نقاء روح
2014-08-19, 11:22
أسباب نجاة الأمة (1)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد،
فإن الله سبحانه وتعالى حكمته أجرى الامتحان والابتلاء على بني آدم من أول الخلق إلى أخره أولهم أبوهم أدم عليه السلام وما جرى له من المحنة والابتلاء مع عدوه إبليس الذي حسده وتكبر عليه ماذا حصل لآدم عليه السلام وزوجه حواء عليها السلام ثم إن الله سبحانه وتعالى وفق الأبوين للتوبة والرجوع على الله عزّ وجل فال ربنا ظلمنا نفسنا وإن لم تغفر لنا فارحمنا لنكونن من الخاسرين تاب الله عليهما تلقى آدم من ربه كلمات وتاب عليه إنه هو التواب الرحيم لكن بعد الابتلاء والامتحان وكذلك توالت المحن على بني آدم عبر القرون بين الرسل وأتباعهم وبين أعدائهم من الكفار والمنافقين شياطين الإنس والجن وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفا بربك هادياً ونصيراً ولكن الرسل وأتباعهم من المؤمنين ثبتوا على الحق فأنجاهم الله سبحانه وتعالى ثم ننجي رسلنا والذين امنوا كذلك حق علينا ننجي المؤمنين ننجي رسلنا والذين امنوا غير الرسل لا ينجوا إلا بالإيمان ثم أكد ذلك بقوله تعالى وكذلك ننجي المؤمنين قال تعالى :
__________
(1) - محاضرة بثت في قناة المجد بتاريخ 27 /11/2004
وكان حقاً علينا نصر المؤمنين بهذا الوصف وصف الإيمان فإذا تمسك المؤمنون بإيمانهم وثبتوا على دينهم نجاهم الله سبحانه وتعالى من الفتن وجعل العاقبة لهم على مدار الأزمان إلى أن تقوم الساعة والدنيا دول والحق منصور وممتحن فلا تعجب فهذه سنة الرحمن وهذه حكمة الله جلّ وعلا من أجل أن يتميز أهل الإيمان من أهل النفاق وحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم وليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم يا أيها الذين امنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم فلا نعجب في هذه الأيام من تطاول الكفار والمنافقين على أهل الإيمان وعلى أهل الإسلام لا نعجب هذه سنة الله جلّ وعلا في خلقه ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون لا نعجب إذا حصل للمسلمين في هذا الزمان من أعداء الله من الكفار اختلال في توجهاتهم ومحنهم ومن المنافقين والذين في قلوبهم مرض من الذين يدعون الإسلام أن حصل على المسلمين ما ترونه وتسمعونه من الابتلاء والامتحان ولكن لابد من الصبر ولابد من الاحتساب والعاقبة للمتقين لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذاً كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور وفي آية أخرى وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيء إن الله بما يعملون محيط بهذا الشرط صبر والثبات وعدم التنازل عن شيء من الدين لأجل إرضاء الكفار والمنافقين مهما كلف الأمر ومهما بلغ الثمن لابد من الثبات ولابد من الصبر كما قال جلّ وعلا وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عند هذه الآية بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين بالصبر واليقين لما صبروا وكانوا بآياتنا يقيمون بالصبر واليقين تنال الإمامة والدين أما بدون صبر بدون يقين فإن الإمامة صعب منالها ونبينا صلى الله عليه وسلم في أخر حياته وعظ الناس كما في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وزرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإن من يعش منكم فسيرى اختلاف كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم بمحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الوصية أوصانا بتقوى الله وهي كلمة جامعة تجمع خصال الخير كلها والتقوى معناها أن تجعل بينك وبين من تخاف وقاية تقيك منه وقاية تقيك من المحذور فاجعلوا بينك وبين الرمضا وقاية تقي رجلك وبينها و بين الشوك وقاية تجعل بينك وبين السلاح وقاية تقيك منه تجعل بينك وبين الحر والبرد وقاية تقيك منه هذا في الأمور المحسوسة وكذلك تجعل بينك وبين غضب الله وعقابه وبين النار وقاية لتقوى الله جلّ وعلا بفعل أوامره وترك نواهيه لا يقيك من عذاب الله ومن غضب الله ومن النار لا تقيك الدروع والحصون والجنود والثياب وإنما يقيك تقوى الله سبحانه وتعالى بفعل أوامره وترك نواهيه ثم قال و السمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد من أسباب النجاة أن الأمة تطيع وتسمع لولي أمرها حتى يكون لها جماعة يكون لها دولة يكون لها قوة يكون لها جنة تتقي بها الأعداء الجماعة والاجتماع بين المسلمين واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ولا تتم الجماعة إلا بقيادة إلا بإمامة ولا تتم الإمامة والقيادة إلا بسمع وطاعة لولي الأمر ما لم يأمر بمعصية الله وإن تأمر
