تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شرح لامية شيخ الاسلام*ج1*


dmd39
2009-07-29, 22:20
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح

لامية شيخ الإسلام

للشيخ الدكتور : عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
ففيه هذه الساعة المباركة من هذا اليوم الطيب المبارك نلتقي بالإخوة من طلاب العلم ونتدارس موضوعا من أهم الموضوعات وفنا من أعظم الفنون وهو فن الاعتقاد والعقيدة، وإن كان الدين في جميع أبوابه في غاية الأهمية بالنسبة للعالم والمتعلم، فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث معاوية رضي الله تعالى أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «مَنْ يُرِدْ اللهُ بِهِ خَيْرًا يَفَقِّهْهُ في الدِّين»، مفهومه أن الذي لا يتفقه في الدين الله جلا وعلا لم يرد به خيرا، ولكن قد يقول قائل: إن عوام المسلمين وقد فتح لهم ما فتح من أبواب الخير من لزوم صلاة وزكاة وصوم وحج وفعل للمأمورات وترك للمحذورات لكنهم لم يتفقهوا في الدين، هل أرادوا الله بهم شرا؟ أم نكتفي بقولنا: إن الله جلا وعلا لم يرد به خيرا؟.
ولو افترضنا أن شخصا من عوام المسلمين ممن لا يقرأ ولا يكتب لكن الله جلا وعلا منَّ عليه بالاستقامة فلزم الصلوات وأدى الزكوات وقد يكون من أهل الأموال الطائلة وسخر هذه الأموال لخدمة الدين وأنفقها في تعليم الناس الخير، هل نقول إن الله جلا وعلا أراد بهذا شرا لأنه لم يتفقه في الدين؟ أم نكتفي بقولنا: إن الله جلا وعلا لم يرد به خيرا؟ الخير المرتب على الفقه في الدين، والله جلا وعلا وإن لم يرد به خيرا لأنه لم يتفقه في الدين إلا أن الله جلا وعلا أراد به خيرا حيث ألزمه الاستقامة «قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ»â¨bÎ)šúïÏ%©!$#(#qä9$s%$oYš/u‘ª!$#§NèO(#qßJ»s)tFó™$#á[فصلت: 30] فهذا استقام بفعل الأوامر وترك المحذورات والنواهي وبذل من نفسه من ماله وجهده لنصر الدين ما بذل، هذا أراد الله به خيرا، لكنه من أبواب أخرى لا من باب الفقه في الدين.
إذا عرفنا هذا فما المراد بالفقه في الدين؟ الفقه في الدين، أولا الفقه الذي هو الجزء الأول، والدين الذي هو الجزء الثاني.
الفقه: يراد به الفهم عن الله وعن رسوله ما جاء في كتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، هذا الفقه ولا يكون ذلك إلا بعد حفظ هذه النصوص.
والمراد بالدين: الدين بجميع أبوابه كما جاء بحديث جبريل حينما سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الإسلام والإيمان والإحسان وأجابه بالأجوبة المعروفة في الحديث المستفيض ذكره في دواوين الإسلام قال النبي عليه الصلاة والسلام بعد ذلك : «هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمكُم دِينُكُم»، فدل على الدين شامل لجميع أبوابه، فيشمل العقائد ويشمل الأحكام من العبادات والمعاملات والمناكحات والأحوال الشخصية والحدود والجنايات، ويشمل أيضا المغازي والسير، والأدب، ويشمل أيضا الزهد والرقائق، ويشمل بقية أبواب الدين. فجميع أبواب الدين داخلة في هذا الحديث .
وكون الفقهاء الذين يهتمون بالأحكام العملية يصدرون كتبهم بما يسمى ببراعة الاستهلال الحمد لله الذي فقه ما شاء في الدين واختصهبالخير الوارد على لسان النبي عليه الصلاة والسلام إلى آخره، يقول هذا الكلام، فمفهوم كلامهم أن الحديث الوارد في الترغيب في الفقه في الدين محصور على الأحكام، والأحكام باب من أبواب الدين، وإذا أردنا الحصر فالعقائد أهم وأولى أن تدخل من الأحكام ؛ لأنها عند أهل العلم عرفت بالفقه الأكبر، ويقابلها الفروع، فالأكبر هو الأصول، ولم يكن هذا التقسيم -يعني تقسيم الدين إلى أصول وفروع- معروف في عصر الصحابة والتابعين وإنما عرف بعدهم في تقسيم العلوم إلى تخصصات وفروع، عندهم أصول وفروع وعندهم أيضا وسائل وعندهم غايات، فالمراد بالغايات معروف نصوص الوحيين ، والوسائل ما يعين على فهم هذه النصوص.
وهناك ما يسمى عندهم بعلوم الآلة التي تعين على فهم الكتاب والسنة، يقسمون هذه التقاسيم وبالإمكان لو ؟؟؟؟ ذلك بتفسير القرآن وأدخل فيه جميع العلوم، هذا ممكن، وإذا نظرنا إلى التفاصيل المتنوعة المتشعبة المطولة والمختصرة كل واحد منها يخدم جانب من هذا الجوانب، فتجد هذا يفسر القرآن بالأثر، ويحشد فيه من النصوص المرفوعة والموقوفة والآثار وغيرها ما يحشد، وهذه تفاسير الأئمة المعروفين كابن جرير وابن كثير والبغوي وابن أبي حاتم وغيرهم، وتفسير بالأثر وهذا أهم ما يفسر به القرآن الأثر، وتجد منهم من يجعل اهتمامه في تفسير القرآن لبيان الأحكام المستنبطة من الأحكام، وألف في هذا كتب أحكام القرآن .
الحنفية ألفوا من مؤلفات أحكام القرآن للجصاص، المالكية ألفوا أحكام القرآن لابن العربي والجامع لأحكام القرآن للقرطبي، والشافعية ألفوا أحكام القرآن لإلكيا الطبري والإكليل في استنباط التنزيل للسيوطي وغيرهم، فهذا يخدم جانب والأول يخدم جانب، وهناك من يخدم القرآن من الناحية اللفظية، فتجده ينصب جل اهتمامه على الصناعة، صناعة اللفظ، وهنا أيضا يتشعبون منهم من يخدمهم من ناحية النحو والصرف ومنهم من يخدمهم من ناحية المعاني والبيان وفنون البلاغة، ومنهم من يحشد في تفسيره علم الكلام ويورد فيه جميع ما كتبه المتكلمون في مسائل المعتقدات، كالرازي مثلا.
ومنهم من يخدم القرآن بأسلوب أدبي سلس يقرأه الطالب والأئمة ؟؟؟؟، لكن تجد الفائدة من الجملة أقل.
ومنهم من يعنى بتناسق الآيات والسور وفي هذا كتاب برهان الدين للبقاعي نظم الدرر في اثنين وعشرين مجلدًا، وإن كان الشوكاني رحمه الله أنكر عليه إنكارا شديدا، بل جزم بأنه لا مناسبة بين الآيات والسور، تنزل الآية فيقول النبي عليه الصلاة والسلام ضعوها في المكان المناسب فتوضع، وانتهى الإشكال، نعم هناك آية لا شك أن التماس المناسبة بينها وبين ما قبلها في شيء من التكلف لكن لا ينكر أن الكثير مما يقول البقاعي وغيره ظاهر وواضح.
فخدمة القرآن لو اجتمعت هذه الخدمات في كتاب واحد فبينت العقائد وبسطت بحيث يستغنى بتفسير القرآن عن كتب العقائد.
والأحكام أيضا استنبطت ويعون في ذلك على ما جاء عن اللهوعن النبي عليه الصلاة والسلام ثم بعد ذلك بين في الصناعة اللفظية ما يخدم علم النحو والصرف والبيان والمعاني والبديع والاشتقاقوالوضع بعد علم القراءات وغيرهم، فهذا طيب لو وجد كتاب يغني عن المجموع ويمثل لنا حينئذ طريقة السلف في فهم القرآن ما تجد السلف يقولون: هذا كتاب فقه، وهذا كتاب حديث، وهذا كتاب تفسير، لا، لا يتجاوزون العشرة آيات حتى يتعلم ما فيها من علم وأما ابن عمر مكث في سورة البقرة ثماني سنين يتعلم سورة البقرة، وعندنا الصبيان يحفظون سورة البقرة ويتجاوزونها في أيام.
