حسناء العابدة
2009-07-29, 11:28
كرامات الأوليــاء
الحمدلله وحده . والصـلاة و السلام علي من لا نبي بعده ... وبعد :
فإن أهل السنة و الجماعة - وهم أسوتنا و قدوتنا - يؤمنون بوقوع الكرامات عليأيدي الصالحين ؛ وهم المؤمنون المتقون .
والكرامة - عند علماء الشريعة - أمـر خارق للعادة ، يظهره الله عز و جل علي أيدي أوليـائه .
والكرامات للأوليـاء تشبه معجزات الأنبيـاء في نقضها للعادة المعروفة ،
وبينهما فروق كثيرة؛ من أهمها أن الكرامة غير مقرونة بدعوى النبوة ، وليست إرهاصاً لها ، و غير مقرونة كذلك بالتحدي ، ويمكن للعبد الصالح أن تقع له كرامة أو كرامات ، و هو لا يعلم بها !!؟
و أهم الفروق بينهما؛ أن الكرامة - علي القول الراجح - لا يمكن أن تبلغ إلى مثل معجزات الأنبيـاء و المرسلين ، و لا تكون مساوية لها علي الإطلاق ، فكل ما وقع معجزة لنبي لا يمكن أن يقع كرامة لولي !
ضوابط الكرامة و شروطها1 :
ليس كل ما يظهر علي أيدي الصالحين - أو غيرهـم - يكون كرامة من الله عز و جل ، بل قد تكون غواية من الشيطان، أو إضـلالاً من بعض الجان ، من أجـل هـذا وضع العلماء شـروطاً تعرف بها الكرامةالتي هي منحة إلهيه ، وتتميز عن الخوارق التي هي حيلة شيطانية !
ومن أهم تلك الشروط :
1- أن يكون صاحب الكرامة مؤمناً تقياً ، لقوله تعالي : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون * الذين ءامنوا و كانوا يتقون [ يونس : 63،62 ]
وهـذا يعني : أن كل مؤمن تقي فهو لله ولي ، وعلامته أداء الفراض والواجبات ، وترك المحرمات ، ثم التقرب إلي الله بفعل المستحبات وترك المكروهات .
2- ألايدعي صاحب الكرامة الولاية .
لان ادعاء العبد الولاية لنفسه أو لغيره رجم بالغيب ! وذلك لان المؤمن لا يدري ما الذي قبله الله من أعماله ، وما الذي رده من غير قبول ! والله يقول : )إنمايتقبل الله من المتقين( [ المائدة : 27 ].
ولان إدعـاء الولاية - كذلك - تزكية للنفس قد نهي عنها القرآن الكريم في قوله تعالي : )فـلا تزكواأنفسكم هو أعلم بمن اتقى( [ النجم : 32 ]
3- أن لا تكون الكرامة سبباً في ترك شئ من الواجبات .
4- أن لا تخالف الكرامة أمراً من أمور الدين .
قال الشاطبي - رحمه الله - : ( إن الشريعة كما أنها عامة في جميع المكلفين ، وجارية علي مختلف أحوالهم ، فهي عامةأيضاً بالنسبة إلى عالم الغيب ،وعالم الشهادة من جهة كل مكلف ، فإليها نرد كل ماجاءنا من جهة الباطن كما نرد إليها كل ما في الظاهر ) .
فمن أخبر أن رسول الله قد جاءه يقظة بعد موته ، فهذا من الكذب و كيد الشيطان .
هـذا وقد وردت أمثلة كثيرة لكرامات الأوليـاء في الكتاب و السنة الصحيحة نذكر بعضها لتأكيد وتثبيت هذة العقيدة الصحيحة ، و إقامة الحجة الدامغة علي منكري الكرامات من أهل الزيغ و الضلال .
كرامات وردت في القرآن الكريم :
* قوله تعالى في قصة مريم ، عليها السلام :كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب [ آل عمران : 37 ]
وقـد ذكر المفسرون في بيان هذه الكرامة أقوالاً كثيرة يرجع إليها في كتب التفسير .