عليكم عبد مهما كان هذا الأمير حتى ولو كان ليس له نسب عربي ونسب قبلي ولو كان عبداً مملوكاً أو معتقاً أو ليس له نسب عربي العبرة ليست هي بالنسب العبرة بالمنصب فولي الأمر يطاع ولي أمر المسلمين يطاع مهما كان لأن هذا من مصلحة المسلمين من جمع الكلمة السمع والطاعة السمع لولي الأمر والطاعة لولي الأمر إلا ما استثناه الرسول صلى الله عليه وسلم من قوله صلى الله عليه وسلم :
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فهو لا يطاع في المعصية وإنما يطاع في ما عدى المعصية ليس معنى أنه إذا أمر بمعصية إننا نخرج عليه ونشق العصا لا لا نطيعه في تلك المعصية ولكن نطيعه في الأمور الأخرى التي ليس فيها معصية ثم بينت صلى الله عليه وسلم بين صلى الله عليه وسلم ما يكون في المستقبل وأن الأمة بحاجة إلى هذه الوصية وهي السمع والطاعة لولي الأمر فقال فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين هذا سبب أخر من أسباب النجاة السبب الأول السمع والطاعة لولي الأمر ولأمر المسلمين السبب الثاني التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم تمسك في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وقال اختلافاً كثيراً وليس اختلافاً يسيراً وإنما كثير وكثير ولا ينجي الأمة من هذا الخلاف إلا التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه خلفائه الراشدون بل وما كان عليه المهاجرون والأنصار والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار هذا هو السبب الثاني التمسك لما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولما أخبر صلى الله عليه وسلم أنه سيحصل اختلاف وافتراق قال افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة افترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستختلف هذه الأمة على ثلاثاً وسبعين
فرقة أكثر من الأمم السابقة ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قلنا من هي يا رسول الله قال:
من كان على ما أنا عليه وأصحابي ما أنا عليه وأصحابي فلا ينجي من فتنة الاختلاف في كل وقت ولا سيما في أخر الزمان لا ينجي إلا التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وما كان عليه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه هذا هو الذي ينجي من النار ولذلك سمت فرقة أهل السنة والجماعة سميت الفرقة الناجية من أي شيء من الفتن والناجية من النار يوم القيامة هي الناجية وما عداها فإنه لا ينجوا كلها في النار إلا واحدة كلها في النار لمخالفتها وافتراقها إلا من ثبت إلا من ثبت على الحق ولا يحصل الثبات على الحق وعلى سنة الرسول الصحابة إلا بالعلم النافع كيف تثبت على شيء وأنت تجهله لا بد نتعلم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه هو وأصحابه حتى نثبت عليه ونتمسك به وقال حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني شوف كنت أسأله عن الشر مخالفة أن يدركني يطلب من الرسول أن يبين له ما يحصل من الشر في المستقبل حتى يكون على علم منه وحتى يسلم منه وهذا لا يحصل عفواً يحصل إلا بالعلم أسأله تعلم هذا أسأله عن الشر مخالفة أن يدركني فلما بين له صلى الله عليه وسلم ما يحصل بعده من الاختلافات المتكررة قال له حذيفة ما تأمرني يا رسول الله إن أدركني ذلك قال أن تلزم جماعة المسلمين وإمامهم هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم عليكم بتقوى الله والسمع والطاعة أن تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ولا تذهب مع الفرق تطير مع الفرق الطائشة بل عليك بالثبات عليك بالتأني عليك بالفقه في دين الله عليك بالنظر إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فتأخذ به عليك بالسمع والطاعة لولي أمر المسلمين وتكون مع جماعة المسلمين قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت يا رسول
