مشاهدة النسخة كاملة : مساعدة عاجل
دمعة فرح*
2014-07-21, 09:39
سلام اريد حل هاد سؤال من فضلكم
السؤال1:اذكر انواع الصيام مع ذكر الدليل والتمثيل
لازام يكون جواب صحيح
شكون في منتدى امام يعطيني الحل بسرعة
دمعة فرح*
2014-07-21, 09:47
اريد رد بسرعةةةةةةةة
دمعة فرح*
2014-07-21, 10:25
وينكممممممممممممممم
~فَصَبْرٌ جَمِيلٌ~
2014-07-21, 10:35
اختي اتمنى ان يفيدك الاكفاء
دمعة فرح*
2014-07-21, 10:37
كاش تعرفي واحد يعرف يجواب
راجية رحمة ربي
2014-07-21, 10:48
أنواع الصيام
فى هذا البحث الرائع سيتم تناول أنواع الصيام الموجودة بالشريعة الإسلامية بإذن الله ..
نقلا عن الملف العلمي للبحوث المنبرية لفقه وآداب وأحكام الصيام .
أولاً: الصوم الواجب:
1.صوم رمضان.
2.قضاء أيام رمضان.
3.صوم المتمتع والقارن في الحج إذا لم يجد الهدي.
4.كفارة الحلق في الحج – على التخيير - .
5.جزاء قتل الصيد للمحرم – على التخيير -.
6.كفارة القتل – على الترتيب -.
7.كفارة اليمين – على الترتيب -.
8.كفارة الظهار – على الترتيب -.
9.صيام النذر.
ثانياً: صيام التطوّع:
1. صيام داود عليه السلام.
2. صوم شهر الله المحرم.
3. صوم أشهر الحُرُم.
4. صيام ستٍ من شوال.
5. صوم يوم عرفةً لغير الحاج.
6. صيام العشر أو التسع الأيام من ذي الحجة.
7. صيام يوم عاشوراء.
8. صيام أيام البيض.
9. صيام يومي الاثنين والخميس.
10. صيام شهر شعبان.
ثالثاً: الصوم المحرّم:
1. صوم الدهر.
2. صوم العيدين: يوم الفطر والأضحى.
3. صوم المرأة بغير إذن زوجها.
4. صوم الحائض والنفساء.
5. صوم أيام التشريق تطوعاً.
6. صيام يوم الشك.
7. تقدم رمضان بصيام يومٍ أو يومين.
رابعاً: الصوم المكروه:
1. صيام يوم النيروز والمهرجان بغير قصد التعظيم.
2. إفراد يوم الجمعة بالصوم.
3. إفراد يوم السبت بالصوم.
4. صوم الوصال.
5. الصوم في السفر لمن يشقّ عليه.
6. صوم يوم عرفة للحاج.
أولاً: الصوم الواجب:
1. صوم رمضان:
قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:18].
وقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ
فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185].
قال الطبري: "{كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ} فرض عليكم الصيام"([1]).
وقال ابن عبد البر: "... وأجمع العلماء على أن لا فرض في الصوم غير شهر رمضان..." ([2]).
وقال ابن تيميمه: "... صيام رمضان فرض في الجملة، وهذا من العلم العام الذي توارثته الأمة خلفاً عن
سلف، وقد دلّ عليه الكتاب والسنة والإجماع"([3]).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة،
والحج، وصوم رمضان)) ([4]).
وجاء في حديث جبريل قوله: ((... الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم
الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً))([5]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! دلني
على عمل إذا عملته دخلت الجنة، قال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة
المفروضة، وتصوم رمضان)) قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئاً ولا أنقص منه. فلما ولّى قال
النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سرّه أن ينظر إلى رجلٍ من أهل الجنة فلينظر إلى هذا))([6]).
وعن طلحة بن عبيد الله قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دويّ
صوته ولا نفقهُ ما يقول، حتى دنا ؛ فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((خمس صلوات في اليوم والليلة)) فقال: هل عليّ غيرها؟ قال: ((لا إلا أن تطوّع)). قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ((وصيام رمضان)) قال: هل عليّ غيره؟ قال: ((لا إلا أن تطوّع))، قال: وذكر له رسول
لله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل عليّ غيرها؟ قال: ((لا إلا أن تطوّع)). قال: فأدبر الرجل وهو
يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفلح إن صدق))([7]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من القوم؟ – أو من الوفد؟)) قالوا: ربيعة، قال: ((مرحباً بالقوم – أو بالوفد – غير خزايا ولا ندامى)).
فقالوا: يا رسول الله إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفّار مُضر،
فَمُرْنا بأمرٍ فصل نُخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة. وسألوه عن الأشربة فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع:
أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال: ((أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:
((شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا
من المغنم الخمس)). ونهاهم عن أربع: عن الحنتم، والدباء، والنقير، والمزفت – وربما قال: النقير –
وقال: ((احفظوهن، وأخبروا بهن من وراءكم))([8]).
2. قضاء أيام رمضان:
قال تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185].
قال الطبري: "... ومن كان مريضاً أو على سفر في الشهر فأفطر، فعليه صيام عدة الأيام التي أفطرها، من
أيام أخر غير أيام شهر رمضان"([9]).
عن معاذة قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟! فقالت:
(أحرورية أنت؟) قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، قالت: (كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر
بقضاء الصلاة) ([10]).
قال النووي: " أجمع المسلمون على أن الحائض والنفساء لا تجب عليهما الصلاة، ولا الصوم في الحال،
وأجمعوا على أنه لا يجب عليهما قضاء الصلاة، وأجمعوا على أنه يجب عليهما قضاء الصوم" ([11]).
3. صوم المتمتع والقارن في الحج إذا لم يجدا الهدي:
أما المتمتع فلقوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ
أيَّامٍ فِي ٱلْحَجّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة:196].
وجاء عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهما أنهما قالا: (لم يرخّص في أيام التشريق أن يصوم إلا لمن لم يجد
هدياً) ([12]).
وأما القران فقال الشيخ الشنقيطي: "واعلم أن من يعتدّ به من أهل العلم أجمعوا على أن القارن يلزمه ما يلزم
المتمتع من الهدي، والصوم عند العجز عن الهدي"([13]).
