أثر
2014-07-27, 15:41
السلام عليكم
كان صلى الله عليه وسلم يصلي العيدين في المصلى ،
وهو المصلى الذي على باب المدينة الشرقي ، وهو المصلى الذي يوضع فيه محمل الحاج ، ولم يصل العيد بمسجده إلا مرة واحدة أصابهم مطر فصلى بهم العيد في المسجد إن ثبت الحديث ، وهو في سنن أبي داود ، وابن ماجه (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13478)، وهديه كان فعلهما في المصلى دائما .
وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه
فكان له حلة يلبسها للعيدين [ ص: 426 ] والجمعة ، ومرة كان يلبس بردين أخضرين ، ومرة بردا أحمر وليس هو أحمر مصمتا كما يظنه بعض الناس ، فإنه لو كان كذلك لم يكن بردا ، وإنما فيه خطوط حمر كالبرود اليمنية فسمي أحمر باعتبار ما فيه من ذلك .
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من غير معارض النهي عن لبس المعصفر والأحمر وأمر عبد الله بن عمرو (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13)لما رأى عليه ثوبين أحمرين أن يحرقهما ، فلم يكن ليكره الأحمر هذه الكراهة الشديدة ثم يلبسه ، والذي يقوم عليه الدليل تحريم لباس الأحمر أو كراهيته كراهية شديدة .
وكان صلى الله عليه وسلم يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمرات ، ويأكلهن وترا ، وأمافي عيد الأضحى فكان لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته .
وكان يغتسل للعيدين ،
صح الحديث فيه ، وفيه حديثان ضعيفان : حديث ابن عباس (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11)من رواية جبارة بن مغلس (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15618)، وحديث الفاكه بن سعد من رواية يوسف بن خالد السمتي .
ولكن ثبت عن ابن عمر (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12)مع شدة اتباعه للسنة ، أنه ( كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه ) .
وكان صلى الله عليه وسلم يخرج ماشيا ،
والعنزة تحمل بين يديه ، فإذا وصل إلى المصلى نصبت بين يديه ليصلي إليها ، فإن المصلى كان إذ ذاك فضاء لم يكن فيه بناء ولا حائط ، وكانت الحربة سترته .
[ ص: 427 ]
وكان يؤخر صلاة عيد الفطر ، ويعجل الأضحى ،
وكان ابن عمر (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12)مع شدة اتباعه للسنة لا يخرج حتى تطلع الشمس ، ويكبر من بيته إلى المصلى .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول : الصلاة جامعة ، والسنة : أنه لا يفعل شيء من ذلك .
ولم يكن هو ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئا قبل الصلاة ولا بعدها .
وكان يبدأ بالصلاة قبل الخطبة ،
فيصلي ركعتين ، يكبر في الأولى سبع تكبيرات متوالية بتكبيرة الافتتاح ، يسكت بين كل تكبيرتين سكتة يسيرة ، ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات ، ولكن ذكر عن ابن مسعود (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=10)أنه قال : يحمد الله ، ويثني عليه ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ذكره الخلال . وكان ابن عمر (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12)مع تحريه للاتباع يرفع يديه مع كل تكبيرة .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أتم التكبير أخذ في القراءة ، فقرأ فاتحة الكتاب ، ثم قرأ بعدها ( ق والقرآن المجيد (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=93&idto=93&bk_no=127&ID=94#docu) ) في إحدى الركعتين ، وفي الأخرى ( اقتربت الساعة وانشق القمر (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=93&idto=93&bk_no=127&ID=94#docu) ) .
[ ص: 428 ] وربما قرأ فيهما ( سبح اسم ربك الأعلى (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=93&idto=93&bk_no=127&ID=94#docu) ) و ( هل أتاك حديث الغاشية (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=93&idto=93&bk_no=127&ID=94#docu) ) صح عنه هذا وهذا ، ولم يصح عنه غير ذلك
فإذا فرغ من القراءة كبر وركع ، ثم إذا أكمل الركعة وقام من السجود كبر خمسا متوالية ، فإذا أكمل التكبير أخذ في القراءة ، فيكون التكبير أول ما يبدأ به في الركعتين ، والقراءة يليها الركوع ، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه والى بين القراءتين ، فكبر أولا ، ثم قرأ وركع ، فلما قام في الثانية ، قرأ وجعل التكبير بعد القراءة ، ولكن لم يثبت هذا عنه فإنه من رواية محمد بن معاوية النيسابوري . قال البيهقي (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13933) : رماه غير واحد بالكذب .