الله فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام فاعتزل تلك الفرق كلها اعتزل كل الفرق كلها ما دام ليس لهم جماعة ولا إمام ثابتون على كتاب الله وسنة رسوله فاعتزلها كلها لأن كلها على ضلال ولا تكن معها ولو أن تغض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت حتى يأتيك الموت أما ما دام يوجد للمسلمين جماعة وإمام فلا تنفرد كن مع المسلمين مع جماعة المسلمين حتى تنجوا وتسلم كذلك من أسباب النجاة التمسك بعقيدة التوحيد وإفراد الله جل وعلا بالعبادة وتجنب الشرك تجنب الشرك الأكبر والأصغر هذا هو أصل العقيدة وهذا هو أصل النجاة من النار لن تمسك به قال تعالى :
الذين أمنوا ولم يلمسوا إيمانهم بظلم أولائك لهم الأمن وهم مهتدون أمنوا الإيمان هو التوحيد لعبادة الله وترك عبادة ما سواه ولم يلبسوا إيمانهم أي توحيدهم بظلم أي بشرك لأن الشرك إذا خالط التوحيد أفسده لا يستقيم التوحيد مع وجود الشرك أبداً ضدان لا يجتمعان لا يجتمع توحيد وشرك أكبر أما شرك أصغر يمكن لكن توحيد وشرك أكبر لا يمكن أن يجتمع أبداً ولم يخلطوا إيمانهم توحيدهم بشيء بظلم بشرك كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم لما أشكلت هذه الآية على الصحابة وقالوا يا رسول الله أينا لم يظلم نفسه قال إنه ليس بالذي تعنون إنه الشرك أما سمعتم قول العبد الصالح إن الشرك لظلم عظيم يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم فالمراد في الظلم في هذه الآية الشرك فمن سلم من الشرك حصل له الأمان في الآخرة والدينا وحصلت له الهدايا بأن يكون على الحق قال سبحانه وتعالى وعد الله الذين أمنوا منكم وعلموا الصالحات أمنوا شوف أمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ولا يمكن لهم يدنهم الذي أرتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا بهذا الشرط لا تحصل هذه المطالب العظيمة إلا بهذا الشرط يعبدونني ولا يشركون بي شيئا فإذا حصل هذا الشرط وهو عبادة الله وترك عبادة ما سواه حصلوا على هذه الوعود الكريمة من الله سبحانه وتعالى يستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم يبدلنهم من بعد خوفهم أمنا مقاصد عظيمة التحصل إلا بالتوحيد وهو عبادة الله جل وعلا وترك عبادة ما سوا هذا هو التوحيد إفراد الله جل وعلا بالعبادة وكذلك تجنب البدع لأن البدع بريد التوحيد بريد الشرك البدع بريد الشرك توصي إلى الشرك ولهذا قال صلى الله عليه وسلم وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وفي رواية وكل بدعة وكل ضلالة في النار فكما نتجنب الشرك نتجنب البدع وتجنب الشرك
هو معنى لا آله إلا الله لا آله إلا الله معناها إفراد الله جل وعلا بالعبادة وترك عبادة ما سوا هذا هو معنى لا آله إلا الله ومعنى محمد رسول الله ترك البدع لأن الرسول هو الذي جاءنا ببيان الحق والدين فنحن نعبد الله على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ما ترك لنا شيء فيه خير إلا بينه لنا ما ترك شيئاً فيه شر إلا بينه لنا عليه الصلاة والسلام .
فهذا من أعظم أسباب نجاة الأمة تمسكها بالعقيدة تمسكها بالتوحيد تجنبها للشرك تجنبها للبدع والمحدثات هذه أسباب بل هو الأصل أصل الأسباب هو التوحيد وتجنب الشرك وتجنب البدع والمحدثات في الدين وكذلك من أسباب النجاة نجاة الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأمر المعروف والنهي عن المنكر هو أعظم أسباب نجاة الأمة فمادام الأمر بالمعروف لا يعني المنكر موجودين فإن الأمة تنجوا وإذا تركت الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هلكت كما ذكر الله لنا في قصة بني إسرائيل لما اعتدوا في السبت لما اعتدوا في السبت ونهاهم الصلحاء عن عدوانهم فلم يمتثلوا وسكت من جماعة من الصلحاء لم ينهوهم بل قالوا لما تعظون قوم الله مهلكهم أو معذبهم عذاباًَ شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون قال الله جل وعلا قال الله سبحانه وتعالى فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين قال سبحانه وتعالى وأسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذا يعدون في السبت اعتدوا في أي شيء في السبت يوم السبت على صيد الحيتان فقد نهاهم الله تعالى عنه لكن احتالوا عليه بوضع الشباك التي تمسكه لهم إلى يوم الأحد ثم يأخذونه يوم الأحد ويظنون أنهم ما اعتدوا عملوا حيلة على حرمات الله فقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين وأسألهم عن القرية التي كانت حاصرة في البحر إذا يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرع هذا من الابتلاء يوم السبت تكثر الحيتان يشوفنه فتغريهم في الصيد إبلاء