4. كفارة الحلق في الحج – على التخيير –:
قال تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْىُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ
مّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:196].
قال الحافظ ابن كثير: "وعامة العلماء أنه يخير في هذا المقام، إن شاء صام، وإن شاء تصدق بفَرْقٍ، وهو
ثلاثة آصع، لكل مسكين صاع، وهو مُدّان، وإن شاء ذبح شاة وتصدق بها على الفقراء"([14]).
وعن كعب بن عجرة قال حُملتِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال:
((ما كنت أرى أن الجهد قد بلغ بك هذا أما تجد شاةً ؟!))قلت: لا، قال: ((صُمْ ثلاثة أيام، أو أطعم ستة
مساكين، لكل مسكين نصف صاع من طعام، واحلق رأسك))([15]).
قال الخطابي: "قلت: هذا إنما هو حكم من حلق رأسه لعذر مِنْ أذى يكون به، وهو رخصة له، فإذا فعل
ذلك كان مخيراً بين الدم والصدقة والصيام"([16]).
5. جزاء قتل الصيد للمحرم – على التخيير –:
قال تعالى: {يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمّداً فَجَزَاء مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ
ٱلنَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مّنْكُمْ هَدْياً بَـٰلِغَ ٱلْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَـٰكِينَ أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً لّيَذُوقَ وَبَالَ
أَمْرِهِ عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ} [المائدة:95].
قال ابن جرير الطبري: "وأولى الأقوال بالصواب عندي في قوله: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَـٰكِينَ أَو عَدْلُ ذٰلِكَ
صِيَاماً} أن يكون تخييراً، وأن يكون للقاتل الخيار في تكفيره – بقتله الصيد وهو محرم – بأيّ هذه الكفارات
الثلاث شاء..." ([17]).
وقال في قوله تعالى: {أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً}: "...أو على قاتل الصيد محرماً عدلُ الصيد المقتول من الصيام،
وذلك أن يُقوّم الصيد حياً غير مقتول قيمته من الطعام بالموضع الذي قتله فيه المحرم، ثم يصوم مكان كلّ مُدّ
يوماً..." ([18]).
6. كفارة القتل – على الترتيب -:
قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ
إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ
وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مّنَ ٱللَّهِ
وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} [النساء:92].
قال ابن عطية: "... عند الجمهور: فمن لم يجد العتق ولا اتّسع ماله له فيجزيه صيام شهرين متتابعين في
لأيام، لا يتخللّها فطر"([19]).
وقال البغوي: "والقاتل إن كان واجداً للرقبة أو قادراً على تحصيلها بوجود ثمنها فاضلاً عن نفقته ونفقة عياله
وحاجته من مسكن ونحوه فعليه الإعتاق، ولا يجوز أن ينقل إلى الصوم، فإن عجز عن تحصيلها فعليه صوم
شهرين متتابعين، فإن أفطر يوماً متعمداً في خلال الشهرين أو نسي النية ونوى صوماً آخر وجب عليه استئناف
الشهرين"([20]).
7. كفارة اليمين – على الترتيب -:
قال تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِى أَيْمَـٰنِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلاْيْمَـٰنَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ
مَسَـٰكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍ ذٰلِكَ كَفَّارَةُ
أَيْمَـٰنِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَٱحْفَظُواْ أَيْمَـٰنَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءايَـٰتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:89].
عن ابن عباس أنه قال: (هو بالخيار في هؤلاء الثلاثة، الأول فالأول، فإن لم يجد من ذلك شيئاً فصيام
ثلاثة أيام متتابعات)([21]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فمتى كان واجداً فعليه أن يكفر بإحدى الثلاث، فإن لم يجد فصيام ثلاثة
أيام..." ([22]).
8. كفارة الظهار – على الترتيب –:
قال تعالى: {وَٱلَّذِينَ يُظَـٰهِرُونَ مِن نّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ
بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ cفَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ
سِتّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَـٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة:3، 4].
قال الطبري: "يقول تعالى ذكره: فمن لم يجد منكم ممن ظاهر من امرأته رقبة يحررها، فعليه صيام شهرين
متتابعين من قبل أن يتماسا والشهران المتتابعان هما اللذان لا فصل بينهما بإفطار في نهار شيء منهما إلا
من عذر"([23]).
قال القرطبي: "ذكر الله عز وجل الكفارة هنا مرتبة؛ فلا سبيل إلى الصيام إلا عند العجز عن الرقبة، وكذلك
لا سبيل إلى الإطعام إلا عند عدم الاستطاعة على الصيام، فمن لم يطق الصيام وجب عليه إطعام ستين
مسكيناً..."([24]).
وعن خولة بنت مالك بن ثعلبة قالت: ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت فجئت رسول الله صلى الله عليه
وسلم أشكو إليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه، ويقول: ((اتقي الله فإنه ابن عمك))فما
برحمت حتى نزل القرآن: {قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا} [المجادلة:1]. إلى الفرض فقال:
((يعتق رقبه)) قالت: لا يجد، قال: ((فليطعم ستين مسكيناً)) قالت: ما عنده من شيء يتصدق به، قالت:
فأتى ساعتئذٍ بعَرَقٍ من تمر، قلت: يا رسول الله، فإني أعينه بعرقٍ آخر، قال: ((أحسنت، اذهبي فأطعمي بها
عنه ستين مسكيناً وارجعي إلى ابن عمك))([25]).
قال ابن قدامة: "أجمع أهل العلم على أن المظاهر إذا لم يجد رقبةً، أن فرضه صيام شهرين متتابعين وذلك
لقول الله تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} [المجادلة:4]، وحديث أوس
ابن الصامت وسلمة بن صخر"([26]).
9. صيام النذر:
قال تعالى: {يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ وَيَخَـٰفُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً} [الإنسان:7].
قال قتادة: "كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والزكاة والحج والعمرة وما افترض عليهم فسمّاهم الله بذلك
الأبرار"([27]).
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي
ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: ((نعم، فدين الله أحق أن يُقضى)) وفي رواية: قالت امرأة للنبي
صلى الله عليه وسلم: ((إن أمي ماتت وعليها صوم نذر..))([28]).
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ومن نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر
أن يعصيه فلا يعصه))([29]).
