم يهب هيرست السفير السعودي الوقت طويلاً قبل أن يواجهه برد مضاد، لأن ما بحوزته من معطيات تكفي لنسف مدّعيات إبن نواف ومن ورائه آل سعود عامة.