المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يَاأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَ


نهى اسطاوالي
2014-08-02, 00:16
قال الله عزّ وجل: {{يَاأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ *}} [المائدة: 51] .

قوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} } الخطاب مصدر بالنداء، فلماذا صدر بالنداء؟
أولاً: لتنبيه المخاطب؛ لأنك إذا أتيت بالكلام مرسلاً قد يحصل من المخاطب غفلة، لكن إذا ناديته قد يكون في ذلك تنبيه له، فصدر الخطاب بالنداء للتنبه والعناية به، ثم وجه هذا النداء {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} } للإغراء والحث؛ لأنه كلما كان الإنسان مؤمناً كان أقبل للحق، فوجه الخطاب للمؤمنين إغراءً به وحثاً عليه، كما تقول للرجل: يا أيها الكريم، عند بيتك ضيف، المعنى تحثه لأن يكرم هذا الضيف، أي: تحثه على الكرم، وعلى حسن الضيافة له.
ثانياً: توجيهه للمؤمنين إشارة إلى أن مقتضى الإيمان العمل بما دل عليه الخطاب، والخطاب الذي في الآية: هو النهي عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء.
ثالثاً: أن مخالفة مقتضى الخطاب منافٍ للإيمان، وهل هو منافٍ للإيمان أصلاً أو كمالاً؟
هذا على حسب ما يقتضيه السياق، قد يكون منافياً للإيمان أصلاً وقد يكون منافياً للإيمان كمالاً.
لو قال قائل: إضافة الحكم إلى الجاهلية وإضافته إلى القضاء كما في قول الشافعي: «وطب نفساً إذا حكم القضاء» هل ينافي أن أصل التحكيم إنما هو إلى الله؟
الجواب: هذه ليست كهذه، وطب نفساً إذا حكم القضاء، يعني: القضاء القدري، يعني: إذا قضى الله عليك بما تكره فلا تقابل هذا بالجزع والسخط، بل ارضَ بما قدر الله عزّ وجل عليك.
لو قال قائل: بعض المتأخرين ميز بين الكفار الذين يحادون الله ورسوله والكفار من أهل الذمة، وقال: أهل الذمة يجوز موالاتهم، والكفار المحادون لله ورسوله لا تجوز موالاتهم؟
الجواب: إن هذا غلط، الموالاة ممنوعة دائماً، أما مسألة البر والمعاملة بالعدل فهذه جائزة فيمن لم يقاتلنا في الدين ولم يخرجنا من ديارنا، فيجوز أن نبرهم ويجوز أن نقسط إليهم، يعني: لا بأس أن نعاملهم بالإحسان والعدل، لكن لا يقر في نفوسنا أننا سنكون لهم أولياء، نحامي دونهم ونذود عنهم، وأما الذميون الذين عندنا في بلادنا وتحت إمرتنا ويعطوننا الجزية، علينا أن نمنع العدوان عليهم ما داموا في بلادنا، لكن لو خرجوا فلسنا المسؤولين عنهم.
لو قال قائل: بعض الدول تحكم بشرع الله لكن تسمي هذا التشريع قانوناً وتجعله على شكل مواد، مثلاً مادة رقم كذا: إذا طلق ثلاثاً لا يقع الطلاق ثلاثاً، وما أشبه ذلك هل في هذا محظور شرعي؟
الجواب: على كل حال مسألة تقنين الشريعة غير ترتيب أبواب الفقه، يعني: مثلاً: إذا جعلوا باب الطلاق مثلاً مواداً فليس في هذا مشكلة، إلا إذا كانوا يريدون أن يلزموا القضاة بالحكم بها، سواء وافق اختيارهم أم لا؛ لأن مسائل الطلاق فيها خلاف، ومسائل النكاح فيها خلاف، وأشياء كثيرة، والعلماء ما زالوا مختلفين بدون قانون، فلا يجوز إلزام القاضي أن يحكم بشيء معين، حتى وإن كان عليه طائفة من الفقهاء.
لو قال قائل: ما رأيكم في قول بعض المعاصرين: إن المحكم الذي تبنى عليه الأصول والقواعد العامة في الشرع لا يتجاوز واحداً في المائة، وأن المتشابه يقدر بتسع وتسعين في المائة، ولذلك نرى هذا الاختلاف الكبير بين الفقهاء؟
الجواب: أقول: هذا يدل على جهله، وأن كل شيء عنده مشتبه؛ لأنه لا يعرف، وإلا فالمتشابه لا يمثل واحداً في المائة من أدلة الشرع، كلها والحمد لله واضحة وبينة، لكن الله يقول: {{وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}} [النور: 40] .
قوله: {{لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} } اليهود مكذبون بجميع الرسل كافرون بجميع الرسل، وكذلك النصارى، واليهود سموا بذلك إما نسبة لأبيهم يهوذا أو أنها من قوله تعالى: {{إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ}} [الأعراف: 156] فالذين هادوا أي: رجعوا، أما النصارى فقيل: إنها من النصرة؛ لأن عيسى عليه الصلاة والسلام قال: {{مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ}} [الصف: 14] ، وإما نسبة إلى البلد المعروفة في فلسطين اسمها الناصرة؛ لأن عيسى عليه الصلاة والسلام كان هناك فالله أعلم، ويجوز أن تكون من هذا وهذا ولا منافاة.
لو قال قائل: هل يصح الدعاء: اللهم إنا هدنا إليك؟
الجواب: إذا كانت بمعنى رجعنا يصح يعني إذا علم الداعي المعنى يصح.
قوله: {{لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} }، اليهود والنصارى: مفعول أول، وأولياء: مفعول ثاني، تتخذ أو اتخذ: هذا الفعل معناه التصيير، أي: لا تصيروهم أولياء، واليهود هم الذين يَدَّعُونَ أنهم أتباع موسى، والنصارى هم الذين يدعون أنهم أتباع عيسى وكلهم ليسوا أتباعاً لا لموسى ولا لعيسى بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن من كذب رسولاً فقد كذب جميع الرسل، هذه أقولها دائماً من كذب رسولاً فقد كذب جميع الرسل شاء أم أبى، وشاهد ذلك قوله تعالى: {{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ *}} [الشعراء: 105] مع أن قوم نوح ما أدركوا من الرسل إلا واحداً، ومع ذلك قال: إنهم كذبوا المرسلين؛ لأن من كذب رسولاً فقد كذب جنس الرسالة، فيكون هؤلاء الذين كذبوا نوحاً مكذبين إلى آخر الرسل محمد عليه الصلاة والسلام.
وقوله: «أولياء» جمع ولي، ووزنه أفعلاء، ولهذا مُنِعَ من الصرف لوجود ألف التأنيث الممدودة، فما معنى أولياء؟ الولي: يطلق على معان متعددة في اللغة العربية، لكن لا يمكن أن نفهم أو أن نحدد معناه في موضع إلا بعد أن نتتبع المواضع كلها، فمثلاً: «السلطان ولي من لا ولي له» [(1)]، هذه ولاية لها معنى، السيد ولي عتيقه هذه ولاية لها معنى، وقوله تعالى: {{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ}} [التحريم: 4] ولاية لها معنى أيضاً