وعن زيادة بن جبير قال: كنت مع ابن عمر فسأله رجل فقال: نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء أو أربعاء ما
عشت، فوافقت هذا اليوم يوم النحر فقال: (أمر الله بوفاء النذر ونهينا أن نصوم يوم النحر)، فأعاد عليه،
فقال مثله لا يزيد عليه([30]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ويصام النذر عنه – يعني:الميّت – سواء تركه لعذر أو لغير عذر...، قال
في رواية عبد الله – في رجل مرض في رمضان -: إن استمر المرض حتى مات، ليس عليه شيء؛ فإن
كان نذر صام عنه وليه! إذا هو مات؛ لأن النذر محلة الذمة، وهو أوجبه على نفسه.
ولهذا قد يجب على الإنسان من الديون بفعل نفسه ما يعجز عنه، ولا يجب عليه بإيجاب الله عليه إلا
ما يقدر عليه .ولهذا لو تكفّل من الدَّيْن بما لا يقدر عليه ؛ لزمه في ذمّته.
وعلى هذا فلا فرق بين أن ينذر وهو مريض فيموت مريضاً، أو ينذر صوم شهر ثم يموت قبل مضي
شهر"([31]).
__________________________________________________ _________
ثانياً: صيام التطوع:
1. صيام داود عليه السلام وهو صوم يوم إفطار يوم:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن أحب الصيام إلى الله صيام داود، وإن أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه
وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً))([1]).
عن عبد الله بن عمرو قال: أُخبِر النبي صلى الله عليه وسلم أني أقول: والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما
عشت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنت الذي تقول ذلك؟)) فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي
يا رسول الله، قال: ((فإنك لا تستطيع ذلك؛ فصم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام ؛ فإن الحسنة
بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر))، قال: قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: ((فصم يوماً وأفطر يوماً،
فذلك صيام داود عليه السلام وهو أعدل الصيام))، قال: قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ((لا أفضل من ذلك))([2]).
2. صوم شهر الله المحرم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال:
((الصلاة في جوف الليل))، فقيل: فأي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: ((شهر الله المحرّم))([3]).
3. صوم أشهر الحرم:
ورد فيه حديث ضعيف عن مجيبة الباهلي عن أبيه أو عمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
((...، صم شهر الصبر وثلاثة أيامٍ بعده، وصم أشهر الحرم))([4]).
وورد عن ابن عمر أنه كان يصوم أشهر الحرم.
وعنه أنه كان لا يكاد يفطر في أشهر الحرم ولا غيرها ([5]).
وقال النووي: "قال أصحابنا: ومن الصوم المستحب صوم الأشهر الحرم، وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم
ورجب، ومن لا يشق عليه فصوم جميعها فضيلة"([6]).
وقال ابن رجب:"وقد كان بعض السلف يصوم الأشهر الحرم كلّها، منهم ابن عمر، والحسن البصري، وأبو
إسحاق السبيعي، وقال الثوري: الأشهر الحرم أحبُّ إليَّ أن أصوم فيها"([7]).
4. صيام ستّ من شوال:
عن أبي أيوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال، فذلك
صيام الدهر))([8]).
عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة
ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها))([9]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ".. وذلك أن صيام الدهر هو استغراق العمر بالعبادة، وذلك عمل صالح،لكن
لما فيه من صوم أيام النهي والضعف عما هو أهم منه كُرِه، فإذا صام ستة مع الشهر الذي هو ثلاثون؛ كتب
له صيام ثلاثة مئة وستين يوماً؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها ؛ وكذلك فسّره النبي صلى الله عليه وسلم، فحصل
له ثواب من صام الدهر من غير مفسدة، لكن بصومه رمضان، ومن صام ثلاثة أيام من كل شهر ؛ حصل له
ثواب صيام الدهر بدون رمضان ويبقى رمضان له زيادة – إلى أن قال – وسواءً صامها عقيب الفطر أو فصل
بينهما، وسواء تابعها أو فرّقها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وأتبعهُ بست من شوال)) وفي رواية:
((ستاً من شوال))، فجعل شوالاً كله محلاً لصومها، ولم يخصص بعضه من بعض، ولو اختص ذلك ببعضه
لقال: ((ستاً من أول شوال أو من آخر شوال)). وإتباعه بست من شوال يحصل بفعلها من أوله وآخره؛ لأنه
لا بد من الفصل بينها وبين رمضان بيوم الفطر، وهو من شوال، فعلم أنه لم يرد بالاتباع أن تكون متصلة
برمضان، ولأن تقديمها أرجح حِجه كونه أقرب وأشد اتصالاً، وتأخيرها أرجح لكونه لا يحلق برمضان ما ليس
منه، أو يجعل عيد ثان كما يفعله بعض الناس فاعتدلا"([10]).
5. صوم يوم عرفة لغير الحاج:
عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة
التي قبله والسنة التي بعده))([11]).
قال أبو بكر البيهقي: "وهذا إنما يستحب لغير الحاج، وأما الحاج فقد قال الشافعي رحمه الله: ترك صوم عرفة
للحاج أحب إليَّ من صوم يوم عرفة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك صوم يوم عرفة، والخير في كل
ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن المُفطر أقوى في الدعاء من الصائم، وأفضل الدعاء يوم عرفة" ([12]).
قال النووي: "معناه يكفر ذنوب صائمه في السنتين، قالوا: والمراد بها الصغائر"([13]).
6. صيام العشر أو التسع الأيام من ذي الحجة:
قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام))، يعني أيام العشر
قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بماله ونفسه
ثم لم يرجع من ذلك بشيء))([14]).
قال ابن حجر: "واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة ؛ لاندراج الصوم في العمل"([15]).
وعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم تسعاً من ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من
كل شهر، أول اثنين من الشهر وخميسَين([16]).
وقال الحسن: (صيام يوم العشر يعدل شهرين)([17]).
قال ابن رجب: "وممن كان يصوم العشر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقد تقدم عن الحسن وابن سيرين
وقتادة ذكر فضل صيامه، وهو قول أكثر العلماء، أو كثير منهم.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت:
(ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً العشر قطّ)،... وقد اختلف جواب الإمام أحمد عن هذا
الحديث، فأجاب مرّة بأنه قد رُوي خلافه، ... وأجاب أحمد مرّة أخرى بأن عائشة أرادت أنه لم يصم العشر
كاملاً، يعني: وحفصة أرادت أنه كان يصوم غالبه، فينبغي أن يُصام بعضه، ويُفطر بعضه. ثم ناقش ابن رجب
الجواب الثاني([18]).