وكذلك قوله تعالى في نفس القصة : وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا [ مريم : 25 ]
ومن المعلوم أن النخلة لا يقدر علي هزها لإسقاط الرطب عصبة من الرجال الأقوياء ، فكيف تفعل ذلك امرأة في حال الولادة و الضعف ؟!! فهي كرامة ظاهرة .
* ومنها قوله تعالى عن زوجة إبراهيم الخليل عليه السلام : وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق و من وراء إسحق يعقوب * قالت يا ويلتي أألد و أنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيئاً عجيب( [ هود : 71،72 ]
* ومن الكرامات في القرآن أيضاً ما جاء في قصة سليمان عليه السلام : قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك[ النمل : 40 ] و كان الحديث عن عرش بلقيس .
كرامات وردت في السنة الصحيحة :
* منها ما ورد في(( صحيح البخاري )) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : (( وافقت ربي في ثلاث !! فقلت : يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) [ البقـرة : 125 ] ؛ وآية الحجاب ، قلت : يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب ؛ واجتمع نساء النبي صلي الله عليه و سلم في الغيرة عليه فقلت لهن : عسى ربه إن طلقكن إن يبدلن أزواجاً خيراً منكن ، فنزلت هذه الآية )) .
و هي كرامات ظاهرة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وقدحدث له غيرها كثير من الموافقات
* ومن الكرامات الواردة في السنة الصحيحةحديث الثلاثةالذين آواهم المبيت إلي غار ، فنزلت صخرةعظيمة فسدت عليهم باب الغار ، فدعا كل منهم ربه وتوسل إليه بأعظم عمل صالح فعله في حياته ، حتي فرج الله عنهم وفتح باب الغار . وهو حديث صحيح(( رواة البخاري و مسلم)) .
* وقـد ورد في السنة كرامات كثيرةلأوليـاء الله الصالحين أصحاب رسول الله كأسيد بن حضير، و عباد بن بشير ، وعاصم بن ثابت ، وغير هؤلاء كثير . وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون و بقية العشرة المبشرين . وكذلك ثبتت كرامات كثيرة للصالحين من التابعين رضي الله عنهم .
ومن أراد أن يقف علي هذه الكرامات بشئ من التفصيل فليرجع إلي المجلدالخامس من كتاب (( أصول الإعتقـاد )) لللالكائي ، وكتاب (( سيف الله علي من كذب على أوليـاء الله )) تأليف صـنع الله الحنفي .
هـذا و ينبغي التنبيـه علي مسألتين عظيمتين تتعلقان بموضوع كرامات الأوليـاء :
الأولـي : لا توجد علاقة شرعية بين الولاية و الضريح ، فليس كل مدفون في ضريح يكون من أوليـاء الله ، فقد يدفن في الضريح فاسق أو فاجر ، وقد يدفن ولي الله في شق أو لحد لا يعرف أحد مكانه .
وقد تعلق بأذهان العوام و الجهال هذه العلاقة الوهمية ، لكن الحقيقة أن الولاية إيمان و تقوي ، و الضريح قبر مـبتدع مخالف للسنة الصحيحة ، و إنما وقعت المخالفة ممن بناءه و شيده وليست ممن دفن فيه إلا إذا أوصــي بذلك أو رضي به حال حياته .
وأما المسألة الثانية : فهي الخلط الذي يقع عند بعض الناس بين الكرامةالربانية و الخوارق الشيطانية
و هـذا مثال يوضح هذا الفرق المهم :
قال ابن الحاج - رحمه الله - حكي عن بعض المريدين أنه كان يحضر مجلس شيخه ، ثم انقطع فسأل الشيخ عنه فقالوا له : هو في عافية فأرسل إليه فحضر فسأله ما الموجب لإنقطاعك ؟!