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد،
فإن الله سبحانه وتعالى حكمته أجرى الامتحان والابتلاء على بني آدم من أول الخلق إلى أخره أولهم أبوهم أدم عليه السلام وما جرى له من المحنة والابتلاء مع عدوه إبليس الذي حسده وتكبر عليه ماذا حصل لآدم عليه السلام وزوجه حواء عليها السلام ثم إن الله سبحانه وتعالى وفق الأبوين للتوبة والرجوع على الله عزّ وجل فال ربنا ظلمنا نفسنا وإن لم تغفر لنا فارحمنا لنكونن من الخاسرين تاب الله عليهما تلقى آدم من ربه كلمات وتاب عليه إنه هو التواب الرحيم لكن بعد الابتلاء والامتحان وكذلك توالت المحن على بني آدم عبر القرون بين الرسل وأتباعهم وبين أعدائهم من الكفار والمنافقين شياطين الإنس والجن وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفا بربك هادياً ونصيراً ولكن الرسل وأتباعهم من المؤمنين ثبتوا على الحق فأنجاهم الله سبحانه وتعالى ثم ننجي رسلنا والذين امنوا كذلك حق علينا ننجي المؤمنين ننجي رسلنا والذين امنوا غير الرسل لا ينجوا إلا بالإيمان ثم أكد ذلك بقوله تعالى وكذلك ننجي المؤمنين قال تعالى :
__________
(1) - محاضرة بثت في قناة المجد بتاريخ 27 /11/2004
وكان حقاً علينا نصر المؤمنين بهذا الوصف وصف الإيمان فإذا تمسك المؤمنون بإيمانهم وثبتوا على دينهم نجاهم الله سبحانه وتعالى من الفتن وجعل العاقبة لهم على مدار الأزمان إلى أن تقوم الساعة والدنيا دول والحق منصور وممتحن فلا تعجب فهذه سنة الرحمن وهذه حكمة الله جلّ وعلا من أجل أن يتميز أهل الإيمان من أهل النفاق وحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم وليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم يا أيها الذين امنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم فلا نعجب في هذه الأيام من تطاول الكفار والمنافقين على أهل الإيمان وعلى أهل الإسلام لا نعجب هذه سنة الله جلّ وعلا في خلقه ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون لا نعجب إذا حصل للمسلمين في هذا الزمان من أعداء الله من الكفار اختلال في توجهاتهم ومحنهم ومن المنافقين والذين في قلوبهم مرض من الذين يدعون الإسلام أن حصل على المسلمين ما ترونه وتسمعونه من الابتلاء والامتحان ولكن لابد من الصبر ولابد من الاحتساب والعاقبة للمتقين لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذاً كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور وفي آية أخرى وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيء إن الله بما يعملون محيط بهذا الشرط صبر والثبات وعدم التنازل عن شيء من الدين لأجل إرضاء الكفار والمنافقين مهما كلف الأمر ومهما بلغ الثمن لابد من الثبات ولابد من الصبر كما قال جلّ وعلا وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عند هذه الآية بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين بالصبر واليقين لما صبروا وكانوا بآياتنا يقيمون بالصبر واليقين تنال الإمامة والدين أما بدون صبر بدون يقين فإن الإمامة صعب منالها ونبينا صلى الله عليه وسلم في أخر حياته وعظ الناس كما في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وزرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإن من يعش منكم فسيرى اختلاف كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم بمحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الوصية أوصانا بتقوى الله وهي كلمة جامعة تجمع خصال الخير كلها والتقوى معناها أن تجعل بينك وبين من تخاف وقاية تقيك منه وقاية تقيك من المحذور فاجعلوا بينك وبين الرمضا وقاية تقي رجلك وبينها و بين الشوك وقاية تجعل بينك وبين السلاح وقاية تقيك منه تجعل بينك وبين الحر والبرد وقاية تقيك منه هذا في الأمور المحسوسة وكذلك تجعل بينك وبين غضب الله وعقابه وبين النار وقاية لتقوى الله جلّ وعلا بفعل أوامره وترك نواهيه لا يقيك من عذاب الله ومن غضب الله ومن النار لا تقيك الدروع والحصون والجنود والثياب وإنما يقيك تقوى الله سبحانه وتعالى بفعل أوامره وترك نواهيه ثم قال و السمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد من أسباب النجاة أن الأمة تطيع وتسمع لولي أمرها حتى يكون لها جماعة يكون لها دولة يكون لها قوة يكون لها جنة تتقي بها الأعداء الجماعة والاجتماع بين المسلمين واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ولا تتم الجماعة إلا بقيادة إلا بإمامة ولا تتم الإمامة والقيادة إلا بسمع وطاعة لولي الأمر ما لم يأمر بمعصية الله وإن تأمر