7. صيام يوم عاشوراء:
عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((.. وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن
يكفر السنة التي قبله))([19]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال:
((ما هذا؟)) فقالوا: يوم صالح نجى الله فيه موسى وقومه وبني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى عليه
السلام، فقال: ((أنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه))([20]).
وعن ابن عباس رضي الله عنه وسئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم صام يوماً يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم، ولا شهراً إلا هذا الشهر، يعني رمضان([21]).
وعن علقمة قال: أتيت ابن مسعود ما بين رمضان إلى رمضان، ما من يوم إلا أتيته فيه، فما رأيته في يومٍ
صائماً إلا يوم عاشوراء([22]).
وعن ابن عباس قال: لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه ؛ قالوا: يا رسول
الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى!! فقال: ((فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع))، قال:
لم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم([23]).
وفي لفظ: ((لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)) يعني: يوم عاشوراء([24]).
وعن الحكم بن الأعرج قال: انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه في زمزم، فقلت له: أخبرني عن صوم
عاشوراء، فقال: (إذا رأيت الهلال المحرم، فاعدد وأصبح يوم التاسع صائماً)، قلت: هكذا كان محمد
يصومه، قال: (نعم)([25]).
وعن عطاء قال: سمعت ابن عباس يقول: (صوموا التاسع والعاشر، خالفوا اليهود)([26]).
8. صيام أيام البيض:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر
وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام([27]).
وبوّب له البخاري: "باب صيام البيض: ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة".
وعن أبي نوفل بن أبي عقرب عن أبيه: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم، فقال:
((صم يوماً من كل شهر))، فاستزاده قال: بأبي وأمي إني أجدني أقوى؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إني أجدني قوياً، إني أجدني قوياً)) فما كاد أن يزيده، فاستزاده فقال: ((صم يومين من كل شهر)) قال:
بأبي أنت وأمي يا رسول الله إني أجدني قوياً، فما كاد أن يزيده، فلما ألحّ عليه قال: ((صم ثلاثة أيام من كل
شهر))([28]).
وعن موسى بن سلمة قال: سألت ابن عباس عن صوم الأيام البيض، فقال: كان عمر يصومهم([29]).
قال الحافظ ابن حجر: "وقال الروياني: صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب، فإن اتفقت أيام البيض كان
أحب، وفي كلام غير واحد من العلماء أيضاً أن استحباب صيام البيض غير استحباب صيام ثلاثة أيام من
كل شهر"([30]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "قال القاضي: قيل: سميت البيض لأن ليلها كنهارها يضيء بالقمر جميع
ليلها، والجيد أن يقال أيام البيض لأن البيض صفة لليالي البيض أي: أيام الليالي البيض"([31]).
9. صيام يومي الاثنين والخميس:
عن أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله، إنك تصوم لا تكاد تفطر، وتفطر لا تكاد تصوم؛ إلا يومين
إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما، الاثنين والخميس؟ قال: ((ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على
رب العالمين، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم))([32]).
وعن أبي الدرداء قال: أوصاني حبيبـي صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام
من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر([33]).
10- صيام شهر شعبان:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر
حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته
أكثر صياماً منه في شعبان([34]).
وعنها قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كله، وكان
يقول: ((خذوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملّوا))، وأحبُّ الصلاة إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ما دووم عليه، وإن قلّت، وكان إذا صلى صلاةً داوم عليها([35]).
وعن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:
كان يصوم حتى نقول: قد صام. ويفطر حتى نقول: قد أفطر. ولم أره صائماً من شهر قط أكثر من
صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً([36]).
قال الحافظ ابن حجر: "وهذا يبين أن المراد بقوله في حديث أم سلمة عند أبي داود وغيره: أنه كان
لا يصوم من السنة شهراً تاماً إلا شعبان يصله برمضان، أي كان يصوم معظمه، ونقل الترمذي عن ابن
المبارك أنه جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقول: صام الشهر كله، ويُقال: قام فلان ليلته
أجمع،ولعله قد تعشّى واشتغل ببعض أمره، قال الترمذي:كأن ابن المبارك جمع الحديثين بذلك،وحاصله
أن الرواية الأولى مفسّرة للثانية مخصصة لها، وأن المراد بالكل الأكثر، وهو مجاز قليل الاستعمال.
واستبعده الطيبي قال: لأن الكل تأكيد لإرادة الشمول ودفع التجوز، فتفسيره بالبعض مُنافٍ لما قال !
فيحمل على أنه كان يصوم شعبان كله تارة، ويصوم معظمه تارةً أخرى؛ لئلا يتوهم أنه واجب كله كرمضان.
والأول هو الصواب، ويؤيده رواية عبد الله بن شفيق عن عائشة عند مسلم، وسعد بن هشام عنها عند
النسائي، ولفظه: ولا صام شهراً كاملاً قط منذ قدم المدينة غير رمضان وهو مثل حديث ابن عباس
المذكور"([37]).
وعن عطاء قال: كنت عند ابن عباس قبل رمضان بيوم أو يومين فقرّب غداءه فقال: (أفطروا أيها الصيام!
لا تواصلوا رمضان بشيء وافصلوا)([38]).
قال ابن عبد البر: "استحب ابن عباس وجماعة من السلف رحمهم الله أن يفصلوا بين شعبان ورمضان بفطر
يوم أو أيام، كما كانوا يستحبون أن يفصلوا بين صلاة الفريضة بكلام أو قيام أو مشي أو تقدم أو تأخر من
المكان"([39]).
_______________________________________
ثالثاً: الصوم المحرّم:
1. صوم الدهر:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أقول: والله لأصومن
ولأقومن الليل ما عشت، فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي، قال: ((فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر
وقم ونم، وصم من الشهر ثلاثة أيام ؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر))([1]).
وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا صام من صام الأبد))([2]).
وعن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عبد الله بن عمرو إنك لتصوم
الدهر وتقوم الليل، وإنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين، ونهكت. لا صام من صام الدهر، صوم ثلاثة
أيام من الشهر صوم الدهر كله))([3]).