فقال : يا سيدي كنت أجئ لكي أصل ، و الآن قد وصلت فلا حاجة تدعو إلي الحضور . فسأله عن كيفية وصوله !! فأخبره : أنه في كل ليلة يصلي ورده في الجنة . فقال له الشيخ : يا بني ، والله ما دخلتها أبداً ، فلعلك أن تتفضل علي فتأخذني معك لعلي أن أدخلها كما دخلتها أنت . قال : نعم . فبات الشيخ عند المريد ، فلما أن كان بعد العشاء جاء طائر فنزل عند الباب فقال المريد للشيخ : هذا الطائر الذي يحملني في كل ليلة علي ظهره إلي الجنة .
فركب الشيخ و المريد علي ظهر الطائر بهما ساعة ثم نزل بهما في موضع كثير الشجر ، فقام المريد ليصلي وقعد الشيخ ، فقال له المريد : ياسيدي ، أما تقوم الليلة ؟! فقال الشيخ : يا بني الجنة هذه و ليس في الجنة صـلاة . فبقي المريد يصلي والشيخ قاعد .
فلما طلع الفجر جاء الطائر و نزل ، فقال المريد للشيخ : قم بنا نرجع إلي موضعنا . فقال له الشيخ : اجلس ، ما رأيت أحدا يدخل الجنةو يخرج منها . فجعل الطائر يضرب بأجنحته ويصيح حتي أراهم أن الأرض تتحرك بهم . فبقي المريد يقول للشيخ : قم بنا لئلا يجري علينا منه شئ . فقال له الشيخ : هذا يضحك عليك ، يريد أن يخرجك من الجنة ، فاستفتح الشيخ يقرأ القرآن ، فذهب الطائر و بقيا كذلك إلى أن تبين الضوء ، وإذا هما علي مزبلة و العذرة و النجاسات حولهما ، فصفع الشيخ المريد و قال له : هذه الجنة التي أوصلك الشيطان إليها .
إن الصوفيةتعيش بين الأوهـام و الأحـلام ! وتستمد معظم عقيدتها من الخيال الذي أورثه الخبال !
والله أعلم ... وصلي الله وسلم وبارك علي نبينا محمد و آله و صحبه .
بقلم ؛ فضيلة الشيخ / صفوتالشوادفي
الحمدلله وحده . والصـلاة و السلام علي من لا نبي بعده ... وبعد :
فإن أهل السنة و الجماعة - وهم أسوتنا و قدوتنا - يؤمنون بوقوع الكرامات عليأيدي الصالحين ؛ وهم المؤمنون المتقون .
والكرامة - عند علماء الشريعة - أمـر خارق للعادة ، يظهره الله عز و جل علي أيدي أوليـائه .
والكرامات للأوليـاء تشبه معجزات الأنبيـاء في نقضها للعادة المعروفة ،
وبينهما فروق كثيرة؛ من أهمها أن الكرامة غير مقرونة بدعوى النبوة ، وليست إرهاصاً لها ، و غير مقرونة كذلك بالتحدي ، ويمكن للعبد الصالح أن تقع له كرامة أو كرامات ، و هو لا يعلم بها !!؟
و أهم الفروق بينهما؛ أن الكرامة - علي القول الراجح - لا يمكن أن تبلغ إلى مثل معجزات الأنبيـاء و المرسلين ، و لا تكون مساوية لها علي الإطلاق ، فكل ما وقع معجزة لنبي لا يمكن أن يقع كرامة لولي !
ضوابط الكرامة و شروطها1 :
ليس كل ما يظهر علي أيدي الصالحين - أو غيرهـم - يكون كرامة من الله عز و جل ، بل قد تكون غواية من الشيطان، أو إضـلالاً من بعض الجان ، من أجـل هـذا وضع العلماء شـروطاً تعرف بها الكرامةالتي هي منحة إلهيه ، وتتميز عن الخوارق التي هي حيلة شيطانية !
ومن أهم تلك الشروط :
1- أن يكون صاحب الكرامة مؤمناً تقياً ، لقوله تعالي : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون * الذين ءامنوا و كانوا يتقون [ يونس : 63،62 ]
وهـذا يعني : أن كل مؤمن تقي فهو لله ولي ، وعلامته أداء الفراض والواجبات ، وترك المحرمات ، ثم التقرب إلي الله بفعل المستحبات وترك المكروهات .