المقصود أن مثل هذا خدمة أو انطلاق العلوم كلها من القرآن الكريم الذي هو أصل أصول نافع جدًّا، لكن قد يقول قائل: إننا نحتاج في العقائد مثلا أن ندخل في هذا التفصيل مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية بكاملها، فاق رحمه الله الله مؤلفات الأئمة المتقدمين فيمكن أن يكون هذا التفسير في من مئات من المجلدات لأننا لو أدخلنا منهاج السنة، در التعارض بين العقل والنقل، وأدخلنا الجواب الصحيح، وأدخلنا غير ذلك من الكتب شيخ الإسلام ابن القيم والإمام أحمد، ومن قبلهم من كتب السنة المعروفة عند أهل العلم في العقائد وفي الأسانيد تطول المسألة.
يقول: لو اعتنى بارع بتأليف تفسير على هذه الكيفية وجعل المحور الذي يدور عليه والأصل الذي يمتلك منه هو القرآن ولم يأت بهذه الكتب بكاملها، فيلزم أن يأت بهذه الكتب بكاملها إنما يأتي بمقاصدها ما يحتاج بها طالب العلم، وهذه الكتب فيها تكرار كثير، يستغنى عن كثير منها، هذا يجعل طالب العلم يتحد قصده وهمه إلى كتاب الله جلا وعلا، ولا تأتي مناسبة فيها حديث النبي عليه الصلاة والسلام إلا يريده، وأيضا إذا كان هناك مجال لبيان إعرابي أو بلاغي أو ما أشبه ذلك فطالب القرآن يكتفي به عن غيره، وهذا هو الأصل مثل ما قلنا.
لا تجد في عصر السلف كتاب تفسير مستقل، كتاب عقيدة مستقل، كتاب فقه مستقل، لا، ينطلقون من نصوص الوحيين ويفهمونها لأنهم عرب بالصليقة، والكتاب والسنة بلغة العرب، فلا يحتاجون إلى علوم تخدم لفهم الكتاب والسنة، هي مخدومة بالصليقة، لكن أهل العلم صنفوا في الفنون ونوعوها وعددوها تيسيرا على طلاب العلم، لكن مع هذا التيسير قد يحصل شيء من التشتيت، وقد يحصل الغفلة عن أهم المهمات، قد تجد طالب العلم يتخصص تبعا لهذا التيسير وهذا التقسيم، تجده يتخصص في علم من العلوم ويغفل عن ما عداه، فالذي يتخصص بالسنة قد يكون من أجهل الناس بكثير مما يتعلق بالقرآن والكريم، والعكس تجد من يتخصص بالتفسير يجهل علوم السنة، ومن يتخصص بالفقه تجد معوله على التعليلات، تبعا لما صنف في هذا الفن.
وكثير من استدلالات الفقهاء فيها ما فيها لأنه جرد الفقه عن الوحيين لكن من تخصص في الفقه وجعل معوله على الكتاب والسنة، هذا طيب، من تخصص في الأصول وتعمق فيه واستغرق الوقت في هذا التخصص تجده يغفل عن المهمات في العلوم الأخرى، وأما من تخصص في اللغة العربية، وضاع وقته في قراءة كتبها المطولة والمختصرة رغم أهميتها لا نقول أن العربية لا نحتاج إليها بل طالب العلم بأمس الحاجة إلى علم العربية، لكن هل كل طالب العلم يحتاج أن يقرأ شرح المفصل لابن يعيش لثماني أجزاء أو عشرة أجزاء، ليس بحاجة فهو يبحث عن شرح سيبويه أو يبحث عن كتب النحو المطولة، يكفيه بذلك البلغة، كما قال أهل العلم أن النحو بالنسبة للكلام مثل الملح في الطعام إذا زاد أفسده.
فضلا عن كونه تخصص التاريخ أو الأدب أو شيء من هذا ويضيع عمره بذلك ويغفل بهذا عن المقاصد، فعلى طالب العلم أن يعنى ويتفقه في الدين بجميع أبوابه ليكون ممن أراد الله به خيرا، وتكون عنايته منصبة إلى الكتاب والسنة، وما يخدم علوم الكتاب والسنة.
تقسيم الدين إلى أصول وفروع إلى فقه أكبر وفقه أصغر لا شك أنه طارئ، شيخ الإسلام رحمه الله تعالى ينكر هذا التقسيم ورتبوا تبعا لذلك أهمية علم العقائد وأن الزلل فيه أعظم من الزلل والخطأ في غيره من العلوم، وإن كان مأخذها واحد، شيخ الإسلام لا يفرق، يقول: يجعلون الصلاة مع أنها في الركن الثاني من الإسلام من الفروع، ويجعلون الخلاف في رؤية النبي عليه الصلاة والسلام ربه من الأصول، ومقتدى ذلك أن هذه المسألة أهم مما يتعلق بالصلاة، شيخ الإسلام رحمه الله وتعالى ينكر هذا أشد الإنكار.لا شك أن هناك أركان في الإسلام وفيه أيضا واجبات فرائض، وفيه مستحبات، فيه أولويات، يعني لو تعارضت هذه المطلوبات من قبل الشارع، فالمفاضلة بين هذه الأمور أمر مطلوب فتبدأ بالأهم فالأهم.
كلام الشيخ الإسلام رحمه الله تعالى يقول: إن العلماء لما جعلوا الدينأصولا وفروعا وجعلوا الأصول هي الأهم والفروع أقل أهمية أورد على ذلك مثل هذه المسائل، هل معنى هذا أن الخلاف في رؤية الرب جلا وعلا باعتبارها من الأصول أهم من الصلاة باعتبارها من الفروع؟ لا، ما في أحد يقول بمثل هذا، على كل حال مسائل الاعتقاد الخلاف فيها بين الصحابة نادر جدا، وأكثرها مما اتفق عليها بينهم، وأما مسائل الأحكام العملية فالخلاف فيها كثير بين الصحابة والتابعين، وهذا معروف.
وتبعا لذلك أن ما اتفقت عليه الصحابة سواء ما كان من الأصول أو من الفروع لا ممدوحة لأحد من القول به ، وما اختلفوا فيه لأهل النظر فيه ساعة، يعني ما اختلف فيه الصحابة وسلف هذه الأمة سواء كان في مسائل الأصول أو الفروع المتأهل له أن ينظر ويرجح ما يترجح عنده بالدليل ويعمل بما يعتقد، ويدين الله به جل وعلا.
وهذه الأبيات الستة عشر التي تسمى لامية لأن أواخر الأبيات تنتهي بحرف اللام، وجدت بين رسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية يعني في المخطوطات يوجد قبلها رسالة لشيخ الإسلام وبعدها رسالة، وكتب على بعضها عقيدة ابن تيمية ولذا قالوا اللامية لشيخ الإسلام ابن تيمية، اللامية باعتبار أن حرف الراوي فيها اللام، وباعتبار أنها وجدت في بعض مصنفات، وإلا ما فيها ما يدل على أنها لشيخ الإسلام ابن تيمية، وما ذكرت في مؤلفاته، يعني ما ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى في مؤلفات شيخ الإسلام ولذا يقول المنسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية، لكن الكلام الموجود فيها حق، سواء كان لشيخ الإسلام أو لغيره رحم الله الجميع، وما دام الكلام حقا فعلى طالب العلم أن يعنى بها، فهي منظومة طيبة على اختصارها حوت ما اتفق عليه من مسائل الاعتقاد فهي منظومة طيبة فعلى طالب العلم أن يعنى بها ويحفظها وينظر في شروحها ولا أعرف لها شرحا للمتقدمين قدم نسبي فبعد الآن أي بعد الألف أي الذي شرح بعد الألف أحمد المرداوي لأنه ينقل عن السفاريني فهو متأخر لكنه ليس من المعاصرين، وشرحه هذا طبع قبل أربعين سنة في مطابع النور في الرياض، ثم طبع أخيرا في دار المسلم، وعليه تعليقات للشيخ صالح الفوذان، ثم رأيت شرحا لمعاصر من طلاب العلم اسمه يوسف سالم، وهذا شرح طيب في الجملة، أنا تصفحت بعض الصفحات الأولى منه، فإنه شرح طيب وموسع، يستفيد منه طالب العلم مع شرح المرداوي.