وقد روى الترمذي (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13948)من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة ، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة ) قال الترمذي (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13948) : سألت محمدا يعني البخاري (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12070)عن هذا الحديث ، قال : ليس في الباب شيء أصح من هذا ، وبه أقول ، وقال : وحديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16709)، عن أبيه ، عن جده في هذا الباب هو صحيح أيضا .
[ ص: 429 ] قلت : يريد حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة ، سبعا في الأولى وخمسا في الآخرة ، ولم يصل قبلها ولا بعدها . قال أحمد : وأنا أذهب إلى هذا . قلت : وكثير بن عبد الله بن عمرو هذا ضرب أحمد على حديثه في " المسند " وقال : لا يساوي حديثه شيئا ، والترمذي (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13948)تارة يصحح حديثه ، وتارة يحسنه ، وقد صرح البخاري (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12070)بأنه أصح شيء في الباب مع حكمه بصحة حديث عمرو بن شعيب (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16709)، وأخبر أنه يذهب إليه . والله أعلم
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكمل الصلاة انصرف فقام مقابل الناس ، والناس جلوس على صفوفهم ، فيعظهم ويوصيهم ، ويأمرهم وينهاهم ، وإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه ، أو يأمر بشيء أمر به . ولم يكن هنالك منبر يرقى عليه ، ولم يكن يخرج منبر المدينة ، وإنما كان يخطبهم قائما على الأرض ، قال جابر : ( شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة ، ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ، ووعظ الناس وذكرهم ، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن ) متفق عليه .
وقال أبو سعيد الخدري (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=44) : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ، فأول ما يبدأ به الصلاة ، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم . . . الحديث . رواه مسلم (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=17080) .
وذكر أبو سعيد الخدري (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=44) : أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم العيد فيصلي بالناس ركعتين ثم يسلم فيقف على راحلته مستقبل الناس وهم صفوف جلوس فيقول " تصدقوا " ، فأكثر من يتصدق النساء بالقرط والخاتم والشيء . فإن كانت له حاجة يريد أن يبعث بعثا يذكره لهم ، وإلا انصرف .
وقد كان يقع لي أن هذا وهم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يخرج إلى العيد [ ص: 430 ] ماشيا ، والعنزة بين يديه ، وإنما خطب على راحلته يوم النحر بمنى إلى أن رأيت بقي بن مخلد (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15549)الحافظ قد ذكر هذا الحديث في " مسنده " عن أبي بكر بن أبي شيبة (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12508)، حدثنا عبد الله بن نمير (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16421)، حدثنا داود بن قيس ، حدثنا عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16736)، عن أبي سعيد الخدري (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=44)، قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم العيد من يوم الفطر فيصلي بالناس تينك الركعتين ثم يسلم ، فيستقبل الناس ، فيقول : تصدقوا ) . وكان أكثر من يتصدق النساء وذكر الحديث .
ثم قال : حدثنا أبو بكر بن خلاد (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13122)، حدثنا أبو عامر ، حدثنا داود ، عن عياض ، عن أبي سعيد : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في يوم الفطر فيصلي بالناس فيبدأ بالركعتين ، ثم يستقبلهم وهم جلوس ، فيقول : تصدقوا ) فذكر مثله وهذا إسناد ابن ماجه (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13478)إلا أنه رواه عن أبي كريب ، عن أبي أسامة ، عن داود . ولعله : ثم يقوم على رجليه ، كما قال جابر : قام متوكئا على بلال فتصحف على الكاتب : براحلته ، والله أعلم .
فإن قيل : فقد أخرجا في " الصحيحين " عن ابن عباس (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11)، قال : ( شهدت صلاة الفطر مع نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان رضي الله عنهم ، فكلهم يصليها قبل الخطبة ، ثم يخطب ، قال : فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده ثم أقبل يشقهم حتى جاء إلى النساء ومعه بلال فقال : ( ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=93&idto=93&bk_no=127&ID=94#docu) ) ) [ الممتحنة : 12 ] . فتلا الآية حتى فرغ منها، الحديث .