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام الدهر ضيقت عليه
جهنم – هكذا – وقبض كفّه))([4]).
قال الحافظ ابن حجر: "وظاهره أنها تضيق عليه حصراً له فيها ؛ لتشديده على نفسه وحمله عليها، وغربته
عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، واعتقاده أن غير سنته أفضل منها، وهذا يقتضي الوعيد الشديد فيكون
حراماً"([5]).
2. صوم العيدين: الفطر والأضحى:
عن أبي سعيد رضي الله عنه: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطر والنحر([6]).
وعنه قال: سمعت أربعاً من النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبنني، قال: لا تسافر المرأة مسيرة يومين إلا
ومعها زوجها أو ذو محرم، ولا صوم في يومين: الفطر والأضحى... الحديث([7]).
قال النووي:"قد أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين بكل حال، سواء صامهما عن نذر أو تطوع
أو كفارة أو غير ذلك، ولو نذر صومهما متعمداً لعينهما، قال الشافعي والجمهور: لا ينعقد نذره ولا يلزمه
قضاؤهما. وقال أبو حنيفة: ينعقد، ويلزمه قضاؤهما. قال: فإن صامهما أجزأه. وخالف الناس كلهم في
ذلك"([8]).
3. صوم المرأة بغير إذن زوجها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تصوم المرأة وبعلها شاهدٌ إلا بإذنه))([9]).
وقال ابن حزم: "لا يحل لذات الزوج أن تصوم تطوعاً بغير إذنه، فإن كان غائباً لا تقدر على استئذانه أو تعذّر
فلتصم بالتطوّع إن شاءت"([10]).
قال الكاساني: "وليس للمرأة التي لها زوج أن تصوم تطوعاً إلا بإذن زوجها، ولأن له حق الاستمتاع بها، ولا
يمكنه ذلك في حال الصوم، فله أن يمنعها إن كان يضره. فإن كان صيامها لا يضره بأن كان صائماً أومريضاً
لا يقدر على الجماع، فليس له أن يمنعها؛ لأن المنع كان لاستيفاء حقه، فإذا لم يقدر على الاستمتاع فلا
معنى للمنع"([11]).
قال أبو الطيب العظيم آبادي: "لا تصوم امرأة نفلاً وزوجها حاضرٌ معها في بلدها إلا بإذنه تصريحاً أو تلويحاً ؛
لئلا يفوت عليه حقه في الاستمتاع بها"([12]).
4. صوم الحائض والنفساء:
قال النووي: "لا يصح صوم الحائض والنفساء، ولا يجب عليهما، ويحرم عليهما، ويجب قضاؤه، وهذا كله
مجمع عليه، ولو أمسكت لا بنية الصوم لم تأثم، وإنما تأثم إذا نوته، وإن كان لا ينعقد"([13]).
وقال ابن الحاج: "ومنهن من تصوم مدة الحيض وتقضيها بعده، وفاعلة ذلك منهن آثمة في صومها في أيام
حيضها، مصيبةٌ في القضاء بعده"([14]).
5. صوم أيام التشريق تطوعاً:
عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيام التشريق أيام أكل وشرب))وفي رواية:
((وذكر لله))([15]).
عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق فنادى:
((أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب))([16]).
قال ابن عبد البر: "وأما صيام أيام التشريق فلا خلاف بين فقهاء الأمصار فيما علمت أنه لا يجوز لأحد
صومها تطوعاً، وقد روي عن الزبير وابن عمر والأسود بن يزيد وأبي طلحة ما يدل على أنهم كانوا يصومون
أيام التشريق تطوعاً، وفي أسانيد أخبارهم تلك ضعفٌ.
وجمهور العلماء من الفقهاء وأهل الحديث على كراهية ذلك...." ([17]).
قال الحافظ ابن رجب: "إنما نهى عن صيام أيام التشريق لأنها أعياد المسلمين مع يوم النحر، فلا تصام
بمنى ولا غيرها عند جمهور العلماء خلافاً لعطاء في قوله : إن النهي يختص بأهل منى، وإنما نهى عن التطوع
بصيامها سواء وافق عادة أو لم يوافق ، فأما صيامها عن قضاء فرض أو نذر أو صيامها بمنى للمتمتع إذا لم
يجد الهدى ففيه اختلاف مشهور بين العلماء، ولا فرق بين يومٍ منها ويوم عند الأكثرين، إلا عند مالك فإنه
قال في اليوم الثالث منها يجوز صيامه عن نذر خاص"([18]).
6. صيام يوم الشك لمن لم يصادفه فيه عادة:
ويوم الشك هو: يوم الثلاثين من شعبان إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال، وأما إذا كانت السماء
صحواً فلا شك([19]).
عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال:(من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم)([20]).
وقد ذهب إلى تحريم صيامه جماعة من أهل العلم، ونقله ابن المنذر عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود
وعمار وحذيفة وأنس وأبي هريرة والأوزاعي، وهو مذهب الشافعية، واختيار ابن المنذر وابن حزم.
ورجحه الشيخ ابن عثيمين([21]).
قال الخطابي: "اختلف الناس في معنى النهي عن صيام يوم الشك؛ فقال قومٌ: إنما نهي عن صيامه إذا نوى
به أن يكون عن رمضان؛ فأما من نوى به صوم يومٍ من شعبان فهو جائز، وقالت طائفة لا يصام ذلك اليوم
عن فرضٍ ولا تطوّع للنهي فيه، وليقع الفصل بذلك بين شعبان ورمضان"([22]).
7. تقدم رمضان بصيام يومٍ أو يومين:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا
يومين إلا رجلاً يصوم صوماً فليصمه))([23]).
قال النووي:"فيه التصريح بالنهي عن استقبال رمضان بصوم يوم أو يومين لمن لم يصادف عادةً له أو يصله
بما قبله، فإن لم يصله ولا صادف عادة فهو حرام، هذا هو الصحيح من مذهبنا"([24]).