يقول الناظم رحمه الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم

افتتح هذا الناظم بالبسملة اقتداء بالقرآن الكريم، لكنه لم يفتتح بالحمدلة أظن أنه لم يفتتحها بالحمدلة ولعله أجراها مجرى الرسائل، فالرسائل تفتتح بالبسملة فقط، وبعض أهل العلم يرى أن الكتب حكمها حكم الرسائل لا حكم الخطب التي تفتتح بالحمدلة والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام ، لذا صحيح البخاري رحمه الله تعالى ما فيه إلا البسملة يعني مجرد إلا بالحمدلة والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام لأنه في حكم الرسالة التي بعثها لطلاب العلم ، ومن أهل العلم يفتتح بالكتب بالحمدلة اقتداء بالقرآن الذي افتتح بالبسملة والحمدلة.
وأما ورد في حديث: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لا يُبْدَأُ فِيهِ بِـبِسْمِ اللهِ فَهُوَ أَبْتَر » أجزم، «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ» يعني شأن يهتم به شرعا «لا يُفْتَتَحُ بِالحَمْدِ فَهُو أَجْزَم» فالحديث ضعيف بجميع طرقه وألفاظه وحثنا ابن صلاح والنووي وجمع من أهل العلم لفظ الحمد فقط، وبعض الكتاب المعاصرين ألف كتابا في العقيدة لما سمع أن الحديث بجميع طرقه وألفاظه ضعيف ما ذكر لا بسملة ولا حمدلة، يقول لا يجوز العمل بالضعيف مطلقا، وليته اقتصر على ذلك وسكت، من افتتح الكتاب بقوله كانت الكتب التقليدية تفتتح بالبسملة والحمدلة، الكلام مستقيم أم غير مستقيم؟ لو لم أفتر أظن الحديث ما ثبت، النبي عليه الصلاة والسلام كان يفتتح الرسائل بالبسملة، ويفتتح الخطب بالحمدلة، والقرآن أعظم مقروء وأعظم مسموع، يفتتح بالبسملة والحمدلة، ويقول القائل كانت الكتب التقليدية تفتتح والكتاب في العقيدة.
إن بعض الناس ما يستوعب بعض القضايا، يعني ذهنه ما يستوعب مثل هذه الأمور، يعني إذا سمع من يقول أن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقا، لا يسمع الحديث الضعيف، يعني مثل ما سمع من بعضهم أنه ينهى عن الجلوس بعد صلاة الصبح في المسجد قلنا إن الحديث الوارد ضعيف، وإذا رأى أحد جلس قال له نريد أن نخرج أو تجلس حتى تصلي صلاة العجائز صلاة الإشراق، النبي عليه الصلاة والسلام ثبت في صحيح مسلم أنه كان يجلس حتى تنتشر الشمس أما كون الركعتين بعد طلوع الشمس وانتشارها تصلى عملاً بهذا الحديث أو تصلى لأنها صلاة الضحى، ولا كلام لأحد في صلاة الضحى لأن النبي عليه الصلاة والسلام أوصى بها أصحابه، وفي حديث «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ»، يعني المفاصل كل مفصل يحتاج إلى صدقة ، فيصبح على كل مفصل ثلاث مائة وستون مفصل كل واحد يحتاج إلى صدقة، قال: «وَيُجْزِئُ عَن ذَلِكَ رَكْعَتَانِ تَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى». فتفترض أن هذه صلاة الضحى، إذا كنت ترى أن الخبر ثابت وأثبته بعضهم.
فيقول بعض الناس إذا سمعت هذا الكلام وركب هذا على هذا قال الحديث ضعيف والضعيف لا يعمل به مطلقًا ؟؟؟؟؟، «والمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ ما دَامَ في مُصَلاه»، نصوص كثيرة على البقاء في المسجد والرباط الرباط، والجلوس بين الصلاتين في المسجد وانتظار الصلاة، والمرء ما دام ينتظر الصلاة فهو في صلاة والملائكة تدعونه وتصلي عليه ما دام في مصلاه، ثم يأتي من يقول مثل هذا الكلام.
المقصود أن البداءة بالبسملة أمر مشروع في كل شيء في الأكل والشرب في الدخول والخروج في النوم، في كل مجال يبدأ فيه بالبسملة ولو لم يكن بذلك إلا أن القرآن كان يفتتح بالبسملة.
وأما الحمدلة فأهل العلم يختلفون بالنسبة للكتب تجرى مجرى الرسائل فلا تفتتح بالحمدلة، أو تجرى مجرى الخطب فتفتتح بها.
أما من جعل لكتابه خطبة كمسلم مثلا هذه الخطبة تفتح بالحمدلة، افتتح مسلم خطبة كتابه بالحمدلة، البخاري مجرد بالخطبة افتتح بالبسملة، لأنه في حكم الرسالة وهنا افتتحت هذه الأبيات بالبسملة.
يقول الناظم رحمه الله تعالى:
يا سائلي عن منهجي وعقيدتي

رزق الهدى من للهداية يسأل

يا سائلي عن منهجي وعقيدتي : يا للنداء والمنادى هو السائل فهل المقصود حقيقة النداء، أو يقال: إنه لمجرد التنبيه؛ لأن السائل أحيانًا شيخ الإسلام رحمه الله تعالى يسأل والسائل حاضر يمكن منادته وأحيانا يسأل والسائل غائب لا يمكن منادته وفي الرسالة الكيلانية التي كتبها شيخ الإسلام رحمها الله تعالى في مائتي صفحة قال كتبتها وصاحبها مستوفذ يريدها، هذه قدرة، يعني ما هو متربع أو مضطجع ينتظر مستنفذ وشيخ الإسلام يكتب، والإنسان إذا أراد الصفحة الآن يحتاج إلى وقت، بل قد يعرضها في الأوقات الخمسة، يكتبها بعد صلاة الصبح، ثم يراجعها بعد الظهر، ثم لعله يتبين له شيء وشيخ الإسلام يكتب الكتاب في الساعة الواحد ما يحتاج الناس إلى قراءته في مدة طويلة.
وكتب الحموية بين الظهر والعصر والناس يدرسونها في سنة كاملة وما تنتهي ، وكتابه نقد التأسيس كتبه في مدة يسير وحقق في ثماني رسائل في مدة أربعين سنة، لأن كل واحد من هؤلاء الطلاب استغرق خمس سنوات في نصيبه في الثمن، فالكتاب حقق في أربعين سنة والله المستعان، البركة: بركة الوقت والعلم والقلم السيال عند شيخ الإسلام شيء لا يخطر على بال، فكونه إن كان حاضرا لا مانع من أن يناديه فيقول يا سائلي هذا جوابك، وإن كان غائبا فلا يراد به حقيقة النداء. وهناك آخرين يقولون: إن المثل ما قرئ. ؟؟؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه، اللهم اغفر لنا ؟؟؟؟؟ يا رب العالمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ؟؟؟ ؟؟وغفر لشيخنا وجزاه عنا خير الجزاء.
يقول:
يا سائلي عن منهجي وعقيدتي