[ ص: 431 ] وفي " الصحيحين " أيضا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فبدأ بالصلاة ، ثم خطب الناس بعد ، فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل فأتى النساء فذكرهن ، الحديث . وهو يدل على أنه كان يخطب على منبر ، أو على راحلته ، ولعله كان قد بني له منبر من لبن أو طين أو نحوه ؟ قيل : لا ريب في صحة هذين الحديثين ، ولا ريب أن المنبر لم يكن يخرج من المسجد ، وأول من أخرجه مروان بن الحكم (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=17065)، فأنكر عليه ، وأما منبر اللبن والطين فأول من بناه كثير بن الصلت في إمارة مروان على المدينة ، كما هو في " الصحيحين " فلعله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في المصلى على مكان مرتفع أو دكان وهي التي تسمى مصطبة ، ثم ينحدر منه إلى النساء فيقف عليهن فيخطبهن فيعظهن ويذكرهن . والله أعلم .
وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله ، ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير ، وإنما روى ابن ماجه (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13478)في " سننه " عن سعد القرظ مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر التكبير بين أضعاف الخطبة ، ويكثر التكبير في خطبتي العيدين . وهذا لا يدل على أنه كان يفتتحها به .
وقد اختلف الناس في افتتاح خطبة العيدين والاستسقاء ، فقيل : يفتتحان بالتكبير ، وقيل : تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار ، وقيل : يفتتحان بالحمد . قال شيخ [ ص: 432 ] الإسلام ابن تيمية (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13027) : وهو الصواب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم )
وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله .
ورخص صلى الله عليه وسلم لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة ، وأن يذهب ، ورخص لهم إذا وقع العيد يوم الجمعة أن يجتزئوا بصلاة العيد عن حضور الجمعة .
وكان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد ، فيذهب في طريق ، ويرجع في آخر ، فقيل : ليسلم على أهل الطريقين ، وقيل : لينال بركته الفريقان ، وقيل : [ ص: 433 ] ليقضي حاجة من له حاجة منهما ، وقيل : ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق ، وقيل : ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله وقيام شعائره ، وقيل : لتكثر شهادة البقاع ، فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجة ، والأخرى تحط خطيئة حتى يرجع إلى منزله ، وقيل : وهو الأصح : إنه لذلك كله ، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها .
وروي عنه أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق ( الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد )
ابن القيم
http://www.imageslove.net/ar/photo/img_1375408457_631.gif
كان صلى الله عليه وسلم يصلي العيدين في المصلى ،
وهو المصلى الذي على باب المدينة الشرقي ، وهو المصلى الذي يوضع فيه محمل الحاج ، ولم يصل العيد بمسجده إلا مرة واحدة أصابهم مطر فصلى بهم العيد في المسجد إن ثبت الحديث ، وهو في سنن أبي داود ، وابن ماجه (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13478)، وهديه كان فعلهما في المصلى دائما .
وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه
فكان له حلة يلبسها للعيدين [ ص: 426 ] والجمعة ، ومرة كان يلبس بردين أخضرين ، ومرة بردا أحمر وليس هو أحمر مصمتا كما يظنه بعض الناس ، فإنه لو كان كذلك لم يكن بردا ، وإنما فيه خطوط حمر كالبرود اليمنية فسمي أحمر باعتبار ما فيه من ذلك .
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من غير معارض النهي عن لبس المعصفر والأحمر وأمر عبد الله بن عمرو (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13)لما رأى عليه ثوبين أحمرين أن يحرقهما ، فلم يكن ليكره الأحمر هذه الكراهة الشديدة ثم يلبسه ، والذي يقوم عليه الدليل تحريم لباس الأحمر أو كراهيته كراهية شديدة .
وكان صلى الله عليه وسلم يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمرات ، ويأكلهن وترا ، وأمافي عيد الأضحى فكان لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته .
وكان يغتسل للعيدين ،
صح الحديث فيه ، وفيه حديثان ضعيفان : حديث ابن عباس (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11)من رواية جبارة بن مغلس (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15618)، وحديث الفاكه بن سعد من رواية يوسف بن خالد السمتي .
ولكن ثبت عن ابن عمر (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12)مع شدة اتباعه للسنة ، أنه ( كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه ) .
وكان صلى الله عليه وسلم يخرج ماشيا ،
والعنزة تحمل بين يديه ، فإذا وصل إلى المصلى نصبت بين يديه ليصلي إليها ، فإن المصلى كان إذ ذاك فضاء لم يكن فيه بناء ولا حائط ، وكانت الحربة سترته .