2- ألايدعي صاحب الكرامة الولاية .
لان ادعاء العبد الولاية لنفسه أو لغيره رجم بالغيب ! وذلك لان المؤمن لا يدري ما الذي قبله الله من أعماله ، وما الذي رده من غير قبول ! والله يقول : )إنمايتقبل الله من المتقين( [ المائدة : 27 ].
ولان إدعـاء الولاية - كذلك - تزكية للنفس قد نهي عنها القرآن الكريم في قوله تعالي : )فـلا تزكواأنفسكم هو أعلم بمن اتقى( [ النجم : 32 ]
3- أن لا تكون الكرامة سبباً في ترك شئ من الواجبات .
4- أن لا تخالف الكرامة أمراً من أمور الدين .
قال الشاطبي - رحمه الله - : ( إن الشريعة كما أنها عامة في جميع المكلفين ، وجارية علي مختلف أحوالهم ، فهي عامةأيضاً بالنسبة إلى عالم الغيب ،وعالم الشهادة من جهة كل مكلف ، فإليها نرد كل ماجاءنا من جهة الباطن كما نرد إليها كل ما في الظاهر ) .
فمن أخبر أن رسول الله قد جاءه يقظة بعد موته ، فهذا من الكذب و كيد الشيطان .
هـذا وقد وردت أمثلة كثيرة لكرامات الأوليـاء في الكتاب و السنة الصحيحة نذكر بعضها لتأكيد وتثبيت هذة العقيدة الصحيحة ، و إقامة الحجة الدامغة علي منكري الكرامات من أهل الزيغ و الضلال .
كرامات وردت في القرآن الكريم :
* قوله تعالى في قصة مريم ، عليها السلام :كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب [ آل عمران : 37 ]
وقـد ذكر المفسرون في بيان هذه الكرامة أقوالاً كثيرة يرجع إليها في كتب التفسير .
وكذلك قوله تعالى في نفس القصة : وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا [ مريم : 25 ]
ومن المعلوم أن النخلة لا يقدر علي هزها لإسقاط الرطب عصبة من الرجال الأقوياء ، فكيف تفعل ذلك امرأة في حال الولادة و الضعف ؟!! فهي كرامة ظاهرة .
* ومنها قوله تعالى عن زوجة إبراهيم الخليل عليه السلام : وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق و من وراء إسحق يعقوب * قالت يا ويلتي أألد و أنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيئاً عجيب( [ هود : 71،72 ]
* ومن الكرامات في القرآن أيضاً ما جاء في قصة سليمان عليه السلام : قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك[ النمل : 40 ] و كان الحديث عن عرش بلقيس .
كرامات وردت في السنة الصحيحة :
* منها ما ورد في(( صحيح البخاري )) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : (( وافقت ربي في ثلاث !! فقلت : يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) [ البقـرة : 125 ] ؛ وآية الحجاب ، قلت : يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب ؛ واجتمع نساء النبي صلي الله عليه و سلم في الغيرة عليه فقلت لهن : عسى ربه إن طلقكن إن يبدلن أزواجاً خيراً منكن ، فنزلت هذه الآية )) .
و هي كرامات ظاهرة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وقدحدث له غيرها كثير من الموافقات
* ومن الكرامات الواردة في السنة الصحيحةحديث الثلاثةالذين آواهم المبيت إلي غار ، فنزلت صخرةعظيمة فسدت عليهم باب الغار ، فدعا كل منهم ربه وتوسل إليه بأعظم عمل صالح فعله في حياته ، حتي فرج الله عنهم وفتح باب الغار . وهو حديث صحيح(( رواة البخاري و مسلم)) .
* وقـد ورد في السنة كرامات كثيرةلأوليـاء الله الصالحين أصحاب رسول الله كأسيد بن حضير، و عباد بن بشير ، وعاصم بن ثابت ، وغير هؤلاء كثير . وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون و بقية العشرة المبشرين . وكذلك ثبتت كرامات كثيرة للصالحين من التابعين رضي الله عنهم .