وقال ابن مفلح: "فتقدمه اليوم واليومين أولى عنده – يعني: أحمد – بالتحريم ؛ لصحة النهي فيه، ولا
معارض، ووجه تحريم استقباله – فقط – النهي، وفيه زيادة على المشروع"([25]).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
رابعاً الصوم المكروه:
1. صيام يوم النيروز والمهرجان بغير قصد التعظيم:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما النيروز والمهرجان ونحوهما من أعياد المشركين، فمن لم يكره صوم يوم
السبت من الأصحاب وغيرهم، قد لا يكره صوم ذلك اليوم ؛ بل ربما يستحبه لأجل مخالفتهم، وكرههما
أكثر الأصحاب. وقد قال أحمد في رواية عبد الله: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن رجل، عن أنس والحسين:
كرها صوم يوم النيروز والمهرجان، وقد اختلف الأصحاب هل يدل ذلك على مذهبه؟ على وجهين:
وعللوا ذلك بأنهما يومان تعظمهما الكفار، فيكون تخصيصهما بالصيام دون غيرهما موافقةً لهم في تعظيمهما
فكُره، كيوم السبت، قال الإمام أبو محمد المقدسي: وعلى قياس هذا ؛ كل عيدٍ للكفار، أو يوم يفردونه
بالتعظيم([1]).
وقد يُقال: يكره صوم يوم النيروز والمهرجان، ونحوهما من الأيام التي لا تعرف بحساب العرب بخلاف ما
جاء في الحديث من يوم السبت والأحد، فإنهما من حساب المسلمين،فليس في صومهما مفسدة، فيكون
استحباب صوم أعيادهم المعروفة بالحساب العربي الإسلامي مع كراهة الأعياد المعروفة بالحساب الجاهلي
العجمي، توفيقاً بين الآثار والله أعلم"([2]).
وقال المرداوي: "(يكره صومهما) وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم، وهو من
مفردات المذهب، واختار المجد أنه لا يكره لأنهم لا يعظمونهما بالصوم"([3]).
2. إفراد يوم الجمعة بالصوم:
عن محمد بن عباد بن جعفر قال: سألت جابر بن عبد الله: أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم
يوم الجمعة؟ قال: نعم([4]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم )) (5)
قال الحافظ ابن حجر: "استدل بأحاديث الباب على منع إفراد يوم الجمعة بالصيام، وذهب الجمهور إلى
أن النهي فيه للتنزيه، وعن مالك وأبي حنيفة لا يكره، واختلف في سبب النهي عن إفراده على أقوال:
أحدهما: لكونه يوم عيد والعيد لا يصام، ثانيها: لئلا يضعف عن العبادة، ثالثها: خوف المبالغة في تعظيمه
فيفتتن به كما افتتن اليهود بالسبت،رابعها: خوف اعتقاد وجوبه،خامسها:خشية أن يفرض عليهم كما خشي
صلى الله عليه وسلم من قيامهم الليل ذلك، سادسها: مخالفة النصارى لأنه يجب عليهم صومه، ونحن
مأمورون بمخالفتهم، وأقوى الأقوال وأولاها بالصواب أولها"([6]).
3. إفراد يوم السبت بالصوم:
اختلف أهل العلم في حكم إفراد يوم السبت بالصيام، هل هو مكروه أم مباح؟على قولين:
القول الأول: يكره إفراد يوم السبت بالصيام، وهو مذهب جماهير أهل العلم من الحنفية ([7])،
والمالكية ([8])، والشافعية ([9])، ورواية عن أحمد اعتمدها أتباعه([10]).
القول الثاني: لا يكره إفراده بالصيام، ورجحه جماعة من أهل العلم منهم: الزهري، والأوزاعي، وأبو داود،
ورواية عن أحمد اختارها الأثرم([11]). ورجحه الطحاوي ([12])، وشيخ الإسلام ابن تيمية ([13])،
وابن القيم([14])، وابن حجر([15]).
حجة أصحاب القول الأول:
احتجوا بحديث عبد الله بن بسر عن أخته الصماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمصه))([16]).
قال النووي: "يكره إفراد يوم السبت بالصوم: فإن صام قبله أو بعده معه لم يكره"([17]).
حجة أصحاب القول الثاني:
احتجوا بحديث أم سلمة قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما يصوم
من الأيام، ويقول: ((إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم))([18]) وبإن الأصل الإباحة، ولا
دليل صحيح على الكراهة.
قال الطحاوي: "ففي هذه الآثار المروية إباحة صوم يوم السبت، وهي أشهر وأظهر في أيدي العلماء من هذا
الحديث الشاذ الذي قد خالفها"([19]).
قال ابن حجر في معرض حديثه عن مخالفة أهل الكتاب: "والذي قاله بعضهم من كراهة إفراد السبت وكذا
الأحد ليس جيداً، بل الأولى من المحافظة على ذلك يوم الجمعة كما ورد الحديث الصحيح فيه([20]).
وأما السبت والأحد فالأولى أن يصاما معاً وفرادى امتثالاً لعموم الأمر بمخالفة أهل الكتاب"([21]).
4. صوم الوصال:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال، قالوا: إنك تواصل
قال: ((إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى))([22]).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمةً لهم، فقالوا:
إنك تواصل، قال: ((إني لست كهيأتكم، إني يطعمني ربي ويسقين))([23]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم، فقال له
رجلٌ من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله، قال: ((وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقين))، فلما
أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً، ثم رأوا الهلال، فقال: ((لو تأخّر لزدتكم))، كالتنكيل لهم
حين أبوا أن ينتهوا([24]).
قال ابن قدامة: "الوصال وهو أن لا يفطر بين اليومين بأكلٍ ولا شرب . وهو مكروهٌ في قول أكثر أهل
العلم – إلى أن قال – وأما النهي فإنما أتى به رحمةً لهم ورفقاً بهم؛ لما فيه من المشقة عليهم كما نهى
عبد الله بن عمرو عن صيام النهار وقيام الليل، وعن قراءة القرآن في أقلّ من ثلاث، قالت عائشة:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمةً لهم، وهذا لا يقتضي التحريم، ولهذا لم يفهم منه
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التحريم؛ بدليل أنهم واصلوا بعده، ولو فهموا منه التحريم لما استجازوا
فعله"([25]).