[ ص: 427 ]
وكان يؤخر صلاة عيد الفطر ، ويعجل الأضحى ،
وكان ابن عمر (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12)مع شدة اتباعه للسنة لا يخرج حتى تطلع الشمس ، ويكبر من بيته إلى المصلى .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول : الصلاة جامعة ، والسنة : أنه لا يفعل شيء من ذلك .
ولم يكن هو ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئا قبل الصلاة ولا بعدها .
وكان يبدأ بالصلاة قبل الخطبة ،
فيصلي ركعتين ، يكبر في الأولى سبع تكبيرات متوالية بتكبيرة الافتتاح ، يسكت بين كل تكبيرتين سكتة يسيرة ، ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات ، ولكن ذكر عن ابن مسعود (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=10)أنه قال : يحمد الله ، ويثني عليه ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ذكره الخلال . وكان ابن عمر (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12)مع تحريه للاتباع يرفع يديه مع كل تكبيرة .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أتم التكبير أخذ في القراءة ، فقرأ فاتحة الكتاب ، ثم قرأ بعدها ( ق والقرآن المجيد (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=93&idto=93&bk_no=127&ID=94#docu) ) في إحدى الركعتين ، وفي الأخرى ( اقتربت الساعة وانشق القمر (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=93&idto=93&bk_no=127&ID=94#docu) ) .
[ ص: 428 ] وربما قرأ فيهما ( سبح اسم ربك الأعلى (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=93&idto=93&bk_no=127&ID=94#docu) ) و ( هل أتاك حديث الغاشية (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=93&idto=93&bk_no=127&ID=94#docu) ) صح عنه هذا وهذا ، ولم يصح عنه غير ذلك
فإذا فرغ من القراءة كبر وركع ، ثم إذا أكمل الركعة وقام من السجود كبر خمسا متوالية ، فإذا أكمل التكبير أخذ في القراءة ، فيكون التكبير أول ما يبدأ به في الركعتين ، والقراءة يليها الركوع ، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه والى بين القراءتين ، فكبر أولا ، ثم قرأ وركع ، فلما قام في الثانية ، قرأ وجعل التكبير بعد القراءة ، ولكن لم يثبت هذا عنه فإنه من رواية محمد بن معاوية النيسابوري . قال البيهقي (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13933) : رماه غير واحد بالكذب .
وقد روى الترمذي (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13948)من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة ، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة ) قال الترمذي (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13948) : سألت محمدا يعني البخاري (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12070)عن هذا الحديث ، قال : ليس في الباب شيء أصح من هذا ، وبه أقول ، وقال : وحديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16709)، عن أبيه ، عن جده في هذا الباب هو صحيح أيضا .
[ ص: 429 ] قلت : يريد حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة ، سبعا في الأولى وخمسا في الآخرة ، ولم يصل قبلها ولا بعدها . قال أحمد : وأنا أذهب إلى هذا . قلت : وكثير بن عبد الله بن عمرو هذا ضرب أحمد على حديثه في " المسند " وقال : لا يساوي حديثه شيئا ، والترمذي (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13948)تارة يصحح حديثه ، وتارة يحسنه ، وقد صرح البخاري (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12070)بأنه أصح شيء في الباب مع حكمه بصحة حديث عمرو بن شعيب (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16709)، وأخبر أنه يذهب إليه . والله أعلم
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكمل الصلاة انصرف فقام مقابل الناس ، والناس جلوس على صفوفهم ، فيعظهم ويوصيهم ، ويأمرهم وينهاهم ، وإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه ، أو يأمر بشيء أمر به . ولم يكن هنالك منبر يرقى عليه ، ولم يكن يخرج منبر المدينة ، وإنما كان يخطبهم قائما على الأرض ، قال جابر : ( شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة ، ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ، ووعظ الناس وذكرهم ، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن ) متفق عليه .
وقال أبو سعيد الخدري (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=44) : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ، فأول ما يبدأ به الصلاة ، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم . . . الحديث . رواه مسلم (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=17080) .
وذكر أبو سعيد الخدري (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=44) : أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم العيد فيصلي بالناس ركعتين ثم يسلم فيقف على راحلته مستقبل الناس وهم صفوف جلوس فيقول " تصدقوا " ، فأكثر من يتصدق النساء بالقرط والخاتم والشيء . فإن كانت له حاجة يريد أن يبعث بعثا يذكره لهم ، وإلا انصرف .