نهى اسطاوالي
2014-08-02, 00:17
المهم أن الولاية في اللغة العربية لها معانٍ متعددة، فما هي الولاية التي نهى الله سبحانه وتعالى أن نتولى بها اليهود والنصارى؟ هي المناصرة، أن نناصرهم، سواء ناصرناهم على مسلمين أو على كافرين، فلا يحل لنا أن نناصرهم على كافرين، ما لم يكن في مناصرتنا إياهم على هؤلاء الكافرين مصلحة للإسلام، فإن كان فيه مصلحة مثل أن تقوم حرب بين كَافِرِينَ وكافرين، ويكون الطرف الثاني أكثر إساءة للمسلمين من الطرف الآخر فهنا لا بأس أن نناصرهم، لا لمصلحتهم، ولكن لمصلحة المسلمين؛ لأن هذا من باب دفع أشر الأمرين بأخفهما.
إذاً: أولياء جمع ولي، والمراد بالولاية هنا المناصرة والمعاونة، ويأتي إن شاء الله تعالى ما يتفرع على ذلك في الفوائد.

نهى اسطاوالي
2014-08-02, 00:18
لكن لو قال قائل: هل من الولاية المحبة؟
الجواب: المحبة لا شك أنها وسيلة إلى المناصرة؛ لأن من أحب أحداً نصره، لكن المحبة الطبيعية لا تدخل في هذا، ولهذا أباح الله تعالى للمسلمين أن يتزوجوا من اليهود والنصارى، ومن المعلوم أن الزوج مع زوجته لا بد أن يكون بينهما محبة كما قال الله تعالى: {{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}} [الروم: 21] .
قوله: {{لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} } لأننا لو وصلنا جعلنا الجملة حالية، يعني: لا تتخذونهم في هذه الحال، وأظن أنه مكتوب عليها في المصحف وقف لازم، وهي مع كونها استئنافية كالتعليل للنهي، يعني: لا يليق بكم أن تتولوا؛ لأن هؤلاء بعضهم أولياء بعض، فلا يليق بكم أيها المسلمون أن تكونوا أولياء لهم، يعني: بعض اليهود أولياء بعض، وبعض النصارى أولياء بعض؛ لأنهم على ملة واحدة وعلى طريق واحد، فلا بد بمقتضى الفطرة أن يتولى بعضهم بعضاً.
وهل يشمل قوله: {{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}} [البقرة: 113] ، لكنهم ضد المسلمين شيء واحد يوالي بعضهم بعضاً ويناصر بعضهم بعضاً على المسلمين، وهذا الذي ذكره الله عزّ وجل موجود إلى يومنا هذا، الآن تجد الدولة النصرانية تساعد الدولة اليهودية علناً وبكل صراحة ووقاحة ولا يبالون، ومن هنا تعلم أنه يجب علينا نحن المسلمين أن نتخذهم أعداءً كما نهانا الله تعالى أن نتخذهم أولياء.
قوله: {{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} } هذا تحذير شديد ووعيد شديد على أن من تولاهم فإنه منهم، لكن هل هو منهم في الظاهر؟
نعم هو منهم في الظاهر لا شك؛ بسبب المعاونة والمناصرة، لكن هل يكون منهم في الباطن؟ نقول: يمكن، قد تكون هذه المناصرة والمعاونة تؤدي إلى المحبة ثم إلى اتباع الملة؛ لأن الذنوب يجر بعضها بعضاً، أما ظاهراً فالأمر ظاهر، ولذلك قال الله تعالى: {{قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ}} [المجادلة: 14] ، يعني: في الباطن، لكن في الظاهر هم مع اليهود مثلاً، والمراد بهم المنافقون في الآية التي سقناها آنفاً، إذاً: {{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} } في الظاهر، وربما يؤدي ذلك إلى الباطن ومشاركتهم في عقائدهم وفي أعمالهم وأخلاقهم، وهنا إشكال نحوي في قوله: {من يتولهم} فمن المعروف أن «مَنْ» الشرطية تجزم الفعل، وهنا نجد أن الفعل مفتوح اللام {من يتولهم}.
الجواب: فتحة اللام ليست فتحة إعراب لأن آخر الفعل محذوف، إذاً نقول: هذه مجزومة والفعل المعتل يجزم بحذف حرف العلة، ولولا «مَنْ»، لقيل: «يتولاهم» بالألف.
قوله: {{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} }، كأنه قال: من يتولهم منكم فإنه ظالم، والظلم أصله النقص، ومنه قوله تعالى: {{جَعَلْنَا لأَِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا}! 6 7 8 9 : ؛ چ = {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا}} [الكهف: 32 ـ 33] ، يعني لم تنقص، إذاً أصل الظلم النقص، والظالم ناقص؛ لأنه لم يأتِ بما يجب عليه فهو باخس نفسه حقها.

نهى اسطاوالي
2014-08-02, 00:19
إذاً قوله: { {الظَّالِمِينَ}} أي: الناقصين أنفسهم حقها وذلك بإقحامها في المعاصي، إما بترك الواجبات وإما بفعل المحرمات.
وقوله: { {الظَّالِمِينَ}} يجب أن تعلم أن «أل» إذا اقترنت بمشتق فهي اسم موصول، يقول ابن مالك رحمه الله:
وصفة صريحة صلة أل........***..................................
فكلما اتصلت «أل» بمشتق اسم فاعل أو اسم مفعول فإنها تكون اسماً موصولاً لا حرفاً، إذاً «أل» هنا اسم موصولاً.
وعندنا أصل بل عندنا قاعدة: أن الأسماء الموصولة تفيد العموم، وعلى هذا فيكون قوله الظالمين يشمل كل ظالم، أي: فإن الله تعالى لا يهديه، والهداية المنفية هنا هداية التوفيق، أما هداية البيان فهي ثابتة لكل أحد، حتى الكفار قد هداهم الله عزّ وجل، اقرأ قول الله تعالى: {{إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا *إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا *}} [الإنسان: 1 ـ 3] ، يعني: هو مَهدي هداه الله السبيل، أي: بَيَّنَها له سواء كان كافراً أو شكوراً، واقرأ قول الله عزّ وجل: {{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}} [فصلت: 17] .
إذاً: لا يهدي الله جلَّ وعلا القوم الظالمين هداية توفيق.