عليكم عبد مهما كان هذا الأمير حتى ولو كان ليس له نسب عربي ونسب قبلي ولو كان عبداً مملوكاً أو معتقاً أو ليس له نسب عربي العبرة ليست هي بالنسب العبرة بالمنصب فولي الأمر يطاع ولي أمر المسلمين يطاع مهما كان لأن هذا من مصلحة المسلمين من جمع الكلمة السمع والطاعة السمع لولي الأمر والطاعة لولي الأمر إلا ما استثناه الرسول صلى الله عليه وسلم من قوله صلى الله عليه وسلم :
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فهو لا يطاع في المعصية وإنما يطاع في ما عدى المعصية ليس معنى أنه إذا أمر بمعصية إننا نخرج عليه ونشق العصا لا لا نطيعه في تلك المعصية ولكن نطيعه في الأمور الأخرى التي ليس فيها معصية ثم بينت صلى الله عليه وسلم بين صلى الله عليه وسلم ما يكون في المستقبل وأن الأمة بحاجة إلى هذه الوصية وهي السمع والطاعة لولي الأمر فقال فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين هذا سبب أخر من أسباب النجاة السبب الأول السمع والطاعة لولي الأمر ولأمر المسلمين السبب الثاني التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم تمسك في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وقال اختلافاً كثيراً وليس اختلافاً يسيراً وإنما كثير وكثير ولا ينجي الأمة من هذا الخلاف إلا التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه خلفائه الراشدون بل وما كان عليه المهاجرون والأنصار والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار هذا هو السبب الثاني التمسك لما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولما أخبر صلى الله عليه وسلم أنه سيحصل اختلاف وافتراق قال افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة افترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستختلف هذه الأمة على ثلاثاً وسبعين
فرقة أكثر من الأمم السابقة ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قلنا من هي يا رسول الله قال:
من كان على ما أنا عليه وأصحابي ما أنا عليه وأصحابي فلا ينجي من فتنة الاختلاف في كل وقت ولا سيما في أخر الزمان لا ينجي إلا التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وما كان عليه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه هذا هو الذي ينجي من النار ولذلك سمت فرقة أهل السنة والجماعة سميت الفرقة الناجية من أي شيء من الفتن والناجية من النار يوم القيامة هي الناجية وما عداها فإنه لا ينجوا كلها في النار إلا واحدة كلها في النار لمخالفتها وافتراقها إلا من ثبت إلا من ثبت على الحق ولا يحصل الثبات على الحق وعلى سنة الرسول الصحابة إلا بالعلم النافع كيف تثبت على شيء وأنت تجهله لا بد نتعلم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه هو وأصحابه حتى نثبت عليه ونتمسك به وقال حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني شوف كنت أسأله عن الشر مخالفة أن يدركني يطلب من الرسول أن يبين له ما يحصل من الشر في المستقبل حتى يكون على علم منه وحتى يسلم منه وهذا لا يحصل عفواً يحصل إلا بالعلم أسأله تعلم هذا أسأله عن الشر مخالفة أن يدركني فلما بين له صلى الله عليه وسلم ما يحصل بعده من الاختلافات المتكررة قال له حذيفة ما تأمرني يا رسول الله إن أدركني ذلك قال أن تلزم جماعة المسلمين وإمامهم هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم عليكم بتقوى الله والسمع والطاعة أن تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ولا تذهب مع الفرق تطير مع الفرق الطائشة بل عليك بالثبات عليك بالتأني عليك بالفقه في دين الله عليك بالنظر إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فتأخذ به عليك بالسمع والطاعة لولي أمر المسلمين وتكون مع جماعة المسلمين قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت يا رسول
