المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحب في التعبير القرآني


3abdou12
2014-07-14, 18:47
في شبه جزيرة العرب حيث الأرض قاحلة .. والشمس المتوهجة هناك حيث النجود والوهاد وقسوة العيش بما يشبه القحط وحيث تجف الطبيعة ويزهر الحب .. كانت مظاهر الحب في عصر ماقبل الاسلام بسيطة تتسم بالتلقائية والصراحة والوضوح كان بعض العرب قيب الاسلام يعيشون في البوادي ويألفون حياة التنقل والترحل طلباً للماء والكلأ.
كان الغزل بالمرأة يجري مجريين : مجرى عفيفاً ومجرى حسياً صريحاً وأمثلة على المجرى العفيف والذي كان يدور حول بث الشوق وتذكر الايام الماضية والرغبة في لقاء الحبيبة ..
قول امرىء القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل *** بسقط الللوى بين الدخول فحومل

فظللت من فرط الصبابة والهوى *** طرفا فؤادك مثل فعل الايهم

أما المجرى الحسي كقول عنتره
ولقد ذرتك والرماح نواهل *** مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لانها *** لمعت كبارق ثغرك المبتسم



الحب في التعبير القرآني
جاء القرآن الكريم بقيم انسانية جديدة تحمل أسمى وأجمل معاني الحب وعرضها بصيغ وأشكال مختلفة .. منها ما أنطوت عليها الفاظه الكريمة ,وتعابيره وصياغته المعجزة .. ومنها ما انطوت عليه اشاراته ومعنايه ودلالاته ومنها ما أحتوته قصصه .

وكانت نصوص القرآن فيما يتصل بالعاطفة الانسانية واضحة وصريحة ذات دلالات اجتماعية وأخلاقية .. وقد أشتمل الكتاب العزيز على ألفاظ الحب وما يقترب منها أو يتفرع عنها , ودخلت هذه الألفاظ في صياغة التعبير القرآني باعجازه الواضح وفصاحته المشرقة , ومعناه المؤثر ..
ومن أهم هذه الألفاظ :

الألفــة :
ورد لفظ الألفة ومشتقاته في القرآن الكريم بمعنى الجمع بين القلوب قال تعالى : ( اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم ( وأصل الألفة من الله وبارادته .. قال تعالى : ) لو أنفقت مافي الأرض جميعاً لما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم (

المــودة:
من " الود " وقد ذكر في القرآن الكريم:
) ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً (ووردت لفظ المودة في موضع آخر من الكتاب الكريم قال تعالى : ( وجعل بينكم مودة ورحمة ( وقد وردت في القرآن الكريم لفظة ( المودة ) بدلاً من ( محبة ( وكلاهما واحد من حيث البناء اللفظي كما انهما من حيث المعنى قريبتان من الود لأن الود في لغة الوجدان هو الحب ينقصه جناحان .. لكن الذي لا شك فيه
ان المودة أكثر دواماً وأبقى لخلوها من نزوات الشهوة ومصادمات الغيرة .وقد أوردت المعاجم العربية تفسيراً لمعنى لفظة ( الود ) والملاحظ انها تعني الى جانب المحبة معنى الاكبار والاعظام وهي من أقدم مصطلحات الحب في القاموس العربي .

العشـرة:
ومن الألفاظ القرانية التي تعزز الألفة والمودة العشرة والمعاشرة قال الله تعالى :
) وعاشروهن بالمعروف, فان كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاًويجعل الله فيه خيراً كثيراً (
الغــرام:
وردت هذه اللفظة في القران الكريم بمعنى العذاب قال تعالى : ( ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً(وليس في الأدب العربي القديم ما يشير الى استخدام لفظة " الغرام "
باعتبارها من الفاظ الحب وانما بمعنى العذاب كقول أوس بن غلفاء :
فانك من هجاء بني تميم *** كمزداد الغرام الى الغرام
أما معناها الذي يشير الى العشق فجاء متأخراً ( في العضر العباسي على وجه التحديد ( وأولع به المتأخرون قال ابن القيم الجوزية : الغرام بمعنى الحب اللازم .. وأصله من العذاب والشر
واللطف بالمحبة واستعذابهم لها
الشغــف:
أما الشغف فلفظة وردت في القرآن الكريم مرة واحدة في قصة يوسف ثم استعملها الشعراء دلالة على الحب والشغاف لغة : حجاب القلب وقيل جلدة رقيقة يقال لها لسان القلب وفيها قال النابغة
وقد حال هم دون ذلك شاغل *** مكان الشغاف تبتغيه الاسابعُ
النجــوى:
هي المخاطبة بين اثنين , والنجي هو الصديق وهي من مظاهر الالفة والمودة
الهيــام:
معناها يشير الى شدة أثر الحب ولكن على نحو غير مباشر فاللفظة تشير الى الذهاب في كل مذهب وهو شأن المحبين قال بعضهم ان الهيام هو وادٍ في الصحراء يخلو فيه العاشقون
واللفظة قديمة شهرت في شعر عروة ابن حزام صاحب عفراء :
بي اليأس او داء الهيام شربته *** فأياك عني لا يكون بك ما بيـا

الهــوى:
وردت هذه اللفظة بمعنى سلبي في القران الكريم اذ أقترنت بالشهوات والمعصية قال تعالى :
) ونهى النفس عن الهوى (
واستعمل لفظ الهوى بالذي له علاقة بالحب واستعمل العرب اللفظة دليلاً على العشق يقول اللغويون : الهوى محبة الانسان الشيء وغلبته على قلبه

في العصر الأموي كان الشعراء يخضعون ملكاتهم الشعرية للغزل فمنهم من كان يكظم حبه ومنهم من كان يصرح به _ وهم القليل _ من كان متحفظاً ومنهم من خلط شعره بعبارات المجون وفي هذا وذاك كان الشعراء يعبرون عن سلوكهم الشخصي ونزعاتهم الفردية هذه النزعات التي انتجت ألواناً من الغزل منه ما سمي بالغزل الحضري ومنه ما سمي بالغزل التقليدي ومنه ما سمي بالغزل العذري .

وكان عمر بن أبي ربيعة والعرجي والأحوص يمثلون حسب آراء بعض الباحثين الغزل الحضري
وعمر بن أبي ربيعة كان يمثل نموذجاً لبيئة الحضر المترفة وقد أمدت بيئة الحجاز هذا الفتى بأطايب العيش .
ولد عمر في مكة المكرمة ونشأ مدللاً ترعاه عين امه يؤازرها على ذلك ما ورثه عن أبيه من أموال وفيرة .عاش عمر حياته للغزل الصريح للحبيبة فهو يعلن ان حبيبته هي من تتضرع اليه
وتستعطفه حد الموت !!

تقول اذا ايقنت اني مفارقها **** ياليتني مت قبل اليوم ياعمرا

ويقول على لسان احدى صريعاته ! :
ما وافق النفس في شيء تسر به **** واعجب العين الا فوقه عمر

وتبلغ نرجسيته ذروتها بقوله :
قالت الكبرى أتعرفن الفتى **** قالت الوسطى نعم هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتها **** قد عرفناه وهل يخفى القمر

وهكذا ظل عمر شاعراً أطرب وأجاد ولعب بالعواطف حينا من الدهر وشغل النفوس
بعبث فني مشرق تسرّب الى الاوتار والاسماع .

وبذلك كان يظهر عمر نفسه معشوقاً لا عاشقاً وعلى هذا النحو كان يصف النساء الى حد التلذذ بعذابهن فيه ! ويقول على لسان وحده منهن :

عمرك الله أما ترحمني **** أم لنا قلبك اقسى من حجر