نهى اسطاوالي
2014-08-02, 00:20
من فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى: بيان أهمية تجنب اتخاذ الأولياء من اليهود والنصارى، وجه ذلك: أن الله صدر الخطاب بالنداء.
الفائدة الثانية: أن اجتناب اتخاذ اليهود والنصارى أولياء من مقتضيات الإيمان.
الفائدة الثالثة: أن اتخاذهم أولياء يوجب نقص الإيمان، وربما يوجب محو الإيمان وزواله كله.
الفائدة الرابعة: أن اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض، وهل المراد الملة الواحدة، أم كلتا الملتين؟ المراد العموم، الملة الواحدة وكلتا الملتين، يدل لذلك قوله تعالى: {{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}} [الأنفال: 73] .
الفائدة الخامسة: أن النصراني يرث من اليهودي، واليهودي يرث من النصراني، لقوله: { {أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ} } والإرث مبني على الولاية، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر» [(2)]، وإلى هذا ذهب كثير من العلماء وقالوا: إن الكفر ملة واحدة، فيرث الكفار بعضهم من بعض.
ولعل قائلاً يقول: إن أهل الكتاب يرث بعضهم بعضاً؛ لأنهم يشتركون في كونهم أهل كتاب بخلاف المجوس مع الكتابيين.
والقول الثالث في المسألة: أنه لا يرث اليهودي من النصراني ولا النصراني من اليهودي، وهذا القول أصح الأقوال، لقول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا يتوارث أهل ملتين شتى» [(3)]، ولا شك أن اليهود على ملة، والنصارى على ملة.
الفائدة السادسة والسابعة: بيان أن النصارى واليهود وسائر الكفار كلهم بعضهم أولياء بعض في مضادة المسلمين؛ لأنه إذا كان هذا بين اليهود والنصارى وبعضهم يضلل بعضاً ويقول للآخر إنه: ليس على شيء، أي: ليس على شيء من الدين، فما بالك بغيرهم.
ويتفرع على هذه الفائدة أنه يجب على المسلمين الحذر من أعدائهم وأن يَدَعُوا الخلافات التي بينهم، حتى يكونوا يداً واحدة على أعدائهم الذين يصرحون بالإيذاء.
الفائدة الثامنة: التحذير من موالاة اليهود والنصارى، لقوله: {{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} }، وهل هذا يدل على أن توليهم من كبائر الذنوب؟ نعم؛ لأن كونهم منهم كالبراءة منهم، فهو كقول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من غش فليس منا» [(4)].