ومن أراد أن يقف علي هذه الكرامات بشئ من التفصيل فليرجع إلي المجلدالخامس من كتاب (( أصول الإعتقـاد )) لللالكائي ، وكتاب (( سيف الله علي من كذب على أوليـاء الله )) تأليف صـنع الله الحنفي .
هـذا و ينبغي التنبيـه علي مسألتين عظيمتين تتعلقان بموضوع كرامات الأوليـاء :
الأولـي : لا توجد علاقة شرعية بين الولاية و الضريح ، فليس كل مدفون في ضريح يكون من أوليـاء الله ، فقد يدفن في الضريح فاسق أو فاجر ، وقد يدفن ولي الله في شق أو لحد لا يعرف أحد مكانه .
وقد تعلق بأذهان العوام و الجهال هذه العلاقة الوهمية ، لكن الحقيقة أن الولاية إيمان و تقوي ، و الضريح قبر مـبتدع مخالف للسنة الصحيحة ، و إنما وقعت المخالفة ممن بناءه و شيده وليست ممن دفن فيه إلا إذا أوصــي بذلك أو رضي به حال حياته .
وأما المسألة الثانية : فهي الخلط الذي يقع عند بعض الناس بين الكرامةالربانية و الخوارق الشيطانية
و هـذا مثال يوضح هذا الفرق المهم :
قال ابن الحاج - رحمه الله - حكي عن بعض المريدين أنه كان يحضر مجلس شيخه ، ثم انقطع فسأل الشيخ عنه فقالوا له : هو في عافية فأرسل إليه فحضر فسأله ما الموجب لإنقطاعك ؟!
فقال : يا سيدي كنت أجئ لكي أصل ، و الآن قد وصلت فلا حاجة تدعو إلي الحضور . فسأله عن كيفية وصوله !! فأخبره : أنه في كل ليلة يصلي ورده في الجنة . فقال له الشيخ : يا بني ، والله ما دخلتها أبداً ، فلعلك أن تتفضل علي فتأخذني معك لعلي أن أدخلها كما دخلتها أنت . قال : نعم . فبات الشيخ عند المريد ، فلما أن كان بعد العشاء جاء طائر فنزل عند الباب فقال المريد للشيخ : هذا الطائر الذي يحملني في كل ليلة علي ظهره إلي الجنة .
فركب الشيخ و المريد علي ظهر الطائر بهما ساعة ثم نزل بهما في موضع كثير الشجر ، فقام المريد ليصلي وقعد الشيخ ، فقال له المريد : ياسيدي ، أما تقوم الليلة ؟! فقال الشيخ : يا بني الجنة هذه و ليس في الجنة صـلاة . فبقي المريد يصلي والشيخ قاعد .
فلما طلع الفجر جاء الطائر و نزل ، فقال المريد للشيخ : قم بنا نرجع إلي موضعنا . فقال له الشيخ : اجلس ، ما رأيت أحدا يدخل الجنةو يخرج منها . فجعل الطائر يضرب بأجنحته ويصيح حتي أراهم أن الأرض تتحرك بهم . فبقي المريد يقول للشيخ : قم بنا لئلا يجري علينا منه شئ . فقال له الشيخ : هذا يضحك عليك ، يريد أن يخرجك من الجنة ، فاستفتح الشيخ يقرأ القرآن ، فذهب الطائر و بقيا كذلك إلى أن تبين الضوء ، وإذا هما علي مزبلة و العذرة و النجاسات حولهما ، فصفع الشيخ المريد و قال له : هذه الجنة التي أوصلك الشيطان إليها .
إن الصوفيةتعيش بين الأوهـام و الأحـلام ! وتستمد معظم عقيدتها من الخيال الذي أورثه الخبال !
والله أعلم ... وصلي الله وسلم وبارك علي نبينا محمد و آله و صحبه .
بقلم ؛ فضيلة الشيخ / صفوتالشوادفي