رزق الهدى من للهداية يسأل

اسمع كلام محقق في قوله

لا ينثني عنه ولا يتبدل

حب الصحابة كلهم لي مذهب

ومودة القربى بها أتوسل

ولكلهم قدر علا وفضائل

لكنما الصديق منهم أفضل

نعم يقول المؤلف رحمه الله تعالى الناظم سواء كان شيخ الإسلام إن صحت النسبة إليه أو غيره من أهل التحقيق في المعتقد يقول يا سائلي والسؤال من قبل المتعلم مأمور به في قوله جل وعلا، â(#þqè=t«ó¡sùŸ@÷dr&Ì�ò2Ïe%!$#bÎ)óOçFZä.ŸwšcqßJn=÷ès?á [الأنبياء: 7]، والجواب من العالم مطلوب، والكتمان مع القدرة على الجواب لا يجوز إلا سيما إلا تعلم، فالسائل المتعلم سواء كان عاميا أو حكمه من آحاد المتعلمين مأمور به، فالله جلا وعلا يقول: â(#þqè=t«ó¡sùŸ@÷dr&Ì�ò2Ïe%!$#á والمراد بأهل الذكر: هم أهل القرآن وأهل العلم، وليس المراد بهم كما يقول بعض المتصوف الجهال الذين لا علم عندهم يقول المراد بأهل الذكر ممن يلزم الذكر ولو لم يكن عنده علم، ثم ما هذا الذكر الذي يسمونه أذكار مبتدعة مخترعة لا توجد في كتاب ولا سنة، ويريدون أن ينزلوا الآية عليهم، فاسألوا أهل هذه الأذكار الذين هم أشبه بالدراويش لا يدرون ما يقولون، ولكن المراد بالذكر القرآن. وأهل القرآن هم أهل العلم.
يا سائلي: هذا بالنسبة للسائل لا بد أن يسأل ما يشكل عليه، يحتاج إلى الإيضاح والبيان يسأل أهل العلم وأهل الذكر، والمسئول أيضا إذا تعين عليه الجواب لا يجوز له أن يتردد في الجواب، نعم إذا وجد من يكفيه المئونة ويجيب على أسئلة السائلين فالتدافع: تدافع الفتوى معروف ومأثور عن السلف، أما إذا تعين الجواب عليه بحيث لا يوجد من يحسن الجواب على هذا السؤال سواه لا يجوز له أن يكتم، «وَمَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنَ النَّارِ»، وهذا الخبر لا يسلم من مقال، ولكن له أثر بلا شك يعني أن منهم من يحسنه.
فإذا تعين لا بد من الجواب، أما إذا وجد ما يكفيه المئونة فالصاحبة دافعوا الجواب، وقد جاء كما في كتاب المناسك في صحيح مسلم رجل يسأل ابن عمر رضي الله تعالى وأرضاه فدله على ابن عباس، قال: اذهب لابن عباس، فقال له أنا أريد جوابك، لأن ابن عباس قد مالت به الدنيا ومال بها، يعني أنه توسع في المبيحات بخلاف ابن عمر، فزهده معروف، والعامة يحسنون الظن بالعالم الزاهد، وهو محلي إحسان الظن إذا كان لديه علم، أما العالم الذي عنده تعلق بالدنيا فإن العامة ينصرفون عنه في الغالب، وإن كان عنده علم.
ابن عباس رضي الله تعالى عنه وأرضاه توسع في أمور الدنيا أكثر من ابن عمر، وإلا فعلمه وزهده وورعه وتقواه وعبادته لا تحتاج إلى الاستدلال لكنه بالنسبة إلى عبد الله بن عمر الذي لا ينام من الليل إلا قليلا ولا يكاد أن يفطر بالأيام إلا قليلا، الفرق بينهما واضح، فهذا همه يعني ابن عمر الآخرة، لما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أو عَابِرُ سَبِيل» فكان عبد الله يقول كما في الصحيح: «إِذَا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِر المسَاءَ، وإِذَا أَمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِر الصَّبَاحَ»، مثل هذا العوام يثقون به بخلاف من توسع بالدنيا ولو عرف بالعلم، ولا شك أن الزهد مطلوب، والإنسان عموما الجن والإنس إنما خلقوا إلا لتحقيق العبودية لله جلا وعلا، ومع ذلك على الإنسان أن لا ينسى نصيبه من الدنيا، وبون شاسع من أن يكون جل همه الدنيا، وبين أن يكون همه الآخرة.
ووجد في العصور المتأخرة مما ينتسب إلى العلم، مما يزاحم في أمور الدنيا وليس من ذلك ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه، وإن قيل لأن المسألة أمور نسبية، يعني إذا نسبنا ابن عباس إلى ابن عمر قلنا العبادة عند ابن عمر أوضح، والاهتمام بالعلم عند ابن عباس أوضح وكلاهما في عبادة، لكن العوام ينظرون إلى العبادة العملية، ما ينظرون إلى العبادات العلمية. قال له: إن ابن عباس مالت به الدنيا ومال بها.
ولذا تجدون أن العامة الآن يحرصون على أن يستفتوا هذا النوع من الناس وإن كان في العلم أقل لأن ما في قلوب الناس من العلوم وفي أذهانهم أمور لا يطلع عليها العامة إنما يظهر لهم عباداتهم العملية فيثقون بهم ويتجهون إلى سؤالهم ولذا ينبغي أو مما يتأكد في حق طالب العلم الاهتمام بالعمل، ولا يكون الهدف من أجل أن يتجه إليه العوام بالأسئلة نظرا لما أخذناه أبدا، لأن العمل مطلوب والعلم يقتدي العمل، وعلم بلا عمل كشجر بلا ثمر، لا بد من الاهتمام بالعمل بالنسبة إلى طالب العلم، لأن الذي يثبت العلم هو العمل والكلام في النوافل وليس الكلام في الواجبات؛ لأن الواجبات ما عليها مساومة، لكن الكلام في الإكثار من النوافل، وخير ما يعين على تحصيل العلم العمل به.
ولا يقول طالب العلم إني والله مشغول بالطلب، مشغول بالحفظ، مشغول بالفهم، مشغول بالتردد على الدروس وعلى المشايخ وعن العمل، لا، العمل أمر لا بد منه فالإكثار من النوافل مطلوب من المسلمين عموما، وعلى أهل العلم وطلابه على وجه الخصوص.
يا سائلي: السائل اسم فاعل مضاف إلى ياء المتكلم .
عن مذهبه وعقيدتي: المذهب في الغالب يطلق على المذهب الفرعي، فيقال هذا مذهب أبي حنيفة، وهذا مذهب مالك، وهذا مذهب الشافعي، وهذا مذهب أحمد، وهذا مذهب سفيان، وهذا مذهب الأوزاعي، وهذا مذهب الظاهرية، وهذا مذهب الزيدية إلى آخره قالب يطلق على الفروع، ويدل عليه العطف، عطف العقيدة عن المذهب. يا سائل عن مذهبي وعقيدتي: فالمذهب في الفروع، والعقيدة في الأصول، هذا هو الذي يعلي ظاهر اللفظ، لكن حقيقة النظم، هل أجاب الناظم عن مذهبه الفرعي؟ لا، ما أجاب عن مذهبه الفرعي وإنما أجاب عن عقيدته.
فالمذهب هنا ما يذهب إليه في مسائل الاعتقاد ويقال به ويسار إليه ويقول عطف العقيدة على المذهب من باب عطف الشيء على نفسه لاختلاف اللفظ ومذهبه الفرعي في أول الأمر الحنبلي فشيخ الإسلام وهذا الكلام كله على سبيل التنزل، إن هذه الرسالة لشيخ الإسلام، وهذه المنظومة لشيخ الإسلام وإلا فنسبتها إليه لا يدل عليه دليل قطعي إنما هي مجرد قرائن يعني وجودها بين رسالتين لشيخ الإسلام يعني في المخطوطات التي وجدت لهذه المنظومة قبلها رسالة لشيخ الإسلام، وبعدها رسالة لشيخ الإسلام فهي من بين مؤلفاته وجدت فنسبت إليه، وعلى كل حال فالكلام الذي فيها حق.
إذا قلنا إن هذا شيخ الإسلام فمذهبه الفرعي هو مذهب الإمام أحمد في الأصل، وتفقه عليه وتخرج على كتب أصحابه ثم بعد ذلك اجتهد وخلع رقة التقليد فسار يعمل بالنصوص بالكتاب والسنة، ولذا تجد الفرق بين شرحه للعمدة وبين كلامه وفتاواه متأخرة، فرق كبير يعني تقرأ في شرح العمدة لشيخ الإسلام كأنك تقرأ لفقهاء الحنابلة من بيان الروايات والوجوه والتحليلات كأنك تقرأ للمتقدم، وأما مؤلفاته المتأخرة تجد كلاما مستقلا واختيارات شيخ الإسلام الفقهية قسمت إلى أقسام منها ما يوافق المذهب ومنها ما يوافق رواية المذهب، ويوافق إمام آخر من الأئمة الأربعة ويخالف المشهور في المذهب، ومنها ما يخالف المذهب بالكلية ويوافق مذهب من مذاهب الأخرى، ومنها ما يخالف في المذاهب الأربعة، وهذا كثير في رحمه الله، ومنها ما نسب فيه شيخ الإسلام إلى أنه خالف الإجماع، فاختياراته مقسمة إلى هذه الأقسام.