وقال ابن دقيق العيد: "في الحديث دليل على كراهة الوصال،واختلف الناس فيه، ونقل عن بعض المتقدمين
فعله، ومن الناس من أجازه إلى السحر لحديث أبي سعيد الخدري([26])،وفي حديث أبي سعيد الخدري
دليل على أن النهي عنه نهي كراهة لا نهي تحريم، وقد يُقال: إن الوصال المنهي عنه ما اتصل باليوم الثاني،
فلا يتناوله الوصال إلى السحر، إلا أن قوله عليه السلام: ((فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر))
يقتضي تسميته وصالاً،والنهي عن الوصال يمكن تعليله بالتعريض بصوم اليوم الثاني،فإن كان واجباً كان بمثابة
الحجامة والفصد وسائر ما يتعرض به الصوم للإبطال، وتكون الكراهة شديدة، وإن كان صوم نفل ففيه
التعريض لإبطال ما شرع فيه من العبادة، وإبطالها إما ممنوع على مذهب بعض الفقهاء، وإما مكروه، وكيفما
كان فعلّة الكراهة موجودة إلا أنها تختلف رتبتها"([27]).
وقال الحافظ ابن حجر: ".. اختلف في المنع المذكور فقيل:على سبيل التحريم،وقيل على سبيل الكراهة
وقيل: يحرم على من شق عليه، ويباح لمن لم يشق عليه، وقد اختلف السلف في ذلك فنقل التفصيل عن
عبد الله بن الزبير، وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه أنه كان يواصل خمسة عشر يوماً([28])، وذهب
إليه من الصحابة أيضاً أخت أبي سعيد ومن التابعين عبد الرحمن بن أبي نعم وعامر بن عبد الله بن الزبير
وإبراهيم بن زيد التيمي وأبو الجوزاء كما نقله أبو نعيم في ترجمته في الحلية([29])، وغيرهم رواه الطبري
وغيره، ومن حجتهم أنه صلى الله عليه وسلم واصل بأصحابه بعد النهي، فلو كان النهي للتحريم لما أقرهم
على فعله، فعلم أنه أراد بالنهي الرحمة لهم والتخفيف عنهم كما صرّحت به عائشة في حديثها"([30]).
5. الصوم في السفر لمن يشقّ عليه:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً ورجلاً
قد ظُلل عليه فقال: ((ما هذا؟)) فقالوا: صائم، فقال: ((ليس من البر الصوم في السفر))([31]).
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ
كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماءٍ فرفعه، حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك:
إن بعض الناس قد صام. فقال: ((أولئك العصاة أولئك العصاة))([32]).
قال ابن دقيق العيد: "أخذ من هذا أن كراهة الصوم في السفر لمن هو في مثل هذه الحالة ممن يجهده الصوم
ويشق عليه، أو يؤدي به إلى ترك ما هو أولى من القربات، ويكون قوله: ((ليس من البر الصيام في السفر))
منزلاً على مثل هذه الحالة"([33]).
وقال ابن تيمية: "والصحيح أنه إن شق عليه الصوم بأن يكون ماشياً أو لا يجد عشاءً يقوّيه، أو بين يديه عدوّ
يخاف الضعف عنه بالصوم، أو يصير كلاًّ على رفقائه، أو يسوء خلقه، ونحو ذلك؛ كره له الصوم، وكذلك إن
صام تعمقاً وغلواً، بحيث يعتقد أن الفطر نقص في الديّن ونحو ذلك"([34]).
6. صوم يوم عرفة للحاج:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة بعرفة([35]).
وهذا الحديث في صحّته نظر، لكن يؤيّده أن الناس شكّوا في صومه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة،
فأُرسل إليه بقدح من لبنٍ فشربه ضحى يوم عرفة، والناس ينظرون، حتى يتبيّن أنه لم يصم، ولأن هذا اليوم
يوم دعاءٍ وعمل، ولا سيما أن أفضل زمن الدعاء هو آخر هذا اليوم، فإذا صام الإنسان فسوف يأتيه آخر
اليوم وهو في كسل وتعب، لا سيما في أيام الصيف وطول النهار وشدّة الحر، فإنّه يتعب وتزول الفائدة
العظيمة الحاصلة بهذا اليوم، والصوم يُدْرك في وقت آخر.
ولهذا نقول: صوم يوم عرفة للحاج مكروه، وأما لغير الحاج فهو سنة مؤكّدة([36]).
__________________________________________________ ________________
دمعة فرح*
2014-07-21, 10:50
اريد انواع اخرين
دمعة فرح*
2014-07-21, 10:51
عندك كتب اسلامية ولالا
كان عندك شوفوا منوا جواب كان لقيتى من فضلك
راجية رحمة ربي
2014-07-21, 12:03
الصوم عند المسيحيين
إذا عرفنا أن معنى "الصيام" في اللغة هو "مطلق الامتناع والإمساك"، سواء عن الطعام والشراب والجماع، أو العمل أو الكلام. اتضحت لنا أنواعُ الصيام وطبيعته، فالصيام عن الكلام عرف قبل الإسلام، كما في القرآن عن السيدة مريم فيما أمرت به: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26].
واكتفت السيدة مريم "بالإشارة" في تفاهمها مع قومها، فليس من كلام يفيد في حالتها، وهي تحمل عيسى الذي ولدته دون أب، فكان كلامه في المهد إعلانًا ببراءتها من أي سوء ظنه بها قومها، فيقول الله في كتابه الحكيم: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ...} [مريم: 27-30].
وكان صيام مريم على شريعتها التي كانت عليها هي وقومها قبل مبعث عيسى بالرسالة المسيحية، وذكرت بعضُ الروايات أن اليهود كانوا إذا صاموا في شريعتهم يحرم عليهم الطعام والكلام، وعن ابن إسحاق عن حارثه قال: "كنت عند عبد الله بن مسعود، فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الآخر، فقال: ما شأنك؟ قال أصحابه: حلف أن لا يكلم الناس اليوم.. فقال ابن مسعود: كلم الناس وسلم عليهم، فإن تلك امرأة -يقصد السيدة مريم- علمت أن أحدًا لا يصدقها أنها حملت من غير زوج ليكون عذرًا لها إذا سئلت"، كما ذكر أنه في عهد الرسول وكان يخطب الناس فرأى رجلا واقفًا في الشمس من دون المستمعين، ولما سأل عنه قيل: له هذا أبو إسرائيل نذر أن يصوم واقفًا في الشمس.