الله فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام فاعتزل تلك الفرق كلها اعتزل كل الفرق كلها ما دام ليس لهم جماعة ولا إمام ثابتون على كتاب الله وسنة رسوله فاعتزلها كلها لأن كلها على ضلال ولا تكن معها ولو أن تغض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت حتى يأتيك الموت أما ما دام يوجد للمسلمين جماعة وإمام فلا تنفرد كن مع المسلمين مع جماعة المسلمين حتى تنجوا وتسلم كذلك من أسباب النجاة التمسك بعقيدة التوحيد وإفراد الله جل وعلا بالعبادة وتجنب الشرك تجنب الشرك الأكبر والأصغر هذا هو أصل العقيدة وهذا هو أصل النجاة من النار لن تمسك به قال تعالى :
الذين أمنوا ولم يلمسوا إيمانهم بظلم أولائك لهم الأمن وهم مهتدون أمنوا الإيمان هو التوحيد لعبادة الله وترك عبادة ما سواه ولم يلبسوا إيمانهم أي توحيدهم بظلم أي بشرك لأن الشرك إذا خالط التوحيد أفسده لا يستقيم التوحيد مع وجود الشرك أبداً ضدان لا يجتمعان لا يجتمع توحيد وشرك أكبر أما شرك أصغر يمكن لكن توحيد وشرك أكبر لا يمكن أن يجتمع أبداً ولم يخلطوا إيمانهم توحيدهم بشيء بظلم بشرك كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم لما أشكلت هذه الآية على الصحابة وقالوا يا رسول الله أينا لم يظلم نفسه قال إنه ليس بالذي تعنون إنه الشرك أما سمعتم قول العبد الصالح إن الشرك لظلم عظيم يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم فالمراد في الظلم في هذه الآية الشرك فمن سلم من الشرك حصل له الأمان في الآخرة والدينا وحصلت له الهدايا بأن يكون على الحق قال سبحانه وتعالى وعد الله الذين أمنوا منكم وعلموا الصالحات أمنوا شوف أمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ولا يمكن لهم يدنهم الذي أرتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا بهذا الشرط لا تحصل هذه المطالب العظيمة إلا بهذا الشرط يعبدونني ولا يشركون بي شيئا فإذا حصل هذا الشرط وهو عبادة الله وترك عبادة ما سواه حصلوا على هذه الوعود الكريمة من الله سبحانه وتعالى يستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم يبدلنهم من بعد خوفهم أمنا مقاصد عظيمة التحصل إلا بالتوحيد وهو عبادة الله جل وعلا وترك عبادة ما سوا هذا هو التوحيد إفراد الله جل وعلا بالعبادة وكذلك تجنب البدع لأن البدع بريد التوحيد بريد الشرك البدع بريد الشرك توصي إلى الشرك ولهذا قال صلى الله عليه وسلم وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وفي رواية وكل بدعة وكل ضلالة في النار فكما نتجنب الشرك نتجنب البدع وتجنب الشرك
هو معنى لا آله إلا الله لا آله إلا الله معناها إفراد الله جل وعلا بالعبادة وترك عبادة ما سوا هذا هو معنى لا آله إلا الله ومعنى محمد رسول الله ترك البدع لأن الرسول هو الذي جاءنا ببيان الحق والدين فنحن نعبد الله على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ما ترك لنا شيء فيه خير إلا بينه لنا ما ترك شيئاً فيه شر إلا بينه لنا عليه الصلاة والسلام .
فهذا من أعظم أسباب نجاة الأمة تمسكها بالعقيدة تمسكها بالتوحيد تجنبها للشرك تجنبها للبدع والمحدثات هذه أسباب بل هو الأصل أصل الأسباب هو التوحيد وتجنب الشرك وتجنب البدع والمحدثات في الدين وكذلك من أسباب النجاة نجاة الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأمر المعروف والنهي عن المنكر هو أعظم أسباب نجاة الأمة فمادام الأمر بالمعروف لا يعني المنكر موجودين فإن الأمة تنجوا وإذا تركت الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هلكت كما ذكر الله لنا في قصة بني إسرائيل لما اعتدوا في السبت لما اعتدوا في السبت ونهاهم الصلحاء عن عدوانهم فلم يمتثلوا وسكت من جماعة من الصلحاء لم ينهوهم بل قالوا لما تعظون قوم الله مهلكهم أو معذبهم عذاباًَ شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون قال الله جل وعلا قال الله سبحانه وتعالى فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين قال سبحانه وتعالى وأسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذا يعدون في السبت اعتدوا في أي شيء في السبت يوم السبت على صيد الحيتان فقد نهاهم الله تعالى عنه لكن احتالوا عليه بوضع الشباك التي تمسكه لهم إلى يوم الأحد ثم يأخذونه يوم الأحد ويظنون أنهم ما اعتدوا عملوا حيلة على حرمات الله فقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين وأسألهم عن القرية التي كانت حاصرة في البحر إذا يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرع هذا من الابتلاء يوم السبت تكثر الحيتان يشوفنه فتغريهم في الصيد إبلاء