نهى اسطاوالي
2014-08-02, 00:21
إذاً: اتخاذ اليهود والنصارى أولياء من كبائر الذنوب، والولاية كما قلنا: المناصرة، لكن هل يدخل في ذلك أن يستعين الإنسان بهم على شيء خاص، مثل أن يكون هناك مهندس يهودي أو نصراني، ويستعين به على إحكام البناء أو إحكام الماكينة أو ما أشبه ذلك؟
الجواب: لا؛ لأني وإن استعنت به أشعر بأني أعلى منه، وأنه عندي بمنزلة الأجير، ومع ذلك فمتى أمكن أن يتخذ الإنسان عاملاً من المسلمين فهو أولى بلا شك، كقول الله تعالى: {{وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ}} [البقرة: 221] ، {{وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ}} [البقرة: 221] ؛ ولأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنكر على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن يتخذ كاتباً نصرانياً، حتى إنه لما قُدِّمَت إلى عمر رضي الله عنه كتابة هذا النصراني أعجبته كثيراً؛ لأنها كتابة جيدة وحسابات منضبطة تماماً، فقال لأبي موسى: «هاتِ كاتبك، قال: يا أمير المؤمنين إنه لا يدخل المسجد، فغضب، قال: من هذا؟ قال: نصراني، قال: كيف تأمنه وقد خونه الله»، وأنكر عليه كثيراً، وألح عليه أبو موسى قال: هذا رجل جيد، فقال له: «مات النصراني، والسلام»[(5)].
يعني: نفرض الآن أنه مات ماذا تكون حالك وهو سيموت إن عاجلاً أو آجلاً، فانظر كيف كان الخليفة الراشد، يحذر من أن يولى غير المسلمين أحوال المسلمين، يعني: لا يجوز أن تجعله مثلاً أميناً على بيت المال، أو أميناً على أشياء تتعلق بعموم المسلمين، هذه خيانة بلا شك؛ لأنه كيف يجعل هذا الذي خونه الله عزّ وجل أميناً على أحوال المؤمنين، أما شيء خاص فهذا لا بأس به؛ لأن الصحابة اتخذوا خدماً من غير المسلمين لكن شيء عام هذا لا يجوز بأي حال من الأحوال؛ لأنه مهما تظاهر الكافر بالنصح لك فاعلم أنه عدو.
وهل من الموالاة أن نستعين بهم على أعدائنا؟
الجواب: لا، لكن إذا احتجنا إليهم نستعين بهم، بشرط أن نأمن خيانتهم؛ لأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان له حلفاء حين عقد الصلح مع المشركين، وحلفاؤه خزاعة، كانوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام[(6)]، حتى إن قريشاً لما اعتدت على خزاعة، وهم كفار اعتبر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك نقضاً للعهد، وغزا قريشاً، فالمهم أن الاستعانة بهم إذا دعت الحاجة إليها جائزة بشرط أن نأمن خيانتهم، فإن لم نأمن فإنه لا يجوز.

نهى اسطاوالي
2014-08-02, 00:22
وهل من موالاتهم موادتهم؟
الجواب: نعم، من موالاتهم موادتهم، أعني طلب مودتهم حتى تكون المودة متبادلة، ولهذا قال: {{لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ}} [المجادلة: 22] ، قال: يوادون، ولم يقل: يودون، فتكون الموادة بين الطرفين؛ لأن المُوَادَّ لا بد أن يبذل ما تكون به المودة، وإذا بذل ما تكون به المودة، فهذا المبذول لا يريد أن يذهب هباءً لا بد أن يكون على حساب شيء ما، لذلك نقول: موادتهم حرام لا تحل، قال تعالى: {{لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهُ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}} [المجادلة: 22] .
وهل من الولاية أن نحبهم إذا صنعوا شيئاً نافعاً للعباد؟
على كل حال: نحب فعلهم بلا شك، إذا فعلوا ما فيه مصلحة للبشرية فلا بد أن نحب فعلهم؛ لأنه خير ومصلحة، أما أن نحبهم هم فهذا فيه نظر؛ يعني نحبهم لأجل فعل هذا الخير، ليس على سبيل العموم، لكن ما فعلوه من الخير، لا يمكن أن ننكره وأن نقول: ما فعلوا شيئاً، بل نحب ما فعلوا من الخير، هم الآن مع الأسف الشديد يصنعون لنا الطائرات، هل نحبهم على صنع الطائرات؟
الجواب: لا نحبهم هم، لكن نحب فعلهم، يعني: صُنْعَ الطائرات نحبه ونود أن يزيدونا من الطائرات الجيدة، أما أن نحبهم هم فلا، مع أننا نعلم أنهم إذا صنعوا ذلك فإنما يريدون مصلحتهم، لكن ما دام فيه خير نحب فعلهم إذا كان خيراً.
هل من موادتهم أن نبيع ونشتري معهم، فيستفيدون لأنهم يشترون الشيء بعشرة ويبيعونه لنا بعشرين، هل يعتبر هذا من موالاتهم؟
الجواب: لا؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أعبد الناس لله اشترى منهم، مع أنهم سيكسبون، لكن هذا شيء لا يتعلق بالمودة ولا بالمحبة، وإنما يفعله الإنسان لمصلحته، وعلى هذا فمعاملة شركات الكفر لا تعتبر من الموالاة، وإن كسبوا؛ لأننا نحن أيضاً لن نعاملهم ولن نشتري منهم إلا لمصلحتنا ولا شك.
هل من موالاتهم أن نضيفهم إذا استضافونا، يعني: لو نزل بك كافر وأكرمته إكرام ضيف، هل يكون هذا من موالاتهم؟
الجواب: لا، لا يكون؛ لأن الله قال: {{لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ}} وهذا إحسان، {{وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}} هذا عدل، {{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ}} [الممتحنة: 8 ـ 9] ، وهذا ظاهر وحكمة، فإذا كانوا يقاتلونا في ديننا، ويخرجونا من ديارنا، ويظاهرون علينا فليس من الحكمة أن نتولاهم بأي حال من الأحوال.
هل من موالاتهم أن نشاركهم في أفراحهم؟
إن قلنا: نعم، خطأ وإن قلنا: لا، خطأ، أما ما يتعلق بالعبادة والشعائر الدينية، فلا شك أن مشاركتهم في هذه الأفراح نوع من الموالاة والمناصرة؛ لأنك إذا شاركتهم في هذه المناسبات الدينية كأنك تقول: إنكم على حق وهذا لا يجوز، أما المشاركة في أفراح أخرى، ككافر ولد له فجعل له وليمة ودعاك هذا لا بأس أن تذهب إذا لم يكن في ذلك فتنة له، كأن يقول: أنا أدعو المسلمين وأدعو كبراء المسلمين فيأتون إليَّ، إن حصلت فتنة فلا، وأما إذا لم تحصل وكانت المسألة عادية فليس هذا من الموالاة ولا من المناصرة.
جار لك أكرمته، وهو كافر، هل يكون هذا من الموالاة؟ الجواب: لا، هذا ليس من الموالاة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره» [(7)]، ثم إن إكرامك إياه ربما يكون سبباً لدخوله في الإسلام.
على كل حال: من هنا نعرف أن كلمة الموالاة التي نهى الله عنها هي موالاتهم في المناصرة والمعاونة، بما يعود عليهم بالنفع فهذا حرام، لكن ـ كما تقدم ـ إذا عاوناهم وناصرناهم على من هو أشد إيذاءً للمسلمين منهم فهذا لا بأس به.
الفائدة التاسعة والعاشرة : أن من تولاهم فهو منهم، ويتفرع على هذا، التحذير الشديد من توليهم.


http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18361.shtml

متبع السلف
2014-08-02, 09:25
النهي عن موالاة الكفار عام فيكل وقت ليس في زمن حربهم لنا فقط ؛ إذ لو عاديناهم حق العداوة لرأينا العز أما ونحن نمدحهم بعلمهم وددنياهم وانضباطهم ثم حين يقتلوننا نعرف الحكم فليس ذلك بصحيح.
فالكافر عدو ولو لم يحارب ولابد من بغضه وإطهار العداوة له ليصح للمسلم إسلامه

polonium
2014-08-02, 14:54
بارك الله فيك

قطــــوف الجنــــة
2014-08-03, 11:37
بارك الله فيك اختاه
يقول - صلى الله عليه وسلم - : ( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ) .
يقول الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب - رحمهم الله - : ( فهل يتم الدين أو يُقام عَلَم الجهاد أو علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في الله والبغض في الله ، والمعاداة في الله ، والموالاة في الله ، ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة ، ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء ، لم يكن فرقانًا بين الحق والباطل ، ولا بين المؤمنين والكفار ، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان )

نهى اسطاوالي
2014-08-03, 11:50
بارك الله فيك

وفيكم بارك الله

[محمد]
2014-08-03, 16:16
بارك الله فيك

NEWFEL..
2014-08-03, 18:31
http://i45.tinypic.com/293il3n.gif

العوفي العوفي
2014-08-04, 15:08
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب - الخصام والصياح -، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمدٍ بيده لخلوف فم الصائم – الرائحة - أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه .

http://vb.arabseyes.com/customavatars/avatar818925_75.gif http://vb.arabseyes.com/customavatars/avatar818925_75.gif http://vb.arabseyes.com/customavatars/avatar818925_75.gif http://vb.arabseyes.com/customavatars/avatar818925_75.gif http://vb.arabseyes.com/customavatars/avatar818925_75.gif http://vb.arabseyes.com/customavatars/avatar818925_75.gif
http://vb.arabseyes.com/customavatars/avatar818925_75.gif http://vb.arabseyes.com/customavatars/avatar818925_75.gif http://vb.arabseyes.com/customavatars/avatar818925_75.gif http://vb.arabseyes.com/customavatars/avatar818925_75.gif http://vb.arabseyes.com/customavatars/avatar818925_75.gif http://vb.arabseyes.com/customavatars/avatar818925_75.gif