وقد كان يقع لي أن هذا وهم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يخرج إلى العيد [ ص: 430 ] ماشيا ، والعنزة بين يديه ، وإنما خطب على راحلته يوم النحر بمنى إلى أن رأيت بقي بن مخلد (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15549)الحافظ قد ذكر هذا الحديث في " مسنده " عن أبي بكر بن أبي شيبة (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12508)، حدثنا عبد الله بن نمير (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16421)، حدثنا داود بن قيس ، حدثنا عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16736)، عن أبي سعيد الخدري (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=44)، قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم العيد من يوم الفطر فيصلي بالناس تينك الركعتين ثم يسلم ، فيستقبل الناس ، فيقول : تصدقوا ) . وكان أكثر من يتصدق النساء وذكر الحديث .
ثم قال : حدثنا أبو بكر بن خلاد (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13122)، حدثنا أبو عامر ، حدثنا داود ، عن عياض ، عن أبي سعيد : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في يوم الفطر فيصلي بالناس فيبدأ بالركعتين ، ثم يستقبلهم وهم جلوس ، فيقول : تصدقوا ) فذكر مثله وهذا إسناد ابن ماجه (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13478)إلا أنه رواه عن أبي كريب ، عن أبي أسامة ، عن داود . ولعله : ثم يقوم على رجليه ، كما قال جابر : قام متوكئا على بلال فتصحف على الكاتب : براحلته ، والله أعلم .
فإن قيل : فقد أخرجا في " الصحيحين " عن ابن عباس (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11)، قال : ( شهدت صلاة الفطر مع نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان رضي الله عنهم ، فكلهم يصليها قبل الخطبة ، ثم يخطب ، قال : فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده ثم أقبل يشقهم حتى جاء إلى النساء ومعه بلال فقال : ( ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=93&idto=93&bk_no=127&ID=94#docu) ) ) [ الممتحنة : 12 ] . فتلا الآية حتى فرغ منها، الحديث .
[ ص: 431 ] وفي " الصحيحين " أيضا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فبدأ بالصلاة ، ثم خطب الناس بعد ، فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل فأتى النساء فذكرهن ، الحديث . وهو يدل على أنه كان يخطب على منبر ، أو على راحلته ، ولعله كان قد بني له منبر من لبن أو طين أو نحوه ؟ قيل : لا ريب في صحة هذين الحديثين ، ولا ريب أن المنبر لم يكن يخرج من المسجد ، وأول من أخرجه مروان بن الحكم (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=17065)، فأنكر عليه ، وأما منبر اللبن والطين فأول من بناه كثير بن الصلت في إمارة مروان على المدينة ، كما هو في " الصحيحين " فلعله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في المصلى على مكان مرتفع أو دكان وهي التي تسمى مصطبة ، ثم ينحدر منه إلى النساء فيقف عليهن فيخطبهن فيعظهن ويذكرهن . والله أعلم .
وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله ، ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير ، وإنما روى ابن ماجه (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13478)في " سننه " عن سعد القرظ مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر التكبير بين أضعاف الخطبة ، ويكثر التكبير في خطبتي العيدين . وهذا لا يدل على أنه كان يفتتحها به .
وقد اختلف الناس في افتتاح خطبة العيدين والاستسقاء ، فقيل : يفتتحان بالتكبير ، وقيل : تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار ، وقيل : يفتتحان بالحمد . قال شيخ [ ص: 432 ] الإسلام ابن تيمية (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13027) : وهو الصواب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم )
وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله .
ورخص صلى الله عليه وسلم لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة ، وأن يذهب ، ورخص لهم إذا وقع العيد يوم الجمعة أن يجتزئوا بصلاة العيد عن حضور الجمعة .
وكان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد ، فيذهب في طريق ، ويرجع في آخر ، فقيل : ليسلم على أهل الطريقين ، وقيل : لينال بركته الفريقان ، وقيل : [ ص: 433 ] ليقضي حاجة من له حاجة منهما ، وقيل : ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق ، وقيل : ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله وقيام شعائره ، وقيل : لتكثر شهادة البقاع ، فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجة ، والأخرى تحط خطيئة حتى يرجع إلى منزله ، وقيل : وهو الأصح : إنه لذلك كله ، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها .
وروي عنه أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق ( الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد )
ابن القيم
http://www.imageslove.net/ar/photo/img_1375408457_631.gif