منها ما يستقل به ويوافق فيه بعض السلف ويخالف فيه الأئمة الأربعة، وهذا امتحن بسببه، وقيل إنه خالف فيه الإجماع ومنها ما يوافق فيه إمام من الأئمة الأربعة، ومنها ما يوافق أكثر من إمام ويخالف المذهب، ومنها ما يوافق رواية المذهب ليست هي المشهورة، ومنها ما يوافق المشهور في المذهب ومعوله وعمدته على النص، معوله هو النص كما هو معروف تذكر على كتب المذهب وكتب الأصحاب، ثم بعد ذلك اطلع على المذاهب الأخرى ونظر في أدلتهم ووازن بين هذه الأدلة ورجح واختار ما اختار ووافق من وافق وخالف من خالف، وهذه طريقة ينبغي أن يسلكها طلاب العلم، وذكرناها في مناسبات كثيرة بالنسبة إلى كيفية التفقه، كيف يتفقه طالب العلم؟، يعني هل يتفقه مباشرة وهو مبتدئ من الكتاب والسنة؟، لا يستطيع. تكليفه بمثل هذا؛ تضييع له، بل يتفقه على مذهب معين وعلى كتاب معين من كتب أي مذهب من المذاهب المعتبرة الأربعة، وليس معنى هذا أنه يجعل هذا الكتاب دستورا لا يحاد عنه من دون القرآن. لا هذا من مؤلفات البشر يبدأ بهذا المختصر ويتصور المسائل إن حفظه بها ونعمة، وإن لم يحفظ يتصور هذه المسائل ويصورها، وينظر في شروح هذا الكتاب وينظر في أدلة هذه المسائل فهذا في العرضة الأولى.
وفي العرضة الثانية ينظر من وافق المؤلف ومن خالفه، وينظر في أدلة الموافقين إن كان عندهم مزيد من الأدلة على ما عنده، وينظر في أدلة المخالفين ويرجح حسب قواعد التعارض والترجيح عند أهل العلم، ثم يعمل بالراجح، إذا انتهى من هذا الكلام في عرضته الأولى يقول: عنده شيء من الفقه يعمل به ويمشيه على هذا المذهب فهو لا يزال مبتدئا مقلدا، في العرضة الثانية والثالثة يبدأ بالاجتهاد وهذا الأمر سهل ليس من الصعوبة كما يتصوره كثيرا من طلاب العلم.
هذا ما يتعلق بمذهبه الفرعي وقد ولد في أسرة حنبلية فجده المجد ابن تيمية رحمه الله صاحب المحرر وهو من العمد في المذهب بحيث إذا اتفق مع الموفق سار هو المذهب عند المتوسطين وأبوه أيضا حنبلي وأخوه وكذلك أسرته كلهم حنابلة فتفقه على مذهب الحنابلة ثم بعد ذلك اجتهد.
عن مذهبي وعقيدتي: عرفنا أن عطف العقيدة على المذهب من خلال النظر في طبيعة هذه المنظومة وأنها ليس فيها أحكام فرعية؛ أن العقيدة هي المذهب، وهي مأخوذة من العقد والشك، وهي ما يعتقده الإنسان بقلبه فيعقد عليه قلبه كما يعقد المتاع بالحبل بحيث لا يتسلط ولا يضع منه شيء فيربطه ويعتقه بحزم وعزم وجد.
عن مذهبي وعقيدتي رزق الهدى: يدعو الناظم رحمه الله تعالى لمن يسأل عن الهداية.
رزق الهدى من للهداية يسأل: هذا لفظه لفظ الخبر هو المراد منه الدعاء، إن الله جل وعلا يرزقه الهدى، والدعاء يأتي بلفظ الأمر ويأتي بلفظ الخبر، كما أنه يأتي بلفظ النهي.
يأتي بلفظ الخبر كما تقول: غفر الله لك، رحمك الله، رضي الله عنه، رزق الهدى، ويأتي الدعاء بلفظ الأمر: اللهم اغفر لي. اللهم ارحمني، ويأتي بلفظ النهي اللهم لا تآخذني. لا تعذبني إلى آخره، فإذا جاء الدعاء بلفظ الخبر جاز اقترانه بالمشيئة، وإذا جاء بلفظ الأمر لا يجوز اقترانه بالمشيئة، لا يقول أحدكم: «اللَّهُمَّ اغْفِر لي إنْ شِئْتَ» لكن جاء عنه عليه الصلاة والسلام: «طَهُورٌ إنْ شَاءَ الله» يعني بلفظ الخبر، «وَذَهَبَ الظَّمَأُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللهُ» دعاء بلفظ الخبر.
رزق الهدى: الذي هو لزوم الصراط المستقيم والاستقامة على دين الله جلا وعلا من للهداية يسأل، لأنه مأمور بالسؤال فإذا امتثل هذا الأمر وسأل أهل العلم عن ما يشكل عليه فإنه حينئذ يوفق للاستقامة، إذا سأل سؤالا مسترشدا طالبا للحق لا متعنت لا متعال مظهر لعلمه، لأن بعض الناس يسأل وعنده الجواب، إما أن يريد إعماء المسئول أو يريد إظهار ما عنده من علم مثل هذا لا يرزق الهدى في الغالب ولا يرزق التوفيق ولا يوفق للعلم أما من سأل سؤالا طالبا للهدى وطالبا لمعرفة الحق فإن هذا يوفق؛ لأنه يمتثل ما أمر به، ولذا جاء النهي عن الأغلوطات يعني الأسئلة المحرجة التي تبين إما فضل السائل أو عجز المسئول، فمثل هذا منهي عنه، أما من يسأل للاستفادة هذا مطلوب.
وفي عهده عليه الصلاة والسلام جاء النهي عن السؤال: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَثْرَةُ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِم» فكثرة الأسئلة لا شك أنها توقع في عنت لا سيما في وقت التنزيل، لأنه قد يسأل عن شيء مباح ثم يحرم بسببه، أو يسأل عن شيء لا حكم له في الشرع إنما تستصحب فيه البراءة الأصلية ثم ينزل إجابه، فلما سأل السائل عن الحج أكل عام يا رسول الله؟ سكت النبي عليه الصلاة والسلام، ثم قال: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُم»؛ لأنه لو قال: نعم لوجبت، ولو وجبت ما استطاعوا فهلكوا، فالذي يسأل إن كان يريد الحق ليعمل به هذا لا شك أنه يوفق ويثاب على ذلك، وإن كان يريد عنات المسئول أو إظهار ما عنده من علم مثل هذا يحرم بركة العلم والعمل.
قد يسأل الشخص للاختبار، يسأل للامتحان، وهذا من وسائل التعليم، يسأل عن شيء يعرفه لا يريد بذلك عنات المسئول ولا إظهار علم السائل وإنما يريد امتحان المسئول لينظر ما عنده من علم والامتحان معروف عند أهل العلم، واختبار الإمام البخاري بقلب مائة حديث عليه في القصة المشهورة معروف، والمعلم يمتحن طلابه وقد يلقي الدرس على طريق السؤال والجواب، وهذه طريقة ناجحة، طريقة التعليم على هيئة سؤال وجواب ، والأصل فيها حديث جبريل عليه السلام لما سأل النبي عليه الصلاة والسلام الأسئلة الثلاثة المعروفة. لأن بعض الناس يقول: إن هذه الطريقة جاءتنا من وسائل التربية الحديثة الوافدة علينا، التعليم بطريقة الحوار والسؤال والجواب هذه يقول: طريقة مستحدثة اكتسبناها من المربين، سواء كانوا من المسلمين أو غيرهم، نقول له: لا ، هذه طريقة شرعية.
رزق الهدى من للهداية يسأل: يسأل للدلالة على الحق الذي يسأل للدلالة على الحق فقط؛ هذا يرزق الهدى فيهديه الله جلا وعلا إلى صراطه المستقيم ويلزمه على الصراط والاستقامة على الدين.
اسمع كلام محقق في قوله: اسمع: أمر للسمع، وهل المقصود السمع أو الاستماع؟ يعني هل المقصود هنا اسمع أم استمع؟ نعم المراد هنا الاستماع فالمراد هنا الاستماع ، أما مجرد السمع فلا يكفي، والفرق بينهما أن السماع قد يكون عن غير قصد، فلا يستفيد السامع، وأما الاستماع المقصود للإفادة هذا هو الذي يفيد السامع، ولذا يقول أهل العلم، يسجد المستمع دون السامع، نقول مثل هذا أي بعكس هذا يأثم المستمع دون السامع كيف إذا كان الكلام بالمقابل فيه إثم، أغاني مثلا أو موسيقى أو كلام بذيء أو فاحش الذي يستمع له يأثم لكن الذي يسمعه وهو مار في الطريق، دائما تسمعون بعض الناس في سيارتهم يشغل آلاته على الأغاني مثلا لا تقدر أن تمنعه أو ترده أنت تسمع لا تستمع ، لكن إذا استمعت وأعجبك وأطربك أثمت، لكن مجرد تسمع لا يضرك شيء إن شاء الله تعالى لا سيما الإنكار القلبي إن لم يتيسر الإنكار بالقلب.