كما أن الصوم عن الكلام موجود بالمسيحية، قررته طائفة الكاثوليك، وجعلته فرضًا على رجال الدين في بعض الأحوال، ومستحبًّا لمن عداهم.
وكانت فرقة "الترابيست" من أشد فرق الكاثوليك التزامًا بهذا النوع من الصوم، حتى لقد فرضته على أتباعها مدى الحياة، فكانوا يعتزلون العالم في مهاجر يقيمون فيها صائمين صامتين عن الكلام حتى الموت، وكما يذكر د. عبد الله وافي في بحثه القيم عن الصيام بين الإسلام ومختلف الشرائع، فان هذه الفرقة نشأت حوالي القرن الثاني عشر وظلت قائمة حتى القرن التاسع عشر الميلادي.
وقد عرف العرب في جاهليتهم هذا النوع من الصوم ومارسوه، وكان يطلق عليه عندهم اسم "الضَرْس" -بفتح الضاد وسكون الراء - ويعني في اللغة، صمت يوم إلى الليل، وقد ظلت بعض عشائر العرب محافِظة على هذا النوع من الصوم حتى بعد الإسلام.
ويروى أن أبا بكر الصديق دخل على امرأة اسمها زينب، من "الحُمْس"، فرآها لا تتكلم، فقال: ما لها لا تتكلم؟ فقالوا: حجت مصمتة -أي حجت وهي صائمة عن الكلام ولم تنته بعد مدة صيامها- فقال لها أبو بكر: تكلمي؛ فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت.
وقد حرم الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - صيام الصمت عن الكلام طول اليوم حتى الليل، فقاول: "لا صمات يوم إلى الليل".
وغير صيام الصمت، هناك نوع آخر من الصيام هو "الصيام عن العمل"، وهو إن وجد عند طوائف كالبرهمية والجينية والبوذية، فإنه أيضًا مقرر في الشريعة اليهودية.
إذ حرم على اليهود العمل يوم السبت، ويؤكد القرآن ذلك فيما رواه عن عصيانهم في هذا اليوم وقيامهم بالعمل والصيد، فعاقبهم بأن أصبحوا مثل القردة، فيقول الله مخاطبًا اليهود: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65]، والسبب الذي من أجله حرم العمل على اليهود في يوم السبت، يرجع في زعمهم إلى أن الله تعالى قد خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم استراح في اليوم السابع وهو يوم السبت، فوجب عليهم أن يكونوا مثل الرب فلا يعملون في هذا اليوم، ولكن القرآن يكذب هذا الادعاء فيقول: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [ق: 38]، أي لم يمسسنا تعب حتى نحتاج إلى راحة.
كما يتضمن صيامُ اليهود في اليوم العاشر من شهر تشري العبري وهو الشهر الأول من شهر سنتهم المدنية، الامتناعَ عن معظم الأعمال، ويسمي اليهودُ هذا اليوم الذي يصومونه، يومَ "كبور"، يعني يوم الكفارة، عن عبادتهم للعجل الذهبي في أثناء غياب موسى عنهم لتلقي الألواح من ربه.
ومع أنه لا يوجد نص في تحريم العمل يوم الجمعة، الذي يعد عادة يوم إجازة وراحة للمسلمين تمييزًا لهم عن اليهود في يوم سبتهم، وعن النصارى في يوم الأحد، فإن القرآن الكريم يأمر المسلمين بأن يدعوا أعمالهم وقت صلاة الجمعة بحيث لا يتخلف أحد منهم عن صلاة هذا الفرض الذي لا يصلح إلا في جماعة، فيقول الله في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].
و"ذروا البيع" أي اتركوا البيع، وإذا لم يكن هناك بيع فليس هناك شراء، وقد اتفق العلماء على تحريم البيع بعد الأذان الثاني لصلاة الجمعة الذي تبدأ بعده خطبه الجمعة.
هذا وقد اعتاد المسلمون، بالإضافة إلى صيامهم في رمضان، أن يكونوا في شبه صوم عن العمل، خاصة في مصر التي دأبت على تقصير أوقات العمل في شهر رمضان رغبة في التخفيف عن الصائمين وإتاحة السبل أمامهم للتعبد وقضاء لوازمهم المنزلية.
ويرجع هذا التقليد إلى العصر الطولوني، فقد حدث أن زار أحمد بن طولون مسجده وقت بنائه -وكان ذلك في رمضان- فرأى الصناع يعملون إلى وقت الغروب، فقال: متى يشترى هؤلاء الضعفاء إفطارًا لعيالهم؟ وأمر أن يتركوا العمل وقت العصر، ولما انتهى شهرُ رمضان قيل له: هل سيرجعون إلى العمل حتى الغروب؟ فقال: لقد بلغني دعاؤهم وقد تبركت، اصرفوهم عصرًا، فصارت سنة في مصر من بعده.
وتشير كل الدلائل إلى أن حجم الإنتاج يكون أقل من معدله الطبيعي في شهر رمضان في الوقت الذي يزيد فيه الاستهلاك، مع أن العكس كان يجب أن يكون.
وبالعودة إلى أنواع الصيام غير صيام الكلام وصيام العمل - نجد الصيام عن الطعام والشراب، وهذا هو الشائع، ولكنه يختلف من أمة إلى أمة.
فعند المسيحيين مثلا يقتضي بعض أنواع صيامهم الامتناعَ عن بعض أنواع المأكولات والمشروبات دون بعضها الآخر، فيصومون فقط عن الحيوانات البرية وما يستخرج منها، وبعض صيامهم يقتضي منهم الامتناع عن تناول لحوم الحيوانات البحرية وما يستخرج منها إضافة إلى لحوم الحيوانات البرية وما يستخرج منها.
ومن أنواع صيام المسيحيين أيضًا: ما يقتضي الإمساك عن المفطرات نهار اليوم وليله.
ومن الصيام: الامتناع عن المأكولات والمشروبات والجماع من طلوع الشمس إلى غروبها كصيام البوذيين والصابئة والمانويين.
أو صيام يوم واحد أو ليلة واحدة أو جزء من يوم وليلة كصيام اليهود.
أو الصيام الليلي الذي يبدأ بعد صلاة العشاء إلى غروب شمس اليوم التالي، كما كان يفعل المسلمون في بدء صيامهم.
مهدي 2014
2014-07-21, 18:29
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir