khadidjagc
2009-07-24, 12:27
فخر نساء العرب
خرجت العجفاء بنت علقمة السعدي مع ثلاث نسوة من قومها , فاتَّعدن
بروضة يتحدثن فيها ، فوافين بها ليلاً في قمر زاهر ، وليلة طلقة ساكنة ، وروضة
معشبة خصبة , فلما جلسن قلن : ما رأينا كالليلة ليلةً ولا كهذه الروضة روضة
أطيب ريحًا ولا أنضر , ثم أفضن في الحديث , فقلن : أيُّ النساء أفضل ؟
قالت إحداهن : الخرود الودود الولود [1] .
قالت الأخرى : خيرُهنّ ذات الغناء ، وطيب الثناء ، وشدّة الحياء .
قالت الثالثة : خيرهنّ السَّمُوع الجَموع النفوع غير المنوع .
قالت الرابعة : خيرُهنَّ الجامعة ( لأهلها ) الوادعة الرافعة ، لا الواضعة .
قلن : فأيُّ الرجال أفضل ؟ قالت إحداهن : خيرهم الحظيُّ الرضيُّ غير
الحظال ولا التبال [2] .
قالت الثانية : خيرهم السيد الكريم , ذو الحسب العميم , والمجد القديم .
قالت الثالثة : خيرهم السخيُّ الوفيّ الرضي الذي لا يغير الحُرَّة . ولا يتخذ
الضرّة .
قالت الرابعة : وأبيكنَّ إن في أبي لنعتكنَّ كرم الأخلاق ، والصدق عند التلاق ،
والفَلَج عند السباق ، ويحمده أهل الرفاق ، قالت العجفاء عند ذلك : ( كل فتاة
بأبيها مُعجبة ) فسيرتها مثلاً يضرب في إعجاز المرء برهطه وعشيرته وسائر ما
ينسب إليه .
وفي بعض الروايات أن إحداهن قالت : إن أبي يكرم الجار ، ويعظم النار ،
وينحر العشار بعد الحُوار ، ويحمل الأمور الكبار [3] .
فقالت الثانية : إن أبي عظيم الخطر ، منيع الوزر ، عزيز النفر ، يحمد منه
الورد والصدر [4] .
وقالت الثالثة : إن أبي صدوق اللسان ، كثير الأعوان ، يُروي السنان عند
الطعان .
وقالت الرابعة : إن أبي كريم النزال ، منيف المقال ، كثير النوال ، قليل
السؤال ، كريم الفعال ، ثم تنافرن إلى كاهنة في الحيّ فقلن لها : اسمعي ما قلنا
واحكمي بيننا واعدلي , ثم أعدن عليها قولهن ، فقالت لهن : كل واحدة منكن ماردة ،
على الإحسان جاهدة ، لصواحباتها حاسدة ، ولكن اسمعن قولي : خير النساء
المبقية على بعلها ، الصابرة على الضراء مخافة أن ترجع إلى أهلها مطلقة ، فهي
تؤثر حظ زوجها على حظ نفسها ، فتلك الكريمة الكاملة . وخير الرجال الجواد
البطل ، القليل الفشل ، إذا سأله الرجل ؛ ألفاه قليل العلل ، كثير النفل [5] ، ثم قالت :
كل واحدة منكن بأبيها معجبة .
إذا قابلنا بين هؤلاء النساء وبين المتعلمات من نسائنا اليوم نعلم الفرق العظيم
بين الجاهليات الأميات وبين المسلمات المتعلمات , لا أقول في الفصاحة فقط ولكن
في الأدب وسمو الفكر .
________________________
(1) الخرود : المرأة الحيية والبكر لم تمس .
(2) الحظال : المقتر الذي يحاسب أهله بما ينفق عليهم , والتبال : صاحب التوابل وبائعها وليس
بظاهر , ولعله مبالغة من تبله بمعنى ذهب بعقله أو أسقمه وأفسده أو من تبلهم الدهر أي أفناهم .
(3) العشار بالكسر : جمع عشراء كنفساء وهي الناقة التي مضى على حملها عشرة أشهر أو هي
كالنفساء من النساء , والحُوار بالضم : ولد الناقة من حين يرضع إلى أن يفطم ويفصل .
(4) الخطر كالشرف وزنًا ومعنى , والوَزَر بالتحريك : الملجأ والمعقل وأصله الجبل المنيع .
(5) النفل بالتحريك : الهبة ومن معانيه : الغنيمة .
خرجت العجفاء بنت علقمة السعدي مع ثلاث نسوة من قومها , فاتَّعدن
بروضة يتحدثن فيها ، فوافين بها ليلاً في قمر زاهر ، وليلة طلقة ساكنة ، وروضة
معشبة خصبة , فلما جلسن قلن : ما رأينا كالليلة ليلةً ولا كهذه الروضة روضة
أطيب ريحًا ولا أنضر , ثم أفضن في الحديث , فقلن : أيُّ النساء أفضل ؟
قالت إحداهن : الخرود الودود الولود [1] .
قالت الأخرى : خيرُهنّ ذات الغناء ، وطيب الثناء ، وشدّة الحياء .
قالت الثالثة : خيرهنّ السَّمُوع الجَموع النفوع غير المنوع .
قالت الرابعة : خيرُهنَّ الجامعة ( لأهلها ) الوادعة الرافعة ، لا الواضعة .
قلن : فأيُّ الرجال أفضل ؟ قالت إحداهن : خيرهم الحظيُّ الرضيُّ غير
الحظال ولا التبال [2] .
قالت الثانية : خيرهم السيد الكريم , ذو الحسب العميم , والمجد القديم .
قالت الثالثة : خيرهم السخيُّ الوفيّ الرضي الذي لا يغير الحُرَّة . ولا يتخذ
الضرّة .
قالت الرابعة : وأبيكنَّ إن في أبي لنعتكنَّ كرم الأخلاق ، والصدق عند التلاق ،
والفَلَج عند السباق ، ويحمده أهل الرفاق ، قالت العجفاء عند ذلك : ( كل فتاة
بأبيها مُعجبة ) فسيرتها مثلاً يضرب في إعجاز المرء برهطه وعشيرته وسائر ما
ينسب إليه .
وفي بعض الروايات أن إحداهن قالت : إن أبي يكرم الجار ، ويعظم النار ،
وينحر العشار بعد الحُوار ، ويحمل الأمور الكبار [3] .
فقالت الثانية : إن أبي عظيم الخطر ، منيع الوزر ، عزيز النفر ، يحمد منه
الورد والصدر [4] .
وقالت الثالثة : إن أبي صدوق اللسان ، كثير الأعوان ، يُروي السنان عند
الطعان .
وقالت الرابعة : إن أبي كريم النزال ، منيف المقال ، كثير النوال ، قليل
السؤال ، كريم الفعال ، ثم تنافرن إلى كاهنة في الحيّ فقلن لها : اسمعي ما قلنا
واحكمي بيننا واعدلي , ثم أعدن عليها قولهن ، فقالت لهن : كل واحدة منكن ماردة ،
على الإحسان جاهدة ، لصواحباتها حاسدة ، ولكن اسمعن قولي : خير النساء
المبقية على بعلها ، الصابرة على الضراء مخافة أن ترجع إلى أهلها مطلقة ، فهي
تؤثر حظ زوجها على حظ نفسها ، فتلك الكريمة الكاملة . وخير الرجال الجواد
البطل ، القليل الفشل ، إذا سأله الرجل ؛ ألفاه قليل العلل ، كثير النفل [5] ، ثم قالت :
كل واحدة منكن بأبيها معجبة .
إذا قابلنا بين هؤلاء النساء وبين المتعلمات من نسائنا اليوم نعلم الفرق العظيم
بين الجاهليات الأميات وبين المسلمات المتعلمات , لا أقول في الفصاحة فقط ولكن
في الأدب وسمو الفكر .
________________________
(1) الخرود : المرأة الحيية والبكر لم تمس .
(2) الحظال : المقتر الذي يحاسب أهله بما ينفق عليهم , والتبال : صاحب التوابل وبائعها وليس
بظاهر , ولعله مبالغة من تبله بمعنى ذهب بعقله أو أسقمه وأفسده أو من تبلهم الدهر أي أفناهم .
(3) العشار بالكسر : جمع عشراء كنفساء وهي الناقة التي مضى على حملها عشرة أشهر أو هي
كالنفساء من النساء , والحُوار بالضم : ولد الناقة من حين يرضع إلى أن يفطم ويفصل .
(4) الخطر كالشرف وزنًا ومعنى , والوَزَر بالتحريك : الملجأ والمعقل وأصله الجبل المنيع .
(5) النفل بالتحريك : الهبة ومن معانيه : الغنيمة .