إذا كان الشخص جالس في مجلس وفيه محرم إما غناء أو غيبة أو ما أشبه ذلك وهو جالس يقول: أنا لا استمع له أنا في معزل عنه أنا أنشغل في قراءة كتاب عنه وهم في شأنهم يكفي أم لا يكفي؟ لا بد أن تنكر، إنزال المنكر وإلا عليك أن تغادر المكان، اسمع كلام محقق الكلام عند النحويين: اللفظ المركب المفيد بالوضع، اللفظ -أي الملفوظ به- المركب -من كلمتين فأكثر- المفيد -فائدة يحسن السكوت عليها- بالوضع- العربي أو بالقصد على خلاف بينهم وهو عند الفقهاء ما تركب من حرفين ولو لم يفد عند الفقهاء يبطل الصلاة، لأنه كلام ولا يلزم أن يكون من كلمتين فأكثر كما يقول النحاة، وعلى كل حال الكلام له معاني كثيرة، ولكن منها ما ذكرنا.
اسمع كلام محقق: متثبت معتمد على أصلٍ من كتابٍ أو سنةٍ هذا هو التحقيق فإذا قيل فلان محقق معناه أنه يتثبت فيما يقول وفيما يكتب ومعوله ومنبته على الكتاب والسنة، محقق قد يكون قائل: هذه دعوة ما الذي يشهد لها، نقول: يشهد لها واقع المنظومة ففيها تحقيق عقيدة السلف الصالح، ووصف عالم من العلماء بأنه المحقق قال: فلان قال: شيخنا الإمام المحقق، وأحيانا يقال: التحقيق كذا.
وصف العالم بالتحقيق، لا شك أنها تحكي وجهة نظر الواصف فقد تكون وجهة هذه النظر صحيحة لكون الموصوف ممن يعتمد على الكتاب والسنة، وقد تكون دعوة، وأحيانا إذا رجح قولٍ من قبل أهل العلم يريد أن يرجح هذا القول؛ لأنه راجح عنده يقول: اختاره كثير من المحققين، هذه مجرد دعم لكلامه أو لما يرجحه ولا شك أن هذا الوصف إنما يحكي وجهة نظر المتكلم، وقد يكون محققًا من وجهة نظره؛ لأنه يوافقه في مذهبه الأصلي أو الفرعي، فتجد الأشعري يصف الرازي بأنه محقق مثلاً، وتجد الحنفي يصف إمام من أئمة الحنفية بأنه محقق، وتجد المالكي يصف فلانا بأنه محقق، هذه كلها من وجهة نظر المتكلم لكن هل تثبت هذه الدعوة عند التمحيص أو لا تثبت؟ هذا محل النظر. وكثير من الكتاب يدعمون أقوالهم بمثل هذا الكلام وهي لا تؤثر على القارئ؛ لأن القارئ إن كان من أهل النظر ثم يؤديه إليه اجتهاده هو التحقيق عنده وهذا وافق هذا القول هذا المحقق أو لم يوافقه، وعلى كل حال من يتثبت في أقواله وأفعاله؛ محقق، من يعول على نصوص الوحيين؛ محقق، أما من يخالف الكتاب والسنة مهما بلغ من المنزلة عند أتباعه فليس بمحقق.
اسمع كلام محقق في قوله: في قوله في المسائل العلمية فيما يقوله فيما يلفظ به وفيما يكتبه وفيما يعمل به، فالقول يطلق على ما هو أعم من اللفظ، فيطلق على اللفظ فيما إذا كان الكلام بالقول باللسان، ويطلق على الكتابة، ويطلق على الإشارة، ويطلق أيضا على الفعل، «فقال بيديه كذا»، فالقول أعم من أن يكون ملفوظا به.
اسمع كلام محقق في قوله
لا ينثني عنه ولا يتبدل
لا شك أن القول المبني على الكتاب والسنة يكتسب صفة الثبوت واللزوم وعدم التبدل والتبديل من ثبوت نصوص الكتاب والسنة، ؟؟؟؟؟ هذا يعتمد على الكتاب والسنة والنصوص ثابتة، إذا ما أخذ منها فهو ثابت لا سيما في هذا الباب، باب الاعتقاد الذي اتفق عليه سلف هذه الأمة هذا لا يحصل له تغيير ولا تبديل ولا تزعزع بإذن الله، اللهم إلا إذا كان الإنسان غير راسخ في هذا الباب ويعرض نفسه للشبهات، فمثل هذا قد يطرأ عليه التغير والتبدل.
أما من رسخ في علمه واطلع على نصوص الكتاب والسنة وما اتفق عليه سلف الأمة، فإنه لا يتزعزع ولا يتبدل ولا يمتنع عن ذلك، وقلنا إن بعض طلاب العلم حصل عندهم شيءٌ من الانتماء والتبدل، وذلك لعدم رسوخهم في هذا الباب، وأيضا لاستماعهم إلى الشبه وفتح قلوبهم لها، فليحذر الإنسان كل الحذر أن تميل به الأهواء ويسمع من فلان وفلان غير الثقات من أهل العلم، والآن المجال مفتوح لاستماع ما يقال عنه كل وجهة النظر والشبه الآن غزت البيوت في بيوت عوام المسلمين، ونسأل أسئلة من عوام لا يقرءون ولا يكتبون في أصول العقائد وسبب ذلك كون الإنسان يستمع لكل ناعق.
والناظم يقول: لا ينثني عنه ولا يتبدل؛ لأنه رسخ قدمه في هذا الباب واستمع إلى الشبه وفندها ولذا يقال لطالب العلم لا تستمع لهذه الشبهة، وإنت ما عندك حصانة من رسوخ قدم في العلم لا تستمع لهذه الشبهة فضلا على أن تكون عاميا أو في حكم العامي، وإذا تأهل لاستماع هذه الشبه وتفنيد هذه الشبهة لا شك أن الرد على هذه الشبه باب من أعظم أبواب الجهاد.
وقد انبرى شيخ الإسلام رحمه الله تعالى إلى شبه المبتدعة وفندها، الرازي يورد في تفسيره شبه لمبتدعة أعظم منه بدعة، أما البدعة التي يصوغها بأساليب بحيث تغزو القلوب هذا واضح، لكن كونه يورد شبه ويسميها شبهة ويحاول الإجابة عنها تجده في إراده للشبه يجليها ويوضحها بحيث يجعلها مثل الشمس ثم يرد عليها بردٍ ضعيف، فإذا التصقت وتمكنت من قلب القارئ ما وجد لها منازل ولذا يحذر من قراءة تفسيره إلا لعالم متمكن راسخ لكي يرد عليه.
يقول بعض أهل العلم: إنه يورد الشبه نقد ويرد عليها نسيئة وكتابه مشحون بهذه الشبه وتفسير الزمخشري فيه أيضًا من البدع والشبه ما لا يستطيع رده كثير من أهل العلم فضلاً عن طلاب العلم، ووجد من أهل العلم -ولله الحمد- من يبين هذه الشبه وهذه البدع وتتبعوها بالمناقيش كما قالوا.
قال رحمه الله بعد ذلك:
حب الصحابة كلهم لي مذهب
ومودة القربى بها أتوسل
حب الصحابة -رضوان الله عليهم- الذين نصر الله بهم الدين وحملوه وبلغوه إلى من بعدهم كلهم بدون استثناء ما دام ثبتت الصحبة يجب حبهم، وحبهم إيمان وبغضهم نفاق، حب الصحابة إذا كان ثبت في الحديث أنه «لا يُؤْمِنْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، أخيه من أحاد المسلمين، لا يؤمن حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه؛ فماذا عن من لهم المنة والفضل بعد الله جل وعلا ورسوله عليه الصلاة والسلام في تبليغنا الدين، أن تفترض أن أبا هريرة ما وُجد، وقد روي عن طريقه نصف الدين، ماذا يكون وضعك وماذا يكون حالك؟ وماذا يكون الحال بعد الصحابة لو لم يوجد مثل هذا الذي حمل من الدين؟ وقل مثله في بقية الصحابة رضوان الله عليهم الذين بلغونا هذا الدين، يبقى لنا دين لو لم يوجد هذا الجيل الذي تحمل الأمانة وبلغها امتثالاً لقوله عليه الصلاة والسلام: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً»، «لِيُبَلِّغُ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الغَائِبَ»، يعني لو لم يكن من الفضل إلا هذا، يعني كونهم نصروا الدين ونصروا النبي عليه الصلاة والسلام وفدوه بأرواحهم وأموالهم وبلغوه إلى شرق الأرض وغربها، وافتتحه به الأقطار والأقاليم والأمصار وانتشرت الدين على أيديهم إذًا حبهم مثل حب الإنسان العادي أو أكثر.
لا أحد يقول إن حب هريرة مثل زيد من الناس أبدا، إلا إنسان لا يقيم لهذا الدين رأس، والنبي عليه الصلاة والسلام دعا لأبي هريرة أن يحب الخلق ويحبه الخلق، فسار محبوبًا لدى الجميع ولذا لا يبغضه إلا المنافق، وتجد الحملات والقدح في أبي هريرة أكثر من غيره؛ لأن ليس المقصود بذات أبي هريرة المقصود الدين والعلم الذي يحمله أبو هريرة، إذًا لماذا أبو هريرة على وجه الخصوص دون غيره؟!! لأن القدح في أبي هريرة قدح في مروياته والقدح في أكثر من خمسة آلاف حديث بسبب شخص واحد، أيسر من القدح في مائة راوي يروون خمسة آلاف حديث، إذًا لا تجدون من يقدح في المقلين من الصحابة، أبيض بن حماد ما وجد المستشرقين يقدحون به يروي حديث واحد يحتاج إلى سنين من أجل أن تقدح بمقدار ما تقدح به من السنة إذا قدحت في أبي هريرة.
فكونهم حملاتهم -أعني المستشرقين والمبتدعة- حملاتهم مسعورة على أبي هريرة على وجه الخصوص لا لأنه أبو هريرة بل لما يحمله من العلم والدين الذي بلغنا بواسطته هذا هو السبب الذي يجعل أبا هريرة موضع لسهام الأعداء.
يقول: حب الصحابة: الصحابة جمع صَاحِب والصَحْبُ جمع صاحب كركب جمع راكب، والصحابة جمع صحابي. حبهم كلهم: يعني بدون استثناء، والمراد بالصحابي: من رأى النبي عليه الصلاة والسلام مؤمنا به ومات على ذلك، مات على الإيمان، مؤمنًا ليخرج بذلك المنافق الذي رأى النبي عليه الصلاة والسلام وهو لا يؤمن به، والمراد بالإيمان الإيمان القلبي والدعوة المجرد باللسان لا تنفع ولا تفيد، ولذا سار حكم المنافقين في الدرك الأسفل من النار -نسأل الله السلامة والعافية-، ولو شهدوا أن لا إله إلا الله أمام الناس، ولو صلوا مع الناس ولو حضروا مجالس النبي عليه الصلاة والسلام.
حب الصحابة كلهم لي مذهبٌ: قدم الناظم الصحابة من باب الاعتراف بحقهم وفضله ولو قلنا إنا لو تصورنا إن الصحابة ما وجدوا أو ما وجد منهم من يحمل هذا العلم والدين كيف يكون من بعدهم؟ إذا كانت الأمة بِأَمَسِّ الحاجة إلى العلم وإلى أهل العلم في أواخر عصورها فكيف بمن كان الواصل بين الأمة وبين نبيها عليه الصلاة والسلام، صور نفسك في بلد ليس فيه من تستفتيه إذا أشكل عليك شيء، صور نفسك في بلد ليس فيه من يستفتى وأشكل عليك مشكلة في دينك، ؟؟قل هذا الإنسان أحمر يقف على باب حوش المستودع إنسان أحمر ق ن ق خمسمائة وسبع وأربعين؟؟.
ذكر الآجري في أخلاق العلماء مثالا يمثل به الحاجة الماسة إلى أهل العلم قال: إن العلماء بمثابة المصابيح فإذا تصورت أن قومًا في ليلة مظلمة في وادي موحش كله أشجار وهوام وسباع وحيات، والليلة شديدة الظلمة والناس يمشون على غير هدى، ولا يدرون هل يذهبون يمين أو شمال ثم جاءهم من بيده مصباح ثم تقدمهم وتبعوه هل له فضل عليهم أم ليس له فضل عليهم؟ له فضل كبير عليهم مع أنهم لو حصل لهم أسوأ الاحتمالات أكلتهم الوحوش ماذا خسروا؟ خسروا الدنيا، والعالم الذي يأخذ بأيديهم إلى صراط الله المستقيم بعد أن كانوا يتيهون في مفازات الظلام، فقدانه لا شك أنه يفوت عليهم الدين، وأولئك ستفوتهم الدنيا وهؤلاء يفوتهم الدين، فالحاجة إلى أهل العلم أشد من الحاجة إلى صاحب المصباح، هذا في العصور المتأخرة وقد يكون غير من أهل العلم من يقوم ببعض الشيء، فكيف إذا كان المفقود شخص واسطة بيننا وبين نبينا عليه الصلاة والسلام كأبي هريرة مثلا؟ كيف يصل إلينا الدين عن طريق غيرهم؟ من هذه الحيثية جاءت محبتهم، ولذا قال رحمه الله تعالى :
" حب الصحابة كلهم لي مذهب "
وانتدب طوائف من المبتدعة لعداء الصحابة وبغضهم وشتمهم، بل وصلوا إلى تكفيرهم نسأل الله السلامة والعافية، وتكفير خيارهم بدلا من أن يحبوا يذموا ويبغضوا ويشتموا ويسبوا، أنت كفرت أبا هريرة من أين يصل إليك خمسة آلاف وثلاثمائة حديث، إذا حرمت من الصراط المستقيم مالت بك الأهواء إلى الطرق المؤدية إلى الجحيم -نسأل الله السلامة والعافية-.
فانتدبوا إلى ذمهم وسبهم وتكفيرهم والذي يغلب على الظن أن المراد بذلك كله -وإن أظهروا ما أظهروا- القدح في الدين نفسه، ولذا الإمام مالك رحمه الله تعالى في آخر آية من سورة الفتح âÓ‰£Jpt’CãAqß™§‘«!$#4tûïÏ%©!$#urÿ¼çmyètBâä!#£‰Ï ©r&’n?tãÍ‘$¤ÿä3ø9$#âä!$uHxqâ‘öNæhuZ÷�t/á إلى قوله: âxáŠÉóu‹Ï9ãNÍkÍ5u‘$¤ÿä3ø9$#á[الفتح: 29] فالذي يغيظه صحابة محمد صلى الله عليه وسلم ماذا يكون؟ استدلال بهذه الآية فذهب الإمام مالك إلى تكفير من يغيظ الصحابة.
وشيخ الإسلام استدل بقوله جلا وعلا: âšúïÏ%©!$#urrâä!%y`.`ÏBöNÏdω÷èt/šcqä9qà)tƒ$uZ*/u‘ö�Ïÿøî$#$oYs9$oYÏRºuq÷z\}uršúïÏ%©!$#$tRqà)t7y™Ç` »yJƒM}$$Î/...á [الحشر: 10] بعد أن ذكر المهاجرين والأنصار قال: âšúïÏ%©!$#urrâä!%y`.`ÏBöNÏdω÷èt/šcqä9qà)tƒ$uZ*/u‘ö�Ïÿøî$#$oYs9$oYÏRºuq÷z\}uršúïÏ%©!$#$tRqà)t7y™Ç` »yJƒM}$$Î/...á إن هذا الذي لا يتردى عن المهاجرين والأنصار أنه ليس له نصيب في الخمس. فالأمر خطير فعلى الإنسان أن يتولى الصحابة وأن يترض عنهم ويعرف لهم منازلهم وأقدارهم ومراتبهم فأفضلهم على الإطلاق أبو بكر وهو خير هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عن الجميع، ثم بقية العشرة: سعيد وسعد وابن عوف وطلحة، وعامر وفهر والزبير والممدح هؤلاء العشرة هم أفضل الصحابة، ثم بعد ذلك أهل بدر وأهل الحديبية والمهاجرون الأولون السابقون لهم فضل وسابقة ثم بقية الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
ومن الصحابة العشرة الذين ذكرناهم ومنه أزواجه عليه الصلاة والسلام، يدخلون في صحابته كما أنهم يدخلون في أهله وآله عليه الصلاة والسلام.
أفضل الصحابة على الإطلاق أبو بكر، وعمر، ثم عثمان، ثم علي ثم بقية العشرة. ابن حزم له رأي في المسألة يقول: إن زوجات النبي عليه الصلاة والسلام أفضل من أبي بكر، وعمر. دليله أنهن رضوان الله عليهن معه في المنزل في الجنة، يعني منزلة أبي بكر دون منزلة النبي عليه الصلاة والسلام في الجنة، وأزواجه عليه الصلاة والسلام معه في المنزلة. فدل على أنهن أفضل من أبي بكر وعمر فضلاً عن بقية العشرة، فضلاً عن بقية الصحابة. الاستدلال صحيح أم غير صحيح؟ غير صحيح. لماذا؟ ؟؟؟ إذا يلزم عليه تفضيلهن على سائر الأنبياء، والولدان وغيرهم، ؟؟؟؟ بعد أن أناقش حجاه ، حجته يقول أنهن فوق أبي بكر وعمر في الجنة في المنزلة نقول: حجته يثبت تبعا ما لا يثبت هذا!!
لو نظرنا إلى حياتهم العادية تجد شخصًا ثريًّا متنعمًا في دنياه موسعًا على نفسه، وشخص دونه في المنزلة، شخص عنده مائة مليون، وشخص عنده خمسون مليون أو عشرة ملايين، هذا متنعم بنعيم يليق بنعيم الدنيا ومتوسع فتجد الخادم عند هذا المتنعم أفضل حالا من كثير من الأثرياء، تجد هذا السائق مثلا أو الخادم يسكن في ملحق عند هذا الثري، هذا الملحق خير من بيوت كثير من الأغنياء، هل نقول: إن هذا الخادم أفضل من هؤلاء الأغنياء، يتنعم بأنواع أفخم المساكن والسيارات والملابس والمطاعم والمشارب وما أشبه ذلك من متع الدنيا وهو خادم عند هذا الثري، دونه في الثراء طبقة ثانية يتنعمون لكنهم أقل، إذ هذا الخادم هل نقول: إنه أفضل من هؤلاء الأغنياء ما يقول هذا عاقل أبدًا لأنه ما وصل إلى هذه المنزلة بذاته، إنما وصلها بغيره، يعني ما تلاحظون أن من ملاحق بعض الناس أفضل من بيوت كثير من الناس موجود، وفي شخص أمر قصور وفيها ملاحق الملاحق كلفت الملايين بل عشرات الملايين فقيل له -لما نظرها بعض الناس-: هذا مكان غير لائق لو نقلتها ففورًا هدمها ونقلها إلى مكان آخر.
فمثل هذا السائق عند هذا الشخص أو هذا الخادم يقول: هل هذا أفضل من بقية الأغنياء الذين يفدون منزلة هذا؟ الشيء الذي يثبت للإنسان على طريق التبعية لا يحكم له به على جهة الاستقلال، ؟؟؟؟يلزم هذا ؟؟؟؟؟ هذا يلزم من مثل قوله هذا الكلام أن زوجة العالم الأفضل فوق العالم الذي هو أدنى معه؛ لأنها معه في المنزلة âtûïÏ%©!$#ur(#qãZtB#uäöNåk÷Jyèt7¨?$#urNåkçJ*ƒÍh‘èŒ ?`»yJƒÎ*Î/$uZø)ptø:r&öNÍkÍ5öNåktJ*ƒÍh‘èŒ!$tBurNßg»oY÷Gs9r&ô`ÏiBOÎgÎ=uHxå`ÏiB&äóÓx«á[الطور: 21] المقصود أن هذا قول مردود لا لا يلتفت إليه.
حب الصحابة كلهم لي مذهب
ومودة القربى بها أتوسل
â@è%Hwö/ä3è=t«ó™r&Ïmø‹n=tã#·�ô_r&žwÎ)no¨ŠuqyJø9$#’Îû4’n1ö�à)ø9$#á [الشورى: 23]، والمودة خالص المحبة والمراد بذوي القربى آله عليه الصلاة والسلام، ويدخل فيهم دخول أوليا ذريتهم وأزواجه فهم ذوى القربى، وâöNä.t�ÎdgsÜãŠÏ9á،â|=Ïdõ‹ã‹Ï9ãNà6Ztã}§ô_Íh�9$#Ÿ@÷ dr&á[الأحزاب: 33]، والمراد بذلك السياق في نساء النبي عليه الصلاة والسلام، فنساؤه من أهل بيته بالنص فلا مجال لمحبة الآل وإخراج النساء، يعني من التناقد أن يدعي مدعي أنه يوالي أهل البيت ويبغض بعض نساء النبي عليه الصلاة والسلام، الذين يدخلونهن في أهل البيت دخول أولي، والقربى كما تطلق على القرابة من حيث النسب، تطلق أيضا بالنسبة للقرابة الحسية.
فأزواجه عليه الصلاة والسلام أقرب الناس إليه لمعاشرته إياهم واختلاطه بهم.
فمودة القربة بها أتوسل: والناظم رحمه الله وتعالى جمع بين الصحب والآل -يعني ذي القربة- للرد على طائفتين من طوائف المبتدئة فالشطر الأول رد على الروافض الذين يبغضون الصحابة ويكفرونهم، والشطر الثاني رد على النواصب، الذين ينصبون العداء لأهل البيت يقول بها أتوسل. التوسل: التقرب إلى الله جلا وعلا فنحن نتقرب إلى الله جلا وعلا بحب الصحابة ومودة ذي القربى فلا بد من الجمع بين الأمرين.
والتوسل منه الممنوع ومنه المشروع، فالتوسل بذواتهم ممنوع والتوسل بمحبتهم مشروع لأنه دين قربى إلى الله جلا وعلا والتقرب إلى الله جلا وعلا والتوصل إليه بالعبادة أي عبادة الإنسان ومنها محبة الصحابة ومودة ذي القربة مشروعة، ولذا في حديث أصحاب الغار الثلاثة توسلوا بأعمالهم الصالحة وسيق الخبر مساق المدح، فالتوسل بالأعمال الصالحة مشروع بخلاف التوسل بالذوات فهو ممنوع.
جمع الناظم بين الصحب والآل، وهذا يقودنا إلى شيء وهو أن الإنسان إذا صلى على النبي عليه الصلاة والسلام امتثالاً لقول الله جلا وعلا: â$pkš‰r'¯»tƒšúïÏ%©!$#(#qãZtB#uä(#q�=|¹Ïmø‹n=tã(#qß JÏk=y™ur$¸JŠÎ=ó¡n@á[الأحزاب: 56] إن اقتصر على ذلك امتثل الأمر إذا قال: صلى الله عليه وسلم امتثل الأمر، لكن إن عطف عليه فينبغي أن يعطف عليه الصحب والآل فيقول: وعلى آله وصحبه، وبهذا يتم رده على الطوائف المبتدعة، لا أولئك الذين يبغضون الصحابة والذين يبغون وينصبون العداء في أهل البيت.
فإذا عطف على النبي عليه الصلاة والسلام فليعطف عليه الآل لما لهم من حقهم ولأنهم وصية النبي عليه الصلاة والسلام وللصحب ولما لهم علينا من فضل بتبليغ الدين وإيصاله إلينا كما أنزل.
بعضهم يقول: إننا نقتصر على الآل لأنهم مأمور بهم وهم الواردون في الصلاة الإبراهيمية في التشهد: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ»، وانتصر لهذا الصنعاني والشوكاني وصديق حسن خان، وبسبب ذلك طعنوا في أئمة الإسلام، الذين يقتصرون الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام.
صحيح: «عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ إِذَا صَلَّيْنَا في صَلاتِنَا قال: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ». فالصلاة على الآل مأمور بها، وأئمة الإسلام قاطبة في كتبهم إذا مر ذكر عليه الصلاة والسلام قالوا: صلى الله عليه وسلم، وقالوا إن هؤلاء العلماء الذين لا يصلون على الآل امتثالا لهذا الحديث في كتبهم هؤلاء كلهم يدارون الولاة. يعني داهنوا الولاة فحذفوا ما أوجب الله عليهم مداهنة للولاة.
والأولاة في عهد الأئمة من الآل من بني العباس ما هم من بني أمية ولا غيرهم، وكيف يظن بالأئمة المداهنة وقد نذروا أنفسهم وقدموها خدمة لدينهم وفدوا دينهم وفدوا نبيهم بأنفسهم كيف يقال إنهم داهنوا الولاة وداروهم وحذفوا الصلاة على الآل مداهنة للولاة!! وهذا لا شك أنه طعن في كثير من أئمة الإسلام.
والصلاة الإبراهيمية فرض من أفراض الصلاة المأمور بها في قول عليه الصلاة والسلام: «صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» وهو فرد في موضع خاص إذا صلينا عليك في صلاتنا، فتصلي صلاة الإبراهيمية وتقتصر على الآل ولا يجوز أن تعطف الصحابة عليه، كما أنك لا يجوز أن تقول: اللهم صل على سيدنا، أو على سيد ولد آدم ولا فخر، لأن هذه ألفاظ متعبد بها لا تجوز الزيادة عليها ولا النقص منها.
أما إذا صليت خارج الصلاة فالامتثال يتم بقولك: صلى الله عليه وسلم امتثالا للآية وامتثالاً للنصوص الواردة عنه عليه الصلاة والسلام في الصلاة عليه أما إذا عطفت عليه فلتعطف من له حق عليك، وإذا كان ذوي القربى والآل لهم حق عظيم علينا وهم وصية النبي عليه الصلاة والسلام فالصحبة أيضا لهم شأن عظيم في تبليغنا الدين، ولهم حق علينا، إذ لولاهم ما وصلنا هذا الدين كما أنزل.
يقول:
ولكلهم قدر علا وفضائل
ولكلهم: يعني لجميع الصحابة ولجميع ذوي الآل والمقصود ذوي الآل الذين هم على الجادة الصحابة كلهم على الجادة من غير استثناء كلهم عدول ونطق القرآن والسنة بعدالتهم لكن مما ينتسب إليه صلى الله عليه وسلم ممن تأخرت بهم الحياة، يعني من الأئمة من الآل علي رضي الله تعالى عنه إمام هدى خليفة راشد، الحسن والحسين زين العابدين علي بن الحسين من أئمة الهدى، محمد بن علي الباقر ثقة من ثقات المسلمين ومخرج له بدواوين الإسلام فهو ثقة، جعفر بن محمد أيضا مخرج له في الصحاح لكن جاء بعدهم ممن ينتسب إلى الآل ممن خالف سنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
فما نقول هؤلاء كلهم، لا شك إن من هو على الجاد وله قدر وله فضل، وله حق علينا، أما من حاد عنها فالرجال إنما يعرفون بالحق والحق لا يعرف بالرجال كما هو مقرر عند أهل العلم.
ولكلهم قدر: منزلة عالية رفيعة قدر علا وفضائل في بعض النسخ: ولكلهم قدر وفضل ساطع.
وهنا علا وفضائل، لهم فضائل ولهم مناقب مدونة في كتب التراجم المبسوطة، ومن خير ما ألف وأفضل ما ألف في المناقب العشرة الرياض النضرة للمحب الطبري وليس لابن جرير محمد بن جرير المفسر المعروف كما قال بعضهم هو المحب الطبري صاحب القِرَىْ لقاصدي أهل القرى وله كتب أخرى.
علا وفضائل: وفي نسخة أخرى: وفضل ساطع، نعم لهم فضائل ولهم مناقب تحفظ لهم.
لكنما الصديق منهم أفضل

لكنما الصديق: لكن حرف الاستدراك المعروف الذي ينصب ما بعدها، لكنها مكفوفة بما، فما: هذه كافة ولكنما مكفوفة ولذا جاء الصديق مرفوعًا ليس بمنصوبٍ لكنما الصديق منهم: يعني من الصحابة من جلتهم بل هو أجلهم على الإطلاق، أفضل منهم دون منازع والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

mimiii
2009-07-30, 13:09
والله اخي الموضوع طويل جدا حاولة ان اقراه ولم استطع اظنني وصلت لربع ساكمله انشاءالله

http://4upz.almsloob.com/uploads/images/www.almsloob.com-6ea4